كشف دور حزب الله في لبنان

تحليل سياسي خاص

بقلم/لاحظ حداد

5 كانون الثاني 2007

 

دور حرب الله 

1) في إغتيال الرئيس رفيق الحريري والإغتيالات اللاحقة

 

2) في الدفاع رئيس الجمهورية

 

3) خلفيّات في تاريخ حزب الله والمعارضة بين الديمقراطية الحقيقية ودكتاتورية العنف والعقائد

 

1) اغتيال الرئيس رفيق الحريري

من المعروف والمؤكد أن لدى حزب الله جهاز أمني ومخابراتي لا يضاهى بسوى جهاز الموساد الإسرائيلي. ونستطيع القول أنه ربّما فاق، من حيث التنظيم، أجهزة المخابرات السورية المتراكمة وهذا ما مكَّنَه من استدراج الضابط الإسرائيلي إلى لبنان واعتقاله، وكذلك ما ظهر لاحقاً من اختراقه عدة أجهزة ومؤسسات محلية، إقليمية ودولية. ذلك أنه جهاز خاص غير مركّب تطلَّبَ تكوينه سنوات من الإعداد التدريب واكتساب الخبرات العملانية في كافة حقول المخابرات والاستخبارات لا سيّما أثناء فترة الهيمنة السورية الأمنية التي سيطرت على لبنان وقادت منه كافة العمليات الإرهابية الداخلية والخارجية بدأً من عمليات التفجير في الداخل اللبناني ضد القوات المتعددة الجنسية إنطلاقاً إلى عمليات اختطاف الرهائن الأجنبية وغيرها من أحداث سهَّلت الانقسامات والصراعات الداخلية اللبنانية في إنجازها وطمس حقائقها. كل ذلك لا يمكن الوصول إليه دون التعاون المطلق مع الأجهزة السورية المتخصصة في أي شأنٍ من الشئون حتى بات هذا التعاون يثقل كاهل الجميع.

 

ولعلّنا لا نخطأ القول أن جهاز حزب الله هو نسخة منقّحة عن جهاز الإستخبارات الإيراني العريق الذي كان يُعْرَف بالسافاك وقد أظهرت الحقائق المتعلقة بصفقات تبادل الرهائن وخلافها من أمور، أن حزب الله أسهم بشكل فاعل، بعلمٍ منه أو بغير علم، في تقارب الأجهزة السورية وتلك الايرانية وفي مستقبل تعاونهما الذي بدأ اليوم يأخذ أشكالاً علنية لم تعُد تخفى على المراقب.

 

إذن، إن حزباً في مستوى حزب الله من الجهوزية والتنظيم لاستلام وحكم بلد لا يمكن أن يكون غافلاً عن عملية الإغتيال. هذا، وإذا لم نقل بعد أنه ضالعٌ في العملية ككل، فلا يجوز الاعتقاد أنه غيرُ عالمٍ بها.

 

فإذا ما اقتنعنا ببساطة هذا التحليل، يمكننا الجزم أن مخابرات حزب الله لا يمكن أن تكون منعزلة عن أو غيرمشاركة في عملية إغتيال رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري. وربما كانت مقولة البعض أن السيارة التي شُحِنت بالمتفجرات وكانت أداة الجريمة الكبرى لم تخرج من الضاحية الجنوبية، عرين قيادة حزب الله، وبالتالي فليس هناك أية علاقة لحزب الله بالعملية، كانت لتحيِّد هذا الحزب وإبعاد كل اتهام عنه في عمليات التفجير والاغتيالات اللاحقة. وظلَّت هذه المقولة مجرّد تغطية سياسية وقائية إلى أن ذُرَّ قرن أزمة الشبهات وتكشّفت لتصبح حقائق عند اغتيال الإعلامي المتميِّز جبران التويني ومطالبة الدولة بقيام محكمة دولية. ( نلاحظ أن أحداً لم يأتِ على ذكر ضلوع حزب الله في العملية إلى الوقت الذي بادر هذا الأخير بتوجيه الاتهامات، يمنةً ويساراً ، إلى مَن وفّر له تلك التغطية!).

 

ومع الرعب الذي انتاب هذا الحزب وحلفائه من إمكانية انكشاف خيوط هذه الجريمة وما سبقها من جرائم، وبالتالي محاكمة ومحاسبة مرتكبيها، كان لا بد له من القفز إلى الأمام والتحجج بكل وسيلة ممكنة للهروب فأتت تكتيكاً، ضمن استراتيجية بدت وطنية مدروسة، ابتكره رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري، الحليف التقليدي لحزب الله، في اقتراح عقد جلسات [حوار وطني]، لم يُمثَّل فيه سوى مََنْ هم داخل مجلسه النيابي. الحوار الوطني المزعوم هذا، خرج عن كل مألوف دستوري لكنه أتاح لحزب الله تغطية سياسية أخرى، قبِلَ بها على مضض، لاندماجه في العمل السياسي اللبناني وبالتالي إظهار بُعده عن شبهات اشتراكه في عمليات الاغتيال، لذلك رأيناه يوافق على أمور مبدئية لم تكن أصلاً مرفوضة كلياً منه، بخاصة تلك المتعلقة بسوريا وعلاقاتها بلنبان. لكن هذا الحزب الذي تعوَّد استغلال كل بادرة لبنانية رأى إلى جلسات الحوار وكأنها إنما عُقِدَت تكريماً له وتصرَّف باستعلاء لم تتعوده السياسة اللبنانية ورفض كل اقتراح رمى إلى قيام الدولة وتأكيد مصالحها الكبرى!

 

حزب الله هذا لم يقم بأي جهد يُذكر لتحقيق البنود التي تمَّ التوافق عليها بين المتحاورين باتجاه سوريا، دعماً لقيام دولة وطنه المُفْتَرَض، بل على العكس من ذلك سارع هذا الحزب للخروج من طاولة الحوار الوطني بحجة عدم رغبته في بحث موضوع سلاحه، أو غير حجة، والانطلاق إلى استدراج إسرائيل إلى حرب تدميرية لوطنه لم تكن في الواقع إلاّ محاولة هامة لضرب الوحدة الوطنية، التي لا تتبنى نهجه الفقهي، وتبديدها وبالتالي قيام حرب أهلية تلهي الجميع عن موضوع المحكمة الدولية. لكن تصرف حكومة لبنان ووعي الشعب الللبناني أفشلا هذه المحاولة بتبني القضية سياسياً وباحتضان نتائج هذه الحرب اجتماعياً.

 

تصرّف هذا الحزب لم يعد مستهجناً بل لم يعد هناك بد من الشك بعلاقة ما تربط جهاز مخابرات هذا الحزب بالمخابرات الإسرائيلية، التي خدمتها الحرب في عدة نواحي. وكل من له علم بتاريخ الشعب الإسرائيلي يعرف، بكل تأكيد علاقة هذا الشعب بالتصرف الهتلري نحو الشعب اليهودي وتسهيله لعمليات هذا التصرّف. وملفات هذا التاريخ تملأ رفوف المكتبات في العالم.  

 

ولا يجب أن ننسى أن أولى أولويات إسرائيل كان ولا زال إزاحة لبنان من لائحة منافسيها، وهي لا تبالي بقيام دولة صغرى في داخل الدولة اللبنانية بل هي سعت منذ اول أيام تأسيسها إلى تقسيم، ليس لبنان وحده بل المنطقة العربية بأسرها.

ولا يجب أن ننسى أيضاً، ما طاف على السطح في أوائل أيام حرب تموز من أقاويل وإشاعات عن بذار فتنة مذهبية وطائفية بادر الجميع إلى وأدها والتحوّل عنها سريعاً.

 

وابتدأ بازار الانتصار الإلهي الذي حوّل انتباه العالم عن الحقيقة المرُّة التي ما لبثت أن تكشفت عندما وافقت الحكومة على مشروع قرار قيام المحكمة الدولية فكان أن قامت قيامة هذا الحزب وباشر حملات التهديد والتصعيد حتى بلغ التأزم أوجه لاسقاط الحكومة التي كان من أولى واجباتها، بعد الحرب، محاسبة هذا الحزب ومعاقبته على استهتاره المتمادي.

 

كل ذلك من أجل منع قيام هذه المحكمة التي ستدين حتماً كل من له علاقة بجرائم القتل والإغتيال،

سورياً كان أم غير سوري، محلياً كان أم خارجياً.

 

المزيد المعروف في عملية الهروب من المحكمة هو أن هذا الحزب الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخابرات السورية والايرانية لم يعُد أمامه سوى حلاً وحيداً للهروب هو إسقاط الحكومة بتفريغها دستورياً وبالتالي تفريغ الدولة ككل من خلال استمراره في عمليات الاغتيال، شخصياً أو بالواسطة، فكان اغتيال عريس الشهداء الوزير الشاب بيار الجميّل الذي ستتبعه حتماً سلسلة من الاغتيالات إذا أمكن تنفيذها.

 

هكذا نجد أن هذا الحزب استغل ويستغل ما وصلت يده من وسائل شعبية وإعلامية وربما عسكرية من أجل الاستيلاء على السلطة بأكملها وإعلان قيام دولته المذهبية الخاصة التي في نظره سوف ترفع عن كاهله وكاهل الأنظمة الدكتاتورية التي يحميها وتحميه، ثقل ما جنت يديه .. منذ نشأته.

وهنا لا يمكن لأي عاقل الاعتراف بوطنية لبنانية صحيحة لهذا الحزب ومهما برع خطباؤه، مُعَمَّمون أو مكشوفو الرأس،

فإن النتائج سوف تأتي مدينةً له ولحلفائه.

 

2) الدفاع عن رئيس الجمهورية

أما دفاع حزب الله عن رئيس الجمهورية فمتأتٍ من:

 

أولاً: وقوف رئيس الجمهورية، بادئ ذي بدء، ضد إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، إفساحاً في المجال أمام حزب الله، سارحاً مارحاً، تحت عنوان ظاهرُهُ تحرير الأرض من الوجود الإسرائيلي وباطنُهُ، وعن جهلٍ منه ربما، إجراء عملية غسل دماغ مكثفة لساكني المنطقة الجنوبية لاستيعاب فكرة قيام الدولة الإسلامية امتداداً للجمهورية الإسلامية الايرانية تِبْعاً لأيدولوجية ومفاعيل ولاية الفقيه.

 

ثانياً: أوامر هذا الرئيس إلى جيش لبنان بغض الطرف لتمرير شحنات الأسلحة إلى تراسانة حزب الله استعداداً لعراكٍ ما مع إسرائيل، وقد فعل! وها هو حزب الله يكافأ هذا الرئيس لتعطيل دور جيش الوطن طوال الفترة المنصرمة وفرض حماية حزب الله على المنطقة الحدودية. وقد يصح القول أيضاً: إن عدم إرسال قوة من الجيش إلى الجنوب، ربما كان توفيراً لجهود هذه القوة المفترض إرسالها إلى الجنوب كي تتفرغ لحمايتة الشخصية!

 

للتذكير: جيش لبنان الذي بفرادةٍ مميّزة ينتمي إلى أعرق الأسس العسكرية في الشرق الأوسط كله وشهدت كليات العالم العسكرية بتفوّق بعثاته الدراسية عندها؛ ففي أيام هذا الرئيس، جرى تأهيله عربياً سورياً قومياً ليشابه، لا سمح الله، الجيش السوري الذي ترك أقدس مهامه في تحرير أرضه المحتلة من قبل الأخوة الإسرائيليين وامتهن كافة أساليب السرقة والنهب والتعذيب ورجم الأبرياء في لبنان العدو.

 

ثالثاً: الالتزام المتبادل في المصالح بين الفريقين، الحاكم الضعيف المحكوم والقوي المُتَحكِّم، فرض على هذا الرئيس مواقف لم يقفها أي رئيس قبله. ودفاع حزب الله المستميت عن هذا الرئيس يؤكد أنه ضالعُ في التخطيط، ليس في عملية اغتيال رئيس حكومته وحسب بل وفي جميع عمليات الاغتيال اللاحقة. ومن البديهي القول إن أيًًّ من الطرفين يغطي على جريمة الآخر يصبح مشاركاً فيها. أما إذا كانت هذه المشاركة فعلية وكاملة، فإنها ستوجب تبادل الحماية، حماية الفريق القوي للضعيف، لاسيّما بعد اقتطاع سيطرة قواته الخاصة باعتقال رؤساء أمنه وأمن دولته حيث لم يبقى في الميدان سوى حزب الله، أقلَّه سياسياً.

 

يؤكد رأينا اليوم، وقوف هذا الرئيس بكل قوته مع هذا الحزب وحلفائه، ضد دولته ومصالحها مخالفاً بذلك كافة المواد الدستورية والأعراف الوطنية. ودفاع هذا الحزب، بادئ ذي بدء، عن حلفائه، بخاصةٍ النظام السوري، ثم وبشكلٍ أخصّ رئيس الجمهورية، تقدم الدليل القاطع عن مساهماتٍ لهما متوازية في عمليات الاغتيال.

المؤسف حقاً أن يتخلى هذا الرئيس عن حياديته التي فرضها عليه الدستور وأن يتحوَّل إلى طرفٍ، متطرِّف، ضد كافة الحلول التي أتاحتها له مبادرات المخلصين لهذا الوطن والساعين لإنقاذه.

 

إن انحياز رئيس الجمهورية الفاضح إلى جانب التيار المتنامي للأصولية الإيرانية الذي بدأ يضرب مفاصل الوطن الداخلية ويُدخل البلاد في متاهات، لا عير لنا فيها ولا نفير، سوف تسهم بشكل أو بآخر في تقويض كيان الدولة وتسليمها إلى أيدي من يستطيع إعادة تكوينها وبالتالي سوف يبطل، حتماً، حلم الحالمين وهو منهم بإلغاء النظام الديمقراطي وتحويل البلاد إلى دكتاتورية أصولية قد تبقي عليه حاكماً فرداً مؤقتاً ومرحلياً لكنها قطعاً لن تسمح باستمرارية هكذا حكم.

 

3) خلفيات في تاريخ حزب الله

* السباسة/9-12-2006/، كتب الأستاذ علي حسين باكير (باحث في الشئون الاستراتيجية) مقالاً تحت عنوان سقوط قناع نصرالله الخارجي، نتمنى ألاّ يمر عليه أهل السياسة مرور الكرام، نستقطع منه بعضه:

 

*  حزب الله وجيش المهدي:

-  أنا اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق (مقتدى الصدر في تصريح له يوم الجمعة 12/4/2006)

-  تم تشكيل مجموعة من 1500 مقاتل للذهاب إلى لبنان ( عضو تيار الصدر وجيش المهدي في تصريح له في 7/27/2006)

-  في 10/4/2006 قامت المنظمة الوطنية الأحوازية بارسال رسالة خطية إلى أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله تشرح له معاناة العرب في الأحواز مع السلطات الايرانية تشير إلى مشاركة حزب الله في قمع الأحوازيين العرب وزرع الفتنة وتطلب منه التدخل الفوري والعاجل من قبله مبينة بوضوح حجم المؤامرة التي الايرانية لزرع الفتن في صفوف العرب والمسلمين.

 

ثم يورد الأستاذ باكير نص مقال نشرته التايمز البريطانية بتاريخ 10/10/2006 بعنوان حرب طهران السرية على شعبها وينهي النص بما ورد فيه: وما يدعو الى السخرية، إن حزب الله اللبناني الذي من المفترض أنه يمثل المقاومة العربية في الشرق الأوسط، متورط في قمع وتشريد الأحوازيين العرب في ايران. فقد أقامت ايران في الأحواز مراكز تدريب لحزب الله وفيلق بدر المليشيا العراقية الذي تقوم فرق الموت التابعة له بقتل السنة في العراق.

 

ثم يعرض الكاتب إلى تبعية حزب الله للنظام الايراني، فيورد ما يلي:

* حزب الله يحارب مع الحرس الثورة ضد الجيش العراقي السابق

كشف حجة الاسلام الايراني السيد علي اكبر محتشمي بور، الذي يعتبر مؤسس نواة حزب الله اللبناني والأب الشرعي له، في لقاء مع صحيفة شرق الايرانية في 3/8/2006 ما يؤكد تبعية حزب الله اللبناني للنظام الايراني فيقول: إن حزب الله اللبناني شارك جنباً الى جنب مع الحرس الثوري الايراني في الحرب الايرانية العراقية.

 

ورغم أنه لم يذهب أبعد من ذلك، لكنه بيّن ان علاقة حزب الله مع النظام الايراني أبعد من بكثير من علاقة نظام بحزب ثوري خارج حدود بلاده، بحيث يبدو الحزب وكأنه جزء من مؤسسة الحكم في ايران وعنصر أساسي في مؤسسته العسكرية والأمنية.

 

ويتحدث محتشمي عن: إرسال قوات ايرانية ضخمة الى ولبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 لكن بعد أن واجه بعض الصعوبات بوشر في تدريب الشبان الشيعة هناك، وهكذا ولد حزب الله. وبحسب محتشمي فإن أكثر من 100 ألف شاب شيعي تلقوا تدريبات قتالية منذ تأسيس حزب الله في لبنان.

 

ويتساءل كاتبنا، الأستاذ باكير: فإذا كان حزب الله حزباً لبنانياً وليس له اهتمام بالشئون الخارجية، فما الذي يدفعه يا ترى الى قتال الجيش العراقي السابق الى جانب الحرس الثوري الايراني؟ علماً أن الجيش العراقي جله من العرب الشيعة!! وإذا قلنا بكذب دور الحزب مع جيش المهدي لأن الخبر أمريكي فهل نكذب ما يقوله مؤسس الحزب والأب الشرعي له أم ماذا؟!.

 

رسالة حزب الله

في رسالة مفتوحة وجهها حزب الله يوم 26 شباط 1985، الى المستضعفين في لبنان والعالم، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد رمز المقاومة الاسلامية الشيخ راغب حرب، يعلن هويته وأهدافه العامة والخاصة، ننقل بعض نصوصها:

 

*  من نحن وما هي هويتنا؟

إننا أبناء أمة حزب الله في لبنان. نعتبر أنفسنا جزءاً من أمة الاسلام في العالم التي تواجه أعتى هجمة استكبارية من الغرب والشرق على السواء بهدف تفريغها من مضمونها الرسالي الذي أنعم الله به عليها لتكون خير أمةٍ أخرجت للناس.

 

إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في ايران، وأسست من جديد نواة دولة الاسلام المركزية في العالم.. نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، ووتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الخميني دام ظله.. وعلى هذا الأساس، فنحن في لبنان لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً، ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً.. بل نحن أمة ترتبط مع المسلمين في كافة أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الاسلام. من هنا فإن ما يصيب المسلمين في أفغانستان أو العراق أو الفلبين أم غيرها إنما يصيب أمتنا الاسلامية التي نحن جزء منها، ونتحرك لمواجهته إنطلاقاً من واجب شرعي أساساً، وفي تصور سياسي عام تقرره ولاية الفقيه القائد.    

 

وتعرض الرسالة الطويلة جداً إلى الصراع مع "العالم المستكبر متفق على حربنا" وعلى أن "أمريكا وراء كل مصائبنا" وضرورة محاربتها كخيار وحيد. باختصار ترداد كافة المقولات الايرانية الشعوبية التي ميّزت تلك الأيام.

 

وبالطبع، هو لا يسهى عن ذكر التنسيق الخياني الصيوني الأمريكي الكتائبي والتهجم على الجميع مذكراً بالحروب وقراره بمواجهة إئمة الكفر:أمريكا وفرنسا و إسرائيل [هنيئاً لهؤلاء بالعمائم]. كما يذكِّر بافتخار بتنفيذه أول عقوبة بحقهم في 18/نيسان و29 تشرين أول 1983، وأخيراً للحقيقة يعلن: أن أبناء أمة حزب الله باتوا الآن يعرفون أعداءهم الأساسيين في المنطقة: إسرائيل، أمريكا، فرنسا والكتائب. [هنيئاً أيضاً للكتائب بهذا الإدراج].

 

* أهدافنا في لبنان

وتتابع الرسالة القول: نحن الآن في حالة مواجهة متصاعدة حتى تتحقق الأهداف بأن:

- تخرج إسرائيل نهائياً من لبنان كمقدمة لإزالتها من الوجود وتحرير القدس من براثن الاحتلال.

- تخرج أمريكا وفرنسا نهائياً من لبنان وينتهي أي نفوذ لأية دولة استعمارية.

- يرضخ الكتائبيون للحكم العادل ويحاكمون جميعاً على الجرائم التي ارتكبوها بحق المسلمين والمسيحيين.

- يتاح لجميع أبناء شعبنا أن يقرروا مصيرهم ويختاروا شكل الحكم الذي يريدون علماً بأننا لا نخفي التزامنا بحكم الاسلام وندعوا الجميع الى اختيار النظام الاسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع. 

 

ولا ينسى الحزب أن يوّجه بضع كلمات إلى المسيحيين في لبنان فيقول: إننا نتوجه من خلالكم بكلمات قليلة نضعها برسم المسيحيين في لبنان وبرسم الموارنة على وجه الخصوص. إن السياسة التي ينتهجها زعماء المارونية السياسية لا يمكن أن تحقق السلام والاستقرار للمسيحيين لأنها سياسة قائمة على العصبية والامتيازات الطائفية والتحالف مع الاستعمار وإسرائيل.

 

ويضيف: يا مسيحيي لبنان.. إننا نريد لكم الخير وندعوكم إلى الاسلام لتسعدوا في الدنيا والآخرة، فإن أبيتم فما لنا من سبيل إلاّ تحفظوا عهودكم مع المسلمين ولا تشاركوا في العدوان عليهم. أهذه شروط عمرية جديدة!

أيها المسيحيون.. حرروا أفكاركم من رواسب الطائفية البغيضة، وجردوا عقولكم من أسر التعصّب والانغلاق، وافتحوا بصائركم على ما ندعوكم إليه من الاسلام؛ ففيه نجاتكم وسعادتكم وخير الدنيا والآخرة. أتراهم حرروا ذواتهم!

 

وبعد حديث طويل عن وجوب إزالة إسرائيل من الوجود، يبادر إلى: عدم الاعتراف بأي وقف لاطلاق النار أو أية اتفاقية هدنة أو أية معاهدة سلام منفردة أو غير منفردة ويسجل إدانته لكل الدول والمنظمات المنحرفة التي تلهث وراء الحلول الاستسلامية مع العدو وتقبل بمقايضة الأرض بالسلام. هكذا يضع نفسه بديلاً عن الجميع!

 

وتنتهي الرسالة المطولة جداً بالدعوة إلى قيام جبهة عالمية للمستضفين تضم كافة حركاتهم التحررية بهدف التنسيق فيما بينها لمواجهة مؤامرات قوى الاستكبار في العالم وينهي بالتوجه إلى علماء الاسلام بالقول: إن الإمام الخميني القائد أكد مراراً على ضرورة صلاح العالم ومن هنا فإن من أهم مسئولياتكم أن تربوا المسلمين على الالتزام بأحكام الدين وتوضحوا لهم الخط السياسي الذي يسيرون على هديه وتقودونه نحو العزة والرفعة ... وتهتموا بالحوزات العلمية بحيث تستطيع أن تخرِّج قادة مخلصين لله وحريصين على نصرة الدين والأمـة. هكذا يكون الإرشاد وإلاّ فلا! (انتهت الرسالة).

 

ملاحظة: نقدّر باعتزاز عبقرية قائد حزب الله الفتي [في مستهل العقد الرابع من العمر يوم ذاك] الذي نهل من العلوم الفقهية والسياسية ما لم يتوصل إليه كبار العلماء لكننا نستميحه عذراً لرفضنا قبول دعوته (كمسيحيين) لأنّ قبولنا هذه الدعوة سوف يضعنا في مصاف أهل الردّة. والتاريخ مليء بأخبار هؤلاء. ونسأله أيضاً: هل تثق حقاً بأن تحوّل المسيحين عن دينهم سوف لن يضعهم في صف الخونة؟ ونزيد القول: ألم تفكّر يوماً بأن بعض المسيحيين يعتبرون الاسلام ككل أهلَ ردة عن المسيحية، فمن تراه أولى بالعودة والارتداد: السابق أم اللاحق في الايمان؟ ونتمنى عليك أن تراجع كتب التاريخ ونشأة المسيحية والاسلام، الذي جئت اليوم لتحيله من دين السلام والمودة إلى دين جبروت وظلم وتعدي! وننهي: إنك يا سيد، بضربك المسيحية إنما تضرب الاسلام نفسه فلماذا ابتكار مذهبٍ نقيض للديانتين المسيحية والاسلام. فكفى هرطقة دينية من أجل تحقيق أحلام سياسية. إن المسيح هو كلمة الله ومحمد رسوله.  

 

* خلفيات حزب الله أيضاً

نذكِّر بببضع عنواوين تصاريح لحزب الله نُشِرت في صحيفة النهارفي تواريخ متعددة:

18/04/1989  بري: لن نقبل برئيس ماروني 

30/04/1989  حزب الله يُعلن الولاء المطلق لآية الله السيد خامنئي

01/06/1989  حزب الله يعلن حرب مفتوحة على الموارنة معتبراً حملة عون على سوريا هي حملة لإبادة المسلمين.

21/09/1989  حزب الله: نرفض رئيساً مارونياً ونرفض الذل تحت اسم التعايش مع النصارى.

13/10/1989  حزب الله: سنمزّق اتفاق الطائف

20/10/1989  بري: غير معنيين بالطائف

24/10/1989  صفير: اتفاق الطائف أهون الشرور

 

أمل: مشروع الطائف ترقيعي

12/11/1989  حزب الله: الطائف استسلام للمارونية السياسية وإسرائيل

21/11/1989  عون عشية الاستقلال: اتفاق الطائف خيانة وطنية وفشل عربي ودولي.

08/12/1989  اشتباكات بين أمل وحزب الله

 

عون: إعادة النظر في الطائف فضيلة                    

 

خلفيات حزب الله أيضاً وأيضاً

من عرف الماضي وعاش الحاضر كشف المستقبل،

كل من عاش الحرب اللبنانية وعايش وقائعها يدرك، دون أدنى شك، أن خطة حزب الله الايرانية للسيطرة الفارسية على الشرق الأوسط تكاد تلامس مرحلة التحقيق الكامل. فبالاضافة إلى ما سبق عن خلفيات حزب الله الموثقة بألسنة قادته الحاليين، علينا تأكيد يثبت أسس هذه الخلفيات كما وردت على لسان أحد مرشيدي الحزب الأولين العلامة السيد ابراهيم الأمين في حوار أجرته اسبوعية الشراع اللبنانية ونشرته في كتاب تحت عنوان الحركات الاسلامية في لبنان.

 

في هذا الحوار يجيب السيد ابراهيم الأمين على أسئلة نختصر بعضها كما يلي:

•ما هو حزب الله؟ وكيف تقدم لنا توجهه؟

مصطلح حزب الله يختلف عم كثير من المصطلحات التي كانت مطروحة. المصطلح بدقة هو مصطلح قرآني والآية تقول: [ألا ان حزب الله هم الغالبون]. من هنا تبدأ مرحلة البحث عن عناصر تكوين فكرة وصيغة العمل في أي مكان في العالم.

 

المسلمون الذين يعملون في إطار الخط الفكري المتمثل في خط الرسول وأئمة أهل البيت، لعملهم مميزات وعناصر أساسية. والعنصر الأول أنهم يعملون من منطلق بنية عقائدية كاملة. فهم على هذا الاساس أصحاب رسالة، والأساس في بنيتهم العقائدية هو القرآن الكريم. والرسالة التي يحملونها يجب أن تعمّ الانسانية والعالم، حتى تعيش الانسانية مبادئ وتشريعات وأخلاق القرآن.   

      

العنصر الثاني هو العنصر السياسي، وهم يعملون من أجل بناء مجتمع سياسي متجدد ومستقل في هويته وشخصيته الحضارية، وهذا بالطبع يفرض بالتأكيد حالة صراع مع كل التجمعات البشرية التي ترفض أن تتعامل مع الاسلام كرسالة للحياة. 

 

هناك عنصر ثالث، وهو عنصر التاريخ. فأمام المسلمين محطات تاريخية مذهلة، وفيها ما يكفي لبناء مجتمع يحمل روحية الثورات وروحية التضحية والاستشهاد وارتباط هؤلاء الناس بكربلاء تحمل هذه الدلالة.

 

فالقيادة تتمثل في الرسول وفي الأئمة المعروفين وبعد الأئمة الفقهاء الأولين، وفي الوقت الحاضر نحن نعيش على غيبة الامام المنتظر. فالقيادة في هذا العصر تتمثل في قيادة الفقهاء العدول.

 

فحزب الله ليس حزباً تنظيمياً، بالمعنى السائد للأحزاب، إنما هو شعب يتحرك في إطار قرار واحد. هذه خاصية على مستوى الساحة في لبنان أو بشكل آخر على مستوى حركة المسلمين في لبنان منذ زمن طويل. لم تكن الساحة اللبنانية تشهد حضوراً ثقافياً وسياسياً، وحتى عسكرياً بالشكل المنظور الآن وهذا يرجع إلى عوامل حدثت داخل لبنان وخارجه، وبالتحديد بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران. استطاعة هذه الثورة أن تعطي للعاملين شخصية جديدة بمقاييس وموازين واضحة قد تكون غريبة في مجتمع مثل لبنان، هذا المجتمع المعقد سياسياً والملوث على مستوى الاخلاق السياسية.

 

•ما هي العلاقة بين حزب الله والثورة الاسلامية في ايران؟

كان من الطبيعي جداً أن ننسجم نحن في لبنان، باعتبارنا نملك مع الثورة الاسلامية وحدة عقائدية وتاريخية ووحدة سياسية. الوحدة السياسية تعني أن كل المسلمين يشكلون وحدة موقع في الصراع مع الطواغيث في العالم. إذاً نحن في لبنان الان نحاول ان نكون في مستوى علاقة الشعوب بالقائد. هذا المستوى الذي يشكل عنصراً اساسياً من عناصر الانتصار.

 

•هل ان عناصر حزب الله جميعهم لبنانيون؟

نحن في لبنان لا نستمد وجودنا السياسي من قرارات الدول الاستعمارية، ولا نستمد قرارنا السياسي من أحد في العالم سوى الفقيه. والفقيه ليس فيه صفة جغرافية، بل فيه صفة شرعية. وعلى هذا الأساس أيضاً عملنا السياسي في لبنان لا يكون أبداً من خلال جغرافية لبنان وإنما من خلال جغرافية الاسلام التي تعني العالم.

•هل لديكم مشروع سياسي واضح في لبنان وتحديداً هل تعملون لتحويل لبنان إلى جمهورية إسلامية على غرار الجمهورية الاسلامية في ايران؟

 

بعد حديث طويل عن المشروع المسيحي، المرتبط في نظره بالغرب، وضرورة مواجهته يقول: هناك مشروعين، مشروع العدو ومشروع الأمة، تحويل المنطقة إلى أمة أي تحويل المنطقة إلى أن تحمل الاسلام، رسالة حياة وليس رسالة أخلاق فقط. وقد بدأ هذا المشروع بانتصار الثورة الاسلامية في ايران، وانتصار الثورة يعني ولادة هذا المشروع في العالم. والثورة على هذا الأساس ليست مسألة ايرانية إنما مسألة مشروع يهم العالم. نحن اليوم ندرس مشروعاً إسلامياً مبنياً على الفكر والرسالة، هو مشروع الأمة، دولة الاسلام. نحن مقبلون على حالة وعمل توحيدي للشعوب في المنطقة. 

 

نكتفي بهذا القدر من الحوار مع العلاّمة السيد ابراهيم الأمين، الذي ظهر في صورته: شاباً في العقد الرابع من العمر، ومن حقنا أن نتساءل هنا مع الاعتذار: هل تُقاد أمَّة بهذا النسيج من علوم الفقه الديني والسياسي أم أن التلميذ قد فاق مرشده؟

 

بحصيلة ما أوردناه، نلقي نظرة سريعة على:

المعارضة بين الديمقراطية الحقيقية ودكتاتورية العنف والعقائد.

نحن على ثقة بأن أكثركم على علمٍ تام بحيثيات ما أوردناه في هذا التحليل السياسي وما احتوى من مراجع إثباتات جاءت من قيادات هذا الحزب، نوجه لهذه {المعارضة} أو حلفاء حزب الله،  سؤالاً مركباً هو:

 

1-إذا كان الدافع لمعارضتكم هو إعادة ساعة الزمن إلى الوراء، أي استرجاع التسلّط السوري على لبنان، بغية استرجاه نفوذكم من خلاله، فإن الساعة لا يمكن إعادة عقاربها إلى الوراء إلاّ يدوي، أي حركة إنقلابية؛ أمّا إذا المراد هو الحفاظ على رقعة من الديمقراطية في ساحة الصراع القائم اليوم بين محاولات فرض دكتاتورية العنف والعقائد ومحاولة استكمال بناء الديمقراطية الحقيقية، فإن نتائج ذلك باتت واضحة تماماً، إذ بانتصار الأخيرة يمكنكم استعادة موقعاً دستورياً وطنياً لا زال متاحاً لكم من خلال الانتخابات التي، بعد تنقية نظامها وقوانينها، سوف يدفع باللبنانيين إلى فرض وجودكم بناءً على مواقفكم أنتم. أما إذا انتصرت دكتاتورية العنف والعقائد، فالويل سوف يطال الجميع؛ وثقوا أن الدكتاتورية العقائدية لن ترحم ذوي الارادة المترجرجة مهما عبق تاريخ آبائها بأريج الوطنية.

 

2-إن محاربة دكتاتورية العنف العقائدية الوافدة إلينا حثيثاً، وقبل تجذرها في أرض الوطن، سوف تتطلّب انتفاضة وطنية كبرى أين منها انتفاضة الأرز. هذه تستدعي يقظة وطنية غير مسبوقة من كافة القيادات السياسية ، مسيحية ومسلمة، التي تتحكم بفئات الشعب اللبناني على تنوعها. يقظة يتخلى الجميع عن الأنا الصغرى المتملكة عقولهم، تحت مختلف العناوين والتحوّل إلى المحافظة على الكيان، الأنا الكبرى، الذي بدونه لن يكن لأحد منهم موقعاً أو مرقد لعنزته. فهل يفعلون؟

 

3-إن التخلي عن الطائفية السياسية بات اليوم مطلب الشعب، كل الشعب، ما عدا قلة نذرت نفسها لعقائد سياسية أو عقائدية مستوردة. العقائد السياسية الموصوفة لغير الوطن لم نعد بحاجة إلى استعماله. والعقائد الدينية لا تنقصنا. فمن أراد الولاء لعقيدة سياسية قبل عقيدة الوطن عليه أن يترك الوطن أو العقيدة. ومن فضّل الولاء لعقيدة دينية يجب أن يقف على حدود عقائد الوطن.

 

والولاء للوطن هو الأبقى من الانتماء للعقائد السياسية أو الدينية معاً... فمن كان ولاؤه للوطن أمكنه الانتماء إلى أية عقيدة، ولنا في هذا رسالة نوجهها قريباً.

للبحث صلة

لاحظ حداد