قـراءة وتساؤلات في مبادرة الاسـتاذ نبيـه بـري.

سكت دهراً ونطق .. تعهُّـداً!

لاحظ س. حداد

5 أيلول 2007

1- فور التوافق على المبدأ (رئيس توافقي بنصاب الثلثين)

أولاً: ليس للإستاذ برّي أن يقرر ما إذا كان الانتخاب الدستوري يتوقف على نصاب الثلثين. فالدستور في هذا واضحٌ وصريح ولا يحتاج إلى اجتهادات خاصة من غير الدستوريين المؤهلين.

مجلس النواب هو المؤسسة الوحيدة التي تملك سلطة التشريع وإذا عجز المجلس النيابي عن الاتفاق على تفسير أحد بنود الدستور، يتوجّب عليه حينذاك، إمّـأ الإستئناس باجتهادات قانونية من متخصصين في هذا المضمار وإمّـا اعتماد الاقتراع.

 

ثانياً: إن الرئيس التوافقي يبقى رهينة لكل من يتوافق عليه، نواب أو أفرقاء نزاع.. إن الرئيس يجب أن يكون رئيس وفاقي وليس توافقي إذ عليه أن يكون قادراً على وضع ميثاق وطني وفاقي يتضمن كافة المسلمات الوطنية يلتزم به الجميع وينبَذ كل من يخرج عنها. فلا تكرر محاولات تعطيل سير الدولة كلما عنَّ لأحدهم ذلك.

 

2- أتعهد بإطلاق تشاور وحوار مع أطراف عدة بدءً من الكرسي البطريركي، وخصوصاً قادة الحوار الوطني الذي انقد في   

     الثاني من آذار في مجلس النواب، توصلاً لاتفاق على اسم الرئيس العتيد.

أولاً: الناس تضع الحصان أمام المركبة وأنتَ تضعه خلفها.. فمن يقود مَن هنا.. ولو كنتَ جاداً لابتدأتَ حواركَ مع من ذكرت ووصلت إلى نتيجةٍ ما ولكان أسهل وأكثر صدقية منك نحوَ الجميع ولاقتنصوها فرصةً لا تعوَض لإنهاء الأزمة. هذا على الأقل ما كان ينتظره الجميع منك.. لكنكَ تأتي اليوم، وكأنك المرشد السياسي الذي لا تُردُّ كلمته، فارضاً ما لا يدحض الشك في نواياك.. ونأسف للقول: أنكَ استهلكت كامل رصيد موقعك كرئيس للمجلس النيابي لتجيره لموقعك كطرفٍ سياسي.  

 

ثانياً: إن الكرسي البطريكي ليس بحاجة إلى حوار مع أحد، والجميع يحاورونه ويسترشودنه إلاّكَ أنت. والكرسي البطريركي أطلق ثوابته الوطنية ويعلن تمنياته شهرياً.. وهو يدعوا ويحثُّ الجميع إلى الرأفة بالوطن. فلماذا تُقحِمُ الكرسي البطريركي في أمور سياسية، أنتَ وباقي السياسيين من يجب أن يتولاها.. لكنّكم لا تتعظون وعن غوغائيتكم لا تتراجعون!

 

ثالثاً: عفوك أستاذ، أنت لا تستطيع تأمين تحقيق تعهداتك.. ولنفترض جدلاً أنكَ قادر، لماذا لم تُلزِم حلفائك تنفيذ ما اتفقتم عليه في جلسات الحوار السابق بل لماذا لم يبادر حلفاؤك، من عندياتهم، إلى تولي إقناع النظام السوري بهذا التنفيذ؟

 

فَ.. أقصى ما فعله حليفُك القوي انه اندفع إلى الأمام تهرباً من استئناف الحوار وصولاً إلى اتفاقٍ ما حول قدراته العسكرية فأثارها حرباً من العدو الاسرائيلي دمرت البلاد وقتلت العباد.. لعمري، أين الوطن من كل ذلك؟

وَ.. حليفك أو حصان طروادتك، فقد بلغ به غرور العظمة أقصى درجاته وجُلَّ ما فعل كان أن أعلن أن حل الأزمة برمتها تقتضي منه فقط جلسةً على "فنجان" قهوة، وليس "كاسة" شاي"، يرتشبه مع الشبل السوري الذي كان قد وعد يوماً بتكسير رأسه وأعلن حرباً تحريرية ضده.. متناسياً كافة جرائم هذا الشبل وذاك الأسد ضد شعبه وبلده وخاصة أبناء جيشه ومتجاهلاً تماماً أن ما أوصله إلى ما هو عليه من موقع والتفاف اللبنانيين حوله إنما انبهارهم بدعاواه ضد ذاك الأسد وهذا الشبل.. لعمري، هل فقدَ هذا الرجل ذاكرته أم تراه يظنُّ أن " شعب لبنان العظيم"  تخلى عنها!

رابعاً: إن الاتفاق على اسم رئيس للبلاد هو بدعة يجب أن تتوقف في دولة الاستقلال الثاني. إن اختيار الرئيس يجب أن يكون بواسطة الانتخاب، والانتخاب وحده وإلاّ فلا داعي للدستور ولنعتمد سياسة العشائر العربية في اختيار زعيمهم من بين الأقوى والأقدر على الحرب والغزو الخ.. ولبنان، لم يكن يوماً إلاّ دولة أو كيان له نظامه الخاص قل نظيره في محيطه.

إن اختيار الرئيس يكون في مجلس النواب حيث ينتخب هؤلاء الرجل الأنسب والأقدر على إدارة حكم البلاد فيبقى رمز الوطن ووحدته وليس ملكاً لكلِّ من وافقَ على اختياره.. وهنا توجب الإشارة إلى أن الرئيس المنتخب ليس حكراً لطائفته بل هو ملكاً لجميع اللبنانيين وهذا ما يؤهله لتوحيدهم.. بحسب الدستور. وإذا كنتَ جاداً في بحثك، عليك، أنت وحلفائك ترشيح الشخص الذي تجدونه مناسباً لتحقيق مقتضيات الدستور وليس ممثلاً لكم وحدكم، ونتمنى أن يكون هذا حصان طرواة بالذات. كما على باقي الأفرقاء ترشيح من يمثلهم لملئ هذا المنصب ومن ثـمَّ يُصار إلى انتخاب أحدهم رئيساً.      

 

3- كلما أسرعنا في التوافق على الرئاسة كان خيراً وخير البرِّ عاجله، لإنهاء الاعتصام ووأد الفتنة الخ..

هذا اعتراف صريح وواضح بأن الاعتصام كان طريقاً للفتنة.. بالله عليك، قل لنا من يقوم بالاعتصام ويتسبب بالفتنة؟ أهم من يسعى إلى الاستيلاء علىالدولة أو من يجهد ويدفع دماءَه من أجل الحفاظ على هذه الدولة؟ ثم، لماذا، إن كنتَ مقتنعاً بما تعلن، لا ترفع الاعتصام وتقضي على دابر الفتنة وتطلق نداءَك الوفاقي أليس هذا ما يغسل كلامك من صبغة التهديد المبطن من نتائج عدم التوافق على اسم الرئيس؟

 

4- إننا، وخلال المهلة الدستورية سنحصل على توافق على شخصية رئيس البلاد وبالتالي ندفع بلدنا نحو المجهول.

أولاً: مرة أخرى نلمس التهديد بالمجهول الذي بات معلوماً عند الجميع ونعلم أن استعدادات حلفائك على الأرض لدفع البلد نحو المجهول بلغت ذروتها وها هم يتبشروننا يومياً بقرب نفاذ صبرهم.  

ثانياً: حليفك أو حصان طروادة الذي لم ولا ولن يجد في لبنان كله من يبارزه، يثابر يومياً على ابتكار خروقات دبلوماسية لم نجد مثيلاتها في كافة مناجد الغرب والشرق.. جهداً منه لإثبات أحقيته في الولاية ولو على أجداث أكثرية اللبنانيين.. والمؤسف أنكم، بما يفعله تستمتعون.. والسؤال يُطرح: من منكم سيتخلى عن الآخر قبلاً، أنتم أم هو؟ والويل كل الويل لكم منه إن كنتم البادئين .. عند ذاك سيخلق الله ما لا تعلمون! ولعلَّ هذا ما يعيق تبنّيكم ترشيحه رسمياً إلى الآن.

 

5- ... حكومة أشباح بعد أن كانت حكومة مقاومة.

هذه الحكومة كانت الأولى التي يدخلها ممثلون عن المقاومة [ حزب الله ]، أي أنها الأم التي احتضنت إبناً جديداً لها.. لعلها كانت غلطة كبرى وخطيئة عظيمة لا تُغتفر! إذ أن هذا الإبن كان عاقاً.. فعوض أن يشكر أمه باشر في تقطيع أوصالها. هذا الابن، الذي اعتبرته الحكومة ابناً شرعياً، فضّل الامتثال لأوامر أُمّـاً أخرى غير شرعية وغير لبنانية والانتقام من أمه التي ارضعته وغذته وصانته وحمته وأوقفته على رجليه.. لعمري، هل فسُدَ حليب الأم أم أن الابن تعوَّدَ الحليف الفاسد!

ومن هذا المنطلق رأينا كيف أن هذه المقاومة، عوض أن تتقوى بوجودها في الحكومة، حاول السيطرة عليها وتحويلها برئاسته إلى حكومة أشباح وعند الفشل باشر في الانقلاب عليها وإسقاطها...      

    

6- إن سبب حرب تموز الحقيقي هو الشق المتعلّق بالمقاومة في القرار 1559.

ربما كان هذا هو الكلام الوحيد الصحيح.. إننا نذكّر الاستاذ بري بأن ما ورد في القرار 1559 هو تصحيح لما ورد في اتفاق الطائف الذي أنتَ اليوم في موقعك بسببه. فهذا الاتفاق قرر حلّ كافة المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتخليها عن سلاحها.. لكن النظام السوري ولأسباب ليست ولم تعد مجهولة استثنى المقاومة "الإسلامية" من ذلك القرار. 

إن السبب الحقيقي لحرب تموز، أيها الاستاذ، هو الانقضاض على دولتك اللبنانية وتقويض أركانها وزرع الفتنة بين أبنائها وقد شاركت إسرائيل في المخطط بتوسيع حربها إلى مناطق مخصصة بغية استكمال هدف المقوامة في زرع هذه الفتنة..

7- تريد جردة حساب  بالمساعدات والأموال العربية والدولية الخ..

جميع اللبنانيين يريدون ما تريد لكننا لا نكتفي بهذا بل نطالبك أنتَ بجردة حساب كاملة عن الأموال التي استوليت عليها في مجلس جنوبك الذي لم يشمل جميع الجنوبيين. بل نريد جردة حساب عن الأموال التي تتدفق على مقاومتك ومنها إليك، اموالاً بيضاء أو سوداء، مغسولة أو قذرة .. ولماذا لا تُصرف على جميع اللبنانيين الذين تضرروا جرّاء حرب مقاومتك عليهم.. ولماذا تقتطع أموال الخزينة أي أموال الشعب اللبناني لتُصرَف على من دمر بلاده وقتل أهله؟ هل لك أن تُجيب إن كنت فعلاً رئيس مجلس نوابه أي ثاني مسئولٍ في الدولة..

 

8- لولا المقاومة لما كان لبنان على خارطة العالم.

قولٌ يجب أن يُسجَّلَ مأثوراً لكَ أيها اللبناني الكبير.. ألا تعساً لوطنٍ يحتوي أمثالك.. هل بلغت بكَ البلاغة أن تستغني عن الوطن بأكمله وإبقاء مقاومتك؟

أليس هذا ما يريده النظام السوري ومعه الايراني: الاستغناء عن الدولة اللبنانية لتصبح دولة المقاومة الاسلامية؟

بالله عليك قل لنا: من سيكون رئيسها؟ أنتَ أم الابن العاق أم حصان طروادتك في مرحلة أولى استثنائية فقط وبعد هضمها وطرد من تبقى من أهل ذمة، سنة بشكل خاص ومسيحيين إجمالاً.. وبعدها يأتي دورك.. وتقول بوأد الفتنة!   

واعجباه أيها الاستاذ، من رجلٍ لم يرتوِ دماً ولم يشبع ثريداً فبات كمن يحلب سطل حليب ويركله بقدمه!

استيقظ أيها الاستاذ وانهض من غفلتك قبل يستكمل استغفالك.. ولات ساعة مندم.

ونذكرك أن لبنان هذا الذي تمننه بمقاومتك، تناوبت عليه شتى المحن وتبادلت دول الشرق والغرب وزالت وبقي هو.

 

9- إن سبب إقفال مجلس النواب هو عدم شرعية الحكومة..

قولٌ مردود عليك.. فالمجلس هو مقرر الشرعية. أما أنت أو غير رئيس لهذا المجلس، ما اختاركم النواب إلاّ لإدارة شئونه ونظامه، موظفاً تقبض معاشاً خاصاً لقاء أتعاب.. وأنتَ بتخليك أو تعطيلك لعمل هذا المجلس، سيطالبك الشعب يوماً باسترداد معاشاتك التي لم تتعب في تحصيلها.. وهذا بالطبع يشمل جميع النواب، نوابك ونواب المقاومة، الذين تعطلون عمل المجلس.. من هنا فإن آخر من يحق له تقرير عدم شرعية الحكومة.. وإن كنتَ مقتنعاً بما تقول، تفضل وإثبت عدم شرعية الحكومة.. في داخل مجلس النواب وليس في الهواء الطلق الذي عوّدت نفسك على استشاقه، كون الجو المشحون داخل المجلس سوف يضر بصحتك.. عافاك الله وشفاك وتباً لمجلس ينعقد دون وجودك!      

 

على ذكر بقاء لبنان لولا المقاومة، نستذكر مناداتٍ شعرية:

إلى ،،،         روح الفينيق، الذي مراتٍ، عبر التاريخ، انتفض.. خالقاً من حلم الموت حقيقة الحياة والأبد،،،

 

أقول:  قُـمْ، لَملم رِمادك والكَفَن        فالأرض، أرضك والوطن،      قد دالت عليه شتى المحن،

        لم يصبِر شعبٌ كما صبرنا      ولم يصغر قومٌ كما صغرنا،     فانهض من رقادك والوسن،

        وانطلق بأرزٍ مع الله شاخ       فشعبه، لن يقلها أبداً، آخ،       مهما أضنـاه ،،، الوهـن.

 

 

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد

التيار السيدي / نيوزيلندا