حزب حرَّاس الأرز ـ حركة القومية اللبنانية

صدر عن حزب حرَّاس الأرز ـ حركة القومية اللبنانية البيان التالي:

في رسالةٍ وجَّهَتها الأسبوع الماضي إلى الأمم المتحدة، اعترضت الحكومة السورية على ما أسمته تدخّل الأمين العام بان كي مون في العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، معتبرةً ان مطالبة دمشق بالتعاون لتفكيك المواقع الفلسطينية على الحدود اللبنانية ـ السورية "غير مفهوم"، وانها لا تريد "التدخل" في قضايا تقع في صلب إختصاص الحكومة اللبنانية، مكرّرة رفضها إشارات التقارير الدولية إلى ترسيم الحدود باعتبار ان هذه المسألة "أمرٌ ثنائي بين البلدين الشقيقين"، ورأت ان ادعاءَات الأمين العام حول تهريب الأسلحة إلى لبنان "أمرٌ مستغرب وأكاذيب لا دليل على صحتها"، وحذرت أخيراً من وقوف الأمم المتحدة إلى جانب طرف ضد الآخر في لبنان، لان ذلك يهدد "الإنجازات" التي تحققت بفضل جهود مضنية بذلتها سوريا "حرصاً على وحدة لبنان وأمنه واستقراره وسيادته واستقلاله"...

من يتمعّن في قراءَة هذه الرسالة يتأكد له ان عقدة الهيمنة على لبنان ما زالت تتحكّم بالنظام السوري الذي لم يتوقف منذ أربعين سنة إلى اليوم عن السّعي المحموم للإستئثار بهذا البلد والإستفراد به بعيداً عن عيون المجتمع الدولي وسمعه.

فبعد ان أُرغم على سحب جيشه وانهاء احتلاله للبنان في العام ٢٠٠٥، قرّر العودة إليه ولكن هذه المَرّة بصورة غير مباشرة معتمداً الخطوات التالية:

أولاً، نشر قواتٍ فلسطينية تابعة له داخل الأراضي اللبنانية وعلى امتداد الحدود السورية ـ اللبنانية.

ثانياً، تعزيز الترسانة العسكرية لحليفه الأول المعروف بحزب الله، حتى فاق عدد ما يملكه من صواريخ متنوعة الأحجام أضعاف ما كان يملكه قبل حرب تمّوز ٢٠٠٦.

ثالثاً، تفعيل خلاياه الأمنية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، النائمة حالياً والجاهزة للعمل غبّ الطلب.

رابعاً، تقديم الدعم الكامل لقواعده السياسية في لبنان المتمثلة بالشخصيات المتحالفة معه والأحزاب الدائرة في فلكه.

وهكذا عاد النفوذ السوري إلى سابق عزّه في لبنان، وعادت السلطة اللبنانية وخضعت لمشيئته من جديد، وعاودت الفعاليات السياسية زحفها على طريق الشام كما في زمن الوصاية، وأصبحت لدمشق اليد الطولى في رسم سياسة لبنان وتحديد مسارها.

غير ان نجاح النظام السوري في عودته "المظفرة" إلى الربوع اللبنانية يبقى ناقصاً إذا ما استمر المجتمع الدولي يساند لبنان ويكرّر المطالبة بوجوب احترام سيادته وتنفيذ القرارات الدولية وبخاصةٍ تلك التي تتعلق بنزع سلاح المنظمات اللبنانية وغير اللبنانية، وترسيم الحدود، ومنع تهريب الأسلحة... إلخ. وهذا ما يفسّر إنزعاج دمشق من التقارير الدورية الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة حول المسألة اللبنانية، وسعيها الحثيث لتعطيلها وإبطال مفعولها بشتّى الوسائل ومنها: الرسالة المذكورة أعلاه، والتهويل المُبطّن بزعزعة الإستقرار، وتمثيلية القبول بالتبادل الديبلوماسي مع بيروت الذي بقي في إطاره الرمزي، وسيبقى في هذا الإطار إلى أجلٍ غير محدود على ما نعتقد.

وإذا كان اللبنانيون الشرفاء يندّدون بسياسة دمشق التوسّعية ويتصدّون لها، فهم يندّدون أكثر برجال السياسة مِمَّن إمتهنوا فنون التملق والرقص على الحبال وبيع الأوطان والإنبطاح المُذِل على أعتاب والي الشام والسماح له بالتدخل في كل شاردة وواردة من شؤون لبنان الداخلية والخارجية، مقابل تعزيز سلطتهم على حساب سلطة الدولة ومصلحة البلاد العُليا.

سيبقى لبنان يعاني من أطماع النظام السوري الإستعمارية، وسياسته الفوقية، إلى ان يتحوّل من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي، وحتى ذلك الحين يظل بحاجة ماسة إلى رعايةٍ فائقة وفاعلة من قِبَل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بنوعٍ عام، والدول الصديقة بنوعٍ خاص.

لبَّـيك لبـنان

أبو أرز

في ١٦ تمّوز ٢٠۱٠.