قراءة في ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله في الذكرى السنوية الأولى لتوقيعها

بقلم/سمير سكاف/رئيس التيار اللبناني

 

عملنا جاهدين كمسؤولين سابقين في التيار الوطني الحر لانفتاح التيار على الاخوة المسلمين في لبنان. وكنا وما زلنا مقتنعين بضرورة التفاهم بين اللبنانيين من كافة الأطياف السياسية والدينية والمذهبية... ولكن التفاهم يكون للبنان وليس ضد مصلحته! فنحن مع التفاهم ولكننا ضد مضمون هذه الورقة. إذ لا يمكن قراءة ورقة التفاهم هذه بمعزل عن حرب تموز. إن الشعب اللبناني برهن بعيداً عن مسؤوليه السياسيين أنه قادر أن يكون موحداً. فاللبنانيون استضافوا إخوتهم اللبنانيين في حرب تموز وليست ورقة التفاهم هي التي جعلت منهم "أوادم" كما يحب أن يفاخر بعض المسؤولين!! فقد تبرهنت هذه الوحدة شعبياً في كل المناطق والطوائف. وهي لا تحتاج الى أي ورقة تفاهم لذلك!

 

إنها ورقة سيئة تطبيقها جيد. تماماً كما كان توصيف العماد ميشال عون لاتفاق الطائف في شقه السيادي. نحن نطالب ببرنامج زمني واضح لتسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني. فبقاء سلاح حزب الله تترجم حرباً مدمرة عصفت في لبنان في تموز 2006 والتفاهم جعل من التيار داعماً ومغطياً لهذه الحرب. لذلك كانت وثيقة التفاهم موضوع الخلاف الجذري بين قسم منا وبين قيادة التيار الوطني الحر. وكان رفضنا للحرب سبباً للانفصال النهائي عن التيار الوطني الحر الذي ساهمنا في نشأته ونضالاته وتأسيسه حزباً. وقد نجحنا في مهمتنا، وخرج الجيش السوري من لبنان.

 

لا يمكننا فهم موقف التيار الوطني الحر في ورقة التفاهم الذي يقبل ببقاء سلاح حزب الله حتى تحقيق تحرير شبعا وقضية الأسرى والاستراتجية الدفاعية. إن عدم قدرة التيار الوطني الحر على إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه لا يفترض أن يؤدي به الى قبول الشروط الثلاثة غير المحدودة بالزمن، أو بالكلفة، أراوحاً وأرزاقاً! إن معالجة قضيتي مزارع شبعا والأسرى تكون بالديبلوماسية أما معالجة قضية الاستراتجية الدفاعية فتكون لقيادة الجيش اللبناني وحده، مستفيداً من خبرات المقاومة القتالية!

 

يقول بعض مسؤولي حزب الله أن تسليم السلاح لن يكون لهذه الدولة، بمعنى ليس لهذا الفريق الحاكم. ونحن نقول لحزب الله لا تسلم سلاحك لهذا الفريق الحاكم. بل قم بتسليم سلاحك للجيش اللبناني. ألم يعبر حزب الله مراراً وتكراراً عن ثقته بالجيش اللبناني؟ ألم يقم العماد ميشال عون في 13 تشرين الأول 1990 بتسليم القيادة التي كانت تحت إمرته الى قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود؟

 

يمكن تقسيم ورقة التفاهم الى عدة أقسام: إن القسم الجيد في هذه الورقة لم يكن يحتاج الى تفاهم بسبب وجود معظم عناصره في اتفاق الطائف كالحوار، والديمقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، واستقلالية القضاء. وهناك قسم لم يحترم لجهة بناء الدولة، وعودة المعتقلين من سوريا وعودة العائلات اللبنانية من اسرائيل، والمحاصصة في الاجهزة الامنية، وتحويل ترسيم الحدود الى "تحديد" على طاولة الحوار إرضاء لسوريا. وهناك قسم غير مقبول لجهة عدم وصف التجربة مع سوريا بالاحتلال. وتحييد سوريا عن الاغتيالات. فهل يمكن إبعاد الاغتيالات عن التوظيف السياسي؟ وهل هي سياسية أم شخصية؟ علماً أن  سوريا لم تعلن لبنانية كاملة لمزارع شبعا بدليل طلب تقاسمها بعد تحريرها. أما الافتراض الدائم بحسن نوايا سوريا في العلاقة معها هو تجاهل لمواقفها التقسيمية للشعب اللبناني. ويبقى القسم الخطيئة للتيار الوطني الحر، فإذا كان لا يستطيع نزع سلاح حزب الله بالقوة، ويجب عليه عدم ذلك. فلا يمكنه الموافقة على وجود السلاح لأي سبب من الاسباب. فالموقف يجب أن يكون مبدئياً. أما القسم غير الموجود في الورقة فهو المتعلق بالشرعية دولية وباتفاق الطائف.

 

فشلت ورقة التفاهم في أهدافها في استقطاب حزب الله الى الحالة اللبنانية، إذ ظهر حزب الله في حرب تموز محارباً عن الأمة "شاء من شاء وأبى من أبى". وهي فشلت في طمأنة الناس لجهة عدم وقوع فتنة بين اللبنانيين. وفشلت في اختبار الامن الداخلي في قضية شربل خليل، وفي الثلاثاء الأسود والخميس الأسود، وفي الحرب الاعلامية التحريضية من كل جانب.

 

يجدر التذكير أن ورقة التفاهم لم تعرض خلال نقاشها ودراستها على ناشطي أو حتى على قياديي التيار الوطني الحر ولم تعرض لاحقاً لأخذ الموافقة منهم. بل جاءت ورقة منزلة غير قابلة لتغيير فاصلة فيها!

 

بيروت في 6 شباط 2007