صواريخ الدمار الشامل السورية والحزب الالهية

تقرير من اعداد "حماة الارز"

 

التهديد الذي اطلقه امين عام "حزب الله" حسن نصرالله اثناء احياء ذكرى "حرب تموز 2006" لم يكن مفهوما لدى الكثيرين، وخصوصا التلويح بمفاجاءات تعيد رسم خريطة الشرق الاوسط. كلام نصرالله الذي عصى فهمه على الراي العام يمكن فهمه اليوم في ضوء الغارة الاسرائيلية الغامضة على ما قيل انه مركز ابحاث نووية قرب دير الزور في عمق الصحراء السورية. لكن الاكيد استنادا الى التقارير ان مركز الابحاث السوري معروف لدى جميع المعنيين بتطور اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط وهو ليس امرا جديدا. لكن الجديد في الامر ان تهديد امين عام "حزب الله" يعني انه يمتلك قوة عسكرية قادرة على تعديل موازين القوى في شكل جذري وهذا ما لن يتحقق الا بواسطة السلاح الكيميائي والبيولوجي، الذي لن يعصى على مقاتلي الحزب التدرب على استخدامه وخصوصا في ضوء الدروس المستفادة من "حرب تموز 2006" والتي تدفع المخططين العسكريين الايرانيين الى التلويح بالقوة والتهديد بأستعمالها كأفضل وسيلة للرد على الجيش الاسرائيلي.

 

من المعروف لجميع الباحثين والمهتمين بشؤون الشرق الاوسط ان القيادة السورية اهتمت دائما بتحسين قدراتها القتالية وخصوصا الكيميائية والبولوجية كدولة مواجهة. وعلى نقيض النظام العراقي السابق ورئيسه صدام حسين الذي سارع الى المفاخرة بأمتلاك السلاح الكيميائي واستخدمه في الحرب مع ايران وهدد بضرب اسرائيل وازالتها من الوجود. فان الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد عمل على امتلاك هذه الاسلاك بكل هدوء وتكتم محاذرا اثارة انتباه المجتمع واغضاب الدول الكبرى وهو الرئيس الذي ادرك جيدا اهمية حفظ التوازانات الدقيقة في الشرق الاوسط والافادة منها.

 

تولى الجيش السوري بداية تجهيز البنى التحتية لهذه الاسلحة التي توصف بأنها للدمار الشامل، وتجنبت القيادة السورية الاستعانة بأي عنصر اجنبي في هذه المرحلة واعتمدت تماما على قدرات العلماء السوريين وذلك استنادا الى التقارير الاوروبية والاميركية التي تحدثت عن هذا الموضوع.  واحسنت القيادة السورية برئاسة حافظ الاسد الافادة من صداقتها مع الولايات المتحدة الاميركية وانضمامها الى قوى التحالف المناهضة للرئيس العراقي صدام حسين ابان احتلاله دولة الكويت، ولاحقا من خلال الانضمام الى عملية السلام في الشرق الاوسط من اجل تأمين الغطاء لعملية بناء اسلحة الدمار الشامل في سوريا.

 

وانصب اهتمام العلماء السوريين في موازاة العمل على تطوير القدرات الجرثومية والكيميائية في مرحلة اولى ووعند الانتهاء منها انتقل العمل الى مرحلة ثانية تتلخص بالعمل على مواجهة قوات العدو لا على ارض المعركة فقط، بل نقل المعركة الى عمق الاراضي الاسرائيلية من خلال توجيه ضربات الى البنى التحتية. واعتمدت القيادة السورية الصواريخ البالستية العمود الفقري لمعركة اسلحة الدمار الشامل.

 

تشير التقارير الغربية الى ان قيادة الصواريخ البلستية السورية تتمكز قرب مدينة حلب في شمال شرق سوريا، وهي تتحكم بثلاثة وحدات صواريخ ارض-ارض على مستوى لواء. يضم كل من هذه الالوية المشتركة والمدمجة، كتيبة صواريخ فروغ المدولبة (القديمة الطراز)، كتيبة صواريخ بعيدة المدى س س – 21 سكاراب ، وكتيبة صواريخ سكود بعيدة المدى ايضا. ويتراوح مدى هذه الصواريخ 70 و 300 كيلومتر.

 

والى جانب الوية الصواريخ المتحركة هذه، قامت القيادة السورية وبمساعدة من خبراء روس وكوريين شماليين وصينيين ببناء حوالى 15 قاعدة تحت الارض في انحاء متفرقة من شمال سوريا وشرقها، جرى تركيب قواعد ثابتة لأطلاق الصواريخ البعيدة المدى وتقدر المصادر الغربية عدد الصواريخ في القواعد الثابتة بحوالى 1000 صاروخ من طرازات سكود الحديثة والتي طورتها ايران بمساعدة من كوريا الشمالية والتي يصل مداها الى 500 كيلومتر واكثر. وفي التقارير الغربية ان الكوريين الشماليين والايرانيين قاموا ببناء اربعة قواعد حديثة تحت الارض قرب مناطق دير الزور وحلب وجرى تجهيزها بصواريه سكود-د المعدلة والقادرة على اصابة اهداف يصل مداها الى 700 كيلومتر.

 

ولم تكتف القيادة السورية بذلك بل انها تقوم وبمساعدة تقنية من الخبراء الكوريين الشماليين، ودعم مالي وتقني من الخبراء الايرانيين ببناء صواريخ بعيدة المدى على غرار صواريخ سكود-د. وخلال العام 2001 افادت التقارير عن تلقي الجيش السوري مكونات حديثة للصواريخ البعيدة المدى من كوريا الشمالية تمكن هذه الصواريخ من اصابة اهدافها بدقة اكثر. واعتبر الخبراء الاوروبيون ان حصول سوريا على صواريخ سكود-د تطورا كبيرا لأنه يسمح للجيش السوري بضرب اهداف داخل كل الاراضي الاسرائيلية من قواعد في العمق السوري وموجودة داخل القواعد تحت الارض. ويصعب تاليا على الطيران الاسرائيلي تدميرها بالقصف الجوي. علما ان كل هذه الترسانة من الصواريخ مجهزة برؤوس تحمل اسلحة دمار شامل بيولوجية وكيميائية.

 

وتملك سوريا الى جانب ذلك خطي انتاج صواريخ بعيدة المدى بمساعدة الايرانيين، الاول قرب حلب والثاني قرب حماه ومن المرجح ان احد هذه المواقع كان هدفا للغارة التي قام بها الطيران الاسرائيلي. وتتحدث بعض التقارير ان مشاركة خبراء ايرانيين في انتاج نسخة معدلة من صواريخ م-9 و م-11 البعيدة المدى. ويمكن تزويد جميع هذه الصواريخ برؤوس ذات قدرات تدمير شامل تطال مفاعل ديمونا النووي في اسرائيل، وقاعدة سيدوت ميشا التي يعتقد انها تحتوي على قواعد لأطلاق صواريخ ارض-ارض الاسرائيلية، اضافة الى اهداف اخرى تتمثل في عشرات المطارات العسكرية والثكنات ومراكز القيادة والسيطرة والاتصال التابعة للجيش الاسرائيلي والتي يعتقد الجيش السوري ان ضربها قد يعدل في نتائج اي معركة مع اسرائيل سريعا.

 

تشكل الاسلحة الكيميائية والبيولوجية العمود الفقري لأسلحة الدمار الشامل لدى الجيش السوري، ولا يستبعد خبراء غربيون ان تكون القيادة السورية قامت بتسليم عدد من الرؤوس الكيميائية والبيولوجية الى "حزب الله"، الذي استكمل استعداداته في البقاع وجزين لقتال اسرائيل. ويؤكد شهود العيان والاهالي في منطقة البقاع الشرقي وتحديدا في خراج بلدات ميدون وسحمر ويحمر وقليا ولبايا، ان الحزب اقام منشاءات ضخمة وحفر انفاقا ضخمة يجهل الاهالي ما تحتويه من اسلحة وقواعد صاروخية وعسكرية.

 

وان كان مرجحا واستنادا الى الخبراء ان القيادة السورية و "حزب الله" بالتعاون والتنسيق مع القيادة الايرانية قرروا استبدال صواريخ "زلزال" الايرانية التي اثبتت عدم فعاليتها بصواريخ سورية اخرى من طرازي "فروغ" القديمة العهد القادرة على اصابة ما بعد حيفا، والتي تعتبر مواصفاتها افضل بكثير ان لجهة الاطلاق او القدرة على تدمير الاهداف. ويلتقي خط الصواريخ هذا مع خط الدفاع الثاني الذي يقيمه "حزب الله" جنوب جزين في منطقة اقليم التفاح وكفرحونة، حيث تشهد المنطقة عملية بناء تحصينات ضخمة لا سابق لها.  في موازاة نشر وحدات من لواء الدفاع الجوي التابع للحزب والمزود صواريخ ارض-جو ايرانية معدلة عن صواريخ ستينغر الشهيرة.

 

بيروت فس 28 أيلول 2007