"حلف لبناننا" اعتصم احتجاجا على كتاب التربية والتنشئة

مغالطات عدة في مواضيع اساسية تناقض قيم التعددية اللبنانية

بقلم/بيار عطاالله

بعد مرور سنتين على انسحاب الجيش السوري من لبنان، هناك من لا تزال ذاكرته حية ولم ينسى ما جرى في لبنان خلال تلك الحقبة السوداء من اعتقالات وتصفيات وصفقات واتفاقيات ومعاهدات كادت ان تغير وجه لبنان الديموقراطي والتعددي وتستبدله بنموذج شمولي مستنسخ عن ثقافة البعث وادبياته.

 

امس ولمناسبة عيد المعلم اختار طلاب تنظيم "حلف لبناننا"، الراديكاليون في طروحاتهم السياسية، التجمع امام المركز التربوي للبحوث والانماء، وامام الباحثين والدكاترة والموظفين الموجودين هناك من اجل الاحتجاج على كتاب التربية الوطنية والتنشئة المدنية، الذي اعتبروه من "مخلفات الهيمنة السورية على لبنان" يمس جوهر الهوية اللبنانية التعددية والديموقراطية.

 

بضع عشرات من الطلاب والشباب والشابات المتحمسين احتشدوا في الدكوانة دون ان يتسببوا بعرقلة السير وهم يحملون لافتات كتب عليها :

العلاقة بين سوريا ولبنان هي اسوأ من ان تدرس كمثال اعلى

اذا اردت ان تتغلب على شعب ما نسه تاريخه- الدكتور شارل مالك

"غنائم سوريا من لبنان: نهب اموال اللبنانيين وتربوية موجهة

" التربية مستقبل الاجيال لا تسيسوها

ما بدنا احادية بدنا تعددية  لانصهار مفهوم فاشي

 

وتحت لافتة "الانصهار الوطني مفهوم فاشي"، وقف مسؤول الطلاب في "تحالف لبناننا" باتريك ريشا معلنا ان الانتخابات الرسمية بعد شهرين، ونحن نرفض ان يتكرر ما جرى منذ سنتين خلال الامتحانات الرسمية عندما طرح سؤال في الشهادة المتوسطة (البريفيه) على الشكل الآتي: تكلم عن صلات القربى والدم التي تربط بين الشعبين اللبناني والسوري ؟ الى اسئلة اخرى على هذا المنوال، تندرج جميعا في اطار الثقافة البعثية وكأن طلاب لبنان تلامذة في مدرسة اعداد فكري تابعة لطلائع حزب البعث.

واضاف: هذا الاعتصام هو للاعلان موقفنا الرافض بعض ما ورد في فصول كتاب التربية الوطنية وخصوصا عن العلاقات المميزة مع سوريا.

 

واكد ريشا ان هدف النظام السوري والمتعاملين معه خلال فترة الهيمنة من صياغة كتاب التربية الوطنية، خطير جدا، لأنهم يعملون على بث ايديولوجيا البعث السوري وعقيدته في فكر الطلاب اللبنانيين تمهيدا لغسل دماغ تدريجي.

 

واعتبر ان الشباب اللبناني والمسيحي خصوصا لم ينسى ما تعرضت له المناطق الشرقية من قصف وعمليات قمع طالتهم مع جميع اللبنانيين ووصلت الى درجة اعتقال المئات من اللبنانيين والزج بهم في المعتقلات السورية، ثم فجأة يأتي كتاب التربية الوطنية والتنشئة المدنية مبشرا بالعلاقات الاخوية والمميزة بين الشعبين اللبناني والسوري.

 

وسئل ريشا:"من هو المرجع الصالح الذي قرر الاستمرار في تدريس هذه الفصول في المدارس اللبنانية خصوصا في ظل احتجاجات الالاف من التلاميذ والاساتذة على ذلك. لذلك لا بد من تعديل هذا الفصل عن العلاقات السورية-اللبنانية".

 

 فصل الاستقلال

احتجاج "تحالف لبناننا" لا يقتصر على فصل معين بل يطال الكتاب برمته وخصوصا ما يرون انه تحريض على الثقافة الغربية، ويعرضون لرواية استقلال لبنان التي ذكر الكتاب ان لبنان فاز به بدعم من اشقائه العرب، في حين رأى الطلاب المعتصمون ان لبنان نال استقلاله بفضل تحرك شعبه والدعم البريطاني وضعف الدور الفرنسي نهاية الحرب العالمية الثانية ولا دور للعرب في ذلك، لأنهم كانوا لا يزالون يخضعون للانتدابات الاجنبية المختلفة.

 

فصل اخر يعترض عليه الطلاب هو  ما ورد عن علاقة الجيش مع "حزب الله"، وخصوصا ما اندرج تحت عنوان "دور الجيش هو حماية المقاومة" وهذا طعن برأي "لبناننا" في دور الجيش ومبدأ ان لا سلاح على الاراضي اللبنانية الا سلاح الجيش لا شريك له.

 

وفي رأي ريشا ان واضعي الكتاب ارادوا تجيير كل الدعم للمقاومة الاسلامية رغم اختلاف رؤية اللبنانيين الى مسألة السلاح خارج اطار الجيش وخصوصا بعد انسحاب الاحتلال الاسرائيلي واتفاق اللبنانيين على مبدأ حصر السلاح في يد الجيش.

 

وقام وفد من المعتصمين بتسليم المسؤولين في المركز التربوي للبحوث والانماء نص مذكرة عنوانها :"للتثقيف ام للادلجة" ومما جاء فيها:

"رفضا منا لأي شكل من اشكال الاحتلال عسكريا كان، اجتماعيا ام تربويا، يهم "حلف لبناننا" الاشارة الى ان كتاب التربية الوطنية والتنشئة المدنية المعتمد في مدارس لبنان يحتوي على مغالطات عدة خصوصا في العلاقات اللبنانية-السورية التي تعالج بطريقة انتقائية وتكرس منطق الغالب والمغلوب السائد منذ اتفاق الطائف. بما في ذلك من تحوير لحقيقة هذه العلاقات وتزوير للتاريخ والاحداث تماشيا مع مصالح الطبقة السياسية وتطبيقا لثقافة التبعية للمنطق السوري.

ثانيا: تحديد دور الجيش اللبناني ومهامه الداخلية لجهة حماية المقاومة الوطنية مما يشكل انتهاكا فاضحا لمفوم السيادة وانتقاصا من هيبة الجيش.

ثالثا: حقبة الاستقلال اللبناني العام 1943 التي يقدمها الكتاب خلافا للحقائق والوقائع مما يشكل خروجا عن اطر الشفافية والدقة في استرجاع الاحداث.

ثالثا: تخصيص مراحل عدة ضمن هذا الكتاب للتحريض الاعتباطي على الثقافة الغربية واتباع سياسة التوجه الايديولوجي والاحادية في مقاربة الامور بغية تلقين الاجيال الشابة رؤية موجهة تحد من الحريات السياسية والفكرية في مقاربة الامور.

 

اننا ندعو الى تصحيح هذا الخلل التربوي المتمادي مطالبين السلطات الرسمية المعنية بالموضوع التربوي بتعليق العمل فورا في المحاور ذات الاثار السلبية على المجتمع ككل،والغائها من برنامج الامتحانات الرسمية في المرحلتين المتوسطة والثانوية.

والمبادرة الى اعادة صوغ هذا الكتاب بموضوعية واستقلال مهني واستقلال ومهنية تسمح للطلاب بالاطلاع على الحقائق وتنمية قناعاتهم الشخصية والايعاز الى اساتذة مادة التربية الوطنية التوقف عن تدريس هذه المحاور لأنها تتعارض وجوهر وجود الكيان اللبناني".

 

المسؤول عن التحرك باتريك ريشا اختصر التحرك بأن عدم اتفاق اللبنانيين على كتاب تربية واحدة لا يعني فرض الثقافة البعثية عليهم، بل السماح لكل مجموعة بعيش قيم التعددية اللبنانية بكل مفاعليها.

 

بيروت في 14 أذار 2007