اوساط بكركي: لا نريد رئيسا فئويا ولا العوبة في يد احد

بيار عطاالله

 

في اليوم التالي لصدور بيان مجلس المطارنة الموارنة عن الاستحقاق الرئاسي والذي اثار اهتماما واسعا في الاوساط السياسية والديبلوماسية، بدى كل شيء هادئا في الصرح البطريركي في بكركي. الا لجهة التدابير الامنية الصارمة والتي بلغت ذروتها صباحا مع وصول السفير الاميركي جيفري فيلتمان متأبطا ملفات عدة، وليتوجه مسرعا الى القاعة الكبيرة حيث درج رأس الكنيسة المارونية على استقبال زائريه والارجح ان الحوار كان حول موضوع بيان المطارنة الذي وضع النقاط على الحروف.

 

 لا نريد رئيسا العوبة في يد احد كما لا نريده فئويا والاهم ان رئيس التحدي مرفوض ، هكذا وبكل هدوء ورصانة تختصر اوساط الصرح الاجواء التي رافقت صدور البيان وما يدور في فكر الاحبار الموارنة الذين يرون في ازمة الرئاسة الاولى تهديدا كبيرا لوجود لبنان وكل ما عمل له المسيحيون على مر السنين في سبيل السيادة والكيان والاستقلال. والادهى من كل ذلك ان احدا من المتصارعين على السلطة لا يدرك خطورة الامر فالبلاد في شلل والمؤوسات الدستورية جميعا من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب والمجلس الدستوري مشلولة ومعطلة واذا استمرت الامور على ما هي عليه فالبلاد صائرة الى الخراب والفتن.

 

فرصة اخيرة حسب احد المطارنة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، تبقى في انتخابات رئاسة الجمهورية كي تشكل حجر الزاوية لعودة الجميع الى ضميرهم وحسهم الوطني وتخطي الخلافات للاتفاق على حل ما يؤمن عودة المؤسسات الدستورية الى عملها ويؤدي الى عودة الحياة الطبيعية الى لبنان وطمأنة اهله.

 

هل البيان "خريطة طريق" للاستحقاق الرئاسي، في رؤية اوساط الصرح ان بيان المطارنة كان ضروريا لأخراج البلاد من المأزق الذي يراد لها ان تتخبط فيه وصولا الى خرابها، اما الجدل المستمر فلا نتيجة له الا عدم تأمين النصاب لعقد جلسة انتخاب الرئيس وسينتهي الامر عندها بكارثة وطنية، لذلك كان لا بد من موقف صارم من الكنيسة لمواجهة انهيار الوضع وحض طرفي النزاع على كسر حلقة الحوار المفرغة، والانطلاق في نقاش جدي من اجل رئيس توافقي يملك الكفاءات اللازمة والمواصفات التي تؤهله لأعادة تركيب السلطة المفككة في لبنان وهذا هو الحل الانسب.

 

يخشى احبار الموارنة ان يؤدي عدم الاتفاق بين اللبنانيين في موضوع الرئاسة الاولى الى وصول رئيس فئوي يؤدي الى مواجهة بين اللبنانيين، لكن تعذر الاتفاق في رأيهم يجب ان لا يكون سببا لتعطيل جلسة انتخاب الرئيس الذي ترى بكركي انه يجب ان يكون قويا لا العوبة في يد اي كان. لكن تحديد عوامل القوة واسع، فهل هو المرشح الذي يملك قوة شعبية ام حزبية ام الذي يملك كتل برلمانية. الصفات هي اولا ان يكون مارونيا، ونزيها فكريا ووطنيا ومتشبثا بالمبادئ الاساسية التي قام عليها لبنان والاهم ان يكون ماضيه نظيفا ومنفتحا على الاخرين وان لا يكون رئيسا فئويا.

 

تصر اوساط بكركي على التأكيد بحدة، ان دعمها عملية انتخاب رئيس الجمهورية ضمن الاطر الدستورية، لا يعني ابدا السماح بأستغلال هذا الوضع من القوى المتصارعة من اجل انتخاب رئيس من لون وانتماء معين. والاكثرية والاقلية لا تستطيعان فرض رئيس "على ذوقهم" واستغلال الانقسام المسيحي للاتيان برئيس ضعيف يؤدي بالبلاد الى مآزق جديد، وبرأيها ان تاريخ لبنان التعددي يضم كل الفئات اللبنانية معا ولن تستطيع فئة ما وايا كان حجمها الاستئثار بالبلد وحكمه في معزل عن موافقة الاخرين.

 

لا يبدو ان زعماء الموارنة الروحيين يعلقون امالا كثيرة على امكان وحدة السياسييين المسيحيين في التعامل مع استحقاق الرئاسة الاولى على نقيض تعاطي السنة والشيعة بالاجماع مع الرئاستين الثانية والثالثة، لذلك تقدم الاوساط العرافة خيار الاتفاق على مواصفات الرئيس بديلا من طرح اسماء محددة، اصبحت كلها معروفة وكل الناس تتحدث عنها. اما عن كلام السياسييين وخصوصا من غير المسيحيين، انهم وراء البطريرك صفير في كل ما يقرره في الموضوع الرئاسي فترد، ان بكركي تحسن التمييز بين الخطاب السياسي والمواقف الحقيقية على الارض. واذا كان السياسيون صادقون في السير وراء خيار البطريرك فهل هم قادرون على مجاراتها في هذه الخيارات، وهل سيمتنعون اذا تعرضت مع مصالحهم السياسية والطائفية "ونحن لا نقبل اهانة البطريرك والتلطي ورائه من اجل امور وغايات صغيرة، كي تنتهي الامور على طريقة "اما مخايل الضاهر او الفوضى".

 

في بكركي كلام انها لا تستطيع ان تكون على الحياد وفي حال اللامبالاة امام الاستحقاق الكبير الآتي والذي قد يتسبب الفشل في التعامل معه الى تهديد حاضر لبنان ومستقبله و"كل ما بناه الاجداد"، لذلك يهتم فريق بمتابعة الامور في شكل شبه يومي لدرس سبل الخروج من المآزق الذي يتخبط فيه لبنان. 

 

اما عن توجهات السياسة الاميركية في لبنان وموقفها انتخابات الرئاسة الاولى، فالجواب اكثر حدة :"الاميركيون يعملون لما فيه مصلحة بلدهم وهم ينفذون سياستهم الخاصة بهم وما يتناسب معها، لذلك نحن نتحرك ونحذر المسيحيين خصوصا وندعوهم الى التوحد كي لا يفرض عليهم رئيس سوري او اميركي او انكليزي. وما تقوم به بكركي هو دعو الى المناعة الوطنية لأن مصلحتنا كمسيحيين هي في بناء الرئاسة الاولى القوية والقادرة ".

       

 بيروت في 12/5/2007