مشروع دمقرطة
الشرق الأوسط
الكبير !!!
هل يكون
لبنان هو
البلد المؤهل
لإعطاء دول الشرق
دروسا في
الديمقراطية
إنفتاح لبنان على
المتوسط
أعطاه آفاقا
حضارية وفكرية
واسعة
فكان أرض اللقاء
الحضاري
والمساواة
بين جميع أبنائه
بقلم: بول خيّاط *الحلقة
السابعة
ملاحظة
هامة : نلفت إنتباه
القراء
الكرام الى
أنه تمّ إعداد
هذه الدراسة
قبل الحرب
الحاقدة التي
تشنها
إسرائيل على
لبنان
منذ 12 تموز 2006.
مقدمة
الحلقة
السابعة :
بعد أن إستعرضنا
في الحلقات
السابقة
تصوّرنا حول
المهمّات والوظائف
التي نقدّر
أنها ستلقى
على عاتق من
يتولى مهمة نشر
الديمقراطية
في الشرق
الأوسط
الجديد وفق المشروع
الذي بدأ
أميركيا
وأصبح الآن
يحظى بشبه
بموافقة
أممية
ودولية،
وعددنا
الشروط والمؤهلات
التي نتصوّر أنه
يقتضي توفرها
في المرشح
لهذه
المهمّة، تساءلنا
من تراه يكون
كفأ لهذه
المهمة ثم
بدأنا
نستعرض
مؤهلات
لبنان ومدى إنطباقها
على
هذه الشروط ؟؟؟
وتحدثنا عن عروبته
ومدى إلتزامه
بالقضايا
العربية ... وفي
الحلقة
الأخيرة
بيّنا كيف أن إستقلال
لبنان كان
شوكة في عيون
إخوته
الحاسدين،
وطالما إنتظر
الترياق من
الجامعة
العربية
ولكنه لم يحظى
إلا بالوعود السرابية...
وأوضحنا
كيف أن
دبلوماسيته
خدمت القضية
العربية وبدل
أن يكون العرب
أوفياء له
خوّنوه
وطعنوه وهدّموه
وها هم
يتفرجون عليه
الآن وهو
يحترق....
نتابع
البحث
رفض
إغراءات زوجة فوطيفار
العصرية
هذا
الوطن
المسلوب
الإرادة
والمقصوم
الظهر لم تقوَ
على إغوائه
زوجة فوطيفار
العصرية ،
فرفض
التنكر الى
الذين تنكروا
له، فمزّق إتفاق
17 أيار 1984 ،
مفضلا أن يكون
آخر الموقعين
على إتفاقات
السلام مع
إسرائيل، في
حين تدافع
أكبر أشقائه
لإبرام إتفاقات
السلام مع
الدولة
العبرية،
وأبرموا هذه الإتفاقات،
وفتحوا لها
قلوبهم
ومعارضهم وفنادقهم
وقصورهم... . ومنهم
من ظنّ نفسه
بأنه يستطيع
أن يأكل أكثر
من شبعه، فرفع
سقف مطاليبه
ولكنه كان في
الواقع
كمن لا يريد
أن يزوج إبنته
فيرفع قيمة
مهرها كثيرا...
أو ربما
إدراكا منه
بأن التوصّل الى إتفاق
مع إسرائيل
كان
سيسقط من يده
حجة يتمسك بها
لأنها أصبحت موردأ
يدرّ عليه
ملايين
الدولارات
عند إشراقة
كلّ شمس...
بربكم من يضحّي
بدجاجة تبيض
كلّ يوم بيضة
من ذهب، لكي
يأكل لحمها؟؟!!
بالطبع لا أحد
... ولاعتب....
في الصيف
ضيّعت اللبن
وها هي الآن
جميع الدول
العربية تستعطف
إستئناف
المفاوضات مع
إسرائيل مهما
كان الثمن - في
الخفاء- ، شرط
المحافظة على
مظاهـر
الصمـود
والتصـدّي- في
العلن - . ولكن
صدق فيهم
المثل العربي
القـحّ " في
الصيف ضيّعت
اللبن ".
وها نحن كلنا
نحصد النكسات وخيبات
الأمل وتذبح
القضية
الفلسطينية
وتغتصب، في
كلّ يوم، إغتصابا
مريعا تحت
أعين إخوتها
الفحول!!! وليس
فيهم من يحرّك
ساكنا ( مسكونا)
من الخليج الى
المحيط...
على هذا
الأساس فإن
لبنان وحده،
وبدون أية مبالغة، يستطيع
أن يرفع رأسه
عاليا بأنه
عربي إكثر
من كلّ مدّعيي
العروبة لأنه
قرن الإيمان
بالعمل في حين
إكتفى
الآخرون
بالكلام
والخطابات
الرنانة .
وإلا
فماذا جنى
العرب من زعيق
أحمد سعيد،
وعنتريات
أحمد الشقيري،
والتهديدات الدونكيشوتية
التي كان
يطلقها
وزير
الإعلام
العراقي محمد
سعيد الصحّاف
مبدع نقيصة العلوج،
وهذه عيّنة
صغيرة ، وغيض
من فيض.... فهل
يقتضي بنا أن
نكمل تعداد
الأسماء التي
ساهمت أكثر من
أي شيء آخر في
إلحاق
النكسات
بالعرب
وبالقضايا العربية؟؟ ويحق
لنا أن نسأل المتنطحين
العرب، هل
ساهم لبنان
يوم كان سليما
ومعافى ، أوساهم لبناني
واحد في
التاريخ
الحديث، في نكسة
عربية واحدة
؟؟؟
إذن
لماذا عروبة
لبنان هي دوما
موضع
شك؟؟ إلا
إذا كان
المقصود بذلك
أمورا
وأسبابا غير
معلنة؟؟؟؟ ولكنها
مكشوفة
ومعروفة... ومن لم
يكشفها أو
يعرفها بعد،
نحيله الى
التطبيقات
العملية التي
تنمّ عن تفاوت
في المعايير
والمفاهيم
التي تتنافى
مع أبسط قواعد
الديمقراطية.
شرط
المعرفة والإنفتاح
وقبول
الآخرين
كما أوضحنا
سابقا أن
الديمقراطية
لا تقوم إلا
على العلم
والمعرفة وإحترام
رأي الآخرين
في الوطن ،
وهذه كلّها هي
نتيجة الإنفتاح
لأن الإنفتاح
نقيض الإنكماش
والتقوقع، والإنفتاح
لا يعني أبدا الإنفلاش
بمعنى
التغلغل وإقتحام
مجالات
وخصوصيات
الآخرين .
كان
لبنان منذ فجرالتاريخ
الحضاري للأنسان،
وبحكم موقعه
الجغرافي
المميّز على شواطىء
البحر الأبيض
المتوسط،،
ونظرا
لطبيعته الجبلية
العالية
المشرفة على
البحر الأبيض
المتوسط الذي تتشاطىء
عليه
أراضي
وأقاليم
حضارات قديمة
وعريقة نذكر
منها على سبيل
المثال لا
الحصر حضارات
الدول المدينية
City State Civilizationالمنتشرة
على الشاطىء
الشرقي
للمتوسط من أوغاريت
شمالا الى
جبيل
وبيروت وصيدا
وصور وعكا
وأورشليم،
وصولا الى
بلاد الحضارة
اليهودية ثم
الحضارة
الفرعونية
على ضفاف نهر
النيل في
الجنوب... وفي
الشمال على
الحضارة الحثّية
والحضارة
اليونانية
الإغريقية
على تنوّعها ( الطروادية
وألأثينية
والسبارطية
والمايسينية
والكريتية،
والحضارة
الرومانية
والحضارة البيزنطية
ثم باقي
الحضارات
الأوروبية في
التاريخ
الحديث
والمعاصر ....
كان
لبنان ممرا
فاعلا
ومتفاعلا مع
كلّ الحضارات،
وعلى مدى ما
يقرب من ستة
آلاف سنة، فكان
جسرا لها ومركز
تقاطع الطرق
التي تصل هذه
الحضارات
بعضها ببعض.
إنفتاح لبنان على
المتوسط
أعطاه آفاقا
واسعة
للتأكيد
على هذه
الخصوصية
المميزة،
أستعير ما
ذكره
المفكّر
العراقي سليم
مطر مؤلف كتاب
" جدل الهويات"
في حاشية
أوردها في
معرض مقارنته
بين الدول ذات
الطبيعة
المنفتحة
وتلك التي
تتميّز طبيعتها
بالإنغلاق يقول
الأستاذ مطر
في الصفحة 51 من
كتابه:
"....
أما العامل
الجغرافي
الثاني الذي
يميّز
الأكراد عن
السويسريين
فإنه يتمثّل
بكون الجبال
الكردية مغلقة
وممراتها
ضيقة ومحدودة
لم تسمح بمرور
التجّار
والغزاة
المغامرين وإختلاطهم
وإستقرارهم
مع السكان،
وهذا ما منع
من تشكّل أي
مركز حضاري
تاريخي معروف
في المناطق الكردية
رغم وجود
الحضارات
الكبرى
المحيطة: العراقية
والإيرانية
والأناضولية ....
". ويوضح في
الحاشية
قائلا:" لدينا
على العكس،
المثال
اللبناني – حيث
أن الجبال
تطلّ على ساحل
البحر
المتوسط مما
سمح للبنان أن
يكون مدنا
حضارية عريقة
تستمد ناسها
من الجبال
المحيطة، وتستلهم
روحها الإبداعية
من إنفتاح
البحر
المتوسط
وموانئه
الغنية" .
لبنان
أرض اللقاء
الحضاري
ولكن
أجمل ما يعبّر
عن إنفتاح
جبال لبنان
وشواطئه على
آفاق الفكر
والحضارة
الإنسانية
الواسعة
الأفق ، هو ما
قاله
الشاعر
والمفكر
اللبناني
العملاق الأستاذ
سعيد عقل،
أطال الله
بعمره، عندما
يقول:
هنا على شاطىء أو
فوق ربى تفتّح
الفكر خلت
الفكر نيسان
هذا الإنفتاح
يعني إختلاطا
بالآخرين
الذين
يختلفون عنه
عرقيا
وحضاريا ودينيا
وإجتماعيا،
وهو يعني أيضا
تفاعلا مع
الآخرين وقبولا
لهم. هذه
العناصر
الثلاثة ( الإختلاط
والتفاعل
والقبول ) هي
من ركائز
الروح
الديمقراطية
، لأن
الديمقراطية
الحقيقية لا
تقوم في
الأساس، بين
أناس
يجمعهم اللون
الواحد والفكر
الواحد
والعقيدة
الواحدة
والهدف الواحد
والمفهوم
الواحد فقط، إنما هي
طريقة حضارية
للتعايش بين
متمايزين ...
وقد أثبت
لبنان عبر
تاريخه
الطويل أنه " أرض
اللقاء" كما
أطلق عليه هذه
التسمية
الرائعة أحد
المؤرخين
المستشرقين،
إذ وصفه
بالفرنسية: La terre de rencontre
، لأن اللقاء
يفترض حكما
وجود أكثر من
شخص واحد أو
عنصر واحد أو
عرق واحد أو
عقيدة واحدة
أو دين واحد. اللقاء
يفترض
التنوّع،
ويفترض أيضا القبول بالتنوع
والتمايز. والتعايش
المتساوي بين
المتمايزين
هو أولى خطوات
الديمقراطية،
إذ لا مجال
للديمقراطية
في حال رفض
الآخرين
المتمايزين،
كما لا مجال
للديمقراطية
في حال
التعايش بين
غير متساوين
في الحقوق
والواجبات
مهما كانت
التبريرات
التي تعطى لشرعنة
عدم المساواة
التامة وغير
المنقوصة،
ومهما كانت
مصادر هذه
التبريرات
وضعية كانت أم
غير وضعية ...
لأن
الإنسان إما
أن يكون
متساويا مع
أخيه الإنسان
في كلّ شيء
ودون أي
تمييز، وإلا
فإنه يكون
إنسانا ناقص
الحقوق، أي
إنسانا من
درجة ثانية
غير متساوية
مع درجة
الإنسان
الآخر الذي يُعطى
إمتيازا
بسبب عرقه
ودينه
وعقيدته، في حين
يُحرم الآخر
من الإمتياز
عينه وأيضا بسبب
عرقه ودينه
وعقيدته ....
نتابع في
الحلقة
الثامنة
القادمة بحث
المساواة بين
المواطنين
·
كاتب
و صحافي
لبناني مقيم في
ملبورن – أستراليا