مشروع
دمقرطة
الشرق الأوسط
الكبير !!!
هل
يكون لبنان هو
البلد المؤهل
لإعطاء دول الشرق
دروسا في
الديمقراطية
التاريخ
يعيد نفسه
وسيرة يوسف الحسن
في طبعة
جديدة لأن
لبنان هو في
الواقع
الأخ
الذي حسده
إخوته فباعوه
لشيطان الحرب
وقد جاء
دوره لا
لينتقم بل
ليخلّصهم من
خطر السنين
العجاف.
بقلم: بول
خيّاط * الحلقة
الخامسة
بعد أن إستعرضنا
في الحلقات السابقة
تصوّرنا حول
المهمّات
والوظائف
التي نقدّر
أنها ستلقى
على عاتق من
يتولى مهمة
نشر
الديمقراطية
في الشرق
الأوسط
الجديد وفق
المشروع الذي بدأ
أميركيا
وأصبح الآن
يحظى بشبه
بموافقة أممية
ودولية،
وعددنا
الشروط
والمؤهلات
التي نتصوّر
أنه يقتضي
توفرها في
المرشح لهذه
المهمّة، نتساءل
عن من تراه
يكون كفأ لها؟؟؟
حسدوه...
فقتلوه
يقينا
منا بأن لبنان
ما بعد عام 1975،
أي لبنان الحالي
لن يرشح نفسه
الى لعب دور
الزارع لبذور
الديمقراطية
في أرض هذا الشرق
لأن الذين
كانوا قابضين
على زمام
أموره،
الكبيرة
والصغيرة، لن
يسمحوا له
بذلك... كما أن
إخوته العرب
ما أنزلوه
أصلا في بئر
الظلمة
والفوضى إلا
لكي يحجبوا
ألقه وتفوقه
عليهم في
مجالات
الإنفتاح الفكري
والحضاري
والإقتصادي
والإجتماعي
والسياسي
...لإنهم
إمتلأوا حسدا
منه
تماما
كما إمتلأ
إخوة يوسف-
عليه السلام- من
شقيقهم
الصغير بسبب
تفوّقه عليهم
في الذكاء
والمعرفة
والحلم
والرؤية
المستقبلية،
فحقدوا عليه
وعقدوا النيّة
على التخلّص
من " صاحب
الأحلام " كما
كانوا
يسمّونه غيرة
وحسدا... وكانت
خصاله
وشمائله
النبيلة
المتسامية هي
التي تثير
نقمتهم
وغضبهم فأعمت
الغيرة
بصيرتهم،
فرموه في
بـئـر حقدهم
الأسود ونياتهم
الشريرة، ثمّ
أنّبهم
ضميرهم الحاقد
على فعلتهم،
فأشفقوا
عليه وأخرجوه
من البئر لا
ليعيدوه الى
والدهم حيّا
يفضح فعلتهم،
بل ليبيعوه
رقيقا الى
قافلة من
التجار كانوا
في طريقهم الى
مصر....
والقارىء الكريم يعرف
حتما تتمة
القصّة
التوراتية وكيف
أن يوسف رغم
حقد إخوته
وظلمهم رأى في
عملهم الشنيع
إرادة ربانية
ساقته الى مصر
لكي يكون هو
منقذ أبيه
وأخوته من عوز
السنين
العجاف....
أليست
هذه هي قصّة
لبنان مع
أشقائه
العرب؟؟ ألم
يحسد الأشقاء
العرب لبنان
على طبيعته
الجميلة؟ ألم يغاروا
من شعبه
المنفتح على
التيارات
الحضارية والفكرية
؟؟ وحسدوه على
إزدهاره
إقتصاديا
جعله سويسرا
الشرق في حقل
المصارف
والسريّة
المصرفية
التي كانت سبب
تدفق أموال
الدول النفطية
إليه... فغدا
عملاقا
إقتصاديا في
الشرق بالرغم
من شحّ ثرواته
الطبيعية
مقارنة مع الثروات
التي في باطن
أراضي أشقائه.
نعمة
للبنان
ونقمة
للعرب
حسدوه
على نظامـه
الديمقراطي
الذي كان
يتمتـع به
منـذ العقـد
الثاني من
القـرن العشريـن،
هـذه
الديمقراطية،
حتى في أضعف
نسبها
المئوية،
كانت تشكّل
مخرزا في عيون
حكّام الدول
العربية
القاصية
والدانية، وباللمقابل
كانت في نظر
شعوب هؤلاء
الحكام
نقطة مقارنة
فاضحة عرّت
الحكّام حتى
من وريقات
التين
التي حاولوا
بها ستر عورات
أنظمتهم
اللاديمقراطية
...
أجل تلك
المسحة
الديمقراطية،
التي نعترف
بكلّ واقعية،
بأنها لم تكن
مثالية مئة
بالمئة، وقد
نعم بها
اللبنانيون
منذ عام 1920
لغاية 1975 ، كانت هي
منتهى أماني شعوب
الدول
العربية ... لأن
الشعوب
العربية كانت
تحسد
اللبنانيين
على تلك النعمة
في حين أن
حكامهم كانوا
يعتبرونها
نقمة لعينة....
لذلك قرروا
وبإجماع
وتضامن
بعضهم،
وبتخاذل و" تطنيش
" بعضهم
الآخر،
القضاء على
هذا النموذج الفريد
الذي كان يزعجهم
كثيرا ويقضّ مضاجعهم
فهدموه
ودمروه بكل
سادية،
وتركوه فريسة
لحسدهم
وحقدهم
الأعمى....
عناقيد الحقد ...
وجزية
الكلمات
أستعير
هنا
سطرين من
قصيدة
الشاعر
الثائر نزار
قبّاني –
رحمات الله
الواسعة
عليه-
وهي بعنوان : البحث
عن مساحة
للكتابة... "....
وكشف طبيّ
سريع على جسد
هذا الوطن
العربي
المتورّم،
يثبت أن ما بداخله
ليس سوى
عناقيد حقد..
وأكياس صديد
.... "
وفي
قصيدته
يا ستّ
الدنيا يا
بيروت، يقول :
" ... ها نحن
أتينا... معتذرين...
ومعترفين...
أنّا
أطلقنا النار
عليك بروح قبلية
.. فقتلنا
امرأة ... كانت
تدعى ( الحريّة)
....
وفي مكان
آخر يقول:.... ها أنتِ
دفعتِ ضريبة
حسنك مثل جميع
الحسناوات،
ودفعتِ
الجزية عن كل
الكلمات... "
" .... نعترف
الآن ... بأنّا
لم ننصفك... ولم
نعذرك... ولم
نفهمك...
وأهديناك
مكان الوردة
سكينا... "
" ... نعترف
الآن .. بأنأ
كنا ساديين
ودمويين ... وكنّا
وكلاء
الشيطان ... "
إذن هل أن
تصرّف
الأشقاء
العرب إزاء
محنة لبنان كما وصفه
الشاعر
الثائر
المرحوم نزار
قبّاني في قصائده
التي صارت مضبطات
إتهامية على
جريمة قتل
الأخوة العرب
شقيقهم
الأصغر حسدا
وغيرة، نسأل
بإلحاح: هل تصرفات
الأشقاء
العرب
الموصوفة ضد
لبنان وعلى إمتداد
أكثر من ربع
قرن
تختلف في شيء عن
تصرّف أشقاء
يوسف الحسن
عليه السلام؟؟؟
المؤمنون
بلبنان
يرشحونه
إن
لبنان ما بعد 1975
ليس قادرا-
الآن -
على ترشيح
نفسه لمهمّة
تعليم إشقائه
الديمقراطية
التي حسدوه
عليها .... نقول:
أنه
ليس قادرا
على ترشيح
نفسه، ولم نقل
أنه غير راغب
أو غير مؤهل
لأن يكون هو معلّمهم
ومرشدهم في
هذه الطريق
الجديدة الصعبة
التي سيكون
مردودها خيرا
على شعوب
المنطقة كلّها
.... تماما كما
كان مردود
قصّة بيع يوسف
الحسن الى
التجّار
القاصدين
مصر.... فيوسف في
السيرة
التوراتية أنقذ
أهله وشعبه من
الجوع
والعوز، ولبنان
المعافى
يستطيع أن
يشبع جوع
الشعوب الشقيقة
في المنطقة
الى
الديمقراطية
التي مارسها
مدة تزيد عن
خمسين عاما...
لبنان
هذا لن يجسر
على ترشيح
نفسه، غير أن
المؤمنين به
وطنا حضاريا،
تغوص جذوره
الحضارية
والإنسانية
الى عمق
التاريخ،
والذين
يؤمنون بأن لبنان
قبل أن يكون
وطنا هو
رسالة،
وأبناءه
المخلصون
المنتشرون في
أصقاع الأرض
لن يتخلّوا عن
الأيمان
برسالة وطنهم
الإنسانية
والحضارية،
لذلك فهم
الذين
يرشحونه الى
هذه المهمّة
التي يؤمنون كلّ
الإيمان بأنه
مؤهل
للقيام بها .
ولكن كيف
تتطابق
المواصفات
المطلوب
توفرها في
المرشح على
لبنان؟؟؟
في عروبة
لبنان
وإهتمامه
بالقضايا
العربية
منذ عهد الإستقلال
كان لبنان ذا
وجه عربي غير
أن أشقاءه طعنوا
بعروبته
وشككوا بها،
لأسباب
مكتومة
أحيانا
ومعلنة
أحيانا أخرى...
وفي كلا
الحالين لم
يكن التشكيك
بسبب مواقف إتخذها
لبنان ضد
الأشقاء
العرب، إنما
لأسباب متزمتة
عزاها البعض
الى التوزيع
الطائفي للمناصب
الرئيسية في
الدولة الذي
توافق عليه اللبنانيون
فيما بينهم وسمّي
آنذاك بـ "
الميثاق
الوطني" .... ظل
هذا التشكيك
قائما وتعرّض
لبنان الى
خضّات سياسية
قاسية تغلّب
فيها السياسيون
المعتدلون
والمتعقلون
على مشاريع
الضمّ
والتذويب
ومحاولات
تغليب فئة على
فئة وكان أن
خرج لبنان من
المحنة
القاسية التي
مرّ بها
في صيف عام 1958 بشعار
" لا غالب ولا
مغلوب " على
أمل أن تكون
الأحداث
الدامية
سحابة صيف
ولّت... ... ولكن
هذا الشعار /
الحلّ
لم يرق للذين
كان تزعجهم تركيبة
" الميثاق
الوطني" ....
فأعيدت الكرة في عام 1975
تحت شعارات
كان ظاهرها
حقّ وباطنها
باطل... (
المحرومون،
الطائفية
السياسية،
الإحتكارات
الطائفية
للمناصب،
المطالبة
بإجراء
الإحصاءات
السكانية على خلفية مقولة"
مَن أكثرعددا
مِن مَن " وقد أدت
هذه كلّها في
الواقع الى
تعميق الهوّة
بين اللبنانيين
أنفسهم، ولكن
دوزنة نغمات
الأحداث
الأليمة كانت
تتمّ في
الواقع على
الضرب على الأوتار
الطائفية
البغيضة...
وتحوّل صراع
اللبنانيين الى
تناتش
المغانم
والأسلاب
وتقاسم تركة
الوطن الذي
أدخله
اللبنانيون
أنفسهم ولكن
بتشجيعات
خارجية ومن كلّ
الجهات في طور
ما يسمّى
قانونيا
وشرعيا بـ " مريض
الموت " الذي
يبدأ
الطامعون
بتركته
بالتناحر وكل
يسعى لإقتناص
الحصّة
الأكبر... فكان
الطامعون
بلبنان
والمحسودون
منه
والحاقدون
عليه، هم
الرابحون، وكان
لبنان في
النهاية هو
الخاسر
الأكبر
لبنان
وحده جابه خطر
التتريك
وعندما
أصبح لبنان
عربيا بعد
إتفاق
الطائف، ظل
مشكوكا
بعروبته. وقد
تناسى كلّ المشككين
به ،
دور لبنان في
المحافظة على
اللغة
العربية من
خطر " التتريك
" أيام كان كلّ
العرب من
الخليج
الفارسي
آنذاك ، الى
شواطىء
المتوسط
والقرن
الأفريقي
ومصر،
يبايعون
السلطان
العثماني
الخلافة
الإسلامية
حتى غدا
السلطان
العثماني
خليفة
المسلمين و
حامي الحرمين
الشريفين.
كان
العرب كلهم
تقريبا
آنذاك
يباركون
سياسات الباب
العالي، في وقت
كان لبنان هو
البلد الوحيد
في المنطقة
الذي كان
يتمتع بنوع من
الإستقلال
الذاتي في عهد
الأمراء
المعنيين
والشهابيين، وفي
عهد
القائمقاميتين،
ثم إكتسب
مزيدا من الإستقلال
الذاتي في
نظام
المتصرفية الذي
إنتزع
إنتزاعا من
مخالب
الباشاوات
العثمانيين ..
في تلك
الأيام كانت
الأديار
المسيحية في
الجبال
اللبنانية هي
المعقل
الوحيد للغة
العربية وكان
للبنان شرف
إدخال أول
مطبعة الى
الشرق... ولا
يخفى على ذوي
الإدراك ما
تعنيه المطابع
من نور وتنوير
وعلم وثقافة
وإنفتاح... ومع
ذلك ولسبب
من الأسباب ،
ظلت عروبة
لبنان موضع شك
وريبة وكأن
المشككين
أكثر منه خدمة
للعرب...
يتبع
في الحلقة
السادسة
*
كاتب وصحافي
لبناني مقيم
في ملبورن
أستلراليا