مشروع دمقرطة الشرق الأوسط!

المواصفات الخاصة بوظيفة الجهة التي ستشرف على تنفيذ المشروع

لائحة  الشروط والمؤهلات المطلوبة في المرشح لها؟

بقلم:  بول خيّاط

الحلقة الرابعة

 

إستعرضنا في الحلقتين السابقتين الظروف التاريخية التي طبعت شعوب  دول الشرق الأوسط  بطابعها وكّونت الى حد ما مفاهيم هذه الشعوب إزاء" الحاكم والمحكوم" . وقلنا أن هذه الشعوب هي في الواقع التربة التي ستزرع فيها بذور الديمقراطية وتساءلنا عمّا إذا كانت هذه التربة صالحة لنمو بذور الديمقراطية فيها؟ وأبدينا الشك في  صلاح هذه التربة وذلك ليس لأن الشعوب تفتقر الى الرغبة في ممارسة الديمقراطية بل لأن الظروف التاريخية وخاصة عقلية السلطنة العثمانية التي حرمت الشعوب الواقعة تحت سيطرتها من بديهيات الحقوق والحريات العامة للإنسان، الأمر الذي دفع الشعوب  المهمّشة الى مزيد من الإبتعاد عن التعاطي في الشأن العام في نوع من التقيّة وحذر الملدوغ و مخافة بطش الحكام.

 

وخلصنا الى القول بأننا نتصوّر بأن هناك دورا ما يجري التخطيط له لكي يكون لاعب هذا الدور هو عرّاب نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير وهذا يستوجب حكما بأن لهذا الدور أو الوظيفة مواصفات خاصة ومهمّات معينة تكون بمثابة ما يسمّى بالـ Duties statement  ، التي إستعرضناها بالتفصيل في الحلقة السابقة  كما أنها تفترض وجود بعض الشروط والمؤهلات الأساسية الضرورية التي يجب أن يتمتع بها المرشح لهذه الوظيفة.

 

وأننا في نطاق تصوّرنا هذا  نتصوّر ماهية هذه الشروط والمؤهلات.

 

 ثانيا: الشروط والمؤهلات المفروض توفرها في المرشح:

 

ونتصوّر أيضا بأن  الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر في المرشح يمكن أن تكون التالية:

 

أ - أن يكون المرشح عربيا غير أجنبي، وهذا شرط أساسي وضروري جدا، خاصة وأن هذا الشرط قد تحدد نتيجة ما رشح  من معلومات عن مؤتمر القمّة العربية التي إنفرطت ثم إنعقدت مؤخرا في تونس والتي رفضت فيها  معظم الدول المشاركة أن تكون الإصلاحات الدستورية المقترحة أتية من الأجنبي.

 

ب – أن يكون القائم بالإصلاح متعاطفا مع القضايا العربية ومطالبها القومية المحقّة.

 

ج – أن يكون المرشح للمهمّة  ملما بخصوصيات المنطقة وتقاليدها ومفاهيمها الإجتماعية والثقافية والحضارية. على إعتبار أن لكل منطقة جغرافية زراعاتها الخاصة فالزراعات الإستوائية لا تنمو في المناطق المعتدلة او الباردة، والنباتات الساحلية لا تنمو في المناطق الجبلية وأن زراعات السهول والهضاب الخصبة لا تنمو في المناخات الصحراوية، والعكس بالعكس وكذلك فإن ألأفكار والمبادىء الدستورية والحقوق الإنسانية والنظم السياسية تختلف هي أيضا بإختلاف المناطق الجغرافية وبالتالي بإختلاف الشعوب على إعتبار أن الحقوق الإنسانية الأساسية للإنسان في القطب الشمالي  ليست هي ذاتها الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان في القطب الجنوبي فالأول إنسان شمالي والثاني إنسان جنوبي،  فكيف يمكن أن تكون لهما نفس الحقوق!  

 

د – أن يكون المرشح للوظيفة ذا خبرة واسعة في مجال الممارسة الديمقراطية. وعليه أن يقدّم ما يثبت تمرّسه بالديمقراطية وبأصول اللعبة الديمقراطية وأن يكون سجلّه العدلي في المراجع الدولية يشهد له بذلك.

 

هـ - أن يكون ذا أفق منفتح ويتمتع برؤية مستقبلية واضحة وثاقبة.

 

و -  أن يكون بعيدا عن الأنانية ويتمتع بروح غيرية تؤهله للتضحية بنفسه في سبيل الآخرين.

 

ز – أن يكون من المشهود لهم بسعة علمهم وإطلاعهم في المجالات الثقافية والسياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأن يكون ذا عمق تاريخي وحضاري عريق مشهود له به .

 

ح – أن يكون من غير الذين تلطخت أيديهم في جرائم ضد الإنسانية أو جرائم عرقية أو دينية أو مذهبية. وأن يكون إسمه غير مدرج في تقارير المنظمات الدولية ومحكمة العدل الدولية في لاهاي بأنه لم يتورط في جرائم التطهير العرقي. 

 

ط – أن يكون من الذين يضعون حقوق الإنسان فوق كل إعتبار آخر، وفي أعلى درجات الأولوية في الحياة السياسية وأن تكون سمعته حسنة وصفحته ناصعة البياض لدى منظمات حقوق الإنسان .

 

ي -  أن يكون ذا عمق إقليمي مشهود له به، بحيث يمكن أن يكون عاملا إيجابيا لتقريب وجهات النظر وأن لا يكون من الذين لعبوا أدوارا سلبية تتضارب مع المصالح الإقليمية في المنطقة أو تسيء إلى  أي دولة إقليمية صديقة. وأن لا يكون من الذين يلعبون على الحبلين فيجاهر بمناصرة الواقف المنتصر، وبمعاداة الواقع  المغلوب وأن لا يكون من الذين ينقلون - وبسرعة البرق -  البندقية من كتف الى كتف.

وأن تكون مواقفه ثابتة لا تتزعزع ولا تتبدّل بحركة زئبقية متقلبة أين منها حركة ميزان طوريشيللي  للطقس أيام العواصف والأعاصير والسيكلونات.

 

- ك - على المرشح أن يعي تماما  بأن الديمقراطية الحقيقية هي ممارسة يومية معيوشة، وأنها عملية خلق مستمرة ومتتابعة، تتطوّر بتطور الحياة ومتطلباتها، وهي ليست نصوصا مكتوبة تظل حبرا على ورق، ولا هي نصوص تجعل الإنسان عبدا لها، لأن النصوص وجدت في الأساس لخدمة الإنسان وأنها لم تكتب  لكي يخدمها الإنسان ويحنّطها فيتحنّط هو أيضا معها ويدخلان معا أجنحة المتاحف للكائنات المنقرضة والحضارات المندثرة.  

 

ل -  وعملا بالإعلانات التجارية. "و تنطبق بعض الشروط " المعروفة بالعبارة المألوفة " Conditions apply " وهي شروط توضع إستنسابيا للتطبيق.

 

من هو المرشح الكفوء لملء هذه الوظيفة؟

 

هذه بعض الواجبات والموجبات والشروط  المطلوبة في المرشح.

 

ولكن من هو الذي تتوفر فيه هذه الشروط أو معظمها على الأقل لكي يكون مؤهلا للقيام بهذا الدور الطليعي الرائد أي زرع الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير ؟؟؟ 

 

هذا ما سنتطرق إليه في الحلقة القادمة من "أحداث وآراء".