عبدالرحيم مراد المخبر الذي كلفه السوريون بالتجسس على رفيق الحريري  

كتب حسن صبرا

الشراع 5 حزيران/09

 

لم يكن احد في حزب الاتحاد الذي تناوب عبد الرحيم مراد على رئاسته هو وشقيق زوجه رفيق يجهل ان مراد (عبدالرحيم) كان يبذل جهداً مستميتاً لنسف كل ما يذكر الناس انه يعمل في حزب ناصري، فكلمة الناصرية عنده كانت تهمة يعمل على اسقاطها عن نفسه، والغائها عن الحزب، وقد نجح في اول الامر في الغاء ثلثي تسمية الحزب، فبعد ان كان اسمه حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، الذي اسس عام 1974 تيمناً بالتنظيم السياسي في الجمهورية العربية المتحدة في عصر جمال عبدالناصر في مصر، اصبح يعمل تحت اسم حزب الاتحاد.. تحت زعم اختصار الاسم، رغم ان الناصريين في كثير من البلاد العربية، اعتمدوا هذه التسمية بدءاً من الناصريين في سوريا حيث يوجد اكثر من اتحاد اشتراكي حتى اعتمدها العقيد معمر القذافي عندما اسس اول تنظيم سياسي في ليبيا، وكذلك نشأ اتحاد اشتراكي عربي في العراق وعند ناصريين آخرين في لبنان وفي السودان في عهد جعفر نميري عندما كان ناصرياً.

 

وكان ابرز صدام بين عبد الرحيم مراد ونائبه في قيادة الحزب عمر حرب.. هو حين انشأ حزب الاتحاد الاشتراكي العربي مجمع جمال عبدالناصر الرياضي في البقاع بتمويل كامل من الرئيس المظلوم رفيق الحريري، حيث اصر مراد على عدم اعتماد تسمية جمال عبد الناصر، لأن هذا سيغضب الاستخبارات السورية، فلجأ عمر حرب الى اكثرية اعضاء قيادة الحزب التي اصرت على اعتماد اسم عبد الناصر، وليخبط السوريون رؤوسهم بالحيطان على حد رأي كثير من الحزبيين الناصريين.

سقط اقتراح مراد بأن يكون اسم المجمع بقاعياً.. وانتصرت تسمية جمال عبد الناصر، وبعد ان لاحق مراد عمر حرب حتى حاصره في منـزله بمساعدة استخبارات دمشق، وهدده بالسجن ونزع عنه كل ما يملكه ابوه رحمه الله وأشقاؤه في البقاع حتى المدرسة التي كان انشأها عمر في بلدته المرج من امواله وأهله قبل حزب الاتحاد الاشتراكي.. اعاد مراد اسم مجمع البقاع الرياضي، والغى تسمية جمال عبد الناصر عنه.

 

وهذا المجمع الرياضي تم تمويل انشائه بالكامل من الرئيس رفيق الحريري وهو الذي افتتحه بنفسه وسط احتفال جماهيري ضخم غصت به طرقات البقاع من المريجات الجبلية حتى بلدة الخيارة وسط سهل البقاع، رافعة صوره وصور جمال عبد الناصر، قبل ذلك لم يكتف الراحل الكبير رفيق الحريري بتمويل انشاء هذا المجمع الرياضي الضخم الذي ضمه مراد - كما سيرد لاحقاً - الى ممتلكاته التي سرقها جميعاً من اموال وممتلكات حزب الاتحاد على حساب المظلومين احياء وأمواتاً فحسب، بل ان الحريري رحمه الله.. كان شطب 9 ملايين دولار من ديون مصرف البحر الابيض المتوسط على جمعية التنمية الثقافية والاجتماعية التي اسسها حزب الاتحاد الاشتراكي العربي لمصلحة فقراء لبنان ومحتاجيه وطلابه.. حين كان عبد الرحيم مراد رئيسها، وأدى الزميل نهاد المشنوق دوراً مميزاً في وساطته عند الحريري عندما كان مستشاراً سياسياً واعلامياً له، وأقنعه بهذا الاسقاط للديون، ساعده في هذا العمل الانساني الكبير رئيس مجلس إدارة بنك البحر المتوسط يومها (الرئيس) فؤاد السنيورة الذي كان يقدم القروض لجمعية التنمية اكراماً لمشاريعها الانسانية والاجتماعية والثقافية قبل ان تسقط جميعها في قبضة مراد على حساب البناة الاوائل لها في كل انحاء لبنان.

اسقط الحريري ديون جمعية التنمية مقابل قطعة ارض مساحتها نحو 500 الف م2، ثم تنازل الحريري بنفسه عن هذه الارض كي يقيم عليها مراد لحسابه الجامعة اللبنانية – السورية ووضع لها حجر الاساس، قبل ان يحول اموالها المرصودة لحساباته الخاصة وبدأ بها سلسلة فروع جامعته الخاصة المسماة الجمعية اللبنانية الدولية.. فضلاً عن عشرات العمارات التي بناها في بيروت والمناطق وباعها شققاً بعشرات ملايين الدولارات.. وهي الآن محط دعاوى قضائية يجهزها قادة الحركة التصحيحية في حزب الاتحاد التي اندلعت يوم 20/2/2009 بقيادة حسن شلحة ومحمد عز الدين.

 

حسن نصر الله اهم عند مراد من جمال عبد الناصر وكراهية مراد لتسمية ناصري وصلت الى حقد شخصي على جمال عبد الناصر، حين قال في ندوة محلية منـزلية في مدينة بعلبك، ان حسن نصر الله اهم وأشرف من جمال عبد الناصر بعشر مرات.. وعندما استهجن بعض حضور الندوة هذه المبالغة في النفاق من مراد لأنه في مدينة يشكل الشيعة اغلبيتها رد مراد منفعلاً: بشرفي بأولادي ان السيد نصر الله اهم وأشرف من عبد الناصر بمئات المرات!!! (وليس في حزب الاتحاد من ينسى ان مراد نفسه مزق بطاقة معايدة كان حزب الله ارسلها في الذكرى السنوية الاولى لاغتيال امينه العام السابق السيد عباس الموسوي وفيها مجسم ورقي لقبة المسجد الاقصى.. وكان يذهب مرغماً الى احتفالات الحزب ويستمع مستاء الى كلماته وعندما يخرج يقسم بدينه ان هذا الحزب يتحدث لغة منقرضة وأنه يعيش هو والمقاومة الفلسطينية في القرون الوسطى.. ثم اصبح يرى ان نصر الله اهم من جمال عبد الناصر بمئات المرات!!!). وحين نقلت وقائع حديث عبد الرحيم مراد الى قيادة حزب الاتحاد واجهه حسن شلحة ومحمد عز الدين بهذا الامر الجلل، فأنّبهما وعنّفهما وهددهما بطردهما من الحزب اذا اثارا هذا الموضوع في قواعد الحزب، وكانت هذه الواقعة اللاأخلاقية، احدى اهم اسس الحركة التصحيحية التي قامت لاسترجاع الاموال والممتلكات التي نهبها مراد من الجمعية والحزب.

 

المخبر عبد الرحيم مراد 

ويروي الوزير والنائب السابق اللواء سامي الخطيب، ما يفضح دور عبد الرحيم مراد في منـزل الرئيس المظلوم رفيق الحريري، فيقول:

ان اللواء الراحل غازي كنعان كان يدلع عبد الرحيم مراد ويغازله امام نواب البقاع وشخصياته فيقول له في احدى الجلسات في مكتبه الشهير في عنجر (والله يا ابو حسين بتلبقلك رئاسة الحكومة (تليق بك) انت يا بو حسين من شو بتشكي، شبوبية وبتلبس مليح).. وظل يمتدحه ويبالغ حتى اغاظ كل الحضور الذي كان يهم بالانصراف.. وبعد مغادرة الجميع استوقف اللواء الخطيب اللواء كنعان ليقول له ببعض العتب: ((دخيلك يا ابو يعرب.. نحنا بالوزارة ومش مخلصين مع عب دالرحيم، فإذا ركب رئاسة الحكومة.. ما بيعود احد يهديه..)).

فرد كنعان بحزم: ((ابو بديع.. نحنا زارعين عبد الرحيم مخبراً عند رفيق الحريري.. ومستعد ان اريك التقارير اللي بيكتبها عن ابي بهاء.. ولو يا ابو بديع كبّر عقلك.. عبدالرحيم كثير عليه مخبر بدك يصير رئيس وزارة!)).

 

وكان غازي كنعان، ومن بعده رستم غزالة يزرعان في كل حكومة يشكلها رفيق الحريري ثلاثة وزراء مخبرين يكتبون تقارير حرفية عن كل كلمة تقال داخل مجلس الوزراء، والوزراء الثلاثة من منطقة البقاع وعبد الرحيم مراد احدهم دائماً، حتى اذا لم يتم توزير احدهم، يجيء كنعان وغزالة بوزير آخر من البقاع لهذه الغاية.

واذا كان هذا مستغرباً، لأن حكومات لبنان التي شكلت في عهد الوصاية السورية على لبنان.. كانت كلها خاضعة للاملاءات السورية.. ولا يجيء وزير لا ترضى عنه هذه الوصاية وضباطها، ولا يجرؤ وزير في أي حكومة في لبنان تحت الوصاية السورية على اتخاذ موقف لا ترضى عنه الاستخبارات السورية، او يرفض تنفيذ اوامرها.. فإن حرص كنعان وغزالة على إجراء مقارنة بين ما يكتبه الوزراء الثلاثة من البقاع، ومن ضمنهم عبدالرحيم مراد كان يسيطر على سلوكيات نظام الوصاية.

ويروي وزير كان زميلاً في جلسات مجلس الوزراء لمراد مجاوراً له في كرسيه، انه كان يتبادل وإياه الكلمات داخل المجلس بالكتابة على ورق كلينكس.. ثم يمزق الورقة ويمنع وقوعها بين يدي عبدالرحيم.. لأنه يعرف انها ستصل مباشرة لغازي كنعان او رستم غزالة.

 

ولم يغب دور مراد التجسسي على الحريري عن رئيس الحكومة المظلوم، حتى طلب منه التخفيف من زياراته له في منـزله في قريطم، وكانت هذه الواقعة سبباً اضافياً لتعميق كراهية عبدالرحيم مراد لرفيق الحريري، حتى انه اصطدم في آخر تشكيلة حكومية له مع اللواء الراحل غازي كنعان الذي صمم على توزير مراد وإعطائه حقيبة او حتى تعيينه وزيراً دون حقيبة وكان الحريري رافضاً لهذا الامر بالمطلق لأنه لم يعد يثق بعبد الرحيم رغم ان الحريري كما قال لكنعان: يا ابا يعرب لقد فتحت بيتي لعبد الرحيم، وساعدته وأعطيته ملايين الدولارات، ومع هذا فهو يعمل ضدي ويحرض عليّ.. ولا يترك مناسبة الا ويذهب فيها الى اميل لحود (كان رئيساً بالتمديد القسري ايضاً) ويرتب ويلفق لي اشاعات وتهماً.. ثم يذهب عبدالرحيم الى احدى الصحف اليومية ويلتقي محرراً معروفاً بصلاته بجميل السيد ليبخّ عليّ في الصحيفة اخباراً ضدي تتصدر صفحاتها الاولى والثانية.

وكان مراد ضمن الجوقة السورية التي بدأت اوسخ حملة افتراءات ضد رفيق الحريري قبل اغتياله مباشرة، وكان يردد في الاعلام علناً وفي مجالسه الخاصة: من هو رفيق الحريري حتى يختصر السنة في شخصه؟

 

وقبل ذلك قال عبدالرحيم مراد في لقاء مع اذاعة صوت لبنان، حين سئل عن رأيه في التمديد لاميل لحود: انا عبدالرحيم مراد سيكون لي الشرف ان اوقع وأؤيد كل من يختاره الرئيس بشار الاسد لرئاسة الجمهورية في لبنان!

 

خدمات سابقة ولاحقة

وتبعية عبدالرحيم مراد للاستخبارات السورية كانت سابقة على تعيينه عام 1990 نائباً تنفيذاً لبند في اتفاق الطائف 1989، يقضي بزيادة عدد اعضاء النواب من 99 الى 128، بعد تعيين بدلاء عن النواب المتوفين المنتخبين عام 1972، بل كان هذا التعيين مكافأة له على خدماته السابقة، والتي تضاعفت بعد التنويب ثم التوزير في حكومات الرئيس رفيق الحريري قبل ان يرفضه الراحل الكبير.

 

فقد كان مراد من انشط المخبرين اللبنانيين المعتمدين للتعبير عما يريده ضباط الاستخبارات السورية، ليس في لبنان فحسب، بل لدى المسؤولين المصريين الذين كان يلتقيهم مراد في القاهرة بناء على طلب الاستخبارات السورية، ويكتب تقاريره عن هذه اللقاءات لهذه الاستخبارات.. حتى كشف المصريون دوره فامتنعوا بعد ذلك عن استقباله، وفيما بعد رفضت القاهرة اعطاءه ترخيصاً لافتتاح فرع لجامعته في الاراضي المصرية رغم الوساطات التي ساقها مراد لاقناع المصريين بذلك، حتى ان اعضاء بارزين في مجلس امناء الجامعة من المصريين استقالوا من منصبهم الشرفي رفضاً منهم لتغطية نشاطات مراد المشبوهة ضد وطنهم.

 

صفقات الوزير مراد

وعند فرض تعيين عبد الرحيم مراد وزيراً للتعليم المهني والتقني في حكومة الرئيس رفيق الحريري، فإن كل صفقات بناء مدارس وثانويات ومعاهد تابعة للوزارة كانت تتم وبإعتراف مراد، بالاتفاق مع رستم غزاله في مقره في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، مما سمح لمراد ان يكدس ثروة كانت تتضاعف مع كل وزارة يتولاها حتى فاحت روائحه في كل الحكومات والوزارات ومجلس النواب وكل المتعهدين الذين كانوا يتوافدون ليلاً الى مكتبه الوزاري بحجة انه يبذل جهداً مضاعفاً في عمله الوزاري، والليل ستار العيوب.

وهكذا،

 

وبعد ان اقنع عبد الرحيم مراد بعض السذج من حوله انه باع منـزله العائلي في مبنى T.V في منطقة تلة الخياط، وترك الطابق الثامن ليسكن في منـزل شقيقه في الطابق الثالث في المبنى نفسه، وما يـزال عمر حرب محتفظاً بايصالات شراء الحزب لسيارة عبد الرحيم الشيفروليه الرصاصية، تحول عبد الرحيم مراد الى مالك لعشرات المباني في بيروت، وعدة فروع لجامعة في انحاء لبنان وفي عدة مدن عربية، وأرصدة بعشرات ملايين الدولارات فضلاً عن مشاريع اخرى داخل سوريا..

 

وسمسار ايضاً..

ويعترف عبدالرحيم مراد بغصة بأنه كان يبيع هدايا قيمة تأتي الى رستم غزاله (وغازي كنعان)) ويرسل من عائلته من يروج لهذه الهدايا فيبيعها ويتقاسم ارباحها مع الضباط السوريين.. كسمسرة في عمليات البيع هذه.

 

من أين جاءت ملايين مراد؟

كان كل من حول عبد الرحيم مراد يتحدث عن الأزمة المالية التي يمر فيها، وانه بات في سنوات عديدة يعتاش من إرسال اخوته في البرازيل مساعدات مادية له، كي يظل محتفظاً بالمستوى المادي الذي كان يعيشه، حتى ان حزب الاتحاد كان يخصص مبلغاً مالياً شهرياً له ظل سرياً لا يعرف به سوى نائبه عمر حرب.

وفجأة أصبح مراد من أصحاب الملايين والأرصدة والمؤسسات الخاصة، حتى عندما ضربت البرازيل أزمة اقتصادية خانقة أثرت على أوضاع اخوته فيها، أخذ يمدهم بالأموال اللازمة لاستثمارها لمصلحتهم جميعاً فيها.

 

يقول عمر حرب الذي أعد دعوى قضائية ضد عبد الرحيم مراد، ان الحزب تلقى من ليبيا عندما كانت تساند حزب الاتحاد مبلغاً وقدره 42 مليون دولار وانه كان يعتقد انه فتح حساباً باسمه واسم عبد الرحيم مراد في أحد المصارف الأميركية في باريس، ((تشيز منهاتن بنك)) وان الحساب كان بطريقة و و أو أي ان أياً من الاثنين، حرب ومراد، يستطيع أن يسحب من هذا الحساب، وان عمر حرب وبعد ان اختلف لأسباب تنظيمية ومسلكية وسياسية وفكرية مع مراد بسبب تخلي الأخير عن الفكر الناصري، وحصل انشقاق في الحزب وتدخل غازي كنعان لإصلاحه وشكل لجنة تحكيم برئاسة القاضي أسعد دياب أصدرت قراراتها بالمناصفة في كل شيء.. توجه إلى باريس برفقة الراحل المظلوم أحمد قبيسي للإطلاع على الحساب في المصرف فلم يجدا أي حساب، بل نجح مراد في سحب كل الأموال التي كانت لمصلحة التنظيم وأخفى كل أثر له، حيث كان مراد كثير الترداد على باريس بحجة توجهه إلى البرازيل لزيارة اخوته، ثم استقر فيها لسنوات واشترى شقة فخمة جاء إليها بأفخم الأثاث بينما لم يزر حرب أو قبيسي باريس لأكثر من 15 سنة بعد فتح الحساب مطلع الثمانينيات.

وينقل عن زوج عبد الرحيم مراد منيرة ان كل المبلغ الذي كان في باريس هو 13 مليون دولار فقط، وان الحديث عن 42 مليوناً أمر مبالغ فيه، وانه ربما جاء من ظنون عمر المعتمدة على تراكم الفوائد خلال هذه السنوات الخمس عشرة.

 

ويروي عمر حرب قصة سيطرة عبد الرحيم مراد على هذا المبلغ الضخم فيقول: ((ان المؤسسة العسكرية الليبية أقرت تقديم رواتب شهرية لـ1300 مقاتل من الاتحاد الاشتراكي قبل الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، تقديراً من ليبيا لهذا التنظيم الذي نجح في إقامة مؤسسات ناجحة في كل الحقول، وكان يتمتع بسمعة ممتازة بفضل السلوكيات التي ميزت قياداته وعناصره خاصة في مجال التقديمات للفقراء في لبنان.. وقد طلبت ليبيا من الاتحاد فتح حساب خارج لبنان لتحويل المال إليه، وهو يقدر سنوياً بالملايين من الدولارات، على أن يدفع شهرياً، ومنه كان عبد الرحيم مراد يصرف على هذه الميزانية. حيث فتح الحساب في ((تشيز منهاتن بنك))، في شارع متفرع من الشانزليزيه الشهير باسم عبد الرحيم مراد وعمر حرب.

لكن كيف تمكن مراد من سحب المال وحده ومتى؟

 

يعتقد حرب: ان عبد الرحيم بعد ان وقع معه على فتح الحساب و – أو – عاد وشطب الحساب وألغاه، ثم فتح حساباً آخر ليس شرطاً في المصرف الأميركي نفسه، ثم بدأ التحويل المالي الليبـي على هذا المصرف، وكان كل شيء يحول إلى هذا الحساب.. وان عبد الرحيم بعد ان أعطى الليبـيين رقم حساب مشترك مع عمر حرب، عاد وأعطاهم رقم حساب آخر باسمه شخصياً.

 

ويستند عمر حرب في روايته إلى معلومات ليبية أكيدة سمعها من العقيد محمد خليفة الذي تولى مسؤوليات الساحة اللبنانية بعد العقيد صالح الدروقي الذي كان وما يزال من أصدقاء عبد الرحيم المقربين، ويعتقد بأنهما شركاء في بعض الأعمال الاستثمارية في أكثر من بلد.

 

عمر حرب يؤكد ان المبلغ هو 42 مليون دولار وليس 13 مليوناً كما تزعم منيرة مراد، وان الليبيين استمروا بالدفع ثلاث سنوات لـ1300 مقاتل قبل أن يوقفوا التحويل، بعد تحول سياستهم شيئاً فشيئاً بدءاً من العام 1983 تقريباً.

 

(يبقى أن نشير إلى ان عبد الرحيم مراد عمد إلى تهريب المال الليبـي للخارج حتى لا يضطر للالتزام بقرار من العمل القومي الذي كان يسمى الطليعة العربية للصرف منه على بقية فروعه في عدد من البلدان العربية ومنها سوريا واليمن..).

 

ويتحدث رفاق لعبد الرحيم مراد في حزب الاتحاد بعضهم ثار عليه والبعض الآخر ينتظر، ان مراد وضع أموال جمعية دار الحنان للأيتام وهي أموال تبرع بها محسنون في لبنان والخارج، وتبلغ 4.7 مليار ليرة لبنانية (3.1 مليون دولار) وبنى فيها جامعة حصل على ترخيص لها باسم جامعة البقاع ثم حولها إلى الجامعة اللبنانية – الدولية L.I.U. فلما حققت هذه أرباحاً مذهلة منذ السنة الأولى، عمد إلى تأسيس شركة من أبنائه وصهره (أبو ناصيف) وضمها مع جمعية التنمية إلى مؤسسة واحدة.. لكنها أوقفت بقرار من وزارة التربية لكن عبد الرحيم مراد عاد واستحصل على مرسوم وزاري بتأسيسها استناداً إلى جمعية النهضة وحولها وقفاً شبيهاً بالوقف الذري حيث يحل هو نفسه محل الجمعية العمومية والهيئة الإدارية، فيفصل ويعين، على أن يليه ابنه حسن في الصلاحيات نفسها، بتوصية أن يعين ابن حسن أيضاً بالصلاحيات ذاتها بعد ذلك.

 

ودار الحنان التي سيطر عليها عبد الرحيم مراد تحصل على مساعدات من وزارة الشؤون الاجتماعية بأكثر من تكلفة مصاريفها. إضافة إلى كفالات أيتام يحصل عليها عبد الرحيم باسم الأيتام وكلها تدخل في حساباته التي أوردنا وسيلة لها وهي إنشاء جامعة خاصة استثمارية أصبح لها فروع في عدد من المدن اللبنانية وفي الخارج.. علماً بأن الجمعية كانت في سنواتها الأولى وتحت ظل حزب الاتحاد، تحصل على مساعدات من الحزب كان مراد يسجلها على انها تبرعات من اخوته وأصحابه في الخارج ليظهر ان هناك احتضاناً للأيتام من أصحابه واخوته!!

 

وللثروة مصادر أخرى

غير ان هذا الحساب ليس هو الركيزة المادية الوحيدة لثروة عبد الرحيم مراد الآن، بل هي واحدة من ثلاث ركائز، أما الركيزتان الأخريان فهما:

 

1- التمويل الإيراني المباشر

حيث يلتزم عبد الرحيم مراد السياسة الإيرانية التوسعية على حساب العرب في العراق وسوريا ولبنان، ويؤيد النشاط الإيراني في مصر واليمن والمغرب، ويصدر بيانات تتبنى السياسة الإيرانية في كل مكان خاصة في لبنان، تحت زعم مواجهة إسرائيل وأميركا، ولهذا فإن مراد يحصل على تمويل إيراني كبير يسمح له بأن يشكل ميليشيا مسلحة من أكثر من 200 عنصر يصرف عليهم شهرياً عشرات آلاف الدولارات، تحت زعم حماية المؤسسات التي سيطر عليها.

لقد شكل مراد ميليشيا شيعية في قرية الصويري السنية في البقاع الغربي لمحاربة تيار المستقبل وخدمة الاستخبارات السورية والإيرانية، وعندما سأله أحد أفراد عائلة المجذوب في بلدته غزة: كيف يا بو حسين بتوزع سلاح على الشيعة في الصويري)) رد عليه بعنف ((شو بدك ياني اعمل إذا كنت كلما زرت قرية سنية قذفوني بالبندورة والحجارة؟)).

 

2- السيطرة على المؤسسات

يصف نائب رئيس الحركة التصحيحية في حزب الاتحاد محمد عزالدين مراد وعائلته بأنها العائلة المالكة بعد أن خدع مراد أعضاء حزبه وجمعية التنمية، بالتنازل عن ممتلكات الجمعيات التي أنشأها حزب الاتحاد خلال أكثر من 30 سنة للوقف السني في البقاع.. فلما تنازل الأعضاء عن ذلك حوّل مراد التنازل عن الوقف له شخصياً وعائلته، فبات الوقف الإسلامي الذي تنازل عنه أعضاء الحزب والجمعية وقفاً ذرياً مسجلاً باسمه وأسماء أولاده وصهره وأحد أقاربه من آل مراد مصمماً على استبعاد شقيق زوجه رفيق مراد الذي لا يثق عبد الرحيم به، ولا بزوجه ناهد ويقول للجميع: انهما يعتاشان عالة عليه، وانه لا يعرف كيف يتخلص منهما.. علماً بأن ابن رفيق محمد هو الذي يتولى مساعدة أهله ولا يرضى بأن يمننهما عبد الرحيم مراد بأي قرش.

 

ويستثمر عبد الرحيم مراد هذه المؤسسات لمصلحته الشخصية والعائلية ويحرم منها حزب الاتحاد وأعضاءه علماً بأنها نهضت وقامت بنضالات وتضحيات الآلاف المؤلفة من المناضلين الحزبيين الناصريين منذ العام 1974، سقط فيها الضحايا المظلومون على كل جبهات القتال ضد العدو الصهيوني، ودفاعاً عن عروبة لبنان.

 

الحركة التصحيحية

يقول رئيس الحركة التصحيحية في حزب الاتحاد حسن شلحة، وهي الحركة التي تمثل أكثر من 70 % من أعضاء الحزب ومؤسساته التنظيمية:

ان الحركة السياسية التي ساهم في بنائها آلاف الشباب الناصري منذ العام 1974، وهي الاتحاد الاشتراكي العربي ومن ثم حزب الاتحاد، هي التي وفرت الامكانات المالية وهيأت الظروف السياسية لتكوين قيادات الحزب ومؤسساته.. وليس العكس. وهذه المؤسسات هي نتاج نضال كافة الاخوة، وليست إرثاً من أي شخص، لكن عبد الرحيم مراد لم يجد رادعاً يردعه عن استخدام وتسخير الحزب والجمعيات لمصلحته الشخصية ولمصلحة عائلته، مستثمراً المؤسسات التي بناها المناضلون طيلة 30 سنة لحساباته وأرصدته المالية في المصارف، وفي مشاريع خاصة تضخ له المال الوفير، عاملاً في الوقت نفسه على استفزاز المناضلين بالحزب لإحراجهم تمهيداً لإخراجهم مثلما فعل مع قيادات تاريخية في تأسيس الحزب وولادته.. حتى وصل إلى محاولة فصل خمسة من قياداته المؤسسة في مؤتمر كان يرتبه خفية، وبحسابات من معه ليكرمه ومن ضده ليفصله.. كل هذه العوامل دفعت للقيام بحركة تصحيحية لاستعادة الحزب إلى شبابه وأهله، واستعادة المؤسسات التي يسرقها عبد الرحيم مراد إلى أصحابها.

 

ويؤكد لنا اخوتنا في حزب الاتحاد وكثيرون من ابناء منطقة البقاع الغربي ان عبد الرحيم مراد وجماعته يوزعون المال والخدمات والأعطيات مثل توزيع المازوت الشتاء الماضي، وعبايات وأموال نقدية وحسومات على الاقساط المدرسية والجامعية، تحت عنوان ((منح مدرسية وجامعية)) حيث يوهم الاهل والطلاب انه يدفع المنح من صندوقه الخاص، اذ ان ولي الامر يذهب إليه مباشرة، وكذلك تقديم مساعدات زراعية لبعض الناخبين في هذه المنطقة مقابل الحصول على تعهد منهم بانتخابه للمقعد السني في هذه الدائرة وبعضهم حجز بطاقاتهم الشخصية.

 

كما اكد لنا اخواننا ان مراد حصل على مئات من قطع السلاح، ووزعها على اخوة من المسلمين الشيعة في عدد من قرى البقاع الغربي وتحديداً في قرية الصويري، محاولة منه لتشكيل ميليشيا وذلك بهدف ايجاد فتنة بين المسلمين، مع دفع رواتب لمن يحصل على السلاح يتراوح بين 500 و700 و1000 دولار اميركي شهرياً تحت حجة حماية انفسهم من اخوتهم المسلمين السنة.

 

ان حزب الاتحاد – الحركة التصحيحية يضع امام الرأي العام البقاعي واللبناني هذين الأمرين الخطيرين:

الاول: ان هناك رشاوى يمارسها مراد ضد نـزاهة العملية الانتخابية، في محاولة منه لشراء مقعده النيابي بالمال بما يتعارض مع كل مفهوم اخلاقي ووطني وسياسي للعملية الانتخابية.

الثاني: ان هذه الاموال التي يدفعها مراد رشاوى هي اموال ضحى آلاف المناضلين الحزبيين من اجل قيام مؤسسات وجمعيات وثانويات وجامعات تكون مصدر دخل شريف لشباب الحزب، حيث قدم عشرات الشهداء دماءهم من أجل استقلالية الحزب، ليتمكن من تأدية دوره دون الحاجة إلى أي جهة قد تفرض خطها السياسي على الحزب الناصري ومناضليه علماً أن أبناء هؤلاء المناضلين هم خارج هذه المؤسسات اليوم وفي أحسن الأحوال كأنهم دخلاء ممنوع عليهم الحصول على حسومات مالية. فعبد الرحيم مراد لا علاقة له بالناصرية، ولا علاقة له بالمقاومة، وما يقوم به أنتج ردة فعل سلبية على المقاومة وتشويه للناصرية، فهو أداة فتنة باع نفسه للشيطان ولجشع المال الحرام.

 

..و لقد كلف الحزب عدداً من المحامين لدراسة إقامة دعوى مستعجلة ضد مراد لوقف هدر أموال الشهداء واليتامى ووقف استغلال مؤسسات الحزب والجمعيات لمصالحه الشخصية ومصالح أسرته والمقربين منه للحصول على مقعد نيابي. فدماء الشهداء وعرق وتعب المناضلين ليسوا معروضين في سوق النخاسة التي نزل إليها مراد بائعاً شارياً، خاصة وأن هذا السلوك هو نقيض المدرسة الناصرية التي رفع حزبنا شعاراتها ومارسها وما زال تحت عنوان: ((ان الناصري أول من يضحي وآخر من يغنم)).

 

نتوجه إلى الأخوة الحزبيين والموظفين الذين ما زالوا تحت هيمنة عبد الرحيم مراد بالتحية والتقدير ونشد على أيديهم ونعرف حق المعرفة أن قلوبهم وعقولهم مع حركتنا ولن ترهبهم تهديداته ووعيده لهم بالمحاسبة والطرد وآخرها يوم استدعاهم إلى مطعم السهول يوم الأحد في 10/5/2009 حيث هدد الذين لم يحضروا الاجتماع بالمحاسبة وهم عدد كبير جداً رافض لسياساته القمعية. (الحضور كان أقل من 35 بالمائة من الموظفين). وفي إطار المال الحرام والدجل والكذب على الناس وخاصة البقاعيين، فلدينا من الوثائق ما يدينه، وبهذا الخصوص قدم مراد لائحة بأكثر من خمسماية اسم لشخصيات بقاعية تحت عنوان الميليشيا، وتضم هذه الكشوفات شخصيات بقاعية محترمة منهم تجار ومنهم مدرسون ومدراء مدارس ومنهم شخصيات اجتماعية أعمارهم فوق 60 سنة، ولكن الجهة الداعمة بما أنها غير لبنانية وبعيدة عن لبنان لا تدري ماهية هذه الأسماء وحقيقة أوضاع أصحابها.

وأخيراً،

 

يتهم رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي العربي عمر حرب زميله السابق عبد الرحيم مراد بأنه سرق المال الليبـي الذي خصص لمقاتلي الحزب، وهو 42 مليون دولار ما زال مراد يستثمره منذ ثلاثة عقود.

 

ويتهم رئيس حزب الاتحاد الحركة التصحيحية زميله السابق عبد الرحيم مراد بأنه سرق أموال الجمعيات والحزب والمساعدات الإيرانية المخصصة لمئات المتفرغين من شباب الاتحاد، وحوّل الجمعيات إلى وقف ذري له ولأسرته حتى وصفه محمد عزالدين بأنه أسس عائلة مالكة وضع باسمها كل الممتلكات والاثنان حرب وشلحة، لديهما الوثائق والإثباتات وكلفا المحامين لإقامة دعاوى قضائية ضد مراد.. بعد الانتخابات.

 

أما مراد فإنه يكتفي بالرد على هذه الوقائع بالإسقاط على الحركة التصحيحية بأنها صنيعة حريرية قبل الانتخابات فيقف عاجزاً عن الرد الموضوعي على اتهاماتها له، مثلما يعجز عن إثبات ان الحريري كان وراء حركة عمر حرب.. وحرب يطالبه بالذهاب إلى المحكمة للرد على اتهاماته له بالسرقة.

انها ليست مأساة حزب الاتحاد وفروعه.. بل هي مأساة أخلاقية أكيدة، بحيث يقف عمر حرب وحسن شلحة ومحمد عز الدين ومئات آخرون من شباب هذا الحزب (رحم الله محمد سعيد الصميلي وأحمد قبيسي ورضا الحاج) وهم يتساءلون هل كنا مخطئين عندما وضعنا ثقتنا بهذا الرجل الذي كان يقول انه لا يريد شيئاً لنفسه.. فإذا به يحول كل تضحية وكل نقطة دم مظلوم وقتيل وكل تبرع وكل حبة عرق لحساباته وحسابات أبنائه.