كل ما نشر اليوم الخميس حول غازي كنعان ومقتله

13/10/2005

 

الرفيق رفعت الأسد يقتحم دمشق من ANN 

الخميس 13 أكتوبر ايلاف- نصر المجالي من لندن: ظل الدكتور رفعت الأسد نائب الرئيس السوري السابق ومعه أركان حربه للساعات الأربع والعشرين الماضي يقوم بدور المايسترو الإعلامي ولكن بجرعة أكبر من ذي قبل مستغلا الهزيمة الكاسحة التي واجهت الإعلام السوري الحزبي منه والرسمي في التعبير عن انتحار الرجل القوي في الحكم اللواء غازي كنعان وزير الداخلية أو نحره. وكرجل عسكري ومنظّر أيدولوجي فإن اللواء الدكتور الأسد حرك من منفاه الحصين في ماربيا الإسبانية ماكينته الإعلامية الواسعة التي عصبها شبكة الأخبار العربية  ANN لتصعيد الحدث إعلاميا واقتحام دمشق من أوسع بواباتها. وفي الوقت الذي اختصرت فيه وسائل الإعلام السورية الرسمية نبأ حادث اللواء كنعان بـخبر رسمي من الوكالة السورية للأنباء (سانا) وبنعي من مجلس الوزراء بلغد عديد كلماتهما 39 كلمة فقط، فإن فضائية رفعت الأسد التي تبث من لندن ويديرها نجله علي ظلت للساعات التي خلت تواصل دورا غير معتاد في تغطية الحدث الدمشقي من خلال تقارير موسعة ومقابلات واستفتاءات وتحليلات لمراقبين ومتابعين للشأن السوري وانعكاساتها على الاستحقاقات التي تنتظر الحكم في سورية بعد أقل من أسبوعين من الآن حيث يقدم المحقق الدولي ديتليف ميليس تقريره النهائي حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل الشيخ رفيق الحريري.

وفي الوقت الذي لوحظ فيه صمت الدكتور الأسد الذي يتزعم الحركة المعارضة "التجمع القومي الديموقراطي الموحد"وكذلك المتحدثين الرسميين المعتادين باسمه، فإنه وجه عن بُعد أو عبر الريموت كونترول أداء  فضائية إيه إن إن لتنفيذ المهمة الموكولة لتحتل المرتبة الأولى للمشاهدين مستفيدة من الغياب الكامل للإعلام السوري عن الساحة في لحظة أمس الحرجة حيث اخترقت رصاصة عنق وزير الداخلية.

لكن هذا لا يعني كما هو معروف أن عم الرئيس السوري ظل صامتا طوال الوقت، فهو واصل كما قال مقربون منه اتصالاته النشيطة مع أنصار له منتشرين في أوروبا والولايات المتحدة وداخل سورية خاصة من العسكريين ورفاق حزب البعث القدامى والجبهة القومية للوقوف على آخر التطورات لحظة بلحظة وكأنه يحصي الأنفاس الأخيرة لنظام ابن شقيقه المحاصر ليس من الغرب وحسب بل من دائرة ضيقة من الجيل الاستخباري والأمني الجديد الذي يضع الرئيس بشار في أضيق الزوايا حتى مرحلة الاختناق الطوعي، أو بمعنى "إزهاق الروح" بلا رصاصة رحمة كالتي طالت غازي كنعان.

يذكر أن اللواء رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ونائبه، وقائد سرايا الدفاع المنحلة كان صعد في الشهرين الأخيرين من حركته السياسية بعد صدور إشارات من الإدارة الأميركية بتغيير وشيك للنظام في سورية "مع رغبة في أن يكون التغيير من داخل مؤسسة الحكم لا من خارجها"، ويقول مراقبون أن الإدارة الأميركية الراغبة بـ "تغيير سلس داخل مؤسسة الحكم في دمشق لا ترى في المعارضة بديلا قويا يعتمد عليه للحلول مكان النظام الحالي، كما أنها تعتقد أنه لا يمكن التعامل مع جبهة المعارضة القوية وهي حركة الإخوان المسلمين".

وكان الدكتور الأسد فاجأ الجميع في إبريل (نيسان) بإصدار بيان عبر فيه عن عزمه العودة إلى سورية وهو طالب بإجراء انتخابات عامة وتعديل الدستور، لمواجهة ما أسماها التحديات والمخاطر التي تنذر بتحويل سورية إلى ساحة جديدة للغزو والعدوان. وقال الأسد في البيان الذي كانت أذاعته فضائية ANN "لقد تغير العالم من حولنا على كل الأصعدة ونحن ما زلنا في مكاننا نراوح ونكرر الخطاب نفسه حتى أمسينا خارج سياق العصر، إن سورية صارت اليوم هدفا مباشرا للأطماع الأجنبية، الأمر الذي يستوجب منا جميعا أن نعي حجم المسؤوليات".

كما دعا البيان إلى تعديل الدستور بما يلائم التطورات ووقف العمل بقانون الأحكام العرفية والسماح بحرية تشكيل الأحزاب وتنظيم انتخابات عامة حرة ونزيهة وضمان حرية التعبير وإصدار الصحف والقضاء على الفساد.  وطالب الأسد - الذي يعيش في المنفى بأوروبا- بإلغاء المحاكم الاستثنائية وضمان استقلال القضاء وحماية حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية ورفض أي محاولة للاستقواء بالأجنبي وتأكيد أهمية الحفاظ على الاستقلال الوطني. وكان الأسد استبق ذلك البيان بيان مماثل في نهاية فبراير (شباط) الماضي دعا فيه إلى سحب القوات السورية من لبنان. يشار إلى أن الرئيس الراحل حافظ الأسد نفى شقيقه الأصغر عام 1985 وأصدر قرارا بحل سرايا الدفاع التي كان يتزعمها والتي لعبت دورا مركزيا في قمع جماعة الإخوان المسلمين في سورية عام 1982.

ووقتها نقل عن الحارث الخير الناطق باسم رفعت الأسد، أن هذا الأخير قرر العودة إلى ارض الوطن ومواصلة دوره السياسي والوطني وسط أبناء الشعب العربي السوري لإقامة مجتمع العدل والحرية والسلام، ولكن الخير لم يحدد زمانا معينا لعودة اللواء الأسد وقال "هذا موضوع تتم ترتيباته بشكل دقيق وسيتم الإعلان عنه قريبا"، كما أكد أن رفعت الأسد "لا يطرح نفسه كبديل عن بشار الأسد، وإنه ذاهب لتحقيق الوحدة الوطنية لان الوضع في سورية خطير". وإليه، علم من مصادر مقربة من الدكتور الأسد (68 عاما) أنه أجرى اتصالات مكثفة في الأسابيع الأخيرة الفائتة مع أطراف عربية مهمة وكذلك مع مسؤولين أميركيين حيث شهدت فرنسا وإسبانيا جزءا من هذه الاتصالات التي لم تتسرب عنها أية معلومات. ولكن الواضح أن المشاورات تناولت الخيارات المتاحة للوضع السوري، فى ظل الدلائل التي تشير إلى أن تقرير ميليس قد يحمل النظام السوري المسؤولية المباشرة عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل، وأن واشنطن باتت على قناعة بأهمية إحداث تغيير في الوضع الداخلي السوري.

 

سوريا تشيع كنعان وتغلق ملف التحقيق في انتحاره  

الجزيرة 13/10/2005: شيعت اليوم جنازة وزير الداخلية السوري غازي كنعان الذي أعلن أمس انتحاره بمكتبه. وغادر موكب الجنازة على عجل العاصمة ليوارى الثرى بمسقط رأسه بلدة بحمرة قرب اللاذقية على بعد 350 كلم شمال غرب دمشق.

ولم يُلف نعش كنعان بالعلم السوري، حيث نقل من أحد مستشفيات دمشق بسيارة إسعاف أحيطت بأكاليل الزهور.

وحضر الجنازة العديد من المسؤولين يتقدمهم رئيس الوزراء محمد ناجي العطري ووزراء الدفاع حسن تركماني والخارجية فاروق الشرع والإعلام مهدي دخل الله ورئيس الأركان العماد علي حبيب، وعدد من ممثلي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات وعدد من أعضاء مجلس الشعب وذوي الفقيد. وقد أعلن المحامي العام الأول في دمشق محمد مروان اللوجي رسميا، إغلاق ملف التحقيق في الحادث واعتباره انتحارا.

وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية إن تحقيقات الخبراء والطب الشرعي أثبتت قيام اللواء كنعان بوضع فوهة مسدسه في فمه وإطلاق النار.

ورفضت السلطات السورية التكهنات التي ثارت، بعد إعلانها عن انتحار الوزير كنعان المسؤول السابق عن الأجهزة الأمنية السورية بلبنان.

وقال وزير الإعلام في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "يجب التحدث عن وقائع فقط وليس عن شكوك وتوقعات وأوهام تأتي انطلاقا من موقف مسبق".

وتسود حالة من الترقب لنتائج لجنة التحقيق في اغتيال الحريري برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس. وستقدم اللجنة تقريرها لمجلس الأمن في الـ25 من الشهر الجاري. وقبيل وفاته بساعات قليلة نفى كنعان في مقابلة بصوته ما وجهته إليه محطة (نيو تي في) اللبنانية من تهم تتعلق بالفساد خلال برنامج بثته مساء الأحد، وتحدث خلال مقابلته مع إذاعة صوت لبنان عن الدور السوري لـ "إخراج لبنان من محنته" مختتما المقابلة بقوله "إن هذا آخر تصريح ممكن أن أعطيه". وقال إن شهادته أمام لجنة التحقيق كانت "الإضاءة على حقبة خدمنا فيها لبنان وتحدثت فيها عن كل ما طلب مني وبموضوعية".

وكان الرئيس بشار الأسد قد أعرب عن ثقته في أن التقرير سيبرئ ساحة بلاده.

وفي تصريحات لشبكة CNN الإخبارية الأميركية أجريت وبثت قبل انتحار كنعان، نفى الرئيس السوري مجددا تورط بلاده باغتيال الحريري مؤكدا أن ذلك ضد مبادئه ومبادئ دمشق ومصالحها. وأكد الأسد أن دمشق ستعاقب بشدة أي سوري يثبت تورطه باغتيال الحريري. وقال إنه في حال أثبت التحقيق الذي تقوم به الأمم المتحدة مسؤولية مواطنين بالتورط في ذلك، فإنهم سيحاكمون سواء داخل سوريا أو في محكمة دولية.

وردا على سؤال بشأن احتمال أن يكون مسؤولون سوريون قد أصدروا أمرا باغتيال الحريري دون علمه، قال الرئيس إنه لا يظن ذلك وإذا حدث فهي خيانة. ونفى الأسد المزاعم التي تتحدث عن أنه لا يمسك بزمام السلطة بدمشق، وقال "يتهمونني بأنني دكتاتور، لا يمكن أن أكون دكتاتورا ولا أسيطر تماما على السلطة". وأضاف أنه يستمد سلطاته من الدستور السوري، مؤكدا ضرورة إقامة حوار مع أوسع شريحة ممكنة من المواطنين.

من جهته سارع الرئيس الأميركي جورج بوش إلى تكرار انتقاداته لدمشق مطالبا حكومتها بوقف تدخلها بشؤون لبنان والعراق. ورفض بوش التعليق على أنباء انتحار كنعان مؤكدا أنه لا يريد استباق تقرير ميليس، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الخارجية الأميركية.

 

كنعان كود 

الخميس 13 أكتوبر  إيلاف علي الرز: منذ اللحظة الاولى التي اعلنت فيها وفاة اللواء غازي كنعان انتحارا ، انطلقت التفسيرات والتحليلات متناولة واحدة من اللوحات الدرامية في المشهد السوري (واللبناني) الحديث بكل ما فيها من جبروت وسلطة ورهبة وارتكابات وتجاوزات ونجاحات واخفاقات. منذ اللحظة الاولى والاسئلة لم تنقطع. لماذا انتحر؟ هل نحروه؟ هل ادرك ان نهايته قريبة فاطلق عبارته الشهيرة عن تصريحه الاخير؟ هل كان يخطط لشيء ما فأردوه استباقا؟ هل اعطى افادة "مفيدة" للجنة التحقيق الدولية وكان مستعدا للافادة اكثر امام محكمة دولية؟ هل طار في صراع داخلي في اطار ترتيب الامور لمرحلة ما بعد تقرير ميليس؟ هل هناك سند لانباء ثرائه الفاحش ادى الى خشيته من ان ينتهي مسجونا بفضائح تمحي كل تاريخه؟

منذ اللحظة الاولى، كان واضحا ان الموقف لن ينجلي بساعات او ايام، وان عملا كهذا لن يحرك الكثير في الوضع الداخلي السوري القادر جدا على التعامل مع تطورات مماثلة، فسورية "متعودة" وتمتلك خبرة قل نظيرها في فصل قطار السلطة عن محطات الخلاف والاختلاف والاعتراض... وربما كان احسن من عبر عن هذا "التعود" الدكتور عماد فوزي الشعيبي نجم الفضائيات العربية (المشهور بضحكته الساخرة عندما سئل عن مصافحة الرئيس الاسد مع الرئيس الاسرائيلي موشي كتساف على هامش جنازة البابا يوحنا بولس الثاني) اذ ابلغ الشعيبي امس سائله ردا على التداعيات المحتملة لانتحار كنعان بأن سورية دولة مؤسسات وان منصب وزير الداخلية لن يشغر!

وبعيدا من التعليقات الداخلية السورية، كانت محطات التحليل تعمل بكامل طاقاتها لدى العامة والسياسيين في مختلف اصقاع الارض على طريقة القصص البوليسية وآخرها "دافنتشي كود" للكاتب الاميركي دان براون، اذ ترك الضحية (أمين متحف اللوفر، وهو في القصة ايضا في موقع محترم ومهاب) رمزا لغويا معينا مكن ابطال القصة من متابعته ليكتشفوا،على الطريقة الروسية، رمزا آخر يؤدي الى رمز ثالث فرابع فعاشر.

وفي قضية كنعان بدأ العمل على فك الالغاز: هل هذا صوته؟ هل كان يقرأ تصريحه لاذاعة "صوت لبنان" من ورقة مكتوبة وخرج على النص في النهاية؟ ماذا يعني كلامه عن وجود افادة معه واخرى لدى لجنة التحقيق؟ لماذا طلب توزيع التصريح على تلفزيون "المستقبل" الذي يرجمه الاعلام السوري يوميا؟ ماذا يعني ان تصريحه هو الاخير وهل ترك مؤشرات جديدة ستظهر لاحقا في مكان ما لكشف حقائق؟ كيف لمن يطالب الآخرين بان يتقوا الله ان يغضب الله بانتحاره؟ وكيف لمن يعطي تصريحا متماسكا وقويا كالذي اعطاه ان يكون وصل الى الدرجة السابعة من الكآبة التي يقول علماء النفس انها المرحلة التي تسبق الانتحار؟ ولماذا يكتئب وهو ، باعتراف المسؤولين السوريين قبل اللبنانيين، اقل المسؤولين السوريين تورطا باغتيال الحريري نظرا الى ان الفريق الامني الذي حكم لبنان بعده كان معارضا لسياساته السابقة في كل شيء وخصوصا في قضية صداقته الخاصة للحريري؟ لماذا نشرت المواقع السورية القريبة من الحكم قبل ايام مقابلة لنائب لبناني يتهم فيها كنعان بانه وراء خسارة اراضيه وتهديده بتحطيمه وتحطيم عائلته؟ لماذا لم ينتحر في بيته عندما توجه اليه لمدة وجيزة وعاد الى الانتحار في مكتبه؟ لماذا تدفعه انباء الثراء المفاجىء الى الانتحار ولا تدفع غيره ممن ظهرت شيكاتهم في محطات التلفزة وهم تولوا المنصب نفسه الذي تولاه؟... تشريح دقيق لكل كلمة في التصريح الاخير ولكل فاصلة ولكل موقف. تشريح سيبقى لفترة طويلة في مختبرات الفحص والتدقيق رغم اعلان المحامي العام الاول في دمشق محمد مروان اللوجي ان التحقيق في الانتحار انتهى الى ان كنعان... انتحر!

"كنعان كود" سيستمر عربيا ودوليا بالدرجة الاساس، لكن شيفرة اخرى سيبدأ السوريون بمحاولة فكها عمليا، هي شيفرة التصريحات والمواقف التي يدلي بها وزير الخارجية فاروق الشرع الشهير بتوقعاته "الصائبة" من مواقفه الشهيرة قبل الحرب الاميركية على العراق الى اعتباره ان القرار 1559 سخيف وان سورية غير معنية به. الشرع امس حمل وسائل الاعلام البنانية مسؤولية "قتل" اللواء كنعان مشيرا الى ما بثته محطة "نيو تي في" قبل يوم عن افادته في التحقيق باغتيال الحريري.

غازي كنعان وزير الداخلية السورية، رجل الاستخبارات المتعدد الخبرات، "حاكم لبنان" السابق الذي عرف اللبنانيين عن قرب ووجههم ووجه وسائل اعلامهم وتعرض الى مواقف واخبار افظع بكثير مما قيل عنه (راجعوا مشكلة النائب اللبناني السابق يحيى شمص قبل سنوات وماذا اعلن في مؤتمره الصحافي عن كنعان وسماه الحجاج بسبب خلاف على ارض وناشد الرئيس حافظ الاسد شخصيا ان يحميه منه)... هذا "الحاكم" قتل بسبب خبر عنه في تلفزيون "نيو تي في" حسب اكتشافات الشرع، وهو – بالمناسبة- التلفزيون الذي ادخل خلف كنعان رستم غزاله صاحبه تحسين خياط الى السجن مركبا له تهمة العمالة لاسرائيل لان الاخير اراد كشف شيكات غزاله في بنك المدينة، ولم ينتحر خياط رغم ان تهمة العمالة لاسرائيل افظع بكثير من الثراء بسبب منصب.المحامي العام اكد انتحار كنعان والشرع حمل الاعلام اللبناني مسؤولية قتله وغدا سيخرج في سورية من يطالب بمحاسبة الفاعل... تبقى ملاحظة قد لا تكون مهمة: البطل في نهاية قصة "دافنتشي كود" الطويلة يكتشف بعد سلسلة من المغامرات في بريطانيا المجاورة لفرنسا ان السبب الذي ادى الى قتل امين اللوفر موجود قرب... مكان الجريمة.

  alirooz@hotmail.com

 

 صحف العالم: شهقة جماعية إزاء انتحار كنعان 

الخميس 13 أكتوبر ايلاف-  عبدالله المغلوث من ميامي:  شهقة عالية انطلقت من صدور صحف العالم اثر نبأ انتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان(63 عاماً) وفق ماأعلنته دمشق. وقد تصدرت الصفحة الأولى لـ "ليفغارو"الفرنسية صورة أرشيفية للرئيس السوري بشار الأسد مرتديا قميصا مقلما وابتسامة مثيرة والى جانبه وزير داخلتيه كنعان ببدلته الزرقاء ونظراته الداكنة، وأشارت الجريدة الذائعة الصيت التي تأسست عام 1826 في سياق تغطيتها لانتحار الوزير السوري أن دمشق تسير إلى مزيد من الارتباك. وقالت "الواشنطن بوست" في صفحتها الداخلية أن علامة استفهام كبيرة أفرزها انتحار الوزير السوري"ماسيزيد الأمور تعقيدا في ملف قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري".

أما "ميامي هيرالد" فتوقعت في ملحقها الدولي اليوم أن تقرير القاضي الألماني ديتليف ميليس المرتقب خلف مقتل كنعان. وعبرت صحيفة "عرب نيوز" السعودية الناطقة باللغة الانكليزية عن الحالة التي أصابت الشارع العربي ازاء حادثة أمس حينما قالت في عنوانها الرئيس:" انتحار وزيرسوري يصدم العالم العربي".

وكتبت "دايلي ستار"اللبنانية عنوانا لصفحتها الأولى:"هذا آخر تصريح ربما أدلي به" دلالة على التصريح الذي أدلى به الوزير السوري لإذاعة صوت لبنان قبل مقتله بساعات وطلب توزيعه على وسائل الإعلام التي ظلت تعيد بثه طوال أمس وحتى مطلع اليوم الجديد.

وكتب اللبناني سمير عطا الله في اخيرة "الشرق الأوسط" الصادرة من لندن في عدد اليوم الخميس عن كنعان قائلا: "عرفته في عشاء أقامه اللواء سامي الخطيب في بلدته ذات ليلة ثلجية قاسية من شتاء 1998. وقبل أن أراه كان ذكر اسمه يرعبني. وصدف أنني كنت الى الطاولة الى جانبه، فراح يباسطني. ثم وضع في يدي مسبحة ثمينة كان يداعب حباتها. وبعد قليل حاولت أن أردها له، فدفعها اليَّ من جديد، قائلاً: "هل ترفض أن تعقد صداقة معي؟". وفي نهاية العشاء أعطاني بطاقة مذهبة. ثم دوَّن عليها رقمه الخاص، وقال، ضاحكاً ايضاً: "هذا معي 24 ساعة. لا توفرني في شيء".وتساءل الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد في الصحيفة ذاتها :" ولن يهتم كثيرون ان غازي كنعان قتل او انتحر بسبب سجله غير المحمود، لكن سيظل السؤالان لماذا وماذا بعد؟ وختم نقولا ناصيف مقالته في "النهار" اللبنانية سائلا أيضا:" هل ان انتحـار كنعان كان دفاعا عن نظام يواجه تهديدات خطيرة، ام ايذانا بتحولات خطيرة تنتظر هذا النظام؟"

 والمتابع للصفحات الأولى للصحف العربية اليوم سيشهد تغييرا ملحوظا من خلال تركيزها على انتحار الوزير السوري غازي كنعان خلاف الأيام الماضية التي تناولت في صفحاتها الرئيسة آثار زلزال باكستان الذي انتقلت متابعاته الى الصفحات الداخلية.

 

 جثمان كنعان إلى بحمرة حيث يوارى الثرى 

الخميس 13 أكتوبر -  إيلاف

دمشق: لم يلف نعش وزير الداخلية السوري الراحل غازي كنعان بالعلم السوري كما جرت العادة عند وفاة شخصيات رسمية، كونه انتحر، ولم يتعدى المشاركون في تشييعه العشرات متجهين إلى مسقط راس كنعان، بلدة بحمرة حيث يوارى الثرى. غادر الموكب الذي رافقته عشرات السيارات الرسمية بينها سيارة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري من مستشفى الشامي على جبل قاسيون المطل على دمشق حيث كان الجثمان موضوعا. وزينت سيارة الاسعاف التي اقلت الجثمان باكاليل زهر بينها اكليلان باسم الرئاسة السورية ومجلس الوزراء. ووضع الجثمان في سيارة الاسعاف في حضور العديد من المسؤولين يتقدمهم رئيس الوزراء محمد ناجي العطري ووزراء الدفاع حسن تركماني والخارجية فاروق الشرع والاعلام مهدي دخل الله ورئيس هيئة اركان الجيش والقوات المسلحة العماد علي حبيب وعدد من ممثلي احزاب الجبهة الوطنية التقدمية ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات وعدد من اعضاء مجلس الشعب وذوي الفقيد.

وكنعان (63 عاما) الذي تولى حقيبة الداخلية منذ تشرين الاول/اكتوبر 2004 ولد في بلدة بحمرة في محافظة اللاذقية. وكان بين المسؤولين السوريين الذين استجوبتهم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في نهاية ايلول/سبتمبر.

 

 قناة الحرة كشفت ان كنعان أعد قبره منذ فترة 

الخميس 13 أكتوبر - إيلاف

 واشنطن : قال العماد ميشال عون في لقاء مع قناة "الحرة" ضمن برنامج "ساعة حرة" الذي يقدمه الاعلامي نديم قطيش، أنه لم يتوقع أن يقدم غازي كنعان على الانتحار، وان هذا اليوم يذكره بمحاولة إغتياله عام 1990 التي قتل فيها احد مرافقيه . ودعا عون الى التأكد من ظروف الوفاة ومن طبيعتها "حتى لا يكون هناك التباسات في التأويل والاستنتاج". وقال انه يجب التأكد من ان صوت اللواء كنعان هو فعلا صوت الرجل الذي اتصل بإذاعة صوت لبنان قبل اعلان الوفاة ببضع ساعات. وشدد على ضرورة أن تكشف لجنة التحقيق الدولية على جثة كنعان لأنه "كان موضوع تحقيق في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري".

وقال عون أن غياب كنعان سيمنع إكتشاف قتلة الحريري وغيرها من الجرائم التي ارتكبت طوال فترة حكمه للبنان والممتدة على أكثر من عقدين. وقال " إن كان لغازي كنعان علاقة بالجريمة فأن وفاته تقطع الخط المؤدي الى هذه الجريمة وإن لم يكن له علاقة فالوفات تشكل ايضا اقفال مسلك من مسالك التفتيش عن الحقيقة". وأوضح عون أن "الخلافات بين الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة وسوريا كان له كبير الأثر على النظام السوري وربما يكون هذا الامر هو ما ادى الى غياب اللواء كنعان بسبب "تحميله مسؤولية الخطأ الذي حصل في لبنان" من جهة أخرى كشف شارل ايوب رئيس تحرير صحيفة الديار اللبنانية خلال الحلقة أن اللواء كنعان قال له في أحد اللقاءات أنه حضر مكان مقبرته قرب منزله وانه زرع بعض الأشجار ونقل جزءا من اغراضه لا سيما سيفه من الكلية العسكرية ووأصى بأن يدفن في المكان الذي أعده. وكشف أيوب ان اللواء كنعان كان يجلس على كرسيه يوميا بعد الساعة الرابعة بين الأشجار التي زرعها في مقبرته وأنه اوصى بنقل رفاة والده ووالدته الى المكان نفسه الذي أعده ليدفن فيه.  حلقة مميزة جديدة من برنامج ساعة حرة تكشف عن سرعة في الاعداد والتنفيذ ومهارة لافتة في الاضاءة على جوانب مختلفة من الحدث قيد المعالجة.

 

عائلة كنعان ستدعي على ميليس 

الخميس 13 أكتوبر -  . بهية مارديني

 ايلاف: أعلن المحامي العام الاول في دمشق محمد مروان اللوجي نتائج التحقيقات التي اجرتها السلطات الرسمية في وفاة وزير الداخلية السورية اللواء غازي كنعان ، وقال: " بعد اجراء الخبرات الفنية والخبرة الطبية الشرعية الثلاثية على الجثة والبصمات تبين ان الحادث انتحار بمسدس خاص باللواء كنعان من نوع "سميس إند ويسن"، بكرة عيار38 ملم. اضاف : "تأكد انتحار اللواء كنعان بالكشف الحسي على الجثة والخبرات الفنية التي اعقبتها والمشاهدات الحسية في المكتب الخاص به والاستماع الى اقوال الشهود من العاملين في المكتب وهم مدير مكتبه وحجابه ومرافقوه ، وهو اقدم على وضع فوهة مسدسه المذكور في فمه واطلق النار منه. وبينت التحقيقات ان اللواء كنعان وصل الى مكتبه حوالي الساعة التاسعة والربع من صباح أمس الاربعاء، مارس عمله كالمعتاد ثم غادر المكتب حوالي العاشرة صباحا، وركب سيارته وقادها بنفسه وخرج باتجاه منزله ومكث فيه لمدة بسيطة عاد بعدها إلى مكتبه في مبنى وزارة الداخلية.

وبعد خمس دقائق سمع حاجبه الخاص صوت طلق ناري خفيف، فحضر مدير مكتبه ووجد اللواء كنعان ملقى على الارض مستلقياً على ظهره خلف مكتبه، وشاهد المسدس الخاص به بيده اليمنى واصبعه على الزناد ويده على صدره، وكان لا يزال على قيد الحياة ويتنفس بسرعة وجسمه يختلج. على الفور تم اسعافه الى مشفى الشامي في دمشق وادخل غرفة العناية المشددة حيث فارق الحياة بعد محاولات عدة لانعاشه". بدورها اصدرت وزارة الاعلام السورية بيانا عن وفاة اللواء غازي كنعان قالت فيه " انه نظرا إلى مكانة سورية ودورها، أثار هذا الحادث اهتماما خاصا في الدوائر الاعلامية والسياسية في المنطقة" .

وتابع البيان: "ان المغفور له اللواء كنعان الذي سيشيع رسميا اليوم كان قد ادلى قبل الحادث بتصريح لاحدى الاذاعات اللبنانية عبر فيه عن عتبه ومرارته لما تقوم به بعض وسائل الاعلام اللبنانية من اساءة إليه وتزوير للحقائق، مشيرا الى دور سورية في دعم لبنان ابان محنته والى التضحيات التي قدمتها من أجل تحريره وتعزيز وحدته واستقراره .‏ وقال في نهاية حديثه ان هذا آخر تصريح يدلي به راجياً المحررة أن تعممه على بعض الشخصيات والمؤسسات الاعلامية الاخرى". الى ذلك،ذكرت صحيفة "الديار" اللبنانية القريبة من السلطات السورية ان عائلة كنعان تبحث في توكيل محام كفوء اقامة دعوى على رئيس لجنة التحقيق الدولية في ‏اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، القاضي ديتليف ميليس، "بسبب التسريبات ‏المتكررة المغلوطة لوسائل الإعلام والتي دفعت بالوزير كنعان إلى الانتحار دفاعاً عن كبريائه ‏وكرامته كضابط ومسؤول".

 

روبرت فيسك: كنعان لا ينتحر

الخميس 13 أكتوبر - إيلاف

 لندن: أبدت الصحف البريطانية اهتماما بخبر رحيل وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان وتحديدا صحيفة الاندبدنت التي نشرت مقالا كتبه محررها للشؤون الشرق اوسطية روبرت فيسك تحت عنوان : "غازي كنعان الذي اعرفه ليس من النوع الذي يقدم على الانتحار".

وأثار فيسك ظلالا من الشك حول الحادث، من وحي معرفته بكنعان الذي عمل طوال الأعوام العشرين الماضية مسؤولا عن استخبارات الجيش السوري في لبنان.

الغارديان

وفي صفحة الشؤون الدولية في الغارديان كتب سايمون تيسدال يقول إن الرئيس السوري بشار الاسد "لا يبدو انه يقاتل من أجل تنظيف اسم سورية فيما يتعلق بتحقيقات الامم المتحدة بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري فحسب، بل إنه يقاتل من اجل البقاء والحفاظ على حزبه".

ويعتبر تيسدال ان رحيل كنعان يظهر حجم الضغوط المتنامية على سوريا والتي يرى ان اغلبها يأتي من الولايات المتحدة.  يقول الكاتب ان الولايات المتحدة تريد "تغييرا في تصرفات النظام" وليس "تغييرا للنظام"، لكنه يشير الى ان التقارير الواردة من واشنطن باتت تتحدث عن مساعي امريكية لإيجاد بديل للرئيس الاسد ربما من الجيش او حتى عمه رفعت الاسد الذي يعيش في المنفى.

محاذير التغيير

غير ان للتغيير محاذير كما يرى الكاتب، إذ ينقل عن ريم علاف، الأكاديمية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط قولها إن الأسد لا يحظى بشعبية، كما ان احزاب المعارضة ضعيفة ، بينما جماعات المعارضة الخارجية محتقرة.  ونقل الكاتب أيضا عن جوشوا لانديس وهو امريكي يعيش في دمشق ويدير موقعا للانترنت عن سورية تحذيره بأن سقوط نظام الأسد ربما يمزق البلاد.  وتحت عنوان :" العثور على كنعان ميتا"، كتبت رولا خلف وفيري بيدرمان في "الفايننشيال تايمز" تعليقا على رحيل كنعان يعتبر ان هذا الرحيل يغيب أحد اهم الشهود الرئيسيين في التحقيق الذي تجريه الامم المتحدة بشأن اغتيال الحريري.

 

فتش عن المجلس الملي العلوي وعلي دوبا 

الخميس 13 أكتوبر ايلاف:  نصر المجالي من لندن: ظل السؤال حائرا منذ الخبر المختصر الذي أذاعته أجهزة الإعلام السورية ظهر الأربعاء، وهو هل نُحر اللواء غازي كنعان انتحر؟، فالحدث ليس عاديا نظرا لأهمية الرجل محور القضية، فليس الجواب يبدو هينا إلى حين،، والسؤال رافقته مطالب بالشروع بتحقيق دولي على غرار التحقيق الذي يقوده المحقق الألماني ميليتس في حادث اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، خاصة لارتباط الأمرين والظرفين والقضيتين ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر كون وزير الداخلية المنتحر كان ضمن قائمة الأشخاص الذين التقاهم ديليف ميليتس خلال زيارته الأخيرة للعاصمة السورية على أنه لم يوجه اتهاما لأي منهم.  ففي حديث عبر الهاتف مع المعارض السوري الدكتور حسام الديري الأمين العام لتجمع الأحرار الوطني الديموقراطي وعضو اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني السوري، طرح الديري سؤالا مهما ثم أجاب عليه سواء بسواء وهو قتل الوزير كنعان أم أنه انتحر؟، فقال "الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن البال هي انه إذا مات الوزير اغتيالا بتدبير ما،، فإنني استطيع القول أنه لا الرئيس بشار الأسد ولا شقيقه ماهر ولا صهرهما آصف شوكت قادرين على اتخاذ قرار خطير مثل هذا".

وأضاف "قرار في مثل هذا الحجم متعلق بتصفية أحد أركان الحكم والرجال الأقوياء فيه لا يمكن أن يتخذه إلا المجلس الملي الأعلى للطائفة العلوية، وأكثر من هذا لا يمكن أن يتم اتخاذ القرار إلا بأمر وموافقة من علي دوبا الرجل الدموي ورئيس الاستخبارات السابق".  ولكن لماذا علي دوبا؟ يجيب وقال الدكتور الديري "هذا الرجل الدموي تظل عينه على النظام وحمايته من خارجه، صحيح أنه خرج من اللعبة الوظيفة والإدارية، لكنه ليس خارج القرار السياسي".  وردا على سؤال ما إذا كان يعتقد أن اللواء كنعان الذي حكم لبنان وقت الاحتلال السوري منذ العام 1982 حتى العام 2002 قتل أم أنه انتحر؟ قال أمين عم تجمع الأحرار الوطني الديموقراطي المعارض "لا بد من القول أولا أن الرجل لا ينتحر إلا لسبب إما أنه شجاع أو بطل، وإذا انتحر غازي كنعان فإنه بذلك يكون قدك نفسه ليكون بمثابة كاميكاز حكم بشار الأسد،، "في الإشارة إلى الطيارين اليابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية ضد الأسطول الأميركي"، أو لأسباب لا يعرفها إلا هو شخصيا وبعض أركان النظام".

وأضاف المعارض السوري "وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من السخرية بمكان ان يتم الإعلان عن انتحاره في خبر لا يتجاوز ألـ 19 كلمة من جانب مجلس الوزراء السوري الذي كان الرجل يرهبه كونه الرجل تحت سقفه"، وقال "ولكن دعني أقول لك .. الانتحار لم يكن يمثل حال شجاعة في تاريخنا العربي والإسلامي وحتى قبل الإسلام، وإذا كان كذلك فهو حالة مستوردة وغريبة ولا تعني البتة الشجاعة".

وتابع المعارض الديري كلامه قائلا "وإذا كان محتمل أن يتم تبرير انتحار كنعان بأنه كان يعاني من اضطرابات نفسية، هنا تكن الكارثة الكبرى،، فتشخيص أية حالة نفسية لا يمكن أن تتم بيوم أو اثنين أو أسابيع أو سنين"وقال "وهذا يعني أن النظام في سورية يتحمل كل تبعات أفعال غازي كنعان الإجرامية طوال السنوات كلها سواء كان في سورية أو لبنان، حيث هي كانت تتم تحت سمع وبصر النظام وهو يدرك أن اللواء كنعان مضطرب نفسيا".  وقال "وهنا يمكن القول ان نظام بشار السد يثبت أمام العالم عجزه وفشله، إذ كيف لا يعرف أن وزيره القوي مضطرب نفسيا ويفسح له المجال بكل التصرفات التي ارتكبها ضد الشعبين السوري واللبناني قبل تسلمه منصبه، وبالتالي كيف يمكن تعيينه في هذا المنصب الوزاري الحساس؟".

ونبه الدكتور الديري إلى أنه مادام الرئيس بشار الأسد قال أنه لا يعرف كيف تم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري "فإنه سيخرج للناس ثانية ليقول أنه أيضا لا يعرف كيف قتل غازي كنعان"، وتابع "وإذا فعلا كان لا يعرف، فهذا دليل قاطع ثان على أنه ليس رئيسا كفوا لقيادة الدولة السورية".  ولكن هل يعتقد المعارض الديري بأن نحر اللواء كنعان ضمن صفقة مع الولايات المتحدة لفك حبل المشنقة الملتف حول عنق النظام في سورية تضاف إلى سلة من الصفقات السرية التي تم الحديث عنها في الأوان الخير وان اللواء الراحل كان كبش فداء لإبقاء الروح في النظام لسنوات معدودات؟

يجيب الدكتور الديري "فقط لتبيان الحقيقة، أركان النظام في سورية يتحدثون عن عداء دائم ومصادمات مع واشنطن، ولكن دعني أقول لك أن غالبية أبناء هؤلاء يعيشون بأمان في الولايات المتحدة ويذهبون ويجيئون ويستثمرون بكل حرية مطلقة، حتى يعرب بن غازي كنعان يعيش في واشنطن، وكل استثماراته وأرصدته في بنوك أميركية، فإذا كانت الولايات المتحدة جادة في كلامها عن تجميد أرصدة اللواء الراحل كما كانت قررت في السابق، فلماذا لا تجمد أرصدة ابنه يعرب وهي تعرف كيف آن له تحصيلها وتعرف مصادرها أيضا".

تحدث الأمين العام لتجمع الأحرار الوطني الديموقراطي السوري عن المعارضة السورية في الخارج، مدافعا عنها وذلك في معرض رده عل سؤال يقول أن هذه المعارضة هشة ومتفرقة ولا ثقة فيها، فقال "تأكد أن المعارضة ليست ممزقة ولا مشتتة فالجميع متفق على تغيير سلمي ديموقراطي في سورية، مع التأكيد على مسألتي الوطنية والمواطنة، بعيدا عن الطائفية والعرقية والمذهبية،، فالدين لله والوطن للجميع".

وفي الأخير، رد على سؤال حول ما تقوله الولايات المتحدة من أن حركة الإخوان المسلمين هي الحركة المعارضة الوحيدة على الساحة السورية داخليا وخارجيا، فقال"ذات حركة الإخوان المسلمين تدرك لا بل تعترف أنها لا تستطيع تحقيق أكثر من 20 بالمائة من الأصوات فيما لو جرت انتخابات حرة ديموقراطية في سورية،، واي كلام عن قوتها وأنها الحركة الوحيدة القادرة، كلام مردود جملة وتفصيلا".

 

المقربون من غازي كنعان: شخص مثله لا يمكن أن ينتحر 

الأربعاء 12 أكتوبر -  الوطن الكويتية - الخميس: 13. 10. 2005

يبدو ان الأحداث على الساحتين اللبنانية والسورية قد أخذت منحنى جديدا، إذ بعدما سيطر الجو «الدرامي» على الاحداث منذ حادث الاغتيال المريع لرئيس الوزراء السابق رفيق الحريري حتى منتصف نهار أمس، تحولت الاحداث الى الجو «الكوميدي» بعدما اعلنت دمشق «انتحار» أو «استنحار» وزير الداخلية السوري غازي كنعان في مكتبه. والكل يعرف ان غازي كنعان كان من ابرز الشخصيات التي استجوبها القاضي الالماني ديتليف ميليس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق، وكان مقررا ان يسلم ميليس تقريره بشأن هذا الاغتيال في نهاية اكتوبر الحالي الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان.

ولعدة مرات خلال الايام الاخيرة، تسربت معلومات بأن تقرير ميليس سوف يحمّل دمشق بشكل أو بآخر مسؤولية اغتيال الحريري.. بما يحمله ذلك من تبعات دولية محتملة وعقوبات على النظام السوري.

ورجحت مصادر سياسية ان مسؤولين سوريين بارزين وضالعين في قرار اغتيال الحريري هم وراء مقتل الوزير غازي كنعان حيث اعتبروا ان هذا سيقطع الطريق على التحقيقات التي ستقف في النهاية عند غموض الانتحار!! لكن مصادر أخرى لم تستبعد ان تتوالى الاحداث المتلاحقة داخل سوريا وان يكون هذا الحادث مفتاحا لمرحلة من عدم الاستقرار خصوصا في ظل اصرار اهل ومعارف الوزير كنعان على ان شخصيته تحتم انه لم ولا يمكن ان ينتحر.

 

الانتحار وتسخين الانتظار

بشارة شربل -الخميس 13 أكتوبر  - صدى البلد اللبنانية

سرّع انتحار غازي كنعان أمس التراكم الدرامي الذي كان يسير فيه المشهد المثير الذي فرضه انتظار تقرير ديتليف ميليس. هي مفاجأة بالطبع تترافق مع تصاعد حبس الأنفاس حتى موعد 21 الجاري حين تزف ساعة الحقيقة، وهي حقيقة الجريمة الشنيعة مثلما هي حقيقة التقرير. دخلنا الآن في المنطقة الحمراء. قبل انتحار غازي كنعان كان لبنان ومعه سورية يتمتعان بفترة سماح أو فلنقل فترة تردد لا تسمح باتخاذ قرارات كبرى سواء هدفت الى الهدوء أو نحت نحو المواجهة. فالتقرير محل تجاذب وتكهنات. وتوقعات الأطراف في الفترة الأخيرة تناقضت الى حد الاستغراب مع ميل واضح الى ترجيح أن التحقيق "فارغ" من الأساس أو أن الأدلة ليست دامغة وان معظم ما سيورده المحقق الدولي استنتاجات مبنية على تحليل سياسي.

بعد غياب غازي كنعان، وهو شخصية محورية في النظام السوري، يحتاج الجميع، أولئك الذين راهنوا على ادانات كبرى في التحقيق وأولئك الذين اتهموا ميليس بالتفاهة والغباء، الى اعادة الحسابات. هذا شخص أساسي استجوبه المحقق الدولي في جريمة الاغتيال، صدرت عن افادته أخبار مثيرة نفاها قبل دقائق من الانتحار. وحده ميليس يملك نسخة عن التحقيق ووحده يستطيع بعد أقل من عشرة أيام اثبات براءة الراحل أو رميه وهو جثة بالشبهات. رحيل غازي كنعان المفاجئ يدخل لغزاً في الرواية الكبرى للعلاقات اللبنانية ـــ السورية التي أدارها على مدى 20 عاماً ولجريمة الاغتيال وللجنة التحقيق الدولي، وهو لغز كبير ومتعدد الاتجاهات. وبديهي أن تتوسع التأويلات والأسئلة عما اذا كان كنعان ذهب ضحية تورط شديد أو معرفة أكيدة بالمتورطين أو رغبة في اخفاء أدلة أو أسرار تتعلق بملفات كبرى كان له يد فيها أو كان شاهداً حقيقياً عليها. وطبيعي ونحن في خضم التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري طرح أسئلة عما اذا كان رحيل غازي كنعان يقطع خيطاً ما في مسار التحقيق أو يلغي شاهداً كان ذا دور حاسم في اثبات الادانة أو اثبات البراءة لأشخاص في لبنان وسورية أو للنظامين على السواء.

الراغبون في تأكيد تورط دمشق في الاغتيال يجدون ضالتهم في انتحار كنعان ويعتبرونه دليلاً دامغاً الى امتلاء التقرير بالادانات ويفسرونه بتصفيات عادية تجرى بين مجموعة متهمين. وهم بعيد اعلان الانتحار شككوا فيه ورأوا في مداخلة كنعان الصوتية مع "صوت لبنان" وصية أخيرة تلاها مدركاً أي خطر هو فيه. أما الذين لا يرون في كل ما حصل في لبنان سوى تآمر غربي وضغوط تمارس على سورية فانهم سيجدون صعوبة في تفسير الانتحار وسيجاهدون لالتقاط الأنفاس بغية معاودة الهجوم على التقرير بعدما عاشوا حال انتعاش قصوى على مدى أكثر من أسبوعين غذتها رواية الشاهد المخادع محمد زهير الصديق.

يغيب غازي كنعان ويحمل معه خزنة أسرار لاعب كبير حكم لبنان فترة عقدين نفذ خلالهما سياسة دمشق الاستراتيجية التي تميزت بتجميع الأوراق، وصنع خلالهما طبقة سياسية دانت له بالولاء وكانت تستجدي رضاه. ولا نعرف هل كتب الرجل مذكرات توضح تفاصيل تلك المرحلة التي صاغها بتفاصيلها اللبنانية وبحساسياتها المحلية والتي جلبت لبلاده النفوذ مثلما تسببت لها بتراكم الأخطاء، اذ أن كنعان لو كتب لافتضح أمر كثيرين من سياسيين وأمنيين ورجال مال وأعمال ومثقفين وصحافيين كانوا ينتظرون ساعات ليفتح لهم الباب وانقلب كثيرون منهم على دمشق مع انقلاب الأحوال. تفسير نتائج الانتحار قابل للذهاب في أي اتجاه. فقد يكون كنعان أول وآخر ضحايا التقرير أو المدخل الى مزيد من الدماء. الرصاصة التي دخلت رأسه قد تطلق بداية فعلية للتحقيق أو تعلن الخاتمة التي تغني عن كل المقدمات. لكنها في أي حال تضفي على الأيام الفاصلة عن اعلان التقرير جواً من الاثارة والقلق يستدعي ربط الأحزمة وقراءة الأدعية على أمل الهبوط بسلام.

 

انتحار اللواء كنعان: 4 سيناريوهات 

الخميس 13 أكتوبر - القدس العربي اللندنية

 مثلما كانت شخصية اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري مثار جدل، خاصة عندما كان الحاكم الفعلي للبنان لاكثر من عشرين عاما بحكم قيادته لجهاز الاستخبارات السوري فيه، فان انتحاره سيكون اكثر اثارة للجدل، لان الانتحار ليس من سمات القيادات العسكرية او الامنية العربية، والسورية منها علي وجه التحديد.

الذين عرفوا اللواء كنعان وتعاملوا معه، يؤكدون ان الرجل يتمتع بدرجة كبيرة من الصلابة، ومر بظروف صعبة للغاية واجهها بشجاعة واعصاب فولاذية، ولهذا فان نظرية انتحاره تظل موضع شكوك الكثير من المراقبين. هناك اربعة سيناريوهات متداولة حاليا في الاوساط السورية واللبنانية حول هذه الحادثة المفاجئة لا بد من طرحها لالقاء المزيد من الضوء عليها ومحاولة تحسس الاسباب والدوافع لعملية الانتحار او النحر اذا جاز التعبير.

السيناريو الاول: يقول ان اللواء كنعان اصيب بحالة من الاكتئاب المزمن بسبب انهيار المشروع السوري في لبنان الذي عمل علي بنائه وتعزيزه طوال العشرين عاما من خدمته.

السيناريو الثاني: حدوث صراع اجنحة داخل النظام السوري، بلغ ذروته مع اقتراب موعد اذاعة نتائج تحقيقات القاضي الالماني ميليس حول جريمة اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق. وقرر احد الاجنحة النافذة اعدام اللواء كنعان، وتقديمه ككبش فداء للادارة الامريكية لامتصاص اي نتائج تدين سورية او بعض رجالها، يمكن ان يكشف عنها تقرير ميليس.

السيناريو الثالث: ان تكون بعض الاطراف الامنية السورية النافذة اكتشفت وجود اتصالات بين الادارة الامريكية واللواء كنعان لترتيب انقلاب داخلي يطيح بالنظام الحاكم الحالي، ويتولي تغيير السياسات السورية بما يلبي المصالح الامريكية في تعاون سوري اوثق في الملفين العراقي والفلسطيني، ولهذا تقرر التخلص منه مبكرا.

السيناريو الرابع: ان يكون النظام السوري ادرك ان اللواء كنعان سيكون اول المطلوبين للتحقيق كمتهم في جريمة اغتيال السيد الحريري، وانه سيضطر الي تسليمه لجهة خارجية، وبالتالي يفقد السيطرة عليه كليا، الامر الذي قد يدفعه للادلاء بالكثير من المعلومات التي تدين النظام السوري وتكشف دوره في دعم المقاومة العراقية، او التورط في عمليات اغتيال في لبنان لشخصيات رئيسية مثل السيد كمال جنبلاط، بشير الجميل، حسن خالد، والرئيس رينيه معوض، علاوة علي اغتيال الراحل الحريري، ولهذا جري نحره بهذه الطريقة الدرامية.

ويبدو من الصعب، او من المبكر، ترجيح اي من هذه السيناريوهات الاربعة، لان المعلومات التي رشحت حول هذه المسألة تبدو ضئيلة للغاية، خاصة من الجانب الرسمي السوري، كما ان التركيز علي الحديث الذي ادلي به الي راديو صوت لبنان ودافع فيه عن نفسه، وفند الاتهامات الموجهة اليه حول تلقيه اموالا من الحريري، يساهم في عملية التضليل وحالة الغموض الراهنة.

فقوله ان هذا آخر حديث يدلي به لا يعني انه كان قد عقد النية علي الانتحار، ويمكن تفسير هذا القول بان الرجل قرر عدم الحديث لوسائل الاعلام حول هذه المسألة في المستقبل منعا للقيل والقال، وحرصا علي سرية التحقيقات، مضافا الي ذلك انه رجل استخبارات، وكان دائما بحكم وظيفته مقلا في الاحاديث الصحافية، وحريصا علي البقاء في الظل. وسواء انتحر اللواء كنعان او نُحر فان وفاته هذه لها علاقة مباشرة بتقرير ميليس. وستؤشر بطريقة او بأخري الي وجود علاقة سورية بجريمة اغتيال الحريري، ويظل السؤال عما اذا كانت هذه العلاقة مباشرة او غير مباشرة، ومن مسؤولية افراد ام نظام، واذا كانت مسؤولية نظام فاين حدود هذه المسؤولية، وهل تقتصر علي اجهزة ام قيادة عليا؟ انتحار اللواء كنعان اضاف عنصر قلق جديد للنظام السوري، وكشف بطريقة او باخري عن بداية تصدع امام العزلة العربية والدولية والضغوط الامريكية.

 

لماذا لم يمت في حادث سيارة ..؟ 

الخميس 13 أكتوبر - الشرق الاوسط اللندنية - عبد الرحمن الراشد:

كان بالإمكان ان يموت غازي كنعان بطريقة مدبرة مقنعة بسكتة قلبية، او حادث سيارة، او في عملية مطاردة لإرهابيين او مرض عضال. وزير الداخلية السوري مات برصاصة واحدة قالوا انه اطلقها على نفسه، أمر يصعب تصديقه. نحن نعرف جيدا انه لا يوجد سياسي عربي واحد ينتحر، ولا توجد ثقافة الانتحار سوى في معسكرات بن لادن الموعودين بالجنة. اما كنعان فحظه في الجنة ضعيف والله أعلم. وبالتالي الاسلوب يعني الرجل كما يقال، اسلوب القتل هنا يريد فاعله ان يوصل الينا رسالة واضحة، «كنعان قتلناه»، وعلى الآخرين ان يدركوا ذلك.  ولن يهتم كثيرون انه قتل او انتحر بسبب سجله غير المحمود، لكن سيظل السؤالان لماذا وماذا بعد؟ انتحاره اعدام ربما هدفه التخلص من تركة سيئة بأكملها، وقد تقود الى اختفاء آخرين تورطوا في الوضع السيئ الذي اوصل دمشق الى ما وصلت اليه؟ وقد يكون مجرد حالة تخلص من أصبع وجدت بصمتها في مكان الجريمة.

علها سياسة جديدة تقول فيها دمشق انها تنتقل من عصر الى عصر، ومن كيفية في الادارة الى أخرى، ومن مجموعة الى غيرها. فان كانت مؤشرا على منهج جديد للحكومة السورية بانها تتجه للخروج من سياسة الأمن الى دولة حديثة، فلا أسف على اختفاء كنعان، بل يسهل غيابه التغيير الايجابي الذي يصب في صالح سورية نظاما وشعبا.  أما إن كانت مجرد عملية اخفاء آثار للجريمة من قبل المتورطين في اغتيال رفيق الحريري، في ظل تسارع احداث التحقيقات الدولية، فلن تجدي كثيرا في أي اتجاه، بل هي مثل الشاحنة البيضاء الصغيرة التي اختفت بعد الانفجار، أي مجرد دليل تخميني آخر في جريمة قتل، ولا تستحق منا أن نقرأ فيها اكثر من ذلك. سواء كانت وفاته جريمة ذات رسالة كبيرة او صغيرة، الا ان الملف الأهم هو سورية لا كنعان او بقية البيادق على سطح الشطرنج السوري. دمشق لم توح بعد الى العالم في أي اتجاه تسير، لأن الاحداث الكبيرة الأخيرة في سورية وخارجها لا تدل على شيء. فتقرير القاضي الدولي ميليس سواء ان سمى سورية اسما او تلميحا، فانه سيتركها معلقة للجلد اقليميا ودوليا، ولن يفيد كثيرا غياب رموزها القديمة، مثل وفاة كنعان او اختفاء عبد الحليم خدام او إقالة نصف المسئولين الأمنيين.

والدليل الوحيد الذي نملكه على ان هناك املا في أن تتجه سورية الى حسم كامل لاشكالاتها الأمنية، وورطاتها العسكرية في العراق ولبنان، هو كيفية موت كنعان برصاصة تقول انه خرج من الساحة ولم يمت بالصدفة في حادث سيارة، كما يموت كثير من الناس.

 

 أي أسرار ذهب بها انتحار غازي كنعان؟ 

نقولا ناصيف-  الخميس 13 أكتوبر - النهار اللبنانية

انتحر اللواء غازي كنعان امس على طريقة العقيد عبدالكريم الجندي الذي أنهى، كما قيل، برصاصة في الرأس مساء الاول من آذار 1969 حياته في حمأة صراع على السلطة بين حافظ الاسد وصلاح جديد، في حزب البعث وفي الدولة. كان عبد الكريم الجندي سنتذاك يشغل ثلاثة مناصب لم يسبقه اليها احد في الاستخبارات السورية، عضواً في القيادة القطرية للحزب ومدير مكتب الامن القومي ومدير المخابرات العامة. انتحر بعد مكالمة هاتفية مع رئيس شعبة المخابرات العسكرية علي ظاظا  اثر خلاف حاد بينه وبين الاسد في مؤتمر الحزب في يعفور آخر شباط. كان العقيد المتغطرس قد انحاز الى جديد. 

بدوره غازي كنعان انهى حياته برصاصة في الرأس بعد مكالمة هاتفية مع الزميلة "وردة" في "صوت لبنان" في حمأة مواجهة بين سوريا والمجتمع الدولي بازاء التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. انه الرجل الاكثر معرفة باسرار سوريا في لبنان، واسرار لبنان في سوريا على امتداد 30 عاماً من وجود سوريا في هذا البلد. فذهبت معه هذه الاسرار. وخلافا لرئيس الوزراء السابق محمود الزعبي الذي انتحر لاسباب اخلاقية تتصل باتهامه بالفساد، كان انتحار كنعان سياسيا يتصل بمصير النظام برمته.

وكانت امس المرة الاولى التي سمع اللبنانيون صوته، وهو الذي تحاشى المصورون تصويره من دون اذنه. الا انها المرة التي خاطب فيها مسؤول سوري كبير من تلقائه وسيلة اعلامية لبنانية طالباً منها تعميم تصريحه من دون العودة الى وسائل الاعلام الرسمية السورية. وبسبب ذلك فان غموضاً كبيراً يلف الظروف التي احاطت بانتحار رجل ملك اكثر من امتياز: صلته العائلية بالرئيس السوري بعد زواج نجله من ابنة جميل عم الرئيس بشار الاسد، امساكه الى الملف اللبناني بالملفات الاكثر تعقيداً كملف الامن الداخلي السوري والملف التركي والملف الكردي في شمال البلاد، وكان قائد الحملة على عصيان القامشلي قبل سنتين.

لكن غازي كنعان حكم لبنان واستطاع ان يكون عبد الحميد السراج وعبد الحميد غالب في وقت واحد. فالرجلان حكما لبنان في آن معا من موقعين متباعدين ما بين 1957 و1961: الاول من مكتبه في الشعبة الثانية في دمشق، والآخر من سفارة مصر في بيروت.   ثاني رئيس لجهاز الامن والاستطلاع في الجيش السوري في لبنان. دخل لبنان للمرة الاولى من بوابة عكار في 31 ايار 1976 على رأس وحدات مدرعة سورية وكان برتبة نقيب في سلاح المدفعية لفك الحصار عن بلدة القبيات. في وقت لاحق انتقل الى المخابرات رئيساً لفرع الامن في حمص، ولم يكتسب سمعته في المخابرات السورية الا عام 1980 عندما نجح في حمل "الاخوان المسلمين" في حمص على تسليم اسلحتهم فيما عمل رفعت الاسد على دك حماه وتصفيتهم. كان قد سبقه الى المنصب في لبنان العقيد محمد غانم الذي قطف وهج الدخول العسكري السوري الى لبنان مكتفياً بدور امني لم يتحول سياسياً الا عام 1982 على ابواب الاجتياح الاسرائيلي للبنان. وبحكم علاقاته بها في عهد الرئيس الياس سركيس هضمته الطبقة السياسية الواقعة تحت النفوذ العسكري السوري تارة بحمايته اياها وطوراً بضمانه مصالحها. ابان اجتياح 1982 غادر لبنان مع قوافل الجيش السوري التي ارغمها الاسرائيليون على الانسحاب من غرب طريق الشام. مطلع عام 1983 حلّ محله المقدم غازي كنعان بعد مرحلة انتقالية قصيرة لعلي حمود معاون غانم، والذي اضحى لاحقاً معاوناً لكنعان قبل ان يخلفه رستم غزالة. الامتحان الاول الذي واجهه كنعان كان "حرب العلمين" عام 1983 بين الحلفاء: حركة "امل" والحزب التقدمي الاشتراكي. عام 1985 في خضم مفاوضات الاتفاق الثلاثي وسلسلة الانتفاضات في حزب الكتائب قال لحزبيين قريبين منه جعل احدهم نائباً عام 1996 انه سيجعل هذا الحزب تراباً. وكما جعل محمد غانم من نفسه في سبع سنوات اسطورة سياسية وامنية اذ كان يحاور الياس سركيس وبشير الجميّل ويمثل سوريا في لجنة المتابعة العربية ويتوغل في النسيج السياسي والاجتماعي اللبناني، واضحى الضابط الذي يهابه السياسيون اللبنانيون، كذلك فعل غازي كنعان. عرّاب الطبقة السياسية منذ انتخابات 1992.

في 30 عاماً من وجوده في السلطة، حكم حافظ الاسد سوريا ولبنان معاً 25 عاماً. كان رجاله الذين اداروا لبنان ما بين 1975 و1983 عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وناجي جميل ومحمد الخولي ورفعت الاسد، ثم خرج الثلاثة الاخيرون، فاستمر خدام والشهابي حتى عام 1998. مذذاك انتقل الملف الى يد غازي كنعان وحده. بعدما كان الرجل ينفذ في لبنان ما كان يقرره خدام والشهابي في دمشق، اصبح ينفذ من عنجر ما كان يقرره الرئيس السوري، الاب والابن. أبعد الاسد الاب خدام عن الملف اللبناني فيما ساورته شكوك في الشهابي الذي لم يعد الى دمشق الا بوساطة لدى الاسد الابن عام 2000. وازدادت أخيراً الشكوك في الرئيس السابق للاركان، فيما بذل رئيس الاستخبارات العسكرية السورية اللواء آصف شوكت الذي زار قبل اسابيع باريس جهوداً لاعادة خدام الى دمشق بعد خلاف الاخير مع الاسد في المؤتمر القطري للحزب قبل اشهر وتخليه عن مواقعه. ويتردد ان خدام سيعود الى دمشق منتصف الاسبوع المقبل.

لم يكن في وسع اي رئيس لبناني الى اي سلطة دستورية انتمى التوجه براً الى دمشق من دون المرور بكنعان، ولم يكن في وسع اي سياسي اجتياز ابواب المسؤولين السوريين دونما المرور به ايضاً. في عهد الرئيس الياس الهراوي ثم خلفه لحود حتى تشرين الثاني 2002، صنع طبقة القضاة الحلفاء والضباط الحلفاء والموظفين الكبار الحلفاء...فالرجل عُرِف بالهدوء والنزق على السواء. كعبد الحليم خدام لم يتحمس لانتخاب لحود، ولم يحبذ اقصاء الرئيس رفيق الحريري عن اولى حكومات العهد الجديد. وفي ظل الغرور الذي اصاب العهد الجديد عام 1998، رغب لحود في اقصاء كنعان عن منصبه. بذلك اجتمع كنعان وخدام على امرين: صداقة وطيدة للحريري وعداء مضمر للحود. خرج نائب الرئيس من الملف اللبناني واضحى رئيس جهاز الامن والاستطلاع يدير لعبة سياسية لبنانية تشمل الجميع الا لحود الذي عوّل على علاقة شخصية بالرئيس بشار. وبشطبة قلم، كحال محمد غانم، أخرِج غازي كنعان من الملف اللبناني وقيل انه رقي الى مسؤولية افضل هي جهاز الامن السياسي في سوريا خلفاً للواء عدنان بدر حسن. دفع ثمن انتخابات 2000 بعدما قيل انه تواطأ والحريري على ادارة انتخابات تجعل الحريري على نحو غير مباشر يكتسح بيروت بمقاعدها كلها، فسقط الرئيس سليم الحص والنائب تمام سلام. ولم يكن كنعان، وهو بعيد من الملف اللبناني، داعماً للتمديد للحود. كان الرجل الرئيس الفعلي للطبقة السياسية اللبنانية من رأسها هرمها. شارك خدام في صنع لوائح انتخابات 1992 و1996 وصنع لوحده لوائح انتخابات 2000. وّزر وخلع وزراء. ولعل جانباً قد يكون مخزياً في مرحلة من تاريخ ما بعد الطائف في تاريخ لبنان ان نائباً اوصله غازي كنعان الى النيابة، ولايزال  ولكن في الموقع الاخر قال ذات يوم: "جزمته على رقبتنا".

بانتحاره ثمة اسرار اخرى ربما تكون على علاقة باغتيال الرئيس الراحل للحكومة حملها معه كنعان. وعلى نقيض من رستم غزالي لم يترك في صفوف حلفاء سوريا خصوماً له. عام 1994 سماه النائب السابق يحيي شمص "الحجاج بن يوسف" بعدما علم انه سيدخله السجن، وفي السنة نفسها نُسِب اليه ادخال سمير جعجع الى السجن.   نُسب اليه دائما انه كان يريد تدمير المعارضة المسيحية. وتطلع الى بكركي باستخفاف. منذ عين وزيراً للداخلية عام 2004 دخل صحراء حياته. في شباط الفائت احيل على التقاعد.

في حساب النظام في سوريا مَن يكون على هامش القرار في لبنان يكون على هامش السلطة والفاعلية في دمشق.لكن السؤال الاكثر مدعاة للغموض هو الآتي: هل ان انتحــــار كنعان كان دفاعا عن نظام يواجه تهديدات خطيرة، ام ايذانا بتحولات خطيرة تنتظر هذا النظام؟

 

انــتــحـــار 

الأربعاء 12 أكتوبر

 الحياة اللندنية- عبدالوهاب بدرخان

الخميس: 13. 10. 2005/ غازي كنعان انتحر؟ ربما، سننتظر لنعرف. الأخبار الصحيحة تتأخر... إذا صح انه انتحر، فإن السياق يرينا احتمالات عدة: قد يكون انتُحر، وقد يقول البعض انه نحر، وقد يكون هناك من «ساعده» حين وضعه أمام هذا الخيار الوحيد. نهاية مذهلة وغير متوقعة لعسكري لا يشي بروده وما شهد وشاهد وارتكب بأنه يمكن ان يقدم على الخطوة التي لا يأتيها الجنرالات إلا استنقاذاً للشرف العسكري.

أنها الماكينة الجهنمية نفسها، تحركت في بيروت في 14 شباط (فبراير) وتواصل اندفاعها آخذة من تلقاه بدربها. هل استبق غازي كنعان بـ «انتحاره» تقرير المحقق الدولي؟ ربما، لكنه لم يكن في سناريوات العارفين والاستخباريين شخصاً متورطاً في التنفيذ، عدا ما روي بصياغات متعددة عن علاقته مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، وعن الخصومات السياسية المشتركة بينهما إزاء بعض الطاقم الحاكم في لبنان.

كان تصريحه الأخير الى «صوت لبنان» ذا دلالة قوية الى ان الرجل يعيش أزمة نفسية. ولو لم يكن اتخذ قراراً شخصياً لما استفزه التقرير الذي بثته محطة «نيو تي في»، فهو سمع قبل ذلك الكثير مما يستحق الرد ولم يتكلم، إلا انه رد هذه المرة لأنها «الأخيرة» كما قال. كان في ما سمعه اشارة واضحة لعله الوحيد الذي فهمها، لأن التسريب عن تحقيقات ديتليف ميليس في «مونتي روزا» لا يمكن ان يكون اعتباطياً، فكيف إذا كان موجهاً ضده هو نفسه. إذاً، هناك من يستهدفه، ولم يكن هذا التسريب تفصيلاً عابراً، بل جاء في سياق تسريبات واشاعات أخرى في الداخل وخصوصاً في الخارج نسبت اليه ونسجت له وحوله خططاً لمواجهة التداعيات الميليسية.

يبدو أن غازي كنعان أدرك أنه رشح كي يكون كبش فداء، أو بالأحرى أحد الأكباش، ومع أنه لعب أدواراً كثيرة قاتمة طلبت منه بحكم موقعه ووظيفته وحتى قناعاته، إلا أنه على الأرجح لم يرغب في هذا الدور الأخير، وبذلك يكون قد انتحر فعلاً، لكنه انتُحر أيضاً، ولعله نحر كذلك إذ وضع في بداية نفق سيؤدي في النهاية الى هلاكه. من التالي؟ ربما يمكن اطلاق هذا التساؤل، على طريقة اللبنانيين في مسلسل تفجير السيارات، ذلك أن السيناريو بات مفهوماً. فلحظة شاع نبأ انتحار غازي كنعان كان عدد من المعنيين بملف تحقيق ميليس يبدي رد فعل عفوياً ومدهشاً، مفاده أن الانتحار جزء من عملية إبعاد «الشهود». فهل كان غازي كنعان شاهداً غير موثوق به، أم أنه استكبر الدور المطلوب منه.

كل ذلك، ووسائل الإعلام اتخمت في الأيام الأخيرة بالتكهنات والتوقعات بأن تقرير ميليس لن يتضمن أي اتهام حاسم لأي جهة سورية. والأرجح أنه لن يفعل، لأن الاستجوابات التي اتيحت له في دمشق لا تسمح له بتوجيه أي اتهام، بل انه لم يستطع أن يقوم بـ «استجوابات» على غرار تلك التي اجراها في بيروت، لذلك فإنه قد يكتفي بمجرد اعلان الاشتباه ببعض الاشخاص نظراً الى مسؤوليتهم الوظيفية. الى اي حد يؤثر انتحار غازي كنعان على معطيات التحقيق؟ الارجح انه لن يغير شيئاً، والأكيد انه يعكس فقط تطوراً داخلياً سيصار الى استيعابه، وبسرعة. أما «الشهود» الآخرون فموجودون، ومن المستبعد ان يكون هناك منتحر تالٍ، فليس بين هؤلاء من قدم للنظام الخدمات التي قدمها غازي كنعان ليُسمح له بـ «ترف» الانتحار. لكن الامر الوحيد الذي فاته انه، وقد رحل، أتاح لمن بقوا أن يتهموه وأن يقولوا ها قد عاقب نفسه.

 

دمشق تعلن عن تحقيق سريع في انتحار غازي كنعان وزير الداخلية السوري ادلى بتصريحه الاخير واطلق النار على نفسه

الأنوار 13/10/2005: اعلنت الحكومة السورية ان وزير الداخلية اللواء غازي كنعان انتحر في مكتبه امس، وان تحقيقا سريعاً بدأ لمعرفة الاسباب، وجاء الاعلان بعد حوالي ساعتين من اتصال اجراه كنعان ببيروت وادلى بتصريح نفى فيه معلومات عن التحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقال انه قد يكون آخر تصريح يدلي به. وقال العميد وليد اباظة مدير مكتب وزير الداخلية في تصريح لوكالة فرانس برس ان كنعان انتحر برصاصة في الفم في مكتبه في دمشق. واضاف ان (اللواء كنعان غادر الوزارة لمدة ثلث ساعة الى منزله ثم عاد ودخل مكتبه وبعد عدة دقائق سمع صوت طلق ناري وكانت الطلقة من مسدس في فمه). وقد نقل جثمانه الى مستشفى الشامي على جبل قاسيون. واوضح اباظة ان اللواء كنعان سيدفن اليوم الخميس في بلدته بحمرة القريبة من اللاذقية، فيما لم تعلن السلطات السورية عن اي اجراءات خاصة للجنازة. وواصل التلفزيون والاذاعة السوريان بث برامجهما المعتادة بعد اعلان نبأ انتحار الوزير. واذاعت الوكالة العربية السورية للانباء نبأ الانتحار بقولها توفي السيد اللواء غازي كنعان وزير الداخلية في مكتبه قبل الظهر منتحرا وتقوم السلطات المختصة باجراء التحقيقات اللازمة في الحادث). وقال مصدر سياسي (كانت هناك دماء على وجهه والمؤشرات الاولية هي انه وضع فوهة السلاح في فمه واطلق النار على نفسه).  ونعت رئاسة الحكومة السورية كنعان في بيان لكنها لم تعط اية تفاصيل اضافية.

تحقيق سريع/ وقال وزير الاعلام السوري مهدي دخل الله لمحطة (الجزيرة) التلفزيونية القطرية حتى الان نحن لا نعرف اسباب الحادث لكن محققينا سوف يطلعوننا بسرعة).واضاف (مهما حدث لن يؤثر على الاستقرار والتماسك الداخلي في سوريا نحن احدى اكثر الدول استقرارا في المنطقة).وردا على سؤال عما اذا كان الحادث مرتبطاً بالتحقيق الدولي قال دخل الله بالطبع الوقت حساس لكن انا اتحدث حول حقائق وليس حول شكوك وتكهنات النتائج التي توصلت لها لجنة التحقيق معروفة... ليس هناك اي دليل يشير الى سوريا وذكر دخل الله ان سوريا لا تتعامل باسلوب الاغتيالات مع اعدائها فكيف مع اصدقائها? في اشارة الى الحريري.

آخر تصريح/ وكان كنعان اتصل هاتفيا باذاعة صوت لبنان في بيروت صباح امس لينفي خبرا اوردته مساء الثلاثاء محطة تلفزيونية لبنانية عن الشهادة التي ادلى بها امام لجنة التحقيق الدولية وقال (هذا اخر تصريح ممكن ان اعطيه وكانت محطة (نيو تي في)، ذكرت في تقرير بثته مساء الثلاثاء ان كنعان قال امام المحققين الدوليين في اغتيال الحريري بانه كان يتسلم شيكات من الحريري ويوزعها على لبنانيين وسوريين وانه محتفظ بنسخ عنها. واضافت المحطة ان كنعان ذكر بالتحديد انه قبض من الحريري 10 ملايين دولار من اجل فرض القانون الانتخابي للعام 2000 الذي حقق الحريري بموجبه فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية في وقت كان في المعارضة.

مواقف/ هذا وفي مقابلة مع محطة LBC قال النائب السوري الدكتور محمد حبش مساء امس ان الشارع في سوريا لديه الكثير من التساؤلات حول رحيل اللواء غازي كنعان وقال استمعنا قبل دقائق من وفاته الى تصريح اخير قال فيه لن تسمعوا بعده اي تصريح آخر وهناك مؤشرات وقرائن تشير الى ان الرجل اقدم على فعل كهذا والجو السياسي الملبد في المنطقة اضافة الى الشعور بما يراد وما يطبخ لسوريا في مطابخ القرار العالمي الذي يبدو انه اخذ قسما كبيرا من تفكير اللواء كنعان اضافة الى انه وجد نفسه مدعواً للتحقيق وقد اثر ذلك نفسياً عليه، ربما كل ذلك قد دفع به الى امر كهذا. وتمنى حبش ان لا تنعكس هذه الاحداث الاخيرة على العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري. ورد النائب السابق فارس سعيد على النائب حبش وقال: وفي حال كانت هناك ضغوط على سوريا هل كل الناس تنتحر في سوريا، لماذا فقط غازي كنعان?

واعتبر ان الاعلان عن انتحار كنعان اتى في وقت يتم فيه تسوية ما بين النظام السوري والمجتمع الدولي متسائلاً ان كان هذا الاعلان سيساعد على استكمال التسوية او سيعيقها مشيراً الى ان القول ان لا علاقة لجزء على الاقل من النظام السوري الامني في اغتيال الحريري سقط مع الاعلان عن الانتحار.

ورأى نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي ان كنعان اعتبر انه كان رمز الحقبة من تموز 1983 حتى اليوم، وهو كان رمز الوحدة والتحرير. واعتقد ان الرسالة التي اطل بها غازي كنعان على (صوت لبنان) تماماً شبيهة الى ذلك الذي يريد ان يذهب للقيام بعملية ما . وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية آدم ايرلي ان الكلام عن تسوية بين الولايات المتحدة وسوريا هو جنون. مشيراً الى ان الولايات المتحدة لا تعقد صفقات ولا تتخذ خيارات، والخيار الوحيد امام سوريا واضح جداً هو التعاون مع ميليس وعدم دعم مجموعات ارهابية وعلى سوريا ان تتخذ خيارات اساسية لم تتخذها بعد اليوم مما يؤدي الى فرض المزيد من العزلة على سوريا.

 

بعد ساعتين من اتصال أجراه مع بيروت وقال انه ربما تصريحه الأخير دمشق أعلنت وفاة اللواء غازي كنعان منتحراً في مكتبه

أعلنت (الوكالة العربية السورية للأنباء) (سانا) ظهر أمس وفاة وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان في مكتبه منتحراً. وقد نعاه مجلس الوزراء السوري وباشرت السلطات المختصة اجراء التحقيقات في الحادث. وسئل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لدى مغادرته مجلس النواب اثر جلسة المساءلة، تعليقه على النبأ، فأجاب: (ليس عندي أي معطيات لأدلي بها، وليرحمه الله). واعتبر النائب العماد ميشال عون أن خبر وفاة اللواء غازي كنعان أذيع عن انتحار، موضحاً أن الخبر الصحافي لا يكفي، ويجب أن تصدر بيانات رسمية وتقارير طبية عن الحادث. أما قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فاكتفى بالقول: (في هذا الظرف لا يسعني الا أن أقول: يا رب ارحم). وقال النائب السابق ايلي الفرزلي في تصريح لقناة (الجزيرة) الفضائية (إن اللواء كنعان كان يتألم ألماً عميقاً وشديداً للظروف التي وصلت اليها الأوضاع على الساحة اللبنانية).

 وأعرب الفرزلي عن قناعته بأن انتحار اللواء كنعان، كان نتيجة لألمه لضياع جهوده الكبيرة في لبنان، وليس لها أي علاقة بما يروج عن علاقة له بتحقيق ميليس. وقال إن كنعان من خلال تصريحه لاذاعة (صوت لبنان) أمس كان حريصاً أشد الحرص على أن يحمي سمعة الرئيس الراحل رفيق الحريري تماماً كما شاء أن يحمي سمعته. وكان كنعان اجرى اتصالاً بإذاعة (صوت لبنان) قبل نحو ساعتين من إعلان نبأ انتحاره في مكتبه، علق فيه على ما اوردته محطة (نيو.تي.في) امس عن تورطه في ملفات مالية، وقال: (يا للأسف، دأب بعض وسائل الإعلام المغرضة على ضخ اكاذيب بغية تضليل الرأي العام، ومنها ما ورد في نشرة الأخبار مساء امس (الأول) عما افترضوه من لقاء مع اعضاء اللجنة في ما يخص المساعدة السورية في التوصل الى الحقيقة بشأن عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونحن لنا مصلحة كبرى في ذلك. اما في ما خص الشهادة المقدمة من وزير الداخلية السوري امام اللجنة فقد كانت الإضاءة على حقبة خدمنا فيها لبنان، وتحدثت فيها عن كل ما طلب مني، وبموضوعية).

خلاصة اريد ان اوضح ان ما ورد في نشرة N.T.V عار عن الصحة ومدسوس جملة وتفصيلا، والمحضر لدينا نسخة منه وكذلك اللجنة حيث نتمكن من دحض هذه الاكاذيب وفضحها حين نرى ذلك ردا على هذا التجني القصد منه الاساءة لنا وللرئيس الحريري حيث لا نتعامل لا نحن ولا هو كذلك. هل هي دوافع او غاية هذه المحطة من ذلك أحقاد عادوا فاستذكروها معه او ان هناك من اطعمها هذا السم فكانت ضحيته حيث كنت اتابعها احيانا لكن فقدت صدقيتها مؤخرا.

اضاف كنعان: أحب ان اوضح بأن علاقتنا مع الاخوة في لبنان جميعا كانت المحبة والاحترام المتبادل لمصلحة الجميع في لبنان لاخراج لبنان من محنته آنذاك لقد خدمنا مصلحة لبنان بشرف وأمانة والرأي العام، بغض النظر عن قلة لها ظروفها او بعض المحطات لها مراميها، الحَكم في ذلك. نحن اعطينا وأخذنا من كل الشرفاء في لبنان وهم الاغلبية من سياسيين واعلاميين ومواطنين على مختلف مشاربهم عملا وجهدا مشتركا ولم نوفر دما اثمر معهم عن وحدة لبنان وتحريره في وقت كان مستحيلا من دون سوريا.

ان ما يُروّج عن علاقات خلفيتها ما يشيعون موجودة فقط في أذهان مروّجيها لمآرب سياسية او خلفيات حاقدة نأمل الموضوعية والرجوع للذات وان يتقوا الله في ما يقولون.

وختم كنعان موجها حديثه الى الزميلة وردة: شكرا ست وردة وأنا حبّيت أعطيكي هذا التصريح وأعرف موضوعيتك ودورك لبنانيا وأنا اعرف دورك الايجابي الذي خدم المسيحيين وخدم لبنان وخدم الموضوعية في الاعلام لذلك فقد حبّيت خصّك بهذا التصريح وأتمنى ان تعطيه للشيخ بيار الضاهر وأتمنى ان تعطيه للمستقبل وبتمنى تعطيه لـNBN ولكل وسائل الاعلام لأنو بعتقد ان هذا آخر تصريح ممكن أعطيه.

وكانت محطة NTV قالت في تقريرها عن لقاء ميليس واللواء كنعان: انا غازي كنعان حاكم لبنان سنوات طويلة، فاذا سألتموني عن الفساد والرشوات اقول نعم لقد شاركت فيها، حيث كنت اتسلم شيكات وأوزعها على اللبنانيين والسوريين ولم انسَ يوما ان احتفظ بنسخ عنها، وتلك الكرتونة مملوءة بمثلها ولكن انتهبوا فإنها تحمل توقيع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وتابعت المحطة في تقريرها: كنعان قال اذا كنا مستفيدين الى هذا الحد من شريكنا فكيف نقتله وسأل كنعان المحقق هل تسمع بقانون الألفين فأنا صنعته الى ان اصبح اسمه قانون غازي كنعان، ليس ذلك فحسب لا بل انني قبضت عليه عشرة ملايين دولار، وجميل السيد عشرة ملايين دولار حتى نفصله على مقاس السياسيين الذين استفدنا منهم، فمَن يقدم على اقفال باب رزقه? وهاكم الكرتونة فهي تظهر كل ما اقول ولدي نسخ اخرى عن تلك الشيكات والاوراق.