المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

يوم 15 أيلول/2013

تقرير حاص بالذكرى 31 لإستشهاد الشيخ بشير الجميل

 

 

إنجيل القدّيس متّى 25/46-31/يوم الحساب الأخير

ومَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في مَجْدِهِ، وجَمِيعُ المَلائِكَةِ مَعَهُ، يَجْلِسُ على عَرْشِ مَجْدِهِ. وتُجْمَعُ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأُمَم، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُم مِنْ بَعْض، كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الخِرَافَ مِنَ الجِدَاء. ويُقِيمُ الخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالجِدَاءَ عَنْ شِمَالِهِ. حِينَئِذٍ يَقُولُ المَلِكُ لِلَّذينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم؛ لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، وكُنْتُ غَريبًا فَآوَيْتُمُوني، وعُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُوني، ومَريضًا فَزُرْتُمُونِي، ومَحْبُوسًا فَأَتَيْتُم إِليّ. حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ الأَبْرَارُ قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاك، أَو عَطْشَانَ فَسَقَيْنَاك؟ ومَتَى رَأَيْنَاكَ غَريبًا فَآوَيْنَاك، أَو عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاك؟ ومَتَى رَأَيْنَاكَ مَريضًا أَو مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْك؟ فَيُجِيبُ المَلِكُ ويَقُولُ لَهُم: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ لأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاءِ الصِّغَار، فَلِي عَمِلْتُمُوه! ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمَالِهِ: إِذْهَبُوا عَنِّي، يَا مَلاعِين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وجُنُودِهِ؛ لأَنِّي جُعْتُ فَمَا أَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَمَا سَقَيْتُمُوني، وكُنْتُ غَريبًا فَمَا آوَيْتُمُونِي، وعُرْيَانًا فَمَا كَسَوْتُمُونِي، ومَرِيضًا ومَحْبُوسًا فَمَا زُرْتُمُونِي! حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ هؤُلاءِ أَيْضًا قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جاَئِعًا أَوْ عَطْشَانَ أَوْ غَرِيبًا أَو مَريضًا أَو مَحْبُوسًا ومَا خَدَمْنَاك؟ حِينَئِذٍ يُجِيبُهُم قِائِلاً: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا لَمْ تَعْمَلُوهُ لأَحَدِ هؤُلاءِ الصِّغَار، فلِي لَمْ تَعْمَلُوه. ويَذْهَبُ هؤُلاءِ إِلى العَذَابِ الأَبَدِيّ، والأَبْرَارُ إِلى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّة

 

الذكرى الواحدة والثلاثين لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل

لمناسبة الذكرى الواحدة والثلاثين لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل ورفاقه، أقامت مؤسسة بشير الجميّل وعائلة الرئيس الشهيد قداسا الهيا في كنيسة مار مخائيل في بكفيا،  حضره الرئيس أمين الجميّل وعقيلته السيدة جويس، السيدة صولانج الجميّل وولداها النائب نديم الجميّل والانسة يمنى، النائب سامي الجميّل والاخت ارزة.

شارك في القداس النواب روبير غانم، جان أوغاسبيان، سرج طورسركيسيان، ايلي ماروني، فادي الهبر وسامر سعادة، سامي الجميّل، عاطف مجدلاني والوزيرين السابقين ابراهيم نجار وكريم بقرادوني و النائب السابق بيار دكاش.كما شارك  نائبا رئيس حزب الكتائب شاكر عون وسجعان قزي، والسيد ميشال رينه معوض رئيس حركة الاستقلال، والمحامي ايلي محفوظ رئيس حركة التغيير وعدد الشخصيات السياسية وأعضاء في مجلس بلدية بيروت ومخاتير الاشرفية والرميل والصيفي وأهالي شهداء 14 أيلول.

الأب جورج جلخ الذي ترأس القداس اعتبر في عظته أنه ليس من قبيل الصدفة أن يستشهد بشير ورفاقه يوم ارتفاع الصليب، بل كان استشهادهم شهادة ايمان ورجاء ومحبة.

اضاف: لقد رأى بشير رجاء كبيرا للانبعاث بوطن سيد حر مستقل بكل ما للكلمة من معنى، ولم يكن له تفسير آخر للحرية والسيادة والاستقلال، سائلا: أين نحن اليوم ولبنان من حلم بشير 10452 كلم؟

وقال: لقد حمل بشير صليب لبنان الـ 10452 كم في كل فئاته وسعى منذ اليوم الاول الى لم الشمل بدءا من المناطق المسيحية وصولا الى المناطق اللبنانية الاخرى.

كلمة نديم الجميّل

بعد القداس، القى النائب نديم الجميّل كلمة جاء فيها: لقد كان لدينا موعد في 23 آب لاطلاق جادة بشير الجميّل في وسط العاصمة واضررنا لالغائه استنكارا وتضامنا مع اهلنا في طرابلس الذين وقعوا ضحية تفجير ارهابي.

اضاف: من كرّمته القلوب والعقول واستوطن الآمال والأحلام...في 23 آب 2013 ، كرَّمه "لبنان الرسمي" ولَو بعد حين،ولو بعد ثلاثة عقود.

وتابع: فيا كلّ الشهداء، ويا رفاق بشير... هذا التكريم كان لكم ولم يزل اعترافاً بقضيّتكم وبتضحياتكم، ويبقى أن تتحقّق أحلامكم!

وأشار الى ان لبنان الرسمي أراد أن يكون في حضرتكم، يقرع معكم أجراس المجد، لافتا الى انه إن بقي لبنان وصمد وانتصر فالفضل لكم... وهو اليوم شاهد على ذلك. واردف: حقاً انتم أكبر من أيّ تكريم.

ولفت الجميّل قائلا: بالأمس أطلق إسم الرئيس بشير الجميّل على شارع في ساحة الشهداء في وسط البلد، "البلد"، تسمية تختصر الوطن، "البلد" احتمى بشهدائه، وفي اختيار الموقع رمزية ما بعدها رمزيّة: إنها ساحة الشُّهداء، شهداء الإستقلال الأوّل، إنَّها ساحة نضال، نضال الكَتائب ومؤسِّسها بيار الجميّل، إنَّها أحداث تأسيسيَّة للبنان الجمهورية.

وتابع: في المكان عينه، شهيد آخر للقضية نفسها.. بإعادةٍ لرسم صيغة الوطن، فالعقد الجماعيّ الجديد هو أيضا بحاجة لشهدائه. شهداء قضيّتهم "لبنان أولاً".

وقال: إنها أيضاً ساحة حدث تأسيسيٍ آخر للجمهورية، انّها السَّاحةُ المليونيةُ التي أخرجت الجيش السوري من لبنان، ساحة شعبٍ صرخ يوماً: "حريّه، سِياده، إستقلالْ"..

وذكّر الجميّل بانه على هذا التقاطع اللبناني شهد واستشهد البشير، نهر جارف عابر للتاريخ، طوفان شعب، مسيرة حريّة ومجد أرادت أن ترتاح، أن تتوقّف للحظةٍ على هذه الدرب.. إنَّها مسيرة بشير الجميّل، مرّت واستمرّت واستقرّت !                                     

وقال الجميّل: "الأمر للجمهورية" صرخة أطلقها بشير، اختصر نضاله ومشروعه بكلمة واحدة "الجمهوريَّة"، لهذا السبب استشهد… ولهذا السبب انتصر.

وتابع: المقاومة اللبنانيّة كانت الأقوى. عسكر، مخابرات، إعلام، ماليَّة، موارد، وعلاقات خارجيّة... لكنّ بشير وفى بقسمه وأخذ الجميع الى الجمهورية وعندما أرادوا لبنان 10452 جمهورية، أرادها بشير جمهورية الـ10452 كلم مربّع.

واردف: أراد أن يكون "الأمر" للجمهورية حصرياً  فيما كان المخطّط يومها تفكيك لبنان، تفكيك الدولة، تفكيك الوطن! للأسف،هذا ما يحدث اليوم.

وتابع: الأمر للجمهورية، هو حلم بشير ووصيّته.. فهل من يتَّعظ قبل الإنهيار الكبير؟

وقال: الأمر للجمهوريّة، حتى لايدفع الوطن مرَّة جديدة ثمن حروب الآخرين على أرضه، أو حروب بعض اللبنانيين على أرض الآخرين.

الأمر للجمهوريّة، حتى نحرِّر الحياة السياسية من الابتزاز الدائم، من أجل حياة ديمقراطية وبرلمانية حرّة، تسمح بتشكيل حكومة فاعلة ومتجانسة، وبانتخابات  نيابيِّة تؤمّن تداول السّلطة!

الأمر للجمهوريّة، حتّى لا يتمدّد الفراغ من مؤسسة الى أخرى ويصل الى موقع رئاسة الجمهورية.

الأمر للجمهوريّة، حتّى لا تصادر طائفة أو حزب أو عشيرة الوطن وتتحكّم بمصيره، حتّى لا يكون أمن لبنان بالتراضي، حتّى لا يكون لبنان كلّه محسوبيات قضائية، ومحسوبيات أمنيّة، ومحسوبيات ماليّة.

الأمر للجمهوريّة، حتّى لا تبقى وزارات الدولة مرتعاً للآلاف من الأتباع والأزلام..

الأمر للجمهورية، حتّى تصون هذه الجمهورية كرامة الفرد والانسان والمواطن.

الأمر للجمهورية، حتّى لا تتأخّر- بعد اليوم - تسمية جادّة أو شارع باسم رئيس شهيد ثلاثين عاماً.

وتوجه الى شباب لبنان وشاباته بالقول: الأحداث التي تعصف بنا اليوم تنذر بأننا وصلنا - للأسف -  الى آخر المطاف. الى لحظات قبل سقوط الوطن، مشيرا الى ان رجاءنا اليوم أن نبقى هنا، أن نصمد، أن نناضل، أن نقاوم من أجل وطن على قدر طموحاتنا وآمالنا!

وقال: ليس المهمّ غنى الإمكانيات ولكن إبداع القلب". وإبداع القلب هذا، انتم كنتم أولّ من عبّر عنه في ١٤ آذار. أنتم سبقتمونا الى السّاحة... رفعتم سقف مطالبكم عالياً بحجم أحلامكم .. وقد نجحتم يومها!

اضاف: "إبداع القلب" ، هو ما نحن بحاجة اليه - مرةً أُخرى - لإنقاذ وطننا لبنان.

فأَمام الاستحقاقات المصيرية الضاغطة اليوم، حان الوقت للكفّ عن المناورات وللإحاطة الحقيقية بالمشكلة.

وتابع: فلنجلس ونتحاور دون تهديد ودون وعيد، لا قوى ظلاميّة من هنا، ولا إصبع مرفوع من هناك، فلا إكراه في الوطن وقال: نحن نتماهى مع ما قاله يوماً غبطة أَبينا البطريرك مار نصرالله بطرس صفير  "إذا خُيّرنا ما بين الحرية والعيش المشترك.. لاخترنا الحرية".

وقال: نعم! نحن سنختار دوماً  الحرية، في لبنان سيّد، لبنان حرّ ولبنان مستقلّ، واذا سقط أحدهم بتجربة تشظّي الوطن أو بتجربة الدّويلة، ردّنا سيكون مرّةً أخرى حاسماً.

وختم: نحن مع الجمهورية كما آمن بها البشير، نحن مع جمهورية الـ10452 كلم مربّع، لن نكون أبداً مع 10452  جمهوريّة!

ثم انتقل الجميع الى مدافن بكفيا سيراً على الاقدام ، حيث وضعت العائلة أكاليل الزهور على ضريح الرئيس بشير الجميّل ورفعت الصلوات.

 

مقالة الياس بجاني في الذكرى 31 لإستشهاد البشير
 
بشير حي فينا وقادتنا الحاليين أموات/الياس بجاني/14 أيلول/13
 
بالصوت/بشير حي فينا وقادتنا الحاليين أموات/الياس بجاني/14 أيلول/13

 

بشير حي فينا وقادتنا الحاليين أموات

بقلم/الياس بجاني*

"ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها" (متى10/23)

نتذكر اليوم وللسنة 31 البشير، الباش، والقائد الوفي والمؤمن الذي رغم غيابه الجسدي لا يزال حياً في قلوبنا ووجداننا والعقول والضمائر. البشير لم يمت ولن يمت طالما بقي في هذا العالم الترابي لبناني واحد مؤمن بلبنان الحر والسيد والمستقبل وبالهوية اللبنانية وبكرامة وعنفوان المواطن اللبناني.

كم نحن اليوم بحاجة لقادة موارنة من خامة البشير وليس لقادة مسخ واسخريوتيين وطرواديين وتجار هيكل من القماشة المرتة الحالية التي تتحكم بقرارنا بدءاً بصرحنا البطريركي الذي أعطي له مجد لبنان، وانتهاءً بشركات الأحزاب التجارية والعائلية والمصلحية وغيرها من المواقع المارونية الرسمية والمجتمعية المخصية على خلفية عبادتها لتراب الأرض ولقبول القيمين عليها دور المسحاء الدجالين وأحجار العثرات والأبواب الواسعة والإنسان العتيق.

هذه القيادات اللبنانية الدينية والزمنية بسوادها الأعظم صغيرة بقيمتها وخسيسة بفكرها العفن لأنها تُغلّب مصالحا الشخصية على مصلحة الوطن والمواطن وغارقة في أوهام أرجل كرسي بعبدا الرئاسية.

هذا زمن بؤس ومحل الذي نمر فيه نحن الموارنة ومعنا لبنان وكل اللبنانيين. هذه القيادات المارونية المسخ حضورها غياب وغيابها نعمة. بشير حي فينا وهؤلاء الأوباش أموات وجثث تمشي بلا قلب وبلا روح. نتضرع للرب أن يسكن نفس شهيدنا ونفوس كل الشهداء في جنات خلده وأن ينعم على شعبنا بقادة يخافونه وليسوا من قماشة قادتنا الأوباش الحاليين.

إن بشير القضية والجرأة والإيمان والعناد والرجاء والـ 10452 كيلو متر مربع متجذرين في ضمير ووجدان وعنفوان كل لبناني شريف يؤمن بالسيادة والحرية والاستقلال وبكرامة وحقوق أخيه الإنسان اللبناني. اليوم نتذكر بخشوع وفخر وعزة وامتنان كل الشهداء الأبرار ومنهم البشير الذين سقوا أرضنا المقدسة بدمائهم الطاهرة ليبق وطن الأرز حراً، وكرامات اللبنانيين مصانة ورؤوسهم شامخة وجباههم عالية. البشير وكل الشهداء هم أحياء فينا ولن يموتوا أبدا.

في اليوم الرابع عشر من شهر أيلول سنة 1982، وفي ذكرى ارتفاع الصليب المقدس، ارتفعت روح البشير ومعها صليب وطن الأرز صاعدة إلى المصدر والمآل راضية مرضية. لم يكن البشير بعد تجاوز الرابعة والثلاثين عمراً حين أصبح رئيس جمهورية شاءها فاضلة، لكن ما حققه من أجل حرية لبنان العنفوان يرقى به إلى مصاف العظماء ومراتب القادة الذين دُمغوا بإنجازات المجد تاريخنا الحافل بالعطاءات.

حَلَمَ البشير بلبنان سيداً حراً مستقلاً، فصار الحلم نشيد كل اللبنانيين الأحرار والسياديين، والحلم لا يزال وهاجاً كما كان، وسوف يبقى وهجه طالما بقي العنفوان والإباء نبراسين لأحرار وطن الرسالة والحضارات. غيبت جسده شياطين الحقد وأبالسة الشر، لكن حلمه باق في وجدان شعبنا والضمائر ما دام للأرز شموخ، وللجبل سنديان، وللأرز رهبة وقداسة.

نذكر اليوم في صلاتنا بشير البطل ورفاقه البواسل الذين معه سقطوا على مذبح الوطن آخذين من استشهادهم الدروس والعبر، مبتهلين إلى الله كي يرفع عن الكواهل أثقال العبوديات، ويغمر في الفردوس أرواح الراحلين بأجنحة الرحمات. مع الذكرى 31 هذه، آمال تنتعش، ضمائر تتحفّز، عزائم تُشحذ، همم تُستنهض ورجاء يتجّذر.

آمن البشير أن لبنان الواحد هو لبنان الـ10452 كلم2 الذي علينا أن نضمّه بعد فرز، لكي يكون لجميع أبنائه بكل الطوائف والشعائر والمعتقدات، وأن هو غاب فلا يغيب عن خاطر ما آمن به من مبادئ وقيم وشمائل وشيم تظل عالقة في قلوب الأوفياء ونفوس الأمناء.

في ذكرى عيد ارتفاع الصليب، رُفع البشير من على صليب لبنان إلى غير هذا العالم، بقرار سياسي تقاطعت فيه مصالح أفراد ودول وفئات خشيت على مصالحها الشخصية من قيامة لبنان الواحد الحر السيد المستقل إلا انه رسم لنا الملامح ورحل. الفئات هذه هي نفسها التي لا تزال تتحكم اليوم بأعناق وأرزاق وأمن ومصير اللبنانيين بقوة السلاح المجرم والبلطجة، والغزوات، وخداع المقاومة والتحرير والممانعة، وهي تغتال أمانيهم والتطلعات، بالفعل والفكر والقرار والتنفيذ، والإرهاب والأصولية. ومع كل شروق شمس تغتال لبنان الواحد بتعدّديته الحضارية ورسالته، لبنان السيادة والقرار الحر، والديموقراطية والثقافات.

عملية الاغتيال استدامت إلى أيامنا بأبشع وسائلها وأشنع الأساليب من فساد إدارة وعبثٍ بمقدّرات وتلاعب في شتى المجالات، وذمية، وكفر وخلاعة وتدهور اقتصادي واجتماعي ومالي وسياسي وأمني ووطني، وتغليب الأنا الخاص على الصالح العام، وتفكيك أحزاب، واستفحال دويلات وعصبيات، وتسييس قضاء، وانتقاص سيادة بقوة السلاح، واستخفاف بالمُثُل الإنسانية والمدنية والدينية على كل مستوى. حلم البشير باق لنا محطة لن يتبخر، لأنه حلم شعب يريد الحياة كريمة والكرامة حياة، ينشد الوحدة والسيادة والسلام.

معاً في الذكرى 31 لاستشهاد البشير والرفاق، نرفع العيون والقلوب، وسط المخاطر والهواجس والمخاض الأليم، إلى فادي البشرية المتألمة السيد المسيح القائل: "وأنا إذا ما ارتفعت عن الأرض، جذبت إليّ كل أحد" (يوحنا 12/32)، سائلينه المصالحة مع الذات والنور والإيمان والقوة والرجاء لنواصل مسيرتنا ونرفع ذواتنا ووطننا وشعبنا إلى قمم النصر والسؤدد والخير والحق والحرية والسلام. البشير هو الخميرة التي خمرت قضية الحرية والسيادة والاستقلال وحصنت الوجدان اللبناني بالإيمان والرجاء في مواجهة الإرهاب والإرهابيين وكل قوى الظلامية والشر لن تقوى على إبطال مفاعيلها. "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقي وحدها، ولكن إن ماتت فهي تأتي بثمر كثير!" (يوحنا 12/25)

في الخلاصة، لن نيأس ونحن نرى فجور وانحراف وجحود قيادات دينية وزمنية حضورها غياب لأن الله وإن أمهل فهو لا يٌهمل، وحساب هؤلاء سيكون عسيراً يوم الحساب الأخير حيث البكاء وصريف الأسنان. ويبقى إن المحكمة الدولية من اجل لبنان التي تحاول كل مكونات محور الشر المحلية والإقليمية وفي مقدمها طاقم الحكم في سوريا والمرتزقة تعطيلها بكافة السبل الشيطانية والإرهابية لإخفاء إجرامهم وإبعاد رقابهم عن سيف عدلها، هذه المحكمة وإن كانت لا تتعاطى بالتحديد مع ملف جريمة اغتيال البشير، إلا أنها تلاحق الجهات والمرجعيات المجرمة نفسها التي اغتالته وهي نفس الجهات التي اغتالت وحاولت وتحاول اغتيال كل رموز ثورة الأرز منذ عام 1975.

قريباً جداً ستلاحقهم العدالة الدولية التي لن يتمكنوا من التفلت من عدلها مهما ارتفع صراخهم وزاد فجورهم واستفحل جنون العظمة داخل عقولهم العفنة.

نختم مع النبي اشعيا (33/1و2) قائلين: "ويل لك أيها المُخرب وأنت لم تُخرب، وأيها الناهب ولم ينهبوك، حين تنتهي من التخريب تُخرب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك".

بشير سنة 1982: "جايي أطلب منكم تقولو الحقيقة قد ما كانت صعبة تكون" http://www.youtube.com/watch?v=a1c_exhMFKk

 

 

 

بشير... صوت تحدّى الموت

14 ايلول... عشية عيد ارتفاع الصليب وإستشهاد  بشير القائد  الحيّ دائماً وابداً فينا، نسترجع ذكراه الحادية والثلاثين  لنؤكد ان العظماء يخطّطون ‏والكبار يقودون والابطال ينتصرون ويسقطون دائماً  شامخين وهكذا هو بشير...الشهيد الحاضر الذي هوى واقفاً فأصبح رمزاً ومشعلاً  ينير دروب الرفاق كي يسيروا على خطاه، ولكي يبقى لبنان كما اراده  دائماً السّيد الحر المستقل.

اليوم وكل يوم يستذكره الرفاق في أرجاء البيت الكتائبي الشامخ الذي كان عزيزاً جداً على قلب بشير، فعندما يتحدث عنه الرفاق يعبق الكلام بالفخر والاعتزاز نظرا لما كان يمثله من اندفاع القائد والرئيس الواعد المتعلق بوطنه حتى العشق ولذا إستشهد لأجله، انه قدر آل الجميّل والكتائب ان يستشهدوا دائما في سبيل لبنان ...، وان يكونوا قرابين للشهادة تبدأ ولا تنتهي إلا ببزوغ لبنان كمنارة للحرية، وضمانة لمستقبل كل بنيه.

بعد احدى وثلاثين سنة على الغياب المّر والحزين... حنين الى بشير الذي نستذكره في ازماتنا المتواصلة والتي لا نهاية لها على ما يبدو، لكن ووسط كل هذه الويلات ثمة من يهدينا ويقول لنا بأمل :"لا تخافوا فصوت بشير مازال يدوي في الساحات، وحامل قضية لبنان لم ينطفىء حلمه بعد احدى وثلاثين  سنة على الغياب ، انه قدر الاحرار... سنوات مرت كاللحظات والقائد ما زال بيننا... نحتاج اليه عند كل استحقاق وحين نستفقد الكرامة والعنفوان ... نتذكر كلماته المدوية التي خطّها على مدى سنوات فكانت نشيداً للحرية... مواقفه التي اصبحت متراساً بوجه كل الساعين الى إخضاع لبنان وخنق حريته ، نستذكر شعلته المضيئة للثورة التي تؤكد بأن الأرض التي أنبتت سنابل حق لابد ان تنبعث منها إشعاعات الامل، وقدر الاحرار ان يكونوا دائماً قرابين فداءً عن لبنان ...

14 ايلول 1982، يوم غاب فيه مطلق ثورة الدفاع عن لبنان وصاحب شعار" لبنان اولاً"، انه بشير المميّز حتى في إستشهاده ، ميزته أنه لم يقبل يوماً المساومة على مبادئه وقناعاته فدفع ثمن ثباته وإيمانه غالياً جداً، خطاباته ومواقفه لا تزال تصدح في آذان اللبنانيين، صوته تحّدى الموت... فبقي قابعاً في ذلك العرش يصدح في ارجاء لبنان كله ، يُقسم للحياة والحرية والوحدة والسيادة .

كان يمكن لبشير ان يختار الطريق السهل، لكنه أبى، ففي زمن الاستكانة اختار الطريق الصعب، طريق الشجاعة، لم يهادن ولم يساوم ولم يتنازل لان خياره كان وعداً، فكما نجح في إستقطاب اللبنانيين على مدى واحد وعشرين يوماً حين إنتصر لبنان بفوزه بالرئاسة الاولى، فهو نجح ايضاً في جعل يوم 14 ايلول من العام نفسه خسارة لكل اللبنانيين حين إستشهد  ليحيا لبنان ...، ومنذ ذلك الحين بدأ كل شيء بالتراجع  ولم نعد نشعر بالانتصارات لانها ولّت مع الرئيس الشهيد، واليوم نسأل لماذا لم يبق من تلك الإنتصارات سوى الذكرى التي نسترجعها معه دائماً وعند كل إستحقاق، فنحّن الى بشير القائد الذي لم يعرف لبنان مثيلاً له ، والذي بقي مسجوناً بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على إستشهاده في احلام اللبنانيين .

في مماته كان مميّزاً لانه سقط شامخاً في عيد الصليب ليؤكد بأنه إفتدى لبنان ليحيا من جديد ، واليوم وبعد كل ما نعاني به كلبنانيين نتساءل ماذا لو بقي بشير حياً بيننا رئيساً وقائداً؟، فهل كنا وصلنا الى هذا الوضع السياسي المتدني؟، وهل كنا عايشنا سياسيين اشبه بالرجال ممن يدّعون البطولة في هذا الزمن البائس؟، هل كنا رأينا دويلة  السلاح تستقوي على الدولة؟ وهل كنا شاهدنا اجنحة عسكرية من كل الاشكال والانواع تهدّد الدولة والوطن والشعب؟.

مع بشير لا مجال للتشتت والدويلة ، ولا مكان لأي سلاح خارج اطار الشرعية، ولا وجود لأي مرّبعات امنية، مع بشير كانت ستنشأ الدولة القوية السيّدة الحرة المستقلة، معه كنا سنرى وحدات الجيش اللبناني منتشرة على ال 10452 كلم مربع، مع بشير كان سيتعلم الاخرون كيف تكون المقاومة لبنانية عن حق وحقيقة، "نحن المقاومة اللبنانية" قالها بشير، المقاومة التي حفظت كل لبنان فجعلت منه بلداً لا يستسلم للاحباط  .

من يسمع خطب بشير على مدى توليه القيادة الحزبية والرئاسة لأيام معدودة يعتقد وكأنها اُلقيت بالامس القريب، اذ ان الظروف والسياسة لم تتغيّر قيد أنملة ، كان يردّد دائماً:" كل قوى العالم تتصارع على ظهرنا"، لكن أحداً لم يفهم حينها ان صرخته هذه كانت تعني ان القضية اللبنانية ذات جذور عالمية وان لبنان وشعبه هما وسيلة الدول كي تحلّ مشاكلها على حسابه، لم يكن لأحد أن يدرك ان الكثير من مواقفه تستند على معطيات سياسية خارجية خصوصاً حين قال:" لا نريد أن ترسم أشكال التسويات وتقاسيمها على خريطتنا وشعبنا، فبداية النهاية تكون عندما ننقسم على ذاتنا، لذا يجب تخطّي الإعتبارات الصغيرة والترّفع عن الأنانيات، ولنكن حزباً واحداً هو حزب لبنان".

في 14 أيلول اعتقدوا أنهم سرقوا انتصارنا وقتلوا فينا الحلم، نحن هنا لنؤكد لهم ان مشروعنا باق، وهو الانتصار وتحقيق حلم بشير، دعوتنا كانت وستبقى ان نكون قرابين للشهادة تبدأ ولا تنتهي إلا ببزوغ لبنان كمنارة للحرية، وضمانة لمستقبل كل بنيه، شهداؤنا تركوا لنا الشعلة ومن واجبنا ووفاءً لدمائهم ان ُنبقي هذه الشعلة مضاءة لينتصر لبنان..."

وفي الختام نوّجه دعوة الى كل الرفاق والمناصرين ومحبّي بشير للمشاركة في الذبيحة الالهية التي ستقام لراحة نفسه عند السادسة من مساء هذا السبت 14 ايلول في كنيسة مار مخايل– بكفيا، لنكن اوفياء لمن إستشهد ليحيا الوطن...Source: kataeb.org