كل ما نشر في النهار، السفير، الأنوار، المستقبل والأخبار يوم السبت بتاريخ 2/12/2006 عن محاولة انقلاب حزب الله على الدولة اللبنانية من خلال مظاهرات يوم الجمعة بتاريخ 1 كانون الأول 2006/محاولة احتلال ايران وسوريا للبنان عن طريق حزب الله وقوم الطرواديين

 

المكابرة على الأخطاء نتيجتها الشارع

كتب المحلل السياسي: الأنوار

وماذا لو لم يتراجع أيٌّ من الفريقين عن موقفه? وماذا لو بقي كل فريق متصلِّباً في مواقفه? لن تستطيع المعارضة ان تفرض شروطها بالقوة، ولن تستطيع الحكومة، كما هي أن تستمر بالقوة. اذا هناك التقاءٌ إلزامي في منتصف الطريق، وهذا الإلتقاء لن يتحقق إلا بالسبل التالية: ما لم يتم الإتفاق مسبقاً على شكل الحكومة الجديدة فإنه يستحيل أن تستقيل هذه الحكومة، كما يستحيل أن تسقط بالشارع، وإذا سلّمنا، نظرياً، بمقولة السقوط، فإننا سنكون أمام السيناريو التالي: - هناك أكثرية نيابية ستصب أصواتها في اتجاه اعادة تسمية الرئيس السنيورة.

ومن التكليف الى التأليف:

سيُعاد تمثيل حزب الله وحركة أمل في الحكومة، أما العنصر الجديد الذي سيطرأ فهو إشراك العماد ميشال عون في التشكيلة الحكومية.

هذا هو المسار الوحيد المتوافر للخروج من الأزمة أما (تكبير الحجر) والتلويح بالبقاء في الشارع الى حين إسقاط الحكومة والإلحاح على انتخاباتٍ نيابية مبكرة:

فكيف سيتم (تمرير هذه الأماني) في مجلس نواب تملك فيه قوى 14 آذار واحداً وسبعين نائباً?

ولكن، وأيّاً تكن نتائج هذا (الكباش السياسي) بين الحكومة والمعارضة، فإن الشعب كلَّه هو الذي سيتضرَّر. فليست هناك مصانع لقوى 14 آذار وأخرى لـ 8 آذار بل هناك صناعة لبنانية، وليست هناك استثمارات لقوى 14 آذار وأخرى لقوى 8 آذار، بل هناك مستثمرون لبنانيون. الدواء لا علاقة له بأحد التاريخين في آذار، بل هو حاجة لكل مواطن لبناني.

الشارع سلبية بالمطلق، والسلبية لا تبني، ولنكن في غاية الصراحة والوضوح:

حسب مصادر مطلعة هناك قول ان ما تقرَّر في نيويورك لن يسقط في شوارع بيروت، حتى لو بقي المعتصمون فيها سنة وليس شهراً أو اسبوعاً. فالقرار 1559 صدر في ايلول 2004 وسبق 14 آذار 2005 بنحو سبعة أشهر، والمحكمة الدولية ليست قراراً لبنانياً ليتم التلاعب فيه لان مجلس الوزراء باجمعه صوّت عليه. فهو قرارٌ من أعلى مرجعية دولية وإذا سقط في شوارع بيروت فإنه لن يسقط في أروقة الأمم المتحدة.

ليت شارع اليوم يتعلَّم دروساً من الشوارع التي سبقت من كلا الطرفين، والدرس الأوّل ان الشارع لا يُسقط قراراً ولا يحل محله.

وماً ما ستبرد النفوس علّه قريب جداً، فالأعياد على الأبواب والوضع المعيشي في تدهور مستمر ليكتشف الجميع ان الشارع لم يكن قراراً صائباً، وان ما أُخذ بالإقتراع لا يمكن تغييره إلا بصناديق الإقتراع.

لقد ولّى زمن الإنقلابات ولا سيما في لبنان.

 

 

فؤاد دعبول

(أوسكار) التظاهر !! الأنوار

لمن كانت جائزة (الأوسكار) في الشهر الأخير من العام الحالي?

من دون تردد، أعطت (لجنة الحَكَم) أغلبية أصواتها للمؤسسة العسكرية.

و(الفهمانون)، بالإذن من الفنان (فهمان)، كانوا يصوِّتون بضمائر حيّة.

ولا يسْعون الى (تبييض) وجوههم مع (الجنرال) ميشال سليمان، لئلا يقعوا في إشكالين لا في إشكال واحد.

إشكال مع الجنرال ميشال عون، الذي (فاز) بإعطائه جائزة التظاهرة الأساسية، ألا وهي الكلام باسم (المتظاهرين)، على ما في ذلك من تكريم وتفضيل.

وإشكال ثانٍ مع العماد قائد الجيش.

إلا أن (أوسكار التظاهر) ذاهب عمليًاً، الى الجنرال سليمان، لأنه ترجع إليه كل إنجازات المؤسسة العسكرية.

أولاً: لأنه حالَ بتدابيره الحازمة والموضوعية، دون (اجتياح) المتظاهرين (ساحة الحرية) حالياً، وساحة الشهداء سابقاً.

وبذلك، حافظ على جلال ساحة تحتضن ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وقد لا يكون في نية المتظاهرين (اختراق) الحواجز (المزروعة) بين الساحات، لأنهم لم يحاولوا اجتياح الحواجز.

وهكذا أنشأوا (أوطاناً) للاعتصامات، بين (الاسكوا) وساحة الشهداء.

وليس غريباً أن يمر اليوم الأول، على القانون.

وإذا كان المتظاهرون لم يطلبوا إذناً، أو ترخيصاً من حكومة لا يعترفون بشرعيتها، فإن احترام القانون، هو (ثقافة سياسية).

... وموقف شجاع بين الدولة والسلطة، أو بين الشرعية والقانون.

وهذه جائزة ترضية، ينبغي الإشارة اليها.

و(عقبال) جوائز أخرى، تسجل لهم، خلال أيام الاعتصام الآتية.

ذلك أن لكل فريق جمهوراً كبيراً وحرزاناً.

يوم تشييع الشهيد الوزير بيار الجميل، غطّى المشيعون باحة 14 آذار.

أمس، غطّى المتظاهرون باحة (الاسكوا) وقسماً من الساحة الفاصلة بين تظاهرة 8 آذار وحدود تظاهرة 14 آذار.

والسبب بسيط، وهو أن أنصار العماد عون قبل عودته من المنفى، لم يكونوا في (الاسكوا) بل في ساحة الحرية.

إلا أن المتظاهرين (رشّوا) الأعلام اللبنانية بكثافة.

و(رشّوا) أيضاً ألوان أعلامهم: (الأورانج) للتيار، و(الأصفر) لحزب الله، و(الأخضر) لحركة أمل.

وهذه الأحزاب تركت الكلمة الأساسية للعماد عون، ووقف وراءه النائب علي حسن خليل والنائب أسامة سعد والحاج حسين خليل المستشار السياسي للسيد حسن نصرالله.

وقد لا تكون كلمة العماد عون أعجبت الجميع، وهذا هو (التنوع) في بلد التنوع.

إلا أن التظاهر الهادئ، لم يمضِ على خير.

فقد نثرت خيم الاعتصامات بغزارة.

وانتشرت الأخبار عن محاصرة المتظاهرين للسراي الحكومي الكبير.

إلا أن ما قامت به (المؤسسة العسكرية)، من اتصالات أجراها وزير الدفاع الياس المر، وقائد الجيش مع الرئيس بري والمعنيين، أدت الى فكّ الحصار عن المكان المحاصَر.

والثقة التي يتمتّع بها (جنرال الجيش) حَلَّت معظم الاشكالات.

وإشكالات الاعتصام ما كانت لتحلّ، لولا الثقة بالمؤسسة العسكرية.

وما فعلته المؤسسة العسكرية وزيراً، وقائد جيش يجعلها تستحق أكثر من (أوسكار).

في الماضي حمى الجيش تظاهرة 8 آذار، ووفّر الحرية للمواطنين وللقياديين.

وحمى أيضا تظاهرة 14 آذار.

وأعطى الأمان لكل الذين (هبطوا) من الجبال، أو أتوا من الشمال والجبل والجنوب ليصلوا بسلامة وسلام الى بيروت.

كانت هناك أوامر بقمع المتظاهرين، لكن الجيش نفّذ أوامر القيادة.

وهمّ القيادة كان توفير الأمان والأمن للجميع.

ولذلك، فان تحية إكبار بوجهها الناس الى جيش لبنان الواحد.

 

أديب أبي عقل -الأنوار

بعد التظاهرات والاعتصام تفاهم على توسيع الحكومة واستئناف الحوار

تظاهرة القوى المعارضة في وسط بيروت والاعتصام الذي تلاها والمستمر اليوم بعد ضبط ايقاعه مساء من حيث اعادة تحديد موقعه بعدما اقترب مساء أمس من محيط السراي الحكومي ما استدعى سلسلة اتصالات رفيعة المستوى ولا سيما منها تلك التي تمّت مع قيادة الجيش التي نجحت في إبعاد المتظاهرين عن محيط السراي لأن توجيهات القيادة واضحة بالتصدّي لأي محاولة لاقتحام أي موقع رسمي أو أي اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، كما هي واضحة بالنسبة الى الحفاظ على حرية التعبير والحق في التظاهر وحماية هذا الحق وحماية أمن المواطنين وهو ما حصل بامتياز على غرار التظاهرات الضخمة التي شهدتها بيروت منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى أمس.

واذا كان الأمن واضح المسلك والمسار بفعل سهر الجيش وسائر القوى الأمنية، فان المسلك السياسي بحسب ما يقول مصدر نيابي لا يزال في النفق المسدود وان الثغرات أو النوافذ الصغيرة لم تساعد بعد في ان تكون معبراً لولوج مرحلة البحث الجدّي في الحلول.

ويستشهد المصدر بكلام السفير السعودي لدى لبنان عبدالعزيز خوجه الذي قال أمس الأول (اشتدّي أزمة تنفرجي) لافتاً الى أن الساعات الثماني وأربعين المنصرمة وربما الساعات الثماني وأربعين المقبلة على الأقل هي مرحلة ذروة اشتداد الأزمة، بعدما تبيّن مما حصل مساء أمس ان أي محاولة بالضغط الميداني الملامسة لمنطق القوة لا يغيّر في واقع الأمور، وان خيار الحوار يبقى الباب - وليس النافذة - لولوج منطق الحلول ومراحله.

ويعتقد المصدر انه في موازاة التشنّج السياسي الحاصل والمرتقب ان يستمر انعكاسه ميدانياً لفترة قريبة مقبلة فوتيرة الاتصالات لم تتوقف وان كانت بوتيرة أخفّ، كاشفاً ان هناك بحثاً بات حتمياً في سلّة حلول واحدة لأن الحلول المتجزّأة تبقي الشارع مفتوحاً مرة أمام الغالبية ومرة أمام المعارضة في مسلسل نزول الى الشارع يحجب الرؤية عن أي حلول ويزيد الأمور تعقيداً.

ويشير في هذا السياق الى أن التفاهم على سلّة حلول تتناول البنود التي باتت معروفة هو المدخل الطبيعي والمعبر الضروري لاخراج الوضع من عنق الزجاجة ونقل البلد من سكّة الجمود والتجميد الى رحاب الحل الأوسع سياسياً واقتصادياً.

ويعرب المصدر عن اعتقاده أن بلوغ الأمر إسقاط الحكومة أو سقوطها تحت الضغط الشعبي قد لا يكون الحل الأمثل، لافتاً الى مرحلة أولى تقضي بتوسيع الحكومة وايجاد حل مقبول في شأن الثلث المعطل في مقابل مرور مشروع المحكمة الدولية في المجلس النيابي مع تعديلات طفيفة على بعض البنود هي جاهزة لدى الأفرقاء المعترضين وتنتظر مناقشتها مع قوى الغالبية، على أن يتبع ذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية بات في حكم المؤكد أنه لن يكون لا من الغالبية ولا من المعارضة، مقدار ما سيكون محط قبول وتوافق من الطرفين ومحط ثقة واحترام الغالبية العظمى من اللبنانيين ولن يكون هناك أي (فيتو) إقليمي أو دولي حياله.

ويقول إن مثل هذه الشخصية وبهذه المواصفات متوفرة في لبنان وإن انطلاق الحوار مجدداً بعد الهدوء وتبريد الأجواء، كفيل وعلى طاولة الحوار، بإنتاج تفاهم بات ضرورياً ويمكن أن يبلغ مرحلة التفاهم والتوافق على كل الملفات المطروحة، ليس الداخلية الطابع فقط بل تلك التي تتصل بالعلاقة مع سوريا، وان التوافق على شخص الرئيس العتيد يأخذ في الاعتبار هذه المعطيات.

ذلك ان لبنان أمام تحدٍ أمني بفعل ما حصل في الآونة الأخيرة من مجيء عناصر ينتمون الى القاعدة وتحت تسمية (فتح الاسلام)، وأمام تحدٍ اقتصادي عنوانه وجوب انعقاد مؤتمر باريس-3، ما يجعل الحلول تنطلق من حكومة وحدة وطنية على قاعدة توسيع حكومة الرئيس السنيورة تتولى بمظلة أركان الحوار وضع أجندة التفاهم موضع التنفيذ بكل بنودها تباعاً.

 

رؤوف شحوري -الأنوار

(ثقافة التظاهر) تضلل الفريقين : (حرب أهلية) على البارد !

مهرجان قوى المعارضة في قلب بيروت لم يزد شيئاً عما كان معلوماً قبله، لا في القدرات ولا في السياسات، ولا في التوجهات، ولا في المواقف. وأثبتت هذه القوى ما لم يكن في حاجة الى إثبات من أنها تمثل شرائح واسعة من اللبنانيين لا تقل عما تمثله قوى (الأكثرية). وانها حققت إنجازاً نوعياً بتوحيد ساحتي 8 آذار و14 آذار بحشد جماهيري واحد تحت عنوان تاريخ جديد هو الفاتح من كانون الأول/ ديسمبر 2006، بعد أن كانتا مفروزتين الى ساحتين. وانها قادرة على تعبئة جمهور هو الأضخم في تاريخ لبنان يضاهي جمهور الرابع عشر من آذار 2005، دونما حاجة الى دم الشهادة الطاهر للرئيس الراحل رفيق الحريري. وحدثت مفارقة ملفتة حققها منظمو هذه التظاهرة الحاشدة ومهندسو نبضها ومحركو روحها وصانعو شعاراتها. وقد ردموا ثغرة كانت تبعدهم عن نبض قوى (الأكثرية) والتحقوا بها عندما هتفوا لـ (ثقافة الحياة) رداً لتهمة (ثقافة الموت). والدعوة الى بناء اقتصاد قوي ومزدهر للبنان بتعاون جميع أبنائه. بل انهم، وتحت شعار الدعوة الى الوحدة الوطنية، تبنوا دعوة (الأكثرية)، وطلبوا من جمهورهم الباقي في البيوت رفع العلم اللبناني على الشرفات! وبدا الحرص ظاهراً على إعطاء الطابع الوطني بعيداً عن نكء المشاعر الطائفية أو المذهبية. وأثبت اللبنانيون مرة أخرى قدرتهم على ممارسة حق التعبير عن الرأي بالتظاهر بصورة سلمية ونظامية.

... ولكن ماذا بعد? أفرزت (ثقافة التظاهر) وجود لبنانين لا لبنان واحد، ومشروعين متوازيين لا يلتقيان، وقوتين متنابذتين على أرض واحدة. فريقان يدعو كل منهما الآخر الى الحوار من طرف اللسان، ويعمل ضمناً بروحية الإلغاء. ودعوة فريق المعارضة الى حكومة الوحدة الوطنية أسقطها الصراخ بإسقاط الحكومة ورئيسها. ورئيس الحكومة الذي كان يحرص في كل تصريحاته ومواقفه السابقة كرئيس لحكومة كل لبنان، ظهر في خطابه الأخير قبل تظاهرة المعارضة وعشية إجرائها كناطق باسم (الأكثرية) لا الحكومة، وذلك للمرة الأولى منذ توليه هذه المسؤولية. وفشلت المعارضة في تقديم دليل مقنع على إمكانية الاختراق وصولاً الى حل للأزمة العاصفة وتجاوز الأفق المسدود، وهو هدف كل عمل سياسي عاقل ومسؤول. كما فشلت في طمأنة الناس الى صدق حرصها على اقتصاد الوطن وهي في ذروة الاندفاعة في العمل السلبي. وفشلت الحكومة و(الأكثرية) في إطلاق بصيص ضوء يعيد الأمل الى قلوب الناس الممتلئة بالمخاوف والقلق، وبالتوجه نحو مخرج أو نقطة تلاقٍ عملية. وكان رد فعل الحكومة و(الأكثرية) بارداً ولامبالياً مع حكومة متحصنة وراء أسلاك شائكة، و(أكثرية) تعلن قدرتها على (الانتظار لشهر وشهرين) في هذا الوضع، ولسان حالها يقول: (اذهب وربك مقاتلا، وإنّا هنا لقاعدون)!

إذا أقدم رئيس الجمهورية على إصدار مرسوم باستقالة الحكومة، فذلك يعني قطع الخيط الأخير بين الفريقين المتصارعين. ووضع نهاية لمرحلة اتسمت بالحوار والتشاور والتفاوض، والانتقال الى مرحلة التصادم والمجهول - المعلوم. وإذا لم تقم الحكومة بخطوة تفتح الأفق المسدود باعتبارها مسؤولة عن البلد وحاضره ومستقبله، فذلك يعني أنها ستسير على طريق لا تريدها ولا تتمناها. لقد عمَّت (ثقافة التظاهر) لدى الفريقين المتصارعين. والمضي على هذا الشكل يعني تعميم حالة (حرب سياسية أهلية) ولكن على البارد. وهذا الخيار لدى الفريقين هو خارج نبض الغالبية الصامتة من الشعب اللبناني، والتي تريد أن يدخل ممثلو الطرفين الى غرفة مغلقة لا يخرجون منها الا باتفاق، ولو بعد شهور، على أن تستمر الحياة هادئة وطبيعية خارجها...

 

رفيق خوري-الأنوار

أين النزول الى الشارع من الصعود الى الشرعية?

ليس أهمّ من ممارسة الحقّ في النزول الى الشارع سوى اداء الواجب في الصعود الى الشرعية. فلا شيء يضعف مشروعية الصراع على السلطة أكثر من أن يدار في معزل عن رؤية مشروع الدولة. ولا أحد يحتاج الى ما هو أبعد من سماع الاتهامات المتبادلة حول (الانقلاب على الشرعية) ليتأكد من تعاظم الخطر على النظام والوطن. والظاهر بعد التجارب التي لم يقصّر الجميع في خوضها ان التركيبة السياسية تتصارع على ما تسميه (حقوقها) باسم الشعب وبه، وتنسى (واجباتها) حيال الشعب. والظاهر أيضاً ان سياسة (المونولوغ) في الشارع أشدّ جاذبية من سياسة (الديالوغ) في المؤسسات الدستورية. والمخفي أعظم. ذلك ان من السهل في الشارع اختصار كل مشاكل لبنان بوجود حكومة مطلوب إسقاطها، والبقاء في الشارع، بصرف النظر عمّا يحدث للبلد والناس. والأسهل هو ملء الساحات بالحشود، حيث لا نقص في القدرة على الحشد لدى أي طرف. لكن من الصعب في الحوار تجاهل القراءة الدقيقة والشاملة في كل وجوه الأزمة المحلية والاقليمية والدولية. ففي (المونولوغ) يستطيع (حزب الله) وحلفاؤه تكرار الشعار القائل ان حكومة الرئيس السنيورة (فاقدة للشرعية) بعد استقالة الوزراء الشيعة، والاحتجاج سياسيا بما جاء في مقدمة الدستور من أن (لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك). كما تستطيع الحكومة ومعها الأكثرية النيابية تكرار الحديث عن أمور أخرى تناقض ميثاق العيش المشترك: من بقاء قوة مسلحة خارج الدولة تستأثر بقرار الحرب والسلم، الى شلّ مصالح الناس من أجل هدف سياسي مرورا باضعاف الاجماع اللبناني على المحكمة ذات الطابع الدولي.

  غير أن السجالات ليست الملجأ الآمن من مواجهة الحقائق الصعبة. والانقسام الوطني ليس الطريق الى حكومة وحدة وطنية. والاستخدام المفرط لسلاح الشارع لا يبني دولة ولا يؤمّن شرعية، ولا يعيد إعمار بلد هدمته حرب اسرائيل، ولا ينعش اقتصادا يحتاج الى أكبر قدر من الاصلاح وجذب الاستثمارات. وسواء كان الخطاب السياسي هادئا أو عنيفا، وطنيا ديمقراطيا أو على طريقة (الأمر لي)، فان من الوهم الهرب من الانطباع السائد حول ثلاثة أمور طاغية على المشهد: أولها الطابع الطائفي والمذهبي، وان تعدّدت الألوان وتوحّد الكلام على (سياسية) الخلاف. وثانيها الطابع الاقليمي والدولي، حيث الصراع على لبنان والشرق الأوسط في معركة الأدوار والأحجام والتوجهات، وإن لم تكن صور اللاعبين في الخارج ظاهرة. وثالثها طابع المفارقة بين المواقف في بيروت وغزة. هناك تصل المحادثات حول حكومة الوحدة الوطنية الى طريق مسدود، وسط حصار مطلوب رفعه عبر تأليف الحكومة، لأن (حماس) صاحبة الأغلبية تريد إبقاء وزنها في التركيبة الحكومية وترى في أي حل سوى ذلك (انقلاباً) على الشرعية. وهنا تصل المحادثات حول حكومة وحدة وطنية الي طريق مسدود، بسبب رفض الأكثرية التخلي عن وزنها في الحكومة وإصرار المعارضة على الثلث المعطل، وسط تهديد المجتمع الدولي بوقف المساعدات و(باريس-3) اذا سقطت حكومة السنيورة أو تغيرت تركيبتها جذرياً.

وليس على من ينتظرون رحيل الرئيس شيراك سوى سماع المرشحة الاشتراكية للرئاسة سيغولين رويال تقول في بيروت (إن العالم يحتاج الى( لبنان جديد يشع ثقافة، وكفاه أن يكون بلداً مرتهناً وضحية صراعات الآخرين بعدما دفع طوال 30 عاماً ثمن ميزاته: الديمقراطية والتسامح والتعددية).

 

حشد شعبي كبير يواجه الحكومة (المتحصنة) في السراي

الأنوار/جماهير غفيرة قدرتها القوى المنظمة بمئات الالوف من المواطنين، شاركت في تظاهرة المعارضة امس، واطلقت هتافات ضد الحكومة ودعتها الى الاستقالة. وقد نصب مئات من المتظاهرين الذين امضوا الليل في وسط بيروت عشرات الخيم واقفلوا الطرق المؤدية الى السراي، قبل ان تنجح الاتصالات في فك الحصار عن الحكومة المتحصنة هناك. وفيما شدد العماد ميشال عون على حتمية استقالة الحكومة في كلمة القاها في المتظاهرين، فان النائب سعد الحريري رد ليلا في حديث تلفزيوني بأن الحكومة لن تسقط في الشارع، وان يد الاكثرية ممدودة للحوار. وقد ردد المتظاهرون الذين زحفوا من مختلف المناطق اللبنانية، هتافات مناهضة للرئيس السنيورة واميركا، ورفعوا لافتات منها (نريد حكومة نظيفة) و(لتسقط حكومة فيلتمان). والقى العماد عون خطابا في التظاهرة قال فيه (ادعو السنيورة مع وزرائه الى ان يستقيلوا والى ممارسة تصريف الاعمال حتى نهاية الازمة والخروج بحكومة وحدة وطنية). واضاف (المخرج الوحيد الباقي هو الاستقالة) معتبرا ان من يكون في وضع دستوري (لا يختبئ ويحتمي من الشعب وراء الشريط الشائك وملالات الجيش). محاصرة السراي وليل امس نصب المعتصمون عدة خيم توزعت على طريقين مؤديين الى السراي الحكومي حيث يقيم الرئيس السنيورة وعدد من الوزراء، ووضعوها مباشرة وراء الاسلاك الشائكة التي نصبها الجيش. كما قاموا بوضع الكراسي امام الخيم مما ادى عمليا الى قطع الطريقين عمليا. وعلى الاثر جرت اتصالات عاجلة من السراي بدار الفتوى وبقيادة الجيش، وسادت حال من الاحتقان بلغت ذروتها، واجرت القيادة اتصالات بعين التينة وبالمسؤول الامني في (حزب الله) ادت الى رفع الحصار. وقال مصدر حكومي ليلا ان (اثنتين من الطرق الثلاث المؤدية الى السراي الكبير فتحتا بعد اتصالات مع الرئيس نبيه بري والجيش). وذكرت مصادر حكومية لمحطة LBC ان الخطة كانت تقضي بمحاولة محاصرة السراي ليلا، ومن ثم محاولة الدخول اليها. واشارت الى ان نقطة الدخول الى السراي من جهة زقاق البلاط كانت لا تزال مقفلة.

  السنيورة

في المقابل، ابلغ الرئيس السنيورة رئيس الحكومة الفرنسية دوفيلبان في اتصال هاتفي معه امس (تصميمه على مواصلة عمله رغم الضغوط).

وقال مصدر فرنسي ان السنيورة اتصل بنظيره الموجود في بريتوريا في اطار جولة افريقية (من اجل البحث معه في التظاهرات والحوادث التي وقعت امس في بيروت). واكد دو فيلبان (دعم فرنسا الكامل لعمل حكومته من اجل لبنان سيد وديمقراطي).

الحريري

بدوره قال سعد الحريري في حديث الى محطة تلفزيون (الحرة) مساء امس ان اسقاط حكومة السنيورة لا يجري في الشارع. هناك مجلس نواب وهناك دستور. ومهما بقوا في الشارع، ومهما جلسوا في الشارع فهذا لن يسقط حكومة السنيورة.

واضاف (نحن لدينا هواجس تقول ان هذا التحرك الذي حصل (امس) له طابع واحد وهو انهم لا يريدون محكمة دولية، ولا تطبيق القرار 1701، ولا (باريس - 3). وتابع هناك ازمة سياسية في البلد اسمها رئيس الجمهورية، وهم يعتبرون ان هناك ازمة في الحكومة وازمات اخرى. الامور يجب ان تحل كلها. رئيس وحدة وطنية وحكومة وحدة وطنية.

وقال الحريري: ما زلنا نمد يدنا الى الحوار، وانا اؤمن بأن هذا البلد لا يقوم الا بالحوار.

 

العاهل السعودي يتحدث هاتفيا الى السنيورة والوزراء مؤكدا دعمه

الأنوار/تلقى الرئيس فؤاد السنيورة مساء امس اتصالا هاتفيا من العاهل السعودي الملك عبدالله، ابلغه فيه دعمه الكامل لمواقفه السياسية، ومعارضة المملكة اي عمليات للاخلال بالامن. وتحدث الملك عبدالله ايضا الى الوزراء الموجودين مع الرئيس السنيورة في السراي فردا فردا وابلغهم دعمه ومؤازرته الكاملة. كذلك تلقى السنيورة اتصالا من العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الذي اكد اهمية ان يعمل اللبنانيون على حماية وحدتهم في هذا الوقت الذي يواجه فيه الشعب اللبناني تحديات كبيرة. واعرب عن الامل في الا يؤدي الاختلاف في الاراء بين القوى السياسية الى تداعيات تؤثر على تماسك المجتمع اللبناني.

 

جماهير المعارضة تغطي الساحتين ومتفرعاتهما

ساحة الشهداء كما بدت أمس...

غسان سعود وأمال ناصر-الأخبار

كانت بيروت امس، «عاصمة العروبة وقلب لبنان»، كما سماها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، على موعد مع حشود المتظاهرين الوافدين من مناطق مختلفة وأطياف سياسية متنوعة

عند العاشرة صباحاً كان الحضور مقتصراً على عدد قليل من المناصرين. ثم بدأت الحشود بالتوافد. أبناء الضاحية كانوا أول الواصلين. كانت أعدادهم بالآلاف، شعاراتهم جديدة هذه المرة، عنوانها «أصفر أخضر ليموني بدنا نسقط الحكومة». وكل التفاصيل جديدة: «ما بدنا يعطونا الثلثين، يعطونا أفا ظهورهم»، «فلتسقط حكومة فيلتمان».قرابة الثانية ظهراً كانت ساحتا رياض الصلح والشهداء قد امتلأتا بالكامل، وبات السير فيهما شبه مستحيل، وتوقفت قدرة الجمهور على الوصول أبعد من ساحة بشارة الخوري شمالاً ومرفأ بيروت جنوباً. ورغم التأكيدات أن كل المنافذ إلى بيروت مقفلة والزحمة وصلت حتى ميدان سباق الخيل ومستديرتي الصياد والدورة، فإن الكل كان مشغولاً بحجم مشاركة التيار الوطني الحر، وعدد المسيحيين،

... وساحة رياض الصلح (وائل اللادقي)

تقترب الساعة من الثالثة، الموعد الرسمي للقاء المعارضة، تزداد الجموع حماسة. وتبتدع كل مجموعة «ردة» على ذوقها. هنا «لح نبقى هون مهما العالم قالوا، راعبهم عون وبيخافوا من خيالو»، و«يا سنيورة نزال نزال هيدي الكرسي بدها رجال» وطبعاً «كما النصر.. التغيرر آتٍ آتٍ آتٍ». وهنا «لا إله إلا الله عون وبري ونصر الله»، «يا سنيورة طل وبص.. ما بيشيلك إلا الحص». في مكان ثالث شباب وصبايا يدبكون حول عدد من الطبول التي كانت موزعة بالعشرات ويرقصون مرددين «هالصيصان شو حلوين، عم يدورو حول رايس مبسوطين وراح يفلوا مفقوسين». تهدأ الحشود لثوانٍ، يغتنم طفل الفرصة فيهتف: «كلنا فدى السيد حسن» وترد الجموع من بعده «لبيك نصر الله.. لبيك نصر الله». تطل مجموعة حاملة «هوياتها اللبنانية» ويخبرون كل من ينظر إليهم أنهم «لبنانيون مئة في المئة». من بعيد تبدو الصورة برتقالية مطعمة بالأصفر، وفي التفاصيل، مُنعت الأعلام الحزبية فحضرت الفولارات، ومعظم هذه الموجودة في السوق، برتقالية. لافتات كثيرة وزعت في الساحتين وعلى أطرافها، هنا «لأننا نحب الحياة، نريد حكومة نظيفة» وهنا «العذراء تحميك يا سيّد وزهراء تحميك يا جنرال» وهنا رجل يلقب بالياباني يرفع لافتة تقول: «مش رح نغيّر مسلتنا تنسقط علتنا».

يحيي خطيب المهرجان الجيش اللبناني، يرد الجمهور بحماسة، يتناوب عدد من الشبان على إطلاق الشعارات. دموع السنيورة هدف مميز لاستهداف الجماهير، وحصة الوزير أحمد فتفت محفوظة «يا فتفت يا قبضاي واحد قهوة اثنين شاي» وغيرها من الهتافات التي نبذت الطائفية «ما بدنا طائفية حزب وحركة وعونية».

يعلو صوت الموسيقى، أبو مصطفى، الرئيس نبيه بري له الحصة الأكبر من الأغاني، و«الأمليون» بدوا أمس مقارنة مع بقية التظاهرات أكثر انضباطاً مع المجموعات الأخرى. خطابات العماد عون والرئيس بري والسيّد نصر الله تداخلت مع الموسيقى. عبارات عزيزة على قلوب مؤيدي المعارضة صارت أغاني، هنا «هيّا على التغيير، هيّا على الإصلاح، هيّا على التحرير»، وهنا «كما عاهدتكم بالنصر دائماً، أعاهدكم بالنصر مجدداً». يهدأ المعتصمون ثواني، لكن صوت السيد نصر الله يطرق مسامعهم من جديد، فيشتعلون حماسة، يندفعون نحو مكبرات الصوت، وكأن السيد يقف خلفها.

 

الحشود فوق جسر فؤاد شهاب وتحته في اتجاه بشارة الخوري (هيثم الموسوي)

الأخبار/جورج حداد، ابن الحدث، العوني المتهم من قبل البعض بتطرفه المسيحي يصل إلى المذياع، «نحن، حزب الله والتيار، أهل تاريخ مشرف لا عمالة فيه ولا عمولة». ثم يسأل بغضب: «كيف نعود قبل مغادرة هذا العميل؟» وترد الحشود من بعده: السنيورة عميل، السنيورة عميل.

الساعة الثالثة والنصف، موعد المعتصمين مع كلمة المعارضة التي ألقاها العماد عون، انجذبت الجماهير بقوة لسماعه، وكلما اقترب في كلامه على الحكومة، ازدادت الحماسة رغم تذمر البعض من اختياره الفصحى وهدوء الخطاب، متمنين لو كان أكثر نارية. ينهي عون كلمته، يتأكد قياديو التيار من رد الفعل الجماهيري. تصل الأنباء عن أعداد المشاركين، يتغير الشعار الرئيسي، يصبح «أصفر أخضر ليموني ليكوا الحشد المليوني»، ولاحقاً بعد أن غابت الشمس «أصفر أخضر ليموني، بدنا نسقط لحكومة، به الحشد المليوني».

التظاهرة رافقتها اجراءات أمنية مشددة فرضها الجيش وقوى الأمن وآلاف من عناصر الانضباط. وفي اطار اكمال تحركها لاسقاط الحكومة، قطعت قوى المعارضة ليل أمس كل الطرقات المؤدية الى السرايا ونصبت خيماً حيث سيبيت المتظاهرون. لكن الاتصالات السياسية أثمرت توافقاً يحرر بعض الطرق المؤدية الى السرايا ويبقي على فاعلية الاعتصام.

تغيب الشمس، ولا تغيب الهتافات، الآلاف يخلون الساحات، والمساحات كانت لا تزال ملأى بالناس، ولا يقتنع البعض بالمغادرة إلا بعد طمأنتهم الى أن خيماً عدة نصبت على معظم الطرقات المؤدية للسرايا في انتظار تظاهرة ثانية في موعد قريب جداً.

الى ذلك توجهت لجنة المتابعة في «الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية» في بيان إلى «جميع أبناء شعبنا في كل المناطق من أجل رفع الأعلام اللبنانية فوق المنازل وعلى الشرفات تأكيداً على وحدة اللبنانيين في تحركهم لتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الفتنة وتحقيق التغيير المنشود في إنقاذ لبنان من حالة الاضطراب والأزمات والخضوع للوصاية والأجنبية، الذي لا يتم إلا من خلال إزاحة الفريق المهيمن على السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم الخيارات والمسلمات الوطنية».

 

عون: الاستقالة المخرج الوحيد ومن شعبه معه لا يختبئ خلف شريط شائك

عون اثر القائه كلمته (مروان طحطح)الأخبار

طمأن رئيس كتلة «التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون إلى «أننا لسنا على مفترق طرق كما يدعون، بل على طريق قويم نمشي عليه ونترك القلق وراءنا، وكذلك الشائعات»، مؤكداً أن «المخرج الوحيد الباقي هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية».

ألقى عون في الاعتصام كلمة باسم المعارضة من خلف ستار زجاجي واق يحيط به النائبان علي حسن خليل وأسامة سعد والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، وجاء فيها: «جئت اليوم لاخاطبكم بما تستحقون دائماً، يا شعب لبنان العظيم. هذه اللحظات التاريخية بجو مفعم بالأمل وليس بالقلق، وضميرنا مرتاح لخياراتنا الوطنية، ونحن نسعى إلى تحقيقها بما يضمن سلامة الوطن وسيادته واستقلاله». وأضاف: «اليوم نجسد معاً المفاهيم الوطنية والأخلاقية التي لم تعد شعاراً مزيفاً كلامياً، بل أصبحت واقعاً معيوشاً في قلب كل بيت وقلب كل انسان. نحن اليوم نحيي العيش المشترك ونحصن وحدتنا الوطنية ليس بالكلام، وقد أصبحت طريقة الحياة نسلكها بكل طمأنينة نحو المستقبل، وإن قيمنا لا ترتكز على خطاب سياسي. ربما كثيرون يحسنون الخطاب أكثر منا، لكننا نحسن الالتزام أكثر من أي فريق آخر بما نتعهد به أمام مواطنينا».

وتابع: «لا نسعى إلى عزلهم ولا إلى الاستئثار بالسلطة، ولا نسعى إلى الحصول على مصالح فردية أو حتى فئوية، بل نسعى إلى تركيز الوطن على دعائمه الأساسية التي من دونها لا يحيا وطن». وقال: «نشكر محطات التلفزة التي تسعى حتى في مثل هذه اللقاءات الوطنية، أن يكون لديها عدّادات طائفية فتحصي آلافاً من المسيحيين ومئات آلاف من المسلمين أو من الشيعة. عيب وعار عليكم اليوم أن تميزوا بين مذهب وآخر، وبين طائفة وأخرى، وقد اجتمعنا يظللنا العلم اللبناني، ونحن فخورون أمام العالم أجمع ولا نخجل من شعاراتنا الوطنية. نعم نحن متطرفون في المحافظة على السيادة والاستقلال (...) سنسعى دائماً إلى المحافظة على صداقاتنا، ونريد أن نكون أصدقاء الجميع في الشرق والغرب على أن يتركونا وشأننا في معالجة مشاكلنا. ونعتبر أي دعم فئوي للحكومة من أي دولة أتى ليس دعماً صديقاً، بل هو دعم لخلق التصادم في قلب المجتمع الواحد، فالمؤامرة تترصد الوطن في وحدته».

أضاف: «نحن نسعى لأن نعود الى موقع السلطة، ليس للجلوس على مقعد وزاري، ولكن لنشارك في القرار الوطني لجعله ملائماً للمجتمع اللبناني وليس لتوقيفه وتعطيله كما شاء أن يشرح بعض الوزراء. ولكن أن يدعي رئيس حكومة، وهنا أتكلم عن رئيس حكومة لبنان وليس عن رئيس حكومة سني أو رئيس جمهورية ماروني أو رئيس مجلس شيعي، أتكلم عن رئيس يخصني أنا كماروني كما يخص الطائفة السنية، وليست هناك مذهبية في معالجة الشؤون العامة، وليست هناك صفة لرئيس الحكومة غير كونه لبنانياً ولجميع اللبنانيين. وإذ ننتقده اليوم، لا نوجه نقدنا كما شاء البعض إلى الطائفة السنية، بل إلى رئيس الحكومة اللبنانية الذي بأدائه أخطأ كثيراً ويجب أن يتنحى عن مركزه ويجلس مكانه سني آخر أكثر خبرة ومعرفة بنسيج الشعب اللبناني وقضاياه الوطنية».

وقال: «أتوجه اليكم لأن تدعموا مسيرة التغيير والإصلاح وصيانة القرار الحر وصيانة حقوق كل المواطنين. حقوق المواطن لا تخضع للفئوية أو للحزبية ولا للمذهبية. إن حقوق المواطن بالمطلق يجب أن تصان من جميع الحكومات ومن جميع الناس سواء كانوا موالين أو معارضين. نحن نعاني من حفلة تهميش مبرمجة، وكأن من هم في الحكم يريدون خلق حالة صدامية. لسنا في هذا الصدد إنما نفتش عن الانفتاح، وعن أي انفراج لنصل من خلاله إلى وحدة وطنية يشارك في صنع قرارها جميع اللبنانيين. لا نستطيع أن نقبل أن الحكومة القائمة هي حكومة وحدة وطنية بل خرجت عن حالها الطبيعية. هناك الخروج عن النصوص الواضحة في الدستور، نتمنى على رئيس الحكومة ووزرائه أن يقرأوها مجدداً وصباح كل يوم حتى يقتنعوا أمام هذه الجماهير أن حالتهم أصبحت غير دستورية، وكلنا يعلم أن خرق الدستور يشكل مخالفة جسيمة قد تحيل صاحبها أمام القضاء».

وتمنى عون «لو أن رئيس الوزراء ووزراءه معنا اليوم، ولا يختبئون وراء الشريط الشائك وخلف ملالات الجيش. فمن كان شعبه معه لا يحتاج إلى شريط شائك، بل إلى بعض رجال الأمن لحمايته من مجنون أو من هامشي طبيعته سيئة، ولكن لا يختبئ من شعب». وختم داعياً رئيس الحكومة ووزراءه إلى «أن يستقيلوا ويصبحوا مثل زملائهم يمارسون تصريف الأعمال حتى نهاية الأزمة، والخروج بحكومة وحدة وطنية تعالج المشاكل الشائكة. المخرج الوحيد الباقي هو الاستقالة. وإننا مستمرون بالاعتصامات حتى تحقيق مطالبنا».

كما ألقى النائب علي حسن خليل كلمة دعا فيها «إلى البقاء معاً حتى نحقق شعارنا ومطلبنا بقيام حكومة الوحدة الوطنية، وهي آتية آتية آتية بإرادتكم جميعاً».

 

تركيبة سنية ضد الشيعة أم تركيبة أمنية لصالح الوطن؟

جان عزيز-الأخبار

فيما كانت إحدى الصحف الأميركية تتحدث ضمن مقابلة مع أحمد فتفت، عن تركيبة سنية مسيحية لقوى الأمن، تهدف الى مواجهة شيعة “حزب الله”، كان مسؤول أمني كبير يتسقّط من معاونيه «المعلوماتيين» مواعيد تحرك المعارضة. للتعامل معه بما يحفظ الأمن الكامل للمشاركين. “لا مجال لتكرار ما حصل في 5 شباط الماضي في الأشرفية. فالجهد الذي بذل لبناء القوى الأمنية مذذاك، بدأ يثمر. إذ ارتفع عديد قوة مكافحة الشغب من 350 عنصراً في حينه الى 850، حتى بلغ اليوم مبدئياً 3200 عنصر، بعضهم لا يزال قيد التدريب والتجهيز، لكن القوّة ستكون بكليتها في حالة جهوزية تامة في غضون 6 أشهر كحد أقصى”.

مسألة رفع العديد تعيد البحث إلى الكلام الانتقادي حول الموضوع. والمسؤول نفسه يصنف غالبيته في خانة الاستهداف السياسي. لكنه يعترف بالخلل الطوائفي السابق، وهو ما دفعه الى تصحيحه لاحقاً. ويشرح أن آليات التطويع القانونية كانت ستستلزم نحو سنتين. لذلك استبدل التطويع بالتعاقد. “صحيح أن لهذا الإطار بعض السلبيات، لكن الإيجابيات أكبر. فبدل 30 ألف طلب تطوع مختلة التوازن الطائفي في شكل ساحق، انتهت آلية التعاقد الى 5876 متعاقداً ضمن قوى الأمن الداخلي، موزعة مناصفة بالتمام بين 2938 متعاقداً لكل من المسيحيين والمسلمين، و1243 متعاقداً لكل من السنة والشيعة”.

والى جانب رفع العديد كانت ثمة أولوية متزامنة في تحديث التجهيز وزيادته كمّاً ونوعاً. وتلوح مسحة من الخيبة في حديث المسؤول عن الدعم الغربي. فالمجموعة الأوروبية مثلاً قدمت بروتوكول هبة بقيمة 3 ملايين يورو، على مدى 3 سنوات. من بنودها ما يعود الى تدريبات مختلفة، محصورة بالدول المانحة، ما يجعل التقدمة زهيدة ومعقدة التحقق. والأمر نفسه تحكّم في التعاطي الأميركي. فيما التقديرات الأولية لحاجة قوى الأمن الداخلي، كانت نحو 150 مليون يورو، على مدى 3 سنوات، لإعادة بناء السلك. لذلك كان لا بد من التوجه الى الدول العربية، وأبرزها الإمارات،حيث القدرة على المنح أكبر، وآلية التنفيذ والصرف أسهل وأسرع.

ويعترف المسؤول الأمني بأن العلاقة بين الأجهزة الأمنية المختلفة، والوضعية القانونية لكل منها، شكلتا في الماضي إحدى عقبات العمل. غير أن المسألة عرفت معالجة وتذليلاً كبيرين منذ عام ونيف. ويشرح المسؤول نفسه أن التعاون القائم اليوم كبير ومنتج، من دون تنافس ولا تضارب. والنتائج واضحة. فقوى الأمن الداخلي هي من ألقت القبض على مرتكبي حادثتي الاعتداء على ثكنتين للجيش اللبناني في صيدا وبيروت. لتتابع تحقيقاتها فيهما بالتعاون مع المؤسسة العسكرية لاعتبارات سلكية معروفة. في المقابل فإن أحد أبرز زعماء مافيات سرقة السيارات، حسين علاّم، ألقت القبض عليه مخابرات الجيش وسُلّم الى قوى الأمن الداخلي.

وهذان المثلان المتقاطعان دليلان على حسن التعاون القائم من دون عقد. ويعترف المسؤول نفسه بأن ثمة ثُغراً قانونية تشوب واقع الأجهزة المختلفة. فمخابرات الجيش مثلاً حُصر عملها في الأمن العسكري بموجب اتفاق الطائف، فيما حُيّدت قوى الأمن الداخلي عن الأمن القومي الذي أنيط بجهاز أمن الدولة. غير أن التعاون الصادق اليوم يتخطى هذه الثغر، ضماناً لمصلحة المواطن.

وهل بلغ مستوى التعاون والربط بين هذه الأجهزة المستوى المطلوب؟ طبعاً لا، يجيب المسؤول الكبير. ثمة ضرورة لمكننة أكبر بكثير، ولتبادل معلومات أفعل. على سبيل المثال لقد أنجزت المديرية العامة للجمارك برنامجاً معلوماتياً خاصاً بها، لمسح كل السيارات الداخلة الى لبنان والخارجة منه، وهو برنامج «كارز»، ونجد أن أي جهاز أمني لم يستفد منه أو يستثمره، رغم دعوة الجمارك الى ذلك وترحيبها وتشجيعها. في المقابل، لا تزال حركة انتقال الأفراد عبر المعابر البرية، لحاملي الهويات، لا جوازات السفر، تسجل على بطاقات ورقية تتلف بعد 6 أشهر. هذه أمثلة عما ينتظر من تحسين وربط مطلوبين، علماً أنْ لا محاذير لهذا الأمر إطلاقاً. ففي النهاية التقارير السرية لأي جهاز تُحفظ في برامج خاصة، أما الربط المعلوماتي المطلوب فيطال «الداتا» المشتركة أساساً، والخاضعة حالياً للتبادل بموجب مراسلات خطية، تقتضي يومين أو ثلاثة، فيما يجعلها الربط الإلكتروني فورية.

يبقى السؤال: هل بدأت النتائج الفعلية لكل هذا الجهد؟ يجيب المسؤول الأمني الكبير أن الدليل الأبرز على تقدمنا، كان في محاولة اغتيال المقدم سمير شحادة، مساعد رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. كاشفاً أن هذه العملية جاءت رداً من جهات معروفة، على تحقيق خرق معلوماتي هام جداً، في إطار التحيقات الجارية حول جريمة كبرى. “اكتشفوا أننا تقدمنا من اكتشافهم، فردوا بالجريمة. هرب الشخص ـــ الحلقة قبل اعتقاله، فازدادت الشكوك. وخصوصاً أن المتهم لجأ الى سوريا، حيث لم تنفع محاولات استرداده”.

هل هذا اتهام مباشر في الجريمة المقصودة؟ “المؤشرات تقودنا الى سوريا”، يقول المسؤول نفسه، “هذه حقيقة أمنية، لا علاقة للسياسة فيها”.

في هذا الوقت كانت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تنشر ضمن حديثها مع فتفت، أن وزارة الداخلية في لبنان “استولى عليها السنة الموالون للغرب”، وأن قوى الأمن الداخلي هي القوة اللبنانية الوحيدة المسلحة المخلصة في الدفاع عن التحالف السني المكافح لإبقاء سيطرته السياسية”...من نصدق؟ صحيفة فتفت أم المسؤول الأمني؟ سؤال تبدو الإجابة عنه وشيكة.

عدد السبت ٢ كانون الأول

 

الحريري: تظاهرة ألـ300 ألف غير وطنية.. والسنيورة لن يسقط

الأخبار/جدّد رئيس كتلة “المستقبل" النائب سعد الدين الحريري اتهامه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بـ" تعطيل المحكمة الدولية بإعطائه الأوامر الى (الرئيس اميل) لحود، وقصف طاولة الحوار بعد ثلاثة أيام من انعقادها"، في "محاولة منه لإحداث انقلاب سياسي في لبنان"، بعد أن "قتل نظامه الرئيس رفيق الحريري"، مدعّماً رأيه بوجود "حلفاء سوريا" في تظاهرة إسقاط حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة.

وإذ أشار الى أن عدد متظاهري الأمس "تراوح ما بين 200 و300 ألف، تذكّروا بيروت المقاومة فجأة"، و"لم يكن طابع التظاهرة الواحد وطنياً، بل لبنانياً"، أكد أن السنيورة "لن يسقط، مهما فعلوا"، موجّهاً رسالة الى "حزب الله" مفادها: "كفاكم دفع فواتير في دفاعكم عن قتلة الحريري".

واعتبر الحريري، في حديث الى قناة "الحرّة" أمس، أن الرئيس لحود "رهينة عند الأسد، يأتمر بأوامره. لذلك، هو أساس المشكلة الحاصلة في لبنان"، وطالب بـ"رئيس جمهورية لكل اللبنانيين، على أن يكون جزء منه معنا"، مستبعداً "التوافق على عون رئيساً، بعد كل الذي فعله بنا".

وإنتقد الحريري عدم إطلاق المتظاهرين شعارات تتضمّن كلاماً عن "إسرائيل ومزارع شبعا والأسرى"، واعتبر أنها كانت "طعنة للسنيورة وبيروت وأهالي بيروت"، متسائلاً: "ما هو مشروعهم؟ هل أن السنيورة متهم بالفساد؟ وهل بناء لبنان يتمّ بتحويله الى حرب شوارع؟". وإذ ربط نجاح مشروع "باريس 3" بالهدوء والتشاور، إعتبر أن حلّ الأزمة الإقتصادية لا يكون إلا "عبر تعديل كل قوانين هذا المشروع". وفي شأن الوزراء المستقيلين، رأى الحريري أن "استقالتهم مرتبطة بالمحكمة الدولية"، نافياً إستبعاد توزير شيعة بدلاء بالقول: "إذا اقتضى الأمر، لا شك".

(الأخبار)عدد السبت ٢ كانون الأول

 

قوى 8 آذار وملحقاتها تبدأ تحركها في وسط بيروت تحت شعار نريد حكومة نظيفة

عون: الحكومة القائمة غير دستورية وعليها الاستقالة وتصريف الأعمال

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - في الثالثة والنصف تماماً، وبتأخير نصف ساعة عن الموعد المقرر أطل رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون، رافعاً قبضتيه الاثنتين في الهواء، على عادته، وتوجه إلى المعتصمين قائلاً: "جئت أخاطبكم بما تستحقون يا شعب لبنان العظيم"، ثم بدأ بإلقاء خطابه باسم المعارضة اللبنانية.

قبل ذلك وعلى مدى ساعتين ونصف كان منظمو الاعتصام قد أعدوا العدة لتعبئة المحتشدين وتجييشهم ليصلوا إلى ذروة حماسهم وتأهبهم ساعة إلقاء الخطاب الذي لم يكشف عمن سيلقيه إلا عند الساعة الثانية والنصف، مع اعتذار عن التأخير، عندها بدأ المنظمون بتركيب زجاج مضاد للرصاص فوق منصة جللت بلافتة كتب عليها "نريد حكومة وطنية"، وطوقت بالحواجز الحديدية لعزلها عن المشاركين في الاعتصام في ساحة رياض الصلح بدائرة قطرها نحو عشرين متراً، فكانت أشبه بدائرة أمنية حاصرها عناصر "حزب الله" مانعين الدخول إليها لغير السياسيين والإعلاميين، وسرعان ما بدأت هذه الدائرة تمتلئ بالنواب من كتلة "الوفاء للمقاومة" وتكتل "التغيير والإصلاح" وكتلة "التنمية والتحرير" وبمسؤولين سياسيين من قوى 8 آذار الذين لم يهدأوا بإلقاء السلام وتبادل القبل بحرارة حتى خيل للناظرين انهم لم يتلاقوا منذ وقت طويل.

الدائرة الأمنية نفسها كانت مقصد العديد من "المنسيين" الذين جهدوا للوصول إلى الصف الأمامي علّ احدى كاميرات التلفزة تقع عليهم، ما حدا بالمنظمين إلى تكرار الطلب منهم بلطف، لتوسيع الدائرة والتراجع قليلاً ليتسع المكان للجميع، فما كان من النائب أسامة سعد إلا ان صعد إلى المنصة ليقف خلف "الجنرال" وهو يلقي خطابه إلى جانب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل.

خلف الحواجز الحديدية التي فصلت الحشود عن المسؤولين، غابت الشعارات والأعلام الحزبية، وكان الاكتفاء بالأعلام اللبنانية والشعارات المندّدة بالحكومة ومنها: "ما بدن يعطونا الثلث، يعطونا قفا ظهورهن".

و"حمتك العذراء يا أبا هادي وحمتك الزهراء يا جنرال"، و"لاننا نحن الحياة نحن الوحدة الوطنية"، يلوح بها المشاركون في الاعتصام بحماسة كلما بث المنظمون مقتطفات من خطابات للسيد حسن نصر الله والعماد عون والرئيس نبيه بري، كلما كان عريف الاعتصام يقف على المنبر ليخبرهم عن أعداد المتظاهرين التي "ملأت ساحات بيروت والطرقات المؤدية إليها"، عندها يعلو التصفيق، ويتبع ذلك بأغنية حماسية أُعدت خصيصاً لمناسبة الاعتصام المفتوح وتقول كلماتها "يا بيروت الأبية نحن رجال الحرية، نحن نجوم الاستقلال والنخوة اللبنانية".

وفي الثالثة والنصف، طلب إلى المشاركين رفع أيديهم إلى صدورهم لناحية القلب وإنشاد النشيد الوطني كاملاً، ليطل بعد ذلك عون قائلاً: "جئت اليوم لأخاطبكم بما تستحقون دائما يا شعب لبنان العظيم. نعيش هذه اللحظات التاريخة بجو مفعم بالأمل وليس بالقلق فضميرنا مرتاح لخياراتنا الوطنية، ونحن نسعى لتحقيقها بما يضمن سلامة هذا الوطن واستقلاله وسيادته.

اليوم نجسد معاً المفاهيم الوطنية والاخلاقية لم تعد شعاراً زائفاً كلامياً بل اضحت واقعاً معيوشاً في قلب كل بيت وكل انسان.

نحن اليوم نحيي العيش المشترك، نحصن وحدتنا الوطنية ليس بالكلام وقد اصبحت طريقة حياة نسلكه بكل طمأنينة نحو المستقبل.

ان قيمنا لا ترتكز الى خطاب سياسي، ربما كثيرون يحسنون الخطاب اكثر منا، ولكن نحن في الواقع نحسن الالتزام اكثر من اي فريق آخر بما نتعهد به امام مواطنينا.

نحن اليوم لسنا على مفترق طرق كما يدعون، ولكن على طريق قويم نمشي عليه ونترك القلق والاشاعات وراءنا. واذ احيي الحضور احيي ايضا الغائبين عن هذا الاجتماع. وكم كان يفرحنا ان تكون هذه السرايا الحكومية حاضره بوزرائها معنا اليوم. نحن لا نسعى الى عزلهم ولا نسعى الى الاستئثار بالسلطة ولا نسعى الى الحصول على مصالح فردية او حتى فئوية. بل نسعى اليوم لتركيز الوطن على دعائمه الاساسية التي من دونها لن يحيا وطن ولكن لدينا من العزم والصبر والحكمة بأن نسعى دائما لعودة الابن الضال الى هذا الشعب المحب الذي يسعى الى ضم كل بنيه. وعلى الرغم من تنبهنا الى هذه المخاطر التي اعتبرها آنية نشكر محطات التلفزة التي تسعى حتى في مثل هذه اللقاءات الوطنية تحت العلم اللبناني الموحد للبنان لأن يكون لديها عدادات طائفية لتحصي آلافاً من المسيحيين ومئات آلاف من المسلمين او من الشيعة. عيب وعار عليكم اليوم ان تميزوا بين مذهب وآخر وبين طائفة واخرى وقد اجتمعنا ويظللنا العلم اللبناني ونحن فخورون بذلك امام العالم اجمع".

وتابع: "لا نخجل بشعاراتنا الوطنية نحن نعم متطرفون في المحافظة على السيادة والاستقلال، متطرفون في المحافظة على القرار الحر، متطرفون في عيش حياة الاعتدال، الاعتدال هو في العيش المشترك وملاقاة الآخر. ليس الاعتدال في التنازل عن الحق، وليس الاعتدال في التنازل عن السيادة والاستقلال، وليس الاعتدال في التفتيش عن قرار ضائع في العواصم القريبة والبعيدة. القرار الحر هو ما نسعى الى تحريره اليوم، اذ نلتقي كلبنانيين، هنا القرار وبتوافقنا حول سياستنا الداخلية والخارجية والدفاعية نصنع قرارنا الحر.

القرار الحر لا يتغير جغرافيا من منطقة لبنانية الى منطقة غير لبنانية اذا ما حل فيها غريب او اجنبي. لذلك سنسعى دائما الى المحافظة على صداقاتنا ونريد ان نكون اصدقاء الجميع في الشرق والغرب على ان يحترموا ارادتنا الوطنية ويتركونا وشأننا في معالجة مشكلاتنا.

اننا نعتبر اي دعم فئوي للحكومة من اية دولة اتى ليس دعما صديقا انما دعم لخلق التصادم في قلب المجتمع الواحد والمؤامرة تترصد الوطن ووحدته.

نحن نسعى اليوم لأن نعود الى موقع السلطة، ليس للجلوس على مقعد وزاري سواء كنا الثلث زائد واحد او عشرة او ثمانية او خمسة، نسعى لنشارك في القرار الوطني، نسعى بهذه المشاركة لجعله ملائما للمجتمع اللبناني وليس لتوقيفه وليس لتعطيله كما شاء ان يشرح بعض الوزراء والمسؤولين".

واضاف: "نحن لا نسعى الى التعطيل بل الى جعل الحكومة الملائمة اساسا في كل قرار يشمل اللبنانيين وارض الوطن بكاملها، ولكن ان يدعي رئيس حكومة وهنا اتكلم عن رئيس حكومة لبنان وليس عن رئيس حكومة سني ولا عن رئيس جمهورية ماروني او رئيس مجلس شيعي بل عن رئيس يخصني انا كماروني كما يخص الطائفة السنية، فليس هناك مذهبية في معالجة الشؤون العامة، او صفة لرئيس الحكومة غير كونه لبنانيا ولجميع اللبنانيين.

واذ ننتقده اليوم، لا نوجه نقدنا كما شاء البعض الى الطائفة السنية، نحن نوجه نقدنا وطلباتنا الى رئيس الحكومة اللبنانية الذي بأدائه اخطأ كثيرا ويجب ان يتنحّى عن مركزه ليجلس مكانه سنّي آخر اكثر قدرة واكثر معرفة بنسيج الشعب اللبناني وبقضاياه الوطنية. نحن اليوم نعاني في مجتمعنا من آفات كثيرة وقد جعلوا من الفساد قدرنا.

يا اخوتي المواطنين ان الفساد ليس قدرا، ولكن تغاضيا وقبولا سيئا من قبلنا، نستطيع ان نصلح المجتمع اللبناني وان نطهّره من الفساد. هذه ارادتكم ونحن هنا لنعبّر عنها امامكم وامام المواطنين الذين يصغون اليها، ان لبنان الحر سيبقى حراً لجميع ابنائه والعيش المشترك ليس بحاجة للدفاع عنه وهو قائم في ما بيننا ونحن نعيشه كل يوم وهو طريقة حياة وليس شعاراً فارغاً من المضمون.

وخاطب الحشود قائلاً: "اتوجه اليكم اليوم لأن تدعموا مسيرة التغيير والاصلاح وصيانة القرار الحر وصيانة حقوق المواطنين، جميع المواطنين، حقوق المواطن لا تخضع لفئوية ولا تخضع لمذهبية ولا تخضع لحزبية، انها حقوق بالمطلق يجب ان تصان في كل الحكومات ولجميع الناس، اكانوا موالين او معارضين. نحن اليوم نعاني حفلة تهميش مبرمجة وكأن الموجودين في الحكم يريدون خلق حالة صدامية، نحن لسنا بهذا الصدد، نحن نفتش عن الانفتاح، نفتش عن اي انفراج لنصل من خلاله الى وحدة وطنية يشارك في صنع قرارها جميع اللبنانيين.

لا نستطيع ان نقبل ان الحكومة القائمة اليوم هي حكومة وحدة وطنية، لا بل خرجت عن حالها الطبيعية، هناك الخروج على نصوص واضحة في الدستور نتمنى على رئيس الحكومة والوزراء ان يقرأوها مجددا وصباح كل يوم حتى يقتنعوا امام هذه الجماهير المحتشدة بأن حالتهم اصبحت غير دستورية، وجميعنا نعلم ان خرق الدستور يشكل مخالفة جسيمة قد تحيل صاحبها امام القضاء. اتمنى لو ان رئيس الوزراء، ووزراءه بيننا اليوم، لا يختبئون وراء الشريط الشائك وملالات الجيش، اذا ما كان شعبه معه لا يحتاج الى شريط شائك، قد يحتاج الى بعض رجال الامن لحمايته من مجنون او هامشي طبيعته سيئة. ولكن لايحتمي من شعب.

ادعو رئيس الحكومة ووزراءه الى ان يستقيلوا ويصبحوا مثل زملائهم مستقيلين يمارسون تصريف الاعمال حتى نهاية الازمة والخروج بحكومة وحدة وطنية تعالج المشكلات الشائكة. لسنا هنا في صدد تفسير الحلول ودرس تفاصيلها ولكن المخرج الوحيد الباقي هو الاستقالة.

ولكن ادعو الجميع الى المساهمة في الاعتصام الدائم الى حين التوصل الى الاهداف التي أعلناها، عشتم وعاش لبنان مجدداً".

خليل

بعدها توجه النائب خليل الى المعتصمين وقال "انتم حقيقة لبنان، انتم حقيقة الوحدة في هذا الوطن، مارسوها وحققوها بأن تستمروا بصوتكم، لا لبقاء هذه الحكومة، نعمل لحكومة الوحدة الوطنية سنبقى معا في هذه الساحة نمارس اعتصاما سلميا ديموقراطيا نحافظ فيه على سلمنا الاهلي.

انتم مدعوون جميعا الى ان تكونوا النموذج والسيرة المشرقة عن قيمنا ووعدنا ابدا ابدا بالدفاع عن لبنان عن حريته وعن اقتصاده الذي نحن اليوم نحرص عليه اكثر بكثير من حكومة تفتقد الشرعية والدستورية.

فلنبق معا حتى نحقق شعارنا ومطالبنا قيام حكومة الوحدة الوطنية وهي آتية آتية بإرادتكم جميعا، سنبقى هنا اليوم وفي الليل وعند الفجر وغدا، في الصباح وفي النهار الى ان يعلن فخامة رئيس الجمهورية مرسوم تكليف رئيس حكومة جديد ومَنْ أراد ان يبقى معنا حتى المساء او حتى الليل او الفجر ومَنْ لم يقدر ان يبقى معنا اليوم غدا الى ان يشاء الله وتقوم حكومة وحدة وطنية، شكرا لكم ونختم بالنشيد الوطني اللبناني".

بعدها اعلن المنظمون بدء الاعتصام المفتوح والإعداد لخيم ليلية لإيواء المعتصمين في عشرين موقعاً في بيروت، سيتناوبون على الاعتصام فيها ليلاً ونهاراً.

الحضور

النواب: محمد رعد، علي حسن خليل، حسن فضل الله، علي بزي، غازي زغيتر، عمار الموسوي، حسين الحاج حسن، علي عمار، قاسم هاشم، مروان فارس، عباس هاشم، امين شري، مصطفى سعد، والوزراء المستقيلون محمد فنيش، طراد حمادة، والوزراءالسابقون: وئام وهاب، اسعد دياب وميشال سماحة، رئيس الحزب القومي الاجتماعي علي قانصو، النواب السابقون محمد برجاوي وزاهر الخطيب، واميل اميل لحود، رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري واعضاء المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي وغالب ابو زينب وحسين خليل والشيخ عبد الكريم عبيد.

 

أمن "حزب الله" يحاول محاصرة السرايا وحركة مخابراتيّة سوريّة مصاحبة..

وعون يحضر "جنرالاً بلا عسكر"

الانقلاب في يومه الأوّل شارعٌ "أحاديّ" بلا أفق سياسيّ

خادم الحرمين يتصل بالسنيورة والوزراء داعماً صمود الحكومة والحريري لا يرى حلاً خارج الحوار

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - العدد 2463 - الصفحة الأولى - صفحة 1أ الفريق السوري ـ الإيراني الذي يقوده "حزب الله" تنفيذ خطته الإنقلابية أمس. حشد تظاهرة في وسط بيروت. لكن السؤال هو: ماذا بعد هذا الاحتشاد؟

ليس خافياً على أحد ان النزول إلى الشارع بدأ يسلك مباشرة مساراً عكسياً لان الفريق السوري ـ الإيراني أنزل "كل ما عنده"، وكلامه عن البقاء في الشارع بصيغة مفتوحة، ليس هو نفسه مفتوحاً في "السياسة". ولعلّه لهذا السبب، حاول أمس، مباشرة بعد التظاهرة تنظيم عملية حصار للسرايا الحكومية حيث كان الرئيس فؤاد السنيورة يمارس عمله بشكل عادي، عبر محاولة قطع الطرقات المؤدية إليها قبل إعادة فتحها، ما يعني ان "أفق" هذا التحرك إذا كان سيستمر، وليس سوى اللجوء إلى أعمال خارجة على القانون، بما في ذلك تحركات استفزازية في أحياء "معينة" من العاصمة، كما حصل في منطقة الطريق الجديدة، وذلك استدراجاً لـ"مشكلة".

و"أمنياً"، كان لافتاً أمس ما كشف عنه عدد من الوزراء حول سعي "عناصر سوريّة" متمركزة في منطقة زقاق البلاط لإغلاق طريق السرايا، في وقت كُشف انّ "الخطّة" تقتضي بمحاصرة السرايا ليلاً لـ"الهجوم" عليها في وقت لاحق.

بيد ان ما كان واضحاً أمس، يتعلق بـ"الطابع" الطائفي والمذهبي لتحرك فريق دمشق ـ طهران في لبنان.

فبالرغم من ادعاء "حزب الله" الذي كانت شاشته "المنار" توجه الإنقلاب، بأن التحرك "سياسي" وبأنه متعدد الطوائف، فإن المشاركة المسيحية فيه كانت شبه معدومة، فلم يستطع "مسيحيو سوريا" التحشيد ولم يلبّ الشارع المسيحي دعوة رئيس "التيار العوني" النائب العماد ميشال عون إلى المشاركة في التظاهر و"الاعتصام المفتوح".

والناطق باسم "مسيحيي سوريا" النائب السابق سليمان فرنجية فقد أعصابه حيال عدم الاستجابة المسيحية، فهجم على البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير بعبارات غير أخلاقية قائلاً "باتوا يرسلون نساءهم إلى بكركي، ويبدو ان البطريرك تهيّج عندما رأى النساء"، في إشارة إلى اعتصام زوجات وبنات وأخوات شهداء الاستقلال في بكركي أول من أمس، حيث أعلن البطريرك صفير موقفاً حازماً ضدّ النزول إلى الشارع. ولم ينجح فرنجية في "توضيحه" اللاحق، ان ما قصده هو ان صفير "تحمّس"، في ستر عزلة "مسيحيي المحور السوري ـ الإيراني".

ولم تحل محاولة "حزب الله" تنصيب عون متحدثاً باسم قيادة ما يسمّى "المعارضة الوطنية"، أي محاولة "تكريمه" للايحاء بوجود تعدّد على مستوى أقطاب التحرك، لم تحل مشكلة الجنرال الذي بدا "ضابطاً بلا عسكر"، ويحرّكه "حزب الله".

أما المشاركة من الطوائف الأخرى فاقتصرت على أقليات سياسية موالية للنظام المخابراتي السوري. وذلك وسط موقف أعلنه الرئيس السابق سليم الحص دعا من خلاله إلى "التخفيف من التظاهر"، فيما كان "الداعية" فتحي يكن يأمل "سقوط الحكومة من اليوم الأول"، ما يعكس الارتباك إزاء ترك التحرك مفتوحاً.

عون، الخطيب بلا جمهور مسيحي، كرّر في كلمته المواقف نفسها حول "دستورية الحكومة"، ودعا الرئيس فؤاد السنيورة إلى الاستقالة. لكن عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب علي حسن خليل، أطلق في التظاهرة موقفاً لافتاً غير دستوري إذ قال "سنبقى (في الشارع) إلى أن يعلن فخامة رئيس الجمهورية مرسوم تكليف رئيس جديد للحكومة"، قافزاً فوق المراحل الدستورية، أي استقالة الحكومة والاستشارات النيابية الملزمة للتكليف.

في المقابل، رأى رئيس "تيّار المستقبل" النائب سعد الحريري أن ليس للتحرّك أمس "طابع وطنيّ وحزب الله كان يديره".

وأكد التمسّك بـ"لغة الحوار"، ودعا الى وضع كلّ الأزمات "على الطاولة"، معلناً "أمدّ يدي لإيجاد حلول لكلّ الأزمات".

وإذ لفت في حديث الى قناة "الحرّة" الى أنّ ما يجري هو "محاولة انقلابية"، قال الحريري "لن نسمح بأيّ انقلاب سياسيّ"، رافضاً اعتبار انّ "الشيعة يحاولون اسقاط رئيس الحكومة السنّي"، مشيراً الى أنّ "هؤلاء لبنانيون (..)".

وتلقّى الحريري اتصالاً من الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي أكّد "دعم فرنسا للديموقراطية في لبنان ولسيادته واستقلاله" وتبلّغ من شيراك أيضاً أن فرنسا تسير قدماً في التحضير لعقد مؤتمر باريس ­3.

جنبلاط

في غضون ذلك، وفيما التزم "شعب 14 آذار" بدعوة الرئيس السنيورة أول من أمس إلى رفع الأعلام اللبنانية، وسط استجابة شعبية عارمة، وإذ تبيّن ان الفريق السوري ـ الإيراني دعا هو أيضاً إلى رفع هذه الأعلام لـ"إغراق" الخطوة، شهدت مناطق لبنانية عدة بما فيها بيروت تحركات شعبية مناهضة للانقلاب، ومسيرات سيّارة باتجاه مراكز قوى 14 آذار.

في هذه الاثناء، أعلن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الموقف. فإنه دعا إلى رفع شارة 14 آذار الحمراء والبيضاء الى جانب الأعلام اللبنانية، شدّد على "التحلّي بأعلى درجات الهدوء وعدم الانفعال". وقال "سنواجه بهدوء، سنلتزم منازلنا ونرفع الأعلام اللبنانية وشارة 14 آذار"، مضيفاً "قرّرنا أن نتفرّج عليهم وإذا أرادوا الحوار مجدّداً فأهلاً وسهلاً".

وقال جنبلاط "نحن تيّار لبناني وحركة استقلالية سيادية في مواجهة فريق يريد عودة نظام الوصاية وربط لبنان بالحلف السوري ­ الايراني". وسأل "لماذا يريدون بأيّ ثمن تعطيل المحكمة الدولية والقرار 1701 وباريس ­ 3"، وسأل أيضاً "هل يريدون بسط سيادة الدولة أم لا؟ هل يريدون اقتصاداً أم لا؟ هل يريدون ازدهار لبنان أم إفقاره؟". وشكّك في قرار البقاء في الشارع سائلاً "هل هذا لتفريغ الجنوب من الجيش؟"، معلناً "انّهم مشاركون في القرارات كلّها لكن نحن لا نشارك في قرار الحرب والسلم (..)".

السنيورة

من ناحيته، أجرى الرئيس السنيورة اتصالات شملت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك، وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والمنسّق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. وتبلّغ السنيورة من هؤلاء المسؤولين جميعاً "الدعم الكامل لحكومته ومواقفها".

يشار الى أنّ خادم الحرمين الشريفين حرص على التحدّث مع كلّ وزير من الوزراء المتواجدين في السرايا، مشدّدا على سلامة المؤسسات وأمن البلد، ومؤكداً دعم الحكومة ومواقفها.

 

 

دعا وخليل الى الاعتصام المفتوح "حتى تحقيق الأهداف"

عون: مَن كان شعبه معه فلا يحتاج الى شريط لا نسعى الى عزلهم او الاستئثار بالسلطة

النهار/جدّد النائب العماد ميشال عون مطالبته رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالاستقالة، متوجهاً اليه بالقول: "اتمنى لو ان رئيس الوزراء ووزراءه بيننا اليوم، ولا يختبئون وراء الشريط الشائك. مَن كان شعبه معه لا يحتاج الى شريط، ولا يحتمي من شعب".

وقال: "لا نسعى الى عزلهم ولا الى الاستئثار بالسلطة، بل الى تركيز الوطن على دعائمه السياسية".

وهنا نص كلمة عون:

جئت اليوم لاخاطبكم بما تستحقون دائماً: يا شعب لبنان العظيم.

تأتي هذه اللحظات التاريخية، في جو مفعم بالأمل وليس بالقلق كما يروّجون، وضميرنا مرتاح الى خياراتنا الوطنية، ونحن نسعى الى تحقيقها بما يضمن سلامة هذا الوطن وسيادته.

اليوم نجسد معا المفاهيم الوطنية والاخلاقية التي لم تعد شعاراً زائفاً كلامياً، بل اصبحت واقعا معيوشاً في قلب كل بيت، وفي قلب كل انسان.

نحن اليوم نحيي العيش المشترك، ونحصن وحدتنا الوطنية ليس بالكلام وقد اصبحت طريقة حياة نسلكها بكل طمأنينة نحو المستقبل.

ان قيمنا لا ترتكز على خطاب سياسي، ربما كثيرون يحسنون الخطابة أكثر منا، ولكن نحن بالواقع نحسن الالتزام اكثر من أي فريق آخر، بما نتعهد به أمام مواطنينا.

نحن اليوم لسنا على مفترق طرق كما يدّعون، ولكن على طريق قويم نمشي عليه ونترك القلق وراءنا، ونترك الشائعات وراءنا.

واذ احيي الحضور، احيي ايضا الغائبين عن هذا الاجتماع، وكم كان يفرحنا ان تكون هذه السرايا الحكومية حاضرة بوزرائها معنا اليوم.

نحن لا نسعى الى عزلهم، ولا الى الاستئثار بالسلطة، ولا الى الحصول على مصالح فردية او حتى فئوية، بل نسعى اليوم الى تركيز الوطن على دعائمه الاساسية التي من دونها لن يحيا وطن.

ولدينا من العزم، ولدينا من الصبر، ولدينا من الحكمة لان نسعى دائماً الى عودة الابن الضال الى هذا الشعب المحب الذي يسعى الى ضم كل بنيه.

ورغم تنبهنا لهذه المخاطر التي اعتبرها آنية، نشكر محطات التلفزة حتى تلك التي في مثل هذه اللقاءات الوطنية تحت العلم اللبناني الموحد لكل لبنان، لديها عدادات طائفية لتحصي اعداد المسلمين والمسيحيين.

ونقول: عار عليكم اليوم ان تميزوا بين مذهب وآخر وبين طائفة واخرى، وقد اجتمعنا ويظللنا العلم اللبناني ونحن فخورون بذلك امام العالم أجمع ولا نخجل بشعاراتنا الوطنية.

نعم، نحن متطرفون في المحافظة على السيادة والاستقلال، نحن متطرفون في المحافظة على القرار الحر، متطرفون في عيش حياة الاعتدال، الاعتدال هو في العيش المشترك وملاقاة الآخر، وليس الاعتدال في التنازل عن الحق، وليس في التنازل عن السيادة والاستقلال، وليس في التفتيش عن القرار في العواصم القريبة والبعيدة، القرار الحر هو ما نسعى الى تحريره اليوم.

اذ نلتقي كلبنانيين، هنا القرار، وبتوافقنا حول سياستنا الداخلية والخارجية والدفاعية نصنع قرارنا الحر.

القرار الحر لا يتغير جغرافيا بين منطقة لبنانية واخرى وبين منطقة لبنانية ومنطقة غير لبنانية، اذا ما حل فيها غريب أو اجنبي.

لذلك سنسعى دائما الى المحافظة على صداقاتنا، ونريد ان نكون اصدقاء الجميع في الشرق والغرب، على ان يحترموا ارادتنا الوطنية ويتركوننا وشأننا في معالجة مشاكلنا.

اننا نعتبر اي دعم فئوي للحكومة من اي دولة اتى ليس دعما صديقاً وانما دعم لخلق التصادم في قلب المجتمع الواحد والمؤامرة تترصد الوطن ووحدته.

نحن نسعى اليوم الى ان نعود الى موقع السلطة، ليس للجلوس على مقعد وزاري، سواء كنا الثلث زائد واحد او عشرة او ثمانية او خمسة، بل نسعى الى ان نشارك في القرار الوطني. ونسعى بهذه المشاركة الى جعله ملائما للمجتمع اللبناني وليس لتوقيفه او لتعطيله كما شاء أن يشرح بعض الوزراء والمسؤولين.

نحن لا نسعى الى التعطيل بل نسعى الى جعل الملاءمة أساسا في كل قرار يشمل اللبنانيين وارض الوطن بكاملها. ولكن ان يدعي رئيس حكومة، وهنا اتكلم عن رئيس حكومة لبنان وليس عن رئيس حكومة سني ولا عن رئيس جمهورية ماروني ولا عن رئيس مجلس شيعي، اتكلم على رئيس يخصني انا كماروني كما يخص الطائفة السنية، فليس هناك مذهبية في معالجة الشؤون العامة، وليس هناك صفة لرئيس الحكومة غير كونه لبناني ولكل اللبنانيين.

واذ ننتقده اليوم، لا نوجه نقدا للطائفة السنية، كما شاء البعض ان يصوره، نحن نوجه نقدنا وطلباتنا الى رئيس الحكومة اللبنانية الذي بأدائه اخطأ كثيرا، ويجب ان يتنحى عن مركزه ليجلس مكانه سني آخر، اكثر خبرة واكثر معرفة بنسيج الشعب اللبناني وبقضاياه الوطنية.

نحن اليوم نعاني في مجتمعنا آفات كثيرة، وقد جعلوا من الفساد قدرنا. يا اخوتي المواطنين ان الفساد ليس قدرا، لكنه تغاض وقبول سيئ منا، ونحن نستطيع ان نصلح المجتمع اللبناني وان نطهره من الفساد. هذه ارادتكم ونحن هنا لنعبّر عنها امامكم وامام المواطنين الذين يصغون اليها، ان لبنان الحر سيبقى حراً لجميع ابنائه، والتعايش ليس في حاجة الى دفاع عنه، وهو قائم بيننا ونحن نعيشه كل يوم، وهو طريقة حياة، وليس شعاراً فارغاً من المضمون.

اتوجه اليكم اليوم لأن تدعموا مسيرة التغيير والاصلاح وصون القرار الحر وحقوق المواطنين، كل المواطنين. حقوق المواطن لا تخضع لفئوية ولا لمذهبية ولا لحزبية، انها حقوق بالمطلق ويجب ان تصان من كل الحكومات ولجميع الناس اكانوا موالين او معارضين.

نحن اليوم نعاني حالة تهميش مبرمجة، كأن الموجودين في الحكم يريدون خلق حالة صدامية، نحن لا، لسنا بهذا الصدد، نحن نفتش عن الانفتاح، نفتش عن أي انفراج لنصل عبره الى وحدة وطنية يشارك في صنع قرارها جميع اللبنانيين.

لا نستطيع ان نقبل ان الحكومة اليوم هي حكومة وحدة وطنية، لا بل خرجت عن حالها الطبيعية، هناك الخروج على نصوص واضحة في الدستور، نتمنى على رئيس الحكومة والوزراء أن يقرأوها مجددا وصباح كل يوم، حتى يقتنعوا امام هذه الجماهير المحتشدة ان حالتهم اصبحت غير دستورية.

وكلنا يعلم ان خرق الدستور يشكل مخالفة جسيمة قد تحيل صاحبها الى القضاء.

اتمنى لو ان رئيس الوزراء ووزراءه بيننا اليوم، ولا يختبئون وراء الشريط الشائك وملالات الجيش. ان من كان شعبه معه لا يحتاج الى شريط شائك، قد يحتاج الى بعض رجال الامن لحمايته من مجنون او من هامشي طبيعته سيئة، ولكن لا يحتمي من شعب. ادعو رئيس الحكومة ووزراءه الى ان يستقيلوا، ويصبحوا مثل زملائهم مستقيلين، فيمارسون تصريف الاعمال حتى نهاية الازمة والخروج بحكومة وحدة وطنية تعالج المشاكل الشائكة.

لسنا هنا في صدد تفسير الحلول ودرس تفاصيلها، لكن المخرج الوحيد الباقي هو الاستقالة.

واليوم افتتحنا الاعتصام المفتوح، ارجو من جميع الموجودين ان يثابروا، طبعاً ليس بالحجم نفسه، قد نعود الى مثل هذه اللقاءات، ولكن ادعو الجميع الى المساهمة في الاعتصام الدائم حتى الوصول الى الاهداف التي اعلناها".

حسن خليل

ثم القى النائب علي حسن خليل الكلمة الآتية: "انتم حقيقة لبنان، انتم حقيقة الوحدة في هذا الوطن، مارسوها وحققوها بأن تستمروا بصوتكم، لا لبقاء هذه الحكومة، نعم لحكومة الوحدة الوطنية. نريده اعتصاما سلميا ديموقراطيا لنحافظ على سلمنا الاهلي. انتم مدعوون جميعا الى ان تكونوا النموذج والصورة المشرقة عن قيمنا ووعدنا ابدا ابدا بالدفاع عن لبنان، وعن حريته واقتصاده الذي نحرص عليه اكثر بكثير من حكومة تفتقد الشرعية والدستورية. فلنبق معا حتى نحقق شعارنا ومطلبنا بقيام حكومة الوحدة الوطنية، وهي آتية آتية آتية بارادتكم جميعاً".

 

الحريري يرى أن حل الأزمة بالحوار

 وجنبلاط يرفض ربط لبنان بالحلف السوري - الإيراني

المعارضة تحشد مئات الآلاف وتدخّل الجيش ينهي حصاراً للسرايا

دعـم عربــي ودولي للحكومــــة وتركيــز على إحيـــــاء دور بـري

النهار/تظاهرة المعارض، وفي شكل رئيسي "حزب الله"، التي ضمت مئات الآلاف في وسط بيروت امس كانت اختبارا ناجحا لكل من السلطة والمعارضة. الاولى في قدرتها السياسية والامنية على استيعاب حرية التعبير ايا يكن حجم المعبرين، والثانية في قدرتها على التحرك سلميا وبانضباط يلتزم الحدود التي لا تخل بالنظام العام.

ولكن ما ان انتهت التظاهرة عصرا وبدأ الاعتصام مساء، حتى انقلب المشهد من حركة تعبير لاسقاط الحكومة الى حركة حصار السرايا ادى الى تفاعلات داخليا وخارجيا انتهت في ساعة متقدمة من الليل بفك الطوق الذي ضربه "حزب الله" حولها وتراجع المعتصمين الى مجموعة خيم نصبت في عدد من الباحات، الامر الذي يسمح بفتح كل طرق الوسط الذي من المقرر ان يعاود حياته الطبيعية اليوم، اذا لم يطرأ ما يعوق ذلك.

اما في الجانب السياسي لهذا اليوم، فان الدعوة الى اسقاط الحكومة التي اطلقها الخطيب الاوحد رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، فقد قوبلت قبل التظاهرة وبعدها بتأكيد الاكثرية ان الحكومة باقية وان روزنامة تغييرها تبدأ بتغيير رئيس الجمهورية اميل لحود.

وتلقت الحكومة اتصالات من جهات عربية ودولية اشادت بنجاحها في الحفاظ على السلم الداخلي، وجددت الثقة بقدرتها على مواصلة دورها على غير صعيد.

الحصار

واوضحت مصادر رسمية رفيعة المستوى لـ"النهار" الجانب الامني من تحرك المعارضة، فقالت "ان اجتماعات عقدت في الايام الاخيرة تولت خلالها قيادة الجيش التواصل مع المعارضة على اساس التوجهات التي رسمتها الحكومة من حيث اتاحة حرية التعبير السلمي شرط الحفاظ على النظام العام. وترك للقيادة وضع الخطة العملانية التي من شأنها ضبط تحرك المعارضة".

وأضافت انه "صباح أمس، تولت عناصر الانضباط في "حزب الله" وضع حاجز بين المتظاهرين والقوى الامنية في محيط السرايا، وكان مقررا ان تكون حدود التظاهرة تمثال رياض الصلح. لكن هذه الحدود تحركت تدريجا حتى بلغت اول الطريق المؤدية الى السرايا مما أقفل طريقين: شارع المصارف ووادي ابو جميل. وقد تعاملت رئاسة الحكومة مع هذا الامر على أساس ان الموضوع متصل بضغط الحشود. ولكن ما ان انتهت التظاهرة حتى بادرت عناصر الانضباط التابعة لـ"حزب الله" الى نصب خيم تسببت بقطع كل الطرق المؤدية الى السرايا باستثناء طريق واحدة في زقاق البلاط تعرض عابروها للرشق بالحجار، الامر الذي أدى فعلا الى محاصرة الجيش وقوى الأمن الداخلي خلف الاسلاك الشائكة. عندئذ اتصل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بكل من قائد الجيش العماد ميشال سليمان ووزير الدفاع الياس المر محذرا من مغبة خرق الاتفاق الذي سمح بقيام التظاهرة، ومنبها الى ان تسرب النبأ الى وسائل الاعلام من شأنه ان يؤدي الى مضاعفات غير مرغوب فيها. وأمهل الوزير المر والعماد سليمان نصف ساعة لمعالجة الموقف، مشيرا الى ان الاتصالات التي يتلقاها تفيد أن هناك استعدادات شعبية للتحرك من أجل فتح الطرق المؤدية الى مقر رئاسة الحكومة. كذلك اتصل السنيورة برئيس مجلس النواب نبيه بري داعيا اياه الى معالجة الامر قبل ان يتفاقم".

وأشارت المصادر الى "أن قائد الجيش اعتبر ما حصل خروجا على التفاهم الذي تم مع المعارضة وهدد باتخاذ اجراءات محددة اذا لم يلتزم المسؤولون عن الاعتصام الضوابط المتفق عليها. فكان ان تراجع المعتصمون عن الطرق تدريجاً".

وأفادت معلومات أخرى ان قائد الجيش الذي اتصل بالرئيس بري ومراجع أخرى نبّه الى امكان اضطراره الى اصدار الأوامر الى الجيش بفتح الطرق المؤدية الى السرايا ولو أدى ذلك الى الاصطدام بالمعتصمين. وجاء ذلك على خلفية معلومات عن تأهّب مجموعات في مناطق بيروت والبقاع وسواهما لقطع الطرق والتوجه نحو السرايا في حال ضرْب المعتصمين الحصار عليها.

وسعى الرئيس بري في اتصالاته مساء الى ازالة الخيم التي نصبت قرب السرايا وابعادها عنها وفتح الطرق المؤدية اليها، وأجرى لهذه الغاية اتصالات بقيادة المعارضة وقيادة الجيش واللجان التنظيمية للتظاهرة والاعتصام، فأزيلت العوائق وفتحت الطرق.

السعودية

وحركت المخاوف من تدهور الموقف اتصالات عاجلة عربية ودولية. فتلقى الرئيس السنيورة مساء أمس اتصالاً هاتفياً من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ابلغه فيه دعمه الكامل لمواقفه السياسية، كما ابلغه معارضة المملكة العربية السعودية لأي عمليات للاخلال بالأمن.

ثم تحدث الملك عبدالله مع الوزراء الموجودين مع الرئيس السنيورة في السرايا فرداً فرداً وأكد لهم دعمه ومؤازرته الكاملة، كما أفاد بيان المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس الوزراء.

الأمم المتحدة

وجرى اتصال أيضاً بين السنيورة والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي جدد "دعم الامم المتحدة للحكومة وشجاعتها في صون حرية التعبير السلمي".

الاردن

وفي عمان دعا الملك عبدالله الثاني اللبنانيين الى "حماية وحدتهم"، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس السنيورة، على ما أعلنت وكالة الانباء الاردنية "بترا" الرسمية.

وشدد العاهل الاردني، الذي يقوم منذ الخميس بزيارة للهند، على أهمية "ان يعمل اللبنانيون على حماية وحدتهم في هذا الوقت الذي يواجه فيه الشعب اللبناني تحديات كبيرة". وأمل "ألا يؤدي الاختلاف في الآراء بين القوى السياسية الى تداعيات تؤثّر على تماسك المجتمع اللبناني".

ورأت مصادر رئيس مجلس الوزراء ان ما حصل أمس هو "دليل على ان الحكومة نجحت في خيارها صون حق التعبير السلمي عن الآراء لكل المواطنين". لكنها لفتت الى "ان محاولة حزب الله محاصرة مقر رئاسة الحكومة كادت ان تشعل نزاعا له أول وليس له آخر". ودعت الجميع الى "الافادة من دروس ما حصل والتنبه الى خطورته في حال تكراره لانه سيؤدي بالبلاد الى مهالك لا يمكن احتسابها". واعتبرت ان على الرئيس بري "دورا مؤملا ومسؤوليات لمعالجة هذا الامر لاننا لن نصل الى نتيجة الا بالحوار وليس من طريق الشارع".

بري

وبدا ان "حصار السرايا" لم يحاصر المساعي المستمرة لفتح ثغرة في الوضع السياسي، وهي مساع تركزت ايضا على رئيس مجلس النواب. وعلم ان بري تلقى امس اتصالات من السنيورة ومن النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط والسفير السعودي عبد العزيز خوجه، كما نقل اليه السفير المصري حسين ضرار رسالة وصفت بأنها مهمة من الرئيس المصري حسني مبارك تتضمن مناشدة له لبذل مزيد من الجهود لمعاودة الحوار وكسر الازمة القائمة.

الحريري

كذلك تلقى سعد الحريري مساء اتصالا من الرئيس الفرنسي جاك شيراك اعرب له فيه "عن دعم فرنسا للديموقراطية في لبنان ولسيادته واستقلاله" مؤكدا ان فرنسا التي طالما وقفت الى جانب لبنان وحكومته، تسير قدما في التحضير لعقد مؤتمر باريس – 3 مع الرئيس السنيورة، على ما ورد في بيان للمكتب الاعلامي للحريري.

وفي حديث ادلى به مساء امس الى قناة "الحرة" الفضائية الاميركية تساءل الحريري عن غياب الكلام على اسرائيل وشبعا والاسرى والخروقات في الاعتصام امس. وقارن بين مليون ونصف مليون سائح كان لبنان موعود بهم في الصيف، ومليون ونصف مليون نازح بسبب حرب تموز ومئات الآلاف من السياح الموعود بهم لبنان في موسم الاعياد في مقابل مئات الآلاف من المتظاهرين امس. وقال: "الرئيس السنيورة لن يسقط مهما فعلوا. وهذا الموضوع لا يحل الا بالسياسة. وهناك ازمة اسمها رئيس الجمهورية وهم يقولون بأزمة الحكومة كما ان هناك ازمات اخرى والحل لن يكون بفريق غالب وبفريق مغلوب". واضاف ان مفتاح الحل يكون بتغيير رئيس الجمهورية. ونفى ان يكون هناك توافق على العماد عون رئيسا جديدا "بعد كل الذي عمله معنا". واكد ان هناك غير عون "يحظى بتأييد مسيحي واسع"، لكنه امتنع عن التسمية.

ولاحظ ان "حزب الله" وحركة "امل"، لسوء الحظ يضعان نفسهما مدافعين عن قتلة رفيق الحريري (...) انهما يدفعان فواتير للنظام السوري". وعزا الازمة الحالية الى "القصف السوري" الذي استهدف الحكومة.

وعندما سئل هل يعين وزراء بدلاء من الوزراء المستقيلين، اجاب: "لمَ لا؟".

وخلص الى انه لا يزال يمد يده الى "حزب الله" وحركة "امل" مشيرا الى ان مؤتمر باريس – 3 لا يزال قائما.

جنبلاط

وكان النائب جنبلاط عقد مؤتمرا صحافيا قبل ظهر امس في منزله ببيروت دعا فيه "المناصرين والمحازبين وسائر اللبنانيين الى التحلي بأعلى درجات الهدوء وعدم الانفعال"، وقال ان القضية "ليست مذهبية او طائفية او سياسية". واضاف: "نحن تيار لبناني وحركة استقلالية سيادية، في مواجهة تيار يريد عودة نظام الوصاية وربط لبنان بالحلف السوري – الايراني. يريدون تعطيل المحكمة الدولية لكننا سنواجه بهدوء".

خوجه

واستوضحت "النهار" ليلا السفير السعودي حصيلة اتصالاته، فقال: "لقد كنت احد المتصلين الرئيسيين بالرئيس بري فأبدى تجاوبا كبيرا معنا (في قضية محاصرة السرايا) وسرعة كبيرة، وقد ادرك صعوبة الامر وحساسيته. والحمد لله الامور ماشية". واضاف "اتصلت ايضا ببعض الاخوان في حزب الله وكانوا متجاوبين واكدوا عدم التجاوز لأي من الخطوط الحمر وتعهد التحرك السلمي والديموقراطي. وقد انتهى الامر والحمد لله الى خير".

وكرر ما قاله اول من امس: "اشتدي ازمة تنفرجي. ولعل ما حصل اليوم يجعل كل الافرقاء يفكرون جديا في الجلوس مرة اخرى بعضهم مع البعض بعدما بدأوا يحسون بالخطر. فالمسألة جدية وليست لعبا، والجماهير قد يصعب التحكم بها في اي لحظة".

وأعلن ان الملك عبدالله "يدعم حكومة الرئيس السنيورة لان البرلمان انتخبها وهو الحكم لها أو عليها".

حماده

وكشف وزير الاتصالات مروان حماده "ان بعض العناصر السورية تمركزت في منطقة زقاق البلاط على جهوزيتها ان لم نقل على سلاحها وذلك وفق معلومات الاجهزة الامنية". وأكد "ان الحكومة صامدة وباقية وستقف في المرصاد لمن يحاول التصدي للمؤسسات الدستورية". ووجه التحية الى قائد الجيش على "مواجهته بحزم الحصار على السرايا". ورأى ان المشهد أمس كان "التعددية اللبنانية في مواجهة محاولة انقلاب يريدها النظام السوري مشروع دماء في لبنان".

وقال: "ان الحكومة ستعاود اجتماعاتها وستطرح على لحود أسماء بديلة (من الوزراء المستقيلين)، كما ستتحرك في اتجاه رئيس مجلس النواب ليبادر الى الدعوة للحوار مجدداً، وستطلب الحكومة جلسة مناقشة عامة لطرح الثقة بنفسها".

التظاهرة والاعتصامات

وكان وسط بيروت شهد حشداً ضخماً ضم مئات الآلاف من انصار المعارضة من مختلف الألوان والاتجاهات والمناطق، فملأوا ساحتي رياض الصلح والشهداء، وتمددوا الى الشوارع المتفرعة منهما، كما غطوا الجسور المؤدية الى الوسط. ولوحظ ان المشاركة الكثيقة كانت من "حزب الله".

وكان العماد عون الخطيب الوحيد، فدعا "رئيس الحكومة ووزراء الى ان يستقيلوا ويصبحوا مثل زملائهم مستقيلين يمارسون تصريف الاعمال حتى نهاية الازمة والخروج بحكومة وحدة وطنية تعالج المشاكل الشائكة".

وحض الجميع على "المساهمة في الاعتصام الدائم حتى الوصول الى الاهداف التي اعلناها".

وقد رفع المتظاهرون اعلاماً لبنانية الى شعارات موحّدة تطالب بـ"حكومة نظيفة"، حكومة وحدة وطنية.

باريس

وفي باريس ("النهار") صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان – باتيست ماتيي: "ان على اللبنانيين التغلب على المخاوف المتبادلة لبلورة نظام سياسي واقتصادي متقدم" مستبعدا "ان تتمكن فرنسا والاسرة الدولية من القيام بمبادرة ما لايجاد حل للوضع اللبناني الداخلي المتأزم". وأشار الى ان فرنسا ترفض اليوم توجيه الاتهام مباشرة الى سوريا او ايران بـ"زعزعة استقرار لبنان".

وسئل عن اتهام الولايات المتحدة سوريا وايران بزعزعة استقرار لبنان، فأجاب: "لم يوجه المسؤولون الفرنسيون الاتهام الى أحد، وبدل القول ان ثمة طرفا ما يحاول زعزعة الاستقرار، نميل الى عكس ذلك ونطالب كل الدول بما فيها سوريا وايران، بالمساهمة ايجابيا في تعزيز استقرار لبنان".

وجدد ماتيي دعم بلاده لحكومة فؤاد السنيورة "الشرعية والمنتخبة ديموقراطيا"، مشددا على الجهد الذي تقوم به لايجاد حل للأزمات اللبنانية. وأشار الى "قلق فرنسا من التطورات الاخيرة التي يشهدها لبنان، ومتابعتها ما يجري عن كثب"، وقال ان رسالة فرنسا الى اللبنانيين هي "أن يتوحدوا لجبه التحديات التي يواجهها لبنان".

واستبعد ان تتمكن بلاده او الاسرة الدولية من ايجاد مخرج للأزمة اللبنانية الداخلية، وقال: "يمكن الاسرة الدولية ان تفعل اشياء كثيرة كاتخاذ قرارات دولية وتعزيز "اليونيفيل" وعقد مؤتمر لمساندة الاقتصاد اللبناني واعادة اعمار لبنان، لكن حل المشاكل السياسية يعتمد على اللبنانيين انفسهم، وخصوصا الامور الداخلية التي تواجهها الحكومة اللبنانية على اثر احداث الايام الاخيرة، ويجب حلها في اطار لبناني (...) لا يسعنا في هذه الظروف التمييز بين طرح وآخر، وعلى اللبنانيين التغلب على المخاوف المتبادلة لبلورة نظام سياسي واقتصادي متقدم"؟

وشدد ماتيي على احترام بلاده حق التظاهر الذي اعتبره "تعبيراً ديموقراطيا"، مؤكدا "تمسك باريس باستقرار لبنان". وذكّر بالتحدي السياسي المتمثل في تطبيق القرار 1701، وتعزيز ما حصل بعد حرب الصيف الماضي، وتثبيت وقف النار الدائم، وتبني حل سياسي، معتبرا ان ذلك "مهم جدا". وذكّر ايضا بضرورة استكمال عمل لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وانشاء محكمة خاصة ذات طابع دولي لمحاكمة الجناة. وأشار الى أهمية وجود محاور لبناني ليتمكن لبنان من مواجهة التحديات ولعقد مؤتمر باريس 3 في 25 كانون الثاني المقبل في ظروف جيدة".

وكانت مصادر فرنسية مطلعة اعلنت ان المؤتمر قد لا يعقد اذا تغيرت حكومة السنيورة ولم تجد فرنسا المحاور اللبناني الملائم.

 

 السيل البشري سدّ مداخل الوسط الأربعة

إسقاط الحكومة سقف المتظاهرين... والانضباط سيّدهم

كتبت جنى نصرالله: النهار/

كان اللون البرتقالي لافتاً. فأنصار "التيار الوطني الحر" حضروا بكثافة للمشاركة في التظاهرة التي حدد موعدها في الساعة الثالثة. لم يصلوا باكرا. لذا، ساد انطباع في ساعات التجمع الأولى ان حضورهم سيكون متواضعا، وخصوصا ان الحشود بدأت تتوافد الى ساحة رياض الصلح منذ الصباح. ولكن ما ان انتصف النهار حتى تبدد الانطباع الاول وانقلب الى نقيضه تماما. فاقفلت مداخل الاشرفية والجميزة على لون برتقالي واصل تدفقه حتى الساعة الثالثة. لا يحتاج المرء الى وقت طويل للتعرف الى حجم المشاركة العونية في ظل التزام الجميع رفع العلم اللبناني، وهو التزام لم يخرقه اي علم من اي لون. اذ ان سيماءههم في لونهم الذي ارتدوه قمصانا وقبعات واوشحة وحتى ربطات شعر او عنق.

"نحن اللي قدرنا وصلنا، بس بعد في كثير علقوا بجونية والدورة". هذا ما تؤكده امرأة في عقدها الخامس، أصرت على المشاركة في التظاهرة لتؤكد، كما قالت، "ان شعبية الجنرال لم تتقلص في الاوساط المسيحية".

لم يكن شائعا ان عون سيلقي كلمة في التظاهرة. البعض قرأ الخبر غير المؤكد رسميا في الصحف الصادرة صباح أمس، الا ان معظم المشاركين من انصار "التيار" لم يكونوا على علم بذلك، لكنهم حضروا التزاما بالدعوة التي اطلقها عون قبل ايام بعد اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح". هذا ما يؤكده احد المشاركين الذي ارتدى قميصا برتقاليا طبع عليه شعار "خللي الاصلاح قدامك". ويشعر هذا الشاب باستفزاز حين يسمع ان مشاركة "التيار" كان مفاجأة التظاهرة. فينبري في الدفاع عن عون قائلا " انتو ما بتعرفو الجنرال، بس يقول كلمة بيلتزم فيها".

يردد عريف التظاهرة ان شخصية مهمة في قوى المعارضة ستلقي كلمة في تمام الساعة الثالثة، من دون ان يحدد هويتها. فيرتفع الصراخ" ترتتتا... جنرال". وتعلو صور تجمع عون والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في لقطة اخذت يوم توقيع وثيقة التفاهم في شباط الماضي. يتأكد الخبر رسميا عبر مكبرات الصوت عينها في الساعة الثانية و55 دقيقة، ويكشف العريف هوية الشخصية العامة: انه النائب العماد ميشال عون. فيشتعل التصفيق والهتاف في ساحة رياض الصلح التي فاضت بالمحتشدين، فما كان منهم الا ان افترشوا كل الساحات المجاورة باستثناء ساحة الشهداء التي كانت جميع مداخلها مقفلة بسواتر حديد وتحت حراسة الجيش والقوى الأمنية.

الانضباط

ساد تخوف من ان يخرق الحشد الجماهيري ساحة الشهداء في ذروة الانفعال. لكن اي شغب لم يحصل. فالانضباط كان سيد الموقف. التزم المتظاهرون الشعارات الموحدة، كما التزموا رفع العلم اللبناني، علما ان الدعوات لرفع العلم عينه فوق شرفات البيوت تأكيدا لدعم الحكومة كانت لا تزال تصل بكثافة منذ ليل أول من أمس عبر خدمة الرسائل القصيرة في الهواتف الخليوية وحتى سير التظاهرة.

صدرت التعليمات باحترام قواعد التظاهر التي وضعتها قوى المعارضة ورددتها في اكثر من مناسبة: التظاهر بشكل سلمي وحضاري. وجاء الرد التزاما لافتاً من المتظاهرين مقارنة مع حجم الحشود وتنوعها الطائفي والمناطقي والعمري. لم تمزّق اي صور. لم ترفع اي تعابير جارحة . لم تطلق الاتهامات ولا التهديدات ولا الشتائم. والتزمت الجموع السقف الذي حددته قوى المعارضة، وهو اسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

ولأن ضبط المتظاهرين شكل الشغل الشاغل لمنظمي التظاهرة، فكانت مكبرات الصوت تردد من دون كلل او ملل الدعوات" للحفاظ على الامن والتزام الشعارات الموحدة المتفق عليها مع قوى المعارضة، عدم رفع الشعارات التي تتنافى وهويتنا الاخلاقية، الابتعاد عن الخطاب الحزبي والطائفي، عدم رفع الاعلام الحزبية... الخ". انها "الوصايا العشر" التي طبقت بحرفيتها، فحولت التظاهرة فعلاً حضارياً قل نظيره في تجمعات شعبية مماثلة.

المداخل الاربعة

مما لا شك فيه ان تنظيم التظاهرة وضبط ايقاعها لم يكن مسألة سهلة، وخصوصا بعدما سدت المداخل المؤدية الى ساحة رياض الصلح من الجهات الاربع: بشارة الخوري، الرينغ، الاشرفية- الجميزة، المرفأ. سيل بشري يتدفق من البوابات الأربع ليصب في وسط بيروت، نقطة الالتقاط النهائية. كان شبه مستحيل ان تبلغ الجموع الساحة، لا بل الساحات التي فتحت على بعضها البعض وكانت تتوسع تدريجاً مع وصول دفعات جديدة من المشاركين.

امتلأت الجسور، ناس فوق الجسر وناس تحته وناس من حوله. اما اولئك الذين لم ينجحوا في الوصول، وهم كثر، فقد اكتفوا بالتظاهر في النقطة التي بلغوها. منهم من انتظر في ساحة البربير على امل ان يقترب بضع خطوات ليسمع او يشاهد ما يجري في مسافة لا تتجاوز بضعة كليومترات، ولكن من دون جدوى. المشهد نفسه والمحاولة نفسها تكررت في الدورة والحمرا وفي الضاحية الجنوبية، وخلدة وسواها. بدأ النهار صباح امس بشكل طبيعي، فتحت المتاجر ابوابها وكذلك فعلت المصارف. لم تتعطل الحركة في العاصمة، فموعد التظاهرة حدد بعد الظهر. وحل المساء بشكل اكثر طبيعية، فكانت السيدة فيروز تحيي مسرحية "صح النوم" في مركز "بيال". فمن قال ان فعل التظاهر هو مرادف لشل الحركة في البلاد؟ التجربة الاولى أمس اثبتت العكس، فماذا ستحمل الايام المقبلة؟

 

واشنطن تجدّد دعمها للحكومة اللبنانية: الترهيب واستخدام العنف غير مقبولين

واشنطن – "النهار":

اتهمت الولايات المتحدة "حزب الله" وايران وسوريا بمواصلة العمل على زعزعة استقرار لبنان. وصرحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، في مقابلة مع قناة "العربية" الفضائية السعودية، ان معظم معارضي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من الذين لجأوا الى الشارع "لهم رعاة أجانب في سوريا وايران". وقالت ان للحكومة اللبنانية تأييدا شعبيا كبيرا عكسته الجماهير المؤيدة لها والتي نزلت الى الشارع حديثا، في اشارة الى جنازة الوزير بيار الجميل. واضافت: "دعونا لا ننسى مدى الدعم في لبنان لحكومة السنيورة". وذكرت رايس، التي كانت تجيب عن سؤال يتعلق بموقف أميركا المؤيد لاسرائيل خلال الحرب الاخيرة، بأنها نشطت مع الرئيس جورج بوش للتوصل الى وقف النار مما ادى الى بروز "ظروف غير اعتيادية في لبنان نتج منها نشر الجيش اللبناني في انحاء البلاد، وسيطرة اللبنانيين على مستقبلهم".

ومع انها قالت ان الحرب "ارهابية" الا انها لفتت الى ان الامم المتحدة تساعد لبنان الان على ضمان سيادته.

وسئلت هل تخشى حروبا داخلية في لبنان والعراق وفلسطين، فأجابت: "نعتقد ان هذه الشعوب تريد مستقبلا موحدا، ونحن مصممون على مساعدتهم لتحقيق مستقبل سياسي".

وقال نائب الناطق باسم وزارة الخراجية طوم كايسي ان حكومته تراقب الوضع في لبنان عن كثب، "ولا نزال قلقين جدا لأن حزب الله وحلفاءه يواصلون بدعم من الحكومتين السورية والايرانية العمل على زعزعة استقرار لبنان". ولاحظ ان المتظاهرين في لبنان "يهدفون الى اسقاط حكومة لبنان المنتخبة شرعيا. وبالتأكيد لاأحد يستطيع ان يقول ان التهديد باستخدام الترهيب او العنف يمكن ان يعتبر آلية ديموقراطية او دستورية لتغيير الحكومة".

وجدد تأييد حكومته للحكومة اللبنانية وللرئيس السنيورة وهو يواصل مع فريقه اعادة بناء لبنان واستعادة سيادته، "وهذا يشمل تطبيق القرارين 1701 و1559". وأمل في بقاء التظاهرات سلمية وديموقراطية وتفادي الترهيب او التهديد بالعنف، "وبالتأكيد مع حصول أشياء مثل اغتيال بيار الجميل وغيرها، من الواضح ان هناك نمطا من الترهيب الموجه الى تلك القوى المتحالفة مع الحكومة اللبنانية المنتخبة ديموقراطيا".

وأشار الى ان السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان أجرى اتصالات مع أقطاب الحكومة اللبنانية، لكنه قال انه لا يعلم بأي اتصالات من الوزيرة رايس الموجودة خارج الولايات المتحدة. وشدد على استمرار الدعم الاميركي للحكومة في بيروت ولجهودها "لتخطي تركة 30 سنة من الهيمنة والاحتلال السوريين"، مؤكداً ان هذا الدعم "صلب ومعروف".

وفي سياق تأكيده الدعم الاميركي القوي لتنفيذ القرارين 1701 و1559، قال الناطق الاميركي: "نبذل كل ما في وسعنا لتوجيه رسالة واضحة الى اللاعبين الخارجيين بان الترهيب واستخدام العنف غير مقبولين. وسنواصل العمل مع شركائنا في المجتمع الدولي لدعم الحكومة اللبنانية مع تقدمها ليس فقط لتطبيق خططها واجراءاتها، بل لتفعل ذلك من أجل مصلحة الشعب اللبناني الذي اختارها وابقاها في مناصبها".

على صعيد آخر، قال المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة في جنيف وورنر تايكنور تعليقاً على تقرير للأمم المتحدة في شأن حقوق الانسان في المنطقة الحدودية بين لبنان واسرائيل، إن "المعاناة الانسانية على جانبي الحدود اللبنانية – الاسرائيلية في وقت سابق من هذه السنة كانت مأسوية ولا تزال مصدر قلق جدي للولايات المتحدة". وأضاف: "لقد جر حزب الله الشعب اللبناني الى نزاع أدى الى مضاعفات رهيبة على المنطقة برمتها... ولا نزال قلقين جداً لأن حزب الله وحلفاءه، والحكومتين السورية والايرانية، يواصلون العمل على زعزعة استقرار لبنان. ونحن ندعو سوريا وايران لوقف تكتيكاتهما لاثارة الاضطرابات، والتزام حظر الاسلحة غير الشرعية وفقاً لقرار مجلس الأمن 1701".

 

السنيورة تلقّى دعماً من زعماء السعودية ومصر والأردن والاتحاد الأوروبي

قــاني أدّى الصلاة فـــي السرايـــا:لا لإسقاط الحكومة فـي الـشـــارع

النهار/وسط تظاهرات قوى المعارضة امس في وسط بيروت، بدا محيط السرايا اشبه بثكنة عسكرية اذ انتشر فيه الاف من افراد قوى الامن الداخلي والجيش وعشرات الملالات وزنرته أسلاك شائكة حالت دون دخولها لسوى من يحمل اذناً بذلك. غير ان النشاط داخل السرايا بدا طبيعياً وحضر موظفوها الى مكاتبهم، ومارس رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعدد من الوزراء نشاطاتهم كالعادة وتابعوا تطورات الاوضاع وقد ادلى عدد من هؤلاء بتصريحات الى وسائل الاعلام. وقد استقبل السنيورة ممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان غير بيدرسن وعرض معه الاوضاع في الجنوب. كما استقبل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في حضور الوزراء حسن السبع واحمد فتفت ومحمد الصفدي وخالد قباني والامين العام للقمة الروحية الاسلامية محمد السماك ونجل المفتي الشيخ راغب وعميد كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى انس طبارة.

بعد الاجتماع قال المفتي قباني: "نريد ان نؤكد له ثقتنا الكاملة بدولة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ودعمنا الكامل له ولحكومته التي اكتسبت ثقة الشعب اللبناني الممثلة بالمجلس النيابي الكريم الذي منحها ثقته، ونريد ان نقول للجميع ايضاً ان ممارسة العمل السياسي الديموقراطي الحر يكون من خلال المؤسسات الدستورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراءـ، هكذا تسلك جميع الدول الديموقراطية الحرة، وليس في الشارع. لا يجوز اطلاقاً أن نعرض لبنان وامنه وسلامه واستقراره للضياع، الشعب اللبناني بتنوعه لا يمكن ان يرضى بان تحل الفوضى غداً في شارعه، ينزل هؤلاء ثم ينزل اولئك في المقابل. ان التعبير عن الرأي مكفول بحكم الدستور ولكن محاولة اسقاط الحكومة في الشارع فهذه دعوة الى الافساد بين الناس ونحن لا نرضى بهذه الطريقة. ليكن معلوماً اننا مع حرية الرأي السياسي وحرية العمل ولكن في اطار من الامن والاستقرار ومن خلال المؤسسات الدستورية.

لقد كان هذا نداء غبطة البطريرك الماروني وهذا هو نداؤنا اليوم ايضاً ونداء جميع القيادات الروحية فلنحفظ لبنان ولنحافظ على شعبه ولقمة عيشه واقتصاده وامنه وسلامته واستقراره. ان الخوف بدأ يدب في صفوف اللبنانيين ونحن نطلب من المعارضة ان تتعقل وان تلجأ الى المؤسسات الدستورية وتقلع عن استخدام الشارع من اجل اسقاط الحكومة.

أريد ان اؤكد ايضاً ان لبنان يعيش مرحلة اخطار كبيرة بسبب الاوضاع في المنطقة العربية، والتي تنعكس على الاوضاع في لبنان. ونحن لا نريد ان نضيف الى هذه المصائب مصيبة اخرى فيكون لبنان سبباً لانعكاسات سلبية اخرى على المنطقة العربية. ينبغي لرجال المعارضة الحكماء ان يتعقلوا وان يدركوا هذا الامر، لا يجوز اطلاقاً ان نعمل على اسقاط الحكومة في الشارع والا غداً سيكون هناك تصرف مقابل وكل حكومة اذا لم يرض بها احد سوف يعمل على اسقاطها في الشارع، هذه سابقة خطيرة في تاريخ لبنان، الدعوة الى اسقاط الحكومة في الشارع سابقة خطيرة لأن كل مجموعة من المجموعات والتيارات السياسية يمكن ان تتضامن وتسقط اي حكومة في المستقبل في الشارع، يجب ان يقلع الحكماء عن هذا الاسلوب في العمل السياسي في لبنان وان نلجأ الى مؤسساتنا الدستورية، حفظ الله لبنان ووقاه من الشتات". وظهراً ادى السنيورة والوزراء المسلمون يتقدمهم قباني صلاة الجمعة في قاعة الاستقبال الكبرى التي حولت مصلى.

والقى خطبة الجمعة الشيخ طبارة وعنوانها "الصبر"، وشدد على ضرورة ان يصبر المؤمن لأن الله مع الصابرين، واشار الى "ان الحركة الاقتصادية والمعيشية في البلاد معطلة".

اتصالات

واجرى السنيورة، بعد الظهر اتصالات هاتفية بالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك والملك الاردني عبدالله الثاني ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى والممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن المشترك للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا. وكان بحث في التطورات في لبنان والمنطقة.

وقد أبلغ هؤلاء الى السنيورة "دعمهم الكامل" لحكومته.

 

ديبلوماسيون يخشون محاصرة السنيورة ويسألون عن خيارات ما بعد الاعتصام

كتب خليل فليحان: النهار/

استفسرت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت لدى وصولها الى مطار بيروت عن الاعتصام الذي نفذته المعارضة امس ومدى تأثيره في الوضعين السياسي والاقتصادي، وعن طريقة انهائه بعد مرور ثلاث ساعات من بدء تنفيذه.

وكانت بيكيت ابت ان تؤجل زيارتها للبنان رغم تلقيها تقارير عاجلة من السفيرة البريطانية في لبنان فرنسيس غاي حول الاعتصام وصعوبة التنقل والمناخ غير الملائم للاطلاع على الاوضاع وللبحث في المساعدة البريطانية للبنان، سواء في مؤتمر باريس – 3 اذا انعقد او في سبل اعادة الاعمار والبناء ومدى تطبيق القرار 1701، مع الاشارة الى ان المعارضة سبق ان احتجت على زيارة رئيس الوزراء طوني بلير الى بيروت، وانتقدت الرئيس فؤاد السنيورة لانه استقبله بعدما ابدى دعمه للحرب الاسرائيلية السادسة على لبنان في 12 تموز الماضي الى جانب الولايات المتحدة. وشاهدت بيكيت ارتال السيارات تجتاز طريق المطار الى بيروت للمشاركة في التظاهرة، وعبرت الحواجز الامنية الكثيفة التي زرعت على الطرق المؤدية الى السرايا في طريقها الى مقر اقامة السفيرة غاي، حيث باتت عندها واستمعت منها الى عرض مفصّل للازمة السياسية في لبنان وأبعادها وحدة المواجهة بين حكومة الرئيس السنيورة التي تدعمها بريطانيا، والمعارضة التي تطالب باسقاط الحكومة. ورأت مصادر ديبلوماسية في بيروت انه في حال تمكن المعتصمون مجددا من اغلاق المنافذ المؤدية الى السرايا حيث يقيم الرئيس السنيورة وعدد من الوزراء، فان خروج بيكيت لن يكون سهلاً بعد لقائها المقرر مع رئيس الحكومة صباح اليوم.

وسألت مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت ماذا بعد الاعتصام؟ وما هي الخيارات الاخرى المطروحة، والتي وصفت بانها خيارات "متدحرجة"؟ وخصوصا ان نتائج الاستفسارات اقتصرت على تبيان ان المقصود بهذا التعبير المزيد من التصعيد من دون اعطاء تفاصيل اخرى حفاظا على سريتها التي يحرص عليها المسؤولون عن الاعتصام من شتى التيارات والاحزاب.

ووصفت المشهد الذي برز أمس بانه الاول من نوعه، اذ ظهرت حشود بشرية معارضة للحكومة كأنها تحاصر الرئيس السنيورة في مقره، لا سيما بعدما نصبت الخيم على الطرق المؤدية الى رئاسة الحكومة مما استدعى تدخلاً سعودياً رفيع المستوى ادى الى تراجع الحصار المحتمل تكراره في اي لحظة. وأشارت معلومات ديبلوماسية وردت الى جهات مسؤولة ان الوضع اللبناني بعد اليوم الاول للاعتصام قفز الى اولويات بعض زعماء العالم والعرب، وحصل تشاور حول احتمال جلاء أفق معين، لانقاذ الوضع، خصوصاً ان الرئيس السنيورة الذي يحظى بتأييد دولي وعربي يحتمل ان يتعرض لمحاولة منعه من ممارسة مهماته في السرايا باعتبار ان التحرك مبرمج وينطوي على ومفاجآت.

وسألت: ماذا سيحصل اذا أصرّ السنيورة على رفضه الاستقالة وأمعن المعتصمون في حصاره.

وكيف ستتطور الامور؟ مشيرة الى ان المعلومات المتوفرة تدل على ان التحرك سيأخذ طريقه الى التصعيد خصوصاً ان الاعتصام في يومه الاول لم يدخل أي تغير في المواقف، فمن يسعى الى وضع حد للمبارزة التي بدأت وشبّهها احد السفراء بـ"صراع الديوك"؟.

 

حماسة الجماهير تضاعفت بالإطلالة الأولى لعون في تحرك إحتجاجي

ساحة رياض الصلح اختنقت: نحن لبنانيون ونريد الحقيقة أيضاً

كتبت منال شعيا: النهار/

وحدها السرايا الحكومية بقيت هادئة خلف اسلاك شائكة وشاحنات للجيش وعناصر من الدفاع المدني، فيما الحشود على بعد امتار قليلة تُغلق ساحة رياض الصلح، والشوارع المحيطة تنطق بالبشر وبلسان الجماهير الهاتفة: "اخضر، اصفر، ليموني. بدنا نسقط الحكومة".

ووحده علم السرايا بقي يرفرف وحيدا، فيما الاعلام اللبنانية تشابكت في الايدي وظللت لافتة "نريد حكومة نظيفة"، والحشود تلهب الساحات، والحناجر تردد "ايه ويللا السنيورة إطلع برا".

بالامس، اختلف قلب بيروت عن المشاهد السابقة التي غلب عليها اللون الاسود، لتوالي الجرائم والاغتيالات. الى الشارع درّ: نزل "التيار" على الارض ولبّى عناصر "حزب الله" نداء السيد، ولاقاهم حشد من اللبنانيين من مختلف التيارات والانتماءات المعارضة، وتوحدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح، علما ان المسافة الممتدة من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى تمثال الشهداء بقيت فارغة، بعدما حاصرتها القوى الامنية من كل الاتجاهات.

نبض الشارع المعارض بدا حماسيا منذ ساعات الظهر، والاوان الحزبية اختفت لمصلحة العلم اللبناني، فكان يصعب التمييز بين فريق وآخر، وسرعان ما تداخلت الهتافات: "النصر آت، آت، آت"، "بالدم والروح نفديك يا لبنان"، "بدنا حكومة وطنية"، "يللا ع التغيير، يللا ع الاصلاح".

على وقع الاناشيد تهتف الجموع، وهناك تختفي الارقام. لا 8 آذار ولا 14 آذار، بل انصار "القوى المعارضة الوطنية اللبنانية" يرفعون الشعارات: "ما بدنا يعطونا الثلث، يعطونا أفا ضهورن". تارة يهتفون "الله ونصرالله والضاحية كلا"، "يا لحود لا تنهمّ جايي عون يشيل الهم"، "ما بدنا الا الجنرال رئيس الجمهورية"، وطورا يقفزون في الارض ابتهاجا، وهم يدقّون على طبل ويرقصون. ثوان، وتتزايد الاعداد لتصبح الصورة اكثر مشهدية، وترفع شعارات: "سيادة، حرية، استقلال تعني القرار الحر لا الخنوع"، "كما النصر، التغيير آت، آت".

"نحن لبنانيون"

الحشود تتمايل جسدا واحدا والايادي ترفع شارة النصر، فيما الوجوه تتزين بشارة "التيار الوطني الحر" على الخد الايمن و"تيار المردة" على الخد الايسر، والصدور تعلق ازرارا للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان، فاللون البرتقالي لم يقتصر على العونيين، بل تمازجت الوان الاخضر والاصفر والليموني "لاسقاط الحكومة". بصعوبة، تقف بين الحشود، فيبادرك احدهم بالهتاف: "نحن ايضا نريد الحياة، ونحن ايضا نريد العيش. انظري جيدا الينا، هل نحن من ايران او من سوريا؟ نحن لبنانيون، ولبنان لنا".

بعضهم اصطف امام الاسلاك رافعا شعار "مشاركة، وحدة، انتخابات"، وآخرون اختبروا لغة الشارع جيدا، وهم لا يخافون ترهيبا او تهديدا. وتقول فتاة: "رح نبقى هون، لاننا نرفض الهجرة او الدفاع عن النفس بالسلاح".

واختار العديد عبارة ثلاثية ليعرّفوا عن انفسهم "نريد حكومة نظيفة". الاعداد الكبيرة لم تفاجئهم، والتزام رفع العلم اللبناني والشعارات المرفوعة عكس بدوره مدى التزام المناصرين واللبنانيين عموما. هذا الاندفاع الشعبي والعفوي ترجمه "ابو خليل" الآتي من النبطية بالقول: "نحن نحب لبنان، لذلك اتينا الى هنا لنرفع علمه من ساحة رياض الصلح".

"فاجأناكم موو..."

الثانية بعد الظهر، ضاقت ساحة رياض الصلح واعتلى المتظاهرون المقاعد الاسمنتية الجانبية، ليدركوا ان جسر فؤاد شهاب قد امتلأ بالحشود. لحظات، ويشق صوت السيد نصرالله الجموع وهو يهتف "يا أشرف الناس". كانت هذه العبارة المسجلة كفيلة بان تشعل الحشد حماسة، فيما عناصر الانضباط تحافظ على "انضباطها" ومساهمتها في ترتيب الممرات ومساعدة الاعلاميين.

من شارون والمشرفة والبقاع الغربي والضاحية وبعبدا والحدت والاشرفية والجديدة، اتوا ليهتفوا بمطلب اسقاط الحكومة. وحين تحاول معرفة انتمائهم السياسي يجيبون: "لم يعد هناك من احزاب في لبنان، هناك لبنان واحد. لا فرق بين انتماءاتنا. نريد بناء وطننا". يجيبك بسرعة، وبالسرعة نفسها يرشدك الى فتاة عشرينية هي رواندا عقل من البقاع، تضع كل المناديل، وترفع علما واحدا. رواندا هي ايضا تريد اسقاط الحكومة لانه "بعد حرب تموز، لم نعد نثق بها. ما عندي طائفة ولا حزب، انا اليوم هنا، لانني لبنانية. وهذه هي هويتي".

يقاطعها جهاد خيرالله الآتي من بحمدون، ويهتف: "اسلام ومسيحية، وحدة وطنية" وبصعوبة يحاول ان يشق طريقه الى الجهة المقابلة من تمثال رياض الصلح. هناك، تلتهب الساحة على وقع انغام "هيا الى التحرير، وهيا الى الاصلاح والتغيير". هؤلاء الشباب لا يقطع حماستهم سوى صوت السيد نصرالله "كما كنت أعدكم بالنصر دائما، أعدكم بالنصر مجددا"، او عبارة العماد ميشال عون "يا شعب لبنان العظيم".

الثالثة بعد الظهر، تشتد الحماية الامنية. ويؤكد عريف الحفل ان عون سيحضر ليلقي كلمة، فيركض الشباب علهم يأخذون موقعا قريبا، الا ان هذا الامر من شبه المستحيلات، وليس افضل من المنصة المخصصة للمصورين كي يكتمل المشهد في العيون.

من بعيد، غابة ضخمة من الاعلام. وشعار كبير: "نحن السيادة وهم الوصاية"، "كلنا للوطن"، ومن منصة المصورين تتحاور بصعوبة مع المواطن عزيز كلاكش الذي يلف رأسه بمنديل كتب عليه: "ليس في تاريخنا عمالة ولا عمولة". هو يقول انه سينام هنا، فتقاطعه ريتا وهي تنادي: "طبعا سننام، حتى تسقط الحكومة. فاجأناكم موو...".

تهز ريتا رأسها وتضحك. ثم تتابع: "لا احد يقول ان المسيحيين لم يشاركوا. نحن هنا، لان مطلبنا واحد ونتقاسمه مع شركائنا في الوطن. نحن نريد شراكة، لا شركة".

صوت ريتا غالبا ما يختفي وراء بحة لشدة تردادها "اخضر اصفر ليموني، بدنا نسقط الحكومة"، ثم تهدأ قليلا لتردد مع السيد نصرالله: "اما الدموع فهي لا تحمي احدا".

وجود شابة واخرى رسمت الاعوام آثارها عليها، وبين هذه وتلك وجوه طفولية، انتظرت بدورها الساعة الصفر. تكاد هذه الوجوه تختصر الفئات المشاركة في اعتصام ارادته المعارضة مفتوحا.

دقائق وتتجه الانظار نحو منصة الخطباء. ويبدو ان عون بات قريبا من موقع الاعتصام. هدوء حذر، فيما بعض الاشخاص يركبون الزجاج العازل، وصوت احدهم يقول: "نريد الحقيقة في اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل وجميع الشهداء. نحن ايضا، نريد الحقيقة".

على المنصة، التحضيرات تكتمل. ويطلب عريف الحفل انشاد النشيد الوطني كاملا. ثوان ويملأ صدى عبارة "كلنا للوطن" قلب بيروت، وصوت واحد يخيم في ارجاء العاصمة.

ينشدون ويصفقون، قبل ان يهتف احدهم: "هلّل للقادمين الى ساحة بيروت"، فأطل الجنرال وسط التصفيق والهتاف، مستهلا كلمته بالقول: "جئت اليوم لاخاطبكم بما تستحقون دائما: يا شعب لبنان العظيم". (نص الكلمة في مكان آخر).

وقف عون خلف العازل رافعا قبضتيه، محدقا الى الجماهير يلوحون ويهتفون. وهي المرة الاولى يخطب عون في تحرك احتجاجي يشارك فيه انصاره الذين كانوا وحدهم يواجهون القمع في تظاهراتهم الاعتراضية، فكان أن ألهب حماسة الجماهير.

هو تكلم في السياسة باسم قوى المعارضة، مجسدا لقبه "ابو المعارضة". وهم حيّوه بالهتافات.

نحو ربع ساعة، خطب عون في الجماهير. وبحلول الرابعة بعد الظهر، باشر عناصر من "حزب الله" نصب خيمتين على الجهة اليسرى من تمثال رياض الصلح، يرددون: "قالوا لنا ان الحكومة لا تسقط الا امام مجلس النواب، وان كل ما عدا ذلك قبض للريح. اما نحن فنسبقى هنا. في 28 شباط 2005، سقطت حكومة الرئيس عمر كرامي، وفي كانون الاول 2006 كان بدء التحرك المعارض لاسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة".

والايام المقبلة ستُظهر الى اين تتجه البلاد: إلى مأزق أم حلّ؟

رياض الصلح ليلاً: السرايا تحت الحصار

مع هبوط الليل، ارتدت ساحة رياض الصلح مشهداً آخر، وفيما اخذت اعداد المعتصمين تتضاءل باشر منسقو التحرك توزيع الحصر والاغطية والمواد الغذائية والادوية ومولدات كهربائية على الخيم. وفي حين ذكرت "وكالة الصحافة الفرنسية" ان ناشطين من "حزب الله" بدأوا بنصب خيم لاقامة المعتصمين على الطريقين المؤديين الى القصر الحكومي في وسط بيروت مما يعني عملياً قطعهما، قالت مصادر الانضباط التابعة لـ"حزب الله" لـ"النهار" ان هذه الاجراءات اتخذت بالتنسيق مع مسؤولين امنيين لمنع تسلل اي من المعتصمين الى ما وراء الاسلاك الشائكة. وفي الجهة المقابلة لمبنى "الاسكوا"، حرست عناصر من الجيش ممراً للمشاة، يصل السرايا بالخارج، فيما تحدث مسؤولون امنيون عن تخصيص ممر خاص للزوار الرسميين اللبنانيين والاجانب.

وتولى عناصر من "حزب الله" توزيع كراس امام الاسلاك والخيم، وقال احدهم: "بهذه الطريقة لن يتمكن احد من الدخول الى السرايا او الخروج منها من دون ان يمر عبرنا".

ومعلوم ان عدداً من الوزراء يقيمون في صورة دائمة في القصر الحكومي منذ اغتيال وزير الصناعة الشهيد بيار الجميل.

 

الأشرفية والمتن وكسروان وجبيل:حركة عادية وموقف صفير قلّص المشاركة

كتب بيار عطا الله وريتا صفير: النهار/

استجابت مناطق مسيحية دعوة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير الى عدم النزول الى الشارع لإسقاط الحكومة. وكان يوم امس عادياً جداً في المناطق المسيحية، في بيروت وجبل لبنان، بدءاً بالاشرفية وبدارو والصيفي والجميزة، الى بعبدا – عالية والمتن ساحلاً ووسطاً وجرداً، وصولاً الى كسروان وجبيل، حيث فتحت المدارس والجامعات ابوابها في شكل عادي وانصرف الناس الى اعمالهم والمقاهي وهم يتتبعون اخبار الحشد الزاحف الى وسط بيروت من الجنوب على شاشات التلفزة. اما باعة الاعلام الذين "بسّطوا" على جنبات الطرق ومعهم اعلام لبنان و"التيار الوطني الحر" البرتقالية لبيع بعضها، فقد طال انتظارهم الزبائن من دون جدوى، لأن عدد من نزلوا الى الشارع من المسيحيين كان ضئيلاً.

الجولة بدأت من الاشرفية، عاصمة المسيحيين في بيروت، حيث رفع كثر من الاهالي الاعلام اللبنانية على النوافذ والشرفات استجابة لطلب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، في حين لم يفارق الجيش وقوى الامن ساحتها الرئيسية في ساسين خشية وقوع مشكلات بين "القواتيين" و"العونيين" جرياً على عادتهم عند كل مناسبة. وكانت الاشرفية نامت اول من أمس على اعصابها، ولكن لم يسجل اي عمل عنف او فوضى، فاستمرت الحياة عادية وفتحت المقاهي والمطاعم والمؤسسات التجارية والمصرفية والتربوية، وكأن لا اعتصام ولا من يحزنون. وظهراً خرجت مجموعة من انصار "التيار الوطني الحر" من مركزها قرب ساحة ساسين واتجهت صوب وسط بيروت تحت مراقبة الجيش والقوى الامنية، وغادرت بهدوء، لتتابع الحياة سيرها بهدوء وبرتابة كل يوم.

شارع الجميزة عجّ كعادته بالحياة. مطاعم، ومحال وورش في حركة لا تهدأ. ولم يتخل رواد مقهى "شي بول"، عن عادتهم. بعضهم جلس يراقب عن بعد وصول المتظاهرين. وفي تدابير احترازية، نصبت القوى الامنية حواجز حديد للفصل بين مداخل المنطقة والشارع الرئيسي. وما ان حاول بعض المتظاهرين الاقتراب منها، وهم يطلقون هتافات تنديد بالرئيس السنيورة حتى تدخلت العناصر الامنية لابعادهم. من الجميزة، صعوداً في اتجاه ساحة ساسين، تكرر المشهد نفسه، وقطعه بين حين وآخر مرور بعض السيارات رافعة اعلاماً برتقالية واخرى لحزب الطاشناق.

المتن: حياة طبيعية

وفي المتن المفجوع بفقدان الوزير والنائب بيار الجميل، حيث لا تزال اللافتات الحزينة وصور الشهيد تملأ الجدران وتقاطعات الطرق، كان المشهد عادياً مثل اي يوم آخر. وبدت الحياة طبيعية تماماً، وسجل ازدحام كبير صباحاً عند تقاطعات انطلياس وجل الديب والزلقا بسبب حركة المدارس والجامعات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وخلال فترة بعد الظهر سجلت حركة سير عادية في ساحل المتن، في حين فتحت المقاهي والمطاعم ابوابها في شكل عادي وخصوصاً للاعلاميين العرب والاجانب الذين ارادوا رصد مدى تجاوب المسيحيين مع الدعوات الى الاعتصام، وتفاوتت تعليقاتهم وملاحظاتهم، وخصوصا ان احدهم، وهو صحافي فرنسي سبق ان عمل في دول المغرب العربي، كان يعتقد ان الحشد الكبير سيخرج بعد صلاة الظهر جرياً على عادة التظاهرات الاسلامية في الجزائر والمغرب واقتضى الامر توضيحاً ان المتن منطقة تضم غالبية مسيحية كثيفة.

ناشطو "التيار" بدوا في كامل جهوزيتهم امام المراكز الحزبية، لكن الجمهور المتني بدا غير مبال بما اعدوه من اعلام وشارات وصور، وحتى الثالثة من بعد ظهر امس سُجل عبور عدد متواضع من السيارات وهي تقل محازبي "التيار الوطني الحر" وهم يطلقون ابواقهم بنغمة "الجنرال" ويرفعون اعلامهم الحزبية والعلم اللبناني، وكان تجمعهم الكبير عند "مجمع ميشال المر الرياضي" في نهر الموت، حيث اشارت معلومات المنظمين الى تجمع نحو 40 حافلة ونحو 300 سيارة اقلت ما يقارب 1750 شخصا. وعندما حاول الحشد قطع الطريق لفترة وجيزة، تدخلت القوى الامنية في سرعة لفتحه. وبكل هدوء ومن دون اي توتر عادت الامور الى نصابها، وتوجه المناصرون لاحقا الى وسط بيروت. وحتى الساعة السادسة مساء لم يكن سجل ادنى اشكال في المنطقة، واقتصر الامر على اطلاق ابواق السيارات في شكل حضاري.

وسجل في المتن رفع لافتات موقعة باسم "نحو الحرية" تدعو الى وحدة المسيحيين ونبذ الفرقة والتوحد.

كسروان: مع البطريرك

كسروان حاضنة الصرح البطريركي في بكركي كانت اكثر من هادئة في تعاملها مع الدعوات الى التظاهر والاعتصام وبدت كأن الامر لا يعنيها، خصوصا ان الاهالي يتأثرون تماما بموقف البطريرك الذي كان حاسما في موقفه، ولم تخذله هذه المنطقة باستثناء سيارات قليلة جدا كانت تمر بين الفينة والاخرى وهي ترفع علم "التيار" مطلقة العنان لزمور "الجنرال" لتلاقيها سيارات اخرى وهي تطلق زمور "القوات".

ورفعت في انحاء مختلفة من كسروان ايضا لافتات فيها دعوة الى الوحدة ونبذ العنف وموقعة ايضا من "نحو الحرية"، الى ملصقات حملت صورة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وعليها عبارة "لن نسمح لك بالسيطرة على لبنان، نحن هنا".

وعند منتصف النهار اقفلت المدارس ابوابها احتياطا، وغادر بضع عشرات من محازبي "التيار الوطني" الجامعات للانضمام الى المتظاهرين في بيروت، في سيارات لحزبيين آخرين اتوا من اعالي كسروان والفتوح. وسجل انتشار كثيف للقوى الامنية عند المفترقات الرئيسية في كسروان، وعلى امتداد الطريق الساحلي سير الجيش دوريات محمولة زادت من طمأنينة المواطنين الى ان الامور "ممسوكة" تماما ولا مجال للاخلال بالامن. وفي كل الاحوال كان المشاركون القلة في الاعتصام حضاريين في التعبير عن موقفهم، وكذلك انصار "قوى 14 آذار".

جبيل ساكنة

جبيل التي شهدت سابقا اشكالات بين انصار الاكثرية والمعارضة كانت حضارية في التعبير عن موقفها امس، وانصرف المواطنون الى حياتهم اليومية واعمالهم، وكذلك المدارس والجامعات بالتزامن مع انتشار القوى الامنية في انحاء المدينة وضواحيها الرئيسية. وفي حين تجمع "العونيون" في مراكزهم استعدادا للتوجه الى بيروت، بدت مراكز حزب الكتائب و"القوات اللبنانية" خالية الا من القليل من العناصر، مما يعني بوضوح عدم الرغبة في تعكير مسار الامور ولا مبالاة بالدعوة الى الاعتصام.

لكن الجديد امس على الساحة الجبيلية، كان نزول مناصري "حزب الله" الى الساحة، اذ سجل مرور مواكب عدة آتية من جرود جبيل وهي ترفع اعلام الحزب الصفراء وصور السيد نصرالله وتبث اناشيد حزبية حماسية، لتنضم اليها مجموعات ضئيلة العدد من مؤيدي "التيار الوطني الحر" في الطريق الى بيروت. واحصت وكالة الانباء على هذا الخط ما مجموعه 400 سيارة و29 حافلة آتية من الشمال من مؤيدي الوزير سليمان فرنجية وهم يرفعون علم تيار "المردة" الفستقي.

 

شريط شائك عزل ساحة الشهداء عن رياض الصلح وبشارة الخوري

الشارع غابة أعلام وحنجرة واحدة هتفت بـ"الشراكة"

كتبت ماري كلير فغالي: النهار/ يشق "أبو نعيم" طريقه بصعوبة من ساحة بشارة الخوري الى ساحة رياض الصلح، يؤازره شابان "برتقاليان". يبتسم معتصمون من "تيار المردة" و"حزب الله" للرجل الذي ناهز الثمانين، ولم يرضَ الخروج من منزله الى الاعتصام من دون قبعة كتب عليها "لائحة التغيير والاصلاح". لا يعرفون انه شقيق الجنرال، وانه لم يفوت تظاهرة معارضة واحدة منذ 15 سنة: غالبيتهم منسجمة بالدبكة على وقع أغنية عونية، سرعان ما فرزت مناصري "التيار الوطني الحر" الذين حفظوها، عن زملاء لهم في الساحة اكتفوا برفع الشعارات في الوقت المستقطع بين هتافين مناهضين للحكومة. الإعتصام الذي دعت اليه قوى المعارضة في محاذاة السرايا الحكومية امس بدأ باكراً، مع انتشار عناصر الانضباط التابعة للجان المنظمة في "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" في محيط مراكز تعتبر حساسة، كالمداخل المؤدية الى وسط بيروت التجاري وساحة الشهداء التي بدت خالية، خاوية، الا من عناصر القوى الأمنية التي انتشرت بكثافة قرب الاسلاك الشائكة التي حالت دون امتداد الاعتصام الى الساحة الأخرى، ساحة الشهداء. وكان تردد ان نحو 20 الف عنصر انضباط فرزت للسهر على حسن سير الاعتصام، مما يشكل تظاهرة بذاتها في ما لو صحت الأرقام. أما الطرق، فأقفلت بمعظمها أمام السيارات الآتية من الدورة في اتجاه الصيفي، ومن الجميزة والأشرفية في اتجاه ساحة الشهداء، مما أجبر المعتصمين على السير، في وقت أدى اقفال الوسط التجاري أمام المشاة والسائقين على السواء الى شل وسط المدينة شللاً كاملاً.

وقرابة الثالثة، شوهد موظفو عدد من المؤسسات في الوسط يحملون صناديق وملفات، كمن يعد العدة للانتقال الى مقر عمل آخر الى حين تستكين عاصفتا المعارضة والحكومة في فنجان الوسط المنكوب منذ أكثر من سنة.

"جينا نخيط بغير هالمسلة"

الشعارات التي رفعها المعتصمون بدت منظمة وموحدة الى حد كبير، في وقت اختلط حابل مناصري "التيار" بنابل المشاركين من الأحزاب الاخرى، حتى صعب التفريق بينهم. فالكل حمل شعار الكل، ورددوا الهتافات المنضبطة التي بثتها في ارجاء المنطقة مكبرات الصوت: "يا صنّاع الفتن، حلّوا عن الوطن"، و"يا سنيورة سماع سماع بدنا حكومة ما بتنباع"، و"يا بيروت الأبية، نحن رجال الحرية"، و"اصفر أخضر ليموني، بدنا نسقط الحكومة"، "ضب اغراضك يا فؤاد، ريّحنا وريّح البلاد".

كما حمل المعتصمون لافتات كتب عليها: "جينا نخيط بغير هذه المسلة"، و"لبنان لكل أبنائه"، و"استقيلوا الآن لأجل لبنان"، و"شراكة وليس شركة"، و"كما النصر التغير آت"، و"ما بدن يعطونا الثلث، يعطونا قفا ظهورهم"، و"حمتك العذراء يا سيد حسن، وحمتك الزهراء يا جنرال".

وكان لافتاً ايضاً شعار "نحن" ومعناه "نريد حكومة نظيفة".

الأمتار القليلة التي تفصل ساحة رياض الصلح عن ساحة بشارة الخوري استغرق عبورها سيراً نحو نصف ساعة، بين مدّ الاعلام اللبنانية التي حيّدت بيت الأمم المتحدة. هناك، انكب عدد من الشبان على نصب خيم قرروا ان يبيتوا الليل فيها الى حين استقالة من بقي من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. أحدهم استعاد سيناريو اسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي منذ نحو سنتين سائلاً: "لم لا يصحّ اليوم ما صحّ آنذاك؟"، بينما انشغل احد اصدقائه وهو ينصب خيمة مجاورة بسرد النكات، كيف ان خصومهم السياسيين سيقولون في الصباح التالي "ان اللبناني الوحيد في الساحة هو تمثال رياض الصلح، وان المسيحي الوحيد في التظاهرة هو العماد عون، وان مناصري حزب الله ارتدوا البرتقالي ليوحوا ان الحشد المسيحي أكثر مما هو". يضحكون، فيسأله أحدهم: "انت ماروني شيعي ايراني او ماروني شيعي سوري؟".

لحظات، ويتناقل المعتصمون خبر تركيب زجاج عازل، وما ان يصل الى ساحة بشارة الخوري حتى تصدح من مكبرات الصوت عبارة "يا شعب لبنان العظيم"... أما ما قيل بعدها فقصة أخرى.

 

شوارعها خَلَت ومؤسساتها أقفلت

الضاحية شاركت بكثافة في التحرك

النهار/على وقع الهتافات الداعية الى تشكيل حكومة جديدة زحف اهالي الضاحية الجنوبية في اتجاه وسط العاصمة امس، تلبية لنداء قوى المعارضة، وغصّت الشوارع بالسيارات والباصات والدراجات النارية التي ازدانت بالاعلام اللبنانية والحزبية ونقلت آلاف المواطنين الى مستديرتي الطيونة وشاتيلا، وكذلك المدينة الرياضية للمشاركة في الاعتصام. ومن هناك ساروا رافعين اللافتات التي كتب على بعضها: "كما وعدتكم بالنصر التغيير آت، آت، آت"، في اشارة الى عبارة الامين العام لـ"حزب الله" السيد نصرالله غداة بدء العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز الفائت، ورددوا الهتافات المنددة بسياسة الحكومة، ومنها: "شبعنا كذباً، ودموعاً، بدنا حكوما ما تخلينا نجوع"، و"يا بيروت الابية نحن رجال الحرية"، و"نريد حكومة نظيفة".

وانتشرت مئات العناصر المدنية من "حزب الله" وحركة "امل" و"التيار الوطني الحر" على طول الطرق المؤدية الى مكان الاعتصام. وشهدت مداخل الضاحية ازدحاماً شديداً بسبب كثافة السيارات والحافلات والمشاة وخصوصاً عند تقاطع مار مخايل طريق صيدا القديمة، ومستديرة الطيونة، وكذلك منطقة شاتيلا. وفي المقابل، انعدمت حركة السير من العاصمة في اتجاه الضاحية.

التجمعات الصباحية

بعيد صلاة الجمعة، تجمع آلاف المواطنين امام المساجد في مختلف احياء الضاحية، وفي المبنى الجامعي في الحدت، وعملت الباصات على نقلهم الى مداخل العاصمة. وسط الازدحام الشديد رفعت الاعلام اللبنانية ورددت الهتافات، فيما جابت الدراجات النارية الشوارع رافعة صور السيد نصرالله والعماد ميشال عون وغيرهما من قادة المعارضة. وانتشرت العناصر الامنية وخصوصاً من الجيش على طول الطرق. وعلى طريق صيدا القديمة أقفلت جميع المنافذ في اتجاه منطقة عين الرمانة تخوّفاً من اي احتكاكات محتملة. وبسبب الازدحام الشديد، فضّل المئات ترك الحافلات والسير في اتجاه مكان الاعتصام. ولفتت مشاركة الفئات العمرية المختلفة، وشوهدت عائلات بكاملها ترفع الاعلام والصور واللافتات وسط حماسة واندفاع شديدين.

وعبّر عدد من المواطنين عن آرائهم في التحرك الشعبي، فقال محمد سويد (28 عاماً): "يجب تغيير الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها جميع الاحزاب اللبنانية". ورأت منال يوسف (17 عاماً) "ان الحكومة الحالية ساقطة لا محال، ولا يمكنها ان تصمد امام هذا الزحف البشري الهائل". وجزمت ف. ح (49 عاماً) التي حضرت مع زوجها واولادها الثلاثة على جرار زراعي "ان الحكومة الحالية سترحل لانها لم تؤمّن شيئاً للمزارعين الذين فقدوا محاصيلهم بعد العدوان الاسرائيلي".

واعتباراً من منتصف النهار، اقفلت غالبية المحال والمؤسسات التجارية والتربوية في مختلف احياء الضاحية الجنوبية، وبدت الشوارع بعيد الساعة الثانية ظهراً شبه خالية من المارة والسيارات، في مشهد اعاد الى الاذهان صورة الضاحية ايام العدوان الاسرائيلي الاخير، وبدا هذا جلياً خلال جولة في احياء الغبيري، وحارة حريك، والمريجة، وصفير، والشياح.

حشود من "حزب الله" و"التيار" و"أمل" خرجت من المناطق إلى بيروت ومحازبو "قوى 14 آذار" رفعوا الأعلام اللبنانية تأييداً للحكومة

لبّت امس جموع من أنصار قوى المعارضة الدعوة الى الاعتصام في وسط بيروت، وانطلقت مواكبهم من الصباح الباكر من مختلف المناطق نحو بيروت رافعة الأعلام اللبنانية. وفي المقابل، رفع انصار "قوى 14 آذار" الأعلام اللبنانية في مختلف المناطق، تلبية لدعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

طرابلس والضنية

وافاق الشمال على وقع التجاذب بين فريقي الصراع. ومن طرابلس، انطلق موكب انصار تيار الرئيس عمر كرامي الذي ضم افراداً من حزب التحرر العربي واعضاء "مؤسسات الكرامة للعمل الخيري" وعدداً آخر من الطرابلسيين وابناء بلدات اخرى. وانضم الى موكبي "تيار المردة" و"التيار الوطني الحر" عند جسر المدفون، لينطلق الجميع في موكب واحد كبير الى بيروت. وكان انصار كرامي تجمعوا صباحا في معرض رشيد كرامي الدولي ومحيط قصر الكرامة، رافعين الاعلام اللبنانية وصورا لكرامي والرئيس الراحل رشيد كرامي.

كذلك، انضم اهال من الضنية الى المتوجهين الى بيروت. واقتصرت المشاركة في بعض القرى والبلدات الضناوية على مناصري النائب السابق جهاد الصمد. أما في منطقة المنية وجوارها، فاقتصرت المشاركة على مناصري كمال الخير الذي كان ترشح للانتخابات النيابية الأخيرة.

 عكار

وبدت عكار (النهار) في قلب الاجواء السياسية التي تعصف بلبنان. وكان واضحا ان الاستنفار والتشنج سيطرا على اجواء المنطقة. فمع بدء انصار قوى المعارضة من مختلف القرى والبلدات العكارية بالتوجه الى بيروت، ولاسيما انصار "التيار الوطني" والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث و"تيار المردة" عبر مواكب متفرقة، كان انصار "تيار المستقبل" وقوى 14 آذار يوزعون الاعلام اللبنانية وصور الرئيس رفيق الحريري ورئيس "كتلة المستقبل" سعد الحريري ويرفعونها على شرف منازلهم وفوق ساحات القرى والبلدات.

وانطلقت مواكب سيارة بعضها تحمل مكبرات من حلبا، مرورا ببرج العرب والعبدة، حتى المنية ودير عمار والبداوي، قاطعة لفترات متقطعة الطريق الرئيسي في اتجاه طرابلس. وعقد راكبوها حلقات الدبكة، مرددين هتافات مؤيدة للحكومة ومطلقين مفرقعات، وذلك وسط تدابير امنية مشددة. وطوقت مئات العناصر من قوى الامن الداخلي والجيش بعض الاشكالات البسيطة التي عولجت بسرعة، وامنت فتح الطرق امام السيارات العابرة.

وقالت "الاحزاب والقوى الوطنية"في عكار في بيان عقب اجتماع عقدته في مكتب الحزب السوري القومي الاجتماعي في حلبا ان "ثمة محاولات غير مسؤولة حاولت عرقلة الوفود المشاركة في اعتصام بيروت، وهي ترمي الى التسبب بفتنة مذهبية من خلال شعاراتها". وقررت "ابقاء اجتماعها مفتوحا، على ان تدعى اليه جميع الفاعليات والقوى العكارية الى اتخاذ كل الاجراءات الداعمة للمشروع الوطني".

زغرتا

وافاد "تيار المردة" في بيان ان "موكبه انطلق في العاشرة قبل الظهر من مستديرة "نورث ليبانون كولدج" في مدينة زغرتا، تلبية لدعوة رئيس التيار النائب السابق سليمان فرنجية. وانضم الى موكبين آخرين في الكورة والبترون". واشار الى ان "آلاف المناصرين توجهوا الى بيروت، وفي نية بعضهم البقاء في الاعتصام المفتوح. اما في قضاءي زغرتا - الزاوية والكورة، فان معظم المدارس خلت من الطلاب، واقفلت بعض المدارس ابوابها".

وتجمع عشرات في شكا أمام مركز "التيار الوطني" في كفرصارون، ومركز الحزب القومي في أميون. وواكبت التجمع اجراءات أمنية مشددة، والتزم المتوجهون الى الاعتصام حمل الاعلام اللبنانية. وكانت المعارضة عقدت اجتماعا في مركز التيار الوطني للتنسيق وتحديد آلية التحرك.

البترون

وتجاوبت منطقة البترون، ساحلا ووسطا وجردا، مع دعوة الرئيس السنيورة و"قوى 14 آذار"، الى رفع الأعلام اللبنانية على شرف المنازل والسطوح، "دفاعا عن لبنان". وصدرت بيانات معلنة رفضها النزول الى الشارع ومؤيدة للرئيس السنيورة. وفتحت مدارس القضاء والاسواق التجارية ابوابها كالعادة.

من جهة اخرى، تجمع انصار "التيار الوطني" و"تيار المردة" والمعارضة في احدى ساحات المدينة، حيث انطلقت الباصات والحافلات، رافعة صورا للنائب العماد ميشال عون وفرنجية واعلام المردة والاعلام اللبنانية. وبثت مكبرات الصوت كلمات لعون وفرنجية. وانضمت اليها مواكب اخرى من الشمال.

الشوف

ولم تكن منطقة الشوف (النهار) على خريطة المشاركة في تظاهرة بيروت. وقد غابت كليا عن دعوة قوى المعارضة الى التظاهر. وظلت حركة المواطنين طبيعية طوال النهار، رغم اعلان اماكن تجمعات للاحزاب المعارضة منذ أمس، فقد بقيت تلك الاماكن خالية الا من عناصر القوى الامنية التي نفذت اجراءاتها، اضافة الى الحافلات التي غادرت خالية، ولا سيما في القرى والبلدات الرئيسية. وبحسب معلومات، فان عدد المشاركين من الشوف لم يتجاوز العشرات من انصار القومي والديموقراطي والوزير السابق وئام وهاب.

في المقابل، عمد المواطنون إلى رفع الأعلام اللبنانية والشارات البيض والحمر على الشرف والمنازل وأمام المحال التجارية، استجابة لدعوة رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط. ورفعت صور النائب جنبلاط والزعيم الراحل كمال جنبلاط والرئيس الحريري والرئيس السنيورة، الى لافتات اكدت دعمها للحكومة ورفضها سياسات المحاور والاحلاف الخارجية، مشددة على استقلال لبنان وحريته وسيادته واهمية اقرار المحكمة الدولية.

وشهدت الأسواق التجارية في المنطقة حركة تجارية عادية. وكانت جمعية التجار في المنطقة أصدرت بياناً دعت فيه جميع التجار الى "التزام يوم عملٍ عادي، نزولا عند قرار الهيئات الاقتصادية". وأكدت أن "هذه التظاهرة ستكون لها انعكاساتها السلبية على الحياة الاقتصادية عموماً"، داعية "الافرقاء السياسيين الى العودة الى طاولة الحوار، لأن النزول الى الشارع سيؤدي حتماً الى تعطيل البلد وشل اقتصاده".

عاليه – المتن الاعلى

وشدّد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تدابيرهما الامنية. وشهدت منطقتا المتن الاعلى وعاليه (النهار) تجمعات في عدد من القرى والبلدات التي يوجد فيها مؤيدون ومناصرون لاحزاب المعارضة، ولاسيما الحزب القومي والحزب الديموقراطي اللبناني و"التيار الوطني" و"حزب الله" وحركة "أمل". وشهدت الطريق الدولية مرور مواكب سيارة متجهة من بعض قرى عاليه والمتن الأعلى، انضمت الى تلك الآتية من مناطق البقاع، بحيث شكلت موكبا واحدا.

وفي مدينة عاليه، أطلق مؤيدون للحزب التقدمي مفرقعات عقب انتهاء النائب جنبلاط من مؤتمره الصحافي، فيما عمد مواطنون إلى رفع الأعلام اللبنانية والشارات البيض والحمر على الشرف والمنازل وأمام المحال التجارية. وشهدت الأسواق التجارية في المنطقتين حركة تجارية عادية.

جزين

وجابت سيارات لمناصري "التيّار الوطني" في جزين (النهار) ومنطقتها وهي تبث أغاني التيّار. وشهدت المدينة وبقية قرى المنطقة حركة طبيعية في الاسواق التجارية والمؤسسات العامة والخاصة والتعليمية التي فتحت أبوابها كالعادة. وتهافت الناس على شراء حاجاتهم ومستلزمات "عيد البربارة" الذي تحتفل به الطوائف المسيحية عشية الاحد المقبل، وسط حضور لافت للقوى الامنية والجيش في شوارع المدينة.

من جهة أخرى، افادت معلومات أن "منتمين الى "حزب الله" أقدموا قبل الظهر على اجبار المدارس الرسمية في منطقة جبل الريحان على اقفال أبوابها وصرف الطلاب الى منازلهم. وأخفقت محاولات مديري المدارس والهيئات التعليمية فيها في ثنيهم عن رأيهم، ممّا ادى الى اقفال كل المدارس في المنطقة.

مرجعيون

وشارك مئات من أبناء القرى الحدودية (مرجعيون- "النهار") في الاعتصام. وانطلقت مواكب سيّارة من مختلف القرى، حاملة الاعلام اللبنانية. ونظّم "حزب الله" موكبا كبيرا انطلق من مثلّث تل نحاس، حيث انضمت اليه وفود من قرى عدة. ولوحظ أن عناصر الأمن في الحزب حرصوا على توجيه تعليمات خاصة الى المشاركين وتوزيع بيانات مكتوبة عليهم تطالبهم "بالانضباط التام وعدم الانجرار الى مشكلة وعدم رفع الشعارات الحزبية او اطلاق العبارات النابية، والابلاغ فورا عن أي خلل وحفظ الأملاك الخاصة والعامة وعدم التعرّض لها".

بنت جبيل

وتحرك مناصرو "حزب الله" و"حركة امل" وبعض القوى الوطنية في قرى المنطقة الحدودية من قضاء بنت جبيل (النهار) للمشاركة في الاعتصام. وامن لهم مسؤولو قطاعات الاحزاب النقليات عبر حافلات صغيرة ذهاباً واياباً. وتفاوت تعليق الدروس بين مدارس القرى.

بعلبك - الهرمل

وانطلق مؤيدو "حزب الله" وحركة "امل" من قضاءي بعلبك والهرمل الى بيروت. وتأهب انصار "التيار الوطني" و"الكتلة الشعبية" امام بناية المنارة. وسجلت تحركات مماثلة لبقية احزاب المعارضة في البقاع الاوسط، لاسيما في رياق وابلح والمريجات والفرزل وغيرها من القرى والبلدات في قضاء زحلة.

من جهة اخرى، خرج اهال في بلدات سعدنايل وبر الياس وبوارج وجديتا الى الطرق الرئيسية واطلقوا أعيرة نارية ليل اول من امس، في نهاية الكلمة التي كان الرئيس السنيورة القاها. وتدخلت وحدات من الجيش لتهدئة الاجواء واعادة فتح طريق المصنع التي قد قطعت ليلا.

زحلة

وكانت الغلبة للعلم اللبناني الذي طغى على مشهد طرق البقاع الغربي والاوسط ومدنه وقراه (زحلة - النهار)، اكان مرفوعا على الشرف تأييدا لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، او رفعته مواكب الحشود المتوجهة من مختلف انحاء البقاع الى بيروت.

والى الوان العلم اللبناني، وحّد اخضر بزات عناصر الجيش طرق البقاع التي انتشرت عليها في شكل مكثف في النقاط الحساسة، انما من دون مبالغة، بما يكفي لاشاعة جو من الاطمئنان في نفوس المواطنين. وقد آزرتها في حفظ الامن وتنظيم السير عناصر قوى الامن الداخلي. وكان لافتا تركيز حاجز للدرك، امس، على طريق المصنع من جهة الوافدين الى لبنان.

صيدا

وشهدت طريق صيدا – بيروت زحمة خانقة، مع انطلاق آلاف الحافلات والسيارات من المنطقة وقرى الجنوب الى بيروت، ناقلة انصار "حزب الله" و"حركة امل" و"التيار الوطني" و"التنظيم الشعبي الناصري" وبعض الاحزاب اللبنانية من شيوعيين وقوميين، اضافة الى انصار رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري.

وحمل معظم المشاركين اعلاماً لبنانية وصوراً للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والعماد عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وشوهدت ايضا مراكب لصيد الاسماك تنقل مواطنين بحراً في اتجاه بيروت. واشرفت عناصر من قوى الامن الداخلي والجيش البناني على حراسة طريق الساحل وتسهيل حركة عبور الآليات، علماً انه لم يسجل اي حادث يذكر.

في غضون ذلك، انشغل انصار "تيار المستقبل" برفع الاعلام اللبنانية على شرف منازلهم.

صور

وانطلقت من صور (النهار) عشرات السيارات التابعة للقومي و"حزب الله" و"امل"، رافعة اعلاما حزبية ولبنانية. وقال مسؤول الحزب القومي في صور عباس فاخوري: "ابلغنا الى كل المواطنين والمحازبين اهمية التزام رفض كل انواع الشعارات المسيئة والخارجة عن الضوابط الخلقية التي تنافي هويتنا الخلقية والوطنية وتتعارض مع اهداف التحرك". ودعا الى "استخدام الخطاب الوحدوي والابتعاد عن الخصوصيات الحزبية والطائفية والمذهبية".

وفي اقليم الخروب، توجه المشاركون الى بيروت في سياراتهم والباصات والفانات، حاملين الاعلام اللبنانية. وكانت مشاركة كثيفة من بلدات الجية وجون والوردانية. غير ان الحزب التقدمي الاشتراكي و"تيار المستقبل" في الاقليم نشطا في رفع الاعلام اللبنانية على اعمدة الكهرباء على الطريق الرئيسي في المنطقة، ولافتات تنادي بضرورة دعم حكومة الرئيس السنيورة وانشاء المحكمة الدولية. ورفع العديد من الاهالي الاعلام اللبنانية على شرف منازلهم، وخصوصا في بلدة برجا.

النبطية

وفي النبطية، جابت سيارات تحمل مكبرات الصوت القرى والبلدات، داعية المواطنين الى المشاركة بكثافة. وبثت ايضا الاناشيد الوطنية والحماسية. كذلك، وُجهت دعوات مماثلة عبر مآذن الجوامع. وخصصت مئات الحافلات لتقل المشاركين الى بيروت، بعدما تم توزيع الاعلام اللبنانية عليهم. وقد أقفلت المحال والمؤسسات التجارية والصناعية في تول - مرج، حاروف وزبدين، وأغلقت معظم المدارس الخاصة أبوابها، فيما داوم بعضها حتى الظهر.

 

الحدود مع سوريا شبه مفتوحة والصواريخ تأتي عبرها"

جنبلاط: سنواجه الوضع بهدوء وسنتفرج عليهم وإذا أرادوا الحــوار فأهــلاً وسهــلاً

النهار/أعلن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط "ان قوى 14 آذار ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والحكومة والبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير سيواجهون" تحركات المعارضة "بكل هدوء"، وقال: "نحن تيار لبناني في مواجهة تيار يريد عودة الوصاية الى لبنان. قرروا تعطيل الحياة العامة ونحن قررنا ان نتفرج عليهم، واذا ارادوا الحوار مجددا فاهلا وسهلا بهم". وسأل: "لماذا الاصرار على الدفاع عن القتلة وتعطيل المحكمة؟".

عقد جنبلاط مؤتمرا صحافيا في منزله في كليمنصو قال فيه: "اتوجه ال المناصرين والمحازبين وجميع اللبنانيين للتحلي باعلى درجات الهدوء وعدم الانفعال لاي ظاهرة من الظواهر وخصوصا انني سمعت انه لمناسبة تشييع الشيخ بيار الجميل صدرت هتافات معادية، مذهبية وسيئة جدا. القضية ليست مذهبية ولا طائفية بل سياسية، فنحن تيار لبناني، حركة استقلالية سيادية في مواجهة تيار يريد عودة نظام الوصاية وربط لبنان بالحلف السوري – الايراني".

واضاف: "انطلقنا في تلك التظاهرة السلمية الديموقراطية وانطلق اللبنانيون في اوج نظام الوصاية في 14 آذار بشكل سلمي وقالوا لا، لا لنظام الوصاية بكل هدوء واخرجوا نظام الوصاية بكل هدوء، ولم نلجأ الى التخوين ولا غيره، لجأنا فقط الى الهدوء والصمت ورباطة الجأش لذلك كما تمتعنا برباطة الجأش آنذاك في هذا اليوم الكبير لا بد من رباطة جأش في مواجهة الاحداث الراهنة. وسنرفع جميعنا علم 14 آذار في كل منازلنا والى جانبه الاشارة الحمراء والبيضاء لنميز انفسنا على الاقل".

وقال: الموضوع الاساسي يبقى اذاً، لماذا يريدون بأي ثمن الدفاع عن القتلة الذين يجولون في لبنان والذين وصلوا في رقم الاغتيال او محاولة الاغتيال الى 19، ولم ينته كما يبدو هذا المسلسل، فلماذا هذا الاصرار؟ هل هم في مكان ما مذنبون، نقول لا، ونحن نستند الى تقرير ميليس الاول اوا لثاني عندما قال ان سيارة "الميتسوبيشي" التي فجرت موكب الرئيس الحريري، لم تخرج من الضاحية، فلماذا هذا الاصرار على الدفاع عن القتلة؟ فقد يكون القتلة كما قال سعد الحريري اسرائيل فلماذا تعطيل المحكمة ذات الطابع الدولي؟

ثانيا، كل القرارات التي اتخذت، كانت بالاجماع، وبمشاركة الجميع، وقرار اساسي لم تشارك فيه حكومة فؤاد السنيورة هو قرار الحرب. عندما كدنا في الحوار، الذي دعا اليه الرئيس بري، نتوصل الى نقاط اجماع، واذكر بها مجددا، فالنقطة الاولى كانت المحكمة والثانية كانت العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، والثالثة كانت تحديدا ترسيما للحدود، والرابعة هي قضية السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وحصل خلاف على موضوع السلاح. بكل هدوء كنا نفتش عن صيغ مرنة من اجل استيعاب سلاح المقاومة ضمن الدولة اللبنانية تحت امرة الجيش اللبناني، آخذين في الاعتبار ان هذا السلاح له خصوصية معينة لاهل الجنوب، وتم الاتفاق كذلك على وجود ازمة حكم، اي ازمة رئاسة. وفجأة ذهب احدهم الى الحرب ولم يستشر احدا، تحملت حكومة الرئيس السنيورة الحرب وكذلك فعل الشعب اللبناني كله وقام بواجباته السياسية والانسانية باحتضان اكثر من مئة الف نازح من الجنوب، ولن أنسى كلمة السيد نصرالله عندما قال آنذاك ان الصيف المقبل واعد فهناك اكثر من مليوني سائح سيأتون الى لبنان؟ هذا كان قبل الحرب فنظر نصرالله الى السنيورة وقال: "إن سلاحي يا دولة الرئيس لا يعطل الاصطياف. وذهب الى الحرب، ذهب الاصطياف وذهب النمو نحو 6 في المئة واصبحنا اليوم في عجز 5 في المئة وايرادات الدولة وصلت تقريبا الى الصفر، ونحن اليوم على مشارف الاعياد، الفنادق فارغة والهلع يتمكن من اللبنانيين، والشباب بالمئات والالوف على أبواب السفارات يريدون الهجرة والافق الاقتصادي والسياسي والانمائي مسدود.

هل يريدون التعطيل؟ ونحن على مشارف باريس – 3 قرروا النزول الى الشارع، فلينزلوا ويبقوا في الشارع ما شاؤوا، لكن لماذا يريدون تعطيل الوضع الاقتصادي وباريس – 3، والمحكمة وتعطيل 1701؟ هم الذين وافقوا عندما كانوا في الحكومة بالاجماع على ارسال الجيش الى الجنوب، والرئيس السنيورة وسعد الحريري ونبيه بري جميعنا قلنا لا للفصل السابع، لن نقبل به، لانه قد يجر البلاد الى حرب أهلية، فألف مرة عدوان اسرائيلي ولا للفصل السابع، ونتحمل تبعات العدوان الاقتصادية والسياسية والبشرية ولا للفصل السابع، فهل يبدو بالنزول الى الشارع وبتجنيد هذا الكم الهائل من الجيش اللبناني وقوى الامن للاحاطة بالتظاهرة ولحماية المؤسسات الرسمية، فهل هذا لتفريغ الجنوب من الجيش؟ هذا سؤال.

فاذا كان هذا هو المطلوب، تفريغ الجنوب من الجيش ولاحقا ربما تعريض مهمة القوة الدولية التي هي في الجنوب لمؤازرة الجيش في بسط السيادة، فهناك ايضا علامة استفهام انهم كانوا ربما لا يريدون 1701، لانه عندما نقول القرار 1701 نقول بتطبيق اتفاق الطائف وهذا يعني تطبيق اتفاق الهدنة مع اسرائيل اي حال حرب مجمدة وهذه الهدنة التي جرى توقيعها في عام 1949، ويبدو انهم لا يريدون حتى هذا الاتفاق بل ما يريدونه هو ابقاء الجنوب ساحة حرب مفتوحة الى أبد الآبدين كي يكون ابن الجنوب ولبنان سلعة تفاوض للنظامين الايراني والسوري(...).

مضحك هذا الاعلام حول هذا الفريق المؤلف من تسعة اشخاص قبض عليهم فجأة وهم يقومون بتمارين، حراس بيار الضاهر او "ال بي سي" . هذا الضجيج وهم يملكون عشرات آلاف الصواريخ، فهو نفسه قال في خطابه في النصر الالهي: "كنت أملك 12 الف صاروخ واليوم أملك 20 الف صاروخ" وما من أحد يتحدث عن هذه الصواريخ، ويريد ان يزيد هذه الكمية فنحن نعلم ان الحدود بين لبنان وسوريا شبه مفتوحة وتأتي الصواريخ والعناصر، وآخر ما سمعناه هو "فتح الاسلام" عندما صدر بيان لـ"القاعدة" في شمال لبنان، وبدا لنا ان أصحاب الرأي في دمشق وغير دمشق وربما في لبنان اعتبروا ان اسم "القاعدة" هو اسم فاقع فأرسلوا "فتح الاسلام" التي تحوي عناصر الشغب التي ارسلها النظام السوري ويرسلها حتى هذه اللحظة الى العراق لتفتيت هذا الاخير وتشتيته، ارسل فريق منه الى لبنان وعلينا ان نكون حذرين وكما يقول المثل: "خذ أسرارهم من صغارهم". فقد قال احد الصغار انه اذا قامت الامم المتحدة بتطبيق المحكمة الدولية وفق الفصل السابع فسيكون هناك عمليات انتحارية في لبنان، وهذا هو التهديد الذي سمعته من احدهم قبل يومين، ان النظام السوري وحلفاءه، البعض على الاقل، سيعمد الى استخدام كل الوسائل من اجل منع المحكمة وربما تعطيل القرار 1701، فالاقتصاد معطل وسيزداد تعطيلا والهجرة ستزداد والمعامل والمصارف ستتوقف وكذلك المدارس وكأن هذا الشيء لا يعنيهم، هذه هي الحال التي وصلنا اليها، لكن سنواجه بهدوء نحن وفريق 14 آذار والرئيس السنيورة والبطريرك صفير وسنلزم منازلنا ونرفع الاعلام اللبنانية وشارة 14 آذار وننتظر شهرا وشهرين كما يريدون. الوقت ضاغط على الجميع، لكن هم قرروا تعطيل الحياة العامة ونحن قررنا ان نستمع اليهم وان نراهن وان نتفرج عليهم، فاذا ارادوا الحوار مجدداً فأهلاً وسهلاً لأن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمة.

وسئل ما خطتكم قوى 14 آذار في حال حصول مواجهة، فاجاب "لن يحصل هناك اي مواجهة فالقرار 1701 ينص على بسط سيادة الدولة على كل الجنوب ولاحقاً على كل لبنان، فهل هذا الامر مقبول منهم؟ ان قرار الحرب والسلم يجب ان يكون محصوراً في الدولة وتالياً ان خطة باريس - 3 موجودة لدى الرئيس السنيورة والحكومة بكل تفاصيلها ويجب ان يعقد المؤتمر مبدئياً في 25 كانون الثاني المقبل فهل يريدون اقتصاداً ام لا؟ هل يريدون ازدهار لبنان ام افقاره؟ فمن خلال افقاره يكون الامساك اسهل من الاحزاب الشمولية او الانظمة الديكتاتورية. فهل يريدون ان يصلوا بنا في لبنان الى بطاقة تموينية والغاء كل مظاهر الازدهار والتنوع اللبناني من اجل الامساك به؟ يبدو انهم لا يريدون العناوين الثلاثة: القرار 1701 وقرارات الحوار وباريس – 3".

ورداً على سؤال عن الخروج من الازمة قال: "بهدوء جداً سنصمد فاذا كانوا يريدون الحوار على اسس المحكمة الدولية والقرار 1701 وباريس فأهلاً وسهلاً، لكنهم يريدون ضمان المحكمة، في مقابل الثلث المعطل او الثلث الضامن. ما من احد يضمن شيئاً اذ ان ضمان المحكمة يكون بعودتهم الى الحكومة وعقد جلسة للمجلس النيابي ويتم التصويت على المحكمة عندها يطمئن اللبنانيون الى ان العدالة الدولية اخذت مجراها، اما مجرد وعد بالعودة وبالضمان فهذا لا يجعلنا نطمئن لأن التجربة علمتنا انهم يتخذون قرارات استفزازية.

وردا على سؤال عن الفصل السابع قال: "لست انا من تحدث عن هذا الموضوع بل احدهم من الصف الآخر من بقايا نظام الوصاية حين قال: اذا كانت الامم المتحدة تريد ان تطبق المحكمة الدولية وفق الفصل السابع فسنلجأ الى العمليات الانتحارية.

ونحن نعلم ان المحكمة اتخذت بقرار لبناني مع الامم المتحدة وقيل آنذاك انها محكمة ذات طابع دولي وان هناك مشاركة لبنانية دولية وهذه المحكمة لم تأت وفق الفصل السابع، لكن التهديد بالعمليات الانتحارية وما يسمى "فتح الاسلام" واذكر بكلام سيد النظام في دمشق في احد خطبه عندما قال ان لبنان قد يتحول الى ملجأ لـ"القاعدة" وبكلام وزير خارجيته عندما قال ان لبنان قد يتحول الى عراق ثان، هذا الامر يخيفني ونرى مثلاً الحادث الاخير الغريب العجيب الذي لم نسمع عنه اي تفاصيل وهي ان سيارة كانت تسير في جديدة يابوس وتفجرت ثم جرى اطلاق نار، وبين التفجير واطلاق النار هناك ملابسات، ثم اختفت الآثار ووجدت بعض الاحجار وعليها دماء، ربما يريدون تخريب الامن والاستقرار في لبنان بارسالهم هذه العناصر، وانا لم اقل ان المحكمة ستأتي من خلال الفصل السابع".

 

احتكاك بين المتظاهرين و"المستقبل"أقفل المنافذ إلى الطريق الجديدة

النهار/إثر خروج المشاركين في تظاهرة الامس ومرورهم عند اطراف منطقة الطريق الجديدة سجل تلاسن في ساحة محطة الدنا (المدخل الجنوبي الشرقي للطريق الجديدة) بين مناصرين لـ"تيار المستقبل" وعدد من المتظاهرين، تدخلت على اثره قوة من الجيش والقوى الامنية لفضه، وفرضت طوقا حول الشوارع المؤدية الى الطريق الجديدة، بدءا من منطقة ارض جلول وصولا الى الكولا وكورنيش المزرعة. واغلقت كل المنافذ المؤدية الى المنطقة، فيما سجل انتشار لانصار "تيار المستقبل" في الشوارع الداخلية رافعين اعلاما لبنانية وشعارات التيار. ومساء خرجت تظاهرة لانصار "المستقبل" في المنطقة تهتف بحياة النائب سعد الحريري وتندد بالسيد حسن نصرالله. وأدى التلاسن الى تدافع وسقوط جريح نقل الى "مستشفى المقاصد".

 

جعجع: هجوم مضاد للعودة الى الوصاية يريدون وقف المحكمة بأي ثمن

النهار/وصف رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ما يحصل بأنه "هجوم مضاد لإعادة الوضع الى ما كان خلال حقبة الوصاية السورية". وقال في حديث لأسبوعية "نيوزويك" الاميركية إن "العامل الذي عجّل في البدء بالهجوم المضاد يعود إلى موضوع المحكمة الدولية وإلا لكانوا انتظروا بضعة أسابيع (...) الواضح إنهم لا يريدون المحكمة الدولية بأي ثمن" .  وأضاف: "المسألة، لا تتعلق عمليا بإعطاء هذا العدد من الوزراء لهذا الفريق أو ذاك، بل بالاستراتيجية التي سيسير عليها لبنان، وبالتوجه العام للأحداث. في ربيع 2005 أخذ الشعب اللبناني البلاد الى مسار معين معاكس لما كان عليه الأمر منذ عام 1990، واليوم نشهد مع الأسف، هجوما مضادا لقلب الأوضاع القائمة وإعادة لبنان الى مرحلة النظام السابق، أي نظام الوصاية السوري".

وعن رأيه في العامل الذي عجّل البدء في الهجوم المضاد، قال: "بدون شك، موضوع المحكمة الدولية، وإلا لكانوا انتظروا بضعة أسابيع أخرى، والواضح أنهم لا يريدون المحكمة الدولية بأي ثمن، إذ ان القضية لا تتعلق بتعديلات على مشروع المحكمة أو نظامها وإلا لكان أمكن مناقشة الأمر داخل الحكومة. إذا كانت هناك تفاصيل معينة فيمكن ايضا مناقشتها داخل مجلس النواب، لكن مع الأسف لا نية لديهم لذلك".

سئل: هل تقصد سوريا أم حلفاءها في لبنان؟ أجاب: "أقصد الاثنين معا". سئل: هل هذا يعني أن "حزب الله" غير مستعد للقبول بالمحكمة الدولية؟ أجاب: "المؤشرات لا تدل الى مثل هذا الاستعداد، وكان وزراء "أمل" و"حزب الله" قد انسحبوا من الحكومة في السابق بعد اغتيال النائب الشهيد جبران تويني عندما طلبت الحكومة يومها من مجلس الأمن الدولي إرساء نظام المحكمة الدولية".

وعن الجهة التي تقف وراء اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل، قال: "من الناحية العلمية لا يمكنني اتهام أحد. لكن في الوقت نفسه هناك رد فعل أولي يرتكز على مؤشرات بديهية، وإذا لاحقنا مسار الأمور منذ اغتيال كمال جنبلاط الى اليوم، يمكننا التكهن بمن يقف وراء الجريمة. وهل من قبيل المصادفات أن تقع 15 عملية اعتداء على أشخاص مناهضين لسوريا؟ هل من قبيل المصادفات أن تستهدف الحكومة ويلوّح بإسقاطها ويتم اغتيال وزير في الحكومة. إذا أخذنا كل هذه المؤشرات سهل علينا تحديد الجهات المسؤولة عن اغتيال الوزير الجميل. والسبيل الوحيد المتاح اليوم في إقامة المحكمة الدولية لكشف الجهات المجرمة، ولكن مع الأسف هناك من يعمل على تجنب المحكمة الدولية".

سئل: في كلمتك خلال تشييع الوزير الجميل قلت أنك حاضر للمواجهة، ماذا تقصد بذلك والى من تتوجه؟

أجاب: "توجهت الى من يعنيهم الأمر. وكما تعلم، إثر جريمة الاغتيال تتأثر معنويات الناس وكان علينا أن نقول لا، وإننا مستعدون لمواجهة من يعتدي علينا. قلت في كلمتي أن قوى السلام ستواجه قوى الشر والظلام. بطبيعة الحال عندما أتكلم على المواجهة فإنني أقصد تحديدا المواجهة السياسية".

سئل: هل التقيت الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، او اي قيادي آخر من "حزب الله" بعد حرب تموز؟ أجاب: "لم التق السيد حسن نصرالله، ولكن هنالك اتصالات مع "حزب الله" من خلال عدد من النواب والاصدقاء، والمناقشة عموماً ودية ولا تتسم بالعدائية".

وهل تخشى من العنف في حال النزول الى الشارع؟ اجاب: "المشكلة هي في وجود مجموعات صغيرة لديها نيات سيئة وهي مرتبطة عضوياً بالمخابرات السورية. اما في ما يتعلق بـ"حزب الله" فأعتقد انه قادر على ضبط التظاهرات، ولا يمكن الآخرين القيام بأي شيء من دون الحزب، لذا يتحمل الحزب مسؤولية اي خرق للسلم الاهلي وللقوانين في لبنان".

سئل: هل تخشى اغتيال وزير او نائب آخر؟ اجاب: "اخاف على الاثنين معاً". وكيف يمكن الاميركيين المساعدة حسب رأيك؟ اجاب: "المساعدة تكون في استكمال تطبيق القرارات الدولية اي 1559 و1640 و1701 واقامة المحكمة الدولية في حال ذهبت الامور الى الاسوأ".

وهل تعتقد بأن الولايات المتحدة فقدت صدقيتها بعد حرب تموز؟ اجاب: "نعم، ونتيجة ما حصل في غزة وممارسة حق النقض بعد احداث بيت حانون والموضوع في العراق".

الوضع بين المسيحيين

هل تخشى حرباً داخل الصف المسيحي؟ اجاب: "لا سبب لاندلاع حرب، ونحن من جهتنا نعطي توجهات يومية واضحة بعدم اللجوء الى العنف، واذا تعرضنا لاي اعتداء فاننا نلجأ الى الاجهزة الامنية الرسمية".

وهل لديك اتصال مع النائب العماد ميشال عون؟

اجاب: "هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة من حين الى آخر".

وهل يعود التوتر الى ما حصل في الماضي من مواجهات؟

اجاب: "في اللاوعي قد يكون الامر صحيحاً، وربما كان الأمر جزءاً من الماضي لولا التباعد السياسي الحاصل".

وكيف يمكن حل المشاكل داخل الصف المسيحي؟

اجاب: "الخلاف السياسي شيء والعلاقة الشخصية شيء آخر، والمهم احترام الرأي الآخر والتحرك من ضمن القوانين".

ويتكلم بعضهم على تدريبات وتسلح لـ"القوات اللبنانية".

اجاب: "ابداً واطلاقاً، استراتيجيتنا واضحة ورهاننا على الجيش اللبناني وقوى الأمن، وهو ليس نصف رهان وسنكمل فيه الى الآخر. وكيف ندعو "حزب الله" الى التخلي عن سلاحه ونقبل نحن بالتسلح؟".

سئل: هل انت متفائل بالمستقبل؟ "اجاب: "ستكون هنالك حال من التوتر في الاسابيع المقبلة، ولكن ليس من ضمن الصف المسيحي، علماً أن قادة البلاد السياسيين ليست لديهم النية لتوتير الاوضاع. قد تكون هناك مجموعات صغيرة تسعى الى تدهور الاوضاع. اليوم هناك من يمارس ضغوط نفسية على المواطنين، والأسوأ ان بعضهم بمارس الضغوط على محازبيه اكثر من خصومه. لذا يجب التنبه، خصوصاً انه اذا خرج مارد الشارع من قمقمه فقد لا تكون اعادته اليه سهلة".

 

فرنجيه أثار موجة استنكار قبل تراجعه عن كلام غير لائق في حق صفير

النهار/اثار تعرض الوزير السابق سليمان فرنجيه للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بكلام غير لائق عبر محطة "المنار" امس، ردود فعل مستنكرة، استتبعها فرنجيه ببيان، "توضيحي" بدا بمثابة تراجع عن هذا الكلام.

وكان فرنجيه قال لـ"المنار" تعليقاً على كلمة البطريرك صفير امام الحركة النسائية لقوى 14 آذار في بكركي الخميس "يبدو ان البطريرك "تهيج" على شوفة النسوان في بكركي".

وتعليقاً على كلام فرنجيه ادلت السيدة جويس امين الجميل بالآتي: "لا استطيع ان اصدق ان مثل هذا الكلام يمكن ان يصدر عن ابن فيرا فرنجيه التي عرفتها سيدة فاضلة، تحترم جميع الناس وتزن كل كلمة تقولها".

كما صدر عن نواب زغرتا – الزاوية، البيان الآتي: "مرة جديدة، سمعنا بأسف واستهجان كلاماً مباشراً للوزير والنائب السابق سليمان فرنجيه على شاشة "المنار"، يعلّق فيه على موقف غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير من النزول الى الشارع بكلام نربأ بأنفسنا تكراره وهو يطيح دفعة واحدة كل قيمنا الاخلاقية اللبنانية والمسيحية وخصوصاً الزغرتاوية، ضارباً عرض الحائط بقدسية الشهادة ومرجعية بكركي وحرمة العائلة وكرامة المرأة.

واننا اذ ندعو الوزير فرنجيه الى الاعتذار عما تفوّه به، الى سيد بكركي وشهدائنا واللبنانيين، نعيد التأكيد انه من الممنوع كلما اختلفنا مع بكركي على الموقف الوطني ان نوجه ضدها سهام الحقد والكفر والاهانة.

ووجه النائب سمير فرنجيه والنائب السابق فارس سعيد دعوة الى محطة "المنار" وطالباها "بتقديم الاعتذار العلني عما بثته من حديث لفرنجيه "تناول فيه البطريرك الماروني بعبارات الشتم، لانها افسحت المجال له لشتم ارفع مرجعية روحية مارونية، تماماً كما طالبت باعتذار علني من المؤسسة اللبنانية للارسال حين عرضت برنامجاً نقدياً تناول سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله".

كما أصدر المجلس التنفيذي للرابطة المارونية بياناً جاء فيه:

"تأسف الرابطة المارونية شديد الأسف لما تعرّض له غبطة أبينا الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير من تجريح مهين عن قصد أو غير قصد او بزلّة لسان. إنها ألفاظ وعبارات مستهجنة لا يمكنها ان تطال على الاطلاق من صاحب الغبطة رأس الكنيسة المارونية، ولا من الموقع الروحي والزمني الأسمى الذي يشغله، والدور التاريخي الذي يجسّده غبطته دفاعاً عن لبنان كياناً ودولة ونظاماً ديموقراطياً وعيشاً مشتركاً كريماً. إنها ليست المرّة الأولى التي يتجرّأ فيها بعض السياسيين الموارنة، وبكل أسف، على التعرّض لشخص غبطته. أما في كل مرة من هذه المرّات فغبطته هو من يزداد كبراً واحتراماً، مثلما يزداد الإعجاب بمواقفه المنزّهة والمسيحية الخالصة".

ووزع المركز الكاثوليكي للاعلام بياناً جاء فيه:

"في ظل الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها الوطن وما تنطوي عليه من خطورة تنعكس على الوضع الداخلي، يؤسفنا ما صدر عن مرجع سياسي مرموق، ينتمي الى بيت لبناني كريم، عرف بتمسكه بالكرسي البطريركي واحترامه له وللسيد البطريرك الذي تناول في حديث على قناة تلفزيونية مقام السيد البطريرك بعبارات أقل ما يقال فيها انها ليست على مستوى القيم والمبادىء التي نشأ عليها في عائلته العريقة.

وكان ينتظر على الاقل من صاحب القول ان يحترم حقوق السيدات المجتمعات في بكركي من أرامل وثكالى آتين ليشكين ما حل بهن من مصائب وفواجع".

وأصدر التجمع النسائي الذي زار صفير بعد ظهر الخميس بيانا جاء فيه:

"تعليقا على ما أدلى به الوزير السابق سليمان فرنجية في تناوله كلام غبطة البطريرك صفير أثناء استقباله الوفد النسائي الذي يرفض سياسة القتل والاغتيال، نقول: هل هناك احد يتقدم على الأم في رفضها لاغتيال ابنها؟ واذا لم تنتفض هي فمن سينتفض؟ هل هناك أغلى من الاخ بالنسبة الى الاخت التي تنتفض ضد اغتياله؟ وهل أغلى من الاب بالنسبة الى ابنائه الذين ينتفضون ضد اغتياله؟ وهل هناك أصدق من انتفاضة الزوجة ضد اغتيال الزوج؟

هل من يعتبرون انفسهم قادة مسيحيين وطنيين يحبون لبنان ينزعجون الى هذا الحد من مواقف أمهات لبنان وكلام غبطة البطريرك ضد القتل؟

كنا نتمنى وسنظل نتمنى ان يكون الرجال رجالا وان يعملوا من مواقعهم المختلفة ضد الارهاب والاغتيال وان يعبّروا عن انتمائهم الوطني الصادق واحترامهم بالقول والفعل لموقع بكركي ودورها وكلمتها ولمقام أبينا وسيدنا غبطة البطريرك صفير خصوصا الذين قالوا يوما: "انهم تحت سقف بكركي، ويحترمون ويقبلون بكلمة البطريرك".

وفي أي حال، نؤكد ان المرأة اللبنانية ستظل ترفع صوتها ضد الظلم والقهر والعنف والارهاب والقتل حتى لو أزعج ذلك بعض "الرجال"! الذين نالوا بكلامهم المرأة اللبنانية وأساؤوا الى بكركي وسيدها وما يمثله".

وبعد الظهر أصدر فرنجية التوضيح الآتي: "انني وفي مداخلتي الصباحية على محطة "المنار" استخدمت فعلا بالعامية اللبنانية قصدت منه معنى "تحمّس" فاستغله أصحاب النيات كما استغلته وسائل اعلام الاكثرية وباتت تبثه بالصوت للتدليل عليه بغير معناه وانني اذ أؤكد بما ينسجم مع اخلاقيتي انني لم أقصده على هذا النحو. فانني أحترم وأقدّر بكركي موقعا وسيدا ولو اختلفنا في السياسة ولا يزايدن أحد علينا باحترامنا لموقع البطريركية".

 

قرار الاعتصام بداية المواجهة الايرانية – الاميركية على الارض اللبنانية؟

التمسك بـ"الثلث المعطل" يرتبط بالاستحقاق الرئاسي

النهار/لم يستجب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون دعوة رؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية والهيئات الاقتصادية والعمالية وسفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة الى عدم النزول الى الشارع مخافة ان يكون لهذا النزول مضاعفات وتداعيات تلحق الضرر الكبير بالاوضاع الاقتصادية والمالية وتصدع الوحدة الوطنية وتضرب أسس العيش المشترك، عدا ان النزول الى الشارع هو في ذاته مشكلة وليس حلاً.

ويقول نواب في قوى 14 آذار ان قرار اعلان الحرب على اسرائيل كان قراراً سورياً ايرانياً نفذته القوى السياسية الحليفة لهما في لبنان، وان قرار الحرب على لبنان اتخذته سوريا وايران ايضا لمواجهة الولايات المتحدة الاميركية على ارضه بغية الحاق هزيمة بها في لبنان كما اعلن بوضوح وصراحة آية الله علي خامنئي.

ويضيف النواب، من يصدّق ان الهدف من الاعتصام والتظاهر هو التوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية كما اعلن السيد نصرالله والى التوصل الى وضع، مشروع قانون جديد للانتخابات كما اعلن العماد ميشال عون. فاذا كان الحوار لم يؤد الى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بسبب تمسك قوى المعارضة الحليفة لسوريا وايران بالحصول على "الثلث المعطل" فيها، فهل يمكن الاكثرية ان تسلم بهذا الثلث تحت ضغط الشارع. واذا كان وضع مشروع قانون جديد للانتخابات استغرق اكثر من تسعة اشهر بواسطة الهيئة الوطنية ولا يزال الخلاف قائماً في شأنه بين تمسك بالقضاء دائرة انتخابية مع اعتماد قاعدة الاكثرية ومطالب باعتماد قاعدة النسبية على اساس دوائر انتخابية اوسع، فهل يمكن فرض موقف من هذا القانون بواسطة الشارع؟

الحقيقة ان هدف الاعتصام والتظاهر ليس تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي حكومة لا يمكن تشكيلها تحت ضغط الشارع بل بالحوار والتفاهم وفي اجواء صافية واعصاب هادئة، ولا التوصل الى وضع مشروع قانون جديد للانتخابات من خلال شارع قد يقابله شارع انما من خلال حوار هادئ قد يطول لأن اصعب مشروع يمكن التوصل الى اتفاق حوله، هو مشروع قانون الانتخابات كونه يعني مصلحة كل حزب وتكتل وتيار بحيث يحاول كل طرف جعل تقسيم الدوائر الانتخابية على قياس مصلحته.

لذلك، فان هدف الاعتصام والتظاهر هو أبعد من كل ذلك. فإما احداث فتنة وفوضى في البلاد "بشر" اللبنانيين بها الرئيس بشار الاسد ووزير خارجيته وليد المعلم قبل أشهر انتقاماً من قوى14 آذار التي اخرجت القوات السورية من لبنان وتنفيذا لمخطط سوري – ايراني في مواجهة المشروع الاميركي في المنطقة، وهو مخطط لا سبيل الى نجاحه الا بخلق الفتن والفوضى كما هو حاصل في العراق.

اما اذا تعذر خلق الفتنة والفوضى في لبنان بفضل وعي الشعب اللبناني وحكمة عدد من قادته، فان الهدف الآخر الممكن تحقيقه هو احداث فراغ في البلاد يشمل كل المؤسسات، من مؤسسة رئاسة الجمهورية الى مؤسسة مجلس النواب الى مؤسسة مجلس الوزراء بحيث ان احداث هذا الفراغ الشامل ينعكس سلبا على الحركة الاقتصادية والتجارية وعلى مصالح الناس، فلا رئيس الجمهورية يوافق على مشاريع تصدر عن الحكومة لانه يعتبرها فاقدة الشرعية، ولا مجلس النواب يجتمع لدرس مشاريع محالة اليه من مجلس الوزراء، لان الرئيس بري يعتبرها صادرة عن حكومة غير شرعية ويرفض رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الاخذ برأي رجال القانون وبرأي من شاركوا في صوغ دستور الطائف بان وضع الحكومة هو وضع دستوري وشرعي ما دامت تملك ثلثي عدد الوزراء ومن هؤلاء النائب السابق ادمون رزق الذي قال ان استقالة وزراء اي طائفة من الحكومة اراديا وتلقاء لا يمكن ان تشكل حال الفقرة "ي" من مقدمة الدستور وفيها: "لا شرعية لاي سلطة تناقض العيش المشترك، ولا يمكن الاعتداد في حال الاستقالة المطروحة الا بالفقرة "أ" من المادة 95 من الدستور وفيها: "تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة". لذا فان استقالة 6 وزراء من اصل 24 لا تشكل ايا من الحالات الـ 6 المعددة حصرياً في المادة 69 من الدستور وتاليا لا يمكن اعتبار الحكومة مستقيلة تحت طائلة خرق الدستور، ولا يحق لرئيس الجمهورية اعلان عدم شرعية الحكومة وعدم دستوريتها كما لا يحق له استعمال الفقرة 5 من المادة 53 من الدستور باصدار مرسوم بتوقيعه منفرداً واعتبار الحكومة مستقيلة، وذلك تحت طائلة مساءلته بخرق متعمد للدستور بموجب المادة 60 منه. اضف ان الوزراء المستقيلين لا يزالون دستوريا حائزين الصفة الوزارية.

والسؤال المطروح هو: ما الغاية اذاً من اصرار القوى السياسية الحليفة لسوريا وايران في لبنان على التمسك بالثلث المعطل" والبلوغ بهذا التمسك حد المغامرة بالنزول الى الشارع؟ ولماذا لم توافق قوى 14 آذار على اعطائها هذا "الثلث" لامتحان نياتها تحت طائلة تحميلها مسؤولية تعطيل القرارات سواء بالنسبة الى المحكمة ذات الطابع الدولي وبالنسبة الى تنفيذ كل بنود القرار 1701 وكذلك تحميلها مسؤولية تعريض الحكومة للاستقالة اذا ما استقال ثلث الوزراء منها بغية احداث الفراغ المخطط له.

مرجع حكومي اجاب على هذا السؤال بالقول ان الغاية الاساسية من التمسك بالثلث المعطل هو الامساك بمصير القرارات والتحكم بالاكثرية واحداث فراغ حكومي مع اقتراب موعد استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اذا لم يكن هذا الرئيس مقبولاً من القوى الحليفة لسوريا وايران.

لذلك فان هذه القوى عندما تتمثل بالحكومة باكثرية الثلث فانها تستطيع ان تهدد بالاستقالة من الحكومة اذا لم يتم الاتفاق معها على رئيس جديد للجمهورية ترضى به، فاذا استقال ثلث الوزراء تصبح الحكومة مستقيلة حكما، فتدخل البلاد عندئذ في حالة فراغ خطيرة في حين انه اذا بقيت الحكومة الحالية فان صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء بموجب المادة 62 من الدستور.

وهذا يعني ان الحكومة الحالية اذا بقيت حتى موعد انتخاب رئيس للجمهورية، او قبل هذا الموعد، فهي التي تناط بها صلاحيات الرئيس بالوكالة في حال تعذر انتخاب رئيس جديد لاي سبب، ويصبح على القوى الحليفة لسوريا وايران ان تختار بين القبول بالرئيس الذي تسميه الاكثرية او تظل الحكومة تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة الى ان يتم التوصل الى اتفاق على رئيس جديد، في حين ان اصرار القوى السياسية الحليفة لسوريا وايران على ان يكون لها "الثلث المعطل" في اي حكومة جديدة يجعلها تتحكم بانتخابات رئاسة الجمهورية، بحيث تجعل الاكثرية توافق على انتخاب الرئيس المقبول وإلا استقال ثلث الوزراء لتصبح البلاد بلا حكومة وبلا رئيس للجمهورية، فيتحقق عندئذ الفراغ الحكومي والرئاسي المخطط لهما وتتعرض كل المؤسسات للشلل، والدولة للافلاس ويدخل الوضع الاقتصادي والمالي كارثة اكيدة.

اميل خوري

 

الهيئات الاقتصادية تعتبر التظاهرة رداً على محاولتها تحييد الاقتصاد

أزعور: كلّ نهار تعطيل يكلفنا فوق 70 مليون دولار

احتياط "المركزي" تراجع 409 ملايين دولار الشهر الماضي

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - العدد 2463 - ألفونس ديب

حذر وزير المال جهاد أزعور من أن "كلّ نهار تعطيل يكلف لبنان ما يفوق 70 مليون دولار"، فيما سجل احتياط مصرف لبنان من العملات الاجنبية انخفاضاً بلغ 409 ملايين دولار في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بسبب التصعيد السياسي لقوى المعارضة والتلويح بالنزول الى الشارع، وتابعت الهيئات الاقتصادية بحث تحركها وقرّرت اطلاق حملة لاستنهاض الاسواق التجارية ابتداء من الاثنين، وأبدت مصادر في الهيئات استياءها من عدم تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله حسن نصرالله موعداً لها، معتبرة أن الرد على طلبها جاء في الشارع امس.

فقد قال أزعور في تصريح امس "بدل التركيز على الأمور الاقتصادية، فإن التحرك السياسي يحتل الأولوية برغم أن هناك 90 في المائة من اللبنانيين متروكون دون الاهتمام بحاجاتهم واهتماماتهم الاقتصادية والانسانية والمعيشية". وأضاف "إن الوضع السياسي يرفع مستوى الضغط على حياة المواطنين ويرفع مستوى التأثير السلبي على مستقبل لبنان والاقتصاد اللبناني، وكلّ هذه الامور لا تؤدي الى نتيجة إيجابية".

في هذا الوقت، أعلن مصرف لبنان المركزي أمس أن موجوداته من العملات الاجنبية سجلت تراجعاً بقيمة 312.42 مليون دولار في النصف الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، وبلغت 13.181 مليار دولار، مقابل ارتفاع قيمة موجودات الذهب 202.89 مليوني دولار إلى 5.893 مليارات دولار. وبلغ مجموع التراجع في موجودات المصرف المركزي من العملات الشهر الماضي 409.2 ملايين دولار بعدما بلغ تراجعت الموجودات 96.773 مليون دولار في النصف الاول من هذا الشهر.

وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة التي أطلقتها الهيئات الاقتصادية من خطورة استمرار التشنج السياسي والنزول الى الشارع على الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، جاءت تظاهرة أمس متجاوزة كلّ المخاوف الأكيدة من انهيارات قطاعية وإفلاس أعداد كبيرة من المؤسسات وما ينتج من ذلك من أزمة اجتماعية خانقة بدأت ملامحها تطلّ على اللبنانيين ولا سيما بعد حرب تموز (يوليو) الماضي.

وعلمت "المستقبل" أن الهيئات الاقتصادية لم تستسلم لفشل محاولاتها لتحييد الاقتصاد الوطني عن التجاذب السياسي، وأبدت مصادر في الهيئات استياءها من عدم تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله حسن نصرالله موعداً لها، معتبرة ان الرد على طلبها جاء في الشارع امس، فقرّرت تنظيم مؤتمر اقتصادي وطني عام وإطلاق نشاطات عديدة بدءاً من الاثنين المقبل في بيروت والمناطق لاعادة الحياة والنشاط الى الاسواق.

وكانت الهيئات الاقتصادية قد عقدت اجتماعاً استثنائياً برئاسة الوزير السابق عدنان القصار مساء اول من امس في غرفة بيروت وجبل لبنان، درست خلاله نتائج جولتها على القيادات السياسية والخطوات التي ستتخذها في المستقبل لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الاقتصاد اللبناني.

وقال القصار لـ"المستقبل" "ان الهيئات لن تتراجع برغم الصعوبات التي تواجهها، وهي مصممة على مواصلة مساعيها لتهدئة الاوضاع وإطلاق العجلة الاقتصادية"، مشيراً الى ان الهيئات "سمعت ردودا ايجابية جدا من كل القيادات التي التقتها".

وكشف "ان الهيئات ستطلق نشاطات عديدة بداية الاسبوع المقبل، بعنوان "أنا أحب الحياة" لاعادة الحياة الى الاسواق التجارية انطلاقا من بيروت وصولا الى كل المناطق اللبنانية".

وقال القصار "ستكون هذه النشاطات مشابهة لتلك التي أطلقتها النائب بهية الحريري عقب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لاعادة الحركة الى سوليدير وباقي الاسواق".

أما بالنسبة للقاء الاقتصادي الوطني، فأوضح أن الهيئات "شكلت لجنة لمتابعة التحضير له، بالتعاون مع الاتحاد العمالي العام، ونقابات المهن الحرة"، مشددا على ضرورة التنسيق مع قيادة الاتحاد في كل الخطوات المقبلة.

وفي السياق نفسه، شرح عضو مجلس ادارة غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير الحملة التي ستطلقها الهيئات لاعادة اطلاق العجلة الاقتصادية فقال "اتفقنا في اجتماع الهيئات على اطلاق هذه المبادرة التي ستكون رسالة تقول ان اللبناني يحب الحياة ويريد الاستمرار في مسيرة الاقتصاد والاعمار التي اطلقها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، على ان تستهدف هذه الرسالة لبنان اولا ومن ثم الدول العربية".

وأشار الى ان الفاعليات التي ستطلقها الهيئات ستمتد من 4 كانون الاول (ديسمبر) وحتى 8 كانون الثاني (يناير) المقبل، وهي ستنطلق من الوسط التجاري لتطال كل المناطق وتشمل نشاطات ثقافية وفنية كبيرة لمطربين لبنانيين وعرب. وقال الهدف "اعادة الحياة الى وسط بيروت لأنه القلب النابض للبنان، وإذا عادت الحركة إليه ستمتد الى كل اسواق بيروت ولبنان، كما اننا سننفذ نشاطات مماثلة في المناطق والمدن اللبنانية كافة".

واضاف "الاثنين المقبل ستلبس بيروت شعار "انا احب الحياة"، علما ان هذه الحملة اطلقناها منذ مدة قصيرة، لكن الآن ستكون اكبر واشمل بعدما تبنتها الهيئات". واوضح شقير ان "الرسالة اليوم موجهة الى الشعب اللبناني للنزول الى الاسواق والعودة الى الحياة الطبيعية ليعيشوا حياتهم، وبعدها سنوجه هذا الخطاب الى اخواننا في العالم العربي".

 

عاطفة "ربع لبنان" تؤكد الحاجة الى الاهتمام بإرادة الثلاثة أرباع

و"محاصرة السرايا" تحرّر الحقائق الأسيرة

"حزب الله" يتحوَّل: "المقاومة" حالة بن لادنية

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - فارس خشّان

لم تنتهِ ظاهرة العماد ميشال عون الشعبية بعد. لقد انهارت فقط. "حزب الله" كان يستقصي عدد المسيحيين الذين سوف يحركهم "جنرال الرابية"، فوضع كاميرات تصوير ـ أو مراقبة ـ في منطقة الدورة بصفتها المعبر الإلزامي للمتن الشمالي وكسروان وجبيل والبترون والكورة وزغرتا وبشري وطرابلس والمنية وعكار والضنية. كانت حصيلة ساعات المراقبة كارثة فعلية. كارثة استبق سليمان فرنجية العماد ميشال عون في تلمسها، فغضب وغلب طبعه على تطبعه في كلامه على "الشاشة الإلهية" عن البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير. تبعه العماد عون، عندما أدرك أن اندماج كوادره بكوادر "البعث" و"القومي" و"المردة" وسائر أتباع النظام السوري لن تجدي في تغطية هزالة مشهده الشعبي، فأطلّ على اللبنانيين مستعيداً تستره التقليدي باللاطائفية، مؤنباً وسائل الإعلام التي "تضع عدّاداً طائفياً" لأن ذلك، بالنسبة لمن لا يكف عن القول إنه يمثل 70 من المسيحيين "عيب وعار".

التحشيد الشيعي

هذا المشهد يمكن أن يشرح وضعية الشريك المسيحي في قوى 8 آذار الذي يتساوى الى حد كبير مع وضعية الشريكين السني والدرزي، مما يعني أن ثلاثة أرباع لبنان كان عملياً خارج وسط بيروت، أمس وخارج شعارات المحتشدين فيه، وخارج مطاليبهم.

إلا أن ذلك، لا يُلغي مطلقاً التوقف باهتمام عند "ربع لبنان" الذي جذب اليه حشداً كبيراً من العمال السوريين الذين اختفوا "عن بكرة أبيهم" من المناطق اللبنانية وظهروا في نقاط متفرقة في ساحة رياض الصلح وما يوازيها من مساحة بسيطة في ساحة الشهداء التي تزيد مساحتها الاجمالية أربعة أضعاف عن مساحة "ساحة 8 آذار".

فمن يتحمل مسؤولية هذا الاستنفار الشيعي التاريخي؟

ثمة من يعيد السبب الى الأوضاع الطائفية المأزومة في المنطقة أو الى الفتاوى أو الى التكليف الشرعي أو الى التحريض الطائفي المتواصل. كل هذه التبريرات قد تشكل مجتمعة عاملاً مساعداً، ولكن لا يبدو أنها كافية.

مسؤولية قوى 14 آذار

وفي ذهن عدد كبيرمن المراهقين أن قوى 14 آذار تتحمل المسؤولية. كيف ذلك؟

بحسب هؤلاء، أنه منذ انطلاقة انتفاضة الاستقلال، بعد التمديد القسري لولاية رئيس الجمهورية اميل لحود، تعاطى "لقاء البريستول" مع المواطن اللبناني الشيعي من مدخل "الغزل المتواصل" مع "حزب الله" و"حركة أمل" وكأنهما شريحة لا صلة لها مطلقاً بالنظام السوري. يومها جرت التعمية على حقيقة مركزية وهي أن هذا الثنائي الحزبي الشيعي طالما شكل الدعامة الأساسية للوصاية السورية على لبنان. في سياق توزيع مدروس للأدوار، أعطيت "أمل" الإدارة وأعطي "حزب الله" البندقية والأمن. وبعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولدت، عفواً حركة شيعية مدنية وعلمانية انخرطت في "ثورة الأرز"، ولكن سرعان ما تمّ تجاوزها لمصلحة حبك تحالف سياسي مع "الثنائي الشيعي". وعندما حصل التباعد بين قوى 14 آذار و"حزب الله" بسبب الموقف المتناقض من النظام السوري تمّ ترفيع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى مستوى المرجعية الوطنية الجامعة، بحيث باتت النظرة الى المستقلين الشيعة محددة بأفق لا يغضب بري. ويوم استعمل بري حنكة المحامي في وضع أصول التشاور الذي دعا إليه متجاوزاً أصول الحوار الوطني حيث الإجماع المقرر، جرت مناقشته على مستوى جدول الأعمال وليس على مستوى الأصول الشكلية التي هي مدخل الى الأساس، وكان سبب ذلك أن قوى 14 آذار لا تريد إحراج بري مع شريكه الشيعي وبالتالي إخراجه.

"حب من طرف واحد"

حصل كل ذلك، فيما كان واضحاً من الأساس أن لا "حزب الله" ولا "حركة أمل" تتعاطيان مع قوى 14 آذار بالمثل. كانت شاشتا "المنار" و"أن.بي.أن" فضّاحتين. لم تبق دمية درزية وسنية ومسيحية إلا وتربعت على هذين المنبرين. لم يعتب عليهما أي خبر مفبرك يضر بالمحكمة الدولية أو بالتحقيق الدولي أو بموقع قيادات 14 آذار. لم يتشرف أي حدث يبيّن هذا التزوير بأن أخذ حيّزاً من الاهتمام.

وكانت الطامة الكبرى خلال حرب تموز، حيث بدا واضحاً أن اللغة الهادئة التي توسلها "حزب الله" تجاه الداخل، شابها عيبان جوهريان، العيب الأول تمثل في تحريض طائفي "مبتسم" للأمين العام لـ"حزب الله"السيد حسن نصرالله، أما العيب الثاني فكان إعطاء مساحات غير مبررة ـ بالقياس الموضوعي ـ للفريق السوري. السيد نصرالله تقصد تعداد المناطق التي لم يستهدفها العدوان الإسرائيلي بالتدمير تاركاً لمن يستمع اليه مقارنة ذلك مع المناطق التي كان يستهدفها العدوان. أما "الفريق السوري" فتولى مهمة بث الروايات عن "خيانة" الأكثرية.

وعندما انتهت الحرب، أسقط "حزب الله"القناع عن وجهه. تجاهل القوى الحقيقية التي سهرت على راحة من تسبّب بنزوحهم من منازلهم واكتفى بشكر العماد عون مكثراً من حلاوة اللسان في شكر النظام السوري. فبرك شائعات وبثها بين سكان الضاحية الجنوبية ومفادها أن أطرافاً لبنانيين هم من اشتروا الصواريخ للعدو الإسرائيلي من أجل تدمير منازلهم. استفاد من تقيّد الحكومة ببعض "الروتين القانوني" لاستكمال خطة إعمار ما تمّ تدميره، بسبب استدعائه للعدو الى الداخل، وراح يبث روايات مزوّرة عن إرادة حكومية بإبقاء الجنوب مهدماً، عقاباً لمؤيدي "المقاومة". حصل ذلك فيما كان يحضر نفسه لانقضاضة تخوينية غير مسبوقة في تاريخ لبنان.

كانت دائماً ردود المعنيين بحملة التضليل المكثفة هادئة ولطيفة، لا بل إن اللوم كان ينصب على من يرفع سقفه في الواجهة، فيما تحكمت بشاشة "المستقبل" "عقدة الاعتدال" فكانت تجهد النفس لاستضافة الناطقين باسم "حزب الله" أو المقربين منه متجاوزة أن شاشة "المنار" تستحكم بها رغبة جامحة ليس باستبعاد كل من لا يردد "أمر اليوم" فحسب، بل بتشويه كل ما ينطق به المختلفون عنهم أيضاً. إنه الحب من طرف واحد.

أخطاء 14 آذار

الرغبة في التواصل، دفعت قوى 14 آذار الى ارتكاب أخطاء كثيرة ولعل أبرزها هو في الامتناع عن سرد وقائع تفضح دور "حزب الله" في استدعاء تدمير البلاد، حجراً وبشراً واقتصاداً. من ينادي بحاجته الى لقمة عيش في ساحة رياض الصلح، يثير السخرية، حتى لو كانت له أفواه كثيرة، فهو يظن أن أصحاب العقول يمكن أن يصدقوا أن تعافي الاقتصاد الوطني يكون بكلمة ينطق بها رئيس الحكومة، على قاعدة الكلمة التي تستدعيه الى الشارع. ثمة تجاوز للمعقول في صرخات مدّعي الجوع. هم ينصبون عليهم قائداً جرّ عليهم وعلى بلادهم حرباً إسرائيلية تدميرية وحرم اقتصادهم من "تقليعة" وجودية كان سيوفرها الصيف الآمن والمزدهر، وأفقد وطنهم ثقة المستثمرين الذين يوفرون فرص العمل، ونقل الاهتمام من استكمال مشروع الإعمار المنتج للوظائف الى مستوى الاهتمام بإعادة بناء ما كان قد سبق إعماره. وها هم يتجمعون ويصرخون "جائعين" طالبين من "باريس­3" أن تخرج من رئاسة الحكومة.

حرب الإلغاء وتحضير عدّتها

بعد ساعات قليلة على عملية "الوعد الصادق" بدأت "حرب الإلغاء". كان استدعاء العدو يهدف الى محاربة الشقيق. لم تكن قيادة "حزب الله" تفكر لوهلة أن الحرب الإسرائيلية ستدوم 34 يوماً. وضعت في حسابها أن المسألة أيام وتنقضي، مما يمكنها من الالتفاف فوراً على الشأن الداخلي مستقوية بوجود أسيرين إسرائيليين بين يديها، آخذة على قوى الأكثرية انزعاجها من "هذا العمل السيادي". ليس في ذلك أي تحليل. مراجعة المؤتمر الصحافي للسيد نصرالله بعد العملية يبين هذه الحقيقة. هو قال إن اللبنانيين بحاجة الى من يهتم بوضعهم المعيشي ولذلك فهو سوف يقف الى جانبهم في مطلبهم المحق القاضي برفع الحد الأدنى للأجور. نطق بذلك من أجل افتعال أزمة سيادية ومطلبية مع الحكومة التي يكرهها النظام السوري. كان يستعجل الحرب الأهلية. طالت الحرب. تغيّرت الأسباب، لكن السيناريو بقي ثابتاً.

الخطة البديلة

ليس صحيحاً أن زمن تعداد أسباب هذا التأزم الشيعي قد طوته التطورات، لأن ما حصل في الشارع وما سوف يحصل يستدعي "كلمة سواء" ووضع استراتيجية التصلب، فتجاوز الأمور بالتي هي أحسن كما استراتيجية اللين لم تنفعا مطلقاً، لذلك لا بد من الانتقال الى الخطة البديلة.

والخطة البديلة قوامها الآتي:

1 ـ وجوب التحالف المتين مع القوى الشيعية المستقلة عن "حركة امل" و"حزب الله" مع اعتماد خطاب شيعي واضح وصريح وشفاف ومؤثر بأصحاب العقول، وفق الطريقة التي جرى التعامل بها مع حالة العماد ميشال عون وبيّنت نجاعتها.

2 ـ وجوب الرد التفصيلي على كل الوقائع المزوّرة التي توسلها "حزب الله" في تحضير "حرب الإلغاء".

3 ـ وجوب الإصرار على سلّة الحل المتكامل، مهما كانت التضحيات لأنه بقدر ما يجب الاهتمام بعواطف "ربع لبنان" يجب التوقف عند عقل ثلاثة أرباع لبنان الذي يعرف أن قرشاً واحداً لن يعطى لـ"دولة حزب الله"، وأن الدولة المدنية الجامعة ستكون في طور الانتهاء، وأن الكبت الذي سينتقل من الربع الى الآخرين سوف ينتج حالات انقلابية مستمرة، فلكل يومه.

4 ـ الانطلاق في وضع عريضة نيابية تهدف الى إحالة الرئيس أميل لحود على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. عريضة تتضمن كل تجاوزاته الدستورية وكل خياناته الوطنية، أقلّه منذ التمديد حتى اليوم، بحيث تحال بالغالبية المطلقة من عدد النواب على لجنة تحقيق برلمانية تخضعه للمساءلة. أغلبية الثلثين قد تقف عائقاً دون إحالته على المحاكمة لاحقاً، ولكن نتاج التحقيق كافٍ بتخليد موثق لفضيحته المتمادية.

5 ـ إعادة التفكير في الطريقة الواجب اتباعها في التعاطي مع الرئيس بري، لأن من أتت به الأكثرية الى منصبه يستحيل ان يبقى "السيد المهاب" فيما يعمل على الانقلاب على من أعطوه شرعية المنصب.

6 ـ التعامل السليم مع مسألة سلاح "حزب الله". هذا السلاح لم تعد له وظيفة ايجابية منذ التحرير في العام 2000. آخر مبتكرات هذا السلاح كان تدمير لبنان في تموز 2006. وبعدما حصل، أمس أصبح هذا السلاح في يد مجموعة انقلابية. الجيش لا يحق له تسيير تظاهرات. "حزب الله" طالما أن سمة الشرعية ملقاة على سلاحه هو جيش بكل ما للكلمة من معنى. نزوله الى الشارع لإسقاط الحكومة يوازي الانقلاب العسكري. إنها حالة بن لادنية، أي الامساك بالسلطة ومن ثم العودة إلى "قتال اليهود".

7 ـ وجوب بدء التفكير بالانتخابات النيابية المقبلة، وشرطها الاستجابة لمطالب المستقلين الشيعة في الجنوب والبقاع أي توفير شروط متوازنة، بحيث لا يعيش من يفكر بالتصويت لهم عقدة الخوف من سلاح له تأثيره.

بالنتيجة، لا بد من توجيه شكر كبير الى "محاصري" السرايا الكبيرة، لأن هؤلاء من حيث لم يدروا حرروا المسيحيين من أسر وهم قوة العماد عون وحرروا اللبنانيين من أسر المحرمات التي كانت تحوط بـ"حزب الله" وحرروا السياسيين من أسر "المرجعية" التي كادت تنسيهم أن الرئيس بري ليس سوى رئيس "حركة أمل" الذي استشهد الرئيس رفيق الحريري غاضباً منه

 

العاهلان السعودي والاردني ومبارك وزيباري وموسى وسولانا أكدوا دعمهم لرئيس الحكومة

قباني يزور السنيورة ويؤم المصلين في السرايا: إسقاط الحكومة في الشارع سابقة خطرة وعلى المعارضة التعقل

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - في خطوة لافتة، زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني أمس رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في السرايا الحكومية، وأمّ المصلين في صلاة الجمعة في القاعة الكبرى، في حضور السنيورة والوزراء: حسن السبع، احمد فتفت، محمد الصفدي وخالد قباني والأمين العام للقمة الروحية الإسلامية محمد السماك ونجل المفتي قباني الشيخ راغب قباني ونادر الحريري، إلى عدد من الشخصيات السياسية وموظفي رئاسة الحكومة وضباط سرية حرس رئاسة الحكومة وعناصرها.

وألقى خطبة الجمعة عميد كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى الشيخ أنس طبارة بعنوان "الصبر"، فأكد "ضرورة ان يصبر المؤمن لان الله مع الصابرين".

وأشار إلى ان "الحركة الاقتصادية والمعيشية في البلاد معطلة ونحن نتلهى في ما يتولى ومن يأخذ هذا او ذاك وكأن البلاد نهب لمن يريد نهبها"، مشددا على ان "النصر مع الصبر وان الفرج لا بد آت بعد الشدة".

بعد الصلاة، عقد الرئيس السنيورة اجتماعا مع المفتي قباني حضره الوزراء: السبع، فتفت، الصفدي، قباني، السماك، الشيخ طبارة والشيخ راغب قباني.

وقال قباني بعد الاجتماع: "بكلمة موجزة نحن نريد ان نؤكد ثقتنا الكاملة ودعمنا الكامل لدولة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وحكومته التي اكتسبت ثقة الشعب اللبناني الممثلة بالمجلس النيابي الكريم الذي منح هذه الحكومة ثقته الكاملة. ونريد ان نقول للجميع أيضا ان ممارسة العمل السياسي الديموقراطي الحر تكون من خلال المؤسسات الدستورية وعبر المجلس النيابي ومجلس الوزراء، هكذا تسلك كل الدول الديموقراطية الحرة، وليس في الشارع، لا يجوز إطلاقا ان نعرض لبنان وأمنه وسلامه واستقراره للضياع. الشعب اللبناني بتنوعه لا يمكن ان يرضى ان تحل الفوضى غدا في شارعه، ينزل هؤلاء ثم ينزل أولئك في المقابل. ان التعبير عن الرأي مكفول بحكم الدستور ولكن محاولة إسقاط الحكومة في الشارع هي دعوة الى الإفساد بين الناس ونحن لا نرضى بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب. ليكن معلوما اننا مع حرية الرأي السياسي وحرية الرأي الاجتماعي وحرية العمل بكل وجه من الوجوه، ولكن في إطار من الأمن والاستقرار ومن خلال المؤسسات الدستورية، لا يجوز ان نعرض لبنان للخطر".

أضاف: "لقد كان هذا نداء غبطة البطريرك الماروني، وهذا هو نداؤنا اليوم أيضا ونداء جميع القيادات الروحية. فلنحفظ لبنان ولنحافظ على شعبه وعلى لقمة عيشه وعلى اقتصاده وأمنه وسلامته واستقراره. ان الخوف بدأ يدب في صفوف اللبنانيين، ونحن نطلب من المعارضة ان تتعقل وان تلجأ إلى المؤسسات الدستورية وان تقلع عن استخدام الشارع من اجل إسقاط الحكومة".

واكد "ان لبنان يعيش مرحلة أخطار كبيرة بسبب الأوضاع في المنطقة العربية، وأوضاع المنطقة العربية تنعكس على الأوضاع في لبنان. ونحن اليوم لا نريد ان نضيف الى هذه المصائب مصيبة أخرى فيكون لبنان سببا لانعكاسات سلبية أخرى على المنطقة العربية بكاملها، ينبغي على رجال المعارضة الحكماء ان يتعقلوا وان يدركوا هذا الأمر. لا يجوز إطلاقا في لبنان ان نعمل على إسقاط الحكومة في الشارع والا غدا سيكون هناك تصرف مقابل، وكل حكومة اذا لم يرض بها احد سيعمل على إسقاطها في الشارع، هذه سابقة خطيرة في تاريخ لبنان. الدعوة الى إسقاط الحكومة في الشارع سابقة خطيرة لان كل مجموعة من المجموعات والتيارات السياسية يمكن ان تتضامن وتسقط أي حكومة في المستقبل في الشارع. يجب ان يقلع الحكماء عن هذا الأسلوب في العمل السياسي في لبنان وان نلجأ الى مؤسساتنا الدستورية، حفظ الله لبنان ووقاه من الشتات".

بيدرسون

وبعد الظهر، استقبل الرئيس السنيورة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون، وجرى عرض لآخر المستجدات والتطورات.

اتصالات

وأجرى الرئيس السنيورة اتصالات هاتفية بكل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، وكان بحث في الأوضاع الراهنة المحيطة بلبنان والمنطقة.

وقد أبلغ المسؤولون الرئيس السنيورة دعمهم الكامل لحكومته والمواقف التي اتخذها.

 

خادم الحرمين يبلغ السنيورة والوزراء دعمه الكامل ومعارضته الإخلال بالأمن

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - تلقى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة مساء أمس اتصالا هاتفيا من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ابلغه فيه دعمه الكامل لمواقفه السياسية، كما ابلغه معارضة المملكة العربية السعودية لاي عمليات للاخلال بالامن.

ثم تحدث الملك عبد الله الى الوزراء الموجودين مع الرئيس السنيورة في السرايا فردا فردا وابلغهم دعمه ومؤازرته الكاملة.

 

محفوض وآغا: عون مشارك بتحضير فتنة مذهبية

صفير يتخوف من التصادم في الشارع

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - بكركي ـ "المستقبل"

استقبل البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في بكركي أمس الوزير السابق وديع الخازن الذي نقل عنه تخوفه "من الشارع وما يمكن أن يحمله هذا الشارع من احتكاكات وتصادم".

ولفت الخازن الى أن "الدستور يسمح بالنزول الى الشارع سلمياً"، داعياً المعنيين والمسؤولين الى "تدارك الأمور والارتقاء الى مستوى المسؤوليات الوطنية والتفاهم في ما بينهم بطرق حضارية سلمية".

وتمنى لو أن "المسؤولين عما يجري أفسحوا للناس المجال لتأمين أرزاقهم والاهتمام بأعمالهم خصوصاً أنهم في شهر عيد الميلاد، وأفسحوا لهم أن يعيدوا هذا العيد بسلام كما جرى في شهر رمضان".

ورأى انه "كان ينبغي على الداعين الى هذه التحركات ان يعوا حاجة الناس في العيش بسلام"، متمنياً على "جميع الفرقاء ان يتوصلوا الى حلول مشتركة تفيد الجميع وتنقذ البلد من التعثر".

بعدها، التقى صفير النائب السابق الياس الخازن الذي قال بعد اللقاء: "انطلاقاً من هذا الواقع وكوني من جماعة الذين يساوون "فرنكين"، فأنا عندما آتي لا أدلي بأي تصريح من هذا المنبر. ولكن اليوم أرى أن أقول، إن تاريخ "الفرنكيين" مع البطريركية معروف وتاريخ غيرنا الحديث معروف. وهذا ما يعرفه جميع الناس".

ولفت الى انه "سمع اليوم (أمس) كلاماً من أحد أحفاد البيوت السياسية المارونية الكبيرة، الذي يرفع الرأس بها، ونكن لها كل الاحترام والتقدير، سمعنا كلاماً لا يليق به. والمستغرب أن يصدر هذا الكلام عنه، مع العلم أنه موجود بين جماعة يتكلمون بهذا الأسلوب، ويجب ألا يتعلم منهم هذه اللغة. ولذلك نتمنى عليه أن يعي الأمور والعودة الى أصالته وتاريخ بيته".

ودعا أبناء كسروان الى "المحافظة على كرامتهم والبقاء في منازلهم وعدم النزول الى الشارع، لأن الشارع ليس لهم ولن يستفيدوا منه بشيء، والذي يدعوهم الى النزول الى الشارع يعرفونه منذ سنة ونصف السنة وماذا فعل لهم؟".

ومن زوار بكركي: رئيس المجلس العالمي لنزع الألغام بشارة سماحة، الشيخ ميشال الخوري، ميلاد جبرايل، رئيس بلدية مزيارة جوزف شدياق.

محفوض وآغا

كما زار بكركي رئيس حركة "التغيير" ايلي محفوض ورئيس "الحركة اللبنانية الحرة" بسام خضر آغا، اللذان أصدر بياناً مشتركاً على اثر اجتماعهما بالبطريرك احتراماً لمقام بكركي وبغية عدم استغلال الصرح، جاء فيه: "سبق لنا واعلنا مراراً وتكراراً أن النائب (ميشال) عون خرج عن مبادئ القضية اللبنانية وأسسها، وهو بمواقفه الأخيرة وخصوصاً منها المتعلقة باندماجه الكلي في مشروع حزب الله، وهو أقل ما يقال فيه إنه مشروع غير لبناني على الإطلاق. فمن يعمل على تقويض الشرعية اللبنانية المتمثلة بالحكومة وضربها إنما يعمل على تأسيس لدويلة وليس دولة. إن النائب عون مشارك بتحضير فتنة مذهبية لا يعلم إلا الله اين تصل لذلك نحذره ونحمله مسؤولية كل نقطة دم تسقط". ويعقد محفوض وآغا بمشاركة قياديين عونيين سابقين مؤتمراً صحافياً خلال اليومين المقبلين يتم فيه إعلان مواقف لكشف المزيد من الفضائح المتعلقة بسلوكية عون الجديدة".

 

حزب الله" أثبت جدارته عسكرياً ويؤكد يومياً عجزه سياسياً ولذلك يزداد مأزقه حدّة

"حرب عض الأصابع" لا تنتج حلاً

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - أسعد حيدر

لم يشكك أحد يوماً بقدرة "حزب الله" على تجييش جماهيره وتسييرها الى الساحة التي يريد، من ساحة رياض الصلح الى "ساحة" الجنوب. كذلك لم يشكك أحد يوماً أن حلفاءه ليس لديهم ما يملكونه سوى السير تحت عباءته معتبرين أنفسهم رقماً، وهم الى جانبه مجرّد تلاوين ضرورية للصورة. هذه القدرة ربما تكون تاريخية في لبنان، الى درجة أنها قد لا تتكرر، خصوصاً أن زمن الأحزاب الشمولية الى زوال مهما طالت هذه الفترة الانتقالية في مسار التحول من عصر الآحادية الى زمن التعددية. وكان يمكن لهذه القوة الشعبية الاستثنائية من حيث تشكلها، ظروفاً ومناخاً وحضوراً واندفاعاً، أن تكون قوة دفع لبناء لبنان سيّد حرّ ومستقل بعيد عن كل الوصايات والمداخلات والتدخلات. لكن "حزب الله" وبسبب تكوينه وتركيبته الفكرية والتزامه الديني والفكري بالولاية المطلقة، نجح في مكان وفشل في مكان آخر. فالحزب عندما تعامل كمقاومة حقّق نصراً مهماً ضد العدو الاسرائيلي في الجنوب، دفع بالأزهريين الى رفع صور السيّد حسن نصرالله لابساً العمامة السوداء بكل معانيها ورمزيتها الشيعية.

الشعارات والمأزق

لكن "حزب الله" نفسه لم يستطع أن يحقق النجاح ذاته في البقاع، وخصوصاً في بعلبك ـ الهرمل، رغم ان هذه المنطقة كانت وما زالت تشكل الخزان الاحتياطي الذي يمدّه بالمقاتلين والشهداء. وهذا الفشل يعود الى تعامله مع منطقة بعلبك ـ الهرمل بمنطق انقلابي. فهو سعى وعمل خارج التركيبة الاجتماعية العشائرية ـ القبلية إما نتيجة لإرادة انقلابية أو لغياب استيعاب عميق لمدى امتداد جذور هذه الشجرة العشائرية ـ العائلية في أرض البقاع. وقد أنتج ذلك مزيداً من التخلّف الاقتصادي والتنموي يكفي اختصاره بأن الطريق الذي يصل المنطقة ببيروت وحمص اسمها "طريق الموت".

الآن وبعد هذه التظاهرة الشعبية، وبعيداً عن خطط "حزب الله" والقوى والأحزاب التي تسمع وتنفذ ارادته مهما كانت ايحاءات الاستقلالية التي يبديها العماد ميشال عون رغم أنه كان وما زال أسير حلمه بالعودة مظفراً الى بعبدا، فالسؤال الكبير أمام الحزب هو ماذا بعد؟.

من الواضح أن الحزب يزداد يوماً بعد يوم تمسكاً بالشعارات والمطالب التي رفعها، وتماثله قوى 14 آذار في هذا التمسك بشعاراتها، حتى أصبح لدى الطرفين استراتيجية جامدة، وليس كما هو مفترض تكتيك مفتوح لمواجهة المتغيرات الميدانية.

وهذا "الأسر" هو الذي يضع الطرفين أمام الخيارات المستحيلة. فالحزب يريد اسقاط حكومة الرئيس فواد السنيورة وكأن ذلك سيحلّ كل مشاكله، وينتزعه من تعقيدات موافقته السابقة على القرار 1701 وسيتيح القدرة على ابعاد المحاسبة عن نظام دمشق شريكه والممسك "بوريد" تسليحه عبر الممرات الجبلية من الشمال الى حاصبيا.

بدورها فإن قوى 14 آذار ليس أمامها من حل سوى الوصول الى إقرار للمحكمة الدولية ليس فقط للمحاسبة بعد كشف الحقيقة، ولكن لأن هذه المحكمة هي لردع النظام السوري عن التدخل وحماية للديموقراطية. فهذه القوى تستذكر بأن "الردع السوري" لم يبدأ في عهد الوصاية وإنما قبله عندما تمّ خطف الأستاذ الراحل ميشال أبو جودة.

ما يجري الآن، يؤكد مرة أخرى أن "حزب الله" الذي تفوّق كمقاومة في الميدان العسكري، يتراجع يوماً بعد يوم في الميدان السياسي. فإذا كانت تضحيات المقاتلين ودماء الشهداء تحمي الحزب وتحصنه، فإن "زواريب" السياسة اللبنانية تربك وتحرف كل المسارات وتلغي كل القدسيات.

والمشكلة الكبرى التي يواجهها الحزب، وهو عليم بها، أنه لا يكفي تحركه الشعبي ولا دعم دمشق وحتى طهران له لاسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. فهذه الحكومة تتمتع حكماً بدعم نصف اللبنانيين حتى ولو جرى الأخذ بحسابات التظاهرات وتحريك الشوارع، والأخطر من ذلك أنه متى تحركت الشوارع في ظل الاحتقان المذهبي، يخرج "حزب الله" من "قدسية" المقاومة التي دفعت الأزهريين الى حمل صور السيد حسن نصرالله، ويدخله في مستنقع الفرز المذهبي الأسود والدموي.

كما أن هذه الحكومة تتمتع اليوم أكثر من الماضي بدعم عربي رسمي، تأكدت حيثياته بتحولات في المواقف عالية الصوت.

"باريس ­3" الضحية

كل ما يجري الآن هو "معركة عض أصابع". قوة الرئيس السنيورة وحكومته وقوى 14 آذار، أن ليس لديهم الكثير ليخسروه أكثر ما خسر لبنان حتى الآن. والوقائع والأرقام تؤكد ذلك وهي في مواجهة حزب الله مثله في ذلك مثل 14 آذار اذا كان حبّه للبنان يعادل شعاراته الجديدة حول "عروبة بيروت". والأخطار هي:

* أن الانضباط العالي لـ"أمن الحزب" الذاتي واضح الكفاءة. ولكن ماذا اذا طال زمن التظاهرات والاعتصامات بكل ما سيغلي فيها على نار التحولات والارادات الخارجية، سواء القادمة من دمشق أو الناتجة عن الارتفاع المطرد في درجة حرارة الاشتباك الايراني ـ الأميركي. ولا شك، وحزب الله يعرف أكثر من غيره، ان "الشارع" ليس قنبلة صوتية اذا ما انفجر بل هو فعلاً سلاح دمار شامل خاصة بوجود الاحتقان المذهبي والطائفي وإمكانية وقوف شوارع ضد الشوارع.

* أن مؤتمر باريس ـ 3، قد أصبح فعل ماضٍ مع نهاية العام 2006. ولذلك يجب انتظار العام 2007 لتحريك انعقاد المؤتمر علماً أن المحرك الأول للمؤتمر دولياً هو الرئيس جاك شيراك. والسؤال هل ستكون قوة الدفع في العام 2007 كافية لانعقاد المؤتمر، سواء لأن مشاغل شيراك ستكون مختلفة مع نهاية عهده وربما مع امكانية غرقه في حملة رئاسية جديدة؟ وكيف سيواجه حزب الله اللبنانيين أمام هذه الخسارة، خصوصاً أنه المسؤول الكبير عن خسارة الصيف الواعد، والآن فترة نهاية العام وأعيادها الثنائية (كان ايقاف التظاهرات قبل أيام من فترة الأعياد كافياً للفرح وحجز السياح، وأخيراً ليس آخراً فإن كل يوم اقفال على غرار أمس يعني خسارة الاقتصاد اللبناني أكثر من سبعين مليون دولار، بكل ما يعني ذلك من انعكاسات على سوق التعامل بالليرة اللبنانية والدولار والذي من نتائجه أن البنك المركزي اضطر للتدخل في شهر كانون الأول بأكثر من 430 مليون دولار.

* ان الجيش اللبناني اضطر لسحب نصف اللواء المدرع الى بيروت للمساهمة في اقرار الأمن، فماذا لو طال أمد التظاهرات، أو حصلت احتكاكات، فماذا سيفعل الجيش اللبناني؟، وهل ذلك يفيد "حزب الله" في الجنوب بوقوفه "عارياً" أمام قوة "اليونفيل"؟.

أمام طريق مسدود مثل الذي يقف لبنان أمامه لا يمكن التوصل الى حل ينقذ اللبنانيين إلا عبر تقديم التنازلات المتبادلة مع الحفاظ على الأساسيات، خصوصاً أن أي حل على هذا الأساس يعني للجميع مزيداً من الاستقلالية والسيادة والحرية.

 

دعا الى التحلي بالهدوء ورفع الاعلام اللبنانية وشارة 14 آذار.. والانتظار

جنبلاط: قرروا تعطيل الحياة العامة ونحن قررنا أن نستمع ونتفرج عليهم

واذا أرادوا الحوار مجدداً فأهلاً وسهلاً لأنه وحده السبيل للخروج من الأزمة

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - أعلن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ان قوى الرابع عشر من آذار والرئيس فؤاد السنيورة والحكومة والبطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير "سيواجهون الوضع بكل هدوء". وقال: "سنلتزم منازلنا، نرفع الاعلام اللبنانية وشارة 14 اذار، وننتظر شهراً وشهرين كما يريدون، فالوقت ضاغط على الجميع، لكن هم قرروا تعطيل الحياة العامة، ونحن قررنا ان نستمع اليهم، ان نراهم، ونتفرج عليهم، واذا ارادوا الحوار مجدداً فأهلاً وسهلاً، لأن الحوار وحده هو السبيل للخروج من هذه الازمة".

وأشار إلى "اننا نشهد مشهداً غريباً، فهناك دولة شرعية، تشارك فيها دولة غير شرعية، وتريد هذه الدولة غير الشرعية الانقضاض على الدولة الشرعية، فهذا ما نسميه محاولة انقلاب، لكننا سنصبر، وادعو مجددا جميع المناصرين والمحازبين واهل الجبل والاقليم وكل اللبنانيين بالتمتع بالهدوء والصبر".

وقال: "عدلوا ما استطاعوا ان يعدلوا في مسودة المحكمة من خلال دولة روسيا، واسقطوا البند الثالث، حيث ان جريمة الرئيس الحريري لم تعد جريمة موجهة ضد الانسانية، بمعنى اخر حافظوا على حصانة بشار الاسد وأميل لحود ويبدو اليوم برفضهم حتى مبدأ المحكمة يريدون فقط الحفاظ على سلامة رستم غزالي".

وإذ أكد ان "قرار الحرب والسلم يجب ان يكون محصورا في الدولة"، أشار إلى ان "الحدود بين لبنان وسوريا شبه مفتوحة الصواريخ تأتي من خلالها"، لافتا الى "وجود شاحنات مليئة بالسلاح تجوب البلاد شمالا وجنوبا ولا نعترض".

واشار الى "ما كان قاله مرشد الثورة الاسلامية في ايران علي خامنئي عن اسقاط المشروع الاميركي في لبنان وقال ان هذا "يعني اسقاط المحكمة الدولية وربما جر البلاد الى الفوضى". وسأل: "لماذا يريد خامنئي الدفاع عن النظام السوري نظام الاستبداد ولماذا يريدون باي ثمن حماية القتلة الذين يجولون في لبنان؟".

وتساءل: "ما معنى خروج وزراء حركة "امل" و"حزب الله" من الحكومة عند بحث قضية المحكمة الدولية، ولماذا الاصرار على الدفاع عن القتلة وتعطيل المحكمة وحماية رستم غزالي؟"كما سأل عما إذا كان "النزول الى الشارع من اجل تفريغ الجنوب من الجيش؟". وقال ان معلوماته تشير الى "سحب جزء من قوة الجيش الذي كان ارسل الى الجنوب للمساهمة في ضبط الامن في بيروت و"ربما لا يريدون اتفاق الهدنة، يريدون ان يبقى الجنوب ساحة حرب الى ابد الآبدين ليكون ابن الجنوب سلعة تفاوض للنظام السوري ـ الايراني".

وقال في مؤتمر صحافي عقده في منزله في كليمنصو أمس، استهله بتوجيه كلمة الى "المناصرين والمحازبين وجميع اللبنانيين طالبهم فيها بالتحلي بأعلى درجات الهدوء وعدم الانفعال لاي ظاهرة من الظواهر، خصوصا وانني سمعت انه في مناسبة تشييع الشيخ بيار الجميل، صدرت هتافات معادية وهتافات مذهبية كانت سيئة جدا، لكن القضية ليست قضية مذهبية ولا قضية طائفية، بل القضية سياسية، فنحن تيار لبناني، وحركة استقلالية سيادية في مواجهة تيار يريد عودة نظام الوصاية وربط لبنان بالحلف السوري ـ الايراني".

وقال: "انطلقنا نحن في تلك التظاهرة السلمية الديموقراطية، وانطلق اللبنانيون في أوج نظام الوصاية في 14 اذار، انطلقوا سلميا، وقالوا لا لنظام الوصاية بهدوء، واخرجوا نظام الوصاية بكل هدوء، ولم نلجأ الى التخوين ولا غير التخوين، بل لجأنا فقط الى الهدوء والصمت ورباطة الجأش، فكما تمتعنا برباطة الجأش آنذاك في هذا اليوم الكبير، لا بد اليوم من رباطة جأش في مواجهة الاحداث الحالية. فلينزلوا الى الشارع، وسنعلق جميعا أعلام "14 اذار"، الاشارة الحمراء والبيضاء، في كل منازلنا الى جانب العلم اللبناني، لنميز انفسنا لانهم هم ايضا يحملون الاعلام اللبنانية ، ولكن اشارة "14 اذار" تميزنا".

الدفاع عن القتلة

أضاف: "منذ البدء ومنذ تشكيل الحكومة، اتخذت كل قراراتها بالاجماع، باستثناء قرار تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في ذلك اليوم الاسود، 12/12/2005 عندما اغتيل جبران تويني، ففي هذا النهار خرج البعض منهم وجر البعض الاخر، واعتكفوا سبعة اسابيع، ثم عادوا، وبعدها اخذت المحكمة ابعادها قضائيا وقانونيا واجرائيا، وعادت مسودة المحكمة مقرة من الامم المتحدة، اي مجلس الامن، عادت الى لبنان، وفي هذا النهار ايضا، ويا لها من صدفة، في 11/11/2006 خرجوا وفي ذلك النهار كان اغتيال الشيخ بيار الجميل".

وتابع: "دائما الدم الغالي يجبرهم على الخروج، لكن آنذاك، فالدم الغالي للشيخ بيار الجميل لطف وازال تحفظات دول كبرى كانت تريد تأخير عودة المسودة الى لبنان. لكن الموضوع الاساس، لماذا يريدون بأي ثمن الدفاع عن القتلة الذين يجولون في لبنان والذين وصلوا في رقم محاولات الاغتيال الى الرقم 19، ولم ينته المسلسل بعد؟. فلماذا هذا الاصرار، هل هم في مكان ما مذنبون؟ نقول لا ونستند في ذلك الى تقرير ميليس الاول والثاني، عندما قال ان سيارة الميتسوبيشي التي فجرت موكب الرئيس الحريري لم تخرج من الضاحية. فلماذا هذا الاصرار على الدفاع عن القتلة، فقد يكون قتلة رفيق الحريري وكما قال سعد الحريري اسرائيل؟، ولكن السؤال الذي يطرح لماذا تعطيل المحكمة ذات الطابع الدولي؟".

وذكر بأن كل القرارات التي اتخذتها الحكومة "قد اتخذت بالاجماع، وشاركوا فيها"، مشيرا إلى أن "القرار الاساسي الذي لم تشارك فيه حكومة الرئيس السنيورة هو قرار الحرب"، وقال: "كنا توصلنا في الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري الى نقاط اجماع هي: المحكمة، والعلاقات الديبلوماسية مع سوريا والتحديد ثم ترسيم الحدود، وقضية السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، لكننا اختلفنا على موضوع السلاح، وبكل هدوء كنا نفتش عن صيغ مرنة من اجل كيفية استيعاب سلاح المقاومة ضمن الدولة اللبنانية وتحت أمرة الجيش اللبناني آخذين في الاعتبار ان هذا السلاح له خصوصية معينة لاهل الجنوب. كما اتفقنا على ان هناك ازمة حكم، اي ازمة رئاسة. وفجأة ذهب احدهم الى الحرب ولم يستشر احدا، وتحملت حكومة الرئيس السنيورة الحرب، كما تحملها كل الشعب اللبناني، وقام بواجباته السياسية والانسانية باحتضان 800 الف نازح من الجنوب".

أضاف: "لم انس كلمة السيد حسن نصر الله عندما قال الرئيس السنيورة ان الصيف المقبل واعد وان هناك اكثر من مليوني سائح سيأتون الى لبنان فنظر اليه نصر الله وقال: "اذاً سلاحي يا دولة الرئيس لا يعطل الاصطياف"، فذهب الى الحرب، وذهب الاصطياف ونمو ال 6% واصبحنا في عجز 5% ، اي ان ايرادات الدولة وصلت الى الصفر، ونحن على مشارف الاعياد اليوم، الفنادق فارغة، والهلع يتمكن من اللبنانيين، ويقف شباب لبنان بالمئات والالاف على ابواب السفارات يريدون الهجرة، والافق الاقتصادي والسياسي والانمائي مسدود".

تفريغ الجنوب من الجيش

وأردف: "نحن على مشارف باريس ـ3، قرروا النزول الى الشارع، فلينزلوا وليبقوا في الشارع حيثما شاؤوا، لكن نسأل ماذا يريدون؟ تعطيل الاقتصاد؟ تعطيل باريس ـ3؟ تعطيل المحكمة؟ تعطيل 1701؟. فهم الذين وافقوا، وكانوا في الحكومة، وبالاجماع على ارسال الجيش الى الجنوب، والرئيسين السنيورة وبري والنائب سعد الحريري، ولعبت شخصيا دورا في هذا الامر، وجميعا قلنا لا للفصل السابع، ولن نقبل بالفصل السابع، لانه قد يجر البلاد الى حرب اهلية، فألف مرة عدوان اسرائيلي ولا للفصل السابع، ونتحمل تبعات العدوان الاقتصادية والسياسية والبشرية، ولا للفصل السابع، ففي النهاية ان هناك اعدادا هائلة من الجيش اللبناني وقوى الامن للاحاطة بالتظاهرة، وحماية المؤسسات الرسمية، وهل هذا لتفريغ الجنوب من الجيش؟ فإذا كان هذا المطلوب اي تفريغ الجنوب من الجيش، ولاحقا ربما تعريض مهمة القوات الدولية التي هي في الجنوب لمؤازرة الجيش في بسط السيادة، ايضا هناك علامة استفهام اذا كانوا ربما لا يريدون القرار 1701، لأنه عندما نتحدث عن 1701 فإننا نعني تطبيق اتفاق الطائف، وذلك يعني تطبيق اتفاق الهدنة لعام 1949 بيننا وبين اسرائيل اي حالة حرب مجمدة. لكن يبدو انهم لا يريدون حتى هذا الاتفاق، بل يريدون ان يبقى الجنوب ساحة لحرب مفتوحة الى ابد الابدين كي يكون ابن الجنوب سلعة تفاوض للنظامين الايراني والسوري".

"المال النظيف"

وقال: "ماذا جرى اليوم في الجنوب؟ فغالبية الجنوب دمر، واتى ما يسمى بالمال النظيف، دمر الجنوب تحت شعار "لو كنت اعلم"، العدوان اسرائيلي طبعا، لكن "لو كنت اعلم" فتلك الخطيئة. خدّر الناس في الجنوب بالمال النظيف، واتت الدولة بمساعدة المملكة العربية السعودية والخليج ووضعت آلية اعمار للجنوب والضاحية والقرى المتضررة من بعلبك وغيرها وللبنى التحتية، لكن هذه الالية اخذت ابعادها، وبدأ الاعمار رويدا رويدا، لكن حتى موضوع الاعمار لا يعترفون به كما يبدو، اذ يقولون نحن فقط اتينا بالمال النظيف، اما الدولة فلا تقوم بشيء، وهذا غير صحيح، فماذا يريدون؟ الاستئثار بالسلطة؟ انهم يشاركون في كل القرارات، لكن نحن لم نشارك في قرار الحرب والسلم".

"القاعدة" اسم فاقع

وفي موضوع السلاح قال: "ليبقى السلاح، ومضحك هذا الاعلام حول الفريق المؤلف من تسعة اشخاص الذين قبض عليهم فجأة وهم يقومون بالتمارين، حراس بيار الضاهر، او حراس الـ "ال.بي.سي". غريب هذا الضجيج، في ما هم يمتلكون عشرات الصواريخ، هو نفسه (نصر الله) قال في خطاب النصر الالهي طبعا، بأنه كان يملك 12 الف صاروخ واصبح اليوم يملك 20 الف صاروخ، وبالتالي ما من احد يتحدث عن هذه الصواريخ، فلتبقَ هذه الصواريخ. يريد ان تبقى هذه الصواريخ، نحن نعلم ان الحدود بين لبنان وسوريا شبه مفتوحة، وتأتي الصواريخ والعناصر، وآخر ما اتانا هي "فتح الاسلام". صدر بيان رسمي لـ"القاعدة" في شمال لبنان، لكن يبدو ان اسم "القاعدة" اسم فاقع، فارسلوا "فتح الاسلام" وهي تحوي كل عناصر الشغب التي ارسلها ويرسلها النظام السوري حتى هذه اللحظة الى العراق لتفتيته وتشتيته، وارسل فريقا منهم الى لبنان وعلينا ان نكون حذرين جدا. وكما يقول المثل "خذ اسرارهم من صغارهم"، حيث قال احد الصغار انه اذا ما قامت الامم المتحدة بتطبيق المحكمة الدولية وفق الفصل السابع فستكون هناك عمليات انتحارية في لبنان، فهذا تهديد، اتانا من احدهم منذ يومين".

سنواجه بهدوء

ورأى "ان النظام السوري، وبعض حلفائه على الاقل، سيلجأون الى كل الوسائل من اجل منع المحكمة وربما تعطيل القرار 1701. اما الاقتصاد فهو معطل وسيزداد تعطيلا، والهجرة ستزداد، والمعامل والمصارف ستتوقف، وكذلك المدارس، وكأن هذا الامر لا يعنيهم. فهذه هي الحال التي وصلنا اليها، لكن سنواجه بهدوء، نحن وفريق 14 اذار، والرئيس السنيورة، والبطريرك صفير، وسنلتزم منازلنا، نرفع الاعلام اللبنانية وشارة 14 اذار، وننتظر شهرا وشهرين كما يريدون، فالوقت ضاغط على الجميع، لكن هم قرروا تعطيل الحياة العامة، ونحن قررنا ان نستمع اليهم، ان نراهم، ونتفرج عليهم، واذا ارادوا الحوار مجددا فأهلا وسهلا، لان الحوار وحده هو السبيل للخروج من هذه الازمة".

وقال: "يتحدثون عن حكومة تتكافل وتتضامن الخ وهذا كلامه بالامس، لا يريد حكومة وصاية، ونحن ايضا لا نريد حكومة وصاية سورية ـ ايرانية، فلبنان بقي تحت الوصاية السورية اكثر من 30 عاما، ولاول مرة في التاريخ يستطيع لبنان ان يتحرك عربيا ودوليا دون قرار عنجر، نعم استفدنا كثيرا من الدعم الخارجي والدولي ومن القرارات الدولية التي هي وحدها التي شكلت عنوان حصانة للبنان، وطبعا القرار الاهم هو 1701. اننا نشهد مشهدا غريبا، فهناك دولة شرعية، تشارك فيها دولة غير شرعية، وتريد هذه الدولة غير الشرعية الانقضاض على الدولة الشرعية، فهذا ما نسميه محاولة انقلاب، لكننا سنصبر، وادعو مجددا جميع المناصرين والمحازبين واهل الجبل والاقليم وكل اللبنانيين التمتع بالهدوء والصبر".

اضاف: "طبعا الجرح كبير، لأن الالم الاقتصادي سيزداد، والالم الاجتماعي سيزداد، ولان مصير الهيكلية الاقتصادية والهيكلية الثقافية للبلد في المحك، لكن ما عسانا ان نفعل سوى اللجوء الى الهدوء الحازم وان ننتظر، وعندما يقررون فتح الحوار فأهلا وسهلا".

وردا على سؤال عن خطة قوى 14 اذار لمواجهة المرحلة المقبلة، قال جنبلاط "لا يوجد مواجهة، نحن وضعنا خطة واضحة، القرار 1701 يعني بسط سيادة الدولة على الجنوب ولاحقا على كل لبنان، هل هذا مطلوب من قبلهم ام مرفوض؟ هذا سؤال. قرار الحرب والسلم عليه ان يكون محصورا بالدولة، هل هذا مقبول من قبلهم ام مرفوض؟. الخطة الاقتصادية، باريس 3، موجودة لدى الرئيس السنيورة والحكومة بكل تفاصيلها والمؤتمر يجب ان يعقد في 15 كانون الثاني، هل يريدون اقتصادا ام لا؟ الوصول بالبلاد الى تقويض الدعائم الاقتصادية وفرار النخب الاقتصادية والنخب الشابة وانهيار اقتصادي وانهيار مقومات الصمود الاستقلالي اللبناني ويعني افقار لبنان. يريدون ازدهار لبنان ام يريدون افقار لبنان؟ لانه من خلال الافقار إمساك الاحزاب الشمولية او الانظمة الديكتاتورية أسهل، في سوريا مثلا او في غير سوريا، هناك نظام شمولي قلة قليلة تتمتع بالمال وغالبية الشعب فقير، الفقير همه الاوحد البطاقة التموينية آخر الشهر، هل يريدون ان يصلوا بنا في لبنان الى بطاقة تموينية؟ اذا الغاء كل مظاهر الازدهار والتنوع اللبناني من اجل الامساك بلبنان هذا سؤال. هناك ال 1701 وهناك مقررات الحوار وهناك باريس ـ 3 يبدو انهم لا يريدون هذه العناوين الثلاثة".

سئل: التيار الوطني الحر وهو شريحة كبيرة من لبنان عانت من عهد الوصاية لسنوات فكيف تكون هي من يريد العودة الى الوصاية السورية؟ اجاب: "عانت من ماذا؟ عانت من الوصاية، اهلا وسهلا بالشراكة على الاسس التي تحدثنا عنها، ألم نعاني نحن من الوصاية ايضا! عندما تجرأنا في العام 2000، هذا العام الشهير، آنذاك مات حافظ الاسد وتحرر الجنوب وخرج البيان الشهير للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير والمطارنة الموارنة وطالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان خرجت بكلامي الوسطي باعادة التموضع آنذاك بدأت حفلة التخوين. عام 2001 عندما جاء البطريرك صفير الى الجبل وكانت المصالحة الكبرى، آنذاك عقدنا الصلح ثم رويدا رويدا عندما رفضنا الوصاية بعد ان أملاها بشار الاسد على رفيق الحريري في العام 2004 بدأ مسلسل الاجرام وبدأ مسلسل تعطيل السيادة والاستقلال وبدأ مسلسل رفض المحكمة الدولية. دفعنا دما كما الغير دفع دم آخر شهيد. وأتمنى ان يكون اخر شهيد. كل مرة نقول ان هذا آخر شهيد ولكن يكون ليس بآخر شهيد الشيخ بيار الجميل".

الدور الايراني

وردا على سؤال عن دور السفير الايراني في دمشق الذي يقال انه يدير الانقلاب في لبنان سياسيا ومعنويا وماديا، اجاب جنبلاط: "لا اريد ان ادخل في هذه التفاصيل. القضية ليست قضية سفير، اعتقد انه منذ شهر او اكثر المرشد الروحي والصوفي للدولة الايرانية تحدث والى جانبه كلاشينكوف في ايران قال انه يجب اسقاط الحكومة اللبنانية، وكما ذكر يجب اسقاط المشروع الاميركي في لبنان. يعني انه يريد اسقاط المحكمة الدولية ويريد ربما جر البلاد الى الفوضى وهو وريث الخميني. مبدئيا كما تعلمنا في التاريخ، هذه ثورة قامت ضد الفساد وضد الطغيان، لماذا هذه الثورة التي قامت ضد الشاه تريد ان تمنع الشعب اللبناني من العيش الكريم الحر والعدالة. هذا تناقض الا اذا كانت معلوماتي التاريخية خطأ والا اذا كان شاه ايران عادلا، ولكن علمونا وعلمتنا الاحداث او قيل لنا ان شاه ايران مستبد. لماذا الخامنئي يريد الدفاع عن النظام السوري، نظام الوصاية الذي استفحل في لبنان اجراما، لماذا يريد الدفاع عن نظام الاستبداد؟. عليك ان تعود الى الحادثة، عندما ظهر علينا الخامنئي والى جانبه بندقية، مرشد روحي وبندقية، أمران لا ينسجمان".

ضمان المحكمة نظري

سئل: ما هو تصوركم للحل من اجل الخروج من المأزق؟ اجاب: "نحن بهدوء سنصمد، ولكن اذا ارادوا الحوار على اسس المحكمة، والقرار 1701، وباريس 3 فأهلا وسهلا. ولكنهم يقولون: نضمن المحكمة، ولكن نظريا، وأعطونا الثلث المعطل او الضامن، ولكن ما من احد يضمن شيئا، فضمان المحكمة هو في عودتهم الى الحكومة، فلنعقد جلسة للمجلس النيابي، وليصوتوا معنا على المحكمة، وعندها نطمئن ويطمئن اللبنانيون الى ان العدالة الدولية أخذت مجراها، عندها نطمئن، اما مجرد الوعد بالعودة وبالضمانة، فليعذروني، ان التجربة المريرة علمتنا، فهم اتخذوا قرارات استفرادية، قرار الحرب والسلم، لا نطمئن ، يريدون اعطاءنا الثقة، فأهلا وسهلا بهم في موضوع المحكمة".

وأوضح ردا على سؤال الجيش اللبناني "اضطر إلى ان يسحب قسما من لواء من الجنوب كي يحافظ على المؤسسات الرسمية والامن، وهذا امر اطرحه في معرض التساؤل لانه اذا ما طالت الامور، فذلك قد يشكل خطرا على امن الجنوب لا اكثر ولا اقل، فالسؤال يجب ان يطرح على الذين يتظاهرون: يريدون امنا واستقرارا وجيشا وسلطة في الجنوب أم يريدون خرابا في الجنوب؟ فهذا سؤال اسمح لنفسي ان اسأله لانني سمعت ان قسما من لواء اعيد الى بيروت كي يحفظ امن بيروت".

لم اندم على انتخاب بري

سئل: هل تشعرون انكم اخطأتم في انتخاب نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي؟ اجاب: "ابدا، فعندما دعانا الرئيس بري للحوار ربما كان يعلم في مكان ما ماذا سيجري لاحقا فيما يتعلق بحرب تموز حين استفردوا بالقرار بها، وعندما دعانا الرئيس بري الى التشاور كان ربما يريد تفادي تأخير النزول الى الشارع من قبلهم، لكن لا احسده على موقعه وعندما انتخب الرئيس بري جرت مناقشة بيني والبعض من رفاقي وقلت هم اختاروا الرئيس بري، فهذا خيارهم الديموقراطي وعلينا ان نقبل بخيارهم الديموقراطي، وحتى هذه اللحظة لم اندم ابدا".

سئل: هل تضمنون ان يدعو الرئيس بري الى جلسة للتصويت على المحكمة الدولية لا سيما وانه كان في الحوار طرفا؟ اجاب: "هذا امر آخر، فعندما اتوا آنذاك بأمر عمليات والذي صدر اسبوعا بعد انتهاء الحرب عندما ظهر احدهم على شاشة الجزيرة وقال انه لا بد من حكومة اتحاد وطني، صدر عندها امر العمليات لانه كان يعلم ان المشاورات اللبنانية والدولية حول مسودة المحكمة تأخذ ابعادها، عدلوا ما استطاعوا ان يعدلوا من خلال دولة روسيا، ولست هنا في معرض انتقاد روسيا ولكنهم اسقطوا من نظام المحكمة البند الثالث، حيث ان جريمة الرئيس الحريري لم تعد جريمة موجهة ضد الانسانية، بمعنى اخر حافظوا على حصانة بشار الاسد ولحود ويبدو اليوم برفضهم حتى مبدأ المحكمة. مع الاسف، كيف ان بعض القادة الكبار الذين دخلوا التاريخ العربي والاسلامي من اندونيسيا الى المغرب، يريدون اليوم فقط الحفاظ على سلامة رستم غزالي واقولها مع الاسف، ولكنني ادعو الى الترفع عن هذا الموضوع، لان المحكمة وحدها ولبنان متنوع ومزدهر وديموقراطي وغير شمولي هو الحصانة للمقاومة ول"حزب الله".

صغار نظام الوصاية

سئل: تحدثتم كثيرا عن الفصل السابع بالنسبة للامم المتحدة؟ اجاب: لست انا من تحدثت، وانما احد الصغار في الطرف الاخر من بقايا نظام الوصاية. وقال "اذا كانت الامم المتحدة تريد ان تطبق المحكمة الدولية وفقا للفصل السابع، فسنلجأ الى العمليات الانتحارية". نحن نعلم ان المحكمة اتخذت بقرار لبنان مع الامم المتحدة وقيل آنذاك انها محكمة ذات طابع دولي اي هناك شراكة لبنانية دولية، وهذه المحكمة لم تأت وفق الفصل السابع، لكن التهديد بالعمليات الانتحارية وما يسمى بـ"فتح الاسلام" واذكر بكلام سيد النظام في دمشق في إحدى خطبه عندما قال ان لبنان قد يتحول الى ملجأ للقاعدة، وكلام وزير خارجيته عندما قال ان لبنان قد يتحول الى عراق ثان، فهذا امر يخيفني، ونرى آخر حادثة، الحادثة الغريبة العجيبة التي لم نسمع عن تفاصيل، وقالوا انها سيارة كانت تسير على المصنع وجديدة يابوس ثم جرى اطلاق نار، ولكن بين التفجير واطلاق النار هناك ملابسات، ثم اختفت الاثار ووجدنا بعض الدماء على بعض الاحجار، فربما يريدون تخريب الامن والاستقرار في لبنان بارسالهم هذه العناصر".

هل يريدون العدالة؟

وعن امكانية تصويت مجلس الامن على المحكمة على اساس الفصل السابع، قال جنبلاط: "ليس هناك فصل سابع، وعندما وصلت المحكمة لاخذ ابعادها، واقرت الحكومة مشروعها بعدما تمت الموافقة عليه من مجلس الامن، وفجأة قبل الظهر كانت حكومتنا شرعية وبعد الظهر اصبحت حكومتنا غير شرعية، وفجاة اتهمنا الرئيس غير الشرعي باننا حكومة غير شرعية، والرئيس غير الشرعي دعا الى العصيان المدني ثم عاد عنه اليوم. المحكمة تأخذ أبعادها ولكن السؤال موجه مجددا الى هؤلاء، الى سيد المقاومة هل يريد العدالة؟ والى معلم سيد العدالة "الخامنئي" هل يريد العدالة؟ كما هم اقروا العدالة مبدئياً في ايران، والسؤال هل يريدون الاستبداد في لبنان ام العدالة؟".

سئل: لماذا يرفضون برأيك القرار 1701؟ اجاب: "لم أقل انهم يرفضون، وانما وضعت بعض الملامح من التخوف، وبالمناسبة حسنا فعل الجيش اللبناني وقبض على مجموعة "التسعة"، هذه المجموعة التي لو صدقنا اعلام "المنار" فإن هذه المجموعة ستقوم بإنقلاب. لكن هناك ايضا شاحنات مليئة بالذخيرة والسلاح تجوب شمالا وجنوبا ولا نعترض، ونحترم حتى هذه اللحظة مبدئياً البيان الوزاري، فعشرات الشاحنات تمر ولا نتكلم".

سئل: تقول حتى هذه اللحظة، فهل يمكن ان تغير؟ اجاب: "حتى هذه اللحظة، هكذا يقال".

 

طاولت السنيورة والوزراء ورموز 14 آذار ولم تستثن الرئيس الشهيد

 

التخوين وتهم العمالة والإساءات الشخصية وسائل ديموقراطية لإبدال الحكومة بأخرى "نظيفة"

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - 

حشدت قوى التحالف السوري وملحقاتها ومناصروها في ساحة رياض الصلح وبعض ساحة الشهداء والشوارع المتفرعة عنها في اليوم الأول للتحرك الذي بدأته تحت اسم "المعارضة الوطنية اللبنانية"، تحت شعار "نحن ـ نريد حكومة نظيفة".

شارك في التظاهرة نواب ومسؤولون من "حزب الله" وحركة "أمل" بالإضافة إلى "التيار الوطني الحر" وتجمعات وحركات عادت من غياهب النسيان.

ولم يغب النظام السوري عن المشاركة الفعلية في التحرك "الوطني المعارض" حيث سجل وجود أشخاص سوريين بعضهم من العاملين في لبنان وبعضهم أتى من إدلب ودير الزور ودمشق وغيرها من المناطق السورية خصيصا للمشاركة في التظاهرة، ولم يمانعوا في التصريح أمام كاميرا تلفزيون "المستقبل" بأنهم "جايين إنشالله لنشارك بالمظاهرة لنصرة السيد حسن"، و"لولا السيد حسن نصر الله مافي إجر سوري بتحط بها البلد".

وواكبت التحرك إجراءات أمنية مكثّفة لوحدات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي التي فرضت طوقاً أمنياً حول السرايا الحكومية والشوارع المؤدية إلى قلب الوسط التجاري، وحدّدت مكان الاعتصام بساحة رياض الصلح وطرف ساحة الشهداء لجهة جامع محمد الأمين امتداداً إلى شارع بشارة الخوري وجسر فؤاد شهاب وطريق الشام.

وكانت المناطق شهدت استعدادات مكثّفة ومنظمة وخصوصاً من جهة "حزب الله"، قابلتها مواقف وتحركات لبّت دعوة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة إلى رفع العلم اللبناني في الساحات العامة وعلى شرفات المنازل "دفاعاً عن لبنان".

وبدأ المتظاهرون يتوافدون منذ ساعات الصباح إلى وسط بيروت، في سيارات وحافلات الصقت عليها لافتات منها "وحدة وطنية" وشراكة وليس شركة" و"نريد حكومة نظيفة" و"فلتسقط حكومة فؤاد فيلتمان" و"لا أحد يزايد على لبنانيتنا". كما حملت مكبرات للصوت بثت الاغاني الحزبية والاناشيد الوطنية والحماسية ومقتطفات من خطب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله ورموز المعارضة.

وقرابة الظهر توقفت حركة السير بسبب الازدحام، ما اضطر المشاركين إلى الانتقال إلى ساحة الاعتصام في مسيرات وراحوا يرددون الهتافات لتبرير اعتصامهم ومنها "بدنا حكومة نظيفة نظيفة" و"بدنا نسقط الحكومة"، و"هالحكومة ودعوها وعالمقابر ودّوها". والتحفوا بشعارات كتب عليها "لا أحد يزايد على لبنانيتنا" و"وحدة وطنية"، و"نريد إسقاط الحكومة".

وتوزع المتظاهرون في ساحة رياض الصلح والشوارع المتفرعة رافعين أعلامهم الحزبية ورفعوها مع الأعلام اللبنانية، ولم يكترثوا لتعليمات عناصر الانضباط الذين حاولوا التخلص من بعضها، حرصاً على الظهور أمام شاشات الكاميرا قرب المنصة بالمظهر الوطني، وكشفت بعض اللافتات والشعارات التي رفعها المتظاهرون جانباً من الهدف الحقيقي لتحرك "المعارضة الوطنية"، فكانت اتهامات بالخيانة والعمالة كيلت للحكومة ورئيسها طال بعضها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري، ونواباً ورموزاً من 14 آذار، وحرصوا على تمجيد مسؤوليهم، ولم ينسوا ان يهللوا لسوريا وسط أجواء من الرقص وقرع الطبول قبالة اللعازارية وقفت مجموعة من الشباب معظمهم لم يتجاوز الـ16 عاماً فحمل أحدهم لافتة كتب عليها "لسنا أوهام بل نحن أشرف الناس وأطهر الناس وأنقى الناس وحررنا بدمائنا الجنوب" وآخر حمل "كرتونة" كتب عليها بخط اليد "لا أحد يزايد على لبنانيتنا" ولكي يكتمل المشهد رددوا "الله ونصر الله والضاحية كلها" ثم قرعوا الطبول ودبكوا على هتافات رددوها "طاق طاق طاقية حزب وحركة وعونية" ولتكتمل النغمة رددوا: "أصفر أخضر ليموني بدنا نسقط الحكومة".

وبعدها قالوا: "هللي هللي هللي نصر الله وعون وبري" و"توت توت توت الحكومة عم بتموت" و"قومي يا شيعة قومي حتى نسقط الحكومة".

وبعيداً عن "الدبيّكة"، افترشت مجموعة اخرى الأعلام اللبنانية وجلسوا عليها متكئين على بعض اللافتات التي كتب عليها "لا لحكومة الفساد والقتل" و"انها حكومة نقابة الجريمة المنظمة" و"يا سنيورة لا تحتار شعب المقاومة هو بيختار".

و"فلتسقط الحكومة وليرحل السنيورة واتباعه" وبعدما جلسوا لوقت طويل دون حراك حاول أحدهم ان يعيد اليهم "الهيصة" فصرخ ليرددوا خلفه "بدنا نسقط الحكومة"، و"يا سنيورة قول الحق بعت الدولة واللا لأ" و"يا سنيورة يا نيقة يا صرماية عتيقة" و"الحكومة الحكيمة ما بتنطر التعليمة".

وفي موقف السيارات المقابل لبيت الأمم المتحدة وقرب بائع الكعك الذي كان "يهيص" لانه باع كل ما لديه وقفت اختان تحملان لافتتين كتب عليهما "كما النصر التغير آتٍ آتٍ آتٍ" و"ما بدن يعطونا الثلث، يعطونا أفا (قفا) ظهورن". واتكأ اربعيني وحيداً على احدى الاشجار يحمل لافتة كتب عليها "لبنان يحتاج للعلم والسلام وللتضحية والعطاء وللمسلم والمسيحي".

ومن لافتة تدعو إلى اللاطائفية إلى لافتة تقول "انا مسيحي لبيت نداء المقاومة واتيت لمنع فتح مقبرة لبنان".

ومن الواضح أن خطابات رموز المعارضة لم تسد جوع المتظاهرين الذين تقاطروا باتجاه مبنى المركزية حيث قرر مطعم ودكان بقربه ابقاء أبوابهما مفتوحة لاستقبال الجائعين والظمأى.

"حكومة فيلتمان ستسقط يعني ستسقط" فتاة لا يتعدى عمرها الخامسة عشرة أعلنت موقفها الحاسم من مسألة وطنية الحكومة ونزاهتها وجلست مع أصدقائها الذين افترشوا الأرض بأعلامهم الحزبية بالرغم من حرص منظمي المظاهرة على إخفائها، تأكيداً أن إسقاط الحكومة مطلب لبناني بحت. وترافق ذلك مع تكرار النشيد الوطني لمرات كثيرة، بهدف إظهار ان الاعتصام نفذ لغاية واحدة ألا وهي الحفاظ على الوطن من خلال حكومة وطنية تحفظ مشاركة الجميع".

وأراد المعتصمون إلباس الحكومة ثوب العمالة والخيانة للوطن فحملوا لوحات كتب عليها "حكومة وطنية مش وصاية أميركية"، و"لا لحكومة الفساد والقتل" "انها حكومة نقابة الجريمة المنظمة" و"لا لحكومة الفساد والخيانة".

وظروف الشاي "كانت كثيفة الحضور، إذ رفعها معظم الشباب المتظاهرين في ساحة الشهداء، وراحوا يطلقون هتافات التخوين بحق كل من السنيورة ووزير الشباب والرياضة أحمد فتفت وقالوا "يا سنيورة باي باي، واحد قهوة وواحد شاي" و"يهودي يهودي، أحمد فتفت يهودي" وحملوا شعارات "يا سنيورة فلّ فلّ شعبي ما بيرضى الذل" و"يا سنيورة قول الحق تمك ألوأ ولا لأ"، و"يا سنيورة فلّ اليوم برّي أعطى أمرو اليوم"، و"بالعربي المشبرح بدنا نسقط حكومة فيلتمان".

وسرعان ما تحولت الهتافات المسيئة بحق السنيورة وفتفت لتطال قادة 14 آذار من دون استثناء. فلم يسلم أي منهم فقالوا "سيد حسن مدّ أجريك على قرعة وليد بيك" و"يا سعد طق موت وتظاهرنا ببيروت". ورفعوا شعارات "اسحبوا عملاء اسرائيل من الارز والمختارة وقريطم و"ال.بي.سي"، و"لا لحكومة انشأها طفل ويسيرها مجرم ومعتوه".

حتى الرئيس الشهيد رفيق الحريري نال حصته من الشتائم والاساءات. فلم يحترموا استشهاده في سبيل الوطن، ولم يكترثوا لوجودهم بالقرب من ضريحه فرددوا "يا حرامي يا سراق يا ابو بهاء" بالتزامن مع مطالبة احدهم من على المنصة بضرورة كشف حقيقة من اغتال الرئيس الشهيد وشهداء انتفاضة الاستقلال وصولاً الى النائب بيار الجميل.

وليس بعيداً عن الساحة المقابلة لرياض الصلح، بدأ التحضير للمكوث في الخيم التي نصبت فيما كانت الوفود محتشدة. فجلست نساء داخل الخيمة يحتسين الشاي والقهوة، وفي حين تجمع عدد من الشباب حول النراجيل يتشاورون في كيفية المضي في الاعتصام حتى اسقاط الحكومة. وقال احدهم "في اوج الحرب، وعد السيد بالنصر وانتصر، فكيف في السلم فالحكومة ستسقط لانه وعد بذلك، على السنيورة ان يدرك ذلك ويرحل". وقال آخر "اذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يرحل السنيورة"، ورد ثالث قائلاً "لا بد ان تسقط الحكومة".

 

حمّلوا نصر الله مسؤولية الانقلاب السياسي في البلد

خطباء الجمعة ينصحون لحود بأن يبدأ بنفسه:من يفكر بإسقاط حكومة السنيورة في الشارع واهم

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - شدد خطباء الجمعة أمس على "ان من يفكر بإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في الشارع واهم"، معتبرين "ان الإصرار على الشارع هو دعوة للاقتتال أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ويتحمل وحده المسؤولية التاريخية في إطلاق شرارة الانقلاب السياسي بكل ما للكلمة من معنى". ولاحظوا "ان دعوة رئيس الجمهورية الموظفين الى عدم الالتزام بالشرعية خيانة للقسم الذي أقسمه ودعوة صريحه الى تقسيم البلد وبالتالي تقسيم الجيش والقوى الأمنية"، متسائلين "لماذا لا يزال هو في وظيفته؟ فليبدأ بنفسه أولاً".

الميس

وأعلن مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس ان إصرار الأمين العام لـ"حزب الله" على النزول الى الشارع وإهمال كل دعوات التهدئة والتعقل "هو بمثابة إعلان حرب على الشرعية اللبنانية المتمثلة بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي لا يمكن أن نقبل بإسقاطها في الشارع. لا مجال لبحث هذا الموضوع إلا في مجلس النواب"، مشيرا الى أن "الإصرار على الشارع هو دعوة للاقتتال أطلقها السيد نصرالله وعليه أن يتحمل هو وحده المسؤولية التاريخية في إطلاق هذه الشرارة ولم يعد أمامنا إلا الدفاع عن وجودنا".

وقال: "كنا نترقب تهديده بالصواريخ الى ما بعد حيفا، فإذا هي صواريخ الى عاصمة عربية وفية للعرب وللأمة وللمقاومة، هي بيروت الصامدة، وتبين لنا كيف أن المعركة حوّلت الى الداخل وكيف أن الاستقواء بالسلاح يتم بتهديد البلد وجره الى المجهول".

ورأى في دعوة رئيس الجمهورية الموظفين الى عدم الالتزام بالشرعية "خيانة للقسم الذي أقسمه ودعوة صريحه الى تقسيم البلد وبالتالي تقسيم الجيش والقوى الأمنية"، مؤكداً "ان كلام لحود ما هو إلا فتوى سياسية بالنيابة لتقسيم لبنان وشعبه ومؤسساته ودعوة الى الاقتتال الداخلي، ثم ألا يعني كلامة أنه خلع مبايعة الناس له، ولماذا لا يزال هو في وظيفته؟ فليبدأ بنفسه أولاً".

الرفاعي

وقال مفتي عكار القاضي الشيخ أسامة الرفاعي: "إننا قوم لا نسعى الى الصدام والمواجهه مع أحد الا تحت سقف القانون والاحتكام الى الدستور، أما إذا حاول البعض جرنا الى غير ذلك فلا نقول لهم إلا قولنا المشهور"لا حول ولا قوة الا بالله"".

وأيد مواقف الرئيس السنيورة، داعيا اياه الى "الثبات على الحق وألا يعطي الدنية في دينه ودنياه إلا لله حتى لو جاء العالم كله". واكد ان "من يفكر بإسقاط حكومتنا في الشارع واهم واهم"، مشددا على "أن المطالبة بالمشاركة في الحكم متوافرة ومن يطالب بها هو الذي تخلى عنها لأسباب معروفة".

وقال: "اننا ندعم بقوة حكومة السنيورة وهذا خيار استراتيجي لن نحيد عنه مهما كلف الثمن وسندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة لأن المسألة وجودية نكون أو لا نكون، ولن نقبل بأن يتفرد أحد بقرارات الدولة والتلاعب بمصير الناس وأمنهم. وما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" هو انقلاب سياسي بكل ما للكلمة من معنى".

دالي بلطة

وحذر مفتي صور ومنطقتها القاضي الشيخ محمد دالي بلطة من "اقتراب المخططات الأميركية في المنطقة ولاسيما في العراق من وطننا لبنان لتعميم ثقافة ما سمي بالفوضى البناءة، كمقدمة لإحداث الشرخ الكبير بين صفوف اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وذلك في إطار المشروع الجهنمي لتقسيم المنطقة العربية الى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية متناحرة".

وقال: "إن عدم الوعي القومي والوطني والإسلامي الصحيح لهذه المخططات الهدامة تجعل شوارعنا واحة خصبة لتقبل مثل هذه المخططات والإسراع في تحقيق التقسيم الجغرافي والديموغرافي المطروح الآن بقوة في العراق ويُراد له أن ينفذ في لبنان". ودعا الجميع الى "التعالي عن الصغائر والابتعاد عن الحرتقات حتى لا نخدم هذا المشروع بعلم أو بدون علم، فالعرب واللبنانيون جميعاً في مركب واحد إذا غرق هذا المركب غرقوا جميعاً".

قبلان

واعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ان الاعتصام الذي دعت اليه المعارضة "هو للمطالبة بالإنصاف وبالتوافق وبالمشاركة، وعلى الحكومة أن تتجاوب مع المعارضة وتسمع وتصغي اليها وتتشاور وتتحاور معها".

وقال: "ليس لدينا عداوة مع أحد، ونقبل بالحلول المنصفة التي تعطي الحق لأهله، وإذا ضربت الوحدة الوطنية، كيف نتعامل ونطرح الحلول؟ ونحن هنا طالبنا باستمرار بحكومة وحدة وطنية، فحكومة الوحدة لا تزعج ولا تضر أحداً، ونحن لا نطلب امتيازاً ولا تخصيصاً". ورأى ان "النزول الى الشارع جاء بعدما فشلت كل الطروحات، ورفضت كل المبادرات. وقلنا باستمرار إن آخر الدواء الكي، والكي دواء مؤذٍ قد يصيب وقد يخطئ، لذا نقول للجميع علينا أن نطبق الطائف بالفعل لا بالقول فحسب"، مؤكدا ان "هذا النزول ليس تظاهرة بل هو اعتصام، نحن مع المشاركة بالتوافق ليس من باب الأغلبية والأقلية بل من باب التوافق".

فضل الله

ولفت العلامة السيد محمد حسين فضل الله الى "ان شعب لبنان، فقد وحدة الموقف التي توحد الشعب والدولة من خلال تحويله إلى مجموعات بشرية متنافرة غير قابلة للانصهار بفعل العصبيات المذهبية والطائفية والحزبية، ما جعل البلد يفقد عقله ويستحضر غريزته، في الوقت الذي نجد بعض الذين يتولون مهمة التوجيه الروحي يتحولون إلى تابعين لهذه الزعامة أو تلك، مسبحين بحمد هذا أو ذاك، وداعين الناس إلى الخضوع الغرائزي لهذا الشخص أو ذاك، من خلال الأساليب الخادعة التي يسقط أمامها البسطاء".

وخاطب المسؤولين بقوله: "لن يتحقق الإنقاذ من خلال تأييد هذا المحور الدولي أو الإقليمي، لأن كل محور يبحث عن مصالحه الخاصة في استغلال لتعقيدات الساحة اللبنانية، وخصوصاً أن هناك أكثر من خطة أميركية منفتحة على خطة إسرائيلية لتحريك أزمة المنطقة في الواقع اللبناني".

* ودعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى "الضغط على السلطة بهدف إنقاذها من أنياب الكابوس الأميركي الهائل، الذي يريد أن يحطم وحدة هذا البلد، ويحول جمع أهله أشتاتاً. لذلك نلفت نظر السلطة الحاكمة، المستأثرة، المصادرة، المستبدة، إلى واقع ما يدور في الشرق الأوسط، وأن تقرأ جيداً ما يحصل، وأن تتفهم أنها في مشكلة حقيقية مع شعبها وناسها، بسبب التزاماتها مع الأميركيين".

* وطالب قاضي بيروت الشرعي الشيخ احمد درويش الكردي، الجميع "بتحمل المسؤولية كاملة وعدم تخريب البلاد تحت طائلة المقعد أو التخلي عن مقعد، لأن الناس ومصالحهم أمانة في رقاب هؤلاء أجمعين". وقال: "إذا كانت للجميع مطالب محقة فلتكن على طاولة الحوار، وليكن مدير الحوار غير محسوب على طرف من الأطراف تحقيقاً للعدالة للجميع".

* وشدد عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ محمد انيس الأروادي على "رفض إسقاط رئيس الحكومة في الشارع"، متسائلا: "الى متى يبقى موقع رئاسة الحكومة مكسر عصا ومدعاة للتعدي عليه؟". واعتبر ان "لا مجال إلا للحوار والعودة الى لغة العقل والمكان الصحيح لذلك هو المؤسسات الدستورية والاحتكام الى لغة الدستور والقانون لحل كل الخلافات العالقة".

* واكد شيخ القراء في بيروت محمود عكاوي "رفض أهل السنة والجماعة في لبنان المس بمقام رئاسة الحكومة الدي يمثل الموقع السيادي الأول للمسلمين في لبنان"، مشيرا الى "ان هناك مؤامرة تستهدف واقع السنة ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة العربية بأكملها".

* وناشد مدرس الفتوى في قضاء الضنية الشيخ فؤاد اسماعيل "الذين ينادون بالويل والثبور وعظائم الأمور من السياسيين في لبنان ضد الحكومة أن يعودوا الى ضمائرهم، ويقلعوا عن غيهم ووقف بث سمومهم وحقدهم ويعودوا الى طاولة الحوار لحل النزاعات والخلافات في ما بينهم".

 

البرتقالي "ضمير مستتر" مبني على خطبة الجنرال

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - فادي ريحان

بمجرد انهاء الجنرال ميشال عون كلمته، بدأ "العونيون" بالانصراف من التظاهرة متجهين نحو الاشرفية والجميزة وطريق المرفأ. في خروجهم هذا كانوا قلة على عكس ما بدا عددهم في التظاهرة، هذا اذا ما اعتبر ان اللون البرتقالي هو المؤشر الى تواجدهم وانتشارهم بين المتظاهرين. فالتظاهرة التي اريد لها ان تكون ذات غلبة مسيحية من جمهور الجنرال عون رداً على ما يقال عن تراجع شعبيته في صفوف المسيحيين نتيجة مواقفه السياسية وتحالفاته اضيف اليها لون برتقالي من خارج صفوف العونيين، فلبس كثير من محازبي "حزب الله" والاحزاب الاخرى المشاركة قمصاناً برتقالية او لفوا اعناقهم بمناديل برتقالية او غطوا رؤوسهم بقبعات من هذا اللون، والحشد حين ينظر اليه من الاعلى سيكون اللون البرتقالي فيه ساطعا على ما اراد منظمو التظاهرة ومخططوها، هذا من الاعلى، ولكن المدقق والناظر في وجوه المتظاهرين سيكتشف حقيقة الامر، وسيتمكن من تمييز وجه شاب ينتمي الى "حزب الله" ويرتدي قميصاً قطنياً يحمل صورة الجنرال عون، وبين عوني حقيقي يرتدي القميص نفسه. فشباب "حزب الله" يتركون لحاهم الخفيفة المشذبة ويرتدون ملابس وسراويل تميزهم عن اقرانهم من شباب "التيار الوطني الحر"، حتى سكناتهم وحركاتهم التي تنم عن هدوء وتهذيب وانضباط تظهر الفرق بينهم وبين اولئك. ولكن مهما كان الهدف من رفع عدد البرتقاليين المشاركين، ومهما بلغ هذا العدد من خارج التيار العوني فان هذا لا يعني ان "العونيين" لم يتواجدوا على ارض التظاهرة، او لم يكن لهم حضورهم ولو انه لم يكن كبيرا.

فالمعتاد على هذه التظاهرات والعارف بتوزّع الجماهير فيها يمكنه معرفة مكان تجمع العونيين بمجرد نزوله الى ساحة التظاهر، فهؤلاء وبطبيعة توزعهم الجغرافي في محل سكنهم يتجمعون في الجهة الشرقية من الساحة، تلك المحاذية لمنطقتي الاشرفية والجميزة، ويتكتلون في مجموعات صغيرة من شبان وشابات يحملون الاعلام اللبنانية واعلام التيار وبعضهم يرتدي صور الجنرال حين كان جنرالاً بنظرته المقطبة وملابسه العسكرية.

في تلك الناحية من ساحة التظاهر بدا الشبان والشابات "العونيون" مستعجلين في امر تظاهرهم، كأن التظاهرة نفسها ليست هدفهم، وسرعان ما تبين ان الهدف هو كلمة الجنرال، فهم صفقوا طويلا حين اعلن مقدم المهرجان وصول الجنرال لالقاء خطابه ثم سرعان ما تفرقوا عائدين من حيث اتوا بعد انتهاء الخطاب. احد هؤلاء الشبان يقول انه قدم من المتن الشمالي وانه هو نفسه استهجن عدد الحافلات والسيارات القليلة التي كانت قادمة من تلك المنطقة نحو مكان التظاهر.

كانت جموع العونيين من اليافعين والمحازبين تتكتل حول بعضها وكأن خوفا من اختراقهم من مجموعات الحزبيين الاخرين شغل نفوسهم، فهؤلاء الذين لا يجتمعون مع اقرانهم من جمهور الاحزاب المتحالفة الا في التظاهرات لا تربطهم بهؤلاء الاقران علاقة الحميمية والمصلحة السياسية التي تربط زعماءهم.

الشابة المتحمسة والتي لم تكف عن التلويح بالعلم قالت انها تفضل البقاء حيث هي قرب "قرية الصيفي" مع اقاربها واخواتها واصدقائها لانهم سينسحبون بمجرد انتهاء الخطاب وربما قبل ذلك بقليل. في تلك اللحظة اقترب شابان على دراجة نارية من مجموعة الفتاة واقاربها وهتفوا بشعار "تراراتاتا...جنرال" فأشاحوا جميعهم وجوههم عن الشابين متصنعين عدم الانتباه، وعلقت تلك الفتاة انها تشعر انهما بتردادهما شعار تيارها وفي حسبهم انهم يقدمون لها الدعم انما يشعرها بانهما يتحرشان بها ولو انهما لم يقصدا ذلك.

اما عن عدد المشاركين من بلدتها المتنية في تلك التظاهرة فقد اشارت الفتاة الى ان الاهل والاقارب من كبار السن قرروا عدم المشاركة وتركوا للشباب امر النزول او عدمه، معللين استنكافهم بصعوبة التنقل وبالارهاق الذي قد يصيبهم نتيجة التظاهر، ولكنها اردفت قائلة: "انا لا اصدق حججهم، اعتقد انهم انصاعوا الى طلب البطريرك صفير بعدم النزول الى الشارع".

خروجاً من الجهة الشرقية لساحة الشهداء الى ساحة رياض الصلح بحثا عن "العونيين" المندمجين في الحشد. التصويب بالدرجة الاولى سيكون على من يرتدي اللون البرتقالي او يضع أي اشارة تدلل على كونه محازباً لـ"التيار الوطني الحر".

في الطريق بين ساحة الشهداء وصولاً الى ساحة رياض الصلح كان اغلب مرتدي اللون البرتقالي من غير العونيين، كان اغلبهم يجيب حين نسأله عن سبب ارتداء اللون البرتقالي بأنه يحب الجنرال وبأنه يريد دعمه في هذه التظاهرة ولهذا اختار اللون البرتقالي لباساً له.

احد لابسي اللون البرتقالي اصر على ان يعرف سبب طرحي السؤال، فأجبته بأنني صحافي واريد الكتابة عن هذا الموضوع، فأجاب بأنه يريد ان يرى بطاقتي الصحافية، عرفت انه عنصر في "حزب الله"، فهؤلاء وحدهم يصرون على معرفة هوية طارح السؤال عليهم وذلك من منطلق امني اعتادوا عليه حتى في المواقف الطبيعية والتي لا تحتاج الى تصرف امني، وكنا نحن الصحافيين قد اعتدنا عليه خلال اجرائنا التحقيقات الصحافية في مناطق الضاحية الجنوبية حين يسأل أي شخص كائنا من يكن سواء كان محازبا ام لا عن البطاقة الصحافية حين نطرح عليه سؤالا.

لم يصل العونيون الى قلب التظاهرة التي بقوا على هامشها ورغم ذلك فقد كان اللون البرتقالي طاغياً في تلك التظاهرة وكانت الخطبة الوحيدة لجنرال التيار الوطني الحر. قد يكون السبب هو التعويض عن تفرق المسيحيين من حول الجنرال عون نتيجة لمواقفه السياسية، وانحسار الشعبية الذي لم يعد يبدو اشاعة كما يحلو لمنظّري التيار ترداده من حين الى اخر.

 

الاعتصام الإلهي".. والتظاهر المصري

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - علي زراقط

تنحني الطفلة كي تلتقط العلم الملقى على الأرض، ترفعه بابتهاج و تغني "مين قدك لما تطل.."، ثم تضعه في فمها و تلوكه. تغضب الأم و تضربها على يدها. الأصوات تعلو في الهتاف، الجماهير المحتشدة في يوم "الاعتصام الالهي"، تصلي على النبي و آله وتهتف للجنرال.

يبدو الاستغراب واضحاً على وجه الصديقين المصريين، وتعلق مي "عندنا بيحصل برضو مظاهرات، بس يعني سبعة، تمانية!!" وتشير مستغربةً إلى الجمع الكبير قائلةً "حتى الاخوان ما يعرفوش يعملو ده عندنا!" يضحك زياد مدهوشاً، و يدخل بين الجموع، يضيع ويحاول أن يفهم الهتاف ضد من ومع من. يحاول زياد استخلاص صورة عن الشارع اللبناني الذي ما زال يبدو له ضبابياً على الرغم من زياراته المتعددة إلى بيروت. ينصت جيداً إلى الخطيب، يسمع الكثير من الأسماء و الكثير من الهتاف المؤيد والمهلل للاسم أو المعارض له، لكنه لم يستطع أن يفهم "يعني إيه، وليه الناس تنزل بالملايين على الشارع؟! دي ما بتحصلش إلا في المطالبة بالاستقلال أو ضد العنصرية، أنا مش فاهم هو فيه عنصرية هنا أو حاجة؟!".

ينهي زياد كلامه ليعلو صوت أحد الشبان من خلفه فيقفز من روعه، يضحك الجمع من حوله ويضحك هو. الفتاة التي تناولت العلم عن الأرض ما زالت تمضغ لونه الأخضر الفوسفوري، تنظر إلى أمها الملتهية عنها بالهتاف، تفرح و تعود للمضغ مجدداً. تلتقط مي كاميرتها كي تلتقط بعض الصور، الفتيات المحجبات الأربع مستلقيات على العشب، الفتيان الثلاثة مع الألوان الثلاثة أخضر، أصفر و ليموني، الفتاة الجميلة الواقفة على حائطٍ عالٍ وتصرخ بعلو صوتها، الشباب في الأسفل يصفرون لها، الطفل الفرح بقنينة المياه يرش الطفلة التي كانت تمضغ العلم الفوسفوري بالمياه و يعدو هارباً إلى حضن أمه بثوبها الأسود الفضفاض تلوح بالعلم اللبناني مربوطة أعلاه إشارةٌ صفراء، الشاب الذي يقترب نحو صبية ينظر في عينيها يكلمها فتحمر، الصبية ذات الشعر الأحمر المجعد تبدو حائرةً ضمن هذا الجمع الكبير... الكثير من الصور تتلاحق، "لمن لا يدري بتفاصيل السياسة اللبنانية، يبدو الأمر أكثر احتفالية. ممكن أن نسميه مهرجان التظاهر الوطني، أو احتفالية التظاهر..." تشرح عليا.

على هدئةٍ من الصوت الهاتف وعند بدء الشمس بالعزوف عن وجوه المشاركين، "يعربش" أحدهم على عمود الكهرباء، يصعد حافي القدمين، يصل إلى أعلى العمود حاملاً أعلامه بالألوان الثلاثة يلوح بها تباعاً. آخر على رافعة البناء حاملاً "علماً أسود و في وسطه شيء أحمر" كما يصفه زياد، "هو إيه ده؟" ثم تعلق مي لتقول "ده سيرك التظاهر الوطني، مش المهرجان!".

تتابع الطفلة مضغ العلم فيما يتابع الخطيب خطابه، و يتابع المنظمون تركيز الخيم للنوم، ويخرج الأصدقاء من المكان مذهولين بإعجاب من جهة لقدرة الشعب على التعبير، واستغراب من جهة أخرى، واستنكار "إزاي الناس دي كلها بترد على كلمة شخص واحد، همّ ما...؟!".

 

معركة العلمين".. في الضاحية

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - شادي علاء الدين

تخبرني صديقتي التي تسكن في إحدى مناطق الضاحية أنها حين سمعت السيد حسن نصرالله يطلب من مناصريه رفع العلم اللبناني استبشرت خيراً وقالت لنفسها: العلم اللبناني عنوان إجماع، والركون إليه يطمئن. ثم حين سمعت الرئيس السنيورة يطلب من اللبنانيين رفع العلم اللبناني على شرفات منازلهم دفاعاً عن لبنان زاد استبشارها بالخير، ووصل هذا الاستبشار إلى ذروته حين سمعت المؤتمر الصحافي للنائب وليد جنبلاط.

العلم اللبناني كان القاسم المشترك بين الجميع، ولا مجال لأن يكون معبراً عن حالة سجالية أو خلافية.

تقول "لقد فكرتُ في رفع العلم اللبناني على شرفة منزلي كي أعبر عن أنني مع هذا الإجماع وضد كل محاولات التفكيك والتجزئة. أردت الاحتماء بالعلم والركون إليه وعدم السماح لأي جهة أن تحسبني عليها لمجرد أنني أسكن في منطقة معينة وأنتمي إلى طائفة معينة. لكن، السؤال هل فعلاً مسموح لك أن ترفع العلم اللبناني على شرفة بيتك إن كنت تسكن في الضاحية؟"، تقول صديقتي أنها ما أن همّت بتنفيذ خطتها ورفع العلم اللبناني على شرفة منزلها حتى بادرتها إحدى الجارات مستنكرة محتجة "شو؟ صرتي منهن؟ هولي جماعة الأمركان!". وحين بررت ما تفعله بالقول بأن السيد أيضاً دعا إلى ذلك، فما كان من الجارة إلا أن أجابت: "السيد طلب النزول إلى الشارع وبعد ذلك لا بأس إن رفعت العلم، المهم أن السيد دعانا أساساً للنزول إلى الشارع".

هنا، تقول صديقتي أنها احتارت في أمرها ولم تعد قادرة على تحديد موقفها بعد أن أصبح العلم اللبناني يعني أموراً متعددة مختلفة ويدل على أمور متناقضة ومتصارعة، بينما من المفترض أن يكون عنوان إجماع.

لقد تم تشفير العلم، فأصبح لكل تيار أو جهة علمه اللبناني الخاص به، والذي يعبر عن توجهاته وآرائه، في حين أن العلم لا يمكن أن يكون علماً إلا إذا كان صالحاً ليعيش الجميع تحت ظله. العلم لا يحتمل التأويل والتفسير، لا يقول إلا أمراً واحداً.

إذا قرر جميع اللبنانيين أن يرفعوا الأعلام اللبنانية سواء كانوا من مؤيدي النزول إلى الشارع او من مناصري الحكومة، فما الذي يعنيه ذلك؟ إذا نظرنا إلى البيوت والساحات ووجدنا أن العلم اللبناني وحده يسود فيها، فهل يمكن بعد ذلك التفريق بين المناطق والطوائف؟

حرب الأعلام في الضاحية ترتدي شكلاً مفاجئاً، فبينما كان من الممكن أن ترى في الفترة التي سبقت الدعوة الصريحة والمباشرة للنزول إلى الشارع بعض الأعلام اللبنانية المتناثرة على بعض الشرفات بشكل خجول وربما يكون بعضها قد رفع لأسباب رياضية وليس لأسباب سياسية. أما الآن، فصار العلم اللبناني ممتنعاً عن الظهور على شرفات الضاحية لأن مكانه انتقل إلى ساحة تطالب بإسقاط الحكومة والقضاء على الاقتصاد وعلى وجه لبنان السلمي الحضاري العمراني.

يتم إفراغ العلم من مضمونه والعمل لجعله علماً لوطن بلا حكومة أو قرار ثم تتم الدعوة الى رفعه للتعبير عن مطالب سياسية خلافية. هل يصدق هؤلاء العلم اللبناني وهم الذين لم ينفكوا يكذبونه مرة تلو الأخرى في كل مفاصل حراكهم السياسي الذي لا يظهر فيه هذا العلم إلا كنوع من التغطية؟

البارحة فقط كان عدد من مناصري التيارات الداعية للنزول إلى الشارع يرفعون الأعلام اللبنانية على شرفات منازلهم. اليوم لم يعد هناك من داع لهذا العلم، لأنه مساحة للمشترك. اليوم فقط أُنزل هذا المشترك الجامع العام، تراجع لصالح الخاص الفئوي والمناطقي و"الزاروبي"، وتم الاقتصار على رفع الأعلام الحزبية وربما تكون ضرورات تغطية الأطراف المتفاهمة مع "حزب الله" قد فرضت رفع العلم اللبناني نظراً لهشاشة المشاركة البرتقالية المفترضة، إذ أنه يتم توزيع أعلام التيار الوطني الحر في الضاحية على شباب وأطفال لا يعرفون عن التيار الوطني الحر إلا تلك الذكريات المريرة التي ينقلها إليهم أهلهم والمتعلقة بدك منازلهم وتدمير مصالحهم.

الآن، صار العلم البرتقالي يوزع مجاناً لمن يرغب دون أن يكون لهذا العلم ولهذا التيار امتداد فعلي وحقيقي في ضمير ناس الضاحية وذاكرتهم.

أينما تجولت في شوارع الضاحية، ترى شباباً يحملون حزمات من الأعلام على عصي غليظة، فلا تعلم إن كانوا يريدون أن يلوحوا بالأعلام أم بالعصي، فبعض الأعلام خاصة ما كان منها نادر الظهور في الضاحية مثل علم المردة وعلم الحزب الشيوعي الذي كان منذ فترة غير بعيدة يستطيع أن يسبب لمن يجرؤ على إظهاره أموراً لا تحمد عقباها. هذا العلم تراه الآن محتفى به ويوزع مع أعلام المردة والتيار الوطني الحر، فسبحان مغير أحوال الضاحية!

تظهر أيضاً في الضاحية أعلام مبتكرة هي عبارة عن كوكتيل أعلام يضم في كتلة واحدة أعلام جميع التيارات المعارضة الداعية للنزول إلى الشارع. المميز في هذا العلم هو ارستقراطيته، فهو لا يوزع مجاناً كسائر الأعلام الأخرى بل أن على من يريد الحصول عليه التضحية بمبلغ يتراوح بين ستة آلاف ليرة للعلم الصغير وعشرة آلاف ليرة للعلم الكبير.

لذلك، فإن هذا العلم لا يظهر بكثافة كبيرة كسائر الأعلام الأخرى التي تثبت كثافتها تلك القاعدة التي تقول "كل شي ببلاش كتّر منو". إن كان العلم اللبناني هو علم المعلوم، فإن الشارع بالتأكيد هو علم المجهول.

 

لقاء صلاة وتأمل في معرض الإعلام المسيحي الخامس

صفير: اللبنانيون يجب أن يكونوا لبنانيين قبل أي شيء آخر

المستقبل - السبت 2 كانون الأول 2006 - شدّد البطريرك مار نصرالله صفير "أن لبنان لا يقوم إلا على سواعد جميع أبنائه، إذا عرفوا كيف يتعاونون في سبيل تدعيم هذا البلد ونشر السلام فيه. واللبنانيون يجب أن يكونوا لبنانيين قبل أي شيء آخر". كلام البطريرك صفير جاء خلال لقاء صلاة وتأمل وشهادة وتطواف بالشموع من أجل الوحدة والسلام، في كنيسة مار الياس ـ انطلياس، في إطار معرض الإعلام المسيحي الخامس الذي ينظمه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة ـ لبنان، وكان اللقاء عقد بالتعاون مع اللجنة الاسقفية لرسالة العلمانيين.

خضرة

بداية تحدث رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة ـ لبنان الاب طوني خضرة، وقال "لقد دقّ بطريركنا صفير ناقوس الخطر وفي قلبه الأبوي هم باتجاه أبنائه عندما قال: هل المسيحيون ذاهبون إلى التفرقة؟ فجئنا اليوم نجيبه وبثقة الأبناء نحو أبيهم: جوابنا اللقاء معاً من أجل الوحدة والسلام لكي نبقى شهادة في هذا الوطن ومنارة في هذا الشرق. دعوتنا للوحدة فنحن لها، دعوتنا للغفران والمصالحة فنحن لها.

وأضاف: "كان المسيحي دائماً النموذج في الشهادة والإبداع فلن نسمح أن نكون حقل تجربة في الصراعات الطائفية، نحن نريد أن نكون خراف المسيح الحية لا مواشي للذبح تقدم أمام قياداتنا السياسية. نحن مع الجميع إذا كان يريد الحفاظ على الجماعات المكوّنة للوطن ونحن ضد الجميع إذا كان يريد التفريط بها".

تراتيل وشهادات

ثم كانت مجموعة من التراتيل أحياها المونسنيور منصور لبكي، تخللها شهادات حياة لكل من الإعلاميين جورج ناصيف وغياث يزبك والآنسة يمنى بشير الجميل والطالبين من المدارس الكاثوليكية إلسي كوجبيان وميشال نعمة.

اسكندر

وبعد تلاوة الانجيل المقدس، تحدث رئيس اللجنة الأسقفية لرسالة العلمانيين المطران جورج اسكندر وقال: "دعوتنا للصلاة معاً في هذه الأمسية أردناها من أجل تجديد التزامنا بقيمنا المسيحية والإنسانية والتأكيد على الرجاء، لأننا أبناء الرجاء ومن أجل أن يحل الله سلامه ومحبته في قلوب القياديين وفي نفوسنا جميعاً".

وأضاف: "كفى، كفى، كفى اغتيالات، كفى تقاتل، كفى يأس، كفى هجرة، كفى تدمير، كفى أصناف، كفى تحديات، فماذا يعود ينفعنا هذا كله إن ضاع لبنان من بين أيدينا؟".

صفير

وبعد صلاة قال البطريرك صفير "يجب ان نعرف أننا جميعاً اخوة خصوصاً في هذا البلد الذي اسمه لبنان على اختلاف المذاهب والمشارب. وعلينا أن نشد الروابط في ما بيننا، لا أن نقتتل ولا أن نتضارب كما هو حاصل في هذه الأيام. وإن لبنان لا يقوم إلا على سواعد جميع أبنائه، يقوم على سواعد أبنائه إذا عرفوا كيف يتعاونون في سبيل تدعيم هذا البلد ونشر السلام فيه. واللبنانيون يجب أن يكونوا لبنانيين قبل أي شيء آخر، نحن نعلم أننا في منطقة مضطربة فيها حروب وفيها ويلات، ولكن يجب أن نعصم أنفسنا عما يجري حولنا فلا ننساق وراء الذين يقتتلون".

وطمأن البطريرك صفير جميع اللبنانيين "أن هذا البلد هو بلدهم وأن يعملوا على إشاعة السلام فيه، وإن ما تقومون به وهو الصلاة وهو الطلب من الله تعالى أن يمنّ علينا بالسلام، هو خير ما تقومون به وإننا نريد أن نشكركم لأنكم لبيتم نداءنا واجتمعتم لترفعوا الصلاة إلى الله، ونسأله أن يستجيبه وأن ينشر السلام في بلدنا".

ثم كان تطواف بالمشاعل والشموع في ساحات الكنيسة وختم اللقاء بشهادة حياة للفنان غسان الرحباني وأغنية "كرما اللي راحوا".

المعرض

تابع معرض الإعلام المسيحي الخاص أعماله لليوم السابع على التوالي، حيث عرض فيلم عن الكنائس في العراق للرهبانية الانطونية. كذلك كرّم الاتحاد إذاعة صوت لبنان في عيدها الثلاثين، فأقيمت ندوة بعنوان "موقع الإعلام المكتوب والمسموع في زمن الفضائيات".

تحدث في الندوة الزميلة وردة زامل عن صوت لبنان ورئيس تحرير جريدة الأنوار رفيق خوري، وأدارها نائب رئيس الاتحاد جورج صدقة.

وشكرت وردة مبادرة الاتحاد وطلبت من الحضور الوقوف دقيقة صمت عن نفس الشهيد الوزير بيار الجميل، وتحدثت عن "أهمية الإعلام على اختلافه وتنوعه من مسموع ومكتوب ومرئي". وتناول خوري موضوع الإعلام عامة والمرئي والفضائيات وتأثيرهم على الصحافة والصحافيين.

ومثل وزير الإعلام غازي العريضي المستشار خليل خوري وقال "إن تكريم صوت لبنان هو تكريم لأنفسنا، للإبداع، للنجاح للمبادرة الفردية، للجمال الذي كان في لبنان وسيعود".

وقدّم الاتحاد درعين تكريميين للإذاعة: درع المعرض ودرع الاتحاد.

وفي روزنامة نشاطات المعرض لليوم السبت ندوة بعنوان "المصادر الدينية لحقوق الإنسان" في السادسة من مساء اليوم في قاعة المسرح.يشار إلى أن المعرض مستمر لغاية مساء غدٍ الاحد 3 كانون الأول/ ديسمبر.

 

المعارضة تحاصر بجماهيرها <حكومة الأزمة>

عون يخاطب الحشود في ساحات بيروت: تجاوزنا المشاركة إلى التغيير

السفير/حاصرت المعارضة اللبنانية، بحشدها المليوني، امس، حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، في السراي الكبير، ولكنها، بالرغم من ذلك، لم تفتح كوة صغيرة في جدار الأزمة السياسية التي بلغت وما تزال مرحلة الأفق المسدود، في ظل رفض فريق الأكثرية التنازل عن الثلث زائد واحد في الحكومة الحالية، وربط هذا <التنازل> بسلة تسوية تشمل رئاسة الجمهورية، ما أدى، في المقابل، الى رفع سقف تحرك المعارضة نحو المطالبة بتغيير اشمل يبدأ بحكومة الوحدة الوطنية ويصل الى إعادة إنتاج السلطة السياسية عبر انتخابات نيابية جديدة وفق قانون انتخابي جديد، وهو الأمر الذي عبّر عنه خطاب العماد ميشال عون باسم قوى المعارضة في ساحتي رياض الصلح والشهداء.

وإذا كانت الحشود التي أقفلت الساحات في وسط العاصمة وكل الطرقات المؤدية إليها، قد عطّلت العدادات الرقمية، فإن ميزة يوم الاول من كانون الاول ,2006 انه كان يوماً حضارياً بامتياز، أمكن له أن يعبر بسلام (لولا ملابسات قطع الطرق بالخيم حول السراي ليلاً)، متخطياً كل مناخات التشنج السياسي بفضل قرار الجهات المنظمة الحاسم بالحفاظ على سلمية التحرك وقمع أية تجاوزات، وأيضاً بفضل التدابير التي اتخذتها قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، وكذلك قرار الأكثرية الذي حال دون اللجوء الى <الشارع مقابل الشارع>، ولو أن هذا الخيار ظل قائماً في حسابات فريق الرابع عشر من آذار.

ولعل العبرة، ليست في اليوم الأول من أيام التحرك، القابل لأن يستمر اياماً وربما أكثر، بل في استمرار هذا القرار الحاسم عند الجهات الثلاث المعنية بالأمر، باتجاه قطع الطريق على اية محاولة للفتنة والاصطياد في الماء العكر، وخاصة أن بعض المناخات الليلية، تشي بمؤشرات غير مطمئنة، لجهة انفلات بعض المجموعات التي لا تقيم اعتباراً للسلم الأهلي ولا لحساسيات أهالي العاصمة والضواحي على حد سواء.

ولعل العنصر غير المطمئن، ايضا، هو التهافت الدولي والعربي على دعم الحكومة وحثها ضمناً على رفض تلبية مطالب المعارضة، الأمر الذي رسم علامات استفهام كبرى، وزاد الطين بلة الخطاب الذي ميّز بعض قوى الأكثرية، في ساعات ما بعد الحشد المليوني.

وفيما اعتصم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالصمت، طوال نهار امس، كان لافتاً للانتباه قيامه بالاعتصام مع عدد من الوزارء داخل السراي، والإطلالة على جمهور المعتصمين من بعض نوافذ السراي حسب بعض مندوبي وسائل الإعلام الذين غطوا نشاط رئاسة الحكومة امس.

وكان المفاجئ للوسط السياسي، وللمرة الاولى، في تاريخ الجمهورية اللبنانية، اللفتة التضامنية التي قام بها مفتي الجمهورية اللبنانية من خلال تقدمه المصلين في صلاة الجمعة في السراي. وقال وزير <يقيم> في السراي إنها ليست المرة الأولى التي تؤدى الصلاة في السراي، وأضاف <بعدما منع إسقاط رئيس الجمهورية اميل لحود في الشارع، لن يكون مسموحاً إسقاط رئيس الحكومة في الشارع وإلا فإن البعض يكون قد اتخذ قراراً باللعب بالنار>.

مهرجان المعارضة يتحول اعتصاماً مسائياً

وكانت جميع مناطق لبنان، قد استجابت، امس، لدعوة المعارضة الى الاعتصام المفتوح، في وسط العاصمة الذي امتلأت ساحاته، بمئات آلاف المحتشدين، قبل ساعات من الموعد المقرر للاعتصام، في ظل إجراءات أمنية

مشددة للقوى الأمنية والآلاف من عناصر الانضباط من الجهات الداعية للتحرك، مع التزام شبه كامل بالشعارات الموحدة ورفع الأعلام اللبنانية.

وألقى العماد عون كلمة بالمحتشدين من خلف ستار زجاجي واق يحيط به المعاون السياسي للأمين العام ل<حزب الله> حسين خليل والنائبان أسامة سعد وعلي حسن خليل، دعا فيها الى المضي في مسيرة التغيير والإصلاح وصيانة القرار الحر وصيانة حقوق المواطنين، وقال <نحن لا نسعى الى عزل الآخرين ولا الاستئثار بالسلطة، ولا الحصول على مصالح فردية أو فئوية، بل نسعى لتركيز الوطن على دعائمه الأساسية التي بدونها لن يحيا وطن>.

وأضاف عون <نحن نسعى للمشاركة في القرار الوطني، لا للتعطيل>، وقال إننا <إذ ننتقد رئيس الحكومة اليوم، لا نوجه نقداً للطائفة السنية، كما شاء البعض أن يصوره، نحن نوجّه نقدنا وطلباتنا الى رئيس الحكومة اللبنانية الذي بأدائه أخطأ كثيراً، ويجب أن يتنحى عن مركزه ليجلس مكانه سنّي آخر، أكثر خبرة وأكثر معرفة بنسيج الشعب اللبناني وبقضاياه الوطنية>.

ودعا عون رئيس الحكومة ووزرائه للاستقالة، وأن يصبحوا مثل زملائهم مستقيلين، يمارسون تصريف الأعمال حتى نهاية الأزمة والخروج بحكومة وحدة وطنية تعالج المشاكل الشائكة. وقال إن المخرج الوحيد الباقي هو الاستقالة.

وألقى النائب علي حسن خليل كلمة قال فيها <لا لبقاء هذه الحكومة، نعم لحكومة الوحدة الوطنية. نريده اعتصاماً سلمياً ديموقراطياً لنحافظ على سلمنا الأهلي... ولنبق معاً حتى نحقق شعارنا ومطلبنا بقيام حكومة الوحدة الوطنية وهي آتية آتية آتية بإرادتكم جميعاً>.

قطع الطرق المؤدية

للسراي يحدث بلبلة

وبعد ذلك، تحوّل المهرجان الى اعتصام مفتوح، تخللته مبادرات قيل إنها عفوية للتمدد باتجاه كل المداخل المؤدية للسراي حيث قطعت أمام السيارات والمارة نهائياً، الأمر الذي احدث بلبلة سياسية وأمنية.

ووفق رواية قدمتها بعض المصادر الرسمية اللبنانية، فإن الجيش <كان قد حصل على ضمانات مسبقة من الداعين للتحرك بعدم قطع الطرق ووضع خطته على الأرض على هذا الأساس بدعم من رئيس الحكومة، ولكن ما حصل من تمدد من قبل عناصر الانضباط التابعين ل<حزب الله> ادى الى قطع كل الطرق ونصب خيام فيها، واستوجب ذلك اتصالات على ارفع المستويات، ابرزها قيام رئيس الحكومة بإبلاغ كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان بأنه إذا لم تفتح الطرق حول السراي خلال ثلاثين دقيقة، فإنه من شأن تسرّب ذلك الى وسائل الاعلام، إحداث ردات فعل عفوية وبالتالي عليكم بمعالجة الامر فوراً>.

وأضافت المصادر الرسمية نفسها انه جرت اتصالات بين قيادة الجيش و<حزب الله> ابلغ بعدها الرئيس بري رئيس الحكومة والسفير السعودي (وخاصة أن بري تلقى اتصالاً من العاهل السعودي لهذه الغاية)، بأن الخيم قد ازيلت وتم فتح الطرق باستثناء الطريق من عند مدخل <بناية العويني>.

كما تلقى رئيس الحكومة اتصالات مستفسرة من السفيرين السعودي عبد العزيز خوجة والمصري حسين ضرار، تبعها اتصال من العاهل السعودي الملك عبد الله بالسنيورة وجميع الوزراء المعتصمين في السراي، حيث ابلغهم رفض المملكة لأي عمليات إخلال بالأمن ودعم المملكة للمواقف السياسية للرئيس السنيورة والحكومة.

وقال احد قادة اللجان المنظمة للتحرك إن ما حصل <كان عفوياً> وإن الاتصالات مع قيادة الجيش اثمرت فتح الطريق.

وعلم ان الاتصالات التي اعقبت اغلاق طرق السراي، شارك في جزء منها السفير السعودي عبد العزيز خوجة، باتجاه قيادة <حزب الله>، حيث نقل موقفا سعوديا رافضا بالمطلق لاي عمل من هذا النوع، محذرا من اية محاولة لاسقاط حكومة السنيورة في الشارع. وجاء رد الحزب واضحا <بان الكرة في ملعب رئيس الحكومة وعليه ان يقيس الامور جيدا بعد تظاهرة الامس>.

وعمّمت اللجان التنظيمية للتحرك برنامج اليوم الثاني والثالث ويشمل القاء خطب سياسية، في ظل توقعات بان تتضاعف اعداد المعتصمين يوم غد الاحد.

السنيورة يواصل عمله

<برغم الضغوط>

واجرى رئيس الحكومة اتصالا، صباح امس، بالعاهل السعودي وايضا بكل من الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ومفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، وتبلغ منهم ومن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، مساء امس، دعمهم الكامل <للموقف الشجاع لحكومته وحفاظها على القيم الديموقراطية>.

وقد حمل مبارك السفير ضرار رسالة عاجلة إلى الرئيس بري يطالبه فيها بسرعة التدخل لاحتواء الأزمة والعمل على استقرار لبنان بما يحقق مصلحة الشعب اللبناني ويحافظ على أمن لبنان واستقراره.

وأبلغ السنيورة نظيره الفرنسي دومينيك دو فيلبان خلال اتصال هاتفي معه <تصميمه على مواصلة عمله رغم الضغوط>، بحسب ما ذكر قريبون من رئيس الوزراء الفرنسي الذي رد مؤكدا <دعم فرنسا الكامل لحكومة السنيورة من اجل لبنان سيد وديموقراطي>.

وقالت مصادر رئيس الحكومة ان ما جرى امس <اثبت ان الحكومة قادرة على حفظ حق التعبير السلمي الديموقراطي، لكن ما جرى من قطع للطرق يثبت ان الامور كانت على حافة الانهيار، وهو ما يجب ان يدفع جميع الاطراف المعنية الى التفكير في خطورة ما حدث والعودة الى طاولة الحوار لاننا لن نصل الى اية نتيجة الا من خلال الحوار>.

واضافت ان رئيس المجلس النيابي ما زال امامه دور ومسؤولية في معالجة هذا الامر <واذا تكرر قطع الطرق وخرق القواعد العامة للتظاهر السلمي قد لا يكون في المستطاع ضبط الامور>.

شيراك يبلغ الحريري

دعمه للحكومة

وتلقى رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، مساء امس، اتصالا من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، اعرب فيه عن دعم فرنسا لديموقراطية لبنان وسيادته واستقلاله، مؤكدا ان فرنسا التي طالما وقفت دوما الى جانب لبنان وحكومته <تسير قدما في التحضير لعقد مؤتمر <باريس 3> مع الرئيس فؤاد السنيورة> كما جاء في الخبر الذي عممه المكتب الاعلامي للحريري من قريطم.

ووصف الحريري في حوار اجرته معه قناة <الحرة>، ليل امس، مطالب المتظاهرين بانها <غير وطنية>، وقال بانهم مهما فعلوا واستمروا، فان حكومة السنيورة لن تسقط في الشارع، نازعا عن التظاهر والاعتصام اي طابع وطني عبر الجزم بانه لم يحصل اي تجاوب من المسيحيين مع دعوة العماد عون للتظاهر وان التظاهرة كان لها طابع محدد ب<حزب الله> الذي ادارها برمتها.

وقال الحريري بان تحرك الامس، له طابع واحد وهو منع قيام المحكمة الدولية وعدم تطبيق القرار 1701 وافشال مؤتمر <باريس 3>، واعتبر ان <حزب الله> و<امل> يضعان نفسيهما في موقع الدفاع عن قتلة رفيق الحريري ويسددان الفواتير للنظام السوري، ولم يستبعد احتمال اقدام الحكومة على تعيين وزراء شيعة مكان الوزراء الخمسة المستقيلين، والمح الى احتمال انتقال بعض النواب من المعارضة الى الاكثرية.

وقال الحريري انه يمد يده الى <حزب الله> و<امل> و<التيار الحر> من اجل تسوية لكل الازمات وليس ازمة واحدة، فننتخب رئيسا للوحدة الوطنية ثم نشكل حكومة وحدة وطنية <وقال انه لا مشكلة لدى فريق الاكثرية بالنسبة للموضوع الرئاسي وتساءل <هل من الممكن ان نتوافق على ميشال عون رئيسا بعد كل ما فعله بنا>؟.

وقال الحريري ردا على سؤال انه ليس بمقدوره اسقاط لا النظام السوري ولا اي نظام آخر <ونحن نؤمن بعلاقات مميزة بين لبنان وسوريا وبين لبنان وايران ولكن ليس على حساب بلدنا>، معتبرا ان المحكمة الدولية وسيلة حماية وليس اسقاط انظمة.

واشنطن تدعو الى عدم تجاهل شعبية السنيورة

في واشنطن قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس خلال مقابلة مع قناة <العربية>، ان <خصوم حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة الذين يتبع العديد منهم رعاة أجانب في سوريا وإيران، هم في الشارع. غير ان مؤيدي السنيورة نزلوا الى الشوارع قبل أيام. لذا يجب الا نتجاهل نسبة التأييد لحكومة السنيورة في لبنان>.

وردا على سؤال حول موقفها من إمكانية اندلاع حرب أهلية في لبنان وفلسطين والعراق، قالت رايس <نعتقد ان هؤلاء الناس ان كانوا في الأراضي الفلسطينية أو لبنان أو العراق، فانهم يريدون مستقبلا واحدا ونحن مصممون على مساعدتهم للحصول هذا المستقبل الديموقراطي والسلمي>.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية توم كايسي ان <هذه التظاهرات (التي قامت بها المعارضة اللبنانية)، كما تعرفون، ترمي الى اطاحة الحكومة الشرعية والمنتخبة ديموقراطيا في لبنان>.

واضاف ان <التهديدات واعمال التخويف والعنف ليست بالتأكيد وسائل يمكن ان نعتبرها ديموقراطية لتغيير الحكومة>. واتهم سوريا وايران بانهما <المحرضان الحقيقيان لاستعراض القوة الذي تقوم به المعارضة الشيعية>.

واكد المتحدث <نشعر بقلق عميق من استمرار <حزب الله> وحلفائه، بدعم من سوريا والحكومة الايرانية، بمحاولة زعزعة الاستقرار في لبنان>.

وقال <مع احداث كاغتيال الوزير بيار الجميل واخرين، فمن الواضح ان ثمة تصرفا اكيدا يرمي الى تخويف القوى المتحالفة مع الحكومة المنتخبة ديموقراطيا في لبنان>.

واوضح كايسي ان سفير الولايات المتحدة في بيروت اتصل بالرئيس السنيورة معربا له عن دعم الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، قال المندوب الاميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون تعليقا على مقال صحافي حول كشف القوات الأمنية اللبنانية لشبكة تخطط لاغتيال 36 مسؤولا لبنانيا، انه <ليس لدي تأكيد لهذه المعلومات غير ان زملاءنا في بيروت قالوا لنا ان العديد من القادة اللبنانيين خاصة من حركة 14 آذار عبروا عند اغتيال بيار الجميل عن تخوفهم من حدوث حملة اغتيالات جديدة>.

بريطانيا تدعم الحكومة والتسوية السلمية

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت، التي وصلت الى بيروت، مساء امس، آتية من عمان في زيارة رسمية للبنان تستمر يوما واحدا ان زيارتها ستشكل <فرصة لتعزيز دعم المملكة المتحدة لجهود الحكومة اللبنانية بالمحافظة على الاستقرار والديموقراطية>.

وفي رد على سؤال عن التظاهرات والاعتصامات التي قامت بها المعارضة، اعتبرت بيكيت بعد زيارة تعزية للرئيس امين الجميل في سن الفيل، أن <من مصلحة الشعب اللبناني ان يتمكن من ايجاد حلول سلمية لاي خلافات بالطرق السلمية>، واكدت ان الحكومة البريطانية <تريد ان تساهم مساهمة فعالة في هذه العملية ونود ان نرى ذلك يتحقق>.

 

المشهد الديموقراطي في مواجهة <الدول>؟! 

طلال سلمان  -السفير

 تبدت المفارقة مفزعة بدلالاتها يوم أمس: بين مشهد الحشد الشعبي الأسطوري الذي فاضت به ساحات بيروت وشوارعها، وبين القدرة على حل الأزمة السياسية التي تأخذ بعنق البلاد، بمثل هذا الأسلوب الديموقراطي. لقد نزلت المعارضة إلى الشارع بطوفان جماهيري لم يسبق للبنان ان عرف له مثيلاً، رافعة شعار تغيير الحكومة البتراء التي باتت عنواناً للأزمة ولتداعياتها التي لا حصر لمخاطرها. كان المشهد لوحة رائعة للممارسة الديموقراطية: آلاف الآلاف يتقاطرون من كل مناطق لبنان وجهاته فيتلاقون في أفياء عاصمتهم الأميرة، بيروت، التي طالما شكلت حاضنة للنضال الوطني والقومي، يهتفون ويهزجون ويرددون شعاراتهم المدروسة والمطالبة بتغيير الحكومة مغناة، ثم ينفضّون بهدوء لافت وبنظام <حديدي>، فلا شجار ولا تزاحم ولا استفزاز لأي طرف، ولا اعتداء على الأملاك العامة... مع تقدير معلن وناضح بالود تجاه قوى الجيش والأمن المكلفة بحفظ سلامة الممارسة الديموقراطية، والتي تعاملت مع هذا الطوفان الجماهيري بانضباط صارم يخالطه الحرص على <المعارضين> بوصفهم أخوة لهم أتوا كما أتى غيرهم من قبل، وكما قد يأتون من بعد فمارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم بالشعار المحمول والهتاف المغنّى، ثم عادوا من حيث جاءوا إلا المكلفين بالاعتصام حتى تحقيق المطالب، في مواجهة <السراي> مقر من يطالبون برحيله.

ولكن... بموازاة هذا المشهد الديموقراطي كانت <الدول> جميعاً، تتحرك تحت قيادة الإدارة الأميركية لحماية <الحكومة الدستورية> والرئيس فؤاد السنيورة، بوصفه <رجل الدولة> وحارس الشرعية والدستور في لبنان.

ومع التقدير للدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في التهدئة، وجهود سفيرها في بيروت من أجل إيصال الأطراف السياسيين إلى <تسوية> أو <حل وسط>، فقد حفل يوم أمس بظاهرة جديدة لافتة: فلم نألف، من قبل، ان يتصل عاهل السعودية شخصياً برئيس الحكومة وبالوزراء المعتصمين أو المحاصرين في <السراي>، ويخاطبهم واحداً واحداً، بكل ما يعنيه مثل هذا الاتصال من دعم، وبالتالي مما يمكن اعتباره موقفاً مسانداً لهم في وجه معارضيهم.

ولم يتعود اللبنانيون من الدول العربية المؤثرة، وبالذات السعودية، إلا الحرص على وحدتهم وحضهم على التقارب والتفاهم والاشتراك في بناء سلطة تحظى بإجماعهم، أو تؤمن الوفاق بينهم.

ومع التقدير لحرص السعودية على تعزيز الاستقرار في لبنان، فلا يمكن فهم هذه المبادرة إلا إذا رأينا فيها تدعيماً لموقف الحكومة ورئيسها ومنع انهيارها، تمهيداً لأن تباشر المملكة دوراً

مطلوباً في صياغة مشروع الحل العتيد، الذي يعجز اللبنانيون، حتى الساعة، على الوصول إليه بأنفسهم.

والمشهد الذي قدمته بيروت للعالم عموماً وللعرب خصوصاً يوم أمس يستحق التقدير والاعتزاز، إذ ان المعارضة التي تتمتع بكل هذه القوة الجماهيرية التي فاضت عن ساحات بيروت جميعاً، تلتزم المسلك الديموقراطي في طلب التغيير، من داخل ركائز النظام وموجبات الوفاق الوطني.

ومن البديهيات ان اللبنانيين لا ينتظرون من الإدارة الأميركية إلا تحريض بعضهم على البعض الآخر، خصوصاً انهم يحفظون لها دورها المباشر في الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما جرى على هامشها من محاولة لسحب جماعة 14 آذار بعيداً عن المقاومة وتحريضهم عليها،

كذلك فإن تصدّر تصريحات التأييد والمساندة للرئيس السنيورة وحكومته من جانب المسؤولين البريطانيين والفرنسيين عموماً، يتقدمهم الرئيس جاك شيراك، ويلتحق به المرشحون المتعارضون سياسياً لخلافته في الرئاسة هو أمر له ما قبله وهو متوقع ومفهوم.

وبديهي أن نعتبر أن الأشقاء العرب أحرص على لبنان وأعرف بشؤونه من الأجانب ولو كانوا <أصدقاء>. في المقابل نحب ان نفترض ان الدعم العربي، خاصة، لحكومة السنيورة هو مقدمة كان لا بد منها من أجل <مبادرة> ترتكز إلى <حل وسط> مفتقد، وذلك عبر إضافة النفوذ العربي إلى الرصيد الضعيف للحكومة لكي يمكن بعد ذلك الحديث مع المعارضة من موقع <الند> ولو كانت قوته من غيره. ولعل الأيام القليلة المقبلة تحمل الجواب.. المطلوب.

 

جماهير وطوائف! 

سليمان تقي الدين  -السفير

 التفاؤل الذي تُبديه المعارضة بقدرتها على إسقاط الحكومة وإنجاز التحول السياسي المطلوب خلال أيام، لا ينسجم مع توصيفها لطبيعة السلطة وقواها والجهات الدولية التي تقف وراءها. مثلما ان السلطة تبدي تفاؤلاً مفرطاً بقدرتها على الاحتفاظ بموقعها وهي تواجه ما تصفه بالانقلاب المدبّر من قوى اقليمية تبالغ في تأثيرها على السياسة اللبنانية. وخلافاً لمنطق الفريقين المستخدم في التعبئة السياسية، فإن جمهور البلاد منقسم على حد السكين، ولدى كل فريق عصب شعبي وطائفي ومكان جغرافي فسيح يلوذ به ويعتصم. هذا التوازن الصعب للقوى المحلية في امتداد توازن اقليمي ودولي لم يُحسَم بعد، يجعل من معركة التغيير في لبنان أقرب إلى مأزق حقيقي. فإذا كان التفاوض السياسي الذي ارتدى طابع الحوار والتشاور، لم يؤد الى توافق سياسي عنوانه تحقيق الشراكة، فإن استعراض القوى في الشارع بالوسائل الديموقراطية والسلمية عن طريق التظاهر والاعتصام وحتى العصيان المدني، واقناع الطرف الآخر بالتخلي عن امتيازات السلطة حفاظا على مشروعه السياسي الذي يستمد زخمه من مقاومة <الوصاية السورية>، لن يكون سهلاً. ان فريق الأكثرية النيابية يقبض على صلاحيات يعتبرها دستورية، ويستقوي بالقانون <الديموقراطي> ليرفض مطالب فريق الأكثرية الشعبية الذي يطالب باحترام الاعتبارات <الميثاقية>. لكن الفعلي في الأمر ان البلاد لا تحكم من دون شراكة بين المجموعات الطائفية، كما لا يمكن ان تدار في ظل التعطيل المتبادل الناتج عن طبيعة الانقسام الوطني، وليس فقط من خلال علاقات المؤسسات وآليات عملها. فالميثاقية في النظام اللبناني هي انعكاس لخيارات سياسية كبرى تلتقي مع التوزيع الطائفي وليس العكس.

من البديهي ان يقف رئيس الحكومة مدافعا عن شرعية حكومته وسياساتها، ويرفض التنحّي باسم الأكثرية البرلمانية، لكن من غير المعقول ان يصف المعارضة بما تمثل من مكونات البلاد بالانقلابية والخارجة على القانون والوطن. يتداعى إلى الذاكرة فوراً بيان رئيس الحكومة الأسبق رشيد الصلح عام

1975 وهو يتهم الكتائب آنذاك بما اتهمها به، ولو أن الرئيس فؤاد السنيورة قال ما قال في جلسة برلمانية لكان تعرّض لما تعرّض له الرئيس الصلح آنذاك من ردة فعل. لكن فارق الأحداث ان رشيد الصلح كان يمثل القوى التي تريد المشاركة والتغيير، بينما يمثل الرئيس السنيورة الفريق الذي يريد الحفاظ على توازنات السلطة الحالية من دون مشاركة من فريق المعارضة.

قد يكون هذا التشبيه غير مطابق تماماً للواقع، فالتاريخ يعيد نفسه مرة كمأساة ومرة كمهزلة، لكن الشعب اللبناني <العنيد> يكرر صراعاته الأهلية حين يتغافل عن قوانين الصراع. فهل يحق لهذا الجيل الذي يعرف أن اللبنانيين ليسوا مجرد مواطنين تنطبق عليهم <حيلة> الديموقراطية، بل هم مجموعات طائفية ذات طبيعة جماهيرية، وانهم مستقطبون إلى خيارات سياسية أشبه بالأوهام الكبرى والأساطير منها إلى البرامج <الذكية> التي تتحدث عن نمط حياة <فرح> مقابل نمط حياة نضالي <متقشف>. وهذا الاستقطاب ليس من طبائع الجماعات، فلا الليبرالية الحداثية التي يبشر بها رئيس الحكومة وصحبه هي التي تجذب سُنة عكار والضنية وطرابلس والطريق الجديدة واقليم الخروب، ولا الكربلائية التي يمثلها زعيم المعارضة الأول، هي التي تجذب زغرتا وكسروان والمتن وبعض الشوف وزحلة. ثمة ما هو أبعد بكثير يحرك هذه الجماهير في خطوط المواجهة بين السلطة والمعارضة، حيث تتكون قوى جاهيرية للمشروع الأميركي في المنطقة كما لنقيض هذا المشروع. إن مطلب المشاركة في إدارة شؤون البلاد هو محور القضية، الأمر الذي لا مفر من الاقرار به طريقاً لصون وحدة البلاد واستقلالها. ولن تبدّل أشكال المواجهة المختلفة الحقيقة الثابتة التي تقضي بأن يعود الجميع إلى منطق التفاوض وصولاً إلى التسوية.

 

واكيم عند بري: التحرك لتنبيه أصحاب الرؤوس الحامية 

-السفير استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، امس، في مقر الرئاسة الثانية النائب السابق نجاح واكيم، الذي قال <ان تحرك المعارضة ليس استفزازا لأحد وليس تحديا لأحد، ولكن لعله ينبه أصحاب الرؤوس الحامية الى الوضع المقلق الذي وصلت اليه البلاد بسبب رعونة البعض وبسبب ابتعاده عن كل منطق وعن روح المسؤولية الوطنية التي يجب ان يتحلى بها الجميع اليوم>.

أضاف: <لبنان مأزوم على كل الصعد، يجب أن يعمل الكل من أجل إخراج لبنان من هذه الازمة. لا شيء يعلو فوق هذه المصلحة الوطنية. لذلك في الحديث مع الرئيس بري وايضا مع عدد من أقطاب المعارضة، الكل يجمع على أن هذه التظاهرة وهذا الاعتصام، لعل فيهما نداء الى الجميع، اولا الى جميع المواطنين والى جميع القوى السياسية، ان يعود الجميع الى لغة العقل والحوار والمنطق، فنخرج البلاد من المأزق ولا نتشبث بمواقف تودي بلبنان الى ما هو أخطر من هذا المأزق. أعتقد ان قوى المعارضة بكل أطرافها، وكل المسؤولين فيها، تدرك حجم المسؤولية الوطنية وتتصرف بشكل حكيم وعاقل ورصين. وليعد الجميع قراءة تصريحات وبيانات قوى المعارضة، يرى انها تتسم بالمسؤولية والمرونة وهدفها الرئيسي صون السلم الاهلي في البلاد والحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز الشرعية عن طريق إعادة بناء مؤسسات الدولة بما ينزع أي التباس حول شرعية هذه المؤسسة أو تلك>.

واستطرد واكيم: ليحاذر الجميع المخطط الاميركي، بموجب القرار 1559 واستنادا الى هذا القرار تم التشكيك بشرعية رئاسة الجمهورية عن طريق السلوك المدروس ولكن المتهور لبعض القوى في الحكومة، تم دفع عدد من الوزراء الى الاستقالة وكانوا يعلمون انه بهذه الطريقة يسقطون شرعية الحكومة، واذا انتقلوا بالازمة كما هو مخطط الى مجلس النواب فسوف يسقطون شرعية مجلس النواب أي سوف تسقط شرعية مؤسسات الدولة، سوف تسقط الدولة. ماذا يبقى في لبنان غير الفوضى، هذا ما يخطط له أعداء لبنان. أنا لا أتهم أحدا في الداخل، ولكن أقول أخشى ان ردات الفعل والتشبث بمواقع هي زائلة، أخشى ان يؤدي هذا الى تنفيذ ما تريده القوى التي لا تريد خيرا لهذا البلد. وليتذكر الكل الكلام الذي قاله الملك الاردني وهو أقرب الى قلب الاميركيين وعقل الاميركيين ومخططهم، عندما تحدث قبل ايام عن حروب أهلية سوف تعم المنطقة ووضع لبنان وفلسطين ثم العراق. لعل هذا الكلام يسمعه الجميع على مختلف اتجاهاتهم، ليعرفوا كيف يمكن، وأنا أعتقد انه يمكن تجنب ما هو مخطط لهذا البلد من قبل أعداء لبنان ولكن عن طريق العقلنة والهدوء والخضوع للغة المنطق والعمل معا لإخراج لبنان من هذا المأزق الذي تدفع باتجاهه خصوصا الولايات المتحدة الاميركية.

واستقبل الرئيس بري ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في كندا نبيل عباس. ثم استقبل ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي بحضور نائب رئيس حركة <أمل> هيثم جمعة وعضو المكتب السياسي بلال شرارة. وبعد اللقاء قال زكي: في ظل التطورات على الساحة اللبنانية والتي تضعنا جميعا على مفترق طرق، لا يمكن لنا كفلسطينيين وللبنان دور في أعناقنا ان نقف متفرجين، باعتبار دورنا جامعا وموحدا وحواريا. وكنا اليوم مع الرئيس بري الذي تألق في تجاوز أزمات، نعرض له حرقتنا وشعورنا بضرورة ايجاد المخرج من هذا المأزق. ورحب بأي جهود يمكن ان تؤدي الى إنهاء هذه التجاذبات وخروج لبنان معافى ان شاء الله وبقوة وحل معضلاته.

 

تظاهرة الساحتين: الأهداف والرايات والشعارات موحدة والألوان متعددة زاهية 

زينب ياغي  -السفير

في منطقة الدورة، في منطقة البربير، عند نفق سليم سلام... كانت حشود المشاركين لا تزال على الطرقات، عندما بدأ العماد ميشال عون خطابه نحو الثالثة من بعد ظهر أمس، خلال التظاهرة التي دخلت تاريخ لبنان الحديث. ضخمة وفريدة. الحشد ضخم، التنظيم مهيب، الانضباط شبه نموذجي. كل شيء كان مُعَدا بتأن، وبإحكام. مختلطا كان الحشد: بالفئات العمرية، بالخلفيات الاجتماعية، بالمستويات الاقتصادية، بالخلفيات الدينية.. بعضهم مشى إلى وسط المدينة، إلى جانب أمه أو أبنائه. مسنون أتوا بمفردهم، نساء أو رجالا. البعض الآخر حضر بالباصات من المناطق الأخرى. بحر من البشر، صب من كل حدب وصوب في قلب بيروت. مشاهد كثيرة في التظاهرة تبدو جديدة، حزب الله يخوض مع قوى المعارضة للمرة الأولى في تاريخه السياسي، معركة تغيير داخلي. يرفع شعارات التغيير، والاصلاح، والفساد، والديون، والعجز الاقتصادي، والجوع. شعارات حزب تغييري، ليس فقط شعارات حزب تحريري. ربما يصبح السؤال هو ما الذي تنوي المعارضة فعله في حال حصولها على مطلب التغيير الحكومي؟. مطالب ترفعها في قلب بيروت، وليس في ضاحيتها، في المكان الذي بني من أجل طبقات متوسطة وما فوق، كان يقال لدى بنائه إن الناس سيدخلونه عبر دفع اشتراكات مالية.

ظهر الحزب أمس مقاتلا في الداخل بالعزم نفسه الذي يقاتل به اسرائيل، بالتنظيم نفسه، بالمثابرة نفسها، لكن من دون سلاح. ممنوع السلاح بكل أنواعه. هكذا يقول المسؤولون الاعلاميون في قوى المعارضة الذين كانوا يتولون تنظيم مكان التظاهرة والاعتصام.

لدى المشرفين على تنظيم التظاهرة والاعتصامات توجيهات واضحة: <لا مكان للتراجع> عن التحرك حتى تحقيق الهدف منه، قرار أشبه بكلمة السر <لا مكان للهزيمة> التي يعطيها الحزب للمقاومين. لا أعداء في الداخل أبدا، إنما شعور عميق بالخيانة.

يقول أحد المسؤولين الاعلاميين في حزب الله: <اتفقنا معهم خلال الانتخابات النيابية على إعطائهم الغالبية مقابل دعم المقاومة، حصلوا على الغالبية وتخلوا عن المقاومة>، ثم يضيف: أعطيناهم فرصا عديدة لتعديل مواقفهم، لكنهم يعتبرون أنفسهم اقوياء لأنهم مدعومون من الولايات المتحدة. نحن واجهنا الولايات المتحدة، يبدو أنهم لا يعرفون بعدُ مع من يتعاملون.

بدوره، يوضح مسؤول إعلامي في التيار الوطني الحر أن المعارضة تحسب حساب الاحتمالات الصعبة، لذلك سوف يكون نفسها طويلا: لن نبذل كل جهدنا في يوم واحد، سوف يجري تنظيم الاعتصام يوميا. يعتبر المسؤول أنه لم يجر التعدي على التيار خلال فترة نضاله ضد الوجود السوري في لبنان كما جرى الاعتداء عليه بعد اغتيال النائب بيار الجميل: <لولا قرار الجنرال بإخلاء المكاتب لحصلت مجازر، لأن عناصر القوات اللبنانية كانوا يقتحمونها من دون أي وازع>.

بدأت المعارضة أمس الخطة <الرقم واحداً> كما يسميها أحد المسؤولين الاعلاميين، اعتصام في ساحتي رياض الصلح والشهداء، الخطة الرقم اثنين يعلن عنها في اليوم التالي وهكذا... لا شيء يعلن مسبقا، يملك عنصر المفاجأة تأثيره بالنسبة اليهم، لا ردود على الاستفزازات مهما بلغ حجمها، هكذا يؤكد المسؤولون عن تنظيم التحرك، هكذا اتفقت قياداتهم السياسية.

عند السادسة صباحا وصل عناصر الانضباط الى وسط البلد. عشرون ألف عنصر معظمهم باللباس الكحلي مع القبعات الرمادية. عند العاشرة اكتملت التجهيزات وبدأ توافد المتظاهرين.

جاؤوا من كل الجهات، بألوان كثيرة، وبعض فرح، وآمال كبيرة. أطفال ونساء وشيوخ ورجال... شبان يصفقون ويهتفون هنا، فتيات يتفيأن هناك، نسوة يرفعن رايات الوطن ويطالبن الحكومة بالرحيل، ومسنة تحمل علمين وزجاجة مياه معدنية تفترش الرصيف تلتقط أنفاسها اللاهثة بعد المسافة الطويلة التي قطعتها مشيا على الأقدام. وبين هؤلاء كلهم، باعة متجولون يحملون مؤنا من الكعك أو زجاجات الماء يأملون أن يمكنهم بيعها اليوم من جني أرباح ولو زهيدة.

عند الثانية عشرة تقريبا امتلأت ساحة رياض الصلح. عند الثانية عشرة والنصف أطل نجل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من شرفة القصر الحكومي، كي يرى التظاهرة، فصرخت الحشود على الطريق المقابل: <هووه>. لم تكن تعرف من الذي أطل لأن شكله غير واضح، لكن شرفة القصر تعطي هوية من يطل منها. عند الثالثة بعد الظهر كانت ساحتا رياض الصلح والشهداء والطرقات المؤدية إلى كل منهما مع جسر فؤاد شهاب ممتلئة عن آخرها.

مكان خاص في ساحة رياض الصلح لمسؤولي حزب الله الاعلاميين من أجل متابعة تنظيم التظاهرة بأدق التفاصيل. مكان خاص للتيار الوطني الحر في ساحة الشهداء للغاية نفسها. يقول أمين السر للتيار الوطني الحر طوني مخيبر إن التيار أراد الاعتصام في ساحة الشهداء لأن لديها بالنسبة له رمزية خاصة، ولن يتخلى عنها. كان التيار أول من نزل الى الساحة لدى تحرك الرابع عشر من آذار، وبقي فيها حتى فترة ما قبل الانتخابات النيابية.

بين الساحتين توزعت قوى المعارضة، حركة أمل، تيار المردة، اللقاء الوطني ويضم أنصار كل من الرئيس عمر كرامي وطلال ارسلان وعبد الرحيم مراد، وغيرهم.

بدأ الاحتفال ببث أناشيد فرقة الولاية الجديدة الخاصة بالمناسبة. إشارة البداية: <تارارتاتاه جنرال>. ثم المقطع الشهير من خطاباته: <يا شعب لبنان العظيم>. ليبدأ النشيد: <حي على الاصلاح، حي على التغيير. حي على الاصلاح حي على التحرير، قوموا سوا نبني الوطن>. بعد مقطع من كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، نشيد: <يا صناع الفتن حلوا عن هالوطن>. وعندما جرى بث مقطع من إحدى خطب السيد حسن نصر الله خلال حرب تموز: <كما وعدتكم بالنصر أعدكم به مجددا> علت الأصوات، كأنه يتحدث الى الجموع مباشرة. ثم نشيد: <كما كنت بالنصر واعدا أعدكم بالنصر مجددا>.

رفعت الحشود الآتية من المناطق، هتافات موحدة وحملت شعارات موحدة، بعد اتخاذ قيادة المعارضة قرارا بذلك، التزم المشاركون بها لدى وصولهم الى وسط البلد، كما جرى الالتزام بالأعلام اللبنانية، بعد رفع الأعلام الحزبية في الطريق.

أكثر الهتافات تردادا على مدى ساعات التظاهرة: <يا سنيورة طلاع برا، بدنا حكومة حرة>، بوصفه كان الهتاف الأكثر تعبيرا عن هدف التحرك، جاء في تكملته: <شبعنا كذب شبعنا دموع، بدنا حكومة تسد الجوع، يا سنيورة سماع اقشاع بدنا حكومة ما بتنباع>. أما أكثرها تعبيرا عن الربط بين التحرير والتغيير فكان: <كما النصر التغيير آت آت آت>.

رسميا وبشكل جماعي، لم يتم توجيه أي هتاف داخل الساحات في وجه أي من قوى الرابع عشر من آذار. رُفع فقط شعار غير مباشر بوجه النائب وليد جنبلاط: <لأننا نحب الحياة نريد حكومة نظيفة> ردا على قوله خلال خطابه في موكب تشييع النائب الشهيد بيار الجميل: <نحن ثقافة الحياة والفرح وهم ثقافة الموت والحزن>.

جرى التصويب بعد السنيورة على السفير الأميركي جيفري فيلتمان، وهتف المتظاهرون بصوت عال: <يا بيروت الأبية نحنا رجال الحرية. الوصاية الأميركية كذبة ما بدنا هيي، فيلتمان طلاع برا بدنا حكومة حرة حرة>. ثم هتفت مجموعة من أنصار التيار الوطني الحر كانت تتجمع في ساحة الشهداء ضد وزير الداخلية العائد حسن السبع: <بالداخلية في وزير كثير شاطر بالتنظير، عن قريب بدو يطير مع طيور البرية>، وكتب على إحدى اليافطات شعار ضد وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت: <إكسبرس قوى الأمن الداخلي لصاحبه أحمد فتفت بإدارة المعلم عدنان داوود>.

بدا عدم اهتمام الحكومة بالمناطق التي طاولها العدوان في تموز مسجلا في ذاكرة الذين عانوا من ويلات تلك الحرب، سألوا عنها كثيرا خلال اللقاءت بهم خلال الحرب، ووجهوا اليها أمس هتافا يحمل معاني اللوم الشديد: <دولتنا اللي منريدها تملك قرارا بإيدها، تحمينا بإيام الحرب وما تسحب منا إيدها>. وبُث أكثر من مرة نداء <عيتا> بصوت الفنان رفيق علي أحمد.

في خطوة جديدة على التظاهرات التي يشارك فيها حزب الله، صعدت امراة الى المنبر الرئيسي وتوجهت الى المتظاهرين عبر مكبرات الصوت قائلة: <أثبتم في الأول من كانون الأول، أنكم الأول. الشهداء من الزعماء يُسمون بأسمائهم، لكن لدينا ألف شهيد في الجنوب، لديهم اسم واحد، فدا لبنان>. كان صوتها قويا واضحا وواثقا، استجاب لها الحضور عندما تحدثت عن الشهداء. ثم تابعت: <علم لبنان ليس على الشرفات إنما في الساحات. اعتصامنا مفتوح مثلما هو قلبنا مفتوح على كل خير، لأن لبنان همنا، وهمهم السلطة>. كانت الوحيدة التي وجهت اللوم الى قوى المعارضة باسم المتظاهرين على تأخرها في النظر الى الوضع الاقتصادي الآخذ بالتراجع منذ خمسة عشر عاما، لكنها قالت <نحن نطلق الآن ساعة الصفر ووجوههم صُفر>.

عند الثالثة والنصف صعد العماد ميشال عون الى المنصة كي يتحدث باسم قوى المعارضة، ووقف خلفه كل من النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد. بعدما دعا الجنرال الحكومة وأعضاءها للاستقالة، تحدث النائب علي حسن خليل داعيا المعتصمين لأن يكونوا النموذج والصورة المشرقة بالدفاع عن لبنان واقتصاده الذي تحرص عليه المعارضة أكثر بكثير من الحكومة الفاقدة الشرعية والدستورية، مؤكدا على البقاء معا حتى تحقيق مطلب قيام حكومة الوحدة الوطنية. انطلق الاعتصام أمس، لكن التحضير الاستباقي له بدأ منذ اسبوع، أربع شاحنات تحمل مكبرات الصوت. خيم كبيرة الحجم وصغيرة الحجم، لكن النهاية حاسمة: التغيير ثم التغيير.

 

 الضاحية تلتقي بالبقاع عند مار مخايل ومزيج الناس يغلب عليه مشهد المراهقين

في النهاية.. جلس المعتصمون ينظرون إلى السرايا الحكومية وقد باتت محاصرة 

جهاد بزي  - السفير

 رفع الشاب ساعده مشيراً إلى السماء. <من بعيد بعيد، من الهرمل>. نصفه الأعلى يتدلى من مؤخرة الشاحنة المكشوفة الملآنة بالشبان والعالقة بين مئات الآليات على طريق صيدا القديمة.

هذه الطريق لن تخلو للحظة بين الحادية عشرة صباحاً والثانية عصراً من السيل الهائل للباصات والفانات والسيارات والدراجات النارية، تتحرك ببطء شديد بين نقطتين، تقاطع مار مخايل والطيونة، حيث طريق سباق الخيل مقطوعة أمام الآليات ومفتوحة للمشاة فقط. عند تقاطع مار مخايل، يصب حشدان يسلكان طريق صيدا القديمة. الأول آت من البقاع عبر الحازمية، والثاني يخرج من الضاحية الجنوبية. ينطلق الاعتصام قبل الوصول إلى الساحة ويمشي من سيارة إلى باص إلى شاحنة. أطفال ومراهقون ورجال ونسوة يصفقون ويرددون الشعارات.

عائلات تشارك بكامل عديدها وتصبّ جام غضبها على <السنيورة والحكومة>. على طرفي طريق صيدا القديمة، يمشي شبان الضاحية الجنوبية في زمر من عشرات المراهقين. يصرخ الواحد في زمرته: <سيد حسن لا تهتم، عندك شيعة بتشرب دم>. يوافقه البعض مردداً من بعده الشعار، ويرفض الآخرون: ما بدنا طائفية. يعود بعدها الشباب إلى الهتاف: <أصفر أخضر ليموني. بدنا تسقط الحكومة>، أو طاق طاق طاقية، حزب وحركة وعونية.. وسليمان فرنجية>.

تخطو الآليات ببطء. تخرج منها رايات حزب الله والتيار الوطني الحر والعلم اللبناني. شعبية الجنرال ميشال عون وتياره تجعل عشرات المحجبات وصديقاتهن غير المحجبات يضعن الشالات البرتقالية وتجعل الشبان الخارجين من متفرعات الشياح العديدة يهتفون للجنرال مجموعة بعد مجموعة. وفي غالب الأحيان، ألصقت صور الجنرال والسيد معاً على الباصات التي وضع عليها الجهة الآتية منها: النبي شيت، الكرك، شعث، حوش النبي. إلخ. المناطق بدورها مقسمة إلى شُعب، منها <الإمام المنتظر> و<السيد القائد>، و<حيدر>.

عند مستديرة الطيونة، يترجل الناس جماعات وتركن السيارات بينما تغادر الفانات عائدة إلى بطن الضاحية لجلب المزيد من المتظاهرين. عند طريق سباق الخيل، يتلقف عناصر الانضباط الناس. يصادرون أي راية غير اللبنانية. ويطلبون ممن يضع وشاحاً <غير رسمي> إخفاءه في الجيوب. ليس لوقت طويل. كل الألوان ستظهر ليس بعيداً عن عناصر الانضباط، الذين تراهم في كل مكان، بالمعنى الحرفي للكلمة. الرايات بدورها ستعود إلى الظهور في وسط البلد، وإن كانت أقل بكثير من تلك التي ارتفعت في الطيونة من الرايات المصادرة.

من الطيونة وحتى قصقص، يمشي الناس في مجموعات متفرقة. يعود المراهقون إلى الشتائم تطال النائب وليد جنبلاط والحكيم سمير جعجع. هتافات تخبو بسرعة ليحل حلها الهتاف للطائفة، ثم للوزير السابق <البطرك> سليمان فرنجية. أما السنيورة فاكتفوا بالطلب منه بأن <طلاع برّا>. لكن الهتافات ظلت تذهب من السنيورة وإليه تعود.

يمشي رجل بشعر أبيض مستعار يتدلى على كتفيه وقد رفع لافتته على جبينه: <السنيورة شيبني والله>. في مكان آخر، يرفع شاب لافتة كتبها بنفسه: لا أخاف الموت، لكن تقتلني دمعة السنيورة>.

عند قصقص، راح الفرادى ينتظمون في جماعات يرفدهم الآتون من مستديرة شاتيلا. عند قصقص بتنا في مسيرة حاشدة تعبر النفق صاعدة إلى <رأس النبع> وصوب <بشارة الخوري>.

يمشي الناس بالآلاف على خطي سير النفق وقد ارتفعت حرارة حماستهم إلى أقصاها. هذا مزيج من مكوّنات عدة. مراهقات يرتدين قمصاناً صفراً بشعار حزب الله عليها فوق سراويل الجينز الضيقة تبح أصواتهن بالهتاف للسيد. أخريات بالعباءات السود يمشين على خفرهن وليس هناك من حاجز بشري يفصلهن عن الرجال. عجوز يرفع سيفاً ويلقي شعراً عاملياً. الفئات العمرية كلها هنا. من الرضيع الذي يغفو في عربته وقد لُوّن جبينه بالأصفر وبكلمتي <حزب الله> وحتى الشيخ الآتي بالكوفية والعقال. غير أن مشهد المراهقين والمراهقات يطغى على كل ما عداه. جيل برمته يمارس نشاطاً عاماً بفرح لا يوصف.

الخارجون من النفق ستطالعهم شرفة في مبنى إلى يسارهم تقف إليه خلف صورة لسعد الحريري فتاة تضع على كتفيها شالاً أزرق. يرتفع صراخ بضع فتيات محجبات وهن يسدّدن الأبهام من أيديهن نزولاً. وهي، التي في عمرهن، تنظر صامتة بتحدّ. والرجل الجالس على مقعد خلفها يصفق متهكماً لمن يصرخ في الفتاة والشرفة كلها. هذا احتكاك يتيم سيقع في الطريق من الضاحية إلى قلب بيروت. عين الرمانة كانت مسدودة المداخل بعناصر وآليات للجيش اللبناني. والانضباط كان مستنفراً على طول الطريق أمامها. مشهد سيتكرر عند مسجد عثمان ذي النورين في بشارة الخوري. جنود بهراوات خشبية ودروع بلاستيكة يطوقون مدخل المسجد، وعناصر انضباط.

جسر فؤاد شهاب هو أول ما يطل من ساحتي المعارضة وقد احتشد الناس على طوله من الجانبين. بعد الجسر تمتد الساحتان الملآنتان بالناس، الأولى في محيط تمثال رياض الصلح، والثانية من الرينغ وحتى أطراف مسجد الأمين، هناك حيث الحاجز المتين للجيش يقطع الطريق إلى الضريح وساحة الشهداء. يحكي الجنرال. حين ينتهي، يصعد آخرون إلى المنبر لتأجيج حماسة الناس.

يغادر الرجال والنسوة. يبقى الشباب. يبدأ شبان حزب الله بنصب الخيم بين حاجزين: الحاجز القديم الذي يقطع الطريق إلى الأسكوا، وحاجز الجيش الذي يقطع الطريق الصاعد صوب السراي الحكومي. تنصب الخيمات واحدة بعد اخرى، وتربط حبالها بأطراف حواجز الجيش الحديدية. ترتفع الكراسي البلاستيكية في الهواء لتعود وتنتظم في صفوف متراصة يجلس عليها شبان يديرون وجوههم صوب السراي. الطريق إلى السراي قطعت من ناحية زقاق البلاط، حيث المسجد.

المعارضة حاصرت السراي، والسيدة المغادرة تقول بفرح إن السنيورة لن ينام هذه الليلة، وسيظل يسمع صوت السيد حتى الفجر. نزلت العتمة. خلع البعض حذاءه ووقف يصلي. الواقف على شاحنة مكبرات الصوت يطلب بابتسامة واسعة من <الأخوان الواقفين أن يمدّوا الحصر أرضاً ويقعدوا عليها.. فالسهرة طويلة طويلة.. وبعد قليل تأتي الأراجيل>. هذا ليس مزاحاً. امام تمثال رياض الصلح جلس شابان الى الرصيف وفي يد احدهما أرجيلة يعدها للعمل. <إلى ما شاء الله>، يقول أحد منظمي رفع الخيم، <وسنمدها على كل الطرقات ولدينا آلاف منها>.

كثير من الشبان الملتحين إلى الكراسي يجلسون بصمت. مسترخون يسندون رؤوسهم بأكفهم. ينظرون إلى السراي وقد ارتفع أمام عيونهم شامخاً. لكنه بدءاً من الآن، وحتى إشعار آخر، بات في عيونهم نفسها، محاصراً تماماً.

 

أخضر، أصفر، ليموني> ثلاثة ألوان لصورة واحدة

العونيون يتحضرون لاعتصام طويل <لأننا والحق أكثرية> 

مادونا سمعان  -السفير

في مكتب التيار الوطني الحرّ في جبيل، لم يكن الجوّ متوتراً ولا متشنّجاً صباح انطلاقة اعتصام أمس. عشرات من المناصرين عملوا على تحضير الاعلام اللبنانية وأعلام التيار، قبل انطلاق موكب المناصرين المقرر الساعة الحادية عشرة والنصف.

في جانب صغير من المكتب، شكّلت غرفة عمليات صغيرة للتواصل مع لجان التيار في مناطق أخرى ولمعالجة أي طارئ، من أي نوع كان.

وكان الطارئ إشكال بين طلاب جامعة ال ء.. أدّى الى استدعاء القوى الأمنية. فقد حاول طالبان من التيار الوطني الحرّ هما إيلي مرعب وإدي طراد توقيف الدروس في الجامعة على غرار ما فعله القواتيون يومي الخميس والجمعة الماضيين حداداً على اغتيال الوزير بيار الجميل، إلا أن طلاباً من القوات منعوهم فكانت النتيجة تلاسن وتشابك بالأيدي أدى الى تدخل الجيش، وقد قام النائب العميد شامل موزايا بمعالجته بعدما اقتيد الطالبان العونيان والطالب من القوات، إيلي طراد، الى مركز الشرطة العسكرية.

في ما عدا ذلك بدا الوضع في جبيل، المدينة والقضاء، هادئاً مع حركة أقل من عادية مقارنة مع حركة السوق في الأيام الاولى من كل شهر. يخرق الهدوء مواكب سيّارة تحمل علمي لبنان والتيار الى حين الانطلاق نحو ساحة الشهداء.

<لن ينتظر المناصرون بعضهم للذهاب الى مكان الاعتصام، فكل مجموعة ستنطلق وحدها، لأن ما يهمنا اليوم ليس التظاهر على الطرقات بل الالتقاء في وسط بيروت كبداية لاعتصام مفتوح. وهذا ما يجعلنا غير مهتمين بالعدد أيضا علما أننا ندرك انه سيكون كبيراً جداً لأن تحركنا يتطلب نفساً طويلاً ولا نريد ان نستنفد قوى المناصرين> بحسب أحد المسؤولين في جبيل.

هكذا كان، انطلق موكب المناصرين الأول قرابة الظهر، وتوالت بعده المواكب الآتية من القرى والبلدات الجبيلية رافعة الأعلام وبعض الشعارات التي تندّد بالحكومة، وقد تلاقت مع مواكب جاءت من كسروان والمتن من دون تسجيل أي إشكال يذكر، باستثناء نثر منشورات في كسروان تحذّر من المشاركة بالاعتصام وقد ذيلت بعبارة <لقد أعذر من أنذر>.

بدت الرحلة أشبه بحوار متواصل بين المناصرين المعتصمين كلما ضاقت بهم الطرقات: <إنت مش مسيحي؟> كان مناصر من المردة يسأل مناصراً من التيار الوطني الحرّ، <بلى مسيحي!> كان الأخير يجيب. <لماذا إذاً لا يصدقون اننا مسيحيون وخياراتنا تختلف عن الخيارات التي يريدوننا أن نلتزم بها؟>.

يسأل آخر وهو يمرّ بمجموعة من المناصرين أمام مجمع ميشال المرّ الرياضي <هل يحسبوننا أقلية بعد اليوم؟>، <كلا> يجيب آخر، <لأننا والحق أكثرية>.

في بيروت

كان للجميزة مشهدها؛ سيدة تخبر جارتها من على شرفة منزلها وهي تحيي المناصرين المارين من أمامه سيراً على الأقدام، <يا ليتني أستطيع المشاركة، ولكن لا يمكنني ترك ولدي وحده. البارحة وصلتني رسالة على هاتفي الخلوي، يطلبون مني وضع علم لبناني على الشرفة تأييداً للحكومة، فخرجت وأزلت العلم المرفوع عندي منذ 14 آذار ,2005 نكاية بهم>. يصرخ مناصرو البرتقالي ويردّون لها التحية.

ما إن انتهى طريق الجميزة والتقى بأول الطرق المؤدية الى ساحات التظاهر، حتى خبأ مناصرو التيار أعلامه <لأنه يجب إحترام القرار المشترك، رفع اعلام لبنانية فقط>. هناك عند تقاطع الطرق المؤدي الى <الرينغ> امتزج المناصرون ببعضهم: أخضر، أصفر، ليموني والشعار واحد <بدنا نسقّط الحكومة>، والعلم كذلك واحد وقد اخترقته شالات صفراء وخضراء وبرتقالية لفّت حول الأعناق والمعاصم.

لم يكن من السهل على المجموعات التي وصلت قبيل موعد بدء الاعتصام بنصف ساعة، خرق الساحات المخصصة له من شدة الزحام فيما عناصر الانضباط يجولون بأنظارهم على المناصرين وكأنهم يحاولون حفظ وجوههم واحدا تلو الآخر.

تسقط إحدى المناصرات فريسة عنصر من عناصر الانضباط العونيين: <عفواً يا مدام، بسّ العلم العوني ممنوع> يأخذ منها العلم، يفصله عن عصاه، ثم يطوي القماشة البرتقالية قبل تقبيلها وإعادتها الى السيدة للاحتفاظ بها، <ضعيه في حقيبتك> يشددّ.

مع التشديد على رفع العلم اللبناني، وباستثناء المحجبات، كان من الصعب على أي مراقب نسب أي فرد من الحشود الى حزب او تيار من الاحزاب والتيارات الداعية الى الاعتصام. فالصرخة واحدة والتصفيق واحد، والحماس واحد لكل زعماء المعارضة، حتى الشعارات موحدّة ما عدا عدد قليل منها مثل: <يا عيدو الدماء ليست للبيع بل لفداء الاوطان>، <نحن قدمنا أبناءنا وأنتم قدّمتم الشاي>، وصورة كبيرة ساخرة للوزير أحمد فتفت يقدّم الشاي لجنبلاط والسنيورة وأولمرت.

من ساحة الشهداء الى ساحة رياض الصلح، فطريق بشارة الخوري والباشورة وزقاق البلاط والجميزة... صورة واحدة وصوت واحد، والخطوة ليست تظاهرة <عدد> كما يؤكد أكثر من مناصر، إنها الخطوة الأولى من موقف لا تراجع عنه... حتى <إسقاط الحكومة>.

 

لبنانيون في بلاد الانتشار

-السفير

وجه تيار <من أجل ان يعيش لبنان> الذي يضم لبنانيين في بلاد الانتشار، نداء عاجلاً الى الطبقة السياسية اللبنانية لإجراء <إعادة تقييم فورية لخطابها والاضطلاع بمسؤولياتها أمام التاريخ وأمام لبنان واللبنانيين وإلاّ فإنّ الأوضاع سوف تخرج لا محال عن السيطرة>.

ودعا النداء إلى التوقّف الفوري عن المزايدة واستعراض القوّة وعن توجيه اتهامات التخوين التي غالباً ما ترتدي طابعاً <ديماغوجيّاً> وتخلق أجواء تحيط بها الشكوك والمخاطر. ومتابعة الحوار السياسي بالتزامن مع التوقّف عن الإخلال بقواعد دستورية هي في الأساس واضحة ومحدّدة.

كما وجه الإدانة <غير المشروطة لكلّ عمليات الاغتيال التي طاولت شخصيات سياسية لبنانية والتعاون المشترك على إقرار المحكمة الدولية التي توافقت كلّ الأطراف على إقرار مبدئها>. ودعا الى المبادرة الفورية لمعالجة أوضاع سكّان الجنوب المثخنين بالجراح والمتروكين وسط يأس المجتمع المدني عرضة للأوضاع الاقتصادية الكارثية في البلد ولموجات الهجرة التي تسفك بدم بارد هذا الأخير.

وقال البيان: نحن قادرون وملزمون، ولو عن بُعْد، بالتأثير في وجهة الأحداث عبر دعوتنا الموجّهة اليوم وبصوت واحد للمسؤولين على إعادة موضعة لبنان ووجوده بالذات واحتياجات سكّانه في أعلى سلّم الأولويات.

 

اعتبر النائب بطرس حرب ان ""الحكومة"" موجودة بثقة المجلس النيابي، والمطالبة الشعبية تؤثر، ولكن هناك اصولا لاسقاط الحكومات <ونحن ندعو الى اتباع الاصول الديموقراطية>.

-السفير اضاف: <كنا نتمنى ان يصار الى طرح الجلوس حول طاولة حوار للبحث عن مخارج وعن حلول، وكنا نتمنى ان تطرح المشاكل التي ورد بعضها في خطاب العماد عون على جدول اعمال طاولة الحوار, الا ان النزول الى الشارع والدعوة الى اسقاط الحكومة امر سلبي يعقد المشكلة بدل حلها"". واشار الى ان المعارضة تسعى <للاستيلاء على الحكم بصورة غير دستورية عبر الشارع وعبر الضغط على لقمة عيش المواطنين وعلى الاقتصاد>.

 

يكن: فُجعت بموقف السنيورة 

-السفير

أكد الامين العام ل<جبهة العمل الاسلامي> فتحي يكن، أن تحرك المعارضة في الشارع سيؤدي الى المجيء بحكومة وحدة وطنية تتولى إعادة الاعمار بالتعاون مع المعارضة لتطلق مرحلة جديدة في البلاد. ولفت الى انه قد فجع بموقف الرئيس فؤاد السنيورة المصر على إقصاء الآخر، وقال انه توقع منه إعادة النظر بموقفه وان ينصاع الى الموقف الوطني العام والدعوة الى التحاور والبحث عن صيغة لتشكيل حكومة جديدة ووضع قانون انتخاب وإعادة بناء لبنان ومؤسساته من جديد.

 

مناشير تلعب على <الوتر المسيحي> وأوامر بالتهدئة

هدوء في المتن الشمالي مع توجّه معارضيه إلى وسط بيروت 

ميليا بو جودة  -السفير

المتن الشمالي.. معقل للمعارضة، أحد معاقل التيار الوطني الحرّ. لكن المتن الشمالي، أيضاً، كان ساحة الاغتيال الأخير. منذ ما قبل إعلان <ساعة الصفر> والتحضيرات تجري للمشاركة في الاعتصام المفتوح، بكثير من الحرص. أمس، قبيل <الساعة الصفر>، كانت جولة في المتن الشمالي تظهر مدى حساسية الوضع. مناصرو التيّار يعملون بحرص شديد ومن دون ظهور كبير. في المقابل، تلقّى شباب الكتائب (أمس الأول)، وفي اجتماعات الأقسام ليلاً، أوامر بعدم إثارة أي مشاكل أو المشاركة بأي إشكال قد يطرأ.

بداية <الجولة المتنيّة> من بكفيا.. المفجوعة. في الطريق إليها، حركة السير خفيفة، كما العادة عند الظهر في يوم الجمعة. أما في البلدة، فهدوء كما في الأيام التي تلت اغتيال ابنها الشاب. <ممنوع التقدّم>. شرطي البلديّة حازم. الطريق مفتوح أمام المعزّين وأهل الفقيد وسكّان المنطقة.

في الزغرين، رجل يثبت علماً على شرفة منزله. عند سؤاله عن السبب، يجيب <أؤيّد بقاء الحكومة>. أما في بتغرين فبعض أشخاص مع وشاحات برتقاليّة عند مدخل البلدة. <ننتظر وفد بسكنتا>. وتبثّ صوت الغد <(...) سنين بقينا بلا نوم، وقرّرنا نُوعى اليوم، يا بلادي لا تلومينا>...

بسكنتا، على 1200 متر عن سطح البحر؛ تستقبل الوافدين إلى البلدة لائحة إعلان عملاقة <بدنا نعيش>، موقّعة ب<أحب الحياة. الانتفاضة الثانية>. أمتار عدّة وتظهر حافلات وسيّارات وعشرات الأشخاص أمام مكتب هيئة <التيار>. في إحدى السيّارات، امرأتان وأطفال. هما بانتظار أن <تفرج> إدارة المدرسة عن بقيّة <الولاد>. الشباب ينتظرون. لن ينزلوا قبل أن يتجمّع الكلّ. ويتنقّل أحد المناشير بينهم. <نزول المسيحيّين إلى الشوارع هو بمثابة حفر قبرهم وقبر لبنان معاً. إلى الشباب المسيحي تحيّة وطلب خاص(...). ولمن تهمه سلامته وسلامة عائلته، التقيّد بإرشادات هذا البيان. وقد أعذر من أنذر>. انتهى نصّ المنشور.

الساعة الواحدة من بعد الظهر. لم يتمّ إقناع إدارتي المدرستين بتعليق الدروس. يستمرّ المحتجّون بالانتظار. وبينما يشرح أحد الشباب بأن العدد ليس ضخماً إذ إن كثيرين لا يسكنون البلدة خلال فصل الشتاء، <ربما يشاركون من محلّ إقاماتهم أو من جامعاتهم>، تسأل إحدى الامرأتين <كيف الوضع بالخنشارة؟>.

الخنشارة خالية. المحلات مقفلة أما المنازل فيبدو أنه تمّ إغلاق أبوابها ونوافذها بإحكام، وقد انتهى موسم الاصطياف. يبدو أيضاً أن الوفود انطلقت إلى وسط بيروت.

من جهتها، عين السنديانة خالية إلا من كثير من أشجار السنديان على جانبي الطريق وبعض الشربين. ربما كان السبب هو التوقيت السيّئ. هنا ملصقات للحزب السوري القومي الاجتماعي، <الحياة وقفة عز>، بالإضافة إلى أعلام لبنانية وأخرى للتيّار.

الساعة الواحدة والنصف. الغيوم البيضاء تحوّلت إلى رماديّة والسماء تتلبّد بها أكثر فأكثر.

ساحة ضهور الشوير. عناصر من الجيش اللبناني، تحسباً لأي احتكاك بين محازبي الكتائب اللبنانية وبين محازبي الحزب السوري القومي، على خلفيّة مواجهات بكفيا. وتردّ امرأة على تحيّة وسؤال فتقول <النزلة لن تؤدي سوى إلى انقسام أكبر في صفوف المسيحيّين>.

الدوّار، مار موسى، بعبدات، الحركة عاديّة. لم يشأ أحد التعليق. حتى أن أحداً لم يحدّد ساعة انطلاق الوفود باتجاه بيروت.

برمانا، بيت مري، الساعة الثانية من بعد الظهر. حافلات مدارس توصل التلامذة إلى منازلهم. هنا مناشير بطباعة فاخرة على ورق أزرق أو زهري اللون. تحت عنوان <أحبوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم> (قول للسيّد المسيح)، تتوجه مناشير <حركة نحو الحرية> إلى <الأهل والأشقاء والرفاق في الدين والوطن>، ترجوهم بأن يعودوا في اختلافاتهم <وإلا سوف نهلك معاً كأغبياء، ولتبقَ بكركي منارتنا في أزمنة التيه والظلام (...)>.

في بيت مري محلات كثيرة أغلقت أبوابها. <نزلوا على المظاهرة>، يجيب صاحب دكان سمانة في السوق. هو كان يريد النزول لكن حالته الصحية لم تسمح له بذلك. وأصرّ على إيصال رسالة: <يتّهموننا دوماً كمسيحيّين بالعودة إلى مرجع خارجي. لكن اليوم علينا أن نُفهمهم بأننا لا نأتمر من أحد. ولسنا نحن من يقسم الصف المسيحي. هم الذين يجعلون الخط المسيحي مرتهناً للخارج ومنقسماً على نفسه وعلى أخوته في المواطنية>.

بيت مري، برمانا، ونزولاً باتجاه جل الديب. عناصر من الجيش اللبناني بين بصاليم وجل الديب حيث وقعت قبل أيام <اشتباكات> بين شباب كتائبيّين وآخرين قواتيّين من جهة وبين شباب من التيار من جهة أخرى.

أوتستراد جل الديب نهر الموت. الساعة الثالثة إلا ثلثاً من بعض الظهر، زحمة سير خانقة. سيارات وأعلام وزمامير. الجميع يتوجّه إلى <ساحات وسط بيروت>.. لإسقاط الحكومة.

 

صفير على موقفه من النزول إلى الشارع 

غراسيا بيطار - بكركي : -السفير

بعدما فسّر كلام البطريرك الماروني نصر الله صفير على أنه <دعم واضح> للخيار المعارض لخيار المعارضة بتحذيره أمام وفد نساء <شهداء ثورة الأرز> من النزول الى الشارع خشية <قيام شارع مقابل من شأنه أن يؤدي الى تصادم لا تعرف نتيجته>، انتشرت التأويلات والتفسيرات لتخلص الى الإستنتاج أن سيد بكركي <أخذ موقفاً منحازاً الى فريق معيّن>.

وما زاد من التشنّج كان التصريح الذي أدلى به الوزير السابق سليمان فرنجية حيال موقف سيد بكركي والذي سارع كثيرون الى <قطفه> كل انطلاقاً من مصالحه.

في ما يتعلق بتصريح <الزعيم الشمالي>، لا يعلّق البطريرك المتألم من وصول مستوى الكلام الى هذا الحدّ سوى بعبارة :<كل يتكلم بأصله>. أمّا حيال <موقفه المنحاز> ينقل عنه زواره <أن موقفه ما زال كما هو حيال حذره من النزول الى الشارع وكلامه أمس الأول كان بمثابة المواساة لنساء ثكالى فقدن عزيزهن والوقوف على خاطرهن كان واجبا>.

ومن حيث المبدأ، إن البطريرك، كما يؤكد هؤلاء، يؤيد <كل ما ينصّ عليه الدستور ومن ضمنه حق التظاهر، وهو يأمل أن ننتهي من هذه المحنة بأسرع وقت ممكن ويركز على أهمية التمسّك بالوحدة الوطنية التي من دونها لا وجود للبنان ففي النهاية وعندما تتقاطع مصالح الدول الأخرى يلجأ كل منها الى استغلالنا كل وفق أجندته، وهنا مفروض علينا أن نكون جديرين بهذا الوطن ونمنع الغريب أن يدخل بيننا>.

وفي نشاط الصرح البطريركي، أمس، طغى الوجود <الخازني> على حركة الزوار فاستهل البطريرك صفير لقاءاته باستقبال الوزير السابق وديع الخازن الذي دعا المعنيين والمسؤولين الى <تدارك الامور والارتقاء الى مستوى المسؤوليات الوطنية والتفاهم في ما بينهم بطرق حضارية سلمية>. وتمنى <لو ان المسؤولين عما يجري افسحوا للناس المجال لتأمين أرزاقهم والاهتمام باعمالهم خصوصا، وانهم في شهر عيد الميلاد، وافسحوا لهم ان يعيدوا هذا العيد بسلام كما جرى في شهر رمضان>. وقال: <ان الناس لا تريد الا السلام والخلاص ومستقبل اولادهم، وكذلك يريد المغترب اللبناني ان يعود الى لبنان في مواسم الاعياد، كان ينبغي على الداعين الى هذه التحركات ان يعوا حاجة الناس في العيش بسلام>. وتمنى على <جميع الافرقاء ان يتوصلوا الى حلول مشتركة تفيد الجميع وتنقذ البلد من التعثر>.

بعدها التقى البطريرك صفير النائب والوزير السابق الياس الخازن الذي اشار بعد اللقاء الى انه <بحث مع البطريرك في الاوضاع المستجدة محليا>، وقال: <انطلاقا من هذا الواقع وكوني من جماعة الذين يساوون <فرنكين>، فانا عندما آتي لا ادلي باي تصريح من هذا المنبر، ولكن اليوم ارى ان اقول، ان تاريخ <الفرنكيين> مع البطريركية معروف وتاريخ غيرنا الحديث معروف. وهذا ما يعرفه جميع الناس>. ولفت الخازن الى انه <سمع اليوم كلاما من احد احفاد البيوت السياسية المارونية الكبيرة، الذي يرفع الرأس بها، ونكن لها كل الاحترام والتقدير، سمعنا كلاما لا يليق به والمستغرب ان يصدر هذا الكلام عنه وهو موجود بين جماعة يتكلمون بهذا الاسلوب، ويجب ان لا يتعلم منهم هذه اللغة. ولذلك نتمنى عليه ان يعي الامور والعودة الى اصالته وتاريخ بيته<. ودعا الخازن ابناء كسروان الى <المحافظة على كرامتهم والبقاء في منازلهم وعدم النزول الى الشارع، لان الشارع ليس لهم ولن يستفيدوا منه بشيء، والذي يدعوهم الى النزول الى الشارع يعرفونه منذ سنة ونصف السنة وماذا فعل لهم>.

ومن زوار بكركي رئيس المجلس العالمي لنزع الالغام المهندس بشارة سماحة، الشيخ ميشال الخوري، المحامي ميلاد جبرايل، رئيس بلدية مزيارة جوزف شدياق، رئيس حركة التغيير ايلي محفوض ورئيس <الحركة اللبنانية الحرة> بسام خضر آغا.

 

ساحة رياض الصلح بحاجة إلى صلح! 

جورج علم  -السفير

 انشغل أمس بعض الوسط الدبلوماسي بالآتي: تشكيل حكومة حيادية مصغرة من شخصيات مشهود لها بوطنيتها، وكفاءتها، وخبرتها، تتولى دراسة آلية عمل المحكمة ذات الطابع الدولي، والموافقة عليها وإقرارها من قبل المؤسسات الدستورية كافة، ووضع قانون جديد للانتخابات، والتفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون وسطيّا ومقبولا من فريق 14 آذار والمعارضة، على ان يكمل الرئيس لحود ولايته الدستورية إن هو شاء، ثم التوجه نحو إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

ما حظوظ هذا المقترح؟ ومن يتكفل بتبنيه، ومن ثم بتسويقه؟.

الجواب في الوسط الدبلوماسي، كان لا جواب، حتى مساء أمس، لكن الاقتراح هذا كان واحدا من ضمن مجموعة اقتراحات ينكب المهتمون على بلورتها تمهيدا لطرحها قيد التداول انطلاقا من مسلمات أربع، الاولى: ان الحوار كان الجامع المشترك بين ما جاء في رسالة الرئيس فؤاد السنيورة مساء أمس الاول، وما جاء في كلمة العماد ميشال عون في وسط بيروت أمس، وهناك توافق على ان الحوار والتشاور هو ممر إجباري للجميع للوصول الى تفاهمات حول السبل الناجعة والتي لا بدّ من اعتمادها للخروج من المأزق.

الثانية: ان قوى 14 آذار حشدت جمهورها في وسط بيروت يوم تشييع وزير الصناعة بيار الجميل، فيما نزلت المعارضة بجمهورها أمس لتشغل كامل فراغات هذا الوسط. وكان الاستفتاء الشعبي واضحا في رجحانه، مهما كابر المكابرون في تشويه الارقام.

الثالثة: إن الجميع يرفع العلم اللبناني، وينادي بالحرية والسيادة والاستقلال، والامن والاستقرار والبحبوحة، ويرفض الفوضى، والاقتتال، والعنف. والجميع يرفض أولا وأخيرا ان يكون لبنان مرتهنا الى هذا المحور الاقليمي الدولي، او ذاك.

والرابعة: أنه لا بد من مبادر، بعد الاصطفافات السياسية الداخلية، او من وسيط خارجي متجرد، إذا كان الامر متعذرا على من هم في الداخل، مهمته تحريك الحوار، وتأمين عودة الجميع الى طاولة التشاور.

في ظلّ هذه المسلمات، كانت بيروت أمس، في قلب الحدث الاقليمي والدولي، وتكثفت الاتصالات مع عواصم الدول المؤثرة بحثا عن مخرج، وأشار عدد من الدبلوماسيين العرب والاجانب، الى أن الاهتمام بما يجري ارتقى الى مصاف قادة الدول، وإن ساحة رياض الصلح التي استمعت الى مطالب الموالاة في مناسبات سابقة، وإلى المعارضة امس، تريد صلحا، وأن تعليمات أعطيت الى عدد من وزراء الخارجية الذين ينشطون حاليا في بعض عواصم دول المنطقة، او هم في طريقهم اليها، لإثارة الملف اللبناني بحثا عن مخرج يرفع الازمة من الشارع، ليعيدها الى طاولة الحوار، ولا بدّ من ان يكون هذا الحوار محاطا ومنتجا، تلافيا لمحاذير كثيرة، اولها ألا يكون لبنان محكوما بخيارين، إما تشبث كل طرف عند مواقفه ومواقعه، او الهروب الى الشارع. وألا يؤدي الشارع الى شوارع متواجهة، وأن لا تكون الفوضى هي البديل عن الحوار، ليعود زمن الدويلات والميليشيات والخيارات التفتيتيّة؟!..

وأخطر ما هو متداول في كواليس دبلوماسيّة ضيقة، ان هناك من له مصلحة في ان تشمل <الفوضى البنّاءة> لبنان في هذه المرحلة الحساسة التي يصار في خلالها الى إعادة ترتيب المصالح والاولويات، من خلال ما تشهده المنطقة من زحمة اجتماعات رفيعة المستوى، هدفها السير بالملفات الاقليمية الساخنة في اتجاهات تسووية. وقديما قيل: <عند تغيير الدول احفظ رأسك، فمن يحمي رأس لبنان؟!>.

 

يوم الجنرال> 

سليم عواضة -السفير

 

 

 

 

كان الأول من كانون الأول، أمس، <يوم الجنرال>، خطيباً وموقفاً سياسياً وجماهير. أرادت المعارضة أن يكون كذلك.

لقد تعرض العماد ميشال عون منذ الثاني عشر من تموز الماضي لتجربتين قاسيتين: تجربة الحرب الإسرائيلية، وتجربة اغتيال الوزير بيار الجميل. خرج الجنرال من التجربتين واقفاً، حتى أنه لم ينحن للعاصفة، ويبدو أنها لم تُسقط أوراقه على الرغم من الحديث المتواتر عن انفضاض مناصريه من حوله وانقراض شعبيته.

كان الجنرال، أمس، تحت الاختبار، وكان التيار الوطني الحر الذي يتزعمه وسط الامتحان، ليس من جانب المعارضة التي عقدت معه تحالفاً مصيرياً. كان الاختبار والامتحان امام المسيحيين أولاً، وأمام قوى الرابع عشر من آذار ثانياً. نجح الجنرال ونجح التيار، ونجحت المعارضة في الحفاظ على الجنرال في وجه الرياح العاتية، ففوضته موقعاً لم يحظَ به من قبل إلا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خطيباً وحيداً في تظاهرة يمكن أن تكون الأكثر حشداً، لكنها بالتأكيد الأكثر تنوعاً في تاريخ لبنان، حزبياً وسياسياً وطائفياً.

في <يوم الجنرال>، في الأول من كانون الأول، نجحت المعارضة، ليس في استعراض قوتها، بل في التأكيد مرة أخرى على سلمية تحرّكها والقدرة على ضبط الشارع، وفق تنظيم صارم، شارك فيه على ذمة المنظمين نحو عشرين ألف عنصر.

فالزحف البشري الذي جاء من كل المناطق، كان مدفوعاً باحتقان مزمن، رصدت له كل الأسلحة الطائفية والمذهبية والسياسية، فضلاً عن الشائعات والتحديات وعمليات التخوين المتبادلة. وواضح انه لم يعد ممكناً ان يكون ما بعد الأمس، كما كان قبله. فماذا عن اليوم والغد؟.. هذا هو السؤال الذي يقضّ مضاجع اللبنانيين من دون استثناء.

تستطيع المعارضة أن تطلق على نفسها بامتياز اسم <قوى الأول من كانون الأول>. ليس معيباً بالنسبة لها ان تنفض عنها غبار <الثامن من آذار>. هناك واقع جديد يفرض نفسه على المعارضة والسلطة معاً. بات الاقتراب من التسوية أكثر عقلانية وحكمة وضرورة وطنية. ليس في مقدور أحد أن يلغي أحداً. في الأساس لم يطرح أحد إلغاء الآخر. الكل يقول بالمشاركة، لكن الخلاف هو على طبيعة هذه المشاركة.

إن المكابرة لم تعد تجدي، والطاولة المستديرة باتت أكثر حاجة من أي وقت مضى. فالاعتصام المفتوح الذي بدأ بعد انفضاض التظاهرة الكبرى، يبقي الأزمة مفتوحة. وواضح ان الحكومة المحاصرة بالمعتصمين حول السراي الحكومي، لن تتمكن بعد اليوم من القيام بمهامها في إدارة شؤون البلد، خصوصاً أن الاعتصام المفتوح لن يقف عند حدود المبيت في الوسط التجاري، اعتباراً من أول الأسبوع المقبل، كما تؤكد أوساط المعارضة، فهناك خطوات عدة تصعيدية ستتخذ يتردد أن في مقدمتها الدعوة الى العصيان المدني، خصوصاً في المؤسسات العامة والدوائر الحكومية. ولا شك في أن بين المتظاهرين والمعتصمين الآلاف المؤلفة من الموظفين الحكوميين.

ماذا عن الغد؟ إن غداً لناظره قريب!