جلسات الحوار اللبناني اللبناني في يومه الرابع 6 شباط 2006

كل ما نشر في الصحف وعبر وكالات الأنبار

 

الحوار الوطني يستأنف جلساته قبل ظهر غدا في مجلس النواب

الرئيس بري/الحوار يتقدم ولكنه لم ينته

موقف النائب جنبلاط لن يؤثر على الحوار

الجو قبل الحوار كان ينذر حتى بحرب اهلية

لا احد يستطيع القول ان مزارع شبعا غير لبنانية

 اي تسريب غير البيان الرسمي يشكل خطرا على الحوار

وطنية-6/3/2006(سياسة) رفعت عند التاسعة والربع من مساء اليوم الجلسة الثامنة للحوار الوطني في مجلس النواب، على ان يستأنف الحوار جلساته عند الحادية عشرة من قبل ظهر عند. وبعد انتهاء الجلسة المسائية عقد رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري مؤتمرا صحافياأكد فيه انه حصل تقدم في الحوار ولكنه لم ينته. واعلن باسم المتحاورين استنكارهم الاعتداء على كنيسة البشاره في الناصره وكل اعتداء تتعرض له المقامات المقدسة. ويشاركون الشعب الفلسطيني وقادته الروحيين والسياسيين مشاعر الاستنكار والادانة لهذا العمل الاثم. وقال:"نسجل ان انتهاك المستوطنين الصارخ لحرمة هذه الكنيسة المقدسة يمثل عملا ارهابيا ليس هو الاول على حرمة دور العبادة المسيحية كما الاسلامية والتي طاولت في استهتارها بالقيم المسجد القدسي الشريف. اننا نرى في ادعاء سلطات الاحتلال الاسرائيلية ان المعتدين هم مختلون عقليا هو عذر اقبح من ذنب لا يمكن معه الا تأكيد مسؤولية الاحتلال عن كل الاعمال المسيئة لحرمة الاماكن المقدسة ودور العبادة". اضاف: "على صعيد الحوار هناك جملة واحدة يمكن ان اقولها، واترك المجال للاسئلة ايضا ان الحوار يتقدم ولم ينته حتى الان".

سئل: هل من الممكن ان يؤثر الكلام الذي صدر عن النائب وليد جنبلاط على الحوار؟. اجاب: لا، لقد سبق للاستاذ وليد جنبلاط قبل ان يسافر ان اعلن موقفه هنا، هذا ليس جديدا بالنسبة له.

سئل: الا تعتقد ان كلامه الان بهذا الشكل اثناء الحوار يعتبر خرقا له؟ اجاب: سيستمر الحوار. سئل: هل بحثت الامر على طاولة الحوار؟ اجاب: ليس بالضرورة باعتبار ان هذا الامر ليس جديدا لانه كما قلت قبل ان يسافر الاستاذ وليد طلب الاذن ان يتكلم بكل النقاط وهذا ما حصل وكان هذا الموقف له.

وردا على سؤال حول المواضيع التي بحثت على طاولة الحوار قال: سبق وقلت لكم ماذا نبحث، لقد انتهينا من البند الاول كما ذكرت سابقا، وبدأنا بالبند الثاني والثالث. كل شيء يتعلق بموضوع الحوار ان كان بموضوع السلاح الفلسطيني او سلاح المقاومة او مزارع شبعا او ترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني بعد التحرير، او موضوع الاسرى والمعتقلين، او الاعتداءات الاسرائيلية. كما انتقلنا الى البند الاخر الذي هو العلاقة مع سوريا ان كان في موضوع التبادل الدبلوماسي او موضوع الاتفاقات والعلاقات الثنائية التي يجب ان تكون مميزة كل هذه الامور هي موضوع بحث.

سئل: قلت اول امس انكم ستناقشون بندا بندا اعتبارا من اليوم؟ اجاب: قلت ان هناك تقدما ولم تنته ويعني ذلك ان هناك امورا صارت تقريبا جاهزة ولكن غير نهائية.

سئل: هناك كلام ان الحوار يميل الى السلبية هل هذا صحيح؟ اجاب: لنتكلم بصراحة هذه المواضيع التي نناقشها هي موضع خلاف بين اللبنانيين منذ فترة طويلة من الزمن وهي انتقلت الى الشارع، وانتم تعلمون انه كان هناك جو قبل انطلاق هذا الحوار ينذر حتى بحرب اهلية، او حرب احياء، او حرب طوائف.

كان هناك كلام على الاقل انه سيجري احتفال في 8 اذار وفي 14 اذار، كان ينتظر ان يحصل اشتباك ولو سياسيا لا اقول اشتباكا بمعنى القتال بين 8 اذار و14 اذار ولقد حولنا بهذا الحوار ان شاء الله هذا الاشتباك الى شباك في السواعد في سبيل وحدة لبنان والتقدم نحو موقف موحد. لن اقول لكم ان الامور كأنها مياه تجري نزولا، ولن اقول ان الامور ليس فيها تعقيدات عندها اكون اجافي الحقيقة. كما قلت سابقا ان هناك حوارا معمقا ولكنه صريح واكثر صراحة من اية مرة اخرى وان هذا الحوار صنع في لبنان في سبيل ان يصل هذا القطار الحواري الى محطة الوحدة الوطنية.

هذه الامور ليست بهذه البساطة ابدا، لقد قلنا ان الحوار يبدأ الخميس وينتهي الخميس.وان شاء الله يكون بالنجاح، فاذا لم نستطيع افتراضا لانني لا استطيع ان اقرر عن المؤتمر،اذا افترضنا انه من اصل 12 بندا مدرجة في جدول الحوار توصلنا الى ثمانية او تسعة او عشرة مثلا، هل هذا يعتبر فشلا، هذا يعود تقديره للبنانيين، لنعترف اننا وجدنا حلولا لخمسة بنود او عشرة او احدعشر بندا فإن الحوار سيبقى مفتوحا ايضا في سبيل حلحلة هذه الامور، يعني الفشل ممنوع وبالتالي فاننا سنرى دائما عقبات من هنا، وتصريحا من هناك وموقفا من هنا، ومحاولة عرقلة من هناك، ولكن من المفروض ان نتجاوز كل ذلك اذا كانت هناك نوايا حسنة. واذا لم يكن ذلك فتأكدوا تماما انني سأتي الى هذا اللقاء واقول لكم ما جرى.

سئل: الحوار راوح مكانك على ما يبدو؟ اجاب: لا ليس راوح مكانك، لقد قلت لكم يوم السبت الماضي انه جرى بحث معمق لكل الامور بشكل عام ولم اقل لكم انه يوجد تقدم .اما الان فانا اقول لكم انه حصل تقدم في مواضيع عديدة.

سئل: مثل ماذا؟ أجاب: لا اريد ان احدد. وردا على سؤال قال : موقفي الشخصي هو انه لا علاقة لسوريا بموضوع مزارع شبعا، وان مزارع شبعا هي لبنانية، وبالتالي ترسيم الحدود يتم بيننا وبين الكيان الصهيوني بعد التحرير كما حصل في منطقة الشريط الحدودي .هذا هو موقفي الشخصي والذي وضعته كبند من بنود الحوار، طبعا الحواريون لهم الحق في ان يغيروا هذه الوجهة او ان يتبنوها، هذه من جملة الامور التي لا تزال موضع نقاش . وانتم تشاهدون خرائط تروح وخرائط تجيء".

وردا على سؤال اجاب: اعتقد ان لا احد يستطيع القول ان مزارع شبعا غير لبنانية وقيل له: حتى وليد جنبلاط؟ أجاب:انا اقول رأيي ووليد جنبلاط يقول رأيه، ولا استطيع ان اقول لا، ولكن بنتيجة الحوار علي ان اقنعه او يقنعني. سئل: حصل خرق للاجواء فوق بيروت من قبل الطيران الاسرائيلي اليوم اثناء عقد جلستكم الحوارية؟ أجاب: هذه رسالة اكثر فاكثر لكل اللبنانيين انه يجب ان يردوا على هذا الامر بمزيد من الحوار والتوحد.

سئل: جرى الكلام عن ان التسريبات اخذت حيزا من النقاش؟ أجاب: لم يجر النقاش حول التسريبات داخل الحوار:كان لدي موقف من موضوع التسريبات منذ اللحظة الاولى في المقدمة التي قدمت فيها موضوع الحوار للسادة المتحاورين، قلت اريد ان انبه من الان ان اي تسريب غير البيان الرسمي الذي يصدر يشكل خطرا على الحوار لماذا؟ لانه عندما اعرف ان كلامي سيكون موضوع حديث في الخارج عندها لا اعود واتكلم بالصراحة المفترض ان تكون موجودة، وكذلك بالنسبة لغيري .لذلك تمنيت على الزملاء جميعهم وعلى نفسي الا يكون هناك اي تسريب ونكتفي الا يكون هناك اي تسريب ونكتفي بالبيان الصادر رسميا قبل ان يقولوا لي ان اكون ناطقا رسميا وان ادير الحوار .

واليوم وقبل اليوم لاحظت ان هناك تسريبات تحصل، ما معنى كلمة تسريب يعني انه يمكن ان تكون هناك جملة صحيحة وجملتان خطأ ، وهذا يؤدي الى مشكلة. هذا الموضوع انا اثرته اليوم واتصلت ببعض الاخوة الاعلاميين وقت الظهيرة لاقول لهم اننا نريد ان نتعاون معكم في هذا الموضوع،اي انه ليس اذا اخذتم كلمة خطأ تعتبرونها صحيحة .النقاش حول هذا الموضوع لم يكن في الحوار كان بيني وبين الاعلاميين.

سئل: هل صحيح ان الدكتور جعجع اعتبر ان حزب الله هو الذي يتحرش باسرائيل ؟أجاب: غير صحيح. واوضح ردا على سؤال انه تسلم رسائل من الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي ومن وزير المال لكي نتناول الوضع الاقتصادي.

وقال "برأيي الخاص علينا اولا ان ننتهي من جدول الاعمال، وان كل شيء من اختصاص المؤسسات اي من اختصاص الحكومة والمجلس لا يجب ان يشمله الحوار.ومع ذلك فقد وزعت هذه الرسائل على السادة المتحاورين ولم نصل اليها اصلاط. وردا على سؤال اوضح الرئيس بري انه تسلم صباح اليوم رسالة من منظمة التحرير الفلسطينية بأنه مؤازرة منها للحوار اللبناني-اللبناني ولحل المشكلة الفلسطينية تقترح امورا عديدة فيها ما يتعلق بالامور الانسانية وبالسلاح خارج المخيمات والسلاح داخلها ،هذا الموضوع يدخل ضمن نقاش الموضوع الفلسطيني.

وردا على سؤال قال : طهناك مواضيع وطنية يجب ان يكون الموقف منها صريحا، ولكن هناك مواضيع اخرى يمكن الوصول فيها الى حلول وسطى ليست بالمواضيع الاساسية . مثلا موضوع مزارع شبعا هل هي لبنانية ام لا ؟ هناك 15 ألف مواطن هجروا من هذه المزارع بالاساس وهذا الموضوع مزمن واطماع اسرائيل فيها كانت حتى قبل قيام الكيان الصهيوني كانت هناك محاولات لشراء اراضي المزارع من قبل اثرياء يهود ، واهلنا انذاك قاوموا هذا الامر وعندما اتى في 15 حزيران على ما اعتقد في العام 67 قائد المنطقة في الجيش الاسرائيلي وعرض على الاهالي بيع اراضيهم او النزوح اثروا النزوح على بيع الاراضي".

وحول المبادرات العربية قال : "نرحب بكل المبادرات، بكل مبادرة عربية لمؤازرة لبنان بالنسبة لوحدته او بالنسبة للتنسيق والتضامن بين لبنان وسوريا .نحن لسنا ضد هذا الامر على الاطلاق ولكن قلنا بعد الحوار اللبناني لا بد ان اي تحرك عربي مشكور ان يأخذ بالاعتبارات اللبنانية التي نتفق عليها".

وحول النقاش بالنسبة للعلاقات اللبنانية-السورية قال : "المواقف التي طرحت حول هذا الموضوع كانت ايجابية ولكن ايضا لم نصل الى قرارات نهائية".

وردا على سؤال قال: "ان عملية تثبيت لبنانية مزارع شبعا برايي الشخصي ليس لها علاقة بالموضوع السوري،بينما يرى غيري انه يجب ان يكون هناك موقف سوري، علما ان موقفا جديدا صدر عن وزير الخارجية السوري الاستاذ وليد المعلم يقول فيه صراحة ان مزارع شبعا لبنانية".

الوزير العريضي/لدى مغادرته سئل الوزير غازي العريضي: هل بحثتم ما قاله وليد جنبلاط؟ اجاب: حكي بكل ما كان مقررا في الجلسة.

سئل: هل اتفقتم على شيء. جاب: ان شاء الله.

العماد عون/ وبدوره وصف العماد عون اجواء الجلسة المسائية بالعادية وباننا استكملنا البنود التي بدأناها في الجلسات السابقة. وكل شيء يتعلق بالتفاصيل سيتحدث عنه الرئيس بري ولفت عون الى "ان البحث يتم بالتفصيل وبندا بندا". وقال ردا على سؤال : "الاجواء جيدة جدا وكل ما حصل في الخارج من كلام يبقى في الخارج، لكن طاولة الحوار تعكس الارادة اللبنانية الصلبة، وتبحث في مواضيع لبنانية فيها تشعبات تاريخية، ونسعى جميعا الى ان نجد لها مشاريع حلول وقد انجزنا الكثير منها والرئيس بري هو الذي سيتحدث باسم الجميع.

سئل: عن المغزى من خروجه برفقة د. سمير جعجع والرئيس امين الجميل؟ اجاب: هذا التقارب موجود وهو مسعانا في كل لحظة.

سئل: هل تطرقتم الى موضوع رئاسة الجمهورية؟ اجاب: بحثنا في كل المواضيع. وحول تعليقه على كلام النائب جنبلاط، قال: عندما اطلع على التصريح مكتوبا اعلق عليه وسيتم مناقشته على طاولة الحوار. واكد عون تصميم الجميع للخروج بحل من الازمة التي يتخبط بها لبنان وسنصل مبدئيا الى حل واذا لم نتوصل الى حل في كل النقاط فيمكن ان نصل الى نقاط اساسية ونكمل الاتفاق.

جعجع/ ونفى الدكتور سمير جعجع ما اوردته بعض الصحف من تسريبات ومداخلات. وقال "ان ما ورد في جريدة السفير اليوم نأسف له خصوصا في الوقت الذي نجلس الى طاولة الحوار ونطرح الامور بشكل جدي وبكل صراحة, نرى ان بعض وسائل الاعلام تخرب وتطرح الامور على غير ما هو عليه، وتستخدم اخبارا ووقائع مجتزأة ومحورة.

سئل: لماذا لا يتم نفي المعلومات الخاطئة؟ اجاب: اذا كل خبر نعمل على نفيه، نقضي الوقت ننفي ولا نعمل شيئا. وهنا قاطع عون جعجع وقال: "سأقول لكم خبرا يفرحكم نحن كل يوم نتقاتل ثم نخرج امام الصحافة ونمثل اننا نضحك".

وعاد جعجع للقول "ان ما يحصل من تسريبات هو خطأ وتسريب معلومات مغلوطة وغير صحيحة، ونحن طرحنا مواضيع عدة نبحثها بالعمق وهناك اشياء تم الاتفاق عليها الا ان هناك بعض وسائل الاعلام تحاول تشويه ما يحصل في الداخل. كتبوا ان شجارا حصل بين الجنرال عون وبيني، وانا اؤكد لكم انه لم يحصل هذا الامر لا الان ولا في اي وقت لا بيني وبين الجنرال ولا بيني وبين السيد نصرالله.

سئل: ما هو تعليقك على تحليق الطيران الاسرائيلي فوق موقع الاجتماع اليوم؟ اجاب: "انا مواطن لبناني وموقفي هو موقف الحكومة اللبنانية واي موقف تتخذه الدولة اللبنانية من هذا الخرق وغيره ملتزم به جملة وتفصيلا".

وعلق العماد عون على تحليق الطيران الاسرائيلي في سماء المجلس قائلا: "هذه ليست اول مرة تنتهك اسرائيل الاجواء اللبنانية فهي اعتادت على استفزاز اللبنانيين ونحن اعتدنا على ذلك ولا يؤثر علينا. ورأى عون "ان الحل هو بتفاهم اللبنانيين و نقل هذا التفاهم الى حيز المفعول العملي على الارض".

 

انتهاء الجلسة السابعة من الحوار في مجلس النواب الوزير

العريضي: التسريبات الاعلامية لا تخدم العمل

عقدت في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الجولة السابعة للحوار في مجلس النواب. وحضر وزير الاعلام غازي العريضي ممثلا "اللقاء الديموقراطي"، يرافقه النائبان هنري حلو ومحمد الحجار. ولدى دخوله المجلس، تحدث الوزير العريضي عن التسريبات الاعلامية، فأكد "انه لم يتكلم ولم يسرب شيئا، وان التسريبات امر خطأ لا تخدم الحوار". وقال: "سنتابع الحوار الى آخر لحظة، وادعو الجميع الى التزام ما اتفقنا عليه". وعن كلام الرئيس السوري بشار الاسد حول الحوار اللبناني، أجاب: "اتحدث الى الطاولة في الداخل، ثم اصرح في الخارج". وتمثل الارمن اليوم بالنائب اغوب بقرادونيان عن حزب الطاشناق، يرافقه النائبان يغيا جرجيان واغوب كسرجيان. كما حضر النائب ايلي سكاف يرافقه النائبان حسن يعقوب وكميل معلوف. واستهلت الجلسة الصباحية باعتراض على تسريب محاضر الحوار. وتناول المتحاورون اليوم كل البنود المدرجة في القرار 1559، وعقدت خلوة بين رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ورئيس الهيئة التنفيذية في حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لمدة عشر دقائق، واجتماع ضم جعجع والنواب بطرس حرب وغسان تويني وجواد بولس. الرئيس الجميل والنائب عون وانتهت الجلسة في الثالثة بعد الظهر، وشوهد الرئيس الاعلى للكتائب امين الجميل يغادر والعماد ميشال عون معا، وقد اكدا الوفاق وارتياحهما الى الاجواء.

وعلق الرئيس الجميل على الجلسة بالقول: "اتفقنا على ان يتحدث دولة الرئيس بري باسم الجميع، ولنا ملء الثقة بما يقوله، وهو يعبر عنا جميعا، وسبق أن قال إننا اتفقنا على ان نتفق".

وقال النائب ميشال عون: "نحن مرتاحون الى الاجواء الايجابية ونتوقع ان يتصاعد الدخان الابيض قريبا".

وقال النائب سعد الحريري لدى مغادرته: "هذا حوار مهم، لأنه في تاريخ لبنان لم يسبق أن جلست القوى السياسية لحل الامور الشائكة. في الحوار إيجابيات كثيرة وسلبيات، ولكن حتى الآن لا يوجد أي سلبية، كلنا نتحدث بإيجابية ونبحث عن حلول لكل نقطة، ولا يفترض ان يطلب منا ان نستعجل الأمور، لأننا إذا أردنا أن نستعجل فسنرتكب أخطاء. لذلك سنأخذ وقتنا لنصل الى اتفاق على كل الأمور".

أما النائب جورج عدوان فقال: "كل آمال الناس معلقة على الحوار، فانتظروا ليخرج بنتائج ايجابية، وعلينا ان نجرب الا نخيب آمال الناس. نحن اليوم مجتمعون معا للمرة الاولى بدون وصاية خارجية، وهذه مسؤولية كبيرة امام الناس. المطلوب الخروج باتفاق لبناء الدولة".

وصرح النائب ابراهيم كنعان: "كان هناك اتفاق على نقاط عدة. الجو جيد والمهم ان هناك تواصلا معمقا في كل المواضيع، والرئيس بري سيصرح". وعن سبب بقاء الجولات في الاطار العام قال النائب كنعان: "المواضيع تبحث في شكل متواصل، مثلا ال1559 ومتفرعاته، والرئاسة وغيرها". واشار الى ان كل شيء وارد بالنسبة الى حسم بعض البنود.

من جهته، أوضح النائب ميشال المر "أن الأجواء جيدة وإيجابية، وقد حصل تقدم على كل المستويات".

وقال جعجع: "الاجواء جيدة وايجابية". وسئل عما نقل عن رئيس الجمهورية العماد اميل لحود حول استعداده لترك الرئاسة بعد الاتفاق على البديل، فأجاب: "ان النصف الاول من هذا الكلام جيد لجهة أنه سيستقيل، اما بالنسبة الى النصف الثاني فلا علاقة له بالبديل".

وصرح وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون: "دعونا نأخذ وقتا، فالبيان الوزاري استغرق أيام، فكيف بالحوار؟ أعطونا وقتا".

ووصف النائب اغوب بقرادونيان: "الاجواء ايجابية، والبحث تطرق الى كل المواضيع، لكن الحوار يحتاج الى مزيد من الوقت. وحتى الساعة لم يبت أي موضوع، حتى موضوع السلاح الفلسطيني".

وتبدأ الجلسة الثامنة أعمالها في السادسة والنصف مساء.

 

قيادات مشاركة في الحوار علقت على تصريحات النائب جنبلاط في واشنطن واجماع على عدم تأثيرها على مجريات المناقشات بين المتحاورين

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) الجولة الثامنة المسائية من جلسات الحوار الوطني اللبناني كان الحاضر الاكبر فيها التصريحات التي ادلى بها رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط في واشنطن. وقال العماد ميشال عون: لا تعليق على كلام النائب جنبلاط لاني لم اطلع على النص الحرفي له فانا سمعته الان، وبهذا رأيه بما قال.

سئل: هل صحيح ان الديمقراطية في خطر في لبنان؟ اجاب: نعيش اجواء الديمقراطية بكل تجلياتها في الحوار الوطني.

قيل له: هل تعتقد انه سيغير رأيه؟ اجاب: هناك 12 ساعة طيران.

سئل: هل يمكن ان يؤثر كلام النائب جنبلاط على مجريات الحوار؟ اجاب: لا، لا اعتقد.

سئل: ما هو تعليقك على كلام الرئيس السوري بشار الاسد حول الحوار؟ اجاب: كلام الرئيس السوري يخصه هو ونحن هنا في لبنان وهذا حوار يخصنا نحن.

اما الرئيس امين الجميل فقال ردا على سؤال "لم اطلع على ما قاله النائب جنبلاط، ومهما قيل فان هذا لن يحدث اي مشكلة للحوار".

ورفض الدكتور سمير جعجع التعليق على كلام جنبلاط كما رفض ما قاله الرئيس السوري بشار الاسد حول الوضع اللبناني وحول الحوار الوطني. وقال:" الحوار اللبناني شأن لبناني ولا دخل للرئيس السوري في هذا الشأن". وعلق جعجع على ما نقل عن رئيس الجمهورية العماد اميل لحود بأنه مستعد للاستقالة شرط معرفة البديل وقال :"الشق الاول من الكلام جيد لكن ليس له شأن في اختيار البديل".

وعلق النائب الياس سكاف على كلام النائب جنبلاط وقال: "ليس المهم ما قاله جنبلاط وعلينا ان نعرف موقف حلفائه مما قاله, والوعاء الفارغ يصدر عنه صوت اكبر من الملآن. اضاف: "هناك توافق حول طاولة الحوار ولا احد يأخذ اكثر من الاخر وعلى كل منا قبول الاخر"، معتبرا "ان النائب جنبلاط ليس له تأثير على مجريات الحوار.

اما رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد وقال: "لم اسمع، لم اقرأ لم أر"

وقال النائب ميشال المر "ان كلام النائب جنبلاط يؤثر على الحوار انما يعزز الحوار وإذا سمع المتحاورون هذا الكلام سيكون لهم موقف منه يناقش حول الطاولة".

 وقال النائب بطرس حرب تعليقا على كلام النائب جنبلاط قائلا "نخاف على لبنان وعلى ديمقراطية لبنان واجتماعنا اليوم حول الطاولة المستديرة هو لتعزيز الديمقراطية" واكد "ان كلام النائب جنبلاط لا ينسف الحوار إنما يعززه، نحن لا نستجدي الديمقراطية نحن شعب ديمقراطي الحمد الله وتراثنا ديمقراطي ومن خلال هذا الحوار الوطني تعزز الديمقراطية". ونفى حرب ما تردد عن خلاف في وجهات النظر بين اركان 14 آذار".

سئل: هل يتم الاتفاق على اي بند اليوم؟ أجاب: سنتفق على كل شيء ان شاء الله، وليس بالضرورة ان ينتهي ذلك اليوم.

وقال وزير الاعلام غازي العريضي ردا على سؤال هل وضعك وليد بك امام مشكلة في كلامه اليوم؟ أجاب: وليد بك دائما يفتح طريق الحلول وليس طريق المشاكل .

بدوره قال النائب حسن يعقوب ردا على سؤال: "ان شاء الله يكون اي كلام لخدمة ما يحصل ونسأل اية ديمقراطية يسعى لحصولها من واشنطن، علما ان الديمقراطية الان موجودة هنا حول طاولة الحوار التي تمثل كل الاسلوب الحضاري والحواري الديمقراطي. ونفى ان يؤثر كلام النائب جنبلاط على الحوار لان إرادة الحوار لأيجاد الحل لخدمة البلد موجودة لدى الجميع. وعن النقاط التي تم التوصل اليها قال "ان النقاط تعالج كلها بشكل جدي وموضوعي وبمجرد الدخول في عمق هذه المواضيع اظن اننا نكون قطعنا شوطا كبيرا وهذا امر مهم جدا، ونأمل ان تكون نتائجه جيدة ويعم الخير على لبنان"، مؤكدا "ان كل الامور تعالج بمسؤولية وجدية".

 

أنور رجا أثار في مؤتمر صحافي مقاربة المتحاورين للملف الفلسطيني

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) عقد امين سر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" انور رجا، مؤتمرا صحافيا في مقر القيادة في مخيم برج البراجنة اليوم، استهله بالقول: "في الوقت التي تعقد فيه جلسات الحوار، نشعر تماما بأننا نحن الفلسطينيين معنيون بهذا الحوار وبشكل جوهري وأساسي"، متمنيا "للحوار النجاح وان يصدر منه الدخان الابيض اليوم قبل الغد"، مشيرا الى مسائل عدة من "موقع المصالح المشتركة". وقال: "الفلسطيني في لبنان جزء من هذا النسيج المحيط به اجتماعيا وسياسيا وامنيا، وعافية لبنان عافية لنا، انما عندما نتحدث عن الموضوع القائم الآن، وعن ضرورة الوصول الى افضل الصيغ التي تحقق قوة ومناعة لبنان وحريته واستقلاله بالمفهوم الحقيقي، نحن ايضا لنا رأي كجزء عانى وتعرض للمتاعب الكبرى على المستوى الاجتماعي، ونشعر بأن لنا حصة في هذا الحوار، ونتمنى ان تأخذ في أبعادها الحقيقية والكاملة، في عين الاعتبار، ان الفلسطيني في لبنان ليس جسما غريبا او حالة مرضية يجب ان يحجر عليها. فالفلسطيني في لبنان يفرح قلبه عندما يشعر بقوة لبنان، وعندما يشعر انه يتم التعاطي معه على المستوى الرسمي والسياسي بوصفه انسان وصاحب قضية، فماذا ان كان هناك غياب مطلق وكبير وخطير لمفهوم الانسانية بالتعاطي مع الفلسطيني؟.

نحن لا نبالغ ان قلنا ان هذه المخيمات قد تحولت وبفضل السياسات، وللأسف الخاطئة على الصعيد الرسمي والحكومي، وعلى مستوى بعض القوى والاحزاب اللبنانية الى معسكرات اعتقال. نحن هنا محكومون بسياسة وثقافة عنصرية حولت هذه المخيمات الى جزر أمنية. اننا نتعرض عمليا الى عملية ابادة في المعنى الوطني والقومي، هذه الابادة أدت الى تهجير الفلسطيني، حتى الآن هناك اكثر من مئة الف فلسطيني اصبحوا خارج لبنان ومنعوا من العودة رغم انهم يحملون الوثائق الفلسطينية اللبنانية بقرار رسمي يمنع الفلسطيني الذي يخرج من لبنان بالعودة الى أهله". وسأل: "الآن وقد بدأت طاولة الحوار المستديرة، فماذا يريد الفلسطيني من هذا المؤتمر؟"، مستطردا بالقول: "الفلسطيني يريد ان يعامل كصاحب قضية، نحن فرنا كثيرا في المؤتمر، وشعبنا يتابع بفرح هذا المؤتمر مثل اي مواطن. ولكن مع التسريبات التي وصلت ومع العناوين الرئيسية التي بدأت تتناول الموضوع الفلسطيني، لقد اصبنا بخيبة أمل ونحن في حالة حزن وقلق على ان يقارب البعض الموضوع الفلسطيني، الملف من زاوية امنية ومن زاوية ملف السلاح الفلسطيني". ورأى ان "هذا الحوار التاريخي يتطلب من الافرقاء الاساسيين، وقفة تاريخية وجادة ومفصلية امام الملف الفلسطيني بأبعاده كافة". وقال: "الذين تشجعوا بالحديث عن السلاح الفلسطيني ووضعوا جدولا ومدة زمنية ومهلا، ومن نادى باقتلاع هذا الوجود المسلح وبمهاجمة هذه المراكز، وللأسف، هذه القضية وهذا السلاح الذي عمق بدماء الشهداء ووجد ضمن ظروف يجب ان يقرأها الجميع".

واعتبر رجا انه "اذا كانت هناك مشكلة حقيقية، فأصل المشكلة هي طريقة التعاطي مع الملف الفلسطيني من زاوية أمنية، وفي طريقة التعاطي مع الانسان الفلسطيني، بما لا يتيح له ان يكون قادرا حتى على العطاء على مستوى القضية الفلسطينية. الفلسطيني ليس وباء، انتم أصحاب القرارات السياسية والمراكز الحزبية من يدفع الفلسطيني الى الجدار، يريدون لهذا الفلسطيني ان يتحول ضد نفسه، فالواقع المعيشي في المخيمات يعاني من مشاكل خطيرة منذ اكثر من 57 عاما، ونأمل ان تنفتح العقول والضمائر حول هذا الواقع". واضاف: "من يطلب من الفلسطيني ان يقدم سلاحه، عليه، قبل ان يفكر بهذا الجانب، ان يطرق العنوان والباب الصحيح ويدخل الى صميم المشكلة. وصميم المشكلة اننا نشعر بالقلق الكبير والخطير جراء هذه السياسات". متسائلا: اذا منع الفلسطيني من حق التملك، واذا منع الفلسطيني من حق العمل، هل هذا يعني ان ذلك يعجل بالعودة الى فلسطين. كل هذه المقاربة لا تدل على نية حقيقية للوصول الى نتائج حقيقية". واكد رجا "ان من لا يريد ان يتخذ قرارات حاسمة وواضحة وان تشرع هذه القرارات بما يتعلق في الحقوق الانسانية والمدنية للفلسطيني هو يضع قنابل موقوتة داخل هذه المخيمات ويحولها الى جزر أمنية، بل انه يستعديها بثقافة كراهية وعدوانية ما ستجعل الطرق مسدودة امام الحل الفعلي والواقعي".

وسأل رجا: "لماذا يتمسك الفلسطينيون بسلاحهم؟ هذا هو السؤال؟"، داعيا الى "العمل على ازالة الاسباب التي تجعل الفلسطيني يتمسك بسلاحه". وقال: "الفلسطيني مهدد بأمنه وقوته ومستقبل اطفاله". وأعرب عن قلقه من ان "يتم الحوار والحديث عن موضوع الفلسطيني بهذه الطريقة"، ومبديا خشيته من ان "يتم تلاشي هوية الفلسطيني الوطنية نتيجة هذه المسائل، ودفعه الى ان يبحث عن خيارات لا تنسجم مع طبيعته وانسانيته". وتوجه رجا الى المتحاورين، وقال: "لا تحملوا سكين السياسة في عنق الملف الفلسطيني الذي هو ملف سياسي بامتياز؟ لا تدفعوا الفلسطيني الى ان يشعر انه بات محاصرا في كل الاتجاهات، لنبحث معا عن لغة واحدة تجمع ولا تفرق". وأضاف: "ان من يدعو الى مهاجمة المعسكرات والقواعد الفلسطينية، هو يدعو الى ارتكاب مجزرة، هذا الأمر تعرضنا له ذات يوم في ايلول السبعين، هنالك من يريد ان يشرعن قتل الفلسطيني ويريد ان ينهي الملف الفلسطيني، ماذا يعني ذلك؟ هل هي الاستجابة الملحة للقرار 1559. ومن حقنا ان نقول ان من أولويات طاولة الحوار اللبناني- اللبناني ان نتحدث عن القرار 194 وان نعيد لهذا القرار المعاني الثقافية والسياسية". وتابع: "نحن لن نكون حجر عثرة في وجه الحوار الوطني اللبناني، الحوار الوطني اللبناني الذي يأخذ في الاعتبار اننا اصحاب قضية ولنا حقوق"، وتمنى ان "تسود لغة العقل لاتخاذ قرارات حقيقية من اجل تنظيم العلاقة الفلسطينية-اللبنانية وهذا التنظيم الذي يجب ان يبدأ في بحث الحقوق الانسانية واتخاذ القرارات فيها تؤدي الى اجراءات ثقة حقيقية والى اخراج هذه المخيمات من الطوق والاعتقال والسماح لها ان تتنفس وتعيش وتحيا حتى تتفاعل وبشكل ايجابي مع محيطها اللبناني في النسيج الاجتماعي والاقتصادي ومع الشعور ان امننا من امن الجميع".

واعتبر انه اذا لم "يأخذ هذا المؤتمر قرارات بحق العمل وحق التملك وحق العمل السياسي والاعلام، اعتقد ان الازمة ستبقى مفتوحة وسندخل جميعا في نفق ضبابي، بالتأكيد لا نهاية له". مضيفا: "قيل لنا حق التملك امر يؤدي الى انقسام لبنان، هذا ما قاله دولة الرئيس السنيورة اذا كان حق التملك يحتاج الى وفاق وطني لبناني، اذا يجب ان يؤخذ هنا وعلى طاولة الحوار الدائر الآن بين القوى والافرقاء الاساسيين اللبنانيين، واذا كان هذا الامر من القضايا الوطنية الكبرى فليبحث الآن وتؤخذ به قرارات تشرعن في المجلس النيابي وبمراسيم، اما ان يتم وعدنا بالقضايا الانسانية وبالعمل على حل مشكلة العمل وتبقى المسائل معلقة في الهواء، وبدرس موضوع التملك وتبقى المسألة محلها بين جزر ومد، فلن نقبل بهذا المنطق الذي يحيل القضايا الاسياسية الى مؤتمرات ربما لاحقة".

ورأى انه "آن الأوان ان يوضع الاصبع على الجرح وان يتحمل الآخرون مسؤولياتهم الكاملة والمطلقة في هذا الموضوع وهذا يحتاج الى شجاعة وطنية وقومية وانسانية تأخذ كل هذه القضايا في الاعتبار". وقال: "ستبقى النتائج ناقصة اذا لم يتم مقاربة هذا الموضوع وبعمق، واذا لم نسمع ونقرأ في نتائج هذا الحوار وفي بيانه الختامي، ان المجتمعين اتفقوا على تقديم المسائل الاساسية للفلسطينيين وان لا تحال الى لجان او الى المستقبل والا سيبقى الجرح مفتوحا، وبذلك يحولون المخيمات الى قنابل موقوته ستنفجر بنا نحن كفلسطينيين ويتفرج علينا الآخرون". وختم متمنيا للمؤتمر النجاح "ولكن ليس على حساب الموضوع الفلسطيني"، معربا عن ثقته بشعب لبنان.

 

بري: حولنا 14 و8 آذار من اشتباك الى شباك 

الإثنين 6 مارس - ريما زهار من بيروت: قدم رئيس المجلس النيابي خلاصة عن جلسة الحوار الثامنة بدأها بالقول إنه يتقدم ولم ينته حتى الآن، مشيرًا الى ان النقاش انتهى من البند الأول، وبدأنا بالبند الثاني والثالث، وكل ما يتعلق بالحوار ان كان السلاح الفلسطيني او سلاح المقاومة او مزارع شبعا او موضوع ترسيم الحدود مع اسرائيل او موضوع الاسرى والمعتقلين، وانتقلنا الى البند المتعلق بالعلاقة مع سورية، والتبادل الدبلوماسي والاتفاقات، واضاف بري:" المواضيع التي نناقشها موضع خلاف بين اللبنانيين منذ فترة طويلة من الزمن وهذه المواضيع نزلت الى الشارع، والجميع يعرف وجود جو قبل انطلاق هذا الحوار ينذر حتى بحرب اهلية وحرب احياء وطوائف، كان هناك كلام على الاقل ل8 آذار(مارس)، ان يحتفلوا بهذه المناسبة كذلك الامر ل14 آذار(مارس)، وكان المنتظر ان يكون هناك اشتباك بين القوتين حولنا بهذا الحوار هذا الاشتباك الى شباك.

لا اقول ان الامور يسيرة جدًا كما قلت سابقًا ان هناك حوارًا معمقًا وصريحًا، واكثر صراحة من اي مرة اخرى وهذا الحوار صنع في لبنان في سبيل الوصول الى الوحدة الوطنية. واضاف:"قلنا ان الحوار يبدأ الخميس وينتهي الخميس المقبل وانشاء الله يتكلل بالنجاح. واذا افترضنا انه من اصل 10 بنود من الحوار توصلنا الى ثمانية نعتبر الامر نجاحًا.

الحوار سيبقى مفتوحًا في سبيل حلحلة كل الامور، يعني الفشل ممنوع، اما القرار بقصة التسريبات التي اخذت الكثير من النقاشات اليوم قال بري انه اتخذ موقفًا من الامر منذ اللحظة الاولى بالمقدمة ونبهت ان اي تسريب غير البيان الرسمي الذي يصدر يشكل خطرًا على الحوار. وتمنيت على الزملاء وعلى نفسي الا يتسرب الحوار، اليوم وقبله لاحظت تسريبات تحصل، وقد تكون جملة صحيحة لكنها مجتزأة.

واتصلت ببعض الاخوة الاعلاميين شخصيًا وقت الظهيرة كي نتساعد بالنسبة إلى هذا الموضوع، كان نقاشًا بيني وبين الاعلاميين وليس داخل الحوار. واضاف :"جاءني صباح اليوم مذكرة من منظمة التحرير الفلسطينية انها مؤازرة للحوار تقترح حلولًا تتعلق بالامور الانسانية والسلاح خارج المخيمات وداخله.

 

النائب شهيب: نصائح الرئيس السوري مردودة لان الشعب اللبناني يعي مصلحته

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) ادلى النائب اكرم شهيب بالتصريح الآتي: "كنا نتمنى على البشار ان يتعلم فلا ينطق بما كان يجب الا يتدخل به في الاصل يوم مارس الوصاية، وفيما بعد يوم اجبر الشعب اللبناني هذه الوصاية على الرحيل. اما النصائح التي قدمها بشأن استعادة الوعي الوطني والقومي، فهي نصائح مردوده على قائلها لان الشعب اللبناني يعي مصلحته ويعتز بانتمائه الوطني ويفهم القومية انتماء وانفتاحا وديموقراطية وشرفا وانسانية، ولا يفهمها انغلاقا وسجنا واستبدادا واستباحة للكرامات ووصاية على الآخرين باسم الانتماء القومي. نحن نعرف جيدا ان مصلحة لبنان لا يمكن ان تكون الا بالسيادة والحرية والاستقلال الكامل، وهذه المصلحة نناقشها في مؤتمر الحوار الذي نخاف عليه من مثل هذه النصائح والتدخلات ولا نخاف من المستقبل. اما تصنيفكم للاكثرية والاقلية وفقد المعايير التي تفهمون، فهو تصنيف يدل على استمرار الاساليب المتخلفة التي تتجاهل حقيقة خيارات الناس التي عبروا عنها في ساحة الحرية ساحة 14 آذار مرات عديدة، ولكن الآذان الصماء لا تسمع اصوات الشعب بل تسمع حشرجات العسس ووشوشات الاتباع وهي فوق ذلك مصابة بجنون الغرور وبعمى البصيرة، بحيث لا تفهم ولا تقرأ الحقائق الموجودة في لبنان والمنطقة والعالم فتطلق اوصافها علينا بسبب الهستيريا المصابة بها هي نفسها. واذا اردتم فعلا ان تصدقوا في مشاعركم تجاه لبنان كما تقولون، فالمطلوب شيء واحد، ارفعوا ايديكم نهائيا وتوقفوا عن خداع ادائكم في رئاسة الجمهورية، فهو ساقط منها عاجلا ام آجلا ومؤتمر الحوار بالنسبة الينا ليس بازارا او صالة للمزايدات".

 

 

 

 

الوزير العريضي: لن نترك طاولة الحوار حتى نصل الى نتائج إذا أراد الجميع ذلك وسأقرأ محاضر الحوار يوميا أمام الصحافيين ليعرف اللبنانيون حقيقة ما يدور

وطنية- 6/3/2006 (سياسة) أدلى وزير الاعلام غازي العريضي بالتصريح التالي : لقد آليت على نفسي عدم نشر أي خبر أو معلومة أو مادة عما دار في جلسات الحوار التزاما مني بما اتفقنا عليه يوم السبت الماضي وبالإجماع بضرورة عدم تسريب أي شيء الى الاعلام حرصا على الحوار ونتائجه النهائية التي نعمل لأن تأتي إيجابية ومتوافقة مع آمال اللبنانيين المعلقة على المؤتمر . وقد فوجئنا بالأمس واليوم بتسريب مبرمج فيه الكثير من الدقة في مكان والتشويه المقصود في مكان آخر، عمد إليه بعض أطراف الحوار عن سابق تصور وتصميم ، في محاولة للاساءة الينا. بناء عليه ، أود أن أؤكد ان مواعيد زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الى الولايات المتحدة الأميركية كانت محددة قبل تحديد موعد انطلاق الحوار الذي يدرك الأستاذ وليد جنبلاط أولويته وأهميته ولذلك تم تجاوز الكثير من الأمور للمشاركة فيه. وعندما اضطر الى السفر، أبلغ المجتمعين بذلك وكلفني بتمثيله مع زملاء من اللقاء الديموقراطي مع تفويض كامل باتخاذ القرار الذي يعبر عن وجهة نظر اللقاء وهذا ما أكدته للزملاء المحاورين . وإذا كان ثمة من بات يواجه حرجا في استمرار الحوار أو التقط إشارات معينة في هذا الاتجاه ، وإذا كان ثمة من لا يدرك خطورة هذا الاسلوب المتميز باللامسؤولية فلن يستطيع هذا الفريق او ذاك تحميل غيره مسؤولية الفشل أو الإرباك أمام الللبنانيين وتسريب ما يراه مناسبا لنفسه من جهة ومغايرا للحقيقة ومسيئا لغيره من جهة ثانية كما حصل اليوم من خلال ادعاءات معينة . بناء عليه ، أقول : لن نترك طاولة الحوار حتى نصل الى نتائج إذا أراد الجميع ذلك . ولكن لن نترك أحدا يسرب على هواه . وعلى هذا الأساس ، فإنني سألجأ وبعد كل جولة من جولات الحوار الى قراءة المحاضر كلها أمام كل الصحافيين واللبنانيين ليعرفوا في الحقيقة ماذا يدور على طاولة الحوار ومن يريد الوصول الى نتائج إيجابية ومن لا يريد".

 

الوزير الصفدي:على المتحاورين الالتزام باتفاق الطائف وسنبدأ بالتركيز على الحلول وصياغة القرارات

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) اكد وزير الاشغال العامة والنقل محمد الصفدي في حديث الى اذاعة "صوت لبنان" "انه على جميع المتحاورين الالتزام باتفاق الطائف، واحد بنوده يتحدث عن بسط سيادة الدولة على الاراضي اللبنانية كافة، وحل الميليشيات الوطنية وغير الوطنية وهناك اتفاق بين جميع الافرقاء على تنفيذ هذا البند". واشار الى "ان المقاومة ليست ميليشيا، لهذا السبب فان موضوعها يختلف عن موضوع الميليشيات"، وفي ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني، شدد على "ان هناك حديثا هادئا وواضحا من قبل الجميع، لناحية المضمون الاساسي، فالمرجع هو اتفاق الطائف، ومن ناحية التنفيذ هناك تباين في وجهات النظر ولكنه ليس رئيسيا". واعتبر "ان هناك مصارحة بين المتحاورين وكل الهواجس توضع على الطاولة، وهي تبحث بعمق، وكل فريق يعلن عن مخاوفه، وطالما ان كل الهواجس توضع على الطاولة فان هناك املا بايجاد الحلول، ودائما نستبشر بالخير، ولكن الامور شائكة ومضى على المواضيع الخلافية سنين طويلة، ونحن في حاجة الى حل لو جزء منها". وختم، مشددا على "ان كل المشاكل تم استعراضها من الجهات كافة، وسيبدأ اعتبارا من اليوم التركيز على الحلول وصياغة القرارات، ولكن هناك صعوبات والهدف من الحوار هو حلها". واعلن "انه سيتم التوصل الى قرارات وعناوين وهناك اتفاق بين جميع المؤتمرين على ان لا تبقى امور عالقة".

 

النائب حب الله: نأمل التوصل بالحوار الى تفاهم يرسي ثوابت وطنية وتغيير رئيس الجمهورية لا يتم الا بموجب الدستور وفي البرلمان

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) عقد النائب الحاج حسن حب الله، ندوة سياسية في بلدة قعقعية الجسر, في حضور اعضاء المجلس البلدي والفاعليات السياسية والاجتماعية والحزبية لابناء البلدة. واعتبر النائب حب الله ان "الحوار هو الطريق السليم لحل القضايا الخلافية بين الاطراف اللبنانية"، ودعا الى "ان يكون هذا الحوار وطنيا بعيدا عن اي تدخلات خارجية, وهذا يحمل القوى اللبنانية مسؤولية عدم الانجرار وراء الاملاءات الاميركية والغربية او الخضوع للضغوطات الاجنبية التي تمارس على لبنان، وأمل في ان يتوصل اللبنانيون من خلال هذا الحوار على تفاهم يرسي ثوابت وطنية للمرحلة السياسية القادمة". وعن موضوع المقاومة, توقف عند "اظهار البعض خشيتهم من ان يتوجه سلاح المقاومة على الداخل", موضحا ان "سلاح المقاومة هو سلاح لحماية لبنان بعد تحرير اراضيه من الاحتلال, وان الذين يراودهم خشية استعمال هذا السلاح في الداخل, نقول لهم: إن دعوتنا ومجيئنا للحوار هو لاننا نرفض الاحتكام الى لغة السلاح في القضايا الداخلية, ومن جهة ثانية فان تاريخ سلاح المقاومة وخاصة بعد تحرير الجنوب, دليل على انه لم ولن يستعمل الا في مواجهة العدو الصهيوني الممعن في عدوانه على لبنان وشعبه". وعن القرار 1559, اعتبر ان "ما تضمنه هذا القرار هو مطالب اسرائيلية ساهمت الولايات المتحدة الاميركية في اخراجها بقرار دولي, وذلك تمشيا في سياستها المنحازة دائما للمحتل الصهيوني ذد القضايا العربية المحقة", وأمل ان "يدرك اللبنانيون هذه الحقيقة ويملكون الجرأة في اتخاذ موقف موحد لحماية لبنان وفق استراتيجية دفاعية". وردا على سؤال عن ملف رئاسة الجمهورية, اعتبر "ان رئيس الجمهورية اليوم موجود وفقا للدستور وان فريق من اللبنانيين يطالبون تغييره, ونحن نرى ان اي تغيير لا يتم الا بموجب الدستور وفي مجلس النواب".

 

نسيب لحود: لغة الرئيس الأسد ترمز الى الماضي ولا تخدم تحسين العلاقات ونطالب سوريا عدم الدخول على خط الحوار لا هي ولا أي دولة صديقة او شقيقة

وطنية - 6/3/2006 (سياسة) اعتبر رئيس حركة "التجدد الديموقراطي" نسيب لحود "ان اللغة التي استخدمها الرئيس بشار الأسد في حديثه الاحد الماضي عن الأوضاع في لبنان، غير مقبولة وهي ترمز الى الماضي ولا تخدم اطلاقا قضية تحسين العلاقات بين البلدين". وقال في تصريح ادلى به بعد ترؤسه الجلسة الأسبوعية للجنة التنفيذية للحركة: "ان هذا كلام يرمز الى الماضي، ولغة تصنيف اللبنانيين واعطاء شهادات حسن سلوك للبعض منهم وشهادات عمالة للبعض الآخر، لغة غير مقبولة، لا اليوم ولا في الامس، وهي لا تخدم اطلاقا قضية تحسين العلاقات بين البلدين، بل على العكس تؤذيها". اضاف :" نحن نسعى الى فتح صفحة جديدة اساسها اولا الاعتراف بسيادة البلدين ووقف أي تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وثانيا الاحترام المتبادل. نحن نريد علاقات محترمة وليس السجالات العقيمة، قد يكون بعض المسؤولين في سوريا يشعرون بالمرارة من استعادة لبنان استقلاله، لكن هذا الأمر كان حتميا وطبيعيا، فالوصاية والهيمنة كانت امرا غير طبيعي. نقول بكل صدق اليوم ان على النظام السوري استيعاب هذا الأمر والتعايش معه. هذه ليست فقط مصلحة لبنان بل مصلحة سوريا ايضا.

ما من احد يمكنه اعادة عقارب الساعة الساعة الى الوراء. هناك اجماع لبناني على الموضوع، حتى من تصنفهم سوريا اصدقاء لها في لبنان لا نعتقد ان أيا منهم يريد اعادة الوصاية السورية وحكم المخابرات الى لبنان، وفي المقابل، فان قوى 14 آذار تريد فعلا اقامة افضل العلاقات بين لبنان وسوريا، انما بعد تغيير تصرفات النظام السوري في لبنان واعترافه باستقلال لبنان". ولفت رئيس حركة "التجدد" الى "ان موضوع العلاقات مع سوريا هو من ابرز نقاط مؤتمر الحوار الوطني الذي يعقد للمرة الاولى من دون أي تدخل او وصاية خارجية"، مطالبا "السلطات السورية باحترام ارادة اللبنانيين والا تدخل على خط الحوار، والا تتدخل فيه لا هي ولا أي من الدول الشقيقة او الصديقة". وختم مشيرا الى "ان الشيء نفسه ينطبق على رئاسة الجمهورية، حيث على سوريا ان تدرك ايضا ان هذا موضوع لبناني داخلي، وان اغداق شهادات حسن السلوك على الرئيس اميل لحود يؤكد تماما ما نشكو منه، وهو ان الرئيس لحود الممددة ولايته خلافا للدستور انما يستمر في منصبه اليوم بارادة غير لبنانية ".

 

الحوار الداخلي يراوح مكانه في لحظة انسداد 

الإثنين 6 مارس -ايلاف

بلال خبيز من بيروت : كان المتوقع، نظراً إلى بعد الشقة بين الفئات اللبنانية المتحاورة، ان يصل الحوار الداخلي المنعقد إلى عقد مستعصية على الحل. هذا ما يحصل في أي حوار. فالحوارات دائماً وأبداً، تعقد في القاعات وخارجها. بين المؤتمرين انفسهم، وفي الميدان، وتترافق المداخلات السياسية مع ضغوط ميدانية وتسريبات من كل حدب وصوب، فضلاً عن تدخلات خارجية وداخلية للتأثير في مجرى الحوار وعلى النتائج التي يمكن ان يخلص إليها.

وفي أي حال، لم يكن مستغرباً ان يدلي الرئيس السوري بشار الأسد بمداخلة ساخنة في مؤتمر الأحزاب العربية الذي تنعقد اعماله في دمشق. المداخلة الساخنة بدت كما لو انها تريد التدخل المباشر، وتنبيه من لم يكن منتبهاً، إلى ان سورية ما زالت طرفاً فاعلاً في الحوار، ومقرراً، وان الإدارة السورية لن ترضى بأقل من تنفيذ كامل توجهاتها حرفياً ومن دون تعديل على الصعيد اللبناني. لكن تلك المداخلة لم تحل دون استمرار المتحاورين بحوارهم، أملاً في الوصول إلى قواسم مشتركة، لا تنهي الأزمة المستعصية ولا تبتكر لها حلولاً سحرية، لكنها قد تفتح باباً لحل ما في المقبل من الأيام.

بناء على هذا التقدير المفرط في حذره، لم يتردد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في السفر إلى الولايات المتحدة وفق الموعد المقرر سلفاً لهذه الزيارة، ولم يجد في تضارب موعد الزيارة مع موعد الحوار ما يستحق التضحية بالمواعيد الأميركية لمصلحة مواعيد لبنانية داهمة. ذلك يعني، بالنسبة إلى الزعيم الدرزي، بحسب مصادر قريبة منه، انه لا يعلق اهمية كبيرة على مجريات الحوار وما يمكن ان ينتج منه، ويضيف قريبون من الدائرة الضيقة المحيطة بالزعيم جنبلاط، ان جل ما حققه الحوار هو كسر جليد العلاقات الشخصية بين المتحاورين، ودخول "حزب الله" طرفاً في الحوار بعدما كان لسنوات طوال يترفع عن الدخول في زواريب السياسة اللبنانية، ويعتبر سياسته منزهة عن الاغراض والمقاصد الضيقة بوصف المقاومة "عمل مقدس لا يرقى إليه الباطل" من أي جهة أتى.

هذه الإيجابية التي يشير إليها الزعيم الدرزي، بالغة الأهمية لجهة ضرورة ان ينضوي "حزب الله" ويستقيم طرفاً داخل المعادلة اللبنانية مثله مثل أي طرف آخر، لا يستطيع تخوين الآخرين، ولا يمكنه ان يدعي صحة سياساته دون سياسات الآخرين. لكن هذه الإيجابية لا تلغي واقع ان البلد يعيش طوراً من أطوار أزماته المستعصية، وان امكان تقريب وجهات النظر يكاد أن يكون بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً. إذ ليس ثمة ما يجعل الحوار متكافئاً بين طرفين أحدهما مسلح حتى أسنانه، والآخر يعطل الحوار بعض أهم موارده الإقتصادية، ودرة تاج مشروعه في الوسط التجاري لمدينة بيروت. فضلاً عن ان الفارق بين حامل السلاح، وإن كان موجهاً ضد العدو الإسرائيلي ولم يدخل طرفاً مباشراً في أي حرب لبنانية داخلية، وحامل الخطاب السياسي، حتى لو كان الخطاب عنيفاً وعصبياً، كبير ولا يمكن ردم هوته بالنيات الطيبة وحدها.

وبحسب المصادر القريبة من الزعيم الدرزي، فإن التخوف كبير من ان ينتج الحوار، عملاً بمقتضى موازين القوى المحلية والعربية، نوعاً من اتفاق قاهرة جديد، ينظم السلاح الفلسطيني وسلاح "حزب الله"، لكنه تحت لافتة التنظيم ولبنانية مزارع شبعا، يستطيع أن يقضم سياسياً وأمنياً كل ما حوله وصولاً إلى نوع من الاختلال الساحق بين الطرفين لمصلحة السلاح المقاوم، وتقديم المقاومة على كل ما عداها، وتعليق الاجتماع والسياسة في لبنان لمصلحة دور مقاوم لم تعد ثمة مقومات فعلية للاضطلاع بموجباته.

والحق أن الفارق كبير بين لبنان المنقسم على نفسه في ستينات القرن الماضي حيال العمل الفدائي الفسطيني من جنوب لبنان والوضع الذي يعيشه لبنان اليوم. ففي تلك الحقبة لم يكن أمراً مستغرباً ولا مستهجناً ان ينخرط لبنان في مواجهة اسرائيل فعلياً في وسط منطقة عربية تغلي من محيطها إلى خليجها، وتتحضر لصراع عربي – اسرائيلي داعم للمقاومة الفلطسينية في كل أرجاء الوطن العربي، وبين وضع اليوم الذي يكاد فيه اللبنانيون لا يتحملون وجود مقر للمقاتلين الفلسطينيين في منطقة الناعمة جنوب بيروت. في الستينات كان فتح البلاد امام صراع لا محدود ضد اسرائيل يمتلك الكثير من المبررات المنطقية، لكننا اليوم امام تراجع عربي عام في هذا الصعيد، وتصعيد حزب اللهي لا أمل يحدوه في استنهاض نوع من التضامن العربي الفاعل.

في أي حال، وتحت شعارات من قبيل دعم الانتفاضة الفلسطينية، لم تتوقف خطابات "حزب الله" والنظام السوري ابان الانتفاضة الثانية عن دعوة الفلسطينيين للاستمرار في الانتفاضة. لكن الفلسطينيين انتفضوا وحدهم طوال اكثر من ثلاث سنوات وبقي شلال الدم الفلسطيني نازفاً من دون ان يلقى الفلسطينيون تحت الاحتلال اي دعم فعلي يمكن ان يمتن صمودهم او يجعل انتفاضتهم قابلة للاستمرار.

لهذه الاعتبارات كلها، ينظر الزعيم الدرزي إلى نتائج الحوار نظرة فيها الكثير من السواد. ويرى ان ما يحوط الوضع اللبناني من تدخلات اقليمية تصب كلها في خانة ابتزاز الاستقلال والحركة الاستقلالية. فيصرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم من القاهرة ان تبادل السفراء بين لبنان وسورية يمكن ان يتحقق حالما ترتقي العلاقات بين البلدين إلى المستوى المرغوب، كذا! اي المستوى الذي تحدث عنه الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير، بمعنى عودتها إلى سابق عهدها من تحكم سوري في مفاصل لبنان جميعاً، بوصف ما جرى منذ عام حتى اليوم عابراً ويكاد يكون غير ذي صلة. لهذا يرى الزعيم الدرزي، أيضاً، ان اي تغييير لم يطرأ على السياسة السورية حيال لبنان، بل على العكس من ذلك، ثمة انخراط سوري متماد في حلف، يصر الزعيم الدرزي على تسميته ب"الفارسي"، يجعل من دمشق عاصمة ايرانية من عواصم التدخل التي تملكها إيران الملالي في منطقة الشرق الأوسط. مما يعني ان الحصار الإيراني الذي يشتد على عنق منطقة الخليج تهديداً نووياً وتدخلاً واضحاً في العراق، يملك ذراعاً سورية ولبنانية فاعلة ويمكنها ان تعطل اي اجماع او توافق. وأخشى ما يمكن ان يخشاه المرء، ان تُحشر حركة "حماس" في الزاوية نفسها عبر محاصرتها سياسياً فلا تعود تجد منفذاً غير الدعم الإيراني يعينها على الصمود في وجه العواصف الكبرى التي تعصف بالوضع الفلسطيني من كل ناحية.

 

الحوار «التاريخي»... والتواريخ شواهد؟ 

الإثنين 6 مارس - النهار اللبنانية

بقلم/غسان تويني

عندما "ينزِّل" الرئيس بشار الاسد كلامه على مؤتمر الحوار اللبناني المنعقد للمرة الأولى في مجلس النواب في العاصمة بيروت (من دون وليّ أو وسيط بين ممثلين معظمهم يتكلمون معاً للمرة الأولى) معرباً عن "أمله في نجاح الحوار والخروج بقرارات واضحة في شأن المقاومة وسلاحها والقرار 1559، وكذلك العلاقة مع سوريا" (كذا، بالحرف الواحد!)... هل كان من الضروري ان يشفع تمنياته، التي لا نريد التشكيك في صدقيتها، بمثل الاتهام بأن "المؤامرة التي بدأت على لبنان وسوريا بدأت في لبنان"، آملاً في أن "يستعيد الشعب اللبناني وعيه الوطني والقومي"... الخ، الخ... وصولاً الى قول آخر (مأثور!) منسوب اليه ان "لبنان في منطقة رمادية بين الأبيض والاسود"...

هل كان كل هذا الابهام ضرورياً لكي يضطرنا سيادته الى اللجوء الى طلب "تفسير"... ولكن بأي قاموس؟

ربما بقاموس نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الياس المر (الناجي باعجوبة من محاولة اغتيال بالتفجير البربري فصار، هو كذلك، "شهيداً حياً") الذي قال في مجلس الوزراء متوجهاً الى "عمّه" رئيس الجمهورية: "كان هناك مركز عنجر وقراره: يا عبد يا جثة"!

ترى، لماذا لا يوفّر الرئيس الأسد على المتحاورين في لقائهم، التاريخي حقاً، عناء البحث في علوم "التفسير" السورية ليعرفوا من هم المتآمرون وأية مؤامرة "على سوريا ولبنان معاً" بدأت في لبنان؟ وعلام وعلى مَن تآمرت وماذا حققت من أهدافها وأين هي الآن؟... وبالتالي ماذا يجب ان يكون تصرّف المتحاورين من أجل "استعادة الوعي الوطني والقومي"... وهل يقتضي ذلك، مثلاً، "استعادة" الجيش السوري لثلاثين سنة اخرى، مع اجهزة مخابراته وكل الذي صار معروفاً ومعلوماً و"موثّقاً" من جهوده كقوة "لحفظ السلام" (مهمتها الاصلية بتكليف من الجامعة العربية ما غيرها منذ عام 1976)... فضلاً عن "استعادة" رئيس الجمهورية "اللبنانية"(؟) اميل لحود من "متحف بعبدا" الى لا - دستورية الحكم المفقودة بالتمديد؟

الرئيس نبيه بري وضع في جدول اعمال الحوار عبارة جعلها شعاراً للبحث في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية التي "يتكركب" العالم العربي برمّته من أجل ترميمها.

"العبارة الشعار" المنسوبة الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هي الآتية:

"لا يُحكم لبنان ضد سوريا

ولكنه لا يُحكم منها..."

ترى، هل كانت هذه العبارة شعار المؤامرة على لبنان وسوريا، وهل كان الرئيس الشهيد صاحب الشعار هو المتآمر، فاستحق الاغتيال؟...

أوَيريدوننا ان نصدّق ان "أبا بهاء" تآمر على نفسه ولعله هكذا اغتال نفسه بأعجوبة لا نظير لها؟ وكذلك سائر الشهداء، ومنهم سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني، بمن فيهم "الشهيد الحي" الأول مروان حماده، طليعة ضحايا المؤامرة اياها؟

مطلوب قاموس سوري حتى نمضي في الحوار التاريخي على الصراط المستقيم ولا نقع كلنا في شراك المؤامرة على "الوعي الوطني والقومي"، بل نخرج من المنطقة الرمادية (؟؟؟) الى بياض الحكم السوري الناصع!!!

... مما يذكّرنا بمقال كتبناه، في هذا المقام بالذات، عشية الانتخابات الرئاسية عام 1976 وكان عنوانه:

"نعم لرئيس مع سوريا...

ولا لمرشح من عندها".

وقد شرحنا في المقال اسباب ذلك الموقف، وربما اضطرنا ذلك الى استعادة نشره لعله ينيرنا في اختيار الرئيس العتيد، فلا يكون "مرشحاً من عندها" لتكتمل المؤامرة، بل يكون "رئيساً معها"... داعين له بما لم ينله "الرئيس مع سوريا" الياس سركيس الذي انتخب عام 1976، وعاش طوال ولايته أسيراً، بل شهيداً حياً في قصر بعبدا، ما غيره، تحت قنابل "مجهولة" المصدر.

ولم نقل انها كانت تلك "مؤامرة على سوريا ولبنان"،  "بدأت في لبنان"!

وربما أعدنا الكرّة وانتخبنا رئيساً مع سوريا، لا يحكم لبنان "ضدها"، على أمل الا يؤدي الى "حكمٍ مِن سوريا"  لا يحمي لبنان ولا رئاسته من "القنابل المجهّلة" المصدر... ولا "الاغتيالات الذاتية".

رحم الله الشهداء. وحفظ لنا بقية من الاحياء ليشهدوا بالحق.

... و"التواريخ شواهد".

 

هل من مشروع إنقاذ للخروج من المأساة؟؟ 

الإثنين 6 مارس

بقلم/ د. سيّار الجميل -ايلاف

 مقدمة

 دعوني اعود اليكم ثانية مثمنا كل الذين كتبوا لي ونشروا عّني نداءاتهم ومقالاتهم وتقييماتهم التي لا استحقها، وبالرغم من بقاء الظروف الصعبة خصوصا انني ما زلت اعيش الازمة نفسها.. ولكن الضرورة تفرض علّي هذه العودة اليكم مهما كان الثمن.. خصوصا وقد وصل حال العراق اليوم الى الابواب المغلقة كما وصفتها قبل اشهر! لقد وصلتني مؤخرا مناشدات العديد من الاخوة العراقيين الشرفاء من اجل المناداة بهيئة انقاذ وطني ـ او كما وصفها الاخ الاستاذ عزيز الحاج بـ " حكومة انقاذ " ـ، اذ سبقني في ذلك.. ولكنني اعتقد بأن أي علاج آني مرحلي سوف لا تكون له أي فائدة ان بقيت الاوضاع الصعبة تسير من سيئ الى أسوأ، فالمشكلة لا تنحصر بتركة نظام سابق، بل بعجز النظام الجديد على ايجاد حلول ومعالجات. وهنا اتساءل وربما يتساءل معي قرائي الاعزاء: هل ينفع أي مشروع انقاذ للخروج من المأساة؟ هل يمكن ازالة الاحتقانات مرحليا مع بقاء كل عوامل الانقسام والتشرذم؟ هل يمكن للعراقيين ان يوحدّوا اهدافهم الوطنية في ظل ما يريده الاحتلال؟ هل يمكننا تطويق الازمات الصعبة التي استفحلت الى ما يشبه المعضلات في ظل صراعات القوى الاجتماعية المذهبية والطائفية والشوفينية والتكفيرية.. الخ بعيدا عن التفكير السياسي المعاصر؟ في ادناه رؤية نقدية من خلال تقديم " مشروع " كنت قد اعلنت عنه منذ نهاية العام 2003، ولكن اختار القادة الجدد طريقا آخر سامحهم الله، وكانوا وما زالوا يتشبثون بالمناصب لغايات باتت مفضوحة، بل ويستعجلون تقديم طبختهم الكريهة التي ستودي سمومها بالعراق والعراقيين ولات ساعة مندم.. وعند ذاك لا ينفع الندم.

اعادة التأهيل مرة أخرى

 ان ادارة الازمات في اي مكان من الوجود بحاجة ماسة الى من يكون مؤهلا لها من اجل اعادة الامور الى نصابها وضبط الاوضاع التي تتداخل فيها السياسة مع الامن وخشية من التدهور والتمادي في الانهيار لابد من قرارات جريئة لا لتجميد العملية السياسية، ولكن للمرور بمرحلة نقاهة حقيقية يسودها قادة من العراقيين الوطنيين مهما كانت انتماءاتهم الاجتماعية ولكن بعيدا عن الانتماءات الحزبية والكتلوية التي تفرض نفسها على الساحة.. اناس مؤهلون لادارة الازمات والخروج من اي مأزق تعيشه البلاد اذ سينتج عن ذلك ـ كما اعتقد بشكل راسخ ـ اعادة للوضع واستتاب للامن وضبط للاوضاع.. وكم نادينا ان يجري تغيير الاليات لضبط الاوضاع في العراق لتخليصه من الارهاب وقتل الناس الابرياء بفرض الاحكام الاستثنائية وغلق الحدود ونزع الاسلحة وحل الميليشيات.. وهذا لا يتأتى الا من خلال اناس مخلصين للبلاد ولهم القدرة على ادارة الازمات.. علما بأن الازمات تختلف في طبيعتها، ذلك ان قتل الابرياء يعد من الازمات الصعبة وبدا العراق وقد اخترق على اشد ما يكون الاختراق بعد سقوط النظام السابق ومذ الاحتلال فانفلتت الامور واخترقت الحدود واصبح العراق مباحا لقوى خارجية بعد ان كان عصّيا على من يريد زيارته او السياحة في ارجائه او حتى ان كان يمر عبر اراضيه!

أزمة حكم أم أزمة بلاد؟؟

 ولقد تشكلّت الى حد اليوم ثلاثة انواع من الادارات: مجلس الحكم والحكومة الانتقالية ثم الحكومة المؤقتة.. ولقد تفاقمت الازمات سوءا من دون ان نجد اي علاجات وقائية ولا اي ادارات متميزة.. ونحن اليوم على ابواب ادارة جديدة ستبقى اربع سنوات في ظل اوضاع محتقنة للغاية. وبصراحة ان أي وزارة ستؤلف ضمن الاسماء المطروحة سوف لا تقدّم او تؤخر اذ ستبقى الاوضاع سيئة ما دامت هناك محاصصات يعمل بها الواقع الجديد. لقد دخل العراق فعلا نفقا صعبا بترسيخ هذه المحاصصة (= التوافق) ومن الصعب جدا اخراج العراق سالما من هذا النفق.. ذلك ان مشكلة العراقيين هي غير مشكلة اللبنانيين ـ مثلاـ، فكل طيف لبناني يعتبر لبنان ملكا لجميع اللبنانيين، ولكن كل طيف عراقي يعتقد ان العراق ملكا له نفسه وليذهب الطيف الاخر الى الجحيم! ناهيكم بأن كل لبناني يعتز بلبنان اعتزازا وطنيا لا حدود له، في حين ان هناك من العراقيين لا يؤمنون بالعراق وطنا..

 ان التجربة المريرة التي عاشها العراقيون في السنوات الثلاث المنصرمة تعلمنا بأن قادته الجدد لم ينجحوا ابدا في حكم البلاد ولم يحظ العراق حتى اليوم بمن هو مؤهل لادارة ازماته التي تتعقّد يوما بعد آخر لتصبح اشبه بمعضلات عصّية على الحل.. فاذا كان العراقيون قد اخفقوا في ادارة انفسهم وحل ازماتهم، فكيف باستطاعتهم ان ينجحوا في بنائهم مشروعات اساسية ووطنية! السؤال الان: ما الذي ينقص العراق اليوم من اجل استعادة عافيته التي ضاعت.. ومن اجل تقويم مسيرته التي تاهت؟

اجراءات ادارة عادية غير ادارة العراق الصعبة

 ان الاجراءات التي مورست لا تستوي وطبيعة صعوبات المرحلة، ان العراق بحاجة الى ادارة قوية وليست رخوة.. ادارة ذكية ومتفاعلة وودودة مع المجتمع بكل اصنافه.. ادارة تحاول ان تكسب كل العراقيين الى جانبها.. ادارة لا تستمع الا الى صوت العقل ولا تركن الى اية تأويلات او تفقهات او تسّلم أوامر وفتاوى.. ادارة تعمل كخلية نحل في غرفة عمليات تنتقل في كل ارجاء العراق.. ادارة تعرف كيف تنصت الى الحكماء والمستشارين.. ادارة تنسى انها تنتمي الى حزب او مذهب او طائفة او كتلة تثير الاخرين ولا تقعدهم.. ادارة تختلف اختلافا جذريا عن اجراءات عادية، ادارة تميّز بين طبيعة الموضوعات والاجراءات.. ادارة جريئة في التعامل مع الازمات ولا تخاف من احقاق الحق.... ادارة رجل لابد ان يبدو حازما وجدّيا وصارما في التعامل مع كل الازمة.. ادارة لا يمكن تشكيلها من خلال حفلات عشاء بتوزيع المناصب كما توزع الحلوى على الاطفال! وعندما تتعّرض البلاد لأزمة معينة ينبغي ان يلتف الشعب حول القيادة من اجل الخلاص منها شرط ان لا يكون قائد البلاد هو المساهم في صنع الازمات! او تجده يغّرد خارج السرب.. رجل يقدّم الاهم على المهم. كم كنت أود ممن يدير ازمات العراق اليوم ان يقرأ سير ووثائق تاريخ زعماء العراق الكبار الذين مهما قيل في حقّهم من اباطيل، فلقد كانوا قادة حكماء لهم قدرتهم وكفاءتهم ومعرفتهم بادارة شؤون العراق الصعبة. زعماء لم يستخدموا الاسلحة الكيمياوية، لكنهم استخدموا عقولهم ومشروعاتهم في فض الازمات.

مشروع اصلاح منذ نهاية العام 2003

 اعيد واكرر القول بأننا كنا قد دعونا منذ نهاية العام 2003 في عدة دعوات الى مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير في مختلف أجهزة الحكم العراقية، وان يستعد القادة الجدد للعراق تحّمل مسؤولية العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية العراقية، كما دعونا إلى العمل الجاد لمحاربة ثقافة التكفير والإرهاب. ونادينا بانعقاد مؤتمر وطني كبير يجمع كل الاطياف السياسية العراقية ومن الحكماء المستقلين للاتفاق على مبادئ وطنية والانطلاق من خلال فترة نقاهة تاريخية كي يستعد العراق للعملية السياسية التي لا يمكن ان تطبخ سريعا تحت حجج ومبررات واهية.. أن الإصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية للعراق الجديد الذي نريد والذي قطع العراقيون شوطا مهما في النضال من اجله. ثمة امر آخر لا يعترف به الا لماما ذلك ان كل ما يحدث في العراق هو تنفيذ لتدخلات دولية واقليمية واضحة.. ليقتنع كل العراقيين بأن التدخلات لوضع خطط ومقترحات ومشروعات وافكار سارية المفعول هو واقع لابد من الاعتراف به. فهل تستطيع القوى السياسية العراقية اليوم انكار ذلك؟ وهل باستطاعة العراقيين التخّلص من تنفيذ اية اجندة خارجية ولم الشمل من خلال مؤتمر وطني يتم التوافق المصيري على المبادئ ومن ثم يتم الاتفاق على الاليات واساليب التنفيذ.

مشروطية صنع القرار عراقيا

 لقد أكدّنا بما لا يقبل مجالا للشك مشروطية صنع القرار عراقيا اولا واخيرا بعيدا عن أي اجندة غير عراقية..كنا نأمل من الحكومتين العراقيتين المؤقتة والانتقالية مطالبتهما بتكريس الإصلاح مفهوما ومعنى في جدول أعمالهما اليومي باعتبار سيرورة الاصلاح والبناء شرطا لا بديل عنه ونهجا لا حيدة عنه.. وان تشريع دستور دائم للبلاد كان عليه ان يرقى فوق أية ميول واتجاهات سياسية ودينية وطائفية والا يحفل بالتناقضات بين الاسلام والديمقراطية.. أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات، وكان على الحكومتين العراقيتين أن تعملا على مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير. لقد دعونا في اكثر من بيان وخطاب ومقال الحكومة العراقية باشكالها إلى الالتزام بالمحاور الاجتماعية والاقتصادية التي تناولتها الأجندة الوطنية وفق الأولويات التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح العراق العليا في المقدمة. وشددنا على ضرورة أن تضع الحكومة خططا عملية وسريعة للشروع فورا بمعالجة جيوب الفقر والحد من البطالة، وإيجاد قاعدة بيانات واضحة ومحوسبة وميدانية وحديثة لحصر العاطلين والمشردين والارامل والثكالى والمعوزين ضمانا لإيصال الدعم إلى مستحقيه.

ولفتنا الانتباه إلى أهمية أن تتضافر الجهود ليلا ونهارا للبدء باعمار العراق بعد فرض الامن والاستقرار من خلال نزع السلاح من ايدي الناس بأي ثمن وحل الميليشيات كلها والسيطرة على الحدود وتحديد مسؤوليات كل الذين كانت لهم ارتباطاتهم بين الناس (المجتمع) والدولة مثل: المختارين الذين لديهم سجلات باسماء كل العراقيين في كل محّلة وقرية.. ومن ثم الشروع بالاحصاء السكاني باسلوب علمي وكمّي ودقيق بوسائل الحاسوب ليسهل عمل السيطرة الامنية والاجتماعية والانتخابية والوظيفية والمعيشية.. ثم إيجاد المزيد من فرص العمل وبخاصة للشباب وأصحاب الكفاءات والخبرات وكل من توقّف عن العمل بسبب غياب المؤسسات السابقة وبما يضمن الإسهام في رفع نسبة ومستوى التنمية.

 لقد دعونا المسؤولين العراقيين لاقامة مشروعات سكنية توزع على الأسر الفقيرة من أبناء شعبنا بأسعار رمزية تتلاءم وظروفهم المعيشية.. مع توفير مستلزمات الحياة الطبيعية بأي ثمن. وأكدنا ضرورة العمل لشمول شرائح أوسع وأكبر من المواطنين في التأمين الصحي والرعاية الاجتماعية والخدمات البلدية ضمن الإمكانات المتاحة. وشددنا على ضرورة أن تباشر الحكومة بإزالة أو تصحيح الاختلالات الإدارية والهيكلية في الاقتصاد أو الخدمات أو المرافق، وتوفير الماء والكهرباء وإزالة الإعاقات والبيروقراطية التي تمارسها بعض الإدارات لأسباب عديدة لضمان ثقة المستثمرين العرب والأجانب في مناخ الاستثمار الواعد في البلاد. وأن على هذه الحكومة العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية العراقية الجديدة، وأشرنا إلى أن ما قد يتحقق من منجزات في ميدان مكافحة الفساد او في توفير الخدمات او في اعادة بناء المؤسسات تمثل انجازات تاريخية لا يستهان بها ابدا، اذ لابد ان تحظى بموافقة من قبل منظمات دولية مشهود لها بالنزاهة والموضوعية. لقد طالبت حكومة الاخ الجعفري في مقال لي عن نزاهة المفوضية العليا للانتخابات باجراء تحقيق رسمي عما حصل من تجاوزات، وقد صمتت المفوضية في الاجابة على اسئلتي لها! كما وان الحكومة لم تجر أي تحقيق يذكر! الا يعد هذا خرقا من جملة خروقات واخطاء؟؟

المشروع الوطني سيقبض على انفاس الارهاب

 لقد دعونا في هذا السياق القادة العراقيين إلى الإسراع في انجاز قانون مكافحة الفساد، واكدنا ان الارهاب الذي ضرب اطنابه مرافق العراق قد أودى بحياة الابرياء من مواطنين عراقيين وغير عراقيين وخلف الاف القتلى والجرحى مما يدعو ذلك الى ان يزيد القادة الجدد اصرارا على التمسك بالمشروع الوطني على حساب ما يدعون اليه.. ان ثوابت المشروع الوطني للعراق هي الضمانة التي كان لها ان توّفر ما تسعى أي كتلة او حزب الوصول اليه من خلال نهج ديمقراطي واصلاحي معا..اذ لا يمكن ان تشرع بالعملية السياسية وبلادك يزداد خرابها يوما بعد آخر.. ولا يمكنك ان تتوخّى اسكات الارهاب بما تجريه من الذي لا رجعة عنه. كما شددنا على ضرورة تبني استراتيجية شاملة في مواجهة ثقافة التكفير والتراجع والتخلف والانقسام.. تحت اية مسمّيات بحيث لا تأخذ الحل الامني والعسكري فقط طريقا لاسكات المتمردين والمعارضين والثائرين بل تتناول الابعاد الفكرية والثقافية والسياسية للتصدي للذين اختطوا طريق التخريب والدمار للوصول إلى مآربهم ما يستدعي الإسراع في وضع قانون لمكافحة الإرهاب وشن حرب لا هوادة فيها على مدارس التكفير.

هل من مشروع مؤتمر وطني لتأسيس هيئة انقاذ؟

 بادئ ذي بدء لابد من القول ان تشكيل أي هيئة انقاذ ليس معناه تأسيس مجلس اهل الحل والشد – كما طرح قبل ايام بايعاز امريكي -، فانني لست مع هكذا مجلس لقد قلنا وكتبنا وذبحنا حناجرنا منذ ايام العهد السابق بأن ما نهض به العراقيون من أعمال ومهمات في ظروف إقليمية ودولية حرجة هو موضع تقدير وتثمين وما أنجزوه في مجالات عديدة يسجل لهم تاريخيا، إلا أن طموحات شعب العراق وجملة الأهداف الإستراتيجية العليا التي حلم كل مواطن ومواطنة بتحقيقها، تفرض على قادة العراق الجديد وعلى كل الاطراف المشاركة في العملية السياسية حتى الان ان يفسحوا المجال لبروز قادة جدد من خلال البدء بمشروع مؤتمر وطني كخطوة اولى برغم ما جرى من عملية سياسية ودستورية رافقتهما اخفاقات كبيرة.. ليس من الخطأ ابدا من استعادة العمل والبدء بمشروع انقاذ للعراق مع لزوم تخّلي كل طرف عن اهدافه المخالفة للمشروع الوطني.. ان الذين سيقع عليهم خيار المهمات والمبادئ والأسس التي آمل من القادة العراقيين تنفيذها والتزام معاييرها وفق قواعد عملية ومقاربات وآليات قابلة للتنفيذ.

 اننا ندعو كل العراقيين إلى إيلاء مفاهيم ومعاني ودلالات وأهداف رسالتنا المخلصة وتحويلها الى ارض الواقع سريعا، فهي تتضمن خطوات عملية براغماتية وكبيرة الأهمية التي تستحقها في هذه الظروف، وأن تعمل على إيصالها إلى كل بقعة في أرجاء العراق لانقاذ العراق من التيه والضياع والانقسام.. وبناء علاقات العراق الخارجية في أفضل حالاتها، مع التأكيد على عدم تدّخل أي دولة اقليمية في الشأن العراقي وترك العراقيين يتصرفون بحكمتهم وقوتهم مع سياسات الاحتلال.. ان علاقات العراق الخارجية لابد ان تكون قائمة على مبادئ الاحترام والثقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد وتحت أي ظرف، الأمر الذي سيكسب الدبلوماسية العراقية الصدقية واحترام العالم اجمع. وسيبدو العالم السند للعراقيين من اجل بناء عراق قوي وموحد يتاح فيه المجال للتعددية والتنافس السلمي وينبذ فيه العنف والإرهاب، علما بأن هناك العديد من الاطراف الاقليمية لا ترضى ان يستقر العراق لضمان مصالحها السياسية او الاقتصادية او الاستراتيجية.

الأمن والإصلاح

 ان ادخال العراق في هكذا مأزق باسم استعارة النظم من دون هضم مضامينها زاد من مشكلات العراق العقيمة.. وبدا الموقف اليوم مضحكا للغاية اذ لم يفتقد العراقيون المبادئ الوطنية حسب، بل انهم افتقدوا اسلوب العمل الديمقراطي لأن البلاد خرجت من عهد الظلمات السياسي.. فلا يمكن البتة ان نتكلم بالنماذج بمعزل عن واقع مهترئ.. وأتوقع ان تكون الحكومة الجديدة بعد تشكيلها مضحكة لكل الدنيا وحاسبوني على ما اقول ان بقيت حيا وترحموا علي ان كنت في عداد الميتين.. اننا نأمل في هذا الوقت العصيب ومع دخول مرحلة الاستحقاقات الوطنية مرحلتها الأولى ان يحظى تشكيل الوزارة بالشفافية المطلقة ولكن القادة الجدد يصّرون على المناصب وهم يدركون ادراكا عميقا بأن هناك من هو اصلح منهم لحكم العراق اليوم.. بل وانهم يدركون بأن هناك من هو افضل منهم قدرة وشجاعة ونزاهة وكفاءة.. عراقيون لا يعتمدون الا مرجعية العراق الوطنية بتأسيس مبادئ عراقية بعيدة عن الطوائف وعن الممل والنحل وعن العشائر والجماعات والكتل.. عراقيون يريدون العراق من اجل مستقبل تتوفر فيه مقومات الحياة باستعادة انفاسه اولا ومن ثم تطبيق ما يجمع عليه العراقيون من خطط وافكار وتنظيمات وادارات.. عراق لابد ان يقول للاطراف الدولية والاقليمية: كفى لابد من الاتفاق على ان اكون لوحدي حرا مستقلا لي ولاولادي فقط.. عراق تختفي منه المحاصصات السقيمة ودكاكين التوافقات.. عراق لابد ان ينفصل فيه الدين عن سياسات الدولة.. عراق لابد ان يبدأ زمن النقاهة منذ الان من خلال الإصلاح والتنمية.

نخشى من صورة مرعبة

 انني اعتقد بأن ثمة ازمات ومعضلات قادمة نحو العراق وسيحل البرلمان سيكون هو القرار الأول وخوفا من الفوضى التي نخشى ان تعم العراق، فان الشروع بتأسيس من اعضائه هيئة انقاذ وان يحّضر منذ اليوم للانتخابات القادمة بعد اربع سنوات شريطة ان تكون انتخابات مناطق لا انتخابات منطقة واحدة ويتم تنفيذ انتخابات العراق دوليا لضمان النزاهة.. وارجو ان يعذرني كل القادة الجدد من العراقيين كونهم قد شملتهم بانتقادات قاسية كلهم من دون استثناء، حتى أن اغضبهم ذلك، فان مصلحة العراق والشعب العراقي لابد ان تتقدمهم جميعا.. بل أنني ادعو الجميع الى إفساح المجال للبدء بمرحلة جديدة في تاريخ البلاد تستند إلى المكاشفة والشفافية ونكران الذات والإنجاز لحل مشاكل كثيرة مستعصية في العراق. لقد انتقدني أحدهم كونه لا يفهم من قراءاتي شيئا.. ذلك انني لم اصطف مع احد ولا اتخندق مع أحد.. وعصي عليه المسكين ان مثلي لا يمكنه ان يعطي ولاءه لأحد من القادة العراقيين الجدد الذين أظهرت الأحداث انهم اضعف من قوة التحدي وانهم يتشبثون بالمستحيل من اجل السلطة، كما ونسي بأنني احمل بدائل لا تتفق ابدا وخنادق العراق!

وأخيرا: ماذا اقول؟

 سابقى انادي بمثل هذا " الحل " ومع احترامي لكلّ الحلول، الا انني اعتقد بأن اوضاع العراق ستسوء اكثر فأكثر ان لم نبدأ بدايات صائبة، كما واعتقد بأن أغلب العراقيين يحلمون بتغيير الواقع الجديد الذي فرضته المتغيرات الخاطئة.. فلا يمكن ابدا ان نضع رؤوسنا في الرمال ونتكلم باسم الاخوة الطائفية او الاخوة العرقية او الاخوة المذهبية او الاخوة الدينية.. والحقيقة عكس ذلك فهذا يريد افتراس ذاك وما خفي كان اعظم.. ان تجربة حكم العراق شوفينيا قد انتهى من دون رجعة ولكن لا يمكن ان نخلق بديلا مشابها مهما كانت درجة مثاليته فان أي تجربة انقسامية لحكم العراق سيودي بحياة العراق وستأكله الذئاب لا سمح الله.. انني اسجل هنا للتاريخ وليس لي من هدف الا العراق بأنني ساعيد نشر المشروع الذي نشرته في العام 2003 في مقال قادم.. ولكن هل من مجيب؟

 

لبنان حيث اللعبة أكبر من اللاعبين!! 

الأحد 5 مارس –ايلاف -بقلم/كريم عبد

 لبنان هو أحد البلدان النموذجية التي تتجسد فيها التأثيرات القاهرة للجغرافية السياسية ( الجيوبولتك ) حيث غالباً ما ذهبت تضحيات اللبنانيين الكبيرة هدراً في اللحظة التي تبدو فيها الأمور قد اقتربت من الحل!! هذا ما تكرر مراراً خلال العقود الأخيرة، وكان آخرها عندما استطاع اللبنانيون تحويل استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى محطة انتقال نوعية للتخلص من كابوس احتلال النظام السوري وتدخلاته المعروفة سياسياً وأمنياً. ولكن قوة تراكمات الماضي وفعلها المباشر وغير المباشر بدت وكأنها تشد الأحداث إلى الخلف كي تعود إلى المربع الأول، لكن الأمر ليس بالسهولة التي تتصورها الجهات المستفيدة من محاولات العودة إلى الوراء. ونقصد بتراكمات الماضي، أن الجغرافية السياسية التي ظلت باستمرار تفرض على دولة صغيرة كلبنان أن تتحول إلى أسفنجة سياسية لامتصاص نتائج الصراع بين الدول الأكبر والأقوى التي تحيط به، وما يزيد الطين بلة هو أن تلك الدول رهينة بدورها لتجاذبات دولية أكبر ما يجعل من الصعوبة حسم الصراع لمصلحة هذه الدولة أو تلك. أن استمرار المشاكل معلقة بين سوريا واسرائيل وتحريكها بين وقت وآخر صعوداً وهبوطاً وفقاً لمصالح أو تجاذبات لا علاقة لها بلبنان بالضرورة، ظل ينعكس دائماً وبشكل سلبي على الحياة السياسية اللبنانية التي يعوزها الاستقرار اصلاً.

وإذا كان الصراع مع أسرائيل بحروبها ومخططاتها المعروفة التي جعلت لبنان يعيش تحت حالة من التهديد شبه الدائم، فإن النظام السوري وتدخلاته المعروفة في لبنان، لم يبدِ أية جدية في صراعه مع إسرائيل منذ 1973 بينما أفتقرت أساليب تعامله مع اللبنانيين إلى المعايير الأخلاقية مستخدماً كل قدراته للتدخل في شؤونهم الداخلية مستعملاً الشعارات القومية لابتزاز المجتمع السياسي اللبناني عموماً وتلك القوى التي لم تستطع الخضوع لدباقته السياسية خصوصاً.

أن صراعاً سيئاً كهذا أسوأ ما فيه هو عدم وجود توقعات ممكنة لنهايته في المستقبل المنظور، ما يعني استمرار لبنان في تلقي نتائجه السلبية لوقت أطول، والأكثر سوءاً هو أن انعكاسات هذا النمط من الصراعات الاقليمية والدولية على حياة اللبنانيين جعلها أكثر صعوبة وقلقاً، وأدى ومنذ فترات طويلة إلى اندفاع احزاب أساسية للارتباط بهذه الدولة أو تلك وبدرجات متفاوتة، دون أن تنتبه تلك الأحزاب إلى كون علاقة حزب من بلد معين بدولة أخرى لن تكون نتيجتها النهائية إلا لمصلحة تلك الدولة، وبتراكم الأحداث والسنين، أصبح من الصعوبة على تلك الأحزاب أن تتخفف من تلك العلاقات حين يُصبح التخفف منها ضرورياً، لأنها في الأساس علاقات غير متكافئة بل وغير متعارف عليها خارج لبنان إلا نادراً أو في حالات استثنائية. أن أرتباط أي حزب في بلد معين بدولة أخرى ستكون نتائجه دائماً لمصلحة تلك الدولة التي ستعمل بكل ما تستطيع لجعل ذلك الحزب تابعاً لها أو خاضعاً لإرادتها التي قد لا تتطابق بالضرورة مع إرادة الدولة اللبنانية أو مصالح المجتمع اللبناني.

كثيراً ما حدث أن استقوى هذا الحزب أو ذاك بالدولة التي يرتبط بها على حساب الأحزاب اللبنانية الأخرى، معتبراً أن رصيده المكتسب من الخارج هو أداته لدخولة اللعبة السياسية المحلية، وبالتراكم أصبحت اللعبة أكبر من اللاعبين!!

أن هذه الحالة لا يمكن وصفها بأقل من مأساة سياسية، وهي في الواقع ما يُبقي الأمور معلقة وصعبة الحل، بل هي ما يشد الأمور إلى الوراء كلما لاح حل في الأفق.

أن هذه المأساة التي يعيشها المجتمع السياسي اللبناني غالباً ما تتم تغذيتها من قبل أطراف الصراع الدولي أو الاقليمي والتي لا تفكر بمصالح لبنان بقدر ما تريد تحويل لبنان إلى مجرد درع أو واجهة لصد الآخرين على أرضه أو خارجها.. هذا هو السياق الذي حول لبنان إلى ساحة للصراعات الاقليمية والدولية وباعد بين قواه الوطنية باستمرار.

فبين نزعة قومية عربية ترتفع مستوياتها وتهبط وفقاً لسياق المد الاقليمي، حيث وجدنا كل أنواع الأحزاب القومية العربية في لبنان الصغير، الذي حُمل بهذا الشأن أكثر مما يحتمل، وبين نزعة لبنانية يسميها أصحابها وطنية لبنانية، ويسميها الطرف الآخر أنعزالية سياسية، جرب اللبنانيون كل الأخطاء السياسية الناتجة عن هذا الصراع العشوائي، حتى تحول البلد إلى حقل تجارب لجميع الأيديلوجيات الزائفة أي التي أثبت الواقع زيفها أو ركاكتها، دون أن تصبح حقيقة كون اللعبة أكبر من اللاعبين حافزاً للتوقف والمراجعة.

لقد مارس السياسيون اللبنانيون كل أنواع العنف، العنف الثقافي المتمثل بإقصاء الآخر والتعالي علية، أو العنف الدموي الرهيب الذي أنتقل من التناحر بين الجماعات المختلفة كما حدث بعد 1975 إلى صراع داخلي شرس بين أجنحة كل جماعة حيث شاع التشرذم والانشقاق في كافة المناطق والكتل التي حاولت دائماً أن تظهر بمظهر التماسك والوحدة. تصفيات رهيبة لم تعرف الرحمة من أجل تحويل الطوائف إلى قبائل سياسية تحت راية زعيم أوحد!! بينما ظلت الأطراف الاقليمية والدولية تتفرج على هذا العرض اللبناني الحزين والمفجع منتظرة لحظة الهدوء كي تقوم بتحريك أوراق اللعبة من جديد وبالطريقة التي تجدها تلك الأطراف ملائمة لمصالحها.

لقد دفع الإنسان اللبناني وما يزال أثماناً باهظة حقاً، دفع ليس ابتزازاً أو خضوعاً بل دفاعاً عن كرامته ومصالحه المشروعة، مثلما دافعت الثقافة اللبنانية عن نفسها في موجهة التفتيت الطائفي والهيمنة المسلحة، لذلك كانت أفضل النتاجات الأدبية والفكرية هي تلك التي جاءت من خارج التكتلات والأحابيل الطائفية وفي مواجهة الحرب الداخلية ورطاناتها ووحشة فواجعها الطويلة. وإذا كانت اللعبة السياسية أكبر من زعماء الطوائف وملوكها فهي ظلت أصغر من الإنسان اللبناني وتوقه الدائم للحرية والانعتاق، وعلى هذا الأساس تمكنت المقاومة اللبنانية، التي أسستها وشاركت بها جميع القوى الوطنية اللبنانية، من تحرير الجنوب، لتبرز بموازاتها ظاهرة رفيق الحريري الذي ساهم بإضعاف ثقافة دكاكين السياسة لمصلحة مشاريع الإعمار والبناء كبداية لإعادة الحياة للأقتصاد اللبناني وبنيته التحتية كأساس مادي لكل أستقلال ممكن. وفي اللحظة التي بدأت فيها معادلات الماضي بالتكسر لمصلحة معادلات المستقبل، جاءت سلسلة الأغتيالات المدوية التي بدأت بالرئيس الحريري نفسه مروراً بسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني!! وإذا كان لهذه الجرائم تفسيرها السياسي الواضح وضوح الجهات التي نفذتها، فهي من حيث الجوهر تعبير عن الحقد الأعمى على مقاومة الإنسان اللبناني وحقوقه المشروعة ومحاولة لتثبيط همته كي تعود الغربان إلى المزرعة من جديد!!

لقد آن الأوان لحراس المزرعة من السياسيين والمسؤولين أن ينتبهوا إلى المقلب الذي هم فيه، إلى حقيقة كون اللعبة أكبر من أي واحد منهم، أن ينتبهوا إلى الخيار الوحيد وهو إمكانية تحويل المسؤولية إلى حقيقة، حقيقة تُصنع في لبنان ومن أجل اللبنانيين، من أجل أن يصنعوا لعبتهم هم ليكونوا فرسانها، لا أن يستمروا باللعب في سوح الآخرين!! وهذا يحتم على كل فريق نوعاً خاصة من المراجعة، أن يسأل كل فريق نفسه أسئلة من نوع: أين أقف الآن؟! وما هي حقيقة موقعي ودوري في اللعبة السياسية؟! وهل أستطيع أن أغير موقعي بما يجعلني أقرب إلى الآخرين المختلفين؟! وحين تتغير المعادلات الاقليمية كيف سينعكس الأمر على موقعي ودوري؟! وهل أستطيع أن أتكيف بما يجعلني قادرة على مواجهة الاستحقاقات الجديدة المفترضة لمصلحة لبنان، أي أمن شعبه ومصالحه السياسية والاقتصادية؟!

ويفترض أن تكون الأجوبة واضحة وعملية من أجل أن لا تضيع دماء الشهداء بدءاً من كمال جنبلاط وليس إنتهاءً برفيق الحريري، لأن تضحيات من هذا النوع ليس بوسع أصحابها التخلي عنها.. وكذلك من أجل أن لا يتحول سلاح المقاومة إلى مادة للمزايدات أو أن يساهم المعترضون عليه بتوجيهه بالاتجاه الخطأ، لأن مبررات وجود المقاومة ما تزال مستمرة ولأن خيار المقاومة خيار شعبي وليس بوسع هذه القيادة الحزبية أو تلك أن تغيره.

وإزاء كل ذلك، هل تستطيع الأحزاب اللبنانية أن تتخفف من أعباء علاقاتها الخارجية كي تشعر حقاً بأعباء المسؤولية عما جرى ويجري في لبنان؟! أن تبحث عن الحل وتصنعه في الداخل وليس في الخارج؟! هذا هو السؤال الذي يجب أن تبدأ منه الحوارات والإرادات، فالغربان ما زالت تحوم حول المزرعة ولن تنفع معها الفزاعات القديمة، فمتى يتم تجديد المواقف والمفاهيم؟!

 

 

من حوار جعجع ونصر الله

جان عزيز -الثلاثاء, 07 مارس, 2006 - البلد

  قال سمير جعجع لحسن نصرالله يوم السبت الماضي في الجلسة المغلقة السادسة من الحوار: "سأحدثك يا سيد بكل صراحة وبقلب مفتوح. فأنا أفهمك تماماً، لأنني عشت تجربة مماثلة لتجربتكم. أنا أيضاً كان لدي جيش كامل بعشرات الدبابات ومئات المدافع، وفي لحظة اتخذت قرار تفكيكه بالكامل. حتى انني بعد خروجي من السجن صرت شخصاً آخر، تخليت عن الكثير من أفكاري السابقة واعتنقت أفكاراً جديدة لمصلحة هذا البلد. حتى ان البعض من القواتيين لم يتقبلوا هذا التغيير وأجد صعوبة في إقناعهم به. لكن صدقني، مصلحة لبنان وشعبه تقتضي منا ذلك". ابتسم أمين عام حزب الله، قبل ان يجيب: "وأنا أيضاً قطعت شوطاً كبيراً على الطريق نفسها. فلا تنس انني آتٍ من جماعة لا تؤمن بأقل من تحرير القدس وإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان. وأنا أيضاً وجدت صعوبة في إقناع جماعتي، لكننا نجحنا، والتزمنا نهائياً ان يكون سلاحنا في إطار لبنان وحده وفي خدمة تحريره لا غير...". فأردف جعجع: "لكنكم في حلف مع إيران وهذا يتخطى حدود الوطن". فأجابه نصرالله: "علاقتنا بطهران نجيّرها لمصلحة لبنان، لا العكس. طيلة الأعوام الماضية نحن كنا في حاجة الى دعمها لتحرير أرضنا. بينما لا تحتاج طهران الى دعمنا في مواجهة أي كان. وفي كل حال تعهدنا واضح ونهائي: سلاحنا ليس للاستعمال في الداخل، بل للتحرير، هذه هي كلمتنا".

الذين كانوا يستمعون الى هذا الحوار لم يفاجأوا بمضمونه، ولا بالمسافة التي تفصل الرجلين. فمن الطبيعي والمنطقي والمفروض ان يتبادل زعيما القوات اللبنانية وحزب الله هذا الحديث. لكن قلة من الجالسين الى طاولة ساحة النجمة، راحت أبعد في القراءة، لتسأل: لكن على ماذا اتفق الرجلان نفساهما قبل سبعة أشهر؟ علام تحالفا في الانتخابات وفي الحكومة وفي بيانها الوزاري الذي أقفل منذ تموز الماضي هذا النقاش؟ وما الذي تغيّر لتنقلب "الثقة" التي منحها نواب "القوات" لسلاح المقاومة الصيف الماضي عدم ثقة كالتي تناقش في المجلس النيابي نفسه اليوم؟

مراقبون سياسيون يخشون ان تكون الصورة المسيحية مطابقة لما كانت عليه عام 1989، بكل تفاصيلها وحيثياتها ودقائقها. كما يخشون ان يكون "التحالف الرباعي" الذي قام قبل نحو سنة مرشحاً ليلعب دور "اتفاق الطائف" الذي أقرّ قبل 17 سنة؟ أحد أبرز معاوني جعجع السابقين قال مطلع التسعينات، انه بالتأكيد ليس من الذكاء بمكان، ان يدفع طرف مسيحي ثمن اتفاق الطائف ثلاث مرات: مرة بالاقتتال عند دخوله فيه، ومرة بالتهميش عند تطبيقه عليه، وثالثة بالقتل عند خروجه منه.

وزاد من مفارقة هذه الملاحظة ان الأطراف غير المسيحية تعاملت مع المسألة في شكل معاكس بالكامل. فهي قبضت عند إقرار الطائف واستفادت طيلة تطبيقه وتحولت فجأة ضحايا تستحق التعويض بعد نهايته.

النمط نفسه يكاد يرتسم اليوم مع مقاربة التحالف الرباعي الذي قام بين الحريري وجنبلاط من جهة وثنائية حزب الله وأمل الشيعية من جهة أخرى، وسط صمت مسيحيي 14 شباط وموافقتهم. فمع قيام هذا الحلف بين آذار ونيسان الماضيين دفع المسيحيون 44 مقعداً نيابياً من مقاعدهم الأربعة والستين، هي في الواقع والوقائع، مجموع النواب المسيحيين الذين أوصلهم الحلف الرباعي الى المجلس، تاركاً لهم مهمة اختيار 20 نائباً مسيحياً فقط. ومع تطبيق حكم الحلف نفسه دفع المسيحيون أيضاً تسعة مقاعد وزارية من مقاعدهم الاثني عشر في الحكومة الحالية. ولم يترك للمسيحيين الحلفاء سوى ثلاثة مقاعد تقاسمهما حلفاء 14 شباط، ورضيوا بفتات حقائبها المتواضعة. واليوم يتجه مسيحيو الحلف نفسه الى الخروج من "الرباعي" فهل يدفعون الثمن مرة ثالثة، رئاسة جمهورية، تماماً كما دفعوا الثمن ثلاثاً أيام الطائف؟ المشكلة ان آليات العمل السياسي في لبنان تعطي زعامات الوطن التاريخية تفلتاً كاملاً من أي مساءلة أو محاسبة. تبقى مسؤولية التاريخ، وقبلها مسؤولية بكركي، التي لم تفقد بعد أوراقها الوازنة، ولا يمكن ان تنكفئ عن لعبها، أياً كانت ضغوط الداخل أو الخارج.

 

ماذا يريد الأفرقاء من الحوار؟ جنبلاط يعمل بــ "الاحتياط... والفيتو"

الثلاثاء, 07 مارس, 2006 -  طارق ترشيشي - البلد

يتساءل المراقبون لماذا لبى فرقاء 8 و14 آذار دعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار بعد حالة الانفعال السياسي التي بلغت ذروتها في 14 شباط والعاشر من المحرم؟ وهل ان الأفرقاء يريدون من الحوار انتاج حلول دائمة للمأزق اللبناني ام ان لكل فريق أهدافه العامة التي تحتضن أهدافاَ خاصةً لكل عنصر من عناصر الفريق الواحد. ماذا تريد "قوى 14 آذار"؟ اصطدمت 14 آذار في الذكرى السنوية الاولى لانطلاقتها بنفاد "وقود الحقيقة التي منحتها الحياة لمدة عام بعدما أفرغ تقريرا القاضي ديتليف ميليس من شحنات الشاهد زهير محمد الصديق الكاذبة بإعلان فرنسي وليس من خلال "عملاء" سورية في لبنان وافرغ التقريران ايضاً من كل الشحنات من هسام هسام وابراهيم جرجورة وصولاً الى النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام وهذا ما عكس نفسه على كلمات الخطباء في ذكرى 14 شباط اذ انهم لم يتطرقوا جميعاً الى "الحقيقة" والتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فكان لا بد لهم من التفتيش عن وقود جديد ثلاثي الدفع تمظهر شكلاً بالأيدي المرفوعة لثلاثي سعد الحريري ــ وليد جنبلاط ــ سمير جعجع في ساحة الشهداء, وتمظهر مضموناً برفع شعار اسقاط رئيس الجمهورية العماد اميل لحود "الثأر من لحود وبشار" (حسبما ردد جنبلاط) والتخلي عن مزارع شبعا (المقاومة) من خلال "اسقاط" قداسة المقاومة.

ونتيجة التطمينات او المعلومات التي توافرت لهذا الثلاثي حدد مواعيد سريعة لتحقيق الشعار الاول, أي اسقاط رئيس الجمهورية بعنوان: "طاير... طاير" حسبما أعلن جعجع. لكن هذا الثلاثي اكتشف سريعاً ان أسهل الشعارات تحقيقاً كان أصعب مما يتصوره فلا طريق دستورياً لإسقاط لحود ولا استفتاء بــ"الجزمات" كما قال العماد ميشال عون ولا غطاء روحياً من بكركي. وسدّت الطرق في وجه هذا الثلاثي فتحول الى توقيع أوراق وعرائض ليس لها مكان تصرف فيه لا في مجلس النواب ولا في الحوار, وانما لتقطيع الوقت وابقاء جماهيره في حالة الجهوزية الدائمة وتأكد انه اضعف من ان يحقق شعار الثأر من سورية او الغاء المقاومة فوجد في الدعوة الى الحوار مركب نجاة علّه يأخذ منه ما عجز عنه في الشارع, او على الأقل لم يتوقع هذا الثلاثي ان يلبي الدعوة الى الحوار جميع الأفرقاء فلما اسقط في يده عمل في الخطة "ب" على سبيل الاحتياط بعدما التقت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بالنائبين سعد الحريري وجنبلاط في كليمنصو بحيث تم الاتفاق على تقسيم الأدوار على قاعدة "قدم في الفلاحة وقدم في البور" فذهب جنبلاط الى الحوار وبدأ هذا الحوار بالاستفزاز الشخصي للأمين العام لــ"حزب الله" السيد حسن نصرالله من خلال قوله في افتتاح الحوار: "اذا الله بلا سلاح وما فينا ليه فكيف اذا صار معه سلاح". ولكن جنبلاط فوجئ برد نصرالله على كلامه بابتسامة عريضة مقرونة برحابة صدر. ولما لم تنفع محاولات الاستدراج الجنبلاطية لـــ"حزب الله" قبل الحوار واثناءه وبدل ان يلغي موعده في واشنطن المقرر يوم الأحد الفائت قدم سفره واضعاً "وديعته" في مؤتمر الحوار الوزير غازي العريضي على أساس أولاً عدم الاعتراف بالحوار لأنه اصطحب معه الوزير مروان حمادة وكسر ثانياً أول قاعدة للحوار من ناحية التمثيل وفرض على رئيس المجلس الداعي للحوار ممثلاً عنه لا يحمل صفة لا رئيس كتلة نيابية ولا رئيس حزب عاملاً بالاحتياط على انه اذا انتج الحوار يكون فريق 14 شباط قد احتفظ بحق الفيتو من خلال جنبلاط المتغيب عن الحوار للتراجع عن الاتفاق وهذا ما أكدته تصريحات جنبلاط من واشنطن أمس حيث أعلن موقفاً سحب فيه ثلاثة محاور من الحوار وهي: لبنانية مزارع شبعا وسلاح "حزب الله" ونعي الديمقراطية ليؤكد عدم سلوك الطرق الدستورية لتنحية رئيس الجمهورية بعدما سد هذا الطريق في وجهه طالباً المساعدة الأميركية من دون ان يصرح علناً بذلك ولكن يوصي بطلب المساعدة على الطريقة العراقية لتحقيق "الديمقراطية" وهذا ما يدق أول مسمار في نعش الحوار المنعقد في مجلس النواب وبعدما هيأ الظروف لهذا المسمار تراجع جنبلاط عن مقعده وابقاه محجوزاً عبر الوزير العريضي ليملأه بتصريح الأمس معلناً بداية النعي عبر محطة "الحرة" الأميركية.

وفي ضوء ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يستطيع مركب الحوار ونوايا المشاركين الطيبة ودعاء اللبنانيين والدعم العربي سد الثقب الذي أحدثه جنبلاط غياباً وتصريحاً؟

(يتبع غداً: ماذا يريد عون وجعجع؟)

 

  جنبلاط من واشنطن: نريد حواراً بنتائج جيدة

الثلاثاء, 07 مارس, 2006 - البلد

 رايس أكدت له الدعم الأميركي للديمقراطية في لبنان

جنبلاط من واشنطن: نريد حواراً بنتائج جيدةورئيساً قادراً على التفاوض مع السوريين

أكدت وزير الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس للنائب وليد جنبلاط على التزام الولايات المتحدة دعم الديمقراطية في لبنان.  وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية توم كيسي "يهدف اللقاء في جزء منه إلى طمأنة جنبلاط على استمرار الدعم الاميركي لطريق الديمقراطية والاصلاح الذي أعلنت عنه الحكومة اللبنانية".  وأوضح أن رايس أكدت أيضا على أهمية إجراء انتخابات رئاسية "حرة ونزيهة" والتي دعا مجلس الامن إلى إجرائها.  وأضاف أن رايس بحثت السبل التي يمكن للولايات المتحدة ودول أخرى من خلالها مساعدة اللبنانيين مع تقدم العملية للامام. وكان جنبلاط امل ألا تترجم زيارته الى الولايات المتحدة الأميركية وكأنها "تخريب للحوار القائم في لبنان" والذي "نريده حواراً بنتائج جيدة"، معتبراً ان "الديمقراطية اللبنانية في خطر وأنا هنا لأطلب المساعدة". وقال، في لقاء حواري عقد في معهد "Broo Kings" في واشنطن، "أتيت أطلب مساعدة الولايات المتحدة ضد الديكتاتورية ولمواجهة النظام السوري الذي قتل كمال جنبلاط"، مؤكداً "اننا نريد تحرير لبنان بطريقة سلمية ونحتاج الى دعم دولي". وأعتبر ان "المشكلة هي في التعايش مع ديكتاتور في سورية لا يعترف باستقلال لبنان"، لافتاً الى ان "هذا الرجل في دمشق لم يغير أسلوبه، ولا يزال يرسل المزيد من الأسلحة والمرتزقة والإرهابيين ليخرب لبنان". وأكد جنبلاط ان ما من "سلام في المنطقة ما لم تغير دمشق سياستها"، وأشار الى ان "القرار بتغيير النظام في سورية يعود الى المعارضة السورية"، مشيراً الى "انني غير خائف من دورة عنف في سورية".

ورأى ان "حزب الله حرر الجنوب وأنهى مهمته، وحجة مزارع شبعا تستخدم من النظامين السوري والايراني لتحقيق مطالبهما"، مجدداً الاشارة الى ان "مزارع شبعا ليست لبنانية وعلى الحكومة السورية ان تقدم براهين تؤكد لبنانيتها". وفي ما يتعلق بالخلاف مع حزب الله، أوضح جنبلاط ان الخلاف حول وقوف حزب الله مع نظام دمشق، لافتاً الى ان "أي تصعيد معه لن يتخذ إلا طابع الحوار وقد يتجلى بتظاهرات على الأرض لكنه لن يأخذ الطابع العسكري". أما بالنسبة لرئاسة الجمهورية، فأشار الى انه "علينا ان نختار رئيساً لبنانياً قادراً على التفاوض مع السوريين وليس دمية بيد النظام السوري"، مؤكداً ان وجوده في واشنطن ليس "للترويج" لا للعماد ميشال عون ولا للنائب السابق نسيب لحود لأن القرار يعود في النهاية الى البرلمان.

وقال ان "الرئيس لحود دمية وكان ينبغي التخلص منه في العام الفائت"، مشدداً على ان من أولويات "قوى 14 آذار بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد الانخراط في بناء الدولة الحديثة".

وأشار الى ان المحادثات في شأن اقالة الرئيس لحود وصلت الى طريق مسدود بسبب عدم اتفاق الأطراف على نزع سلاح "حزب الله" وأضاف انه يحاول كسب تأييد الولايات المتحدة من أجل تكثيف الضغط على سورية وقال: "ان حركته ستنظم تجمعات مناهضة لسورية اذا لم تحرز محادثات مؤتمر الحوار تقدماً".

واشار الى ان التجمع المناهض لسورية رفض قبول حل وسط يتم بمقتضاه اقالة لحود مع السماح لــ"حزب الله" بالاحتفاظ بسلاحه. وابلغ جنبلاط الحضور انه "اذا ظلت عملية الحوار تواجه طريقاً مسدوداً سنضطر للجوء الى الشارع". وفي ما يتعلق بفوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، قال جنبلاط: "انتخاب حماس ربما يكون رديفاً للموقف الأميركي على المدى الطويل"، مطالباً الولايات المتحدة بتنفيذ "ما تبقى من خريطة الطريق". وتابع: "اعتبارهم كإرهابيين لن يساعد لأنهم وصلوا بانتخابات ديمقراطية وعن طريق أوسلو".

 

النقاش انتقل من الرئاسة والسلاح الى خلاف حول خطاب جنبلاط

وقائع ساخنة من جلسة الحوار المسائية

بري: الفشل ممنوع... والحوار مستمر

 الثلاثاء, 07 مارس, 2006 -  "صدى البلد"/ خلافاً لإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري من ان "الحوار يتقدم ولم ينته حتى الآن" في ختام اليوم الحواري الرابع مساء أمس, فإن المعلومات التي توافرت لــ"صدى البلد" من أكثر من مصدر رغم تكتم المتحاورين, اشارت الى ان الجلستين الحواريتين انتهتا الى نتيجة: "صفر سلبي". وذكرت هذه المعلومات ان تصريحات رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط في واشنطن أرخت بظلالها على المتحاورين. ولكن بري حاول التقليل من وقع تصريحات جنبلاط عبر القول: "لقد سبق للاستاذ وليد جنبلاط قبل ان يسافر ان أعلن موقفه هنا وهذا ليس بجديد بالنسبة الينا" وأكد ان الحوار سيستمر اليوم. وأشار الى الانتهاء من النقاش في البند الاول من القرار 1559 وانتقل البحث الى بقية البنود وصولاً الى العنوان الثالث للحوار وهو العلاقات اللبنانية ــ السورية. وأكد "ان الفشل ممنوع" مشيراً الى "ان هناك أموراً صارت جاهزة ولكن غير نهائية". مؤكداً: "لقد حولنا الاشتباك بين 8 و14 آذار الى تشابك في السواعد في سبيل وحدة لبنان والتقدم نحو موقف موحد". وقال أحد المشاركين في الحوار لــ"صدى البلد" ان مواقف جنبلاط شكلت "أقل من تخريب للحوار وأكبر من عثرة" وأشار الى "ان جلستي الحوار لم تبتا بأي من بنود القرار 1559 وان البحث في هذه البنود لا يزال مستمراً ولا شيء نهائياً تم التوصل اليه بعد".

وعلمت "صدى البلد" انه بعد ما سيطرت الأجواء الايجابية الشكلية على جولة الحوار الصباحية أمس، انفجرت الجولة المسائية التي بدأت على أساس استكمال النقاش الصباحي الذي تمحور حول رئاسة الجمهورية والسلاح الفلسطيني ولكن اقدام المتحاورين على "فتح هلالين" لمناقشة كلام النائب جنبلاط في واشنطن عبر قناة "الحرة", حوّل النقاش الى مشادات كلامية دارت بين الأمين العام لــ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس الهيئة التنفيذية لـ"القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع من جهة وبين نصرالله والوزير غازي العريضي من جهة أخرى.

وعلمت "صدى البلد" أيضاً ان السيد نصرالله عبّر عن استيائه من طلب جنبلاط مساعدة أميركية وحديثه عن "ديكتاتور الشام", إضافة الى حديثه عن مزارع شبعا و"حزب الله", والذي اعتبره نصرالله وبعض الحاضرين محاولة لوضع سقف وحاجز امام الحوار من قلب الولايات المتحدة.

وفي المقابل كانت ردود لجعجع والعريضي ركزت على ابراز حديث جنبلاط في سياق ثوابته التي كان عليها قبل مغادرة البلاد.وفتح كل من العريضي وجعجع "هلالين" للحديث عن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمس الأول الذي شكل وفقاً لهما, عثرة واشارة واضحة لتعطيل الحوار وكانت مداخلة رئيس كتلة "المستقبل" في محاولة للتهدئة لكن من دون جدوى.  وطرح الرئيس امين الجميل فكرة إلغاء الحوار في كلام جنبلاط للعودة الى صلب النقاش. وأيده في ذلك النائب غسان تويني الذي اكد ان له ملاحظات شخصية على خطاب الرئيس الاسد، لكن محاولتيهما باءتا بالفشل واستمر النقاش الحاد حتى نهاية الجلسة. وعندها تدخل الرئيس بري طالبا من الجميع الهدوء متمنيا الا تنعكس هذه الاجواء على مسار الحوار. وتم الاتفاق على مواصلته اليوم من النقطة التي وصلت اليها المداولات في الجلسة الصباحية.

واللافت خلال الحوار كان طرحاً قدمه جعجع على شكل سؤال، وجهه الى السيد نصرالله، اذ قال له "كيف يمكن ان يطمئن المسيحي عندما نفاوض "حزب الله" وهو مسلح". واكد "ان السلاح يشكل عائقا امام الحوار الجاد" فطلب النائب العماد ميشال عون الكلام وقال: "عندما طرد المسيحيون من المنطقة الشرقية سابقا الى حارة حريك حماهم حزب الله ولم يهددهم وانا كمسيحي اقول لك ان سلاح حزب الله يحمي المسيحيين ولا يهددهم".

 

مصادر بعبدا تجزم بقوة: المتحاورون لم يتفقوا على الرئاسة

الثلاثاء, 07 مارس, 2006 - داوود رمال- البلد/ قالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية: ان الرئيس العماد اميل لحود، ينتظر ما ستفضي اليه جلسات مؤتمر الحوار الوطني ويتمنى له النجاح، كما يتطلع الى حصول إجماع على القضايا المطروحة. مشيرة الى ان لحود يحترم الآراء التي أبديت على اختلافها ويؤكد ان مفاعيل هذا الحوار سترسو على طاولة السلطة الاجرائية. وذكرت المصادر ان لحود "كان أول من مدّ يده للحوار ودعا اليه حتى قبل التمديد، حين أطلق نداءً الى جميع الأطراف وأكد لهم ان أبواب القصر الجمهوري مفتوحة أمام الجميع لمناقشة كل المواضيع بما فيها المواضيع التي كانت تعتبر من الممنوعات".

وقالت المصادر ان: "الرئيس لحود وعند كل مناسبة أو حادثة كان يكرر دعوته ونداءه للحوار، لكنه لم يلق أي صدى إيجابي لا بل بالعكس قوبلت دعواته بمطالبته بالاستقالة. وهو سارع الى تأييد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يتوقف عند الشكليات أو المسائل الرمزية والمظاهر، بل ذهب الى العمق وأيد حصول الحوار بهدف الوصول الى نتيجة". ونفت المصادر بقوة "ما تم التداول به بشأن توافق على حصول تغيير في موقع رئاسة الجمهورية"، معتبرة "ان التسريبات التي تتم عن جلسات الحوار انما هي مجتزأة والهدف منها تسويق كل طرف لما يخدم أهدافه، أسوة بما حصل في آخر جلسة لمجلس الوزراء، حين نقل كلام عن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، تبين انه محرّف وجرى توضيحه في ما بعد من قبل الوزير المر الذي زار الصرح البطريركي وتحدث للصحافيين عن كلامه المجتزأ".

وفي مجال آخر علم ان الرئيس لحود أعطى توجيهاته من أجل فتح قاعة الشرف الرئاسية في مطار رفيق الحريري الدولي اليوم لوداع رسمي سيقام لرفات الباحث الفرنسي ميشال سورا الذي سيرافقه وفد فرنسي رفيع المستوى.

ميشال سورا شريكاً في الحوار

حسام عيتاني –السفير 7/3/2006

 نسلِّم اليوم رفات ميشال سورا الى عائلته ونمضي مطمئنين الى متابعة حوارنا (العقيم؟) حول جنس الرئيس المقبل وأي لبنان هذا الذي يحميه سلاح المقاومة. قبل دخول سورا الذي مات في حبنا، بالمعنى الحرفي للكلمة، في سرداب غيبته وغيبتنا الكبرى، ترك بضع كلمات عن لبنان واللبنانيين لعلنا ونحن في حمأة الحوار، في حاجة الى إعادة قراءتها. لن نناقش اليوم في من أو ما قتل عالم الاجتماع الفرنسي الذي اعتقد ان حبه للشرق وللإسلام سيجنبه كأس الارتهان والذي ظل مؤمنا بإمكان إنجاز بحثه عن الاصولية الشيعية حتى وهو في قبضة من قضى نحبه بينهم. يقول سورا في دراسة كتبها في العام 1984 قبل اختطافه بأشهر، إن معايير علم الاجتماع الغربي لا تنطبق تماما على لبنان الذي يجري تناوله عادة وفق ثلاثة محاور هي محور عدم قابلية لبنان للتفسير (او <<الفرادة>> اللبنانية) ومن ثم محور يرى هذه البلاد من منظور مجتمع الطبقات التقليدية في الغرب والمحاججة بإمكان إلحاق الطوائف بالبنى الفوقية للمجتمع، اما المحور الثالث فهو ذاك القائم على دمج القراءتين السابقتين. ويعتبر سورا ان من علامات القوى الطائفية اللبنانية، سواء لدى الامير السابق لحركة التوحيد الاسلامي في طرابلس الشيخ سعيد شعبان او صنوه الماروني، سمير جعجع، هو الرفض الكامل للسياسة بمعناها التعددي.

ويسخر سورا من الجماعات اللبنانية المثارة الى درجة اعتقادها بأنها تحمل مشاريع خلاصية للبشرية جمعاء في حين ان المشروع البسيط الداعي الى ان يعيش اللبنانيون مع بعضهم، لا اكثر، لا يلقى اي اهتمام لديها. ويمضي الى شرح فكرته القائلة بأن الوصف الذي يصح على لبنان وعلى غيره من دول المشرق العربي هو <<الدولة الجماعة>> مقابل مفهوم <<الدولة الامة>> الذي انتجته الحداثة الغربية. وهدف الجماعات هو السيطرة على <<المدينة>> بعد ان تكون قد انتجت عصبياتها التي تتعرض للتحلل بفعل الفساد واحتكار المناصب والصراعات الداخلية (وفق تفسير ابن خلدون لصعود وانهيار العصبيات).

وما يثير استغراب سورا هو أن المثقفين في الشرق الاوسط لا يرون غضاضة في أن تحكم أقلية ذات عصبية فئوية أو طائفية، ويفترضون في الوقت ذاته إمكان تعايش حكم هذه العصبية مع مجتمع مدني توحده إرادة العيش المشترك بما يكفل قيام <<الدولة>>، بالمعنى الحديث للكلمة. وينقل عن مثقفي المنطقة ايمانهم ان تسعين في المئة من اللبنانيين على سبيل المثال يريدون ان يحيوا معا في حين ان ما يحول دون ذلك هو النشاط المؤذي لعشرة في المئة من حثالة البروليتاريا والنخب السياسية. ويلاحظ ان هذا النموذج من المعاينة الذي يعيد اسباب ديمومة الحرب اللبنانية الى اقلية هزيلة، يتكرر دائما في بيروت التي يعبر سكانها عن رغبتهم في العيش في مجتمع واحد. لكن المشكلة التي يرصدها سورا هي ان لا مجتمع مدنيا يستحق ان يحمل هذه التسمية في لبنان. وأن الطوائف تستطيع ان ترفع تماثيل قتلاها وقتلى سواها لكنها لا تستطيع ان تنصب تمثالا <<للمدني المجهول>> لان مدنيا كهذا لم يوجد في لبنان.

مضمون الكلام السابق، الذي قد لا يتفق كثر من اللبنانيين بشأنه حتى من بين أصدقاء سورا، ليس سعيا إلى إقفال باب الامل في مستقبل لبنان واعتباره أرضا لحروب أهلية لا تنتهي، بل على العكس. فمن أراد البحث عن حلول لوضع لبناني لا يفتأ ان يعيد انتاج أزمات جديدة وعميقة، عليه ان يتحلى بشجاعة تسمية الاشياء بأسمائها على الطريقة التي سمى سورا بها بعض اعراض الامراض اللبنانية، وهو الذي سقط آملا في شفائنا منها.

 

فتيل لغم الرئاسة في القرار 1559 بدأ بالاشتعال

وجهتا نظر دستوريتان تتنازعان قضية تنحية الرئيس

أحمد زين  -السفير 7/3/2006

 يقدم القرار 1559 دعماً لافتاً للمطالبين بتنحية رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، بدليل أن مؤتمر الحوار الوطني يتناول هذه المسألة في إطار ذلك القرار. وما يبدو حتى الآن ان القرار الدولي قد زرع لغماً في المؤتمر، وقبله في لبنان، عندما تطرق الى مسألة داخلية بحتة من هذا النوع من دون الأخذ بالاعتبار ان اللبنانيين كانوا سيعمدون الى تنحية رئيسهم من دون أي قرار، اذا رأوا وجوب التنحية وان إمكانية ذلك متاحة. لذلك فإن القرار الدولي استغل سموّه على الارادة الداخلية، بفرضه التغيير من دون أن يأخذ بالاعتبار كيف يمكن أن تتم تنحية رئيس في لبنان، وهي المسألة التي ما تزال تبحث عن حل لها من خلال الشروط التي يجب توافرها لذلك، والتي يفترض أن تسلك في النهاية سبيل الاحكام الدستورية.

وفي هذا الاطار يتبين من تلك الاحكام بوضوح أن المؤسسات الدستورية والرؤساء الذين يتولون قيادتها، لا يمكن أن تخضع لأي تغيير إلا عندما تتوافر شروط محددة. فالمادة 69 دستور تحدد ست حالات لاستقالة الحكومة، وبالتالي تنحية رئيسها. والمادتان 42 و44 تحددان متى يمكن أن يحدث التغيير في مجلس النواب وكيف. أما بالنسبة لرئيس الجمهورية فقد حددت المادة 60 الحالات التي إذا ما توافرت واحدة منها، يمكن عندها تنحية الرئيس بنصها، على ان <<لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلا عند خرق الدستور أو في حال الخيانة العظمى>>. ووضعت المادة المذكورة آلية لكيفية التثبت من أي من الحالتين.

لذلك فمن حيث المبدأ لا يمكن اللجوء الى تنحية رئيس الجمهورية بإضافة حالة ثالثة الى الحالتين المشار إليهما حصراً في المادة 60، باللجوء الى استصدار قانون دستوري يعدل مدة الولاية التي انتخب على أساسها، والمنصوص عليها في المادة 49 أي ست سنوات. فالنظر الى هذه المسألة لا يكون مبرراً بالتمسك بالقاعدة القائلة <<ان القانون يعدل القانون>>، لان تقصير مدة الولاية الاساسية باعتماد قانون دستوري جديد لا تقتصر مفاعيله على المادة 49 التي تحدد مدة الولاية، إنما على مواد دستورية اخرى في مقدمتها المادة 60 التي تحدد الحالات الحصرية التي يجب توافرها لإحداث تغيير في رئاسة الجمهورية، بإضافة حالة ثالثة إليها تتمثل بإنهاء ولاية الرئيس بقانون. ومما لا شك فيه أن مثل هذه الوسيلة هي من المحظورة بمكان لأسباب عديدة لا يمكن تجاهلها من أهمها:

أ إيجاد طريقة متحركة وغير ثابتة لتنحية الرئيس، باعتبار أن المبدأ يضع الحالات التي يمكن القياس عليها للتنحية، سيان بالنسبة لرئاسة الجمهورية أو المؤسسات الدستورية الاخرى ومراجعها، ولا يأخذ إخضاع ذلك لمزاجية التطورات السياسية. ب ان تنحية رؤساء المؤسسات الدستورية بقانون يتخطى الحالات المنصوص عليها في الدستور، هو <<الطريق الامثل>> للوصول الى حالة من عدم الاستقرار في تلك المؤسسات.

ج ان وضع رؤساء المؤسسات الدستورية تحت هاجس القانون الذي ينهي ولايتهم، سيخضع الدور المنوط بهم لان يأخذ بالاعتبار ضرورة <<تطييب>> خواطر الذين يعدّون القانون، ويوافقون عليه، مما يجعل <<المقايضة>> بين الدور وما يراه الفريق الآخر وارداً.

د ان السابقة الوحيدة التي تمت في هذا المجال احترمت عدم إمكان تقصير ولاية رئيس الجمهورية الاساسية بقانون. فعندما نظمت العريضة النيابية في 13/3/76 المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية، كانت موقعة من أكثرية ثلثي مجموع عدد النواب (66 من أصل 99 كان يتشكل منهم المجلس). ومن المعروف أن مثل هذا العدد كان كافياً لتعديل المادة الدستورية التي تحدد مدة الولاية. ولكن لم يتم اللجوء الى ذلك لاعتبار المجلس أن مثل هذا التعديل يتعارض مع جوهر الدستور وأحكامه.

من هنا يتبين أن الولاية الاساسية (ولاية الست سنوات) غير قابلة للاختصار. ولكن في الحالة الحاضرة فإن ولايته الاساسية كانت قد انتهت، واستمراريته في سدة الرئاسة مستندة الى قانون تمديد الولاية لثلاث سنوات. فهل يمكن دستورياً تنحية الرئيس بإلغاء أو تعديل قانون التمديد؟

تحتمل الاجابة الدستورية على هذا التساؤل القول ب<<نعم>> و<<لا>> في آن معاً. ويرتكز القول بإمكانية ذلك الى معطيات موضوعية عديدة منها التالية:

أ المعاملة بالمثل: فإذا كانت ولاية رئيس الجمهورية الاساسية، أي الست سنوات، لا يمكن اختزالها بقانون دستوري لان حالات الخروج عن هذه المدة محددة حصرا في أحكام الدستور، فبالتالي لا يمكن ايضا تطويل مدة الست سنوات بقانون، لان المدة محددة حصراً ايضا. فالتطويل هنا كالتقصير يشكل مخالفة للدستور.

ب ان المخالفة الدستورية المتأتية من تشابه وتطابق حالتي العبث بمدة ولاية رئيس الجمهورية، تسقط بالضرورة الحصانة التي تتمتع بها مدة الولاية. فعدم جواز إحداث تغيير في مدة ولاية قائمة يستند الى نص دستوري واضح، والنص المخالف لهذا النص الواضح لا يمكن أن يرتقي في مفاعيله الى مستوى القانون الدستوري الصحيح ومستوى النص الاساسي كون النص المخالف للدستور، وإن رتب أعباء ما دام مستمراً، إلا ان استمراريته تتوقف عند المبادرة لإبطاله، وقد يكون مثل هذا الإبطال لأي قانون مخالف للدستور من واجب ومسؤوليات السلطة المشترعة. وانطلاقا من هذا فلا يمكن القول ان تحديد الحالات الحصرية لإنهاء ولاية رؤساء المؤسسات الدستورية، يمكن ان يشمل تمديد ولاية رئيس الجمهورية لأي مدة تتجاوز السنوات الست. فتثبيت الدستور للسنوات الست ليس لجهة الحرص على عدم انقاصها، إنما على عدم تطويلها ايضا.

أما الرأي الثاني في هذه القراءة فيستند ايضا الى أسباب عديدة منها:

أ ان الدستور عندما حدد الحالات التي يمكن من خلالها تنحية رئيس الجمهورية يكون قد وضع ايضا قاعدة عامة لتنحية الرئيس ولا يجوز اختراقها. فعندما تمدد ولاية رئيس الجمهورية يعني عملياً ان الولاية ما زالت قائمة، وبالتالي فإن إنهاءها يتطلب توافر واحد من الشرطين الحصريين المحددين في المادة 60 من الدستور. فإذا كان تقصير ولاية الست سنوات ممنوعاً، فإن تقصير التمديد الذي طال تلك الولاية ممنوع ايضا دستورياً، خصوصاً أن الولاية ما زالت هي، وفق قانون التمديد الذي لم يعتمد النص على ولاية جديدة تعادل مدة التمديد التي نص عليها.

ب ان الانعكاسات والآثار المترتبة على تنحية رئيس الجمهورية هي أوسع مما يعتقده البعض. فتصحيح إجراء التمديد لن يكون موضوعياً على الاقل بإنهاء ولاية رئيس جمهورية والاتيان برئيس آخر يحل مكانه. فالانهاء يفترض بالضرورة، ان ينهي الآثار التي رتبها التمديد حتى الآن. ويبرز في هذا المجال الواقع الحكومي والواقع النيابي. أما تنحية الرئيس وإبقاء المؤسسات التي استكلمت شرعية وجودها بتوقيعه قائمة فلن يغير من الامور شيئا، لافتراض ان المطالبة بالتنحية يجب أن تكون مستندة الى ما رتبته رئاسة الجمهورية على الحياة السياسية من آثار أولاً.

ج ان تنحية رئيس الجمهورية بأي شكل من أشكال الضغط وان كانت له أسبابه المبررة اليوم لما يعتقد كثيرون، فإن مثل هذا الاجراء يجب أن يأخذ بالحسبان الانعكاسات التي يتركها على موقع رئيس الجمهورية، ولا يمكن النظر الى ذلك على ضوء ما هو مطروح في المرحلة الحالية، من دون التطلع الى المستقبل والمراحل اللاحقة. فإذا كانت التنحية ستؤدي الى وجود رئيس جديد يتمتع بمواصفات غير موجودة في الرئيس الحالي، مما يعتبر كسباً في المرحلة الحالية، إلا ان ذلك يؤسس لعرف جديد لن يكون في مصلحة المدافعين عن دور الرئاسة أبداً، كونه سيفتح الباب أمام أي مجلس نيابي ينتخب في المستقبل، للمطالبة بتنحية رئيس الجمهورية لأي سبب كان، مستنداً في ذلك الى وجود أكثرية كافية لتعديل مادة دستورية من هنا واخرى من هناك. فأن لا تهتز الرئاسة اليوم أفضل من تغييرها مهما كانت الاسباب الداعية لذلك موضوعية. فأي من وجهتي النظر ستنتصر في النهاية؟ وهل يمكن لمؤتمر الحوار الوطني أن يخرج بموقف موحد تجاه هذه المسألة؟

 

وثيقة برسم دول الرعاية؟!

جورج علم  - السفير 7/3/2006

 عقدة الحوار لم تكن في الأساس عقدة المكان، بل عقدة <<الزمان>>. قد ينتهي الحوار فجأة، وعند منعطف أي جولة، أو قد تمر الأيام السبعة، من دون ان تكون كافية للوصول الى تفاهمات نهائيّة حول المواضيع المطروحة. ليس هناك أي دليل يكشف <<الرابط المقدس>> بين الثاني من آذار موعد انطلاق الحوار، والرابع عشر منه، الموعد الذي حددته الأكثرية لإسقاط رئيس الجمهورية. وبقي الأمر ملتبساً، هل من كلمة سر او من وحي ما قد فرض الموعدين، ام عامل الصدفة هو الذي أملى تحديد المواعيد؟ وإن كان في صفوف المتابعين من يؤكد بأن الحوار يمكن ان يكتسب درجة استلحاق، للعبور الى النجاح، إذا ما تفاهم المتحاورون على معالجة الملف الرئاسي، <<مع استتباعات أخرى>>. أمضى المتحاورون إجازة نهاية الاسبوع، يتسقطون وقع زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى المملكة العربية السعودية، وخطاب الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في افتتاح الدورة الرابعة للمؤتمر العام للأحزاب العربية في دمشق، وأيضا وقع المناقشات في الدورة العادية لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، حيث يؤكد الوزير فوزي صلوخ بأن الجميع مع الحوار، والجميع يريد ان يتكلل مساره بالنجاح، والجميع ينتظر نتائجه.

ولا مجال للذهاب أبعد، للتأكيد على أهمية الحوار الخارجي المواكب للطاولة الستديرة في مقر مجلس النواب، ذلك ان الاتصالات المواكبة كشفت جديّة التنافس بين خيارات ثلاثة، كأن يخرج الحوار فجأة عن مساره ليسلك القنوات الدستورية، بحيث تتسلم الحكومة ما توصلت اليه اللجنة الوطنية لإعداد قانون الانتخابات، وتباشر فورا بدراسته، ثم تحيله الى مجلس النواب مع بدء الدورة العادية، لدرسه وإقراره، على ان يصار الى التفاهم على حل المجلس، والدعوة المبكرة لإجراء انتخابات نيابية، بحيث يسفر المجلس النيابي الجديد عن تشكل حكومة اتحاد وطني، ويصار الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

أما الخيار الثاني، فيمكن ان يكون في احتمال توصل المتحاورين الى توافق على الملف الرئاسي، وكيفية معالجته من حيث أبعاده الثلاثة: التفاهم على البديل، وعلى الآلية الدستورية، وعلى توقيت الإخراج. علما بأن هذا الامر قد دخل أمس مجددا في دهاليز المواضيع الاخرى، وحصل تشابك محكم معها، وهذا ما أعاد الحسابات الى نقطة الصفر، اي إما <<سلة توافقية>> واحدة، متكاملة، حول كل العناوين، او لاشيء؟!.

أما الخيار الثالث، فهو التفاهم على <<وثيقة لبنانية>> موقعة من الأقطاب المتحاورين، وتتبناها الحكومة اللبنانية، وترفع الى عواصم دول الرعاية العربية، والاجنبية، والى جامعة الدول العربية، والامم المتحدة، ويطلب لبنان في ضوئها عقد جلسة طارئة لمجلس الامن، بهدف حسم لبنانية مزارع شبعا، وطلب ضمانات دولية لوقف الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية، مقابل إيجاد مخرج وطني لسلاح المقاومة، بحيث تتحول ورقته الى <<ضمانة وطنية>> تسهم في ترسيخ أجواء الهدوء والاستقرار في الجنوب.

أي من هذه الخيارات، مكلف، ومعقد، ويحتاج الى رافعة خارجية، علما بأن مَن في الداخل ينتظر الوحي الخارجي، في الوقت الذي ينتظر مَن في الخارج خطاب الحوار، ولهجة المتحاورين،وما يمكن أن يسفر عنه حوارهم؟، وهل بلغوا فعلا سن الرشد للتفاهم على الحد الادنى من المواضيع المطروحة، أم لا زالوا في مرحلة التأهيل، وبحاجة الى رافعة خارجية تنقذهم من الدوران في الحلقة المفرغة.

تكتمت جهات الرصد الدولي والإقليمي عن النتائج التي أسفرت عنها حركة نهاية الاسبوع، المحيطة من قريب، او من بعيد بالحوار اللبناني اللبناني. وقبل ان تتضح نتائج المحادثات الفرنسية السعودية، برز اهتمام بما يجري في كواليس مجلس الامن، والامم المتحدة، حيث بدأت الاستعدادات لملاقاة التقرير <<العادي الدوري>> للقاضي سيرج براميرتس، في 15 الجاري. وأيضا بما يجري في واشنطن، ولقاءات رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، واستئناف وتيرة التصعيد في خطابه ضد دمشق؟!.

ويقول دبلوماسي متابع، لقد دخل الحوار، وبعيد الانتهاء من أخذ الصورة التذكارية، مرحلة الرتابة، واجترار المواقف المعروفة، والمملة، وبات بحاجة الى صدمة ما، عسى أن تكون إيجابية، وتخرج المتحاورين من <<شرنقة>> مواقفهم بعدما سجنوا أنفسهم في داخلها، طوال الجولات السابقة، للوصول الى تفاهم ما على خيار من الخيارات الممكنة والمتاحة، بهدف تقديم شيء الى دول الرعاية <<ليبنى على الشيء مقتضاه؟!>>.

 

حوار تحت الطاولة لخروج المؤتمر الخميس باعلان مبادىء عامة

الاتصـالات العربية تسعى إلى اتفاق على الرئاسة وشبعا

كتب نقولا ناصيف: النهار 7 أذار

قبل ثلاثة أيام من الموعد الذي حدده، مبدئياً، الرئيس نبيه بري لاختتام أعمال المؤتمر الوطني للحوار في مجلس النواب، لا يبدو ان تقدماً ملموساً قد تحقق. وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك، على وفرة ما يشيعه الزعماء اللبنانيون من انطباعات إيجابية عن حوارهم، أن ثلاثة قرارات على الأقل ليست في يد الجالسين الى الطاولة المستديرة: التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في يد مجلس الأمن،  إستقالة رئيس الجمهورية في يد الرئيس السوري بشار الأسد، سلاح المقاومة في يد ثلاث قوى هي "حزب الله" ودمشق وطهران. وتالياً يأتي هذا العامل ليبرر جزءاً من الأسباب التي تحول دون توصل المجتمعين الى مواقف حاسمة، وخصوصاً في البندين الساخنين: إطاحة الرئيس إميل لحود وسلاح المقاومة. وقد يكون من المبالغة الإعتقاد أن استقالة الرئيس اللبناني خيار شخصي بعدما قادت سوريا منذ 3 أيلول 2004 معركة سياسية وديبلوماسية دفاعاً عن خيار كان الأكثر كلفة لها على امتداد ثلاثة عقود من وجودها في لبنان، اذ ارغمت على سحب جيشها واستخباراته من هذا البلد.

في ضوء التصلب المتبادل في أعمال مؤتمر الحوار تأكد، خلافاً لما أبرزه المتحاورون في اليومين الأولين، أن أحداً منهم ليس مستعدا للتخلي عن مواقفه دون  مكاسب سياسية، كما ان ليس في وسعهم وحدهم انجاز تسوية صعبة لا تأخذ في الاعتبار مصالح قوى الخارج. وهو ما عبّر عنه قطبا الطاولة المستديرة: رئيس الغالبية النيابية سعد الحريري الذي لا يرى أولوية تتقدم إسقاط لحود دونما الخوض في الوقت الحاضر في البديل، والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي يرفض التخلي عن سلاح المقاومة. وهو لم يتردد في القول في جلسة السبت الفائت إن المقاومة، أي مقاومة، عندما تنتصر فاما تتسلم الحكم أو تُذبح، وأضاف أن الحزب لم يفكر في تسلم السلطة لمعرفته بأن التركيبة السياسية والطائفية لا تتيح ذلك. إلا أنه، لن يسمح  بذبح المقاومة. وفي المقابل لا يعترف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط بلبنانية مزارع شبعا تمسكاً منه بتجريد الحزب من سلاحه، ويلتقي معه رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع إذ يرى في هذا السلاح تهديداً مباشراً للمسيحيين ولتوازن القوى الداخلي. بذلك تتقاطع كل المشكلات عند موقف موحد لقوى 14 آذار التي تتوزع الادوار الى الطاولة المستديرة.

وسط هذا التناقض الحاد،  بات على المتحاورين إيجاد تسوية توفّق بين  الأضداد. الأمر الذي يقود، استناداً الى مصادر وثيقة الصلة بمراجع مشاركة في مؤتمر الحوار، الى الملاحظات الآتية:

أولاها أن الحوار المعلن فوق الطاولة يرافقه حوار آخر مماثل تحتها يرمي الى تحقيق تسوية يخرج بها المتحاورون بإجماع الحد الأدنى. وان اتصالات سعودية – سورية دخلت على خط التسوية بعيداً من الأضواء وتحظى برعاية فرنسية، وقد بدأت في الأيام الأولى لانعقاد المؤتمر وهي تواكب اعماله، حتى إذا أخفقت التسوية من فوق الطاولة تعبيراً عن تفاهم لبناني – لبناني أخرجتها الوساطة العربية من تحتها.

ثانيتها أن رئيس المجلس سيفرج عن الوسط التجاري الخميس المقبل بإعلانه إنتهاء أعمال الحوار اللبناني، إلا أنه يبدو معنياً بإعلان مبادىء عامة حيال البنود الساخنة في حال أخفق المتحاورون في التوصل الى قرارات. وفي ذلك إشارة الى توقع تعليق أعمال المؤتمر لمتابعتها في وقت لاحق.

ثالثتها أن التسوية التي تسعى الإتصالات العربية والدولية الى المساعدة على تحقيقها تتصل باتفاق مزدوج الوجه: تنحّي رئيس الجمهورية في مقابل الإقرار بلبنانية مزارع شبعا. ويكمن مغزى التسليم بلبنانية مزارع شبعا في انه يمنح "حزب الله" شرعية مقاومة الإحتلال الإسرائيلي لها، واستمرار هذه المقاومة  الى حين تحريرها واسترداد الأسرى  اللبنانيين في السجون الإسرائيلية. ويعني احتفاظ "حزب الله" بسلاحه تأجيل تنفيذ الشق المتعلق بتجريده من هذا السلاح في القرار 1559. بذلك يُنفّذ بند في القرار هو إنهاء التمديد لرئيس الجمهورية، ويؤجل بند السلاح الى وقت لاحق.

رابعتها أن تسوية كهذه هي أقرب الى اتفاق منها الى مقايضة نظراً الى حاجة فريقي الحوار، قوى 14 آذار والرئيس ميشال عون والفريق الشيعي، الى مخرج متوازن يجعل الجميع متساوين في الربح والخسارة. والواضح استناداً الى ما سمعه سياسيون كثيرون من نصرالله  بمن فيهم أفرقاء جالسون الى طاولة الحوار عن موقفه من رئيس الجمهورية، انه يتمسك به لسببين: سياسي لاعتقاد الحزب أن الرأس التالي المقطوع بعد الرئيس هو المقاومة، وأخلاقي يتصل بالعلاقة التي جمعت لحود بنصرالله والحزب خصوصاً على مرّ السنوات الاخيرة وشكلت غطاء سياسياً متبادلاً للطرفين. كذلك قال نصرالله أكثر من مرة أمام الحريري في اجتماع الساعات السبع في قريطم إنه لم يفكّر بعد في موضوع استقالة الرئيس الحالي ولا يراه مطروحاً أمامه. وقال نصرالله ومسؤولون حزبيون آخرون، إن ولاية الرئيس الحالي لم تنته بعد، وهي دستورية لأن مجلس النواب صوّت على التمديد. ويشير ذلك في رأي الأمين العام خصوصاً الى أن لا مرشح رئاسياً للحزب لأن لا شغور في المنصب.  أضف أن أحداً لم يفاتح الحزب في البديل من لحود. مع ذلك ميّز الفريق الشيعي بين تمسكه بموقفه هذا من الرئاسة الأولى والدخول مع فريق 14 آذار في حوار حول ما يريده هذا الفريق في مرحلة ما بعد إسقاط الرئيس الحالي.

خامستها إن أحداً لا يتوقع إطاحة الرئيس الحالي الذي يخرجه من منصبه قرار مزدوج: تسوية تضمن مصالح "حزب الله"، وتدخل مباشر من الأسد يكون جزءاً من هذه التسوية من خلال دور سعودي – مصري. ومآل ذلك مكاسب فورية في أبسط الأحوال لقطبي الطاولة المستديرة: انتخاب رئيس جديد وترؤس الحريري أولى حكومات العهد الجديد، طي الخوض في سلاح المقاومة.

أي رئيس إذاً يشرف على تنفيذ تسوية كهذه سواء خرجت من فوق الطاولة أو من تحتها؟

أصداء بعض ما يتردد لدى الجهات الواسعة الإطلاع أن رئيساً محتملاً لتنفيذ تسوية كهذه يأتي في صلب التسوية نفسها: ألا يكون من أي من فريقي 14 آذار و8 آذار. وعندئذ يتكشف الدور العربي في اختيار الرئيس الجديد وبرنامجه.

 

العرب ومؤتمر الحوار: <<اتفقوا وسنكمل المهمة>>

طلال سلمان –السفير 7/3/2006

 شكّل النجاح في عقد <<مؤتمر الحوار الوطني>> في بيروت مفاجأة طيبة للعرب عموماً الذين يظهرون أو يتبدى لهم أحياناً كأنهم يحبون لبنان أكثر من أهله المباشرين ويحرصون عليه ويحاولون حمايته من ظلم أبنائه. ولطالما شكا العرب من <<اضطهاد>> إخوانهم اللبنانيين بلدهم الجميل بينما هم يجدونهم وهم في ضيافتهم مشرقاً ومغرباً نماذج ناجحة للنشاط والحيوية، وأحياناً الإبداع وعلو الهمة، كما يرونهم في علاقة بعضهم بالبعض الآخر نموذجاً يحتذى في الأخوة تكاتفاً وتضامناً ووحدة حال.

لقد استعاد اللبنانيون، بمجرد انعقاد هذا المؤتمر <<السهل الممتنع>> الذي ضم القيادات السياسية الكثيرة الخلافات المتعددة التوجهات، شيئاً من اعتبارهم في عيون أخوتهم العرب الذين طالما أخذوا عليهم نقصاً في وطنيتهم نتيجة تغليبهم مشاعرهم وغرائزهم الطائفية والمذهبية على المصالح العليا لبلدهم الأصغر والأضعف من أن يتحمّل مثل هذه الضغوط القاسية وغير المبرّرة. وليس سراً أن العرب، على اختلاف انتماءاتهم، يرون في استقرار لبنان، وفي ازدهاره، نجاحاً لهم: لقد حفظوا <<صغيرهم>> المفتوح على كل التيارات، فكراً وثقافة وتجارة وتطوراً اجتماعياً. بل إن هؤلاء الأخوة العرب لم يصلوا بعد إلى فك الطلسم المتمثل في أن اللبناني ما إن يغادر لبنان حتى يصير قدوة في التسامح والرقة ونبذ التعصب، حتى إذا ركب طائرة العودة استعاد <<غرائزه>>، كأنه قد استبقاها في المطار لينقلب مع وصوله إلى فرد في تنظيم طائفي أو في ميليشيا مذهبية. في أي حال، فإن العرب عموماً قد تنفسوا الصعداء، شأنهم شأن أخوتهم اللبنانيين، عندما تلاقت القيادات والمرجعيات في مؤتمر الحوار الوطني، فتعارفوا وتصافحوا مبتسمين، وكاد بعضهم يعانق البعض الآخر، ثم جلسوا إلى الطاولة المستديرة يعرضون خلافاتهم والمسائل التي فرّقت صفوفهم وكادت تدفع بجمهور اللبنانيين إلى التمزق والاحتراق بنار فتن ليس ثمة ما يبرّرها، ولا سيما أن الجميع سيخرج منها خاسراً، وهذه تجارب التاريخ أمام مَن يريد أن يفهم فيتعظ ويحفظ نفسه بوطنه.

ثم إن العرب يرون أنفسهم داخل المؤتمر وليس خارجه، وهم لا يخفون انزعاجهم من أدوار <<الدول>> التي عملت كل ما بوسعها لتحريض اللبنانيين بعضهم ضد البعض الآخر، تارة باستخدام <<حقوق الطوائف في التمثيل المناسب لدورها وليس لعديدها>>، وطوراً باستخدام <<الشبح>> الفلسطيني، ودائماً بالتهديد <<بعودة السوريين إلى التحكّم بمصير لبنان>>، مع التنويه دائماً <<برقي لبنان مقابل التخلف السوري>>!

ويعرف العرب أن عليهم ولا سيما دولهم الكبرى والأعظم تأثيراً دوراً حيوياً وأساسياً لتثمير هذا المناخ التوافقي، أو فلنقل مناخ وعي كل طرف بالحدود القصوى للتنازل عند الطرف الآخر، في صيغة اتفاق وطني جديد يستلهم روح الطائف ودستوره مع استدراك النواقص فيه ولحظ الإضافات التي قد تكون ضرورية إليه، من أجل إعادة ترسيخ الوحدة الوطنية على قواعد لا يأتيها التشكيك أو التظلم لا من خلفها ولا من أمامها.

خلاصة المنطق العربي ببساطة: فليتوافق اللبنانيون على ثوابتهم ونحن نوفر لها الضمانات المطلوبة.. لن نتدخل في شؤونهم الداخلية، ولكننا جاهزون لبذل الجهد من أجل إعادة صياغة عملية للعلاقات اللبنانية السورية على قاعدة من الأخوة تأخذ بالاعتبار مطلب اللبنانيين في ألا يُحكموا من دمشق مقابل ألا تكون بيروت مركزاً للتآمر على سوريا ونظامها السياسي.

فمن البديهي ألا يطلب اللبنانيون لأنفسهم في مواجهة النظام القائم في دمشق ما يرفضون التسليم له به، خصوصاً أنهم الطرف الأضعف... فضلاً عن أن سلامة سوريا (كما سلامة لبنان) مطلب عربي عام.

وينبّه بعض حكماء العرب اللبنانيين إلى أن لبنان قد فقد الكثير من حظوته في عيونهم، ومن تقديرهم لحيوية شعبه، عندما اندفع في <<حربه>> ضد سوريا بشعبها وجيشها ونظامها إلى أبعد مما يجوز، ممّا لا يقبلونه في مختلف ديارهم... فإذا كان لبنان صغيرهم الأعز فإن سوريا، بدورها القومي وتراث نضالها التاريخي، هي ضمانة لاستقرار أوضاعهم، لا سيما ان الاحتلال الأميركي للعراق المولّد للفتنة والاقتتال الطائفي والمذهبي قد أضاف إلى همّهم الفلسطيني الثقيل في عجزهم عن مواجهة الطغيان الدموي الإسرائيلي ما يجعل سلامة سوريا مطلباً عربياً عاماً وغالياً ولا يجوز التفريط فيه.

<<لينجز اللبنانيون فرضهم، وسيجدون العرب جاهزين لإكمال الجهد الذي بذله المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني وتتويجه بمبادرة عربية توفر الضمانات المطلوبة لهذا التوافق الداخلي الذي يعززه ويمكّن له في الأرض عودة العلاقات الأخوية مع سوريا إلى صفائها وإلى سابق عهدها، أي إلى ما قبل الحرب الأهلية في لبنان>>. هذا ما تسمعه من أي مسؤول عربي يعيش <<حالة من عذاب الضمير>>، كما عبّر بعضهم، <<نتيجة لتصادم الإرادات بين اللبنانيين والسوريين، في ظل جو دولي يؤلب الأخ على أخيه، ويريد إشغال العرب بعضهم بالبعض الآخر، وكل منهم بأوجاعه ومشكلاته الداخلية، فترتاح <<الدول>> بينما نتعب جميعاً، وفي مختلف أقطارنا>>. ... ويبقى أن تنجح القيادات الملتئمة في أحضان مؤتمر الحوار الوطني في حماية هذا اللقاء التأسيسي من جموح المتطرفين ومن شعارات التهييج التي يلجأ إليها بعض الموتورين ممّن يعيدهم الوفاق إلى أحجامهم الطبيعية، وهي لا تتناسب مع طموحاتهم أو مع أغراضهم، والبعض يقول مع ارتباطاتهم.. والله أعلم!

 

مؤتمر حوار وطني مرة كل ثلاثة اشهر

رؤوف شحوري/الأنوار 7/3/2006

السياسة اولاً ثم الاقتصاد. ومؤتمر الحوار الوطني ليس هو المكان المناسب لبحث الشأن الاقتصادي المعقد وتداعياته، ولكنه الأساس الذي لا بد منه لبناء بنية اقتصادية سليمة وحمايتها. وعندما تفسد السياسة يتدهور الاقتصاد وتتناسل الأزمات الاجتماعية المدمرة. والصراع السياسي القائم على المصالح الذاتية والتنابذ والأحقاد والحمق هو المسؤول الى حد كبير عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللبنانيون اليوم اجتماعياً واقتصادياً، وعن (كربجة) الحكم وتخلخل اساسات الدولة. وعندما ينجح قطار الحوار الوطني في الوصول الى المحطة الإجبارية التي تُسمى (الوحدة الوطنية) كما يقول الرئيس نبيه بري، يكون لبنان قد دخل مرحلة الاستقرار السياسي الذي سيقود الى تزخيم الانطلاقة الاقتصادية بعد اقرار برنامج الاصلاحات وفق المعايير الدولية. ويواجه لبنان حاليا استحقاقات داهمة على هذا الصعيد، وفرصاً ذهبية غير متوافرة في اي وقت وربما لا تدوم زمناً طويلاً، وهذا هو أوان قطافها.

(من يأكل العصي ليس كمن يعدها). واللبنانيون هم الذين يعانون ويتوجعون من الحال التي وصلوا اليها ولها طعم لذعات العصا، في حين ان السادة الأقطاب هم في وضع من يعد ضرباتها. ومؤتمر الحوار الوطني تجربة رائدة ولا يمكن ان تنتهي من دون تحقيق نتائج مثمرة ومردود ايجابي ولو في حده الأدنى. والفرصة سانحة اليوم لكي يفكر السادة الأقطاب في صيغة تضمن نوعاً من الاستمرارية لهذا الأسلوب في معالجة مشاكل لبنان المستعصية. وطبيعة التركيبة اللبنانية تفرز باستمرار قضايا خلافية تحتاج الى حلول قبل استفحالها. ومن الثابت ان الأزمة اللبنانية لا تقتصر على البنود الثلاثة المدرجة على جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الجاري حالياً. واننا نقترح على السادة الأقطاب ان يؤسسوا لعرف جديد في الحياة السياسية اللبنانية، وهو ان يجتمعوا مرة واحدة كل ثلاثة اشهر مثلاً لمعالجة موضوع خلافي كبير او اكثر، بالروحية نفسها الذي ينعقد فيها مؤتمرهم اليوم، ويكون هو الغطاء الفعلي والعملي لحكومة تكنوقراط تنصرف الى العمل الجاد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية في الدرجة الاولى.

من يريد ان يأكل التفاحة عليه ان يقطفها اولاً. والخشية هي في ان يشكل هذا الواقع حاجزاً تصطدم به اطراف الحوار داخل هذا المؤتمر، او يُدخلها في دوامة ومتاهة يصعب الخروج منها. والعقدتان الرئيسيتان الآن امام المؤتمر هما: تفاحة تنحي رئيس الجمهورية، وتفاحة سلاح المقاومة. وكل طرف ينتظر من الطرف الآخر ان يقطف له التفاحة التي يشتهيها ويقدمها له. وهذه الصيغة لن تنجح، واجدى منها ان يقطف كل طرف تفاحته بنفسه. وهذا يعني ان على فريق الغالبية ان يعرض آلية تجتذب الطرف الآخر وتقنعه بجدوى هذا الإجراء. كما يعني ان على (حزب الله) تحديداً ان يقدم تصوراً واضحاً لمستقبل سلاح المقاومة يزيل المخاوف المفتعلة او الحقيقية لدى الأطراف الاخرى. والخطر المباشر الذي يواجهه المؤتمر اليوم يأتيه من خارجه. ويقوم الزعيم الاشتراكي حالياً في رحلة الى الخارج بدور (المنسق العام) مع (الشرعية الدولية) من خلال اطلاعه اليومي على الموقف داخل المؤتمر واعطاء تعليماته الى ممثليه داخله من هناك. وربما كان من الأفضل لتحقيق شيء من التوازن لو ان بعض اطراف الحوار توجهوا في الوقت نفسه الى كل من القاهرة والرياض للقيام بدور (المنسق العام) مع العمق العربي وذلك من اجل تحقيق نوع من التوازن... 

 

 (مظلة عربية) وأخرى (دولية) تسهر على الجالسين الى (الطاولة المستديرة) (جمهورية الحوار) تعمل على حل (مأزق الاتفاق)

فؤاد دعبول/الأنوار 7/3/2006

يروي النائب السابق، القوي الجذور الشعبية والسياسية، بأن اللبنانيين يخطئون اذا ما حسبوا أن مؤتمر الحوار المنعقد في البرلمان هو مؤتمر الحوار الأول الذي يلتئم في ساحة النجمة، من دون تغطية دولية ترسم له آفاق المستقبل والحدود. ويكشف هذا السياسي، أن دولاً عديدة، وضعت نفوذها في الميزان، من أجل بلوغ المؤتمر النجاح، وفي مقدمتها دول في المنطقة، وأن وزراء نافذين دولياً وإقليمياً، زاروا بيروت ودمشق، وبعضهم بعيداً من الأضواء الإعلامية، وعرضوا استضافة الرئيس العماد اميل لحود في رحابها، مع تأمين كل أنواع الحماية السياسية والأمنية، بغية تحقيق تسوية على قاعدة (اللا غالب ولا مغلوب)، وإرساء الأوضاع في لبنان، على قواعد (اللعبة الدولية)، بحيث يستقيل رئيس الجمهورية من منصبه، ضمن تسوية تحفظ للجميع حقوقهم والكرامات. ويضيف: لا يعتقدن أحد، أن (الفولكلور السياسي) القائم في طول البلاد وعرضها، سيؤمن رحيل الرئيس لحود عن بعبدا، أو سيرغمه على تقديم استقالته، بل انه (يفل) عن القصر الجمهوري، بمجرد أن تطلب سوريا من حليفها الأساسي في لبنان، أن يضع استقالته في تصرف (التسوية) التي تُطبَخ على نار هادئة.

حكاية التسوية

ويقول ديبلوماسي دولي في بيروت إن مؤتمر الحوار المنعقد في ساحة النجمة يندرج تحت العناوين الآتية:

أولاً: جولة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في لبنان وبعض دول المنطقة، ومقاطعتها للقصر الجمهوري، وحرصها على الاجتماع الى البطريرك مار نصرالله بطرس صفير بوصفه (حامي الحمى) للرئاسة الأولى; فهو أول مَنْ عارض التمديد، وآخر مَنْ ظلَّ المناوئ الأقوى والأكثر فاعلية، لمعارضته إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع، لا لأنه يتمتع بقوة الصمود، بل لمنع سريان هذه القاعدة على الرئاسة، فتصبح (عادة) معمولاً بها في كل أزمة سياسية، خصوصاً أن لها سوابق، تكررت مع عدد من الرؤساء السابقين.

ثانياً: التفاهم الذي حصل بين الرئيس السابق للحكومة الدستورية العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله الأمين العام لـ (حزب الله)، والذي يُشاع دولياً أنه أغضب الأميركان، لكنه مهَّد لهم للتسوية المرتقبة على مسألة سلاح المقاومة، وفقاً للقرار 1559 والقرارات الدولية الصادرة تباعاً، بصدد قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري.

ثالثاً: الاتفاق الأخير الذي وُضعت أسسه في قريطم، بعد اجتماع استمر سبع ساعات بين السيد سعد الحريري والسيد حسن نصرالله، وتخلله عشاء قبل أسبوع تقريباً من مؤتمر الحوار.

رابعاً: (الغياب المبرمج) للرئيس نبيه بري في الخارج، من زيارته لإيطاليا، الى وجوده في الأردن، لترؤس مؤتمر برلمان عربي. ويُقال إن قوى إقليمية ودولية شجعت بري على قيادة الحوار، كما فعل سلفه الرئيس حسين الحسيني قبل ولادة (اتفاق الطائف).

خامساً: تحرك فرنسي يقوده الرئيس الفرنسي جاك شيراك تكلل أخيراً بزيارته للسعودية ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.

سادساً: نضوج تحرك عربي لقيام مبادرة عربية تتكئ على وجود (هدنة) لا (صفقة) بين أميركا وسوريا، تحت شعار حل مجموعة مآزق لا مأزق واحد لكل من البلدين في العراق ولبنان وفلسطين، ولا سيما بعد الفوز الكاسح لمنظمة (حماس) في الانتخابات الفلسطينية، وتكليفها تشكيل الحكومة الفلسطينية العتيدة.

وهذه (المبادرة العربية) الآتية، لدعم مؤتمر بيروت، هدفها دعم (جمهورية الحوار)، أمام (مأزق الحوار) في البرلمان.

وهذا التحرك ينفذ على يد رئيس المجلس، الحليف الأقوى والأفعل لسوريا في هذه المرحلة، والمؤهل برلمانياً وسياسياً لقيادة الحوار.

ولذلك، فقد أكد مسبقاً أنه فريق في هذا الحوار، وليس مجرد رئيس، وعندما انعقد مؤتمر الحوار، برز إجماع على ترئيسه الطاولة المستديرة المنعقدة، على أساس أن لا رئيس لها، ثم تحوَّل عقب الحوار بعد بدئه الى ناطق رسمي بإسمه.

برمجة الحوار

انعقد مؤتمر الحوار يوم الخميس الماضي، وسط ترحيب لبناني وعربي ودولي، مشوب بقلق لبناني، من احتمال فشله.

وليس سهلاً أن يشاهد المراقبون في الداخل والخارج، خمسة عشر قيادياً يلتئم شملهم في رحاب البرلمان، وأن يكون على طاولة واحدة الرؤساء نبيه بري وفؤاد السنيورة وأمين الجميل، الى جانب العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله والدكتور سمير جعجع والآخرين.

كما ليس من السهل أيضاً (التضحية) بـ (تركيب) كتلة برلمانية من حلفاء سوريا، بقيت خارج القاعة لأسباب (تكتيكية) أو تقنية، أو الوقوع في خطأ غير محسوب، إسمه (العقدة الأرثوذكسية)، واستبعاد نائب رئيس مجلس النواب المهندس فريد مكاري عن طاولة الحوار، وهو (أمر غير مقبول) سياسياً، لأن فيه تجاهلاً لدور (طائفة الوصل لا القطع) بين اللبنانيين.

ويُقال إن استبعاد مكاري وأحزاب القومي والبعث والتنظيم الناصري، كان من مبررات إنجاح المؤتمر، لأن تسهيل انعقاده أكبر وأهمّ من عراقيل برزت في وجهه في نظر الداعين اليه.

ويقول العارفون بالأسرار، إن مسألة القرار 1559 ومتفرعاته، أخذت الأيام الثلاثة الأولى من المؤتمر، اهتماماً وانشغالاً، نظراً لأهميتها ودقتها، خصوصاً وأن هذا البند، أخرج سوريا من لبنان، وأكمل الحملة الأميركية - الفرنسية على (بقايا النفوذ الأمني والسياسي السوري) في لبنان.

وهذا، وفق معلومات موثوق بها، ما حمل الرئيس لحود، بالاتفاق مع سوريا، على عمل ما تريد دمشق عمله، ألا وهو الحملة غير المتوقعة من الرئيس لحود على الرئيس جاك شيراك، واتهامه بأنه يقود حملة على لبنان من المحافل الدولية.

وهذه المعلومات تعود الى وجود (تنسيق بين القصرين) في بيروت ودمشق، على (تفنيد) الدفاع السياسي عن (العهد التمديدي) في ردّ على مقال للكاتب المعروف عيسى غريب في صحيفة (الأوريان - لوجور)، وما ترتب عليه من ردود فعل غاضبة داخل مجلس الوزراء وخارجه، ترافقت مع (موقف صارم) من صهر الرئيس لحود الوزير الياس المر، ودعوته له الى إنهاء (الشرشحة السياسية) التي يتعرض لها، والاستقالة من منصبه، وفوراً.

شروط الاستقالة

إلا أن الرئيس لحود لا يزال يؤكد أنه باقٍ في الرئاسة حتى اللحظة الأخيرة من ولايته الممددة. ويُقال إن سياسياً اتصل به، وسأله عما يجب فعله، وقد حدَّد جماعة 14 آذار، مواعيد ترحيله، فردَّ بأن (لغدٍ يوماً آخر)، و(أنا باقٍ ولا يهمكم).

ويقول سياسي عريق، إن الرئيس لحود وضع 3 شروط لاستقالته:

أولاً: أن تطلب سوريا منه الاستقالة، لأنها (تورطت) في لبنان بما لا قبل لها على تجاوزه، من أجل التمديد له، ولا يعقل أن (يقطعها) في منتصف الطريق.

ولذلك، وضماناً لوجوده في الرئاسة، فإنه لن يستقيل الا بطلب منها، (ليردّ لها التحية بأحسن منها).

ثانياً: إنه حريص على إرضاء القوى المؤازرة له، وفي مقدمتها (حزب الله) والأحزاب الحليفة لسوريا.

ثالثاً: الإيهام بأنه مستعد للاستقالة إذا ضمن وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية لا سواه. وهذا كلام يفتقر الى الدقة، لأن هذه (نصيحة) حلفاء سوريا، لا قراره الشخصي. وعندما يُسأل من زواره يجيب (أنه والعماد عون من مدرسة واحدة).

الحل المرتقب

أما الحل المرتقب لهذه الاستقالة، فيندرج وسط معلومات موثوق بها على الأسس الآتية، والمؤيدة من البطريرك صفير والعماد عون:

أولاً: الحرص على عدم الوقوع في فراغ سياسي للسلطة الإجرائية في ظل الانفصام القائم بين أكثرية سياسية تطالب بإقالة رئيس الجمهورية وأقلية سياسية تحذر من (شرك الفراغ).

ثانياً: اقتراح بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على غرار ما حدث في العام 1976، عندما انتُخِب الرئيس الياس سركيس، قبل خمسة أشهر من موعد تسلمه السلطة، تجنباً لوقوع (فراغ رئاسي).

ثالثاً: وجود حرص على تسمية خلف للرئيس لحود قبل استقالته، مخافة أن (تأخذ) الأغلبية

وجماعة 14 آذار (الرئاسة) وتختار واحداً منها، وهذا ما يحذر منه العماد عون، لأنه يريد أن تتفق هذه الأكثرية عليه.

وهذا الموضوع شغل مؤتمر الحوار في الأروقة وفي الحوارات الجانبية، باعتبار أن العماد عون يحلّ أولاً في (الاستطلاعات)، مع فرق شاسع بينه وبين سواه، على الرغم من أن كثيرين يبدون شكوكاً دائمة، في نزاهة الجهات التي درجت على تقديم استطلاعات للمخابرات في السابق، ولكل مَن له مصلحة في ترجيح كفته، والترويج لوجود رغبات داخلية بإعادة انتخاب العماد لحود للرئاسة الأولى.

وحسب ما هو شائع، ومتداول، فإن قوى 14 آذار لا تريد العماد عون رئيساً للجمهورية، في حين أن قوى نافذة شعبياً تريده، وفي مقدمتها (حزب الله) الذي تجمعه به صفات النزاهة وعدم التورط في الفساد، والحرص على قيام دولة نظيفة بمؤسساتها وأعمالها.

ويُقال إن الأحزاب المؤيدة لسوريا وجدت في العماد عون خشبة خلاص تتمسك بها، لتعوم سياسياً، وتجنب الغرق في بحر سياسي هائج، خصوصاً وأنها تناصب العداء لـ (تيار المستقبل) ولوضع المسؤولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الشبهة.

وثمة قوى تروّج منذ اليوم الأول لاغتيال رئيس الحكومة السابق، لمعلومات مفادها أن قوى أميركية وصهيونية كانت تتربص به، وأنها وحدها القادرة بإمكاناتها على تفجير موكبه في 14 شباط من العام الماضي، من دون إغفال دور للقوى الأصولية ولحكاية (أبو عدس).

وهذه القوى السياسية - يقول كثيرون - تكمن وراء (تهشيل) ديتليف ميليس من لبنان، ورفضه قبول تجديد مهمته، وعودته الى ألمانيا لمتابعة عمله كمدَّعٍ عام لمدينة برلين العاصمة الألمانية والإتيان برئيس آخر لهيئة التحقيق الدولية.

والراهن الآن وفي ظل (الهدنة) الأميركية - السورية، لا (الصفقة) مساعٍ ترمي الى السير في التحقيق الدولي، وتشكيل المحكمة الدولية، قبل صدور البيان الأول لخليفة ميليس منتصف آذار الحالي، بمعزل عن المساعي العربية لتحسين العلاقات اللبنانية - السورية وترميمها بعد التشنج الذي أصابها ولا يزال منذ اتهام مسؤولين سوريين بأنهم مشتبه بهم في قضية التخطيط والتنفيذ لـ (جريمة العصر) المتهم بها الجهاز الأمني اللبناني - السوري السابق بعد التمديد للرئيس لحود.

ويتوقف أركان بارزون في حركة 14 آذار، عند تصريحات رئيس الجمهورية أخيراً، بأنه لم يطلب التمديد له، لا في قيادة الجيش، ولا في رئاسة الجمهورية، ويعيدون الى الأذهان كيف كان المحيطون به (ضايعين) بين إعادة انتخابه لا التمديد، لمدة خمس سنوات على الطريقة الفرنسية أو 4 سنوات على الطريقة الأميركية، وأنهم كانوا يرفضون التمديد له ثلاث سنوات، على غرار التمديد للرئيس الياس الهراوي.

هل ينتهي مؤتمر الحوار، باتفاق على استقالة الرئيس لحود، واتفاق على تسمية (مرشح ما) للرئاسة، يخلفه في انتخابات آتية?

هذه هي المسألة الدقيقة الان أمام مؤتمر بيروت الذي انعقد لثلاثة أيام، و(أخذ) فرصة الأحد لمزيد من الدرس والتقويم.

حصلة الأيام الثلاثة

وينسب العارفون الى الرئيس بري، قوله إن المؤتمر سيشرع ابتداء من الأسبوع الحالي، في حسم الموضوع المتعلق بالقرار 1559، وإرخاء الستار على مسألة مستقبل رئيس الجمهورية، تمهيداً للانتقال الى الموضوعات الأخرى.

والسؤال المطروح الآن: ما هي الصيغة الدستورية الواجب اعتمادها، لحمل الرئيس لحود على الخروج من بعبدا، والتوقف على إطلاق عبارة: ليفعلوا ما يشاؤون، وإن بعد 14 آذار يوماً آخر.

الموالون لمبدأ استقالة رئيس الجمهورية يعتقدون أن الضغوط الدولية المحلية، كفيلة بإقناعه بالخروج عن مسرح لم يعد له.

والمعارضون يدعون الى اتفاق فيما بينهم، أو مع البطريرك صفير، على سلوك خطة واضحة، ذات تعابير واضحة أيضاً، للإتفاق على (البديل). أما اذا ما تعذَّر هذا الاتفاق، فيتم التفاهم على مواصفات الرئيس، أو إقرار المؤتمر صيغة واضحة للحلول المطلوبة، ويجري من ثم الاتفاق على رئيس يأتي لتنفيذ النهج المعتمَد. ويُقال إن رئيساً ضعيفاً، كان يجري البحث عنه قبل الحرب، لم يعد مقبولاً، لأن المرحلة تتطلب رئيساً قوياً لا بعضلاته المفتولة، بل بعقله وقوة شخصيته ورزانته، وليس الرهان على رئيس لا طعم له ولا رأي ولا لون.

ولفت الأنظار قولٌ للرئيس بري، في نهاية جلسات الأسبوع المنصرم، يقول فيه إن (القطار الحواري) أقلع، وهو ماضٍ الى محطة لبنانية يُطلق عليها إسم (محطة الوحدة الوطنية الحقيقية).

إلا أن الرئيس بري، سارع الى الاستدراك، تجنباً للإفراط في تفاؤل غير مؤكد، فأشار الى مناقشات سادت خلال الأيام الثلاثة الماضية، (جعلتنا نجد جواً آخر).

وتعهد الرئيس بري، الذي كافح (التسريب) ودعا الجميع الى الاعتصام بالصمت، في حال الاختلاف ليأتي الى الإعلام، ويقول إن هذا هو موطن الخلاف، لأننا سنشرع فوراً في إقرار ما اتفقنا عليه وما تعذر علينا الاتفاق حوله.

ويُقال إن المتحاورين اقتربوا من التفاهم على صيغة لحل موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وإن المناقشات مستمرة حول موضوع الرئاسة وسلاح (حزب الله) ومزارع شبعا، وهنا تكمن المسألة الصعبة أمام الحوار الصعب في ساحة النجمة، إلا أن مجرد الجلوس الى الطاولة، يتيح مجالات واسعة للحوار، وهذا إنجاز سياسي بحد ذاته، بعد مراحل المقاطعة والقطيعة.

الأميركان على الأبواب

عندما انعقد مؤتمر البرلمانيين اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية، قبل نحو خمسة عشر عاماً، كان الأميركان (يحومون) حول المنتجع السعودي الشهير، وكان السفير الأميركي السابق في بيروت، على مقربة من مكان الحوار ومن المؤتمر، ليشير الى أن الأميركيين ليسوا بعيدين عن 62 نائباً التأموا هناك برئاسة الرئيس حسين الحسيني.

وساعة انعقد مؤتمر البرلمانيين والسياسيين، من الصف الأول، في البرلمان اللبناني، برئاسة الرئيس نبيه بري، كان الأميركان في جوار المكان، أي في ساحة النجمة، حيث كان السفير الأميركي فيلتمان يمضي ثلاث ساعات في أحد المطاعم القريبة من المكان.

والسفير الأميركي جيفري فيلتمان والسفير المصري حسين ضرار حرصا على الظهور أمام الصحافيين في ساحة النجمة، وهذا (إعلام) بأن الوساطات العربية والدولية ليست بعيدة عن المؤتمر.

ويُقال أيضاً إن الجميع باتوا يعرفون أن المؤتمر ينعقد في البرلمان، وإن مظلة عربية (تحرسه)، مدعومة بـ (مظلة دولية)، لأن هناك إرادة شاملة بأن الاتفاق سيكون لبنانياً، على يد قابلة لبنانية وغير بعيدة عن لبنان.

هل (نضجت) الظروف لإعلان أن اللبنانيين قادرون - إذا ما تلاقوا - على اجتراح (أعجوبة الحوار) وعلى صناعة اتفاق يضمن الاستقرار.

هل تكون البداية التوافق على رئيس جديد، مؤهَّل لرعاية التسوية الخارجة من رحم اتفاق الطائف، لأن المطلوب ليس نسف الطائف، بل العمل على تطبيقه، للاتفاق على (تصويب) بنوده، إذا كان هناك ضرورة للتصحيح. قولوا إن شاء الله!!