احياء ذكرى استشهاد الاديب كمال الحاج في مركز المؤتمرات في حريصا قراءات عن حياته

وكلمات في فلسفته وكتاباته بصوت كتاب واعلاميين

وطنية - 3/4/2006 (متفرقات) أحيت جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة وأسرة معهد الرسل في جونيه وعائلة الدكتور كمال يوسف الحاج، الذكرى الثلاثين لاستشهاد الاديب كمال يوسف الحاج، في احتفال أقيم في مركز المؤتمرات في بيت عنيا في حريصا، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ممثلا بالنائب البطريركي العام المطران رولان ابوجودة، وبمشاركة المطران سليم الغزال ممثلا بطريرك طائفة الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، الشيخ نبيه الاعور ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ بهجت غيث والاباتي بولس نعمان، في حضور النواب: وليد الخوري، بيار دكاش، روبير غانم وعباس هاشم، النائبين السابقين فريد الياس الخازن وادمون رزق، رئيس بلدية جونيه جوان حبيش وحشد من الفعاليات السياسية، التربوية، الاجتماعية والمرجعيات الدينية. المطران ابو جودة افتتاحا النشيد الوطني، فكلمة ترحيبية من عريف الاحتفال جورج مغامس، ثم تلا المطران ابوجودة البركة الرسولية من البطريرك صفير، أمل فيها ان "تستفيد الاجيال الطالعة من التراث الكتابي الذي تركه الشهيد المرحوم كمال يوسف الحاج الذي غالبا ما كان يؤم الكرسي البطريركي ليفضي الينا بما كان يساوره من مخاوف، لكنه كان دائما يعتصم بايمانه بربه وثقته بوطنه". اضاف: "اننا اذ نخشع معكم في ذكرى الشهيد كمال يوسف الحاج الذي لحق بجمهرة كبيرة من شهداء الوطن اللبناني، وقد سقطوا تحت ضربات الحقد من بينهم السنة الفائنة اربعة عشر شهيدا، واكتشفت بالامس جثامين عدد من العكسريين شيعهم ذووهم بالامس القريب. نسأل الله لهم جميعا الراحة الأبدية ولذويهم التعازي القلبية ولوطننا لبنان القيامة السريعة مما يتخبط فيه من محن".

وتحدث الاب خليل علوان عن مؤلفات الحاج وفكره وفلسفته، وقال: "ما أحوجنا في هذه الايام ونحن نبني من جديد وطن الثقافة وحقوق الانسان والحرية والسيادة، الى فلسفة لبنانية تكون اساسا للقيم الوطنية والجوامع المشتركة والى قومية لبنانية ذات بعد انساني وحقوقي لتوطيد كيان سياسي صحيح، والى حوار مسيحي- اسلامي صادق مبني على ركائز فكرية متينة لتوطيد العيش المشترك الذي هو الضمانة الوحيدة لبناء لبنان". ثم كانت كلمات في فلسفة كمال الحاج وأثره لكل من الدكاترة: وفاء شعراني، ناصيف قزي والاب جورج حبيقة. النائب الخازن وتساءل النائب السابق الخازن، ماذا عساه يفعل الفيلسوف والمفكر والكاتب والاديب كمال الحاج ازاء المشهد العربي واللبناني في العقد الاول من القرن 21؟.

وقال: "لنتخيل كمال يوسف الحاج مراقبا غير مشارك في طاولة الحوار اليوم بين سياسيي لبنان الاكثر اختراقا وخبرة، انه لا يعرف معظمهم، فباستثناء استاذنا الكبير غسان تويني، لا اعتقد انه عرف احدا منهم . بيد انه يعرف تماما مضامين مواضيع الحوار وخلفياته التي لم تتبدل او تتغير منذ ان تناولها الحاج في كتاباته منذ اواخر الستينات حتى استشهاده: حدود لبنان، السلاح الفلسطيني، العلاقات مع سوريا، ازمة الحكم، الاغتيال السياسي وسلاح "حزب الله".

في الاغتيال السياسي الذي ذهب ضحيته شهداء كثر من رجال فكر واعلام وسياسة، وفي مقدمهم كمال يوسف الحاج، لم يجر اي تحقيق جدي لمعرفة هوية القاتل الى ان وضع مجلس الامن يده على هذا الملف على اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد انتقال الازمة اللبنانية من هامش الاهتمام الدولي الى متنه. وقد يكون في ذلك بعض العزاء لفيلسوفنا الغائب.

اما سلاح "حزب الله" فهو مطروح في اطار المعادلة القائمة منذ اواخر ستينات القرن المنصرم والذي كتب عنها كمال يوسف الحاج، انها مسألة الحدود العالقة بين حق الدولة الطبيعي في احتكار السلطة العسكرية والامنية، كما سائر الدول، ووجود قوى مسلحة تتنافس معها على هذا الحق، هكذا بدأت الحرب من جنوب لبنان بين الدولة اللبنانية والثورة الفلسطينية ودخلت الجيوش المحيطة متسلحة "بحقوقها" في حالة الفراغ التي احدثها غياب الدولة القسري.

حالة "حزب الله" المعقدة داخليا واقليميا، هي نتاج هذا التراكم المتواصل من الفراغ العسكري والمني الذي شرعه الاحتلال على انواعه باسم شعارات واهية لا تخدم سوى سلطة المتسلط انها حالة وحيدة لا مثيل لها في العالم بدأت في اواخر الستينات، ومنذ ذلك الوقت الى اليوم لم تحرر شبر واحد من فلسطين بل عدنا الى ما كنا عليه قبل تحويل المنظمات الفلسطينية، جنوب لبنان، ساحة حرب مفتوحة مع اسرائيل".

اضاف: "اما حدود لبنان، فلكل طائفة خبراؤها في ترسيم الحدود وفي ترسيم حدود العلاقة مع سوريا، باختزال شديد، للمسيحيين حدودهم الواضحة منذ 1920، وللمسلمين السنة حدود توضحت اخيرا، والشيعة حدود لا تقبل اللبس في الجغرافيا جنوبا. اما الجارة الأقرب سوريا، فلا تعترف رسميا بلبنان الدولة، وهذا الاعتراف الرسمي تجسده علاقات ديبلوماسية، مثلما هي الحال مع دول العالم كافة، ومنها علاقات سوريا الديبلوماسية مع جيرانها العرب. وتركيا وحتى اسرائيل التي كادت سوريا ان تقيم علاقات ديبلوماسية معها فيما لو وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل في العام 2000.

اما السلاح الفلسطيني الذي أتاح لياسر عرفات ان يتباهى بعد عودته الى فلسطين في 1994 انه سيحكم غزة كما حكم لبنان، فأول المحذرين من خطره كان كمال يوسف الحاج قبل عقود اربعة. اما المشهد الحواري حول مسائل اساسية لم تتغير بعد ثلاثين سنة على غياب كمال يوسف الحاج. سجال القوميات الذي استفاض به كمال يوسف الحاج بألمعية لافتة بات اليوم في خزانة التاريخ ، سجال الحاضر في المنطقة يتمحور حول الدين والسؤال المركزي فيه يدور حول حصرية الكلام باسم انه لاقى الدين طبعا، اذ لا حصرية في هذا المجال، بل في السياسة".

وختم: "كمال يوسف الحاج خاطب البشر ولم يدع التكلم باسم الله وهو الرجل المؤمن أعمق الايمان، القومية اللبنانية وفلسفة اللغة والمسائل الفكرية التي شكلت مدار اهتماماته الفكرية كانت كلها من صنع البشر للتوجه اليه بسؤال وهو في جوار ربه: ما رأي الخالق بالشأن السياسي وما رأيه بمفسري الكلام الالهي على الارض؟، ونحن في انتظار الجواب". الاب مونس وبعد شرح مفصل، حول نشر مؤلفات الحاج الكاملة عرضه نجله الدكتور يوسف الحاج، استذكر الاب الدكتور يوسف مونس الايام الاخيرة لابن بلدته الشبانية الدكتور الحاج وطيفه الهادىء الوديع الساعي الى السلام والمصالحة.

وقال: "لبنان، تلك العليقة الملتهبة لن يحترق، سيبقى في فلسفة قبول الآخر، سيبقى في المواطنية المقدسة لكرامة الانسان وللحرية في الحقيقة. سيبقى في ضرورة العيش المشترك المبني على افتقاد الهي لوجودنا الارضي بكهرباء سماوية لا نعرف دفئها الا اذا برتنا". واختتم الاحتفال بقراءات عن حياة كمال الحاج واستشهاده وتلاوات من كتاباته بصوت الاعلاميين مي متى وبسام براك.