المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

23 حزيران 2008

تقرير مفصل عن تطويب الراهب اللبناني يعقوب الكبوشي

 

الكاردينال مارتينيز يرأس المراسم موفداً من البابا بحضور الرؤساء ومشاركة الآلاف

يعقوب الكبوشي طوباوياً لأول مرة من خارج حاضرة الفاتيكان

صفير: ليحلّ الله سلامه في قلوب اللبنانيين ويوثق بينهم روابط الاخاء والمحبة

المستقبل - الاثنين 23 حزيران 2008 - زينة يوسف

وصار لنا طوباويا جديدا من لبنان، إنه الأب يعقوب الحداد الكبوشي.

في 22 حزيران 2008 كان الموعد، في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت. عند العاشرة صباحا اجتمع المدعوون وعيونهم شاخصة الى السفينة الفينيقية التي بدت وكأنها تحمل تمثال يسوع الملك ودير راهبات الصليب، تفصل بينهما صورة عملاقة لصاحب الدعوة أسدلت عليها الستارة البيضاء، فأشرق من خلفها محيا الطوباوي محاطا بمن أحب "بناته الراهبات"، العجزة والأطفال والمعوقين والمرضى.

بالأمس لم تشهد ساحة الشهداء، تظاهرة دعت اليها القوى السياسية اللبنانية، بل احتضنت مناسبة لا يحتاج الشعب الى دعوة كي يشارك فيها وبقوة.

إنها دعوة "أبونا يعقوب" لأبناء وطنه كي يتوحدوا في مناسبة تطويبه على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وانتماءاتهم السياسية، ويتركوا لله مكاناً بينهم، فترقص رياح السلام والمحبة والخدمة والتواضع، التي تعرّف وباختصار عن صاحب الدعوة.

بالأمس لبّيت الدعوة، ومن دون تذمر بقي الناس مسمرين تحت أشعة الشمس أكثر من ساعتين، ملتزمين الصمت وعلى وجوههم علامات الفرح والفخر بطوباوي لبناني جديد، على طريق القداسة سائر.

امتلأت الساحة، ليس بالمحتجين والغاضبين والموجوعين، بل بآلاف المؤمنين الفرحين الفخورين، إذ إن من أرضهم التي تآكلتها الظلمة والمآسي، ظهر نور اسمه "أبونا يعقوب اللبناني".

وبصوت واحد صرخ الناس:

"في أرضك ضجة انقسام مخيف، يهدد الكيان بموت عنيف،

أنظارنا مرفوعة نحو سمائك، أبسط علينا وشاح ردائك،

هلم أبانا لا تنس لبنان، يا ابن جبالنا وابن قرانا...

رد عن بلادك غيوم الحروب، أبانا يعقوب!". (نشيد أبونا يعقوب)

ولا بد من أن يلبي الداعي نداء مدعويه، فتعم اللحمة والمحبة ويكثر القديسون.

على وقع أجراس الكنائس وترنيمة "لبنان لبنان إلبس ثوب الأفراح، لبنان لبنان يوم التطويب لاح"، بدأت الذبيحة الإلهية من على المذبح حيث احتفل البابا يوحنا بولس الثاني بالقداس يوم زار لبنان، وقد ازدان بلوني العلم البابوي الاصفر والابيض، وبالورود من البرشان من صنع راهبات الصليب، ووضعت على يسار المذبح أيقونة للعذراء مريم وعلى يمينه الصليب الذي طالما أحبه وكرمه الاب يعقوب.

ميزة فريدة طبعت هذا الإحتفال، إذ إنه وللمرة الأولى يعلن أي مكرم طوباويا خارج حاضرة الفاتيكان بعدما درجت الكنيسة الكاثوليكية على اقامة مثل هذا الحدث الكنسي في باحة بازيليك القديس بطرس في روما. وقد أوفد البابا بنديكتوس السادس عشر ممثلا عنه رئيس مجمع دعاوى القديسين الكاردينال خوسيه ساريفا مارتينيز الى لبنان لاعلان الاب الكبوشي طوباويا بمشاركة البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير، رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال موسى الاول داود، بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، كاثوليكوس الارمن الارثوذكس آرام الاول كيشيشيان، السفير البابوي المونسنيور لويجي غاتي، مطران اللاتين بولس دحدح وعدد كبير من المطارنة ولفيف من الكهنة والاكليروس والراهبات.

كما شارك في الاحتفال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته وفاء، رئيس مجلس النواب نبيه بري ولم تحضر عقيلته رنده لوجودها خارج لبنان، رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعقيلته هدى.

وحضر رئيس حزب "الكتائب" الرئيس امين الجميل وعقيلته جويس، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس نجيب ميقاتي، مهيب حسن ممثلا شيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، الوزراء: احمد فتفت، جان اوغاسابيان، نايلة معوض، حسن السبع، جو سركيس، مروان حماده، محمد جواد خليفة، جهاد ازعور، ميشال فرعون وطارق متري، سفراء مصر واسبانيا وايطاليا، النواب: نعمة الله ابي نصر، ابراهيم كنعان، هادي حبيش، عمار حوري، محمد الامين عيتاني، جيلبرت زوين، غسان مخيبر، عاطف مجدلاني، الياس سكاف، روبير غانم، كميل خوري، بيار دكاش، عباس هاشم، شامل موزايا، محمد الحجار، هاغوب بقرادونيان، بهية الحريري ومحمد قباني.

وشارك أيضاً رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه، رئيس "حزب الوطنيين الاحرار" دوري شمعون، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي انطوان خير، رئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس، عميد السلك الديبلوماسي جوزف حبيس، مستشار رئيس الجمهورية السياسي ناظم الخوري، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، قائد الجيش بالوكالة العميد شوقي المصري، وفد من "مؤسسة العرفان التوحيدية"، امين سر المجلس المذهبي الدرزي منير حمزة، نقيب المحررين ملحم كرم، رئيس مكتب بيروت في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم طوني قديسي، منى الهراوي، اندريه لحود، وفاعليات كنسية وسياسية ودينية.

وخدمت القداس جوقة جامعة سيدة اللويزة، جوقة الجامعة الانطونية، جوقة جبل لبنان البيزنطية، جوقة راهبات الصليب، جوقة المعهد الوطني العالي للموسيقى بادارة الاب خليل رحمة المريمي والاب توفيق معتوق الانطوني، جوزف يزبك وعزف الاوركسترا الوطنية. وقدمت كل من جومانا مدور وسينتيا سماحة إنشادا منفردا.

في بداية الاحتفال، ألقى الاب الكبوشي سليم رزق الله ملخصا عن حياة الاب يعقوب. بعد ذلك، اعلن الكاردينال مارتينيز الرسالة البابوية لاعلان الاب يعقوب طوباويا والتي جاء فيها: "بعد ان اطلعنا على رأي مجمع دعاوى القديسين، وبسلطتنا الرسولية، نمنح ان يدعى طوباويا من الآن وصاعدا خادم الله يعقوب الغزيري، كاهن ناذر في رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين مؤسس "جمعية راهبات الصليب" الذي قضى حياته كالسامري الصالح في مساعدة البؤساء والمرضى. يعمل بذلك في الاماكن ووفق تدابير الحق القانوني، ويحتفل بعيده كل سنة في 26 حزيران يوم ولادته في السماء".

صفير

بعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك صفير عظة بعنوان: "حينئذ يسطع الأبرار كالشمس في ملكوت الله"، وهي من انجيل (متى 13: 43).

وقال: "نحمد الله على أنه حقق الأمنية التي طالما صلت من أجلها "جمعية راهبات الصليب اللبنانيات"، وكثير من المؤمنين والمؤمنات في لبنان وسواه من البلدان. وهذه الأمنية هي رؤية صورة الأب يعقوب الكبوشي ترتفع على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن أعلنته الكنيسة المقدسة طوباويا". واشار الى أنه "بعد أن كان مثل هذا الاعلان يجري في روما، عاصمة الكثلكة، أمر صاحب القداسة أن يجري التطويب في بلد الطوباوي، حضا للمؤمنين على الاقتداء بفضائله، ودفعا لهم على السير في طريق القداسة. وقد قال أحد المفكرين المؤمنين الكبار: "هناك أسف واحد وهو ألا نكون قديسين"".

أضاف: "وقد أراد أركان الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان أن يحضروا هذا الاحتفال تقديرا منهم لفضائل الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي، واستمطارا، بشفاعته، لنعمة السلام الذي يتوق اليه لبنان منذ سنوات".

وتحدث عن الأب يعقوب، فقال: "لقد مارس الأب يعقوب الفضائل المسيحية التي رأى أبويه يمارسانها، في بلدتهما غزير. وهذا ما دفعه الى دخول الرهبانية الكبوشية في مار أنطونيوس خاشبو في بلدته، وكان ابن ثماني عشرة سنة. وعاش مآسي الحرب الكونية الأولى. وقد امتاز بممارسته من الفضائل ثلاثا. أولا، الاستسلام للارادة الالهية التي كان شديد الإيمان بها وغالبا ما كان يردد: "ان العناية الالهية تساعدني. ان اتكالي على الله". ثانيا، البساطة المسيحية، فالطوباوي عاش عيش الفقر والتقشف والبساطة المسيحية، اقتداء بالقديس فرنسيس الأسيزي. وفي وعظه تعمد السهولة، وهل أسهل من التعبير عن هذه النصيحة التي أعطى بموجبها أربع قواعد للتواضع فقال: "القاعدة الأولى: لا تنسب لذاتك شيئا أو صفة ليست فيك. القاعدة الثانية: أن ننسب الى الله ما هو حسن فينا. القاعدة الثالثة: لا تمدح نفسك أمام الناس. القاعدة الرابعة: لا تعدد نقائص القريب لتعلي صفاتك". وثالثا، عمل الرحمة، جاء في كتاب الاقتداء بالمسيح: "قياس المحبة أن تحب دون قياس". هذه كانت محبة الطوباوي الأب يعقوب. محبته للمنبوذين من الناس، الذين يأنف أقربهم اليهم من الاهتمام بهم، فاستقبلهم واحتضنهم وأشعرهم بأنهم بشر مفتدون بدم الحمل الالهي، وان مصيرهم العودة الى الله الذي منه أتوا".

وختم: "إنا، وقد أسبغ الله علينا جميعا هذه النعمة، فأقام من بيننا طوباويا، كان يعيش مثلنا على هذه الأرض، ليدعونا جميعا الى الاقتداء بفضائله، نسأله تعالى، بشفاعة الطوباوي الجديد، أن يحل سلامه الالهي في قلوب جميع اللبنانيين، ويوثق في ما بينهم روابط الاخاء والمحبة، ويهدينا جميعا الى الإقتداء بمثل هذا الطوباوي لنصبح يوما، بعد قضاء ما يكتبه الله لنا من عمر في الدنيا، في عداد القديسين".

تقدمة القرابين

وقدم جورج قطان، ابن شقيقة ماري قطان التي شفاها الطوباوي يعقوب، شهادتين، الاولى هي التساعية التي صلاها لشفاء عمته، والثانية شهادة الاعجوبة التي تحققت بفعل شفيع الصليب الاب يعقوب. وتلتها شهادات عدة: مفتاح غزير مسقط رأس الطوباوي، شجرة آل حداد، نص الرسوم والقوانين التي عاش بها الاب يعقوب، شعار الرهبنة علامة التخلي والتجرد والسير على خطى مار فرنسيس في خدمة البشارة، قانون الرهبنة بخط يد الاب يعقوب الذي أراد هذه الرهبنة خميرة في العالم وقدوة في المجتمعات، الـ"سكابولير"، قانون الجمعية ورسومها بخط يد الاب يعقوب وشعار رهبنة الصليب "صليب الرب حبيب القلب"، خريطة تتضمن طريقة انتشار جمعيات راهبات الصليب على مساحة الارض اللبنانية والخارج، شجرة أرز رمز مجد لبنان وعزته.

كما قدم احد الاطباء العاملين في بيوت المحبة يحمل سماعته لتتبارك آلة الطب وتبقى آلة لخير الانسان وشفائه وراحته، ترافقه ممرضة حاملة ادوات التطبيب.

وحمل القربان ممرض آخر برفقة ولد معوق يعمل في مشاريع رسول الصليب. وحملت الاخت منى سعد من جمعيات راهبات الصليب، ما يزيد على العشرة آلاف صفحة وهو الارث الثمين الذي يبقى ذكرا خالدا.

ثم ألقيت ست نوايا على نية لبنان.

وكانت كلمة لرئيس الاخوة الاصاغر الذي أتى خصيصا من روما الى لبنان، عبّر فيها عن "سروره للمشاركة في هذا الاحتفال المخصص لتقديم الشكر للرب الذي أظهر محبته من خلال اعمال الاب يعقوب".

وقال: "ان الاخوة الكبوشيين وبنات الصليب يفرحون اليوم في هذا العيد"، لافتا الى ان "البساطة الفرنسيسكانية للاب يعقوب وايمانه، بلغا قلوب العديد من المؤمنين والضحايا والمتألمين".

وشكر "الرب وجميع الاشخاص الذين التزموا نشر قداسة الاب يعقوب"، داعيا الى "العمل للخير والسلام من اجل الجميع".

مخلوف

وألقت الرئيسة العامة لـ"جمعية راهبات الصليب" الاخت ماري مخلوف كلمة قالت فيها:

"سمع ابونا يعقوب تعليم المسيح، فما تردد وانطلق ممتلئا بالرجاء يلملم ما تبقى من اجساد أضنتها الشيخوخة، وأنهكها المرض وتلاعب الخلل بتوازنها وأزهقها الملل، ففتح قلبه وذراعيه ليضمهم قبل ان يباشر وضع اساسات مؤسساته وقبل ان يمد يده الكريمة والمباركة الى اصحاب الايادي البيضاء الذين كانوا وما زالوا يعرفون كيف يتعرفون على اخوة لهم في الانسانية المعذبة، فيجسدون دور السامري في ملاقاة القريب".

وسألت: "من اين لنا نحن "جمعية راهبات الصليب" ان نمثل في هذا الاحتفال المقدس المهيب وفي لبنان بالذات، هذا الوطن الذي قامت أساساته على تلاقي الحضارات، فمهما تصارعت ومهما تباعدت او تنافرت، فلا تزداد الا رغبة بالعيش معا وسوية، عيشا مشتركا يرفض التعايش ومفاهيم الهدنة الهشة. انه لبنان الذي ينفض جناحيه كالنسر ليسقط العداوات فيسطع النور في قلب الظلمات وتصحو السماء باشراقة شمسه، شمس الحرية والكرامة والاخوة".

أضافت: "من اين لنا ان نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابونا يعقوب الطوباوي لتتبادر الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وايام الصبا: "لسنا اهلا ولا مستحقات لهذه النعمة". ولكن النعمة مجانية، وانت يا ابونا قد زرعت روح المجانية حيثما حللت، ونفحتها في روحانية جمعيتك التي أردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة".

وتابعت: "من اين لنا ان نتواجد في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بأرواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا ابونا بأعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة أهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، وأكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم، الا البرهان الساطع على ان لبنان لا يحتله الارهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل ابنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرس بها وجعلها صلاته وقربانه وطن ابونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين".

وتمنت "على صاحب النيافة ان يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بأن الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروق واختلافات وتميزات".

وجددت "العهد لابونا يعقوب باننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها. اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوما الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا"، طالبة من الأب يعقوب أن يكون "شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى ابناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروقات بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون".

وفي الختام، أعطى الكاردينال مارتينيز البركة النهائية

 

أجراس لبنان قُرعت عند إعلان التطويب ودير القمر سهرت على جبل الصليب

الصليب مرتفعاً ومضاء في دير القمر. 

النهار/23/6/08/

قرعت اجراس الكنائس ظهر امس فرحا وابتهاجا في قرى الشمال وبيروت والبقاع والمنطقة الحدودية لحظة اعلان تطويب الاب يعقوب الكبوشي. وفي قرى المنطقة الحدودية ("النهار") رفعت صور الطوباوي في الكنائس، وتابع ابناء المنطقة مراسم القداس الاحتفالي عبر الشاشات التلفزيونية.

وفي اطار النشاطات المواكبة تطويب الاب يعقوب انطلقت في بلدة دير القمر ("النهار") مسيرة شموع من امام مستشفى راهبات الصليب الى قمة جبل الصليب وتقدمها كشاف رعية سيدة التلة والفرق الموسيقية والحركات الرسولية في دير القمر رافعة العلم اللبناني والشموع وصور الاب الكبوشي. وكان في مقدم المشاركين كاهن رعية كنيسة سيدة التلة الاباتي مرسيل ابي خليل، والنائب الاسقفي لطائفة الروم الكاثوليك في الجبل الاب نبيل واكيم، والاب انطونيو الفغالي، والخوري ايلي كيوان، الى المهندس كميل دوري شمعون ونائب رئيس المجلس البلدي المحامي فادي حنين وحشد كبير من رعية الابرشية من كل القرى والبلدات الشوفية.

وانتهت المسيرة بسهرة روحية وقراءة وتأملات في حياة الكبوشي شارك فيها الجميع.

 

عاهدت رئيس الكنيسة ورئيس البلاد على استمرار الرسالة

مخلوف: ليبق اللبنانيون في ساحة واحدة لا تخرقها تفرقة

النهار/23/6/08/

جاء في كلمة الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الاخت ماري مخلوف في احتفال التطويب: "وكأني بأبينا يعقوب الحداد الكبوشي يسمع ويرى يسوع مشيرا الى من هو قريبي فلا يأبه بعدها للفوارق والحواجز والانتماءات في وطن الرسالة والبشارة، في وطن الانفتاح والتعاون والاحترام المتبادل، فتكون عنده الاقتناع الراسخ مرسيا اساساته على الصخر ومنه اصلب. اعلن بعدها طائفتي لبنان والمتألمون ارض القداسة"، والقداسة ليست حكرا على احد، بل هي فضيلة، والفضيلة هي صلة التواصل بين الخالق وخليقته، وبالتالي هي رسالة الخلاص. رفع المعلم الالهي صوته معلنا أن القريب هو كل انسان في حاجة الى ابتسامة ومحبة وعناية والتفاتة حنان. كلنا مهما كنا واينما كنا وكيفما كنا في حاجة الى قريب نساعده وقريب يساعدنا. سمع ابونا يعقوب تعليم المسيح فنظر هو اليه، فاذا بمن هو قربي جماعات جماعات، وجماهير جماهير ينتظرون مرور السامري، فما تردد وانطلق ممتلئاً بالرجاء يلملم ما تبقى من اجساد اضنتها الشيخوخة، وانهكها المرض وتلاعب الخلل بتوازنها وازهقها الملل، ففتح قلبه وذراعيه ليضمهم قبل ان يباشر وضع اساسات مؤسساته وقبل ان يمد يده الكريمة والمباركة الى اصحاب الايدي البيضاء الذين كانوا وما زالوا يعرفون ان يتعرفوا الى اخوة لهم في الانسانية المعذبة، فيجسدون دور السامري في ملاقاة القريب.  من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نمثل في هذا الاحتفال المقدس المهيب الذي يفوق كل وصف ويستحيل على كل محاولة للتعبير عن ابعاده، في حضرة الكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة ولمرة هي الأولى يتكرم فيها صاحب القداسة البابا بينيديكتوس السادس عشر فيسمح باجراء مراسم التطويب خارج حاضرة الفاتيكان وفي لبنان بالذات. هذا الوطن الذي قامت اساساته على تلاقي الحضارات، فمهما تصارعت ومهما تباعدت او تنافرت، فلا تزداد الا رغبة في العيش معا ، عيشا مشتركا يرفض التعايش ومفاهيم الهدنة الهشة. انه لبنان الذي ينفض جناحيه كالنسر ليسقط العداوات فيسطع النور في قلب الظلمات وتصحو السماء باشراقة شمسه، شمس الحرية والكرامة والاخوة.  من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب، ان نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابينا يعقوب الطوباوي لتتبادل الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وايام الصبا: لسنا اهلا ولا مستحقات لهذه النعمة! ولكن النعمة مجانية وانت يا ابانا زرعت روح المجانية حيثما حللت ونفحتها في روحانية جمعيتك التي اردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة. من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نكون في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بارواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا ابونا بأعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة اهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، واكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم الذي يخرج من مدار الايام في هذه السنة التي لا تعلق في مدارات السنين، الا البرهان الساطع على ان لبنان لا يحتله الارهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل ابنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرس بها وجعلها صلاته وقربانه.

وطن ابونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين. وما القديس شربل ورفقا ونعمة الله الذين اعلنت قداستهم الا رمزا للتراث النسكي وقداسة ارض وشعب هذا الوطن الذي يشهد اليوم تطويب ابونا يعقوب: السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب، يلتحق بخمسة عشر قديسا واربعة واربعين طوباويا من رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين. وقد ذاع عرف قداستهم فعطر الكون كله، فكان للقديس فرنسيس المؤسس التأثير العظيم في مسارات القداسة شرقا وغربا.

في هذه المناسبة نطلب شفاعتهم ونجدد احترامنا ونعبر عن عواطفنا البنوية لامنا الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية المقدسة، متمنين على صاحب النيافة ان يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بأن الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروقات واختلافات وتمايزات. 

اليوم نجدد عهدنا لابونا يعقوب باننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها.

اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوما الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا. يا ابانا الطوباوي، لحظات وينتهي هذا الاحتفال، فترجع بناتك الى اديارهن ومؤسساتهن يعملن تحت ناظريك وبوحي من فيض الهاماتك وارشاداتك، طالبات منك ان تكون شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى ابناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروق بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون. فلترفرف نعمة الروح على الكنيسة، لتبقى قلبا واحدا، ويدا واحدة تشهد بكل تجرد وشجاع، للقيم ولتراث على مد التاريخ، وما قبل التاريخ مرورا بصور وصيدا وجبيل وبيروت، مدن الحضارات والابجديات، صعودا الى قمم جبال اخذ الخلود معناه من ارزاتها وغاباتها، وصولا الى سهول اغنت اهراء روما بخيراتها واستضافت الشمس في احضانها، فكان لها منه معبدا... من كل هذا التراث، الى عناق سبع عشرة طائفة يرفعن راية لبنان الاشعاع والتنوع والتلاقي.

ايها الطوباوي، لقد امضيت سنواتك لكل لبنان وعملت لكل اللبنانيين. لتكن شفاعتك مقبولة ويبقى لبنان". 

 

حشد مؤمن لم يمنعه لهيب الحر عن المشاركة الكثيفة

شيب وشباب وأطفال صلّوا بخشوع إكراماً لـ"أبونا يعقوب"

كتب بيار عطاالله: النهار/23/6/08/

ساحة البرج التي اراد الحاكم العثماني جمال باشا السفاح ان يعلق الأب يعقوب الكبوشي على احد اعواد مشانقها عقابا له على مده يد العون الى ابناء شعبه الجائعين والمرضى والمشردين نتيجة القمع والاحتلال العثمانيين في ما عرف بمجاعة الحرب العالمية الاولى، تحولت امس الى ساحة تطويب لـ"ابونا يعقوب" مكافأة له ولرهبانيته وكنيسته على كل ما قاموا به من سيرة عمل وصلاة ونضال لا ينتهي من اجل الفقراء والمعوزين والمشردين والمعوقين. وتكرس الاب يعقوب الحداد احد حجارة الزاوية في الحضور المسيحي في لبنان والشرق اسوة بالقديسين شربل ورفقا والحرديني وغيرهم كثر على الطريق.

لا الحر ولا اشعة الشمس اللاهبة ولا المسافات البعيدة حالت دون اندفاعة الحشود للاعراب عن تقديرها لسيرة القداسة التي سلكها ابونا يعقوب،  والمسير المضني طويلا على الاقدام من جسر برج حمود وساحات الاشرفية الى ساحة الشهداء، تقبله المؤمنون بفرح، وقالوا: "نزلنا وتظاهرنا كرمى السياسيين فهل نتردد يوم تدعونا الكنيسة؟". لكن الاكيد ان التنظيم الدقيق جدا للمناسبة والتدابير الامنية الصارمة التي اتخذت حالت دون وصول المزيد من الحشود الى وسط المدينة الذي جمع عشرات الالاف اولياً، اما وسائل النقل القليلة التي خصصت للمناسبة من "مجمع ميشال المر الرياضي" عند تقاطع نهر الموت، فبدت قاصرة عن تأمين نقل الالاف الذين كان عليهم السير وبينهم العجزة والمعاقون والاطفال، وكان لسان حال الجميع، ان وسائل النقل العامة من نصيب الاحتفالات الحزبية التي تنفق عليها الاموال وتسخر لها الامكانات، اما في احتفال تطويب الاب يعقوب فيترك الناس "ليهلكوا من التعب والسير تحت اشعة الشمس"، ولولا عناية الصليب الاحمر لكانت سجلت حالات ارهاق واغماء قاسية.

تعلبايا وكل لبنان

وعلى رغم كل هذا "العذاب" كانت الرغبة في المشاركة في "عرس السماء" والأحتفال بطوباوي جديد من لبنان اقوى من امارات التعب والاحباط. والحال ان غالبية الوفود المشاركة كانت من المؤمنين الشباب الملتزمين، الذين ساروا وراء كهنتهم الشباب وبيارق رعاياهم الكثيرة، آتين من كل انحاء لبنان مثل بشري وطورزا وزغرتا والبترون وجبيل والقليعة ومناطق بعلبك وزحلة والبقاع الغربي وميروبا وجزين وغيرها كثير من القرى والبلدات، ولفت علمان كبيران كتب عليهما "الشبيبة العاملة المسيحية - تعلبايا"، التي تحامل اهاليها على  الجروح الكثيرة وتغاضوا عن الاساءة التي لحقت ببلدتهم نتيجة تحويلها خط تماس بين المتحاربين من "الموالاة" و"المعارضة"، وقررت شبيبتها النزول الى ساحة الشهداء للمشاركة في الاحتفال المهيب، تأكيدا على التزام اهلها حضارة المحبة لا ثقافة الموت والتطرف والانعزال.  وعلى قرع اجراس كنائس وسط بيروت التي لم تهدأ فرحا،  صبت الوفود الآتية من كل لبنان من جهات الاشرفية والصيفي والرميل والجميزة والمنطقة الغربية، من رجال ونساء وشيوخ واطفال وامهات في ساحة الشهداء التي تحولت كنيسة ضخمة في الهواء الطلق لا يفصلها شيء عن السماء الزرقاء والفضاء اللامتناهي الذي شحذ همة المؤمنين على الصلاة وطلب شفاعة الطوباوي لخلاص لبنان من محنته. وقسمت ساحة الاحتفال مربعات خصص القسم الاول منها لرؤساء الجمهورية ومجلسي النواب والوزراء ورجال الدين والشخصيات، في حين خصص القسم الثاني لأصحاب الدعوات الذين جهز لهم 22 الف مقعد. اشرفت على تنظيم مجموعات من الراهبات والرهبان وشبيبة الكنيسة والكشافة لإرشاد كل مشارك الى مكان جلوسه.

عائلات واطفال

جمالية الاحتفال كانت في مشهد عائلات بأكملها بكبيرها وصغيرها والامهات يجر افرادها الرضّع في عرباتهم او يقدمون لهم زجاجات الحليب والمياه، وهم يتجهون الى ساحة الشهداء في مشهد لم يألفه اللبنانيون في الساحة التي تحولت حكرا على الانشطة السياسية... لكن سمة هذه الوفود انها كانت تتجه الى الساحة بهدوء وخشوع حتى ما بعد بدء القداس، وارتفع الحشد تدريجا حتى امتلاء القسم السفلي من الباحة اعتبارا من الثامنة والنصف صباحا. وعند التاسعة كانت الحشود بلغت تمثال الشهداء وامتدادا الى ما بعد منتصف الساحة الذي امتلأ نصفه تقريبا. في حين لاحت أعلام لبنانية وفاتيكانية ومريمية قليلة وبضعة اعلام اردنية وفلسطينية لرعايا اتت للمشاركة في الاحتفال، على نقيض الاحتفالات الحزبية. الى لافتات وصلبان كتب على احدها: "يا صليب الرب يا حبيب القلب"، "دقي يا اجراس وهلّلي يا قلوب، بشري بتعتز بأبونا يعقوب" و"هنيئا للبنان بتطويب ابونا يعقوب" وكثير غيرها. وبين الحشود شبان وشابات وصلوا باكرا وافترشوا الارض من الصباح  وهم آتون من الشمال والبقاع، الى سيدات ورجال ركعوا طيلة الاحتفال في خشوع يتلون المسبحة ويصلون وقبلتهم المذبح الذي اقيم ناحية الغرب من الساحة. ولحظة تلاوة الانجيل المقدس وقف الجميع راسمين إشارة صليب كبيرة على الوجوه على امتداد الساحة بالطول والعرض. وعند تلاوة قانون الايمان كان الصوت هادرا: "... نؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية". وبدا الحشد ملتزما بامتياز ومصغيا بخشوع ومشاركا بحماسة هادئة لم يقطعها الا التصفيق لتلاوة اعلان تطويب الاب يعقوب، وذكر اسمي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والبطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير. 

استغرق القداس ساعتين ولم تنفع المظلات القليلة ولا القبعات التي وزعت في رد لهيب الحر، خصوصا عن العائلات التي ضمت اولادا معها فتفيّأت مجموعات كبيرة بعض الاشجار في الساحة، وكان للصليب الاحمر دور كبير في اسعاف المصلين بما توفر لديه من عبوات مياه، الى ان تدخلت العناية الالهية وارسلت نتفا من الغيوم وبعضا من نسمات باردة لطفت الاجواء حتى استكملت مراسم الاحتفال الذي بلغ ذروته عند رتبة المناولة، فانتظمت صفوف طويلة امام الكهنة والرهبان الذي قدموا القربان الى الالاف. ولم تستطع سيدة زغرتاوية مشاركة ان تمسك نفسها امام هذا المشهد المؤثر فأطلقت زلغوطة طويلة بلكنتها الزغرتاوية "للبونا يعقوب والكنيسة ولبنان"، ولاقتها سيدات اخريات بـ"أوويها" طويلة ايضا، وايضا كاهن شاب من كسروان اخذته الحمية فأخذ يردد مع رعيته تراتيل دينية تراثية شاركه فيها الحشد بحماسة.

 مشهد التطويب والحشود المؤمنة جرى تحت ناظري صورة الشهيد جبران تويني المرفوعة على مبنى جريدة "النهار"، وصورة الشهيد بيار الجميل محيياً، المرفوعة على بيت الكتائب المركزي، وقد ارتفعت الى جانبها صورة للطوباوي يعقوب كتب عليها: "اذكر شهداءنا بصلواتك يا ابانا يعقوب".  

 

اعلان الاب يعقوب الكبوشي طوباويا لاول مرة من خارج حاضرة الفاتيكان

في حضور الرؤساء الثلاثة ومئات آلاف اللبنانيين من كافة المناطق

 

*الكاردينال مارتنس ترأس مراسم التطويب موفدا من البابا بنديكتوس

وتحديد 26 حزيران يوم ولادته في السماء عيدا سنويا للطوباوي الجديد

 

البطريرك صفير: نسأل الله بشفاعة الأب الكبوشي أن يحل سلامه الالهي في القلوب

الاخت مخلوف: نعاهد بأن نبقى الخادمات الساهرات في خدمة المرضى والمهمشين

 

وطنية - 22/6/2008 (سياسة) توافد مئات الآلاف من اللبنانيين منذ ساعات الصباح الاولى، للمشاركة في احتفال اعلان الاب يعقوب الحداد الكبوشي طوباويا جديدا يضاف الى لائحة القديسين في لبنان، في احتفال اقيم في ساحة الشهداء في بيروت، وهذه هي المرة الاولى التي يعلن فيها اي مكرم طوباويا خارج حاضرة الفاتيكان بعدما درجت الكنيسة الكاثوليكية على اقامة مثل هذا الحدث الكنسي في باحة بازيليك القديس بطرس في روما، وقد اوفد قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر ممثلا عنه رئيس مجمع دعاوى القديسين الكاردينال خوسيه ساريفا مارتنس الى لبنان لاعلان الاب الكبوشي طوباويا بمشاركة الكاردينال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ورئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال موسى الاول داود، بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، كاثوليكوس الارمن الارثوذكس ارام الاول كيشيشيان، السفير البابوي المونسنيور لويجي غاتي، مطران اللاتين بولس دحدح وعدد كبير من المطارنة ولفيف من الكهنة والاكليروس والراهبات.

 

كما شارك في الاحتفال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، رئيس مجلس النواب نبيه بري ولم تحضر السيدة رنده بري لوجودها خارج لبنان، رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعقيلته السيدة هدى، الرئيس امين الجميل وعقيلته السيدة جويس، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس نجيب ميقاتي، مهيب حسن ممثلا شيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، الوزراء: احمد فتفت، جان اوغاسابيان، نايلة معوض، حسن السبع، جو سركيس، مروان حماده، محمد جواد خليفة، جهاد ازعور، ميشال فرعون، طارق متري، سفراء مصر واسبانيا وايطاليا، النواب: نعمة الله ابي نصر، ابراهيم كنعان، هادي حبيش، عمار حوري، محمد امين عيتاني، جيلبرت زوين، غسان مخيبر، عاطف مجدلاني، الياس سكاف، روبير غانم، كميل خوري، بيار دكاش، عباس هاشم، شامل موزايا، محمد الحجار، هاغوب بقرادونيان، بهية الحريري، محمد قباني، السيدة منى الهراوي، السيدة اندريه لحود، رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه، رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي انطوان خير، رئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس، عميد السلك الديبلوماسي جوزف حبيس، مستشار رئيس الجمهورية السياسي ناظم الخوري، مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، قائد الجيش بالوكالة العميد شوقي المصري، وفد من مؤسسة العرفان التوحيدية، امين سر المجلس المذهبي الدرزي منير حمزة، نقيب المحررين ملحم كرم، رئيس مكتب بيروت في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم طوني قديسي، وفاعليات كنسية وسياسية ودينية.

 

الاحتفال

في بداية الاحتفال, ألقى الاب الكبوشي سليم رزق الله ملخصا عن حياة الاب يعقوب الكبوشي.

بعد ذلك, اعلن الكاردينال مارتنس الرسالة البابوية لاعلان الاب يعقوب طوباويا والتي جاء فيها: "نحن نزولا عند رغبة اخينا بولس دحدح رئيس اساقفة أريه في نوميديا شرفا والنائب الرسولي في بيروت للاتين، وعند رغبة كثيرين من اخوتنا في الاسقفية ومؤمنين عدة, بعد ان اطلعنا على رأي مجمع دعاوى القديسين, وبسلطتنا الرسولية، نمنح ان يدعى طوباويا من الآن وصاعدا خادم الله يعقوب الغزيري, كاهن ناذر في رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين مؤسس "جمعية راهبات الصليب" الذي قضى حياته كالسامري الصالح في مساعدة البؤساء والمرضى.

يعمل بذلك في الاماكن ووفق تدابير الحق القانوني, ويحتفل بعيده كل سنة في 26 حزيران يوم ولادته في السماء, باسم الآب والابن والروح القدس آمين.

ختمت بختم البابا بنديكتوس السادس عشر.

ثم ازيحت الستارة عن الصورة الرسمية التي سيتم اعتمادها كصورة رسمية للطوباوي الجديد.

 

البطريرك صفير

بعد الانجيل المقدس, ألقى البطريرك صفير عظة بعنوان: "حينئذ يسطع الأبرار كالشمس في ملكوت الله", وهي من انجيل (متى 13: 43) جاء فيها:

"نحمد الله على أنه حقق الأمنية التي طالما صلت من أجلها "جمعية راهبات الصليب اللبنانيات"، وكثير من المؤمنين والمؤمنات في لبنان وسواه من البلدان. وهذه الأمنية هي رؤية صورة الأب يعقوب الكبوشي ترتفع على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن أعلنته الكنيسة المقدسة طوباويا. وقد جاء في هذا اليوم صاحب النيافة الكاردينال خوسيه سارايفا مارتنس، رئيس مجمع دعاوى القديسين السامي الاحترام، ليحتفل بالذبيحة الألهية شكرا لله على هذه النعمة، ويعلن رسميا باسم صاحب القداسة البابا بنديكتس السادس عشر، هذا الحدث التقوي التاريخي الكبير. وبعد أن كان مثل هذا الاعلان يجري في روما، عاصمة الكثلكة، أمر صاحب القداسة أن يجري التطويب في بلد الطوباوي، حضا للمؤمنين على الاقتداء بفضائله، ودفعا لهم على السير في طريق القداسة. وقد قال أحد المفكرين المؤمنين الكبار: "هناك أسف واحد وهو ألا نكون قديسين".

 

وقد أراد أركان الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان أن يحضروا هذا الاحتفال تقديرا منهم لفضائل الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي، واستمطارا، بشفاعته، لنعمة السلام الذي يتوق اليه لبنان منذ سنوات.

 

طريق القداسة ليست طريقا سهلة. وهذا ما أشار اليه السيد المسيح بقوله: "ادخلوا من الباب الضيق: لأنه واسع الباب، ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون فيه" وقد اختار الأب يعقوب هذا الطريق الضيق منذ صباه. فمارس الفضائل المسيحية التي رأى أبويه يمارسانها، في بلدتهما غزير. وهذا ما دفعه الى دخول الرهبانية الكبوشية في مار أنطونيوس خاشبو في بلدته، وكان ابن ثماني عشرة سنة. وعاش مآسي الحرب الكونية الأولى. وقد امتاز بممارسته من الفضائل ثلاثا: الاستسلام للارادة الالهية، والبساطة المسيحية، وعمل الرحمة.

 

الاستسلام للارادة الألهية

كان الطوباوي الأب يعقوب الحداد شديد الايمان بالعناية الألهية. لقد قام بأعمال باهرة يقتضي لها مبالغ طائلة. وتساءل الناس: كيف لهذا الراهب الفقير أن يجد هذه المبالغ الوافرة من المال ليقوم بما قام به من أعمال باهرة. فبنى المستشفيات، والمدارس، ودور العجزة، واستقبل من مرضى الجسد والعقل من ترفضهم سائر المستشفيات العادية. وغالبا ما كان يردد: "ان العناية الآلهية تساعدني. ان اتكالي على الله" وعندما سأله أحدهم: "كيف محاسبتك".أجاب: "لا تحدثني عن محاسبتي. هذا أمر أجهله. محاسبي هو الله. ولا أحتفظ بشيء، وان ما يصل الى يدي أنفقه فورا في سبيل الفقراء". وردا على سؤال طرحه عليه أحد الصحافيين، قال: "ان كل ما يعطيناه الله هو لله ولفقراء لبنان، وهو ليس لي، ولا لأهلي الذين يهتم بهم الله". وقال لراهباته: "ان الفقراء هم شكات بأيدينا لأمر العناية الألهية. اذا فهمتن جيدا ذلك الذي يمثله الفقراء على الأرض، تخدمنهم وأنتن راكعات. ثقوا أن مصرف العناية عصي على الأفلاس". كم كان اتكاله على العناية الالهية كبيرا!.

 

البساطة المسيحية

عاش عيش الفقر والتقشف والبساطة المسيحية، اقتداء بالقديس فرنسيس الأسيزي، وعملا بقول السيد المسيح الذي قال: "للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار،أما ابن الانسان فليس له موضع يسند اليه رأسه". والطوباوي قال: "تأمل فقر يسوع من المغارة الى اللحد (مولده - هربه الى مصر- شغله في الناصرة - ليدفع الجزية - الجلجلة). ان فقر ابن الله يظهر بكل فظاظته على الصليب حيث لا محل ليسند اليه رأسه، ولا نقطة ماء ليروي عطشه، ولا قطعة قماش ليغطي جسده، شرابه الخل، الممزوج بمرارة، وبالقرب منه جلادون يلقون القرعة ليتقاسموا ثيابه، في المغارة وجدت أمه أقمطة لتقي جسد الطفل من البرد، أما على الصليب، فالفقر المدقع، ابنها عريان".

 

وفي وعظه تعمد السهولة، وهل أسهل من التعبير عن هذه النصيحة التي أعطى بموجبها أربع قواعد للتواضع فقال: "القاعدة الأولى: لا تنسب لذاتك شيئا أو صفة ليست فيك.

القاعدة الثانية: أن ننسب الى الله ما هو حسن فينا.

القاعدة الثالثة: لا تمدح نفسك أمام الناس.

القاعدة الرابعة: لا تعدد نقائص القريب لتعلي صفاتك" .

 

عمل الرحمة

جاء في كتاب الاقتداء بالمسيح: "قياس المحبة أن تحب دون قياس". هذه كانت محبة الطوباوي الأب يعقوب. محبته للمنبوذين من الناس، الذين يأنف أقربهم اليهم من الاهتمام بهم، فاستقبلهم واحتضنهم وأشعرهم بأنهم بشر مفتدون بدم الحمل الالهي، وان مصيرهم العودة الى الله الذي منه أتوا. وقد جاء في إحدى كتاباته: "الباري تعالى هو رحوم صالح، لا عن اضطرار لأن قوة تضغط عليه، ولا بقصد الانتفاع، لأنه كامل لا يحتاج الى الخليقة، بقي أن نقول ان الله صالح من مجرد محبته إيانا وتعطفه علينا. هو اله جيد حتى نحو الأشياء التي لا يمكنها أن تقر بعرفان الجميل كالبقول، والنبات، والأشجار، والحيوانات. هو جيد حتى نحو الأشرار الذين يهينونه.

"انه يشرق شمسه على الأخيار والأشرار".

إنا، وقد أسبغ الله علينا جميعا هذه النعمة، فأقام من بيننا طوباويا، كان يعيش مثلنا على هذه الأرض، ليدعونا جميعا الى الاقتداء بفضائله ولا سيما بالاتكال على العناية الإلهية، وعيش البساطة، والإقبال على أعمال الرحمة، نسأله تعالى، بشفاعة الطوباوي الجديد، الأب يعقوب الكبوشي، أن يحل سلامه الالهي في قلوب جميع اللبنانيين، ويوثق فيما بينهم روابط الاخاء والمحبة، ويهدينا جميعا الى الإقتداء بمثل هذا الطوباوي لنصبح يوما، بعد قضاء ما يكتبه الله لنا من عمر في الدنيا، في عداد القديسين".

 

تقدمة القرابين

وقدم جورج قطان ابن شقيقة ماري قطان التي شفاها الطوباوي يعقوب شهادتين:

- الشهادة الاولى هي التساعية التي صلاها لشفاء عمته، والثانية شهادة الاعجوبة التي تحققت بفعل شفيع الصليب الاب يعقوب.

- الشهادة الثالثة من رئيس بلدية غزير ابراهيم حداد مسقط رأس الاب يعقوب، قدم مفتاح غزير لقلوب طافحة بالحب لكل مؤمن وزائر.

- الشهادة الرابعة: فيكتور حداد ابن شقيق ابونا يعقوب الذي قدم شجرة آل حداد.

- الشهادة الخامسة: نص الرسوم والقوانين التي عاش بها الاب يعقوب قدمها راهب كبوشي.

- الشهادة السادسة: شعار الرهبنة علامة التخلي والتجرد والسير على خطى مار فرنسيس في خدمة البشارة.

- الشهادة السابعة: رئيس الرهبنة الثالثة يحمل قانون الرهبنة بخط يد الاب يعقوب الذي اراد هذه الرهبنة خميرة في العالم وقدوة في المجتمعات.

- الشهادة الثامنة: نائبة رئيس الرهبنة الثالثة حاملة ال "سكابولير" .

- الشهادة التاسعة: راهبة شيخة من راهبات الصليب تحمل قانون الجمعية ورسومها بخط يد الاب يعقوب وتسير معها راهبة شابة حاملة شعار رهبنة الصليب "صليب الرب حبيب القلب".

- الشهادة العاشرة: خريطة تتضمن طريقة انتشار جمعيات راهبات الصليب على مساحة الارض اللبنانية والخارج قدمتها راهبة من راهبات الصليب يرافقها معلم يحمل شجرة ارز رمز مجد لبنان وعزته.

- الشهادة الحادية عشرة: احد الاطباء العاملين في بيوت المحبة يحمل سماعته لتتبارك آلة الطب وتبقى آلة لخير الانسان وشفائه وراحته، ترافقه ممرضة تبلسم الجراح زارعة الطمأنينة في نفوس المؤمنين حاملة ادوات التطبيب.

- الشهادة الثانية عشرة: ممرض آخر برفقة ولد معوق يعمل في مشاريع رسول الصليب يحملان القربان الذي سيتحول في المذبح الى جسد الرب.

- الشهادة الثالثة عشرة: الاب يوسف عقل ومعه الاخت منى سعد من جمعيات راهبات الصليب تحمل ما يزيد على العشرة آلاف صفحة وهو الارث الثمين الذي يبقى ذكرا خالدا.

- الشهادة الرابعة عشرة: تلميذان من المؤسسة التربوية للاب يعقوب في غزير وبرمانا.

 

ثم القيت ست نوايا على نية لبنان.

 

كلمة رئيس الاخوة الاصاغر

ثم ألقى رئيس الاخوة الاصاغر الذي اتى خصيصا من روما الى لبنان, وألقى كلمة عبر فيها عن "سروره للمشاركة في هذا الاحتفال المخصص لتقديم الشكر للرب الذي اظهر محبته من خلال اعمال الاب يعقوب".

وقال: "ان الاخوة الكبوشيين وبنات الصليب يفرحون اليوم في هذا العيد", لافتا الى "ان البساطة الفرنسيسكانية للاب يعقوب وايمانه بلغا قلوب العديد من المؤمنين والضحايا والمتألمين".

وتوجه بالشكر الى "الرب وجميع الاشخاص الذين التزموا في نشر قداسة الاب يعقوب", ودعا الى "العمل للخير والسلام من اجل الجميع".

 

الاخت ماري مخلوف

والقت الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الاخت ماري مخلوف كلمة قالت فيها:" وكأني بأبونا يعقوب الحداد الكبوشي يسمع ويرى يسوع مشيرا الى من هو قريبي فلا يأبه بعدها للفوارق والحواجز والانتماءات في وطن الرسالة والبشارة، في وطن الانفتاح والتعاون والاحترام المتبادل، فتكونت عنده القناعة الراسخة راسية اساساتها على الصخر ومنه اصلب. اعلن بعدها طائفتي لبنان والمتألمون ارض القداسة، والقداسة ليست حكرا على احد، بل هي فضيلة، والفضيلة هي صلة التواصل بين الخالق وخليقته، وبالتالي هي رسالة الخلاص. رفع المعلم الالهي صوته معلنا بأن القريب هو كل انسان بحاجة الى ابتسامة ومحبة وعناية والتفاتة حنان. كلنا مهما كنا واينما كنا وكيفما كنا بحاجة لقريب نساعده ولقريب يساعدنا. سمع ابونا يعقوب تعليم المسيح فنظر هو اليه، فاذا ب من هو قربي جماعات جماعات، وجماهير جماهير ينتظرون مرور السامري، فما تردد وانطلق ممتلئا بالرجاء يلملم ما تبقى من اجساد اضنتها الشيخوخة، وانهكها المرض وتلاعب الخلل بتوازنها وازهقها الملل، ففتح قلبه وزراعيه ليضمهم قبل ان يباشر بوضع اساسات مؤسساته وقبل ان يمد يده الكريمة والمباركة الى اصحاب الايادي البيضاء الذين كانوا وما زالوا يعرفون كيف يتعرفون على اخوة لهم في الانسانية المعذبة، فيجسدون دور السامري في ملاقاة القريب. من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نمثل في هذا الاحتفال المقدس المهيب الذي يفوق كل وصف ويستحيل على كل محاولة للتعبير عن ابعاده، في حضرة الكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة ولمرة هي الاولى يتكرم فيها صاحب القداسة البابا بنديكتوس السادس عشر فيسمح باجراء مراسم التطويب خارج حاضرة الفاتيكان وفي لبنان بالذات: هذا الوطن الذي قامت اساساته على تلاقي الحضارات، فمهما تصارعت ومهما تباعدت او تنافرت، فلا تزداد الا رغبة بالعيش معا وسوية، عيشا مشتركا يرفض التعايش ومفاهيم الهدنة الهشة. انه لبنان الذي ينفض جناحيه كالنسر ليسقط العداوات فيسطع النور في قلب الظلمات وتصحو السماء باشراقة شمسه!، شمس الحرية والكرامة والاخوة. من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب، ان نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابونا يعقوب الطوباوي لتتبادل الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وايام الصبا: لسنا اهلا ولا مستحقات لهذه النعمة! ولكن النعمة مجانية وانت يا ابونا قد زرعت روح المجانية حيثما حللت ونفحتها في روحانية جمعيتك التي اردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة.

 

من اينا لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نتواجد في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بارواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا ابونا باعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة اهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، واكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم الذي يخرج من مدار الايام في هذه السنة التي لا تعلق في مدارات السنين، الا البرهان الساطع على ان لبنان لا يحتله الارهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل ابنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرس بها وجعلها صلاته وقربانه وطن ابونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين. وما القديس شربل ورفقا ونعمة الله الذين اعلنت قداستهم الا رمز للتراث النسكي وقداسة ارض وشعب هذا الوطن الذي يشهد اليوم تطويب ابونا يعقوب: السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب، يلتحق بخمسة عشر قديسا واربعة واربعين طوباويا من رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين. وقد ذاع عرف قداستهم فعطر الكون كله، فكان للقديس فرنسيس المؤسس التأثير العظيم في مسارات القداسة شرقا وغربا. في هذه المناسبة نطلب شفاعتهم ونجدد احترامنا ونعبر عن عواطفنا البنوية لامنا الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية المقدسة، متمنين على صاحب النيافة ان يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بان الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروقات واختلافات وتميزات.

 

اليوم نجدد عهدنا لابونا يعقوب باننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها. اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوما الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا. يا ابانا الطوباوي، لحظات وينتهي هذا الاحتفال، فترجع بناتك الى اديارهن ومؤسساتهن يعملن تحت ناظريك وبوحي من فيض الهاماتك وارشاداتك، طالبات منك ان تكون شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى ابناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروقات بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون. فلترفرف نعمة الروح على الكنيسة، لتبقى قلبا واحدا، ويدا واحدة تشهد بكل تجرد وشجاع، للقيم ولتراث على مد التاريخ، وما قبل التاريخ مرورا بصور وصيدا وجبيل وبيروت، مدن الحضارات والابجديات، صعودا الى قمم جبال اخذ الخلود معناه من ارزاتها وغاباتها، وصولا الى سهول اغنت اهراء روما بخيراتها واستضافت الشمس في احضانها، فكان لها منه معبدا... من كل هذا التراث، الى عناق سبع عشرة طائفة يرفعن راية لبنان الاشعاع والتنوع والتلاقي.

ايها الطوباوي، لقد امضيت سنواتك لكل لبنان وعملت لكل اللبنانيين. لتكن شفاعتك مقبولة ويبقى لبنان".

 

وفي ختام الاحتفال، اعطى الكاردينال مارتنس البركة النهائية.

 

ملاحظات

- اشارة الى ان المذبح صمم على شكل سفينة فينيقية اعتلاه صورة للمسيح الملك وصورة للاب يعقوب الكبوشي التي ستعتمد رسميا.

- اقيم القداس على المذبح الذي قدس عليه قداسة البابا السعيد الذكر يوحنا بولس الثاني لدى زيارته الى لبنان وكذلك استخدم الكأس نفسه الذي قدس به قداسة البابا يوحنا بولس الثاني.

- جلس الكاردينال مارتنس على كرسي البابا يوحنا بولس الثاني.

زين المذبح باللونين الاصفر والابيض الوان العلم البابوي ووضعت سجادة باللونين الاخضر والاحمر وبالورود من البرشان من صنع راهبات الصليب ووضعت على يسار المذبح ايقونة للعذراء مريم وعن يمينه الصليب الذي طالما احبه وكرمه الاب يعقوب.

خدمت القداس جوقة جامعة سيدة اللويزة، جوقة الجامعة الانطونية، جوقة جبل لبنان البيزنطية وجوقة راهبات الصليب، جوقة المعهد الوطني العالي للموسيقى بادارة الاب خليل رحمة المريمي والاب توفيق معتوق الانطوني، جوزف يزبك وعزف الاوركسترا الوطنية. انشاد منفرد جومانا مدور وسينتيا سماحة.

=========================================================================================

قديسون من لبنان

ورد اسم لبنان سبعين مرة في الكتب المقدسة وتشرفت أرضه بالمسيح الإله، فقد مرّ في صور وصيدا ونواحيهما. ويذكر التقليد-اعتماداً على بعض دلائل الكتب المقدسة- أن يسوع زار أيضاً ضواحي بيروت وقام بأولى اعجوباته العلنية في قانا جنوب لبنان، وتجلّى على إحدى قمم جبل حرمون الواقع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، لهذا يُعتبر لبنان أرضاً مقدسة وإستمرّ بإعطاء المسيحية قديسين وشهداء نساكاً، وهذه نبذة وفهرس زمني لبعض القديسين اللبنانيين أو من أصل لبناني:

 

بربارة (االقرن الثالث): تتنازع بلدان كثيرة شرف انتساب القديسة بربارة إليها، لكن  المتعارف عليه في المشرق أنها من مدينة بعلبك، كانت مؤمنة بالمسيح بينما كان والدها من الوثنيين المتنفذين في المدينة، رغم هذا جاهرت بإيمانها وهربت إلا أن جنود أبيها لاحقوها، فاختبأت وتنكرت لتفلت منهم في قصة شهيرة لا تزال أدبياتنا الشعبية ترويها للأطفال والكبار لاسيما في عيدها.

 

أكويلينا (293): ولدت في جبيل عام 281، أمسكها الحاكم وطلب منها نكران المسيح فرفضت، عندئذ أمر بأن تسجن وأن يقطع رأسها، أخذ جسدها مسيحيو جبيل ودفنوها خارج المدينة حيث صار قبرها مزاراً للتبرك والشفاءات. نقلت رفاتها المكرمة لاحقاً إلى القسطنطينية حيث أودعت كنيسة بنيت خصيصاً على اسمها.

 

بمفيلوس (309):  كاهن شهيد، ولد في بيروت عام 250 من أسرة فينيقية عريقة ونبيلة، قُطع رأسه مع رفاقه فمات شهيد إيمان .

 

وسيماس الفينيقي (القرن السادس):  من قرية قريبة من مدينة صور الفينيقية اللبنانية، ترهّب في أوائل القرن السادس، نما في الفضيلة حتى أعطاه الرب الإله نعمة التنبؤ والتبصر. تنبأ مرة وهو يبكي بزلزال فظيع سيحدث في أنطاكية عام 528 وهذا ما حدث.

 

يوحنا مارون (أوائل القرن الثامن): أسقف البتــرون وأول بطاركة الموارنة. يقال أنه ولد في سرّوم قرية قرب أنطاكية العظمى، لكنه هرب إلى مدينة البتــرون اللبنانية حيث أقام في أحد الأديرة وساس رعيته الخائفة المشتتة فكان لهم أسقفاً وقائداً وإدارياً عظيماً. نظم الرعية في أعالي جبال لبنان حيث ظلت إلى يومنا هذا وهي الكنيسة المارونية.

 

قسطنطين الأول بابا روما (715) : ولد في صور، قاعدة فينيقيا القديمة وهاجر إلى الغرب حيث انتظم في سلك الكهنوت، أصبح بابا روما عام 708، زار القسطنطينية واشتهر بتقواه الشديدة. توفي ودفن في كاتدرائية القديس بطرس.

 

غريغوريوس الثالث بابا روما (741): أحد أعظم الباباوات الذين جلسوا على السدة الرسوليّة. من أصل فينيقي، ولد في فينيقيا ثم هاجر إلى روما في شبابه، أصبح بابا روما عام 731 . من يومها تشكّلت الدولة الباباوية التي ندعوها اليوم باسم الفاتيكان، إذن يعود الفضل في تأسيس الفاتيكان إلى بابا فينيقي! توفي ودفن في كاتدرائية القديس بطرس وهو من الباباوات الذين استحقوا عن جدارة لقب قديس. ويعتبره المؤرخون كبير باباوات ذلك العصر.

 

إيليا البعلبكي (779): شهيد من مدينة بعلبك اللبنانية، ترك مسقط رأسه مع أمه الأرملة وقصد دمشق، استشهد لأنه رفض نكران المسيح أمام رب عمله، وبقي جسده معلقاً بعد استشهاده أربعة عشر يوماً كان خلالها ينضح برائحة طيب عجيبة زكية.

 

مارينا (القرن الخامس أو الثامن): قديسة راهبة، ولدت في قرية القلمون القريبة من طرابلس، ترهبت في وادي قاديشا شمال لبنان. الأساطير حولها كثيرة، منها أنها تنكرت بزي رجل وترهّبت في أحد الأديرة باسم مارينوس، توفيت ودفنت في وادي قاديشا وجسدها لا يزال مصدر نعمة وشفاءات للجميع.

 

إرميا العمشيتي (1230): بطريرك ماروني من مواليد عمشيت، يقال أنه من عائلة عبيد، انتُخب في دير ميفوق، أول من سافر إلى روما عام 1215 . صنع معجزة في روما خلال قداس حضره البابا حين رفع القربان المقدس ثم أنزل يده فظلت القربانة وحدها في الجو، ذاعت شهرة الأعجوبة بلاد الغرب. توفي بالقداسة عام 1230 و قام بعدد من العجائب.

 

جبرائيل حجولا (1367): بطريرك ماروني شهيد، من قرية حجولا بلاد جبيل، استشهد حرقاً على يد المماليك قرب طرابلس، ويقدّس قبره اليوم المسيحيون والمسلمون على حد سواء.

 

رزق الله بن نبع (1477): كان كاتباً لدى حاكم طرابلس، واستشهد لأجل المسيح بعذابات كثيرة لأنه رفض نكرانه، قام المؤمنون بتهريب جسده الطاهر إلى جزيرة قبرص حيث صلّوا عليه ودفنوه هناك بكل إكرام.

 

اسطفان الدويهي (1704): بطريرك ماروني  وأحد أعظم بطاركة الموارنة على الإطلاق. ولد في إهدن عام 1630، اشتهر بتأريخه الطائفة المارونية حتى دُعي بحق "أبو التاريخ الماروني". اشتهر بتقواه وقداسته وقام بعجائب أثناء حياته، وينظر الفاتيكان الآن في دعوى تطويبه قديساً.

 

كنعان بن شديد الضاهر (1750): شهيد، من عائلة مسيحية مارونية عريقة. استشهد في طرابلس بقطع الرأس لأنه رفض نكران مسيحيته.

 

شارل لوريت (1845):  راهب كبوشي، استشهد في مدينة عاليه عام 1845.

 

نعمة الله كسّاب الحرديني (1858): راهب لبناني ماروني، ولد باسم يوسف كسّاب عام 1808، قدّم نذوره الرهبانية عام 1830 ، عرف عنه أنه كان وديعاً متواضعاً محبوباً من كل كبير وصغير، حتى أن الناس سموه بالقديس قبل وفاته. وعلى أثر عجائبه طُوّب الحرديني على يد قداسة البابا يوحنا بولس الثاني عام 1998. ثم أعلنه قديساً في 16 أيار 2004 في روما.

 

يوسف حدّاد الدمشقي (1860):  كاهن دمشقي شهيد، إلا أنه من أصل لبناني. كان يعرّف عن نفسه بأنه "يوسف، اللبناني الأصل، الدمشقي الموطن و الأرثوذكسي المذهب"، رسم كاهناً بعد زواجه لكثرة تقواه. وفي العام 1993 أعلنته كنيسة أنطاكية قديساً شهيداً لاسم المسيح.

 

شربل مخلوف (1898): راهب لبناني ماروني ولد عام 1828 في بقاع كفرا، وهي قرية لبنانية تقع تحت الأرز قرب مدينة بشري، اسمه الأساسي يوسف مخلوف. عاش عيشة نسكية رهبانية نموذجية، إشتهر بقداسته وتقواه وتكريمه الشديد القربان المقدس. بعد وفاته عرف شربل بأعاجيب كثيرة جداً، فاصبح مزاره محجّة في لبنان للمسيحيين والمسلمين والدروز على حد سواء، وهو من أوسع القديسين اللبنانيين شهرة و أكثرهم عجائباً  أخباراً.

 

رفقا الريّس (1914): راهبة لبنانية مارونية، ولدت عام 1832 في قرية حملايا باسم بطرسيّة الريس. طلبت من يسوع أن يسمح لها بمشاركته الآلام فكان لها ما أرادت فاحتملت آلاماً فظيعة من المرض وتوفيت بالقداسة عام 1914. إثر أعاجيبها الكثيرة  قام البابا يوحنا بولس الثاني بإعلانها قديسة عام 2001.

 

غريغوريوس الرابع حدّاد (1928): بطريرك أنطاكية و سائر المشرق الأرثوذكسي، ولد عام 1859 في بلدة عبيه اللبنانية في الشوف، وأصبح مطران طرابلس والكورة. دُعيَ بـ"أبو الفقير"، ويروى عنه أنه باع الصليب الالماسي الذي أهداه إياه نقولا الثاني، قيصر روسيا، ليشتري به غذاء للفقراء. واليوم تسعى الكنيسة الأنطاكية لتطويبه قديساً بشكل رسمي .

 

بشارة أبو مراد (1930): راهب مخلصي، ولد عام 1830، من أكبر الرهبان تقوى وصلاحاً وحباً للمسيح. واليوم تسعى الكنيسة لتطويبه قديساً في روما.

 

يعقوب حدّاد الكبوشي (1954): راهب لبناني كبّوشي، أسّس دير الصليب كما أسّس جمعية راهبات الصليب اللبنانيات. أعلنه الفاتيكان مكرّماً عام 1992 واليوم يجرى تطويبه.

 

غصيبة كيـروز (1975): استشهد لأجل إيمانه بالمسيح في بعلبك .

 

فتحي بلدي (1980): شهيد، من مواليد العام 1961 بيروت، كان يدرس الهندسة المعمارية في بيروت عندما استشهد لإيمانه بالرب يسوع. دُفن في دير المخلص في صربا - كسروان وجرت بشفاعته عجائب عدة، ويجرى العمل على دعوى تطويبه في روما.

 

الأب أنطون طربيه (1998): مواليد تنورين 1911، ناسك أمضى 32 سنة في الوادي المقدس، كانت حياته الرهبانية تتوهج مثل اشعة الشمس حتى شدّت اليها الناس من كل حدب وصوب. سجّل كثر شهادات عما اختبروه معه من شفاءات وعجائب وحوادث غير عادية حصلت بشفاعته. ويجرى حالياً إعداد ملف دعوى تقديسه.

 

الأخ اسطفان نعمة (1889): ولد في لحفد في قضاء جبيل عام 1889. تميز منذ طفولته بالهدوء ومحبة السكينة فكان يعتزل الناس طلبا للصلاة . أبرز نذوره الرهبانية في 23 آب، 1907... وفي  30 آب 1938 وعلى أثر وعكة صحية توفى الأخ اسطفان عن عمر 49 عاما. دفن في دير كفيفان وبعد حوالى 12 سنة على وفاته تم اكتشاف جثمانه السليم من الفساد. واجرى الله على يده شفاءات عدة وعجائب منها شفاءات من امراض جلدية وسرطانية وآلام في المعدة وكافة انحاء الجسم. لقد بات اعلانه مكرما على مذابح الكنيسة قريبا، بعدما تم تقديم ملفه نظرا الى كثرة العجائب على يده في دير كفيفان وفي أماكن مختلفة من لبنان.

 

=======================================================================================

الاب يعقوب الكبوشي

من أقواله

• لا سماء الا بالصليب... روحي وقلبي في الصليب.

• ليتنا عند النهوض من النوم ننظر الى الصليب بدل المرآة.

• يا صليب الرب يا حبيب القلب.

• إن اكبر صليب هو الخوف من الصليب.

• حب يسوع لنا حب صادق، لأنه ليس من الذين يأتون واضعين العسل على الشفة والسم في القلب.

• قياس محبة الله هو ان نحبه من دون قياس.

• أكبر جرم في عصرنا هو الابتعاد عن القربان.

• الولد هو أثمن كنز. تذهبون الى اميركا للكنوز. أولادكم هم كنوز.

• أربع وسائل لا بد منها للحصول على التربية الصالحة وهي العلم، القدوة الصالحة، التيقظ والتأديب، وانتقاء المدرسة.

• أول واجب على رب العائلة هو ان يعلم أهل بيته ما يعرفه عن يسوع.

• لماذا لا نتذكر أننا أخوة ونتصالح عندما تحدث بيننا إساءة؟

من غزير

الاب يعقوب الكبوشي ولد في الاول من شباط 1875 في غزير ـ قضاء كسروان، وقبل سر العماد في 21 شباط 1875 ودخل الدير في 25 آب 1893.

سيم كاهنا في 1 تشرين الثاني 1901، وانشأ رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين في لبنان سنة 1908. باشر ببناء دير الصليب سنة 1921، وشيد كنيسة سيدة البحر لتجمع رهبنة مار فرنسيس ودشنها في 3 ايار1923، ورفع صليبا على تلة في جل الديب سنة 1923.

استقبل الاب يعقوب في دير الصليب اول كاهن وجده مهملا في 4 تشرين الاول 1926. واسس جمعية راهبات الصليب في 8 كانون الاول 1930 للعناية بالكهنة العجز والمرضى والمقعدين والبؤساء والذين لا سند لهم.

توفي برائحة القداسة في 26 حزيران 1954، واعلن مكرما في 21 كانون الاول 1992، وسيعلن طوباويا في 22 حزيران 2008 في لبنان للمرة الاولى خارج حاضرة الفاتيكان.

 

من صلواته

يا سيدي يسوع،

خذ لساني: إجعله ينطق بما تشاء وتريد، واجعل سكوتي كلاماً معك!

خذ أذنيّ: إجعلهما تصغيان الى صوت الواجب، والى صوتك وحدك يا يسوع!

خذ عينيّ: إجعلهما تشخصان الى رؤيتك في اي محيا كان، واي شغل كان.

خذ يديّ ورجليّ: إمنحهما الرشاقة وخصصهما لخدمتك، ولتُنفِّذا كل رغباتك!

خذ فكري: أنِره بنورك الساطع!

خذ قلبي: إجعله عرشاً لحبك وراحتك!

 

مؤسساته

أبونا يعقوب الذي لم تفارقه آلام المتألمين وقد رأى فيهم صورة المسيح الحي على الصليب، شمّر عن ساعديه ليضمّهم في حنايا مؤسساته:

- مستشفى الصليب للامراض العقلية والنفسية (1930)

- مستشفى دير القمر للفتيات المعاقات (1933)

- دير سيدة البير - بيت لاستقبال

-المؤتمرات والرياضات الروحية (1941)

- مستشفى السيدة للامراض المزمنة (1946)

- مستشفى مار يوسف - المركز الطبي ريمون وعايدة نجار (1949)

- دار المسيح الملك للكاهن المريض والعاجز (1950)

- مدرسة برمانا للفتيات اليتيمات والحالات الاجتماعية (1950)

- مدرسة فال پار جاك (1919) وغيرها من المؤسسات التي انشئت بعد وفاته في لبنان وبلاد الانتشار.

 

من برنامج الاحتفالات التحضيرية لتطويب أبونا يعقوب:

الاحد 15 حزيران الساعة السادسة مساء: قداس يترأسه سيادة المطران أنطوان نبيل العنداري في دير الصليب، ورتبة تبريك أيقونات الطوباوي وذخائره التي توزع حصراً على العائلات المشاركة في القداس.

الاثنين 16 حزيران السادسة صباحاً: المباشرة بتقدمة ساعات صلاة متواصلة ليلاً ونهاراً في منازل أبناء الرعية لغاية السادسة من صباح السبت 21 حزيران. أما عند السادسة مساء، فالانطلاق من بيت أبونا يعقوب بالشعلة الى دير مار أنطونيوس، وقداس حسب الطقس السرياني. ترافق الموسيقى المسيرة.

الثلاثاء 17 حزيران السادسة مساء: قداس ماروني في الرعية، وعرض فني لتلامذة مدرسة راهبات الصليب على مسرح الحبشية، وفيلم وثائقي عن أبونا يعقوب.

الاربعاء 18 حزيران السادسة مساء: الانطلاق من بيت الابونا الى مار فرنسيس، وقداس حسب الطقس اللاتيني، وبرنامج تحييه الراهبات عن أبونا يعقوب.

الخميس 19 حزيران السادسة مساء: قداس يحييه كهنة المدرسة الاكليريكية وطلابها، ونشاط من وحي المناسبة.

الجمعة 20 حزيران السادسة مساء: الانطلاق من بيت أبونا يعقوب الى كنيسة الرعية، وقداس حسب الطقس الملكي (روم كاثوليك).

السبت 21 حزيران السادسة صباحاً: اختتام ساعات الصلاة. وبين العاشرة والثانية عشرة ظهراً سجود في بيت أبونا يعقوب لأصدقاء القربان. أما الخامسة مساء، فمسيرة صلاة من بيت أبونا يعقوب الى دير الصليب. والتاسعة مساء قداس ينقل مباشرة عبر وسائل الاعلام من الرعية ودير الصليب، وإضاءة شرفات المنازل بالشموع.

الاحد 22 حزيران الساعة 12 ظهراً: قرع اجراس الكنائس.

يوم الاحد 6 تموز إزاحة الستار عن نصب الطوباوي في ساحة سوق الجامع في دير القمر. والاحد 13 تموز رسيتال لعائلة حداد على مسرح ثانوية مار الياس للراهبات الأنطونيات، وقداس شكر للأبرشية في كنيسة الرعية، وقداس آخر لتلامذة القربانة الاولى من كل رعايا الابرشية.

 

 

الله يراني

"الله يراني" هيك كنت تقول

والسما تفتح الك بواب خلف بواب

تحمل بإيدك مسبحة وكمشة تراب

إبن الأرز إنت من أرض لبنان

خيو لشربل، خيها لرفقا

خي نعمة الله إنت يا اسطفان

....

سماع صرختنا

مساح دمعتنا

دخلك يا اسطفان

شفي جرحتنا

....

زيح عنا الهم يا خيي البتول

مرض غرز بالدم، اسمو ما فينا نقول

شفينا، شفينا من هالوجع يا اسطفان

....

بإيدك حامل مطرح القربان

تراب، مقص، مخل والمساس

صارت الحقلة تحت إيدك مذبح القداس

حط فوقو عيالنا وأولادنا

بيوتنا وبلادنا

هات إيدك مد وشفينا

مرضى نحنا وكلنا أوجاع

سماع منا يا خيي سماع

سماع صرختنا

مساح دمعنا

دخلك يا اسطفان.

 

كلمات البروفسور الأب يوسف مونس

أداء: جومانا مدور

 

بونا يعقوب

عاري القدمين على الدرب تسير

ولهيب الله في القلب الكبير

طيف عليه الحبل يلتف والثوب الفقير

أنت بيننا يعقوب للحب أمير

تحمل الجرح بلسم عطف وشفاء

تزرع الأرض حضورًا من سماء

نسمة لطف أنت للصم للقطاء

للبكم للعرج لمن تشوه للتعساء

في جحيم القهر أو قعر البكاء

نرفع الأيدي نصلّي نصرخ بالدعاء

يا صليب الرب يا حبيب القلب

اشفع بنا واستمع منا النداء.

 

كلمات البروفسور الأب يوسف مونس

أداء: عبير نعمه

 

 البطريرك صفير ترأس قداسا في الذكرى ال50 لوفاة الاب كبوشي: الموت لم يمنعه من مواصلة رسالته وما نذر حياته له يتواصل من بعده على يد الجمعية الرهبانية التي أسسها

وطنية - 15/9/2005 (متفرقات) ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، مساء اليوم، القداس الالهي في باحة دير الصليب في جل الديب - بقنايا، في اختتام الذكرى الخمسين لوفاة المكرم الاب يعقوب الحداد الكبوشي، والسنة اليوبيلية الماسية لتأسيس جمعية راهبات الصليب، عاونه المطرانان رولان أبو جودة ويوسف بشارة ولفيف من الكهنة، وخدمت القداس جوقة راهبات الصليب. واقتصر الحضور على الاكليريكيين فقط في مقدمهم: المطران سليم غزال ممثلا بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، المطران ربولا انطوان بيلوني ممثلا بطريرك السريان الكاثوليك عبد الاحد، المطران ميشال قصارجي ممثلا بطريرك الكلدان دلي، المطران جان كيروز ممثلا بطريرك الارمن الكاثوليك نرسيس بدروس، البطريرك السابق للارمن الكاثوليك يوحنا بطرس كسباريان، المطران الياس نجم ممثلا بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم، المطران متى شمعون ممثلا البطريرك زكا الاول عيواص، المطران كيغام خاتشريان ممثلا بطريرك الارمن الارثوذكس آرام الاول كيشيشيان. كما حضر سكرتير السفارة البابوية فيس فالداس ممثلا السفير البابوي في لبنان لويجي غاتي، مطارنة الطائفة المارونية وعدد من مطارنة الطوائف الاخرى، والرئيسة العامة لراهبات الصليب الام ماري مخلوف، الرؤساء العامون، الرئيسات العامات للرهبانيات اللبنانية وعدد كبير من الكهنة والرهبان والراهبات.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك صفير عظة جاء فيها: "أتينا لنختتم السنة اليوبيلية المنصرمة التي كرستها بناتنا راهبات دير الصليب للصلاة، والتأمل، ومواصلة اعمال الخير والرحمة، في مؤسساتهن التربوية والاجتماعية والاستشفائية. وكانت هذه السنة بالنسبة إليهن، سنة افاض الله عليهن فيها من نوره الالهي ما يقوي عزيمتهن على المضي قدما في اعمالهن الانسانية. وهي قد اصبحت معروفة، ولا حاجة الى من يعرف بها. واستعدن بالفكر والذاكرة السنوات الخمس والسبعين، التي انقضت على تأسيس جمعيتهن على يد الأب يعقوب الكبوشي الغزيري اللبناني المكرم الذي انقضى نصف قرن على عودته الى البيت الذي لم تصنعه ايدي بشر، على حد قول بولس الرسول". أضاف: "أتينا الليلة لنرفع معهن ايات الشكر لله على ما مكنهن من القيام به من اعمال انسانية مبرورة. ولنصلي معهن ليحقق الله امنيتهن بإعلان مؤسسهن الاب يعقوب المكرم قديسا على مذابح الكنيسة الكاثوليكية.

واذا كانت جمعيتهن قد انتشرت وازدهرت، على الرغم من قلة الوسائل البشرية التي بين ايديها، فلان الاب يعقوب يواكبها من عليائه، ويشفع بها لدى الله، ويمدها بالمساعدة، على غرار ما كان يفعل يوم كان يشرف على مقدراتها. وهو يعيش معها يوما بيوم، أفليس هذا ما اكده للرئيسة العامة الام ماري عبدة المصلوب زغيب، عندما حضرته الوفاة بقوله: "انني سانتقل الى السماء، ولا ازال اعاونك.

فلا تخافي، اوصيك بالراهبات". وتابع البطريرك صفير: "أبونا يعقوب عاش حرا ومات حرا، لانه وضع موضوع العمل قول السيد المسيح: "ان يحرركم الابن تكونوا احرارا حقا". لقد عاش حرا من اثقال الدنيا، فلم يغر بأباطيلها، ولا شغف بترهاتها. دخل الرهبانية الفرنسيسكانية الكبوشية، ووضع يده على المحراث، لم يعد يلتفت إلى الوراء، عملا بقول السيد المسيح: "ما من أحد يضع يده على المحراث، ويلتفت الى الوراء، يصلح لملكوت الله". ولم يسع وراء المال، وكان في أمس الحاجة اليه، فأتاه طائعا صاغرا، من دون ان ينتظره، ومن دون ان يدري كيف، أو من أين أتى. وهكذا استطاع ان يطلق مشاريعه العديدة في جانب المهمشين والمهملين والمنبوذين، من الناس. وذهب افكاره اول ما ذهبت الى "تأسيس جمعية رهبانية نسائية تعاونه المنضويات اليها في ما كان يفكر به من مشاريع انسانية، وحقق الله أمنيته، فبدأ مشروعه حبة خردل مع مجموعة صغيرة من الفتيات الثالثيات عهد بتنشئتهن الى الراهبات الفرنسيسكانيات ".

واذا بهذه الرهبانية تنمو وتكبر وتورق أغصانها، وتمتد الى مختلف المناطق اللبنانية، والى بعض ما حول لبنان من بلدان، وهي اليوم في بيروت وبعض مناطق الجبل، وبلداته، وقراه، وفي مصر وروما. ولها مدارس، ومشاغل يديوية، ومستشفيات، وأبرزها: مستشفى دير الصليب للمعاقين عقليا، ومستشفى مار يوسف في بيروت، وهو من أحدث المستشفيات، ومأوى للمتخلفين جسميا وعقليا في دير القمر".

وقال البطريرك صفير: "عاش ابونا يعقوب حرا، فكان يجوب المدن والقرى، سيرا على الاقدام ليهتم بالفئة المحتاجة الى مساعدته من الناس، واذا كان قد اطلق ما اطلق من مشاريع انسانية، فلانه اراد ان يتمثل بالسيد المسيح الذي كان يطعم آلاف الجياع من بضع خبزات، وقليل من السمك، ثم يحدثهم عن ملكوت الله. وهذا ما فعله أبونا يعقوب. وكان اسلوبه في نقل كلام الله الى سامعيه مشوقا، لانه بسيط، يسهل فهمه على الكبار والضغار، وقد ترك مخطوطات كثيرة في هذا المجال تقدر بثمانية الاف صفحة مكتوبة بخط يده، لم تنشر بعد بالطبع. وكان يترك لسانه يتكلم من فيض قلبه، تطبيقا لقول السيد المسيح: "الفم يتكلم من فيض القلب". وقد ترك اثرا كتابيا لا بأس به دار حول سيرة القديس فرنسيس الاسيزي، والتراتيل الدينية للنفوس المسيحية ورواية بعنوان اسرار الميلاد، واخرى عن ارتفاع الصليب، ورياضيتين لدرب الصليب في يوم الجمعة العظيمة". وتابع: "عاش حرا ومات حرا، لقد اراد ان يكون الرسول المجهول، لكن ما قام به في حال حياته اكسبه شهرة واسعة، وتقديرا كبيرا فحضنه رجال الدين والدنيا بتقدير كبير، وقلدوه الاوسمة لرفعية، لكن وسامه الاكبر كان صليب المسيح الذي حمله حتى لفظ انفاسه الاخيرة. لقد مات برائحة القداسة.

وهذه دعوى تطويبه تقطع الشوط الاول، فأصبح مكرما، بانتظار ان يعلن طوباويا فقديسا. وان ما نذر حياته له، يتواصل من بعده على يد الجمعية الرهبانية التي اسسها، وأوكل اليها اتمام رسالته في جانب البشرية المتألمة. أجل، إن الموت لم يمنعه من مواصلة رسالته، التي ازدادت فاعلية. ان روحه، روح التجرد، والعطف على الفقراء، والاخذ بيد الضعفاء، لا تزال تهدي بنات جمعيته في ما يقمن به من اعمال الانسانية في المؤسسات التي يتولين ادارتها". وختم البطريرك صفير كلمته بالقول: "انا، اذ نهنئهن بهذا اليوبيل، الذي نأمل ان يثمر في اديارهن ثمار التقوى والقداسة، والمزيد من التضحية في سبيل البشرية المتألمة، نسأل الله، بشفاعة والدته البتول، ان يغمرهن بنعمهالالهية، ويزيدهن اندفاعا في خدمة من كرسن حياتهن لهم من مرضى ومعاقين وفقراء، وان يجزيهن خير جزاء بتسهيل السير في دعوى تطويب مؤسسهن الاب المكرم يعقوب الحداد، وان يشملهن دائما برضاه وبركاته".

وكانت الام ماري مخلوف القت كلمة قبل القداس قالت فيها: "إنها حقا لمناسبة في العمر فريدة، ونعمة من الله أكيدة، أن يتاح لنا، نحن راهبات الصليب، الاحتفال هذه السنة بيوبيلين معا، ذهبي لوفاة مؤسسنا المكرم أبونا يعقوب الحداد الكبوشي، وماسي لتأسيس جمعيتنا. وإنها، أيضا، لمناسبة في العمر فريدة، ونعمة من الله أكيدة، أن نختتم هذين اليوبيلين باحتفال كنسي إفخرستي مهيب، في حضور ومشاركة أكبر عدد من رعاتنا أصحاب الغبطة والسيادة، وآبائنا الكهنة والإكليروس، وإخوتنا الرهبان، وأخواتنا الراهبات، حول مذبح الرب، في وليمة عرس الحمل. من أين لي أن أقف أمامكم، باسم جمعيتي، جمعية راهبات الصليب، أرحب بكم جميعا هنا في ديرنا الأم، دير الصليب، وفي عيدنا الكبير، عيد الصليب، وأشكركم على تلبيتكم لدعوتنا الغالية، وأتمنى لكم حياة نعمة ورسالة قداسة، وأطلب أيضا دعاءكم وصلاتكم من أجلنا".

أضافت: "لقاؤنا اليوم هو مشاركة في النعمة التي أعطيت لأبينا يعقوب، الذي أحب الحياة المكرسة في الرهبنة والكهنوت، ولبى نداء الرب بسخاء، مستفيدا مما يحدث له وأمامه. لقد ظهر ذلك بوضوح في أثناء إقامته في مصر في الإسكندرية، وهو في الثامنة عشرة من عمره. هناك تأثر بحدثين: الأول وفاة كاهن فرنسيسكاني فاضل، جعله يقرر في نفسه: "أنا سأكون كاهنا؛ مات كاهن وولد آخر!"؛ وكان الحدث الثاني لقاءه مع كاهن مسكين يعيش حياة مشككة، فقرر أبونا أيضا في نفسه: "سأكون كاهنا صالحا!". وهكذا، فور عودته من الإسكندرية إلى لبنان، لم يتردد في الدخول إلى دير خاشبو للآباء الكبوشيين آنذاك. ونسمعه في حديث مسجل بصوته، في أواخر حياته، وهو يستعيد ذكرياته الأولى، قائلا: "تأكدوا أنه من حين فتحوا لي الباب، بعدما دقيت الجرس، ودخلت إلى بهو الدير، قلت: يا إلهي، دخلت حي ما بطلع إلا ميت".

ولفتت إلى أنه "فور سيامته الكهنوتية، وبناء على محبته الشديدة للشبيبة، وكلت إليه إدارة المدارس التابعة للرهبانية، فاعتمد أسلوبا جديدا، وهو نشر المدارس الصغيرة الابتدائية في كل البلاد، عوضا عن المدارس المركزية الكبيرة، مستعينا بخوارنة الرعايا والمعلمين والمعلمات في كل ضيعة. وكان منهجه التربوي مركزا على البيت والمدرسة والكنيسة، وقد عبر عنه بطريقته الخاصة

فقال: "إن الإنسان يلزمه ثلاث طاولات: الأولى في البيت، وهي تحمل الخبز والأطعمة، يعدها الأب والأم. والثانية في المدرسة، وهي تحمل الكتب وآلات الدرس، يعدها المعلم والمعلمة. والثالثة في الكنيسة، وهي تحمل القربان الأقدس، يعدها الكاهن". أما محبته الكبرى لرسالة المسيحيين العلمانيين في المجتمع البشري، فدفعته إلى تأسيس الرهبانية الثالثة للعلمانيين، على خطى أبيه مار فرنسيس، فنمت وتنامت حتى عمت لبنان بأسره، ورأى فيها تحقيق مثل حبة الخردل في الإنجيل، ففرح بثمارها وعطاءاتها. ويبقى أبونا يعقوب أبدا الراهب والكاهن الصديق للفقراء. وكانت محبته لهم فيضا من قلب تكرس لله وشغف بحبه. فانحنى على الكهنة العاجزين، والمرضى، والمهمشين، والضائعين والغرباء عن أنفسهم، ففتح لهم قلبه وأسس لأجلهم جمعية راهبات الصليب، لقناعته بأنه: "حيث حلت رهبنة، وجدت البركة"، وهذه البركة مستمرة من خلال عمل الله على يد راهباته، لأن الخلفاء الحقيقيين للمرء، ليسوا أولئك الذين هم من صلبه، بل أولئك الذين يواصلون عمله ورسالته".

وتابعت: "لكم تميز أبونا بعنايته الشديدة بعظاته الروحية، فكان يكتبها بخط يده، مستندا على حد قوله: "على كلام الإنجيل، كلام القديسين والكنيسة، وحوادث ذكرها". ويقول الأب الحبيس يوحنا الخوند المنكب على تظهير روحانية أبونا يعقوب من خلال مخطوطاته، إنه استشهد بكل الكتب المقدسة بدون استثناء، وحتى بكل الفصول من كل كتاب، فصح به القول، كما جاء في دعوة حزقيال النبي، ودعوة كاتب سفر الرؤيا: "أخذت الكتاب وابتلعته" (1./1.). حفظ أبونا كلام الرب في قلبه، كما فعلت العذراء مريم، والآباء الأبرار، والقديسون، وتبحر في كلام الرب، واستوعبه متأملا فيه مطولا، حتى أصبح الكتاب المقدس جزءا من كيانه المسيحي والرهباني والكهنوتي والرسولي. فظهرت الآيات المقدسة كلها من نسيج فكره الروحاني، وأضحى لنا بذلك مثلا كبيرا نقتدي به". وختمت كلمتها بالقول: "من هنا، كانت دعوتنا هذه لكم شخصيا وجماعيا، أنتم إكليروس لبنان ورهبانه وراهباته، على اختلاف طوائفنا المسيحية، ليكون احتفالنا الإفخرستي اليوم في اختتام اليوبيل، وقبيل اختتام السنة الإفخرستية، احتفالا، أيضا، مسكونيا رائعا، تحقيقا لأمنية قلب أبونا المكرم، فيبقى شعاره شعار كل كاهن حاضر معنا هنا وغائب: "يا إخوتي الكهنة، إزرعوا قربانا، واحصدوا قديسين". أعطانا الرب بصلواتكم أن نراه عن قريب طوباويا مرفوعا على مذابح البيعة، لمجد الله الأعظم، وقدوة للكهنة والمكرسين والمؤمنين، وهديا للعالمين".

 

أبونا يعقوب

بقلم ميشال هليّل     

لم يكن ابونا يعقوب عالما مع انه ارشد الكثيرين، ولا كان كاهنا مع انه ادهش المؤمنين، ولا كان بارعا مع ان اعماله لا تعد، لقد كان شيئا آخر لم يحصله بالعلم، ولم يبلغه بالكهنوت، ولا ناله بالاعمال، شيئا جعل قامته الصغيرة تعلو قليلا لتلامس الغيم، وصوته العميق يزهو برقة ليسكن الريح، ووجهه الاصفر يضيء، ليحرك الشمس وهو ابن الشمس.

ابونا يعقوب كان رجل الصليب، بل رجل كل الصلبان، كما كان صورة القديس، بل صورة كل القديسين، فاذا مشى رأينا اندفاع بطرس، واذا وعظ سمعنا حكمة بولس، واذا عطف ظهر حنان يعقوب، وكان ايضا ديرا متجولا يعج بالرهبان، يطوف بين الضعفاء والفقراء والمعذبين، ليرفعهم مثل قرابين، معلما كالحرديني، مصليا مثل شربل، معانيا مثل رفقا، ويظنونه لقلقه يشابه المطارنة او يقارب المجانين، وهو كان الاثنين، مطرانا لا بالثوب انما بجسمه المجرح الدامي، ومجنونا لا بالعقل انما بقلب خطفه المسيح.

وكان ابونا يعقوب متسولا، يبسط يده للناس، ليضعوا فيها الصلبان، فيجمعها وينشرها ثم يمدها مثل جسور، ويعبرون، جسورهم على القياس فمن احتاج خطوة اعطاه خطوات، ومن اراد دفعا زوده الصلاة، ومن هرب من الصليب وخاف، كان جسده جسرا الى السماء.

مزعج ابونا يعقوب، يضايقنا في كل شيء، لانه لا يشبهنا بشيء، لا بوجهه العتيق، ولا بثوبه السميك، لا بتجرده ولا بتغربه، لا بفقره ولا بعطره، ولا بابتعاده المحول المحير، يضايقنا اذا حكى ويضايقنا اذا سكت، اذا اختفى واذا ظهر، اذا نجح واذا فشل، انه يسبب الاحراج للجميع، للكهنة وللعلمانيين، للمسيحيين ولغير المسيحيين، للبنانيين ولكل العالم، لانه لم يكن من العالم، كأنه اتى مخالفا للوجود، لا ليحيا ولا ليرقى، انما ليموت، دافنا نفسه وهو حي، ساحقا ذاته من دون رحمة، ملقيا على جسده التراب، لتزهر سائر الاجساد، اجساد صارت لها جذور، جذورها ابونا يعقوب.

اشتراكي هو أم أمميّ؟ يساري أم يميني؟ هل هو الراهب الأحمر ام البنيّ ام الاسود؟ انه راهب كل الالوان، قوس قزح الرهبان، يحضر مع كل خيط يظهر مع كل نور، وكلما صفَت الدنيا كان هو في النسيم، وكلما عصفت كان في المطر، وكلما غطى تلالنا الضباب، كان فوق التلال، يسير او يطير، حاملا الصليب، رافعا كأس حبيبه. ونحن فيما نبتهج او نحتفل يكون هو هناك في غير احتفال، يستقبل واحدا من المهمشين، ترك على الطريق، ترك مثل المسيح، بلا اسم وبلا وجه، بلا مال وبلا شأن، واحد مجهول، احبه ابونا يعقوب، وضمه اليه، وقبّل يديه، وعند قدميه المتسختين المهترئتين اقام مذبحا ليصلي.

ابونا يعقوب، يعقوب الصغير، يعقوب الصليب، هو الذي قال انه دخل الدير حيا ولن يخرج منه الا ميتا، خرج قديسا، ليعيد لنا كل حقوقنا، وكل وجودنا، ويدخل كل دير ويسكن كل بيت، ويجعل كل قلب قصرا ليسوع، يسوع الملك، قاهر الملوك، قاصد القلوب، قائد ابونا يعقوب.

 

Abouna Yaacoub

Birth and Origins

Lebanon - Khalil (Venerable “Abouna Yaacoub”) was born on February, 1, 1875 in the village of Ghazir from a father named Boutros Saleh El-Haddad and a mother called Shams Yoakim El-Haddad, both very pious and attached to Christian virtues. “Abuna Yaacoub” says:

My mother taught me:
"Do everything and bear everything for the love of God";
"My son, in tough times, pray with your mother’s rosary";
"My faith is that of Peter".

My father taught me to have:
Realism, integrity of opinion, along with a sense of humor and some determination.

His Childhood

Khalil was baptized at the Church of Our Lady of Habshieh on February, 21, 1875. He grew up in his village Ghazir and went to the parish school Saint Francis. Then he moved to the Saint Louis School known as the “Mzar” School. Afterwards, he joined the “La Sagesse” School in Beirut from which he graduated in 1891. He was a very brilliant pupil who was known for his piety and love for the Virgin Mary.

He traveled to Alexandria in 1892 where he worked as a teacher in order to assist his parents in raising his brothers and sisters. He was an excellent instructor teaching his students virtues and knowledge, and a pious young man who worshiped and meditated on the life of Jesus Christ. There, he heard a voice telling him to leave the world, hold the cross and follow the Christ. So he said: "I shall be a priest".
When he came back to Ghazir, he prayed and strived to convince his father of his Capuchin monastic call when his wish was answered and he entered the Saint Anthony Convent of the Capuchin Fathers in Khashbau on August, 25, 1893. There, he was quoted as saying: "I came in alive and I will only come out dead".
He remained in the Capuchin Seminary eight months during which he worked in the garden of the monastery, taking Jesus of Nazareth as an example, showing a tendency to monastic life with the related virtues of poverty, chastity and obedience, showing proof of a pure call for monasticism, filled with the love of service and prayer.

The Novitiate

He entered the stage of monastic novitiate while he was still at the Khashbau Monastery to learn the track of monastic life and its requirements of striving towards perfection and virtues. On March, 26, 1894, he was given the robe of novitiate and the name of Brother Jacob.

Brother Jacob the Capuchin lived the novitiate with great conviction and idealism. He became a good example in all his attitudes, surrendering to the Providence and responding to the will of his superiors with much obedience, joy, patience and morality, always taking as an example "Anyone who put his hand to the plough and then keeps looking back is of no use to the Kingdom of God" (Lk 9/62). Each time he felt difficulty or pain, he took refuge in the Cross, taking the sanctity of his father Saint Francis of Assisi as an example, using the virtues of the latter to add to his joy in the monastic life, the life of the Cross and the sanctity.

The monks voted unanimously for the qualification of Brother Jacob for receiving the vows. On April, 14, 1895, he took the simple vow; three years later, he took the permanent vows on April, 24, 1898.

His Priesthood

Brother Jacob was transferred to the Krey Monastery to continue his priestly studies that he had started at the Saint Anthony Convent in Khashbau. He was looking forward to reaching the day when he would be celebrating the mass for the first time: "Lord, Please allow me to celebrate the Holy Sacrifice only once and then afterwards, if You decide to take me, I will accept with consolation and happiness".

He was ordained apostolic deacon (1899), and evangelical deacon (1900) and on November, 1, 1901, he was ordained priest by the Apostolic Nuncio in Lebanon and Syria, Monsignor Duval, the French Dominican friar. He had his first mass at the Saint Louis Church in Beirut (Bab Idriss).
He came to his village Ghazir to celebrate his second mass at the Saint Francis altar, as a rewarding gesture for his parents, brothers and sisters and the people of his village.

Apostle of the People

“Abouna Yaacoub” lived at the Beirut Monastery (Bab Idriss) where he worked with seriousness, dynamism and enthusiastic zeal. He got the appreciation of his superior for his efforts in serving God, so the latter oriented him towards missionary work. Then “Abouna Yaacoub” went on building primary schools for boys and girls in the villages of Lebanon for which he chose good teachers worthy of such a noble mission.

“Abouna Yaacoub” used to look after his schools himself; he used to visit them on foot to check their affairs indifferent to pain and tiredness. Moved by his fatherly apostolic love, he took care of the preparation for the first communion and taught the children personally how to be prepared to receive the Eucharist. His contemporaries testify that he used to hold spiritual festivals and sacred processions of the Host or the Virgin Mary’s icon. He used to take his students and the Tertiaries on pilgrimage visits to the Virgin Mary’s sanctuaries especially that of Our Lady of Lebanon.
Besides the school projects, “Abouna Yaacoub” established the Third Order for men and women just like his father Saint Francis. He spread its principles and rules in cities and villages in 1906. He trained its members with spiritual retreats, preaching and guidance; visiting them on foot from one village to another, in order to meet the members and incite them to be the good example through behavior, attitude and prayer. This is what ensured the spread, permanence and continuity of the Third Order. He wanted them to be new apostles of the Church of Christ and leaven in the Lebanese communities.

Today this Third Order is still spreading in our villages and cities, well protected by the sanctity and prayers of its Founder, managed by an elite group of lay people known for their piety, prayers and faithfulness and taken care of by the Capuchin friars.

“Abouna Yaacoub’s” missionary concern was not restricted to his country but it was also about Palestine, Syria and Baghdad. In addition, he was always looking forward to visiting holy places in France and Italy, so his superiors helped him go to France, then to Rome where he had the chance to meet His Holiness, Pope Pius X in 1910.

In 1914, World War I started and his friends, the French priests, had to leave Lebanon so he was entrusted by his superior Father Jerome with the spiritual and material affairs of the mission, including those of the convents of the European nuns. During that fierce war, “Abouna Yaacoub” was subjected to many dangers to his life but God was always there protecting him from any danger and delivering him from every evil.

Apostle of Mercy in the Kingdom of the Cross

“Abouna Yaacoub” had the dream of raising a giant Cross on one of the hills of Lebanon, because he had seen the disasters and tragedies that had affected Lebanon during the war when thousands died of hunger, were hung or exiled without a Cross being raised on their tombs. He wanted that place to become an assembly place for the Tertiaries to pray for the souls of those who died during the war and for the emigrants.

As he was looking for a place to raise the Cross, he was attracted by a hill in Jall-Eddib that used to be called “hill of the djinns”. So he bought that hill, not without difficulties, on August, 25, 1919 and he went on realizing the project relying on the Providence and “widow’s cent”. “Abouna Yaacoub” waited for the visit of the Superior General of the Capuchin Order, Father Joseph Persisto, to erect the corner stone and bless the project; it was on January, 19, 1921. And the edifice grew, the Church was finished first, so it was given the name of Our Lady of the Sea and was inaugurated on May, 3, 1923 in presence of a big number of Tertiaries. In it they put a statue of the Virgin Mary holding little Jesus and a passengers’ boat at her feet. Finally, on the west side of the Church a big Cross was raised and the dream was realized, the dream of “Abouna Yaacoub”.

He believed that the priest is God’s ambassador or minister on Earth. Therefore, and after the inauguration, he received on October, 4, 1926, the first priest he found abandoned and left alone in one of those hospitals to give him the opportunity to finish his life with dignity in prayer and sanctity. That priest was followed afterwards by other priests, patients and disabled persons from different religions and confessions. The place became too small so he opened other centers for them. At that time, “Abouna Yaacoub” really felt, deep in his heart, the dire need to establish a monastic order that would take care of those sick priests. So he initiated his big project relying on the Providence with a small group of tertiary girls whom he entrusted to the Franciscan Nuns of “Lons le Saunier” to teach. They would later on become the Congregation of the Lebanese Franciscan Sisters of the Cross.

“Abouna Yaacoub” and the Personalities of Lebanon

Due to his so many building activities and projects, he had to be acquainted with the consecutive governments and the personalities of Lebanon. The Convent of the Cross was visited by many personalities and officials, including the following:
President Emile Eddeh who granted him the palm medal of Lebanese merit (on January, 5, 1938); President Beshara El- Khoury who awarded him the golden medal of Lebanese merit (on June, 2, 1949) then the Lebanese cedars medal - officer degree (on November, 26, 1951); President Camille Chamoun who offered him, upon his death, the Lebanese golden cedars medal (in June 1954). While he always used to say: "My medal is the Cross".

Just as he was appreciated and honored by the presidents of the republic, as well as helped and supported by senior Lebanese personalities, including for instance Prime Minister Sami Es Solh, Minister Hikmat Joumblat, the Emir Majeed Arslane, Prime Minister Omar Daouk, he was appreciated worldwide; newspapers in Italy and Spain wrote about him praising the founding Father and his generous humanitarian projects.

“Abouna Yaacoub” and the Golden Jubilee of Priesthood

In 1951, “Abouna Yaacoub” celebrated fifty years of priestly life (1901). That year, the Convent of the Cross was transformed from an asylum to a hospital for mental and psychological diseases, after official recognition by the Lebanese government. The celebration was thus double and “Abouna Yaacoub” was given the Lebanese cedars medal.


“Abouna Yaacoub’s” Death

After a life full of continuous struggle, “Abouna Yaacoub” was finally struck by disease and sight shortage. When his friend Father Dupré Latour told him about his true health condition, he was happy because he was going to meet his father in heaven. When his condition deteriorated more, he said to the Superior General Mary of the Cross Zougheib who was tending him and taking care of him: "It is no longer necessary that you work much for me, my daughter, you did your best, let me now go and meet my Lord". He saw his death as going from one room to another, he said: "I will be in heaven and I will still help you … do not be afraid … I just ask you to take care of the Sisters". Then he gave the nuns his blessing and recommended to them love and obedience.

On Saturday morning, June 26, 1954, he said: "This is my last day". And he passed away holding the Cross of the Lord, the beloved, among the tears of the Sisters and prayers addressed to Jesus, Mary and Joseph. It was three o’clock in the afternoon.

“Abouna Yaacoub” lived eighty years of harvest, struggle and virtues, and he died with the calm and peace of the Saints.

His Funeral

The news of the death of “Abouna Yaacoub”, the Capuchin friar spread in Lebanon and the world. Everybody missed him and thousands went to the Convent of the Cross to take a blessing from him or to see him for the last time. On Sunday morning, June 27, mass was celebrated in presence of the representative of the Holy See, the Apostolic Nuncio Monsignor Beltrami. The funeral was attended by a mass of bishops, priests, monks and nuns, as well as delegations from the Third Order and believers. Prime minister, Speaker of the House, ministers, deputies, notables, holders of official and social positions. After the Gospel was read, Monsignor Boulos Akl, “Abouna Yaacoub’s” old friend and class companion made an oration that was appropriate to the personality of the deceased and that described all his qualities, values, kind acts and projects.

Moreover, the Superior General, Mother Mary of the Cross Zougheib received dozens of messages of condolences from those in Lebanon and abroad, all revealing the high position of the deceased, his sanctity, his virtues and the spread of his projects, including the letter by His Holiness, Pope Pius XII, the letter by Patriarch Antoine Arida, and words from President Beshara El-Khoury and General Fouad Shehab Commander in Chief of the Army. Also, newspapers and magazines displayed his actions and his personality with much loyalty and appreciation.

“Abouna Yaacoub” was buried near the altar at the new Church; where he had said: "This hole will cause problems to you". In fact, six months later, the Church authorities ordered that his body be transferred to a place away from the altar so that only the altar and the Host will be honored.
On April, 28, 1957, and in the presence of many spiritual and non spiritual personalities and masses of people who loved “Abouna Yaacoub”, a statue of him was raised in the middle of the kingdom of love, the city that was built on a mountain, so that he will remain its beacon. Then, in 1979, it was transferred to the entry of Jall-Eddib upon a demand made by the municipality.

Publications by “Abouna Yaacoub”

“Abouna Yaacoub” was interested in the written apostolic aspect of his mission; he believed in the effect of the word. In spite of his many occupations and the requirements of his multiple and urgent projects, he gave writing and publishing an important part of his precious time.
Among his publications
- The Friend of the Family magazine: He founded it in 1913 and continued publishing it till 1939. He collected twenty-six volumes of this magazine. He included in it research documents and valuable articles in which he treated the issues of the family, the society, the Church and the nation, in addition to original stories full of lessons and morals.
- The Life of Saint Francis of Assisi (translation into Arabic by one of the Capuchin missionaries – 1922).
- The Book of the Canticles for the Christians (fourth edition - 1954, fifth edition - 1992). He says in the introduction "…therefore, loyal to God and serving His faithful children, we wanted to put these canticles for every religious occasion, so that the believers can express their faith and their living feeling by chanting them in churches, while going for a walk, or when they are lonely".
- A play entitled: Mysteries of Christmas (1909).
- A booklet containing two spiritual exercises for the Stations of the Cross on Good Friday (25/3/1950).
- The story of the Raising of the Cross (1951).
- Also there are about 8000 handwritten pages that have not yet been collected in a book.

The Spirituality of “Abouna Yaacoub”

“Abouna Yaacoub’s” personality was much marked by relying on the Providence; he was even called "the man of Providence". His trust in Providence increased when he started the project of the Convent of the Cross and all that he received from his superior was his blessing; in fact, he contented himself with it considering it as an expression of God’s blessing. Hadn’t he been insistently pushed by his colleagues, he would not have written to a benefactress in France. When he received a letter from her containing one franc, he was really astonished and he said to himself: "I deserve it. God wanted to show me that He is the one and only benefactor for this project. Since then, I have put in Him alone my hope. To You God I ask and I am never disappointed… As for the famous franc, I have just kept it as a souvenir and as an unforgettable lesson". He often repeated: "The Providence helped me… God took care of me… God blessed my project… God’s Providence has no limit… How strange it is that everything grows at the foot of the Cross".

The Cross was indeed the sweetness of his heart and the breath of his soul. He was always calling for clearly making the sign of the Cross to get protection. He used to practice the exercise of the Stations of the Cross every day and he made it one of the Sisters’ regular prayers. On Good Friday, the believers gathered in the courtyard of the Convent of the Cross to participate with “Abouna Yaacoub” and the Sisters in the Stations of the Cross.

“Abouna Yaacoub” used to hold the Cross very willingly until it became his dear companion; he also implored his daughters the nuns not to fear it. He often repeated: "I myself have the Cross as a destiny", "one ounce of a Cross is much better than a ton of books of prayer", and maybe the dearest prayer to his heart was: "O Cross of the Lord, so dear to the heart".

He used to begin his day with meditation kneeling in front of the Host that he considered to be the source of his strength and his success. He was aspiring to honor it with the masses, and he so often addressed it saying: "How I would prefer to take you in procession throughout the streets rather than closing up on you in the tabernacle". This is why he was always using any feast or religious occasion in order to organize processions and adorations.
Very sad about the indifference of people towards the Host, he said: "The worst crime of our time is this moving away from the Host. Without the Host, our Church would be empty, cold and sad".

“Abouna Yaacoub” is a Marian apostle; he had for the Virgin Mary a very special love that marked all his life. He used to say: "Worshipping Mary, no matter how sacred, is only the door leading to Jesus. Mary is the means, Jesus is the end. Mary is the road, Jesus is the destination". He also says: "…the best way to guide women is through the example of Virgin Mary: she is a virgin and a mother". He used to crown his glorification of his pure Mother by saying the whole rosary every day.

From this faith in the Cross, the Host and the Mother of the Crucified, “Abouna Yaacoub” was filled with the love for God and for the neighbor. He followed the road of the mission and revealed great talents in the fields of preaching and mission. He was a pragmatic preacher speaking the right, targeting the souls, only using easy and simple words. We have so many examples of his preaching, in his handwriting. They all witness the care he gave and the serious interest he had in preparing each of his homilies, even if they contained repetition of subjects and ideas according to the frequent audience. Each homily contains something that astonishes the reader, even more so the listener, i.e. three other constant elements that he never could do without: verses, events and parables of the Bible, both Old and New Testaments; sayings and examples from the Fathers of the Church, the scholars of the spiritual and consecrated life, the saints; and stories, lessons and practical experiences of men of history or events from the contemporary daily life. We can assert that those three constant elements are contained in all his preaching and really constitute the major sources from which “Abouna Yaacoub” drew the essence of his special spirituality. After preaching, he used to spend many consecutive hours in the confessional to wash the souls and ease the consciences.

As for his mission, he was known as the Apostle of Lebanon of which he said: "Lebanon, the land of the fathers and ancestors, is a piece of heaven that fell from the sky to be a land for the Christ to walk on upon his advent. Therefore, the Christ blessed Lebanon the day he visited Tyre and Sidon and Lebanon became the real rock of faith and the pure source of love". “Abouna Yaacoub” aimed at strengthening faith in the hearts of his citizens, so he tried to achieve this with much determination through three major goals:
- The necessity to save the threatened faith: "Lebanon that now is planted with thousands of castles is growing more and more beautiful in appearance, while in the souls of its people, the faith of their ancestors is waning more and more".
- The need to save faith through the family: "Any awareness and educational action should include three main elements: the children, the mothers and the fathers".
- The necessity to create a group of Gospel witnesses: "This is the objective of spreading and consolidating the Third Order in Lebanon: to find lay witnesses for faith through a committed living of the Gospel".

“Abouna Yaacoub's” Legacy to his Daughters the Sisters of the Cross

Before his Death, at a Meeting with the Superior Generals and their Council
On May, 23, 1954, at the Convent of Our Lady of the Well:

How shall I leave you, my daughters? But never fear, God is with you.
My daughters , let your deeds always be worthy of your congregation;
Draw strength from your father's spirit and share it with your sisters.
My daughters, you and your quest for holiness are my only concern.
I wish you achieved perfection so I can rejoice for you.
Love one another; such is my legacy to you, and such is indeed the key
to your success and perseverance; if you love one another
and are at peace with one another, you shall not be defeated;
Each one of you must be ready to give up her life for her sister.

 
Vatican delegation beatifies Lebanese priest
Line of dignitaries on hand as thousands attend Beirut ceremony
By Anthony Elghossain
Daily Star staff
Monday, June 23, 2008
BEIRUT: Miraculous, perhaps. Tens of thousands of Lebanese gathered in Martyrs Square in Downtown Beirut on Sunday to witness the beatification of Yaaqoub Haddad, the late Capuchin priest who gained fame for his prolific work in founding an order of nuns, expanding the Capuchin school network and conceiving or establishing a number of religious and social institutions, some of which have gained iconic status in Lebanon.
Haddad, who died more than 50 years ago, took a step toward sainthood in the first beatification ever to take place outside the Vatican - and people flocked to the capital to observe the ceremony.
The service itself was presided over by a representative of Pope Benedict XVI, and the head of the Vatican's office for sainthood, Cardinal Jose Saraiva Martins, in tandem with Maronite Patriarch Nasrallah Butros Sfeir.
Attended by a litany of Eastern Christian prelates, other clerics, international envoys and local political figures, the event also included the Lebanese political troika of President Michel Sleiman, Speaker Nabih Berri and Prime Minister Fouad Siniora.
Thunderous applause greeted Sleiman as he arrived minutes before the Mass, and ovations were repeated many times during the ceremony, which bestowed one of the highest honors in the Christian tradition upon a Lebanese priest mere meters away from an Ottoman-era mosque in the heart of the capital. Indeed, while respectful or appreciative clapping often arose, the loudest rounds of applause came after "the nation" or the "Lebanese cedars" were mentioned in one context or another.
A procession of the cross was held before Western Catholic - Latinized - renditions of Syriac and Arabic Christian chants held the massive gathering rapt. As Cardinal Martins read out a message from the pope, "hoping that this beatification will lift Father Yaaqoub of Ghazir as a happy servant of the Lord," a white veil cloaking a portrait of the late priest was lifted, symbolizing recognition of Haddad's beatification.
"The righteous will shine like the sun in the kingdom of their father," the Maronite patriarch said as he took the pulpit, evoking reverent silence through the assembled thousands. "The hope of so many Lebanese was realized today - that hope was the raising of Father Yaaqoub's portrait above the altar of the Catholic Church."
Sfeir then outlined how Haddad "passed through the narrow door leading to sainthood," attributing the priest's ability to walk "the difficult road of a saintly life to three virtuous practices: surrender to the will of God, Christian modesty and the work of mercy."
"Father Yaaqoub would say that 'All God has given me belongs to Him and the poor of Lebanon," added Sfeir, in reference to his first point regarding the late pastor. "He built hospitals, schools and took care of the sick, yet he was a man of simple means - Father Yaaqoub put his trust in the grace of God."
Sfeir, describing the four "pillars of modesty" that characterized Haddad's life, again quoted the priest, saying: "Do not bestow virtue upon yourself that is not present within you; credit the Lord for that which is good in us; do not praise yourself in the presence of others; and do not count the shortcomings of those close to you in order to raise yourself."
With the sun beating down on the packed city center and with Lebanese girl scouts handing out hats and bottled water, the patriarch closed by attributing Yaaqoub's work of mercy to his love of mankind, saying that "the measure of love is to love without measure."
Applause and chatter followed Sfeir's sermon but soon gave way to quiet laced with anticipation as an orchestra and choir provided a powerful undercurrent for the placing of testimonials at the altar. Intermittent cheers rose from the crowd as a key to the city of Ghazir, a copy of the Capuchin statutes, the late monk's scapular and various other relics of Yaaqoub's life were presented, but in another display of a distinct nationalist bent, roars of approval met the presentation of a young cedar as a symbol of the expansion of Haddad-founded institutions throughout Lebanon and abroad.
Once communion had been received, Sister Mary Makhlouf, who heads the Sisters of the Cross order of nuns, a network founded by Father Yaaqoub, capped the ceremony in a speech touching upon the broader meaning of the day. In the shadow of Mohammad al-Amin Mosque, the nun spoke of "seeing Jesus in Father Yaaqoub, overcoming the divisions, barriers and [narrower] affiliations in the nation that is a humanistic message."
The sister continued, as the crowd met nearly her every word with an ovation, saying that "sainthood is not a restriction, but a good turn ... and can lead one to the message of salvation. It matters not who, where and how we are - we all need someone to love, to help and be helped by."
"This nation, whose concept was founded on the contact of cultures, must - no matter what the differences and difficulties facing us - serve as a model of coexistence," she said. "The 17 communities that form this country should be a source of wealth, rather than discord ... Lebanon should spread its wings like an eagle and shed light into the heart of darkness, as the sky is lit by the rising sun."
Sister Mary ended by expressing her hope that "the years spent for Lebanon and the Lebanese people in an appeal [to heaven] will be accepted, allowing Lebanon to remain."
A Step closer to sainthood

BEIRUT: The man who would become Abouna Yaaqoub Haddad Kabouchi - literally, Father Jacob Haddad the Capuchin - was born Khalil Haddad in the Kesrouan village of Ghazir in 1875. The young Haddad spent his childhood in Lebanon and Egypt before joining the seminary for theological studies at the age of 18, when he received the moniker "Brother Yaaqoub."
In 1998, a woman from the village of Maghdouche, about 5 kilometers southeast of Sidon, said Yaaqoub's spirit cured her of a malignant tumor. In 2007, Pope Benedict XVI officially attributed the miracle to the Lebanese priest.
Kabouchi was beatified on Sunday, making him one step closer to sainthood.
Beatification, which requires the recognition of one miracle, can be seen as allowing the Catholic faithful to pray to the soul in question for intercession, whereas canonization - the declaration of sainthood - makes obligatory a belief in the ability to intercede. - The Daily Star

Father Jacob Haddad Kabouchi venerated

Published: Sunday, 22 June, 2008 @ 7:46 PM in Beirut (GMT+2)
Beirut - Cardinal Jose Sarajeva Martinez on Sunday declared in the name of Pope Benedict XVI father Jacob Haddad Kabouchi venerated.
Kabouchi's beatification ceremony was held in downtown Beirut and attended by Lebanon's President Michel Suleiman, Parliament Speaker Nabih Berri and Premier-Designate Fouad Siniora.
Maronite Patriarch Nasrallah Sfeir also attended the ceremony, regarded a national event in Lebanon being the first of its kind.
Veneration
In Christianity, veneration (Latin veneratio), or veneration of saints, is a special act of honoring a saint: a dead person who has been identified as singular in the traditions of the religion, and through them honoring God who made them and in whose image they are made. It is practiced by the Eastern Orthodox Church, the Roman Catholic Church, and some members of the Anglican Communion, Veneration is often shown outwardly by respectfully bowing or making the sign of the cross before a saint's icon, relics, or statue. These items may also be kissed.
In Roman Catholic, Orthodox, and Anglo Catholic theology, veneration is a type of honor distinct from the worship due to God alone. Church theologians have long adopted the terms latria for the sacrificial worship due to God alone, and dulia for the veneration given to saints and icons. Catholic theology also includes the term hyperdulia for the type of veneration specifically paid to Mary, mother of Jesus, in Catholic tradition. This distinction is spelled out in the dogmatic conclusions of the Seventh Ecumenical Council (787), which also decreed that iconoclasm (forbidding icons and their veneration) is a heresy that amounts to a denial of the incarnation of Jesus.
Now, the Roman Catholic tradition has a well established philosophy for the veneration of the Virgin Mary via the field of Mariology with Pontifical schools such as the Marianum specifically devoted to this task
The Lebanese top leaders attended the ceremony . Lebanon's President Michel Suleiman with the First lady Mrs.Wafaa Suleiman( C) , Parliament Speaker Nabih Berri ( L) and Premier-Designate Fouad Siniora with Mrs Houda Siniora