مقابلة غنية بمضمونها مع انطوان مسرة الحقوقي والخبير في الدستور وعلم الاجتماع

مسرة حذر من "تيار مسيحي" يراهن على المتغيرات ويقامر باللبنانيين

وقال إن لبنان يواجه خطة سورية لجعل الحكم مستحيلاً لكنه أقوى من الثقافات الأخرى وقادر على "لبننة" كل شيء

 

 بيروت - علي أحمد: السياسة

14 كانون الأول 2007

 

الدكتور أنطوان مسرة اسم لامع في الحركة الثقافية والفكرية, ومعلم أساسي من معالم البناء الحقوقي-الدستوري في لبنان والمنطقة العربية. ألقابه متعددة بتعدد اهتماماته, وبكثرة صولاته وجولاته, فهو الحاضر الأكبر في البحوث والمؤتمرات والندوات التنموية والاجتماعية, الثقافية, القانونية, الدينية, والإصلاحية. هو عالم اجتماع راقب المجتمع اللبناني عن كثب واستخلص بدقة خصائص بنيته. وهو عالم دستوري درس الأنظمة ودرسها, وكتب عنها الكثير. وهو المنظر للديموقراطية وراعيها, نشر عنها أبحاثاً مطولة وغنية, ولم يكتف بالتنظير, بل أنشأ مرصداً للديموقراطية في لبنان.

 

يسمي الدكتور مسرة في مقابلته مع "السياسة" الأشياء بأسمائها فيقول أن ما يتعرض له لبنان الآن على خلفية الاستحقاق الرئاسي هو خطة سورية لجعل الحكم في هذا البلد مستحيلاً وذلك باستغلال التوازنات اللبنانية واللعب بالمفاهيم الدستورية والحقوقية, فإذا نجحت الخطة كان به, وإذا لم تنجح فالاغتيالات والإرهاب والعنف كلها موجودة لجر لبنان إلى المحور السوري-الإيراني.

 

 ويخشى مسرة على لبنان من خطرين أساسيين يتأتى الأول من الجغرافيا والثاني من الأنظمة المستبدة المحيطة به, ولكنه يجد الحل في "الانغزالية التقدمية", التي تحافظ على جوهر بلد الأرز ووحدته بالانعزال عن منافذ الخطر, هذا النموذج إذا نجح سيقدم خدمة للعرب والعالم.

 

ويخشى الدكتور مسرة من نشوء ثقافة أخرى لا تعترف بالدولة وتزج باسم الله عز وجل في كل كبيرة وصغيرة, ولكنه يراهن, على خطأ أو على صواب, على براغماتية "حزب الله", ويعتبر أن لبنان أقوى من كل الغزاة والثقافات "الأخرى", وأنه قادر في النهاية على لبننة كل شيء, إنه فخ. في المقابل يثور مسرة على تيار مسيحي (من دون أن يسميه) يراهن على متغيرات إقليمية ويقامر باللبنانيين وبالمسيحيين خصوصاً, في لعبة الصغار على ملعب الكبار, هذه المغامرة تعبر بالدرجة الأولى عن مراهقة سياسية وفكرية لهذا التيار. في وقت بلغ لبنان واللبنانيون سن الرشد منذ زمن بعيد, وتعلموا بالتجربة, أن الصغار لا يلعبون في ملاعب الكبار.

 

في السياسة المباشرة يراهن الدكتور مسرة على »ثورة« اللبنانيين في 14 فبراير 2005, وعلى الدعم الدولي غير المسبوق, لضمان رفع الوصاية السورية عن لبنان نهائياً, لقد تغير العالم بعد 11 سبتمبر 2001, ولم يعد أسلوب المناقصات الأمنية المفضل لدى النظام السوري مجدياً, كما أن المشروع الإيراني سيفشل في التمدد لأنه يحتذي النموذج السوفياتي الذي سقط شر سقوط.

 

تعطيل الحكم

* كيف تقرأ الاستحقاق الرئاسي اللبناني وفي أي سياق ستراتيجي يندرج?

- منذ خروج القوات السورية من لبنان كانت الخطة السورية هي جعل النظام السياسي اللبناني غير قابل للحكم من خلال عدة تقنيات ووسائل لأن الأنظمة المستبدة إزاء انتشار الفكر الديموقراطي وإيديولوجية حكم الإنسان طورت هي أيضاً تقنياتها في التلاعب بالديموقراطيات. وهذا ما حدث في لبنان حيث جرى التلاعب بالديموقراطية اللبنانية في سياقها "التوازني", لجعل حكم لبنان غير ممكن, وللتأكيد أن هذا البلد لا يمكن أن يكون مستقلاً وبحاجة دائمة إلى رعاية خارجية.

هذه الوسائل التعطيلية تمثلت في ابتداع مفاهيم ومصطلحات لا وجود لها في أي منظومة حقوقية. على سبيل المثال مفهوم التعطيل عبر ما يسمى الثلث المعطل الذي لا تجده في أي منظومة حقوقية في العالم. ومعلوم أن المنظومة الحقوقية هدفها تسهيل الحكم وليس تعطيله, وحتى في الشركات التجارية المساهمة هناك قوانين تحمي صغار المساهمين أو أقليات المساهمين, وثمة سياقات مختلفة لحمايتهم في مواجهة استئثار كبار المساهمين ولكن من دون تعطيل عمل الشركة وكذلك في الجمعيات أياً تكن طبيعتها, هناك مبدأ النصاب لعقد الاجتماعات وإجراء الانتخابات, ولكن إذا لم يتأمن النصاب في الجلسة الأولى والجلسة الثانية تنعقد الجمعية بمن حضر, كي لا يتعطل العمل في لبنان استخدام التعطيل على أنه حق وارد في الدستور وهذا غير صحيح, والكلمة غريبة عن أي مفهوم حقوقي.

كذلك استخدمت حجة أن النص غير واضح أو أن فيه التباساً ومعضلة, والواقع أنه لا توجد أية منظومة حقوقية فيها معضلة أو التباس, وإذا وجدت فإن القاضي مجبر على تفسير القانون, ومن الحالات النادرة التي يستطيع شخص ما مقاضاة القاضي, هي حين يمتنع هذا القاضي من إصدار حكم, بحجة عدم وجود نص, أو أن النص غير واضح. وهذه الحجة فتحت الباب على تغييرات وتأويلات غير واقعية للدستور اللبناني أطلق عليها غسان تويني بحق وصف "العصفورية الدستورية".

 

لغة انقلابية

ومن الوسائل المستخدمة ايضا تفسير مقدمة الدستور القائلة بأن "لا شرعية لأي حكم يناقض ميثاق العيش المشترك". ولكن من يفسر هذا النص? وهل نفسره بطريقة اعتباطية كما فعل رئيس الجمهورية السابق أميل لحود بإصداره "البلاغ رقم واحد", بالقول أن الحكومة مستقيلة? هذه عملية انقلابية بالمعنى الكامل للكلمة. وحتى لو افترضنا أن الحكومة فقدت الشرعية الميثاقية فهناك آلية لإعلان استقالة الحكومة. وهذه الآلية لم يحترمها رئيس الجمهورية, وهذا برأيي استغلال للتعددية اللبنانية.

كذلك استغلوا مفهوم التوافقية والتوافق. وأنا شخصياً من ابتدع هذه العبارة ولكن من خلال منظومة حقوقية, ولكن أقلعت عن استعمالها منذ 4 سنوات, ليس لأنها مخالفة للعلم الدستوري المقارن, بل لأنها تلوثت في الاستعمال المتداول.

جاء هذا المصطلح نتيجة دراسات وأبحاث قمنا بها منذ السبعينات وتناول العلم الدستوري المقارن الذي طور الأبحاث حول البنية السياسية المتعددة, ولكن وفق قواعد ومفاهيم حقوقية محددة أما في لبنان فجرى تفسير مفهوم المشاركة في الحكم, أي التوافقية, وكأنه نوع موحش من الأنظمة وخارج أي قاعدة حقوقية, بما يجعل اتخاذ القرار مستحيلاً. فمن يتفق مع من? وكيف نتفق?

كل منظومة دستورية لها آليات للبحث في ذلك. وكلمة توافقية واردة صراحة في المادة 65 من الدستور اللبناني ومعناها حصري جداً وواضح جداً, أي أنها نمط في اتخاذ القرارات بالأكثرية الموصوفة, أو المزدوجة في بعض الحالات, إذاً لا مجال لأي تفسيرات حول هذا الموضوع.

كل هذه المفاهيم اللاحقوقية واللادستورية هدف استخدامها هو تعطيل الحكم, وترادف ذلك مع مصطلحات وتعابير غريبة تماماً عن كل تراث لبنان السياسي, وحتى في أقسى ظروف الحرب, وبلغة أسوأ من كل المظاهر المسلحة التي ظهرت خلالها, وهي عبارات انقلابية مثل: "اقتلاع الحكومة", على طريقة الانقلاب العسكري, أو القول عن رئيس الحكومة أنه لن يجد الوقت "لململة أغراضه والرحيل عن السراي".

لم نسمع تعابير كهذه أثناء الحرب الأهلية بل على العكس فقد شاهدنا خلال سنواتها الخمس عشرة تقيداً ولو شكلياً بالآليات الدستورية, ونذكر أنه عندما حصلت مقاطعة بين رئيسي الجمهورية والحكومة كانت المراسيم تتجول بين القصرين لتوقيعها وتسهيل معاملات الناس, في ما عرف بالمراسيم الجوالة, وكانت الانتخابات الرئاسية تجري في مواعيدها. وكان الجميع يعتبرون الدستور مرجعية.

في كل قانون هناك قسمان, الأول هو مضمون الحق والثاني الآلية للوصول إليه. فلا يكفي أن يكون لدي الحق بل يجب إتباع الآلية السليمة للحصول على هذا الحق وليس اللجوء إلى آلية مبتكرة وقائمة على العنف مثلاً. واليوم بغض النظر عن مواقف الأطراف السياسية فإن ما يجري الآن هو ضرب للآلية الدستورية.

 

* ما تذكره هو تعبيرات عن الأزمة, وليس علتها, والنقاش الدستوري والقانوني هو واجهة لصراع سياسي في الحقيقة, ما هي أسس هذا الصراع?

- أسباب الصراع خارجية. أي أنه صراع إقليمي دولي من خلال تحالف إيراني-سوري يريد جر لبنان إلى محوره وجعله ساحة للاستخدام. الموضوع ليس لبنانياً. وعندما يلتقي اللبنانيون يستطيعون إقامة التوافق الداخلي, وقد شاركت في ثلاثة مؤتمرات حوارية في سويسرا شارك فيها ممثلون عن كل الأطراف, ولاحظ أحد المندوبين السويسريين أن المشاركين كانوا يتفاعلون في ما بينهم إنسانياً رغم الخلافات السياسية, وهذا يعني أن اللبناني قادر دائماً على مد الجسور مع الآخر, ولإدامة الحوار.

الخلافات الطائفية موجودة من دون أدنى شك, ولكن يمكن دائماً ترميم الجسور بين الطوائف والبحث عن حل, والمشكلة أن اللبنانيين هم اليوم رهينة في محور إقليمي يريد ضم لبنان, وقد أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ذلك صراحة.

فإضافة إلى وسائل تعطيل الحكم التي ذكرتها, أخذ المحور الإيراني-السوري في لبنان رهينة بواسطة وسائل إرهابية, وهو يريد ضمه بالإرهاب والعنف وليس بواسطة التفاوض أو التحالف, أو المعاهدات, فحصلت عمليات الاغتيال المتكررة وطالت زعامات معارضة لهذا المحور. وإذا نظرنا إلى فندق "فينيسيا" اليوم نتذكر ما جرى في بلدة بشامون في العام 1943 عندما اختبأت القيادات اللبنانية المنادية بالاستقلال خوفاً من بطش الانتداب. واليوم يختبئ النواب المنادون بالاستقلال الثاني في فندق خوفاً من الاغتيال والإرهاب.

أما الشهداء الذين تحمل إحدى أكبر ساحات بيروت أسماءهم, فإنهم أعدموا بقرار من جمال باشا السفاح أيام السلطنة العثمانية, والمفارقة أنهم أعدموا بأحكام موثقة وموقعة, وإن لم تكن عادلة, ولكن الذين اغتيلوا في لبنان في السنوات الثلاث الماضية, فلم تصدر بحقهم أية أحكام.

 

جذور المشكلة الداخلية

* ثمة من يقول أن اسباب الصراع هي في الأساس داخلية وهناك صراع حقيقي بين الطوائف أدى إلى أمرين: الأول أخذ لبنان رهينة من الخارج, والثاني تحول بلد الأرز إلى فيدرالية طوائف. ما رأيك?

- جذور المشكلة الطائفية عندنا تعود إلى السلطنة العثمانية وقانون الملل الذي أرسى ما يمكن وصفه بالفيدرالية الشخصية, وليس الفيدرالية الجغرافية. وقد تطرقت خلال مشاركتي في مؤتمر عن الفيدراليات في الهند خلال نوفمبر إلى هذه المسألة. وشرحت نظرية الفيدرالية الشخصية النابعة من التراث الدستوري العثماني, أي أنظمة الملل. ولبنان هو مثال نموذجي في هذا المضمار. وهنا أناقض كثيراً من المفكرين والباحثين وأقول إننا لم نقم بتشخيص مباشر للموضوع.

يواجه لبنان مشكلتين أساسيتين, المشكلة الأولى جغرافية, فهو يقع في أسوأ منطقة في العالم من منظور العلاقات الدولية, أي أنه يقع في جوار إسرائيل, وهي مشكلة عالمية تناقض النموذج اللبناني بشكل جذري, ويقع في جوار أنظمة عربية إما مستبدة أو في طور التحول الديموقراطي, ولكنها على الأقل على تناقض النموذج اللبناني. إذاً هي مشكلة مزدوجة جغرافية وسياسية (مع الأنظمة المجاورة). وليس في مقدور لبنان تغيير الأنظمة العربية, وإذا أردنا أن نحلل عمق الأزمة اللبنانية فإنها في الخلاصة غير دستورية, أي ان الخلل ليس في دستورنا.

إذا تطورت الأنظمة العربية نحو المزيد من المساواة والمشاركة, فإن لبنان يتخطى بشكل طوعي الكثير من الممارسات الطائفية. فإذا وصل رئيس جمهورية مسيحي في أي بلد عربي مثلاً, يستطيع لبنان أن يتخطى هذا الموضوع بشكل طبيعي, ولكن بالعكس عندما تجري الانتخابات التشريعية فيحصل 12 مليون قبطي على نائب واحد, فإن هذا يشكل نموذجاً سيئاً لاحتدام الصراع الطائفي. وكل الدول العربية عندها مشاكل بشكل أو بآخر, في موضوع المساواة والمشاركة.

 لبنان حاول إيجاد معالجة لهذه المسألة وربما توصل إلى طرق عرجاء وغير مكتملة, ولكن يبقى أن تجربته أفضل من كل الدول العربية مجتمعة لأن الطائفية في لبنان هي مشكلة عربية, كذلك استطاع لبنان رغم عدم اكتمال تجربته أن يقدم نموذجاً مختلفا جذرياً عن النموذج الصهيوني.

 وضع لبنان مشابه لسويسرا التي استطاعت أن توجد نظاماً من المشاركة ثابتاً ومنيعاً في الداخل, ولكن لم تتوصل إليه إلا بعد أن أصبح محيطها الجغرافي أقل عدائية وأكثر ديموقراطية, وكذلك هولندا كررت التجربة نفسها.

 

بطبيعة الحال لدينا نواقص واخطاء في النظام وهذه أمور طبيعية, ولكن المعالجة لا تكون بتغيير الدستور أو تعطيله. مشكلتنا ثقافية في العمق وجوهرها كيف نقيم المناعة اللبنانية في وضع لا نمسكه بأيدينا, وغير مرتبط بنا, بل أسبابه وعلله في الخارج. من هنا كان اهتمامي الشخصي بالإضافة إلى القضايا الدستورية, قضايا ثقافة السلم الأهلي والذاكرة وبناء المناعة, لأنها طريقة لحماية أنفسنا من العدائية الصهيونية ومن أنظمة عربية تخاف ربما منا, وتسعى إلى إحداث تغييرات ديموغرافية تدريجية. ونحن لا مشكلة لنا مع العرب والعروبة, بل مشكلتنا مع عروبة السجون, نريد أن نجعل من العروبة حضارة.

 

* بالعودة إلى فيدرالية الطوائف في لبنان ذكرت في إحدى المقالات أن "التطرف الماروني هو نتيجة مغامرة جديدة ورهان جديد على قوة إقليمية شيعية". يحكى اليوم أن الصراع في لبنان هو سني-شيعي وأن المسيحيين يصطفون هنا أو هناك. ما رأيك?

- نعم ذكرت ذلك عن المغامرات والرهانات. لقد عملت منذ العام 1990 مع مجموعة من الباحثين على تحديث المناهج التربوية في لبنان, وكنت قد اعتقدت أن اللبنانيين عموماً أقلعوا عن المراهنات والمقامرات, وأنهم اتعظوا من تجاربها, اليوم تبين أنني كنت على خطأ. فقد وجد اليوم مغامرون ومقامرون جدد, وأنا أسأل: هل هناك أمر ما في لبنان لم يجرب? وأنا لا أتحدث عن التاريخ المعاصر فقط. لقد جربنا إشكالاً من الفيدرالية والتقسيم في الماضي. وخلال 500 سنة, وحتى تجربة الحرب الأهلية علمتنا أشياء كثيرة, وقد امتدت لخمس عشرة سنة وقد استنفد فرقاء الداخل والخارج كل ما لديهم وجربوا كل ما عندهم. إسرائيل دخلت بكل قوتها, الفلسطينيون رموا بثقلهم, سورية شاركت بالكامل, الأطراف الداخلية انغمست حتى أذنيها, وإذا أردنا توصيفاً شعبياً نقول: لقد لعبوا كلهم "صولد". فإلام وصلنا? وصلنا إلى الميثاق. وليس لنا سواه.

أذكر أنه في أسوأ أيام الحرب الأهلية أطلقت شعارات مثل: مات الميثاق ودفناه, وبدأت الحرب ولينتصر الأقوى... إلى آخره... وأذكر أن الحكماء قالوا أموراً مغايرة مثل الرئيس الراحل رشيد كرامي عندما تحدث عن الميثاق قائلاً: نغنيه ولا نلغيه.

 

تسوية "الطائف"

ليس لدينا سوى هذا الميثاق, على علاته ونواقصه, إنه تجربتنا الوحيدة, واليوم لدينا اتفاق "الطائف", الذي غير التوازنات ولكنه لم يغير في مضمون المواثيق في لبنان. و"الطائف" يذكرني بتجربة هولندا مرة أخرى عند توقيع معاهدة "أوتريخ" في العام 1740 والتي أنهت حرباً دامت ثلاثين سنة بين الكاثوليك والبروتستانت, إذ قال أحد الدبلوماسيين الأجانب للهولنديين يومها: سنوقع السلم لكم وعندكم ومن دونكم.

وهذا ما حدث في "الطائف", إذ أن اللبنانيين قبل اتفاق "الطائف" وخلال الحرب, صاغوا 14 وثيقة رسمية للوفاق, ولم تطبق أياً منها, لأنها لم تحظ بتوافق إقليمي ودولي. وعندما تأمن هذا التوافق أصبح بالإمكان لوثيقة الوفاق الوطني أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ.

واليوم من يراهن على تغيرات إقليمية أو تحالفات إقليمية يعيد تكرار تجربة مريرة عاشها لبنان, وهو لن يستطيع أن يستفيد منها, لأن الصغار لا يلعبون في ملعب الكبار. ونحن في لبنان كبار بتجربتنا وثقافتنا وفكرنا, ولكننا صغار في اللعبة الإقليمية والدولية.

 

* ولكن ثمة من يقول أن الخلل في "الطائف", والذي يجعل بعض القيادات تتمرد على التوافق الداخلي, وتراهن على عدم التوافق الخارجي?

- "الطائف" هو ثمرة مخيلة دستورية رائعة في لبنان, وهذه ميزة من ميزاتنا أننا نملك هكذا مخيلة فريدة في العالم, وقد استطاع اللبنانيون ابتداع معالجات عميقة وجدية. ولكن "الطائف", كما يقول الرئيس حسين الحسيني, لم يقرأ ولم يفهم جيداً, خصوصاً من قبل بعض المسيحيين, وبعض الموارنة. وللمناسبة لقد نشرت كتاباً من 600 صفحة تحت عنوان "جذور وثيقة الطائف", بينت فيه أن كل سطر في هذا الاتفاق كان ثمرة لمداولات ومناقشات وأوراق عمل ووثائق سياسية وحزبية.

 

صلاحيات رئيس الجمهورية

أكثر ما يتحدث عنه اليوم المعترضون هو موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية, وأنا أقول أنه لم ينتقص منها, بل بالعكس, لقد وضعوا سطرين إضافيين في المادة 49 بالقول: "يسهر على احترام الدستور", وأعطوه صلاحية توجيه رسائل إلى مجلس النواب, وصلاحية إعادة النظر بالقوانين التي يصدرها مجلس الوزراء, ومراجعة المجلس الدستوري في أي قانون يعتبره مخالفاً للدستور. هذه الأمور ماسة ولكنها تحتاج إلى نوع معين من رؤساء الجمهورية ليكون حامياً للمنظومة الحقوقية في البلد من نوع الرئيس فؤاد شهاب, أي أن يكون فوق الصلاحيات وفوق الخلافات, وأن يكون المعيار لا الطرف في تنازع الصلاحيات.

 

إذاً العلة ليست في "الطائف", والدليل على ذلك أن سلطة الوصاية منعت تنفيذه. وأذكر أن الوزير مروان حمادة في 28 شباط 2005 قال في مجلس النواب: أنه عند كتابة البيان الوزاري لحكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ذكر عبارة "تنفيذ اتفاق الطائف", فبادره الرئيس الشهيد بالقول: "بدك تروحنا يا مروان". لأن السوريين كانوا يرفضون حتى ذكر هذا الاتفاق.

 

اليوم نحن نريد تطبيق مبادئ وثيقة الوفاق الوطني هذه. ولا يزعمن أحد أن الخلل في "الطائف" لأن القاعدة القانونية العامة تقول أن أي نظام سياسي في ظل الاحتلال لا يمكن أن يعمل ويسير بانتظام. ولا يمكن تحليل نظامنا السياسي في ظل الاحتلال السوري. لذا كان النظام اللبناني منذ العام 1990مضطرباً بسبب غياب القرار الداخلي الحر.

 

أما اليوم فلدينا فرصة رائعة عبر عنها الناس في 14 فبراير 2005 وثم في 14 مارس 2005, وهذه من أهم أحداث تاريخ لبنان المعاصر, وأحس اللبنانيون أنهم جميعاً في خطر. هذا ما كان ينقص الذهنية اللبنانية, أي الإدراك المشترك للخطر الخارجي.

 

* على الرغم من هذه الفرصة فإن المسيحيين اللبنانيين يهاجرون, وكذلك المسيحيون في المنطقة. هل انتهى الدور المسيحي الريادي?

- ثمة دراسات كثيرة عن الحضور المسيحي في المنطقة, ويساهم مجلس كنائس الشرق الأوسط في إعدادها, وقد سمعت من أحد القيمين عليها أثناء مشاركتي في ندوة في الأردن, أن الأقباط في مصر مثلاً, لا يشاركون في الحياة السياسية, وثمة 9 ملايين قبطي يحق لهم الاقتراع, يسجل منهم 500 ألف فقط. إذاً كيف يمكن أن يحافظ هؤلاء على وجودهم وهم لا يكلفون أنفسهم عناء تسجيل أسمائهم في القوائم الانتخابية. لقد ذكرت في أحد كتاباتي أن ما يهدد المسيحيين في لبنان والعالم العربي هو الإمعان في الإحباط "والنق" والاعتكاف والاستقالة. وحالة الأقباط في مصر تؤكد ذلك, لا يستطيع المسيحي أن يشكو من العزل إذا كان هو الذي يعزل نفسه بنفسه.

 

وفي لبنان للأسف لجأ المسيحيون إلى المقاطعة, وبالفعل قاطعوا الانتخابات مرة من المرات. الحق بالانتخاب مكتسب نتيجة نضالات عمرها 500 سنة, فكيف نستغني عنه. حتى لو كان النظام الانتخابي جائراً يكفي أن نذهب وأن نضع ورقة بيضاء في صندوقة الاقتراع. إن وجود عشرة آلاف ورقة بيضاء هو صرخة مدوية وتعبير عن رأي معارض.

 

مسؤولية مشتركة

* ما رأيك بمقولة أن الدور المسيحي في المنطقة تراجع لسببين, الأول تصاعد الأصولية الإسلامية والثاني أن أنظمة المنطقة لم تعد بحاجة إلى الجسر المسيحي إلى الغرب, لأن العلاقات أصبحت مباشرة?

- هنا تبرز مسؤولية المسلمين المستنيرين في المنطقة. عدا عن مسؤولية المسيحيين الذين تراجعت مشاركتهم في الحياة السياسية. المشكلة أن هؤلاء المسلمين المستنيرين صامتون. وأنا أسأل من هو أهم فقيه إسلامي عملياً اليوم? المؤسف القول أنه بن لادن, هو الذي يظهر على الشاشات فيحلل ويحرم ويهدر دم هذا أو ذاك, وتظهر بشكل متواصل بيانات القاعدة, في وقت تغيب المؤسسات الإسلامية النيرة عن الشاشة. قبل عشرين عاماً لم يكن الوضع كذلك, كان الأزهر مثلاً يقوم بدوره. اليوم نحن في مرحلة يتم فيها تطليق الدكتور نصر حامد أبو زيد من زوجته, وتعتبر المسألة عادية, وتذهب أستاذة جامعية في لبنان إلى المسجد لتصلي صلاة الأضحى فتمنع, لأنها امرأة, وإذا كتبت رسالة إلى دار الفنون, لم تلق جواباً, هذه مؤشرات خطيرة للغاية. ويأتيك من يقول بعد ذلك أن صورتنا سيئة في الغرب. الإنسان مسؤول عن صورته.

 

* تحدثت في إحدى مقالاتك عن ضرورة تطبيق الإرشاد الرسولي بشأن لبنان, وأشرت إلى أن البند الأول يتعلق بمعنى لبنان ودوره. هل تخشى على وجود هذا البلد?

- أشرت إلى موضوع الجغرافيا والأنظمة المحيطة, وأخشى كما وذكرت من أن ينمو انعكاس هذين العاملين على وجود لبنان.

* ماذا عن الدويلات القائمة ضمن الدولة اللبنانية?

- نعم, لدينا ثقافات متعددة في هذا البلد, وأنا أقترح أن نباشر في بناء »ثقافة انعزالية تقدمية«. انعزالية بمعنى الحرص الشديد على الميثاق اللبناني والتضامن الداخلي وإقفال كل منافذ التدخل الخارجي, ووقف المراهنات على تغيرات إقليمية ودولية, هذه الانعزالية هي أقصى درجات التقدمية.

إذا عزلنا أنفسنا وحافظنا على وحدتنا الداخلية وعلى مرتكزات نظامنا, نكون النموذج الصارخ ضد إسرائيل, والصورة الحضارية للإسلام في تفاعله مع المسيحية, ونكون الصورة المستقبلية للعروبة الديموقراطية لا عروبة السجون. ونجنب العرب الصراعات الإثنية والطائفية والمذهبية كان الإمام موسى الصدر يقول: سلاح لبنان هو أمضى سلاح ضد إسرائيل, اليوم وبعد تحرير الجنوب يجب تغيير ذهنيتنا جذرياً, لأن المقاومة لا يمكن أن تكون مسلحة فقط, وأهم مقاومة نمارسها اليوم هي السلام اللبناني.

 

* ولكن هل يمكن ل¯"حزب الله" أن يتخلى عن دولته وينخرط في مشروع السلام اللبناني كما وصفته?

- يمكن أن نراهن على عقلانية وبراغماتية "حزب الله", ولكن هناك أطرافاً أخرى خارج العقلانية, وهي تراهن على قوى إقليمية.

 

* هل تقصد العماد ميشال عون?

- لا أريد أن أسمي أحداً. ولكن كلنا نعرف من يتحدث عن التغييرات الحاصلة في وضع السنة والشيعة, وعلى من يجب أن نراهن. والقول أننا كأقلية مسيحية يجب أن نتحالف مع أقليات أخرى في هذه المنطقة. وبرأيي أن هذه المراهنات خاطئة ومكلفة, عدا أن استمرار عقلية المراهنة والتجريب تعبر عن مراهقة سياسية وليس عن نضوج فكري وخبرات. أعتقد أن المسيحيين بلغوا مرحلة النضوج وإن كانت بعض القوى التي تدعي تمثيلهم ما زالت تعيش المراهقة, لقد بلغ اللبنانيون سن الرشد ألميثاقي وهذه هي الخلاصة التي يجب أن نتوقف عندها. لقد ذكر "الطائف", أن لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه, وهذه هي الخلاصة, ولن تنفع محاولات أحد التيارات السياسية المسيحية في تخويف المسيحيين من خلال خطاب فاشي نازي يثير الهواجس والقلق والرعب, في أن يغير في الواقع المسيحي في لبنان.

 

وثمة أمر آخر لا يقل أهمية عن الميثاق, وهو أننا تخطينا عقدة النقص, ولم يعد أحد يستطيع أن يعطي اللبنانيين أمثولات في العروبة والمقاومة والعداء لإسرائيل. والحال أننا نحن اليوم أساتذة العروبة والمقاومة والعداء لإسرائيل. ونحن الذين سنبني العروبة, علماً أن كبار المفكرين في هذا الصدد هم لبنانيون.

 

نهائية الكيان

* ولكن ماذا عن الوضع المسيحي في لبنان?

- الوجود المسيحي في لبنان اليوم هو موضوعياً أفضل وضع لهم, ولكن عملياً العكس تماماً. لماذا هم في أفضل وضع? لأن اتفاق "الطائف" أقر لهم بالمناصفة وأقر بدور مميز لرئيس الجمهورية المسيحي إذا عرف كيف يمارسه. كما أن هناك دعماً عربياً ودولياً للبنان الكيان, وكذلك ثمة قناعة عميقة لدى المسلمين في لبنان بنهائية هذا الكيان, وهم يدافعون عن السيادة والاستقلال ويقدمون التضحيات والشهداء. كما أن هناك قناعة إسلامية راسخة أن المسيحيين هم ضرورة للواقع اللبناني. هذه هي الأسباب الموضوعية. أما عملياً فإن السياسة المسيحية خاطئة, وقد انجر المسيحيون في تيار مغامراتي يسعى إلى تفشيل انتفاضة الاستقلال في 14 فبراير 2005. ولا أفهم كيف أن القادة المسيحيين الذين كانوا في ما مضى رواداً للحضارة في لبنان والمنطقة, يتحولون إلى مدافعين عن مفاهيم انقلابية مثل الاقتلاع والتعطيل والثلث المعطل وغيرها.

 

وبمناسبة الانتخابات الرئاسية, لقد ارتضى البطريرك الماروني نصر الله صفير أن يضع لائحة بأسماء مرشحي الرئاسة, على سبيل تسهيل التسوية, ولكن لماذا يرفض البعض الإقرار أن مهمة الانتخاب هي لمجلس النواب وليس لغيره.

 

* وهل هذا هو الخطر الحقيقي الذي يهدد وجود لبنان?

- الذي يهدد وجود لبنان كدولة وككيان هو النظام السوري الذي هدد بالفعل بتكسير هذا البلد.

 

* وماذا عن »ولاية الفقيه« التي يحمل لواءها "حزب الله", وماذا عن صعود الحركات الأصولية المتطرفة والتي ظهر منها أخيراً بشكل دموي تنظيم "فتح الإسلام", ألا تشكل هذه وتلك خطراً داخلياً على وجود لبنان?

- نعم توجد ثقافة أخرى في البلد, لم نكن نشعر بها أثناء الحرب الأهلية, وقد ظهرت هذه الثقافة في اجتماعات سويسرا. وأعتقد أننا في لبنان نحتاج إلى استعادة سلطة المعايير, لأن المشكلة الأساسية هي في تخريب العقل اللبناني.

 

أفهم أن هناك علاقة بين الدين والدولة ولكن ما لا أفهمه هو زج الله عز وجل في العمل السياسي, والادعاء أن تقويم هذا أو ذاك من الأمور, إنما هو بأمر إلهي, وكأن هذا الطرف أو ذاك يمتلكان حق التكلم باسمه جل جلاله.

 

هذه هي الثقافة الأخرى التي يجب أن نعالجها. وأعتقد أن لبنان الذي مر بتجارب عديدة في تاريخه صار بمثابة فخ, أي أنه قادر على لبننة كل الثقافات والظواهر السياسية الداخلية, ولكن الكلفة باهظة.

 

* وهل يستطيع أن يلبنن الغزاة أيضاً?

- بالتأكيد, وهذه هي مشكلتنا مع النظام السوري, لأن لبنان الحر والديموقراطي هو نموذج يخيف هذا النظام. أضف إلى ذلك أن لبنان اليوم هو مختبر من أهم مختبرات العالم بعد 11 سبتمبر 2001 في مواجهة أنظمة إرهابية ودول مارقة.

 

إن الديموقراطيات في العالم قوتها في هذه الديمقراطية, وضعفها أيضاً في هذه الديموقراطية, أي أنها لا تستطيع أن تخوض الحروب كيفما كان في مواجهة الإرهاب, لأن الإرهابيين ينتشرون هناك وهناك تحت ستار المقاومة والنضال والجهاد وإلى ما هنالك, كما أن الديموقراطيات لا تستطيع اعتماد أساليبهم, أي الأعمال الإرهابية, لذا فإن الحرب على الإرهاب تتخذ شكل الاستنزاف والإضعاف, ليس للمجموعات فقط بل للدول الإرهابية.

 

وهنا لا بد من توضيح الخلط القائم في تفسير التعامل الخارجي مع منطقتنا, لأن علاقة الخارج بنا ليست كلها تدخلاً سلبياً. ثمة ثلاثة أنواع من هذه العلاقة, الاحتلال, التدخل الخارجي بالمال أو الأسلحة, والدعم. هذا الدعم ليس تدخلاً, والمنطقة العربية بحاجة ماسة إلى هذا الدعم. وأستغرب أن يقال أن اللوبي الصهيوني يؤثر في الرأي العام العالمي وفي صناع القرار في الغرب, فيدعم إسرائيل, وعندما يأتي هذا الغرب ليدعمنا نرفض بحجة أنه تدخل. أعتقد أن القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن بشأن لبنان كانت ضرورية, وهي أساسية في معركة استعادة استقلال هذا البلد, في مواجهة محاولات إرهابه وتقويض دولته, وهذا ليس تدخلاً بل دعم دولي مطلوب.

 

المناقصات الأمنية

* هل تعتقد أن هذا الدعم الدولي قادر بالفعل على حماية لبنان?

- قبل 11 سبتمبر 2001 كان النظام السوري يقيم مع الغرب نوعاً من المناقصات الأمنية. أي أنه كان يطلب ثمناً لتهدئة الأمور في لبنان, وإذا لم يحصل عليه يفجر الأوضاع. ولكن بعد 11 سبتمبر, حصلت صدمة كبرى في العلاقات الدولية. وتغير التعاطي الدولي مع المجموعات الإرهابية ومع الدول التي تمارسه على دول أخرى.

 

النظام السوري ينتظر اليوم أن يفاوضه الغرب بالأمن, أي أنه يريد أن يقايض وقف الاغتيالات والتفجيرات في لبنان, بثمن ما في تسوية الشرق الأوسط, أو ربما بثمن تجاري. هذا لن يحصل لأن العالم تغير. ومنطق المناقصات الأمنية سقط.

 

من جهة ثانية لقد وضعت الأمم المتحدة وهي المنظمة الدولية الأولى في العالم ثقلها في لبنان من خلال كل القرارات التي اتخذتها, وبالتالي فإن صدقية هذه المنظمة ومن خلفها المجتمع الدولي, ومن خلفهما السلام الدولي, على المحك في لبنان.

 

* وهل سيؤدي فشل النظام السوري في زعزعة استقرار لبنان إلى سقوطه مثلاً?

- ذكر صحافي بريطاني في كتاب نشر في الآونة الأخيرة أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري قال لأحد المقربين منه قبل أسبوع من اغتياله: "إذا قتلني النظام السوري سيكون كمن يوقع على وثيقة وفاته".. نعم لبنان فخ. لقد عرف الرئيس الراحل حافظ الأسد أن يلعب بالتوازنات ويلعب على التناقضات, ولكن النظام السوري الحالي لم يستوعب عملية 11 سبتمبر 2001, والتغيرات الناتجة عنها في النظام الدولي.

 

أنا لا أحبذ حصول أي اضطرابات في سورية لأنها تؤثر سلباً على لبنان, بل أحبذ التحول الديمقراطي في كل الدول العربية, واليوم تقدم الكويت والأردن والإمارات نماذج مهمة لهذا التحول.

 

لقد سقطت مفاهيم الثورة التي كانت سائدة, ولا يمكننا الحديث عن ثورة في بلد ما بمعزل عن الجوار, وسرعان ما سيتدخل هذا الجوار عندما يحدث اضطراب ما في هذا البلد. لذا فإن التحول الديموقراطي الهادئ والسلمي هو الحل.

 

نموذج ساقط

* وماذا عن المشروع الإيراني في المنطقة?

- المشروع الإيراني يحاول أن يقتدى بالنموذج السوفياتي الذي سقط منذ عقود, أي محاولة بناء دولة قوية تدور في فلكها دول ضعيفة, أو يكون له فيها امتدادات ونفوذ, ليحتل الموقع الإقليمي الأول, ولكن هذا لن يتحقق, ولن تستطيع إيران أن تلعب دوراً في اللعبة الدولية الكبرى.

 

من هو انطوان  مسرة

*أستاذ في الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف-بيروت.

*عضو هيئة إدارة دبلوم الدراسات العليا في الصحافة, بالتعاون بين الجامعة اللبنانية ومركز تأهيل وتدريب الصحافيين في باريس والمعهد الفرنسي للصحافة منذ العام  .1995

*منسق برنامج الماستر في العلاقات الإسلامية-المسيحية في الجامعة اليسوعية-بيروت.

*منسق الأبحاث في المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم, رئيس الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية.

*مؤسس ومنسق مرصد الديمقراطية في لبنان, وقد نال العام الماضي جائزة الرئيس الياس الهراوي لكتابه: "لبنان الميثاق".

*أبرز مؤلفاته النظرية العامة في النظام الدستوري اللبناني (2005), الميثاق اللبناني (1997), مجتمع المشاركة (1983), البنية الاجتماعية للمجلس النيابي اللبناني (1977), جيل النهوض: تربية متجددة لشباب لبنان اليوم (1989-1996, 4 أجزاء), علاقة المواطن بالإدارة, جزءان: 1995-1998, مرصد الديمقراطية في لبنان, (2000), مرصد التشريع في لبنان (2005).