التوافقية هي أيضاً... تصويت وأكثرية

بقلم الدكتور انطوان مسرّة  ()

النهار 29/12/2005

الأنظمة التوافقية أو المشاركة أو الائتلافية هي نمط في تطبيق قاعدة الأكثرية وليست نقيضًا لها. وعندما تطرح اليوم مسألة التصويت واعتماد الأكثرية، عملاً بالمادة 65 من الدستور، فهذا دليل عودة شيء من العافية الى المسار الحقوقي والدستوري في لبنان.

 

لكن قاعدة الأكثرية وفلسفتها واشكال تطبيقها وشروط ديموقراطيتها هي الأكثر التباسًا في الثقافة السياسية والممارسة في لبنان. ولم تَسْع جديًا كليات الحقوق والعلوم السياسية في لبنان لشرح فلسفتها ومندرجاتها وتطبيقاتها بالرغم من غنى التجربة التاريخية لبنانيًا وعلى المستوى المقارن.

 

قاعدة الأكثرية وحدودها

 

لم يختصر أي فيلسوف في التاريخ القديم والحديث الديموقراطية بالمعادلة الحسابية المبسطة التالية: نصف + 1= ديموقراطية! الديموقراطية هي سياقات في المشاركة. حتى في الأنظمة التنافسية القائمة على اعتماد الأكثرية المجردة، على النمط البريطاني والفرنسي والأميركي، تخضع قاعدة الأكثرية الى حدود ضمانًا لديموقراطيتها. أبرز الحدود في تطبيق قاعدة الأكثرية، حتى في الأنظمة التنافسية: ضرورة أكثرية موصوفة في بعض القضايا، الطعن امام المجلس الدستوري، الاستفتاء الشعبي، نظام المجلسين، مختلف اشكال الانتخاب النسبي، الحكومات الائتلافية في حالات خاصة.

 

اذا اعتُبرت قاعدة الأكثرية في الادراك العام ديموقراطية، فبسبب فرضية توفر حظوظ التناوب alternance في السلطة، أي بفضل تغيير في الرأي العام من خلال العملية الانتخابية، اذ قد تتحول الأكثرية الى أقلية والأقلية الى أكثرية. اما اذا أدى تطبيق قاعدة الأكثرية المجردة الى عزل دائم، واذا كانت حظوظ التناوب معدومة فيتحول تطبيق قاعدة الأكثرية المجردة الى هيمنة وعزل.

 

السؤال هو:  هل حظوظ التناوب في السلطة آلية في كل المجتمعات السياسية دون استثناء؟

 

اذا كانت هذه الحظوظ متوافرة فيمكن عندئذ اعتماد قاعدة الأكثرية المجردة. لكن أمثلة عديدة، في ما لا يقل عن نصف سكان العالم، تظهر اخطار العزل الدائم وضرورة اعتماد سياقات متنوعة في قاعدة الأكثرية من خلال أنظمة فيديرالية أو انتخابات نسبية أو حكومات ائتلافية أو التخصيص ضمانًا لديموقراطية القاعدة.

 

وفاق "وطني" أو زعاماتي؟

 

تتحول غالبًا كل العبارات في التداول السياسي اللبناني والعربي عموما الى شعارات. لذا يقتضي اللجوء الى عبارات متعددة للدلالة على الأنظمة القائمة على المشاركة في الحكم power sharing، وهي عبارات : التوافقية ،  المشاركة أو الائتلافيةconsensuels systèmes  لتمييزها عن الأنظمة التنافسية  systèmes concurrentiels .

 

قد تؤدي سياقات التقرير في أنظمة المشاركة، غالبًا من خلال البحث عن توافق واسع أو ممارسة الفيتو، الى جمود أو بطء في القرار أو تعطيله، وفي أقصى الحالات الى أزمة حكم وانعدام الفاعلية. لكنه يقتضي عدم المبالغة في النقض المطلق، لمساوئ الفيتو وعدم الفعالية. الفيتو المتبادل معتمد بشكل مكتوب أو عرفي في بعض الأنظمة كوسيلة لضمان حقوق الأقلية. ان صفته المتبادلة تجعله عمليًا أقل ضررًا على سياق القرار. اما الفاعلية فقد لا تتوافر على المدى القصير، أو قد تتوافر بشكل أفضل على المدى المتوسط من خلال توافق واسع.

 

اما الحكومات الائتلافية، خلافًا للنمط الأكثري المجرد حيث الأغلبية تحكم والأقلية تكون خارج الحكم، فهي ليست "حواراتية" و"فلتانة"، بل تخضع لقواعد حقوقية. لا تضم حكومات الوفاق الوطني كل الأضداد، الا ربما في مرحلة تأسيسية من نشوء الأمم، وذلك ضمانًا لثلاث قواعد ملازمة للحكم وديموقراطيته:

 

1. الحد الأدنى من التضامن الوزاري.

 

2. توفر معارضة خارج الحكم لا يتعطل دورها بسبب تحول الحكومة الى مجلس نواب مصغر يضم كل توجهات المجلس وتناقضاته.

 

3. فاعلية الحكم أي قدرته على تحقيق اعمال وتنفيذ قرارات.

 

اطلاقية القاعدة ونسبية تطبيقاتها

 

قاعدة الأكثرية مطلقة لأسباب عملانية متعلقة بسياق التقرير وفاعليته، ولكنها نسبية في تطبيقاتها حسب طبيعة النظام السياسي تنافسيًا كان أو توافقيًا.

 

سعت معاهدة وستفاليا ( Westphalia (1648  الى معالجة نزاع ثلاثين سنة طائفيًا وجغرافيًا بين البروتستانت والكاثوليك في البلاد المنخفضة باعتماد القاعدة التالية: "تعالج النزاعات بالاتفاق الرضائي دون الأخذ في الاعتبار عدد الأصوات" Sola amicabilis compositio lites dirimat non attenta votorum pluralitate

 

يلتقي هذا المبدأ مع البيان الشهير "للاجتماع الاسلامي" في 18/8/1982 الذي دعا اليه الرئيس صائب سلام وجمع قيادات اسلامية بارزة، على أثر ترشيح بشير الجميل لرئاسة الجمهورية وجاء فيه: "لبنان لا يساس بحكم الأرقام (...) ولو شاء المسلمون ان يحتكموا الى الأرقام ويحكّموا العدد لتبدل وجه لبنان وتبدلت صيغته لئلا نقول هويته".

 

المادة 65 من الدستور اللبناني المعدل، التي هي ثمرة مخيلة دستورية رائدة، "لم تقرأ ولم تفهم جيدًا" كمجمل وثيقة الوفاق الوطني، حسب قول الرئيس حسين الحسيني. المادة 65 شبيهة بمعاهدة وستفاليا من ناحية تركيزها على التوافق amicabilis composition، ومع اعتماد اكثرية موصوفة في مجموعة قضايا مصيرية محددة.  وعبارة "توافقيًا" الواردة في هذه المادة هي تصنيف دستوري له قواعده التي لم يدرسها ويتعمق فيها العديد من الدستوريين لبنانيًا وعالميًا. ليست التوافقية "ماشي الحال" وحوارات سائبة... جاء فيها:

 

المادة 65 – 5: يجتمع مجلس الوزراء دوريًا في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر. ويكون النصاب القانوني لانعقاده أكثرية ثلث أعضائه ويتخذ قراراته توافقيًا. فإذا تعذر ذلك فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور. أما المواضيع الأساسية فإنها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحددة في مرسوم تشكيلها. ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي:

 

تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الاولى او ما يعادلها، اعادة النظر في التقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء.

 

خضعت ولا تزال في لبنان أرقى المبادئ الدستورية والديموقراطية والميثاقية لتلاعب واستغلال وخرق تحت ستار الوفاق الوطني. هذا الوفاق هو وطني، وليس وفاقًا تختزله زعامات، أو محاصصة في توزيع منافع وتبادلها، أو صفقة على حساب القاعدة الحقوقية والدور الأساسي للدولة.

 

شؤون ميثاقية حصرية وضوابط

 

اذا افتقرت الأنظمة التوافقية الى ضوابطها الحقوقية فهي تؤدي الى منزلقات وانحرافات. ومن الخطأ نقض هذه الانحرافات على اساس ان الانظمة التنافسية هي وحدها المعيارية، اذ ان كل منظومة تحتوي على بذور فسادها اذا افتقرت الى الضوابط الحقوقية الخاصة بها.

 

من الخطورة التمادي في الانحراف سعيًا الى "تمذهب" (أي مذهبية) القرار الوزاري، اذ عندئذ يقتضي توفر كامل اصوات الوزراء الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأرمن... وفي كل القضايا دون استثناء، حتى القضايا الاجرائية، او يقتضي فرز البلاد الى كانتونات وحتى كونفيديراليات متعددة، في حين ان الصيغة المعتمدة في المادة 65 حصرية في الشؤون الميثاقية تحديدًا وواضحة حول سبل معالجتها انسجامًا مع منطق الدولة. ان الاستخدام الأداتي لمفهوم "التوافق"، حسب الظروف والأوضاع، وارساء "ديكتاتورية اقلية" خلف شعار التوافق يؤديان الى تفكيك منظّم ومصطنع للبنية السياسية اللبنانية التي تشكو من "تمذهب"  pillarisation خلال العملية الانتخابية الأخيرة. الانقسامات هي حزبية ايضًا ومن الخطأ استعمال تعبير "التحالف الشيعي"، الذي هو تحالف "أمل" - "حزب الله" في ظروف داخلية واوضاع اقليمية.

 

أما الحوار الديموقراطي فقد يسبق التقرير وقد يستمر بعده، تجنبًا لأي عزل، ويقتضي تمييزه عن سياق التقرير وتلازمه مع مفهوم الحكم والدولة، ان كانت بنيتها تنافسية مجردة أو توافقية.

 

ومن البراهين على الطابع الديموقراطي العام لقاعدة الأكثرية في النظام التوافقي اللبناني انتخاب سليمان فرنجيه رئيسًا للجمهورية بفارق صوت واحد. وكذلك سعي الرئيس بشير الجميل لاستقطاب اصوات نواب مسيحيين ومسلمين، أي اعتماد اكثرية مزدوجة majorité double لانتخابه رئيسًا للجمهورية. وكذلك الثنائية  بين "الحلف" (31 مسيحيين و 12 مسلمين) و"النهج" (18 مسيحيين و 31 مسلمين) في 1966-1971.

 

آن الأوان لتطبيق قواعد اللعبة السياسية، فلا تكون جلسات مجلس الوزراء "حفلة ملاكمة سياسية" "وسراب في صحراء ممتدة"، حسب مقال راجح الخوري بعنوان معبّر: "صوتوا". ولماذا تتحول التعيينات الأمنية والقضائية والادارية في آب 2005 الى محاصصات وممارسة ديكتاتوريات اقلية، في حين ان القاعدة في هذه القضايا هي التصويت؟ ما فائدة القوانين الجيدة اذا كانت لا تطبق؟ وما فائدة تعديل النصوص اذا كان التطبيق هو السيئ؟ الحاجة الى تحقيق فاعلية القانون.

 

ما يحصل اليوم هو الدليل على ان معضلة بناء الدولة State building في لبنان لا تكمن في التوافقية وأسسها وقواعدها الحقوقية وضوابطها، بل في الثقافة السياسية وبنية القيادات والممارسة. وعندما تصبح المادة 65 "التوافقية" استراتيجية، وليست تكتيكية تستغل حسب الظروف وتوازن القوى والأوضاع الاقليمية، عندئذ يمكن التأكيد ان بناء الدولة في لبنان هو في مسار دستوري صحيح.

 

ان اشكاليات الميثاقية في لبنان في حاجة الى مزيد من التقصي النظري والتصويب التطبيقي الحقوقي والممارسة، دون نقد سطحي أو تعميمات تستند الى علم دستوري يفتقر الى التجدد والأصالة. قاعدة الأكثرية هي قاعدة ديموقراطية عامة مع نسبية في اشكال تطبيقها. وفي حال ادراك فلسفتها والعمل على حسن التطبيق والفعالية، يمكن عندئذ التوفيق والدمج بين سياقات تنافسية وتوافقية في آن. تندرج المادة 65 الميثاقية في هذا السياق.

 

           

 

1. Gerhard Lehmbruch, Proporzdemokratie, Tubingen, 1967, 60 p., p. 8

 

2 . النهار، 19/8/1982 (2)

 

3 . غسان تويني، "سباق بين الثورة الدستورية و... الاغتيالات"، النهار، 19/12/2005. (3)

 

4 . النهار، 25/8/2005 ومقال جهاد الزين، النهار، 10/12/2005؛ وكذلك وجيه كوثراني، "وزراء الشيعة أم وزراء حزب الله وأمل"، النهار، 19/12/2005.

 

5. Jurg Steiner, “The principles of majority and proportionality”, British Journal of Political Science, vol.1, 1970, pp. 63-70

 

انطوان نصري مسرّه، النظرية العامة في النظام الدستوري اللبناني (أبحاث مقارنة في أنظمة المشاركة)، بيروت، المكتبة الشرقية، 2005، 464 ص.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

المادة 65

 

 

 

(المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990)

 

تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة، ومن الصلاحيات التي يمارسها:

 

1 – وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

 

2 – السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والاشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء.

 

3 – تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون.

 

4 – حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية اذا امتنع مجلس النواب، لغير اسباب قاهرة، عن الاجتماع طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر او في حال رده الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. ولا تجوز ممارسة هذا الحق مرة ثانية للأسباب نفسها التي دعت الى حلّ المجلس في المرة الأولى.

 

5 – يجتمع مجلس الوزراء دوريا في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر. ويكون النصاب القانوني لانعقاده أكثرية ثلثي أعضائه، ويتخذ قراراته توافقياً. فإذا تعذر ذلك فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور. أما المواضيع الأساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها. ويعتبر مواضيع اساسية ما يأتي:

 

تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، اعادة النظر في التقسيم الاداري، حلّ مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، اقالة الوزراء.

 

المادة 65 قبل تعديلها بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990:

 

لا يلي الوزارة إلا اللبنانيون.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

مشروع اقتراح لتسوية الوضع الداخلي والخارجي الراهن في لبنان

 

بقلم سليم فريد الدحداح

 

 

 

في الجو المتشنج والخطر الذي تعيشه الساحة اللبنانية الداخلية والخارجية مجددا، بعد الاغتيال الخامس عشر الذي اودى بحياة الشهيد النائب والصحافي الاستاذ جبران تويني، رحمه الله، والتهديد الذي برز من خلال اعتكاف وزراء "حزب الله" و"أمل"، والاصرار على مقاطعتهم اجتماعات مجلس الوزراء حتى الاخذ بطلباتهم، الامر الذي يحمل في طياته امكانات جدية لتفكك النسيج الاجتماعي والسياسي التعايشي في لبنان، وفرزه، خصوصا ان هذا الموقف يتردد عندما لا تؤخذ بعض القرارات الحكومية بالاجماع.

 

وفي جو الانكماش والانعزال الظاهري والتساؤل عن مستقبل النظام السوري الحالي ومصيره، منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله، وما تبعه من اغتيالات حصرية لمعارضين لبنانيين لهذا النظام، وزرع بصورة حصرية ايضا، متفجرات في المناطق التي تفرز هذه المعارضة، وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان بموجب قرار مجلس الامن، الذي سبق له، في سنوات 1976، ان ولجه بادارة هذا الملف اللبناني، وبعد ايضا عدم تجاوب السلطات السورية والمطالب الاميركية الامنية الوقائية على الحدود السورية العراقية وحتى في المعارك الدائرة داخل العراق، مساندة لجيشها هناك، كما عدم التعاون الكامل وغير المشروط في التحقيق الدولي لكشف الحقيقة حول اغتيال الرئيس الحريري، والكف عن الاستمرار في التدخل في الشؤون اللبنانية الامنية واستعمال مناصريها ورموزها في لبنان للاطاحة باستقرار هذا البلد، من خلال الفصائل الفلسطينية المناهضة للنظام الحالي القائم في فلسطين، و"حزب الله" و"امل"، كما وبصورة غير مباشرة، عن طريق استغلال مواقف التيار الوطني الحر المعارض للحكومة الحالية والمتضامن تكتيكيا وظرفيا، مع مواقف الحزب، كل ذلك وفقا طبعا، لمصالحها الاستراتيجية الاقليمية،

 

وفي ضوء التطورات السريعة والمتلاحقة التي ما زالت تشهدها الساحة العراقية والتغييرات الاساسية والمصيرية القومية التي تعاقبت منذ سقوط نظام صدام حسين، مرورا بتمشيط الجيوب الارهابية في كل مناطق المواجهة الاميركية العراقية وبسط معالم لامركزية واضحة ادت الى اعتماد دستور جديد ونظام فيديرالي يضمن انصهار كل شرائح المجتمع في التركيبة الوطنية الجديدة وصولا الى انتخابات تشريعية حرة لتثبيت مضمون المشهد السياسي الذي ابصر النور بعد فترة الظلام السابقة.

 

وبعد بداية تنفيذ خطة فك الارتباط الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، من قبل من سبق وشن عليها حربا قاسية، اي شارون، وتوصل الى تحييد ياسر عرفات وابعاده، قام بعد ذلك بمفاوضات تحت غطاء اميركي مع محمود عباس، الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية، لاعتماد برنامج مرحلي "لأسلوب تعايشي" جديد بين العدوين التاريخيين المزمنين، للحؤول دون استمرار لغة العنف بينهما، تحضيرا ربما، لمفاوضات سلام مستقبلية مرجوة، يوافق عليها الفريقان ويبارك حصولها، الاشبين الاميركي، ربما بالتزامن والانسجام مع خطته الجيوستراتيجية الاخيرة التي درست واقرت في التسعينات. وقد بوشر فعلا تنفيذ هذه التغييرات عند تسلم الرئيس بوش سدة الرئاسة، مكملا ومعمما بذلك المراحل السابقة الآيلة الى نشر السلطة الاحادية الاميركية في الشرق الاوسط بعد حرب حزيران 1967، وفق برنامج وآليات متكاملة، نفذت بالتفاهم او بالفرض المباشر او غير المباشر مع دول المنطقة. اما اهم ركائز هذه الخطة فيمكن تلخيصها بالآتي: انشاء ثلاث مرجعيات نفوذ: الاولى سنية، محورها الاساسي تركيا، والثانية شيعية، محورها الاساسي ايران، والثالثة مكونة من الاقليات، محورها الاساسي اسرائيل، واحدى اهم مكوناتها العلويون في سوريا وفي تركيا، علما ان لكل مرجعية دورا وتكليفا للمحافظة على امن منطقة نفوذها واستقرارها، بالتنسيق والتضامن طبعا مع الولايات المتحدة. اما في حال لم تحقق اسرائيل المفاوضات المرتقبة واقدمت، وفق سياساتها السابقة، على تعديلات بسيطة او جوهرية في المسار المذكور اعلاه، لا بد لها بدون اي شك، ان تحترم اسس الجيوستراتيجيا الاميركية المرسومة واصولها، لانجاز اهدافها.

 

ففي ظل كل هذه التجاذبات والغليان الذي يعصف ويفور، تارة هناك وطورا هنا، حيث الهيكلية الوطنية لا تزال ضعيفة وغير محصنة لتتحمل النكسات والضربات مهما كانت اهميتها، لا بد من السعي لايجاد السبل التي تدعم جميع الفرقاء وتشجيعها على الحوار من اجل التوافق على الحد الادنى من الامور المشتركة الاساسية، تفاديا لتشنجات اضافية، يمكن ان تدفع الى مزيد من العنف والتشرذم والدمار واسقاط اية حظوظ لتثبيت الاستقرار الاقليمي. فانطلاقا من كل المعطيات المشار اليها اعلاه نقترح ما يأتي:

 

اولا: على الصعيد الوطني الداخلي والمؤسساتي:

 

أ – المبادرة، في اسرع وقت ممكن، الى تأليف لجنة من استشاريين في القانون الدستوري، وممثلين لكل الاطراف والشرائح الاجتماعية والسياسية، لاعادة قراءة وثيقة الطائف، وتحليل مضمونها، في ضوء التطورات السياسية الداخلية والخارجية، اقليمية كانت أو دولية، وبعد مرور خمسة عشر عاما على اقرارها وعدم المباشرة في تطبيقها مدى هذه الفترة، من اجل جعلها مجددا تنجسم مع الواقع الوطني الحالي. ومن ثم توجيه مشروع اقتراح الى مجلس الوزراء لاقراره بالاجماع وتحويله الى مجلس النواب بصفة معجلة للتصويت عليه وتحديد جدول زمني لتطبيقه.

 

ب – المبادرة ايضا، الى تأليف لجان متفرقة، لتحديد ملفات الفساد المتفشي منذ ثلاثين عاما والذي اثر سلبا على صورة لبنان ومصداقية الجزء الاكبر من حكامه، وحولت لبنان الى ساحة مفتوحة تحكمت فيها "مافيات" متعددة الاهداف والجنسيات وخلخلت هيكلياته الاقتصادية والاجتماعية والادارية.

 

ج – المبادرة في عملية واسعة من اعادة تأهيل هيكليات القضاء والادارة آخذين في الاعتبار ضرورة اعتماد اللامركزية الادارية نقطة انطلاق لكل هذه التغييرات واقرار قانون جديد وحديث للانتخابات.

 

ح – المبادرة الى درس معمق للرؤية الاقتصادية المنوي اعتمادها في السنوات العشر المقبلة ورسم برنامج متكامل لتنفيذها، يلي انشاء لجنة خاصة، دورها الحصري، تنظيم ومواكبة ومراقبة حسن تسديد الدين العام السابق والناتج من الحرب اللبنانية وسنوات الوصاية السورية، و لجان قطاعية برلمانية ومهنية، لمساندة كل المعوقات التي يمكن ان تواجه حسن تنفيذ تلك الرؤية ومعالجتها، بما فيه التنسيق التام مع اللجنة الخاصة المشار اليها اعلاه، لتفادي تضارب الموجبات المالية العامة او التأخير او الكف عن الاستمرار في مسار الخطة العشرية المقررة.

 

ثانيا: على الصعيد الخارجي

 

أ – في العلاقات مع سوريا

 

فصل سياسة العلاقات الثنائية عن مجرى التحقيق الدولي حول اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لحين صدور النتائج القضائية النهائية وتوقف الحملة الاعلامية المركزة والمستمرة على الاداء السلبي السوري تجاه لبنان قبل خروجها منه، وبعده، وذلك حتى تتبلور الصورة الكاملة للموقف الدولي منها. فلا بد هنا ان يقابل هذا الموقف المسؤول اللبناني بتوقف متبادل للحملات الاعلامية السورية ضد بعض الشخصيات والتيارات المعارضة للنظام السوري، وتجاوب فعلي وسريع للسلطات السورية مع المطالب الدولية لجهة سير التحقيق المشار اليه اعلاه وعدم استعمال الساحة اللبنانية لتوجيه "رسائل مفخخة"، اذا اظهر سير المحاكمة نتائج سلبية تجاه اي مسؤول سوري. كما الاستئناف في الحوار المنقطع بين الدولتين بالسرعة القصوى، لمعالجة المواضيع الشائكة الحديثة والمزمنة بينهما، والتي تلبد الاجواء وتعرقل مسيرة الوفاق والتآخي التي واكبت تاريخ العلاقات المميزة بين البلدين. لا شك في ان هذا الجو سينعكس ايجابا، خصوصا ان سوريا تمّر في مرحلة دقيقة من تاريخها المعاصر، اذ  انها على مفترق طرق، وعليها ان تحسم امرها بكل حكمة وبعد نظر، لكي تحافظ على دورها الاقليمي. اما مضمون التباينات المنوه اليها اعلاه والاقتراحات التي سيبنى على حلها وتحقيقها، برنامجاً موثوقاً به لعلاقات ثنائية مستقبلية، واسعة ومنتجة اقتصاديا وسياسياً وثقافياً، فيمكن تلخيصها بالآتي:

 

ں المبادرة الى مشروع مسح كامل لكل الحدود اللبنانية السورية واقرار آليات وجدول زمني معجل لترسيمها وفق الاصول القانونية الدولية.

 

ں المبادرة، بصورة متزامنة، بانشاء واعتماد مبادىء العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.

 

ں الكف النهائي والفعلي، عن التدخل السوري في الشؤون الوطنية اللبنانية واحترام جدي لكل قرارات مؤسساتها الاجرائية والتنفيذية بدون تفرقة، وعدم استغلال  نفوذها بصورة غير مباشرة من خلال رموزها او حلفائها في الداخل اللبناني، لعرقلة او شلّ قرارات تعتبرها، من زاويتها فقط، غير منسجمة مع مصالحها الاستراتيجية.

 

ں المبادرة ايضا الى انشاء، كلما اقتضى الأمر، لجان مشتركة في أي من القطاعين العام والخاص، لحل وادارة الشؤون التي تهم البلدين والاتفاق حول خطة تعاون وتنسيق متكاملة، تنسجم مع المصالح الثنائية واصول العولمة التي توجه اليوم، العلاقات الاقتصادية الدولية، وذلك تحت اشراف ورعاية مسؤولي الوزارات المختصة والممثلين للقطاعات الاخرى المعنية.

 

ب – في العلاقات الدولية

 

ں المسح الكامل لكل القرارات الدولية العائدة الى الشؤون اللبنانية، ووضع تقرير شامل للمراحل التي اجتازتها كل هذه المواضيع والملفات، واعتماد خطة لملاحقتها وتحقيقها بالأوقات المناسبة والمرجوة.

 

ں السعي من خلال التعاون الاميركي والاوروبي  لنيل المساعدات والتمويلات الطويلة المدى بفوائد مخفضة للخروج من الازمة الاقتصادية والحياتية الخانقة من اجل استعادة حركة النمو وتحصين الساحة اللبنانية من اخطار التجاذبات الاقليمية والدولية.

 

ں السعي الدولي للمحافظة على الكيان اللبناني وترسيخ دوره ليستمر وطن "رسالة وتعايش الطوائف والثقافات".

 

لا بدّ في ظل هذا الاقتراح العام، ان يتزامن تنفيذ مضمونه، للتخفيف من حدة الصراعات الداخلية والاقليمية والحؤول دون عملية اعادة تأهيل هيكليات الدولة وتصاعد الدين العام وضرب التوازن الاجتماعي والاقتصادي والمسّ بالسلم الاهلي، الذي بدونه، لا استقرار ولا استمرار ولا تماسك في نسيجه. فأمام ما يعيشه المواطن اللبناني من تجاذبات وتساؤلات حول المستقبل من جراء الرمال المتحركة التي لا تزال تعبث في مصير الوطن مهددة كيانه، والرياح الاقليمية التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط، خصوصا على خطوط التماس العراقية، الاردنية، السورية، اللبنانية، الفلسطينية والاسرائيلية، سعينا في هذا المشروع الى تقديم بعض الاقتراحات العامة والاساسية، بكل موضوعية وتجرّد، خدمة لتوطيد وتثبيت تضامن جميع الفرقاء في الوطن، في مرحلة دقيقة من تاريخه، وتقديراً لشجاعة وصبر ووطنية أبنائه الذين ما زالوا، رغم المآسي والتهديدات التي يتعرضون لها كل يوم منذ اكثر من ثلاثين عاما، يحافظون على ارادتهم في التعايش الحرّ والمستقل والمتنوع، على أمل ان يلقى كل ما سبق آذانا صاغية وارادة حكيمة وجدّية من الجميع، للعمل المخلص والدؤوب لحلّ كل الفجوات والفخاخ التي تتعرض للسلامة العامة والسكينة الفردية والاجتماعية وسياسة حسن الجوار.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

رسالة مفتوحة الى النائب محمد رعد

 

بقلم حسان القطب

 

 

 

ان المقاومة في لبنان جزء من حياة  هذا الشعب وتربيته وممارسته. عام 1936 شارك اللبنانيون في ثورة الشعب الفلسطيني ضد المحتل البريطاني والمستوطن اليهودي آنذاك وصولا الى عام 1948 حين استسلمت  الانظمة العربية للأمر الواقع وسلمت بوجود الكيان الصهيوني باعتبار ان هذه الانظمة هي في حد ذاتها امر واقع ايضا.

 

عام 1956 عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر شارك العديد من اللبنانيين في الدفاع عن مصر وشعبها وليس عن نظامها.

 

عام1959 عندما تمت الوحدة بين مصر وسوريا وكانت الفرحة عامرة في لبنان وسواه من الدول العربية والاسلامية لأن الجماهير وخصوصاً في لبنان اعتبرت ان الوحدة خطوة على طريق التحرير والمقاومة لانهما كانا اولوية على التطوير والتنمية.

 

عام 1967 عام الهزيمة انتفضت كل جماهير لبنان للمشاركة في لجان المقاومة الشعبية للذود عن الوطن ولحماية الشعب الفلسطيني ولاعادة الروح والمعنويات الى شعبنا الذي هاله ما حدث.

 

عام1969 عندما انتفض الشعب الفلسطيني  ومعه الشعب اللبناني مطالبا بحقه في حمل السلاح ومحاربة الكيان الغاصب والغاء مقولة ازالة اثار العدوان الى محاربة العدو الصهيوني واسترجاع فلسطين (كل فلسطين). كان الجميع الى جانب هذه الانتفاضة دون استثناء وتحمل الشعب اللبناني الكثير من المعاناة والمشاحنات والتدخلات والاساءات التي ادت الى انقسامات حتى وقع الاحتلال الصهيوني عام 1982.

 

عام 1982 سقطت اول عاصمة عربية (بيروت) وكان التحدي الكبير (مواجهة الاحتلال وانجاز التحرير).

 

وانطلقت المقاومة بروحية جديدة ومفهوم جديد عنوانه دحر الاحتلال وتحرير الارض وابقاء القضية الفلسطينية حية في قلب كل الجماهير المؤمنة بعروبة فلسطين وبالقدرة على تحريرها رغم كل الصعوبات والتحديات التي نواجهها وان لا تثنينا الطعنات التي نتلقاها من ذوي القربى حاملي الشعارات فقط عن التركيز على قضية التحرير والتحرير فقط.

 

من صيدا انطلقت المقاومة الاسلامية وامتدت على مساحة مناطق الاحتلال وكان اول شهدائها الشهيد سليم حجازي والشهيد بلال عزام ثم استشهد قائدها الشهيد جمال حبال ومعه كوكبة من الشهداء الذين انطلقوا من رحم الجماعة الاسلامية والحركة الاسلامية على وجه العموم ولم يوفر هؤلاء المقاومون جهدا لمساعدة اخوانهم في حزب الله عندما كانوا في بداية انطلاقتهم وبعد التحرير عندما كانت مدينة صيدا تستقبل الوافدين من عناصر حزب الله الهاربين من ظلم ذوي القربى.

 

ومن بيروت انطلقت المقاومة الوطنية ايضا وشاركت مختلف الاحزاب والقوى الى جانب المقاومة الاسلامية لتحرير العاصمة وسائر الاراضي المحتلة وقدمت الكثير من الشهداء.

 

الى ان حل عهد الوصاية على كل شيء حتى المقاومة واصبحت حكرا وشرفا.

 

نقول للسيد محمد رعد الذي استضافته صيدا كثيرا عندما كان يتعرض للمضايقات والاساءات والتهديدات من ذوي القربى.

 

ان شعبنا ليس في حاجة لدروس في المقاومة من احد فهذا التاريخ الذي سردناه اعلاه فيه من الدلالات ما يكفي. ثم ان الحرب الاهلية التي عشناها على مدى عقود اعطتنا دروسا قاسية لمسناها جميعا وعلمتنا ان نكون في خدمة شعبنا وليس في خدمة اي نظام ولا ضرورة كي ينام اي نظام قرير العين كما يريد الشيخ نعيم قاسم فيما عيون اولادنا مفتوحة على كل الاخطار.

 

وكما حاربنا جميعا دون استثناء كل الاحتلالات كلنا قادرون على محاربة اي استقواء وهيمنة وتكبر.

 

كذلك ان سياسة التخوين والتخويف لن تجدي نفعاً كما ان لغة الاكثرية والاقلية التي تمارس في العراق لا ضرورة لتكرارها في لبنان.

 

لذلك لا بد من تحديد الاولويات واعتبار ان اي خلاف داخلي مقبول ما دام حول مصلحة عامة او رؤية مختلفة، اما على طريقتكم يا سيادة النائب، فهذا سيدعونا لاعادة النظر في كل شيء ومحاولة فهم كل موقف وتصريح وكل خطاب كما ينبغي وكما يجب. كما يقول السيد نواف الموسوي لأن في ذلك تنوع وغنى وحتى لا يظن احد انه يمسك بناصية البلد فيقودها حيث يشاء داخليا وخارجيا.

 

في الملف الداخلي كيف نفهم التهجم على القاضي ميليس ولجنته بشكل شخصي وكأنه مرشح للانتخابات على لائحة منافسه سوى الرغبة في التشكيك وصولا لرفض نتائج التحقيق؟

 

وكيف نفهم الاهتمام المفاجىء بالملفات الداخلية واتهام الحكومة بالتقصير في القضايا المعيشية والحياتية للمواطنين وصولا للتظاهر والشتائم؟ فأين كنتم عندما كان هناك معابر خاصة وارصفة بحرية وخوات واتاوات وتوظيف غير مبرر باشراف عهد الوصاية الاخوية مع ما يسببه ذلك من خسارة للمال العام الذي يذهب الى جيوب بعض المنتفعين اضافة الى ما يهدر؟ (ولا ضرورة لتعداد ابواب الهدر فسعادتكم تعرفونها).

 

ماذا لو اجتمعت كل طائفة وايدت وزرائها وما اتخذوه من قرارات فالى اين يؤدي هذا برأيكم؟

 

وكيف تتهمون الاكثرية بممارسة الديكتاتورية عبر التصويت؟ اليست الاقلية من يمارس ديكتاتورية "الفيتو" بانسحابكم من مجلس الوزراء؟ ومن سيجرؤ على المشاركة من الشيعة وقد جعلتم المجلس الشيعي الاعلى فريقاً؟ اوليس في ذلك تكريساً لفيديرالية او كونفيديرالية الطوائف التي تتهمون الآخرين بالتفكير فيها وليس بممارستها؟ ان ما نخشاه يا سعادة النائب ليس الخطاب المتشنج الذي نسمعه منك ومن علي عمار ونواف ا لموسوي وليس من النبرة المتحدية والمتعالية للشيخ نعيم قاسم بل مما نسمعه من قواعدكم الشعبية وما قد يؤسسه هذا من انقسام وفرقة لا يعلم عواقبها الا الله.

 

لقد اعتدتم يا سعادة النائب، وعلى مدى خمسة عشر عاماً من احتكاركم للمقاومة ومفهومها على ممارسة السياسة دونما انتقاد من احد حرصا عليكم وعلى الوطن وحماية للسلم الاهلي ومنعا للعدو الصهيوني من العبث بامن المواطنين، ولكن هذا لا يعطيكم الحق ابدا في التصنيف واصدار شهادات حسن السلوك والوطنية ساعة تشاؤون ولمن تريدون.

 

يا سعادة النائب ان اسرائيل عدو سواء صافح بشار الاسد رئيسها كاتساف ام لا. واميركا دولة محتلة ومهيمنة هنا وهناك. السؤال هو كيف نحصن ساحتنا الداخلية حتى لا نسمح للعدو بإشاعة الفرقة وان لا نعطي اميركا فرصة للهيمنة؟ فاذا كنتم تعتقدون ان خطابكم هذا يؤدي الى ذلك، فبه ونعم، والا فعليكم مراجعة خطابكم ومواقفكم خلال الفترة الماضية واسألوا انفسكم هل كل اللبنانيين الى جانبنا حاضنين للمقاومة كما كانوا في نيسان 1996؟