ولاية الفقيه المطلقة والاستبداد الديني

بقلم آية الله العلامة المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي

عن مجلة الشراع عدد 9 تشرين الأول/09

 

 

*للفقيه سلطة ضيقة وهي رعاية الأحكام الدينية وحفظها من التلاعب وتبليغها والدفاع عنها فليس من حقه التشريع بما تحلو له ذاته وشهوته وبحسب ذوقه القياسي والاستحساني

 

*أية دعوة للدفع بثقافة التكليف تنطلق من الفردية الفقهية الاستبدادية باعتبار تنصيب الحاكم الولايتي نفسه قيماً على العباد هو منصب خاص بالمعصومين من أهل البيت

 

*أليس من الاستبداد أن يتجاهل حكام إيران صرخات الشعب المطالبة بتأمين فرص العيش الكريم بدلاً من هدر أموالهم لصالح حزب السلاح في لبنان وأعوانه من الاحزاب اليسارية والإلحادية؟

 

*أوليس من الاستبداد أن تنفق بليارات الدولارات على حركتي حماس والجهاد وحزب السلاح في لبنان من أجل بسط نفوذ المصالح القومية الإيرانية في حين يحرم الفقراء والمساكين في إيران وآلاف النساء اللاتي يتعاطين الدعارة في تركيا والخليج لأجل لقمة العيش؟

 

*أليس من الاستبداد أن يصعد زعيم حزب الله في لبنان مهدداً بقطع لسان كل من ينتقد تصرفات قادة المقاومة أو يمس بأحد قياداتها وكأن هؤلاء مقدسون معصومون ومنـزهون عن الخطأ أو الجهل والظلم وهو أمر كان ينتقده بنو أمية وبنو العباس في أمرائهم وقاداتهم؟

 

*سياسة خامنئي ومن يلوذ به في لبنان هي كسياسة بني أمية القائمة على مبدأ أخذ السلطة بالشوكة وعلى قاعدة عبد الملك بن مروان القائل ((من قال لي إتق الله ضربت عنقه))

 

*هدمت قبة الإمامين العسكريين في سامراء العراق ولم تتحرك حمية البطل نصرالله التي لا تتحرك إلا على حماس وحركات التحرر العربي وقطر التي يوجد على أرضها قنصلية للصهاينة. كما لا تتحرك شهامته إلا على من لاذ به ورفع صورته على رأسه أو صدره حتى ولو كان الرافع داعرة مشهورة

 

*قتلى ((أمل)) يعتبرهم نصرالله كفاراً لكن فتحي يكن مؤمن يستحق الترحم عليه!

 

*أليس من الظلم أن يصعد نصرالله وقاسم بكل عصبيتهما وحدتهما على القنوات ليتحديا إرادة أكثر اللبنانيين من أجل فرض إرادة الحزب الإلهي المليء بقطاع الطرق ووطاويط الليل الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة على من ناوأهم

 

*إذا كان هم الحزب المواطن اللبناني والفلاح الجنوبي لم لا يمنع الأمين العام عتاته وشذاذ الطرق من إرعاب النساء والأطفال والعجائز والمرضى بأزيز الرصاص والمفرقعات التي هي أشد من قذائف الهاون؟

 

*يجب أن يتحرك أصحاب الضمائر الحية في هذا الحزب الذي لو سار على الطريقة الوسطى لكنا من أوائل المناصرين له ولكنهم أرادوا الاستبداد بكل شيء في الوطن

 

*إيران تريد أن تكون القوة الكبرى في المنطقة ولو عمل أركان النظام على ذلك بقوة الاقتصاد كما فعلت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لكان خيراً لها ولما اهتز نظامها نتيجة ظلمه للشعب وبعض الأطر التي لها فضل على قادته

 

*ليعلم الشيعة المتحزبون ان من ينسلخ عن إخوانه في المواطنية والانسانية لأجل المصالح الحزبية التي لا تعرف سوى صوت البندقية هو خاسر الإيمان

 

*على الشرفاء الشيعة من كتاب وإعلاميين وسياسيين وأطباء وعلماء وغيرهم من الناشطين القيام الفكري بوجه الأراجيف والأباطيل التي ينشرها الثنائي المتحكم بالطائفة الشيعية وبقية الطوائف في لبنان

 

*على الجيش أن يبرهن عن رجوليته بفرض وجوده على المسلحين المنتشرين أمامه في الضاحية وبيروت بدلاً من أن يظهر عجزاً واستكانة أمام وحش كاسر ومهما كانت مبررات سكوته فلا تعطيه الحق بالتكاسل عن نصرة المواطن المستضعف

 

*إذا بقي على هذه الحال فلا يكون مخولاً بحمايتنا وثقتنا به فنحن لا نريد جيشاً خائفاً وخاضعاً للميليشيات

 

على ضوء الحوادث المستجدة على الساحة الإيرانية بين المتشددين المتزمتين بقيادة الخامنئي وبين الإصلاحيين المعتدلين بقيادة رفسنجاني وخاتمي وكروبي ومير حسين موسوي، ارتأيت التحدث عن السبب أو المنشأ الذي أدّى إلى التصادم بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد والصف الفقهي الواحد، ألا وهو استبداد وتسلط الحاكم الديني، مما استلزم قيام هذه الثلّة من العلماء وغيرهم من الفقهاء لمناهضة الحاكم المستبد بإسم الدين، لأن إزالة الاستبداد الديني أصعب وأشدّ من إزالة الاستبداد السياسي – على حدّ تعبير الشيخ النائيني أستاذ السيد الخوئي رحمهما الله تعالى – ولا يمكن للساسة إزالته لكونه يمسّ عواطف الناس ومشاعرهم الدينية فلا بدّ حينئذٍ من شبيه ديني لإزالته وهذا ما يسعى إليه المتدينون الإصلاحيون وجماعة من المحافظين كمحسن رضائي، لأجل هذا نحاول هنا استجلاء الواقع الاستبدادي الذي يفرضه النظام الإيراني الحالي على معارضيه في إيران كما يفرضه أنصاره على الساحة اللبنانية لكل منتقد أو مصحح لنهجهم المعوجّ ومسلكهم الملتوي الذي رتّب أضراراً فادحة على المسلمين الشيعة عموماً، وفي لبنان بوجه خاص.. لذا أقول وبه أستعين وعليه أتوكل:

 

الاستبداد في اللغة هو التعسّف في الحكم، وهو مرادف للدكتاتورية التي تعني في القاموس اللغوي والسياسي أيضاً: ((حصر الفرد الحاكم للسلطات الحكومية كلها في يده أو في يد من يرتضيه)) لذا فإنّ كلمة ((ديكتاتور)) تعني المستبدّ في حُكمه، فالاستبداد يعني أن يستقل الفرد الحاكم بالسلطة دون خضوع لقانون فوقاني يهيمن عليه أو قاعدة عقلائية تُرشد تصرفاته بل هو فوق القانون والسلطة، كما أن المستبد لا يعتني برأي المحكومين، لأنّ رأيه هو الفصل الحكم وهو الحق والصواب، فإذا ما توافق المحكومون معه نالوا رضاه وإلا فإن ناره لهم بالمرصاد، فيجب على الجميع أن يصدقوا أقواله وأفعاله خوفاً من سطوته، وهذا كما قال الشاعر: إذا قالت حذام فصدّقوها فإنّ القول ما قالت حذام

 

وقد عانت الأقطار الإسلامية قديماً وحديثاً من الاستبداد على أيدي الحكام المتزينين بزيّ الدين منذ رحيل النبيّ الأكرم محمد، بدءاً بحكم مغتصبـي الخلافة ومروراً بسلطة خلفاء بني أمية والعباس وانتهاء بحكم الدولة العثمانية ونظام المتصرفية والملوكية التي كانت مهيمنة بالقوة والبطش على مساحات واسعة من بلاد الدول العربية وما يزال بعض فلولها مهيمناً على بعض البلاد الخليجية والشامية.. فهذه الحكومات استبدت بشعوبها فصار القمع والكبت هو لغة السلطة في مواجهة المعارضة السياسية، ومن هنا يصف الشيخ محمد رشيد رضا المتوفى عام 1935م المرحلة الأموية فيقول: ((لقد استبدوا عهداً إذ قال خطيبهم عبد الملك بن مروان: من قال لي اتق الله ضربت عنقه))، ولم يقتصر الأمر على التهديد والوعيد للمعارضين حتى جاء مشايخ السلطة ليدعموا الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك بن مروان فشهدوا له على أنه ليس على الخلفاء حساب ولا عذاب، لذا وصل الأمر بيزيد بن عبد الملك إلى الاستهانة بواقع المحكومين فاعتبر المسلمين ملكاً له حيث أنشد قائلاً:

ونحن المالكون الناس قسراً نسومهم المذلّة والنكالا ونوردُهم حياض الخسف ذُلاّ وما نألوهم إلا خبالا

 

وهكذا استمرّ الحاكم الإسلامي بالاستبداد في تلك العصور إلى أن قام أحد أكابر العامة أبو حامد الغزالي بتنظير فقهي وسياسي لانفراد الحاكم بالسلطة المطلقة من دون محاسبة أو رقابة من الأمة، فقام بالبحث عن مبرر شرعي وفقهي لإقصاء الأمة عن دورها في عملية اختيار الحاكم، فوضع أيديولوجيا عامة للسلطة السياسية حيث شرّع مبدأ (أخذ السلطة بالشوكة) مع أن الإدارة أو السلطة عقد بين الحاكم والمحكوم أو ما يسمّى بالإمارة السياسية فألف للناس كتابه (إحياء علوم الدين) ليعودهم على الصبر والتوكل والرضى فتسخير السلطة للحاكم، وتسخير الطاعة للمحكوم بات السمة الكبرى لأنظمة الشعوب العربية إلى يومنا هذا تحت عناوين متعددة فصارت البيعة للحاكم معنونة بالطاعة لله تعالى لأن عصيانه يعني شقّ عصا المسلمين، فصارت الأمة مجرد أداة للحاكم المفروض الطاعة من قبل الله تعالى فلم يعودوا يفهمون قوله تعالى (وأمرُهُم شورى بينهم) إلا على نحو مشاورتهم للحاكم المنصّب من قبل الله تعالى – سواء أكان الحاكم أشعرياً أو شيعياً ولايتياً يؤمن بولاية الفقيه العامة – فالحاكمية المطلقة هي للحاكم والسلطان.

 

وهي نظرية منشؤها الفكر الأشعري المتمثل بالمذاهب الأربعة، من هنا عرض مسلم في صحيحه الكثير من الأخبار المنسوبة إلى النبيّ الأعظم لتبرير تعسّف الحاكم وأن على الأمة أن تطيعه ولو ضرب ظهرها بالسياط لأنّ إرادة الله تعالى تحلُّ فيه فلا يجوز الاعتراض عليه، وهذه الفكرة نفسها هي المنشأ الأصلي لولاية الفقيه المطلقة التي استمدّها السيد الخميني من الشيخ النراقي (المتوفى عام 1244 هجري) المؤسس الأول لولاية الفقيه العامة وقد استمدّها بدوره من الفكر السنّي الأشعري، لذا فلا يجوز للأشاعرة أن يتهكّموا على الشيعة فقط لاعتقاد بعض علمائهم بولاية الفقيه العامة أو المطلقة كما أرادها السيد الخميني في حين أن جذورها أشعرية، نعم لهم أن يتهكموا بالدليل والبرهان على كل من يعتقد بها سواء أكان شيعياً أم أشعرياً..

 

ولو تأملنا في ماهية نظرية ولاية الفقيه المطلقة لوجدناها ترتكز على نظريتين فقهيتين وعقائديتين معاً، إحداهما للمعتزلة وهي التفويض الإلهي لأفعال العبد – سواء أكان العبد عادياً أم فقيهاً – وثانيهما نظرية التصويب الإلهي للفقيه، فكلا النظريتين تصبّان في اتجاه واحد هو ((إصابة الفقيه لإرادة الله تبارك اسمه وتعالى مجده، فلا يجوز – بحسب النظريتين المتقدمتين – تخطئة الفقيه لأن ذلك يستلزم تخطئة حكم الله تعالى وهو كفر وإلحاد))، ومعنى التصويب الأشعري هو (أن يعتقد المكلف بأنه ليس لله تعالى في كل واقعة حكم بل يدور مدار ما يؤدّي إليه ظن المجتهد) والتصويب المعتزلي معناه (ان لله تعالى في كل واقعة حكماً ولكنه ينقلب إلى ما يوافق رأي المجتهد)، فالشيعة من أتباع الولاية المطلقة للفقيه يعتقدون بهذا عينه من حيث ان الفقيه يعبر عن الارادة الالهية فهو لا يخطىء ابداً بل الحق يدور معه حيثما دار – وكأنه معصوم لا يخطىء ابداً – لأنه نائب عن الامام المهدي (عليه آلاف التحية والسلام) باعتباره المعصوم بحكم الادلة القاطعة من الكتاب والسنة، من هنا ترونهم يخطئون كل الفقهاء وكل الناس الا فقيههم وأتباعه لكونههم يعبرون عن إرادته التي تكشف عن إرادة الله عز اسمه، فيفرضون على عامة الناس الانقياد اليهم والانصياع لأفكارهم والا فإن مصير المخالف لهم هو الكفر والزندقة، ولكنهم لا يعبرون عن ذلك مباشرة بل يحاولون القاء التهم الموجبة للتفكير والخروج من الدين بإسقاط العمالة والخيانة للوطن او الخيانة للمقاومة التي لا يجوز المساس بها على الاطلاق، فالفقيه – بحسب نظرية التصويب – مصيب دائماً لا يخطىء ابداً بل الآخرون الذين لا يفهمون مراده ولا ينفذون اوامره هم المخطئون، لذا يجب علاجهم بالمال والجاه والا فالبقوة والهلاك او الابعاد والاقصاء ريثما تتاح الفرص لعلاج اعظم ربما هو القتل من باب المصلحة الالهية، فهم مصوبة بكل ما للكلمة من معنى، كما انهم مفوضة ينطبق عليهم مبدأ التفويض المعتزلي – كما اشرنا آنفاً – ولكن بتغيير طفيف مفاده ((بأن للفقيه ما لرسوله الكريم واهل بيته الطاهرين عليهم السلام لأن ذلك ما فوّضه الله تعالى لرسوله وأهل بيته الابرار ((صلوات ربي عليهم اجمعين) فلهم ان يحللوا ما شاؤوا وان يرحموا ما شاؤوا وان يفعلوا ما شاؤوا وقد استدل اصحابها على ذلك بأن لرسول الله واهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) الولاية التشريعية المطلقة، فبإمكانهم ان يحللوا ويحرموا.. ونحن فنّدنا هذه النظرية الفاسدة في بحوثنا العقائدية والفقهية لا سيما في بحثنا الفقهي (ولاية الفقيه العامة في الميزان)، ننصح المفكرين والفقهاء والمهتمين بالنقوض على تلك النظرية المشؤومة بالتعمق فيه وهو مبثوث على موقعنا على الانترنت www.aletra.org وقلنا بأن لرسول الله وأهل بيته ولاية تشريعية مطلقة من حيثية كونهم معصومين مطهرين لا يفعلون الا الذي يعكس ويعبر عن ارادة الله تبارك وتعالى فهم مرآة لإرادته عز وجل فلا يحللون ولا يحرمون الا ما ارتضاه المولى عز وجل بل يمكننا القول بضرس قاطع بأن المراد من الولاية المطلقة هي ولاية حفظ الاحكام ورعايتها وتبليغها والدعوة اليها، من هنا نزل الامر الالهي على نبيه الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى ((ليس لك من الامر شيء)) وقول مولانا الامام الصادق عليه السلام كما جاء في صحيح زرارة، قال سألته عن الحلال والحرام فقال عليه السلام: ((حلال محمد حلال ابداً الى يوم القيامة وحرامة حرام ابداً الى يوم القيامة لا يكون غيره ولا يجيء غيره))، فالاعتقاد بالولاية المطلقة للنبي واهل بيته الطاهرين عليهم السلام لا يقتضي بالضرورة – حسبما توهم السيد الخميني – ان يحللوا حرام الله ويحرموا حلال الله لقوله تعالى ((ليس لك من الامر شيء))، وقوله تعالى: ((ولو تقول علينا بعض الاقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين))، فولاية الرسول الاعظم وآله الطاهرين عليهم السلام هي – كما اشرنا آنفاً – ولاية حفظ الاحكام من التلاعب بها وتحريفها ثم ولاية تبليغها للآخرين، فهم محدثون عن الله تعالى وناقلون لأحكامه وليس كما يدعي السيد الخميني بأنهم يحللون حرام الله عز اسمه ويحرمون حلاله، فإن ذلك من التقول عليه تبارك وتعالى، فقصاصه عند الله تعالى في الدنيا ان يقطع منه الوتين والعذاب في الآخرة!.. ولو فرضنا انهم حللوا ما حرمه الله تعالى لكانوا بذلك مفترين على الله تعالى في حين قامت الادلة القطعية من الكتاب والسنة المطهرة بتنـزيههم عن كل ذلك بل هم عباد مخلصون لقوله تعالى ((عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)) ((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً))، وقولهم ((عليهم السلام)) (نحن اوعية مشيئة الله ان شاء الله شئنا) فمشيئتهم من مشيئة الله، وإرادتهم من ارادة الله تعالى، فهم تابعون لإرادته فليس لهم ارادة غير ارادته وليس لهم كيان غير كيانه ((فليس غيره في الدار ديّار))، ((وليس وراءه عبادان قرية)) فالمراد من ولايتهم التشريعية هو ولاية الحفظ والرعاية والتبليغ والانذار والهداية ولا يراد منها ما توهمه اصحاب هذه النظرية، فسلطة الولاية عند الفقيه الولايتي مستمدة – كما اشرنا آنفاً – من نظرية التصويب الاشعري والتفويض المعتزلي، وهكذا صار الاستبداد المشر عن جزءاً من الفكر السياسي الاسلامي بكلا شقيه – الشيعي المتسيس والاشعري السلفي المتصلب – بحيث صار ينظر اليه بقداسة دون تمحيص من قبل بعض فقهاء الشريعة امثال الشيخ النراقي مؤسس فكرة ولاية الفقيه العامة ثم تبعه بعض المتأخرين ممن لا قيمة لآرائهم الفقهية المبتنية على القياس والاستحسان، فلم يميز هؤلاء بين النصوص الشرعية المقدسة المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة الضرورية التي لا تقبل الاجتهاد والتأويل وبين اجتهادات الفقهاء وممارسات الحكام، فاعتبروا الجميع نصاً اسلامياً مقدساً لا يجوز نقده او خدشه بالرغم من تباين الظروف والاحداث، وكل من يخدش به فهو خارج عن الدين ويستحق القتل او التعزير او التوهين او الاقصاء والاهانة (كما يحصل الآن على الساحة الايرانية بين السلطة السياسية المستبدة وبين المعارضة الاصلاحية السلمية بقيادة السيد مير حسين موسوي المدعوم من الشيخ رفسنجاني والسيد الخاتمي والشيخ كروبي وكلهم من اولاد النظام)، والسر في ذلك – بحسب هذه النظرية الموهومة – ان الحاكم سواء أكان مجتهداً ام عامياً، يعبر عن ارادة الله تعالى – وهو ما صرح به علناً الشيخ محمد تقي مصباح يزدي قائلاً بأن طاعة محمود نجاد طاعة الله تعالى – والحاكم منتخب من قبل الله عز وجل لقيادة الامة ولو كان هذا الانتخاب بواسطة جماعة من الفقهاء وهو ما يصطلح عليه في الجمهورية الايرانية بنظام شورى الفقهاء ومهمته تعيين المرشد الحاكم كما تنص على ذلك المادة الخامسة من دستور الجمهورية الايرانية، وهؤلاء الفقهاء منتخبون من قبل الشعب، فتعيين الله له انما يكون من قبل تعيين الفقهاء له، ولست ادري كيف صار المرشد الاعلى وهؤلاء الفقهاء عين الله الناظرة في خلقه وهم بأمس الحاجة لمن يقومهم لكونهم معرضين للأخطاء بحكم عدم عصمتهم؟!! وكيف انه تعالى جعل ارادته فيهم ايضاً مع ان اختيارهم للخامنئي صار موضع استنكار ورفض من قبل ثلة منهم على رأسهم الشيخ رفسنجاني نفسه الذي دعا سابقاً اليه وكان متحمساً له بشدة!! وهل تبدلت ارادة الله تعالى بتبدل ارادة هؤلاء الفقهاء فتدور ارادته تعالى مدار ارادة هؤلاء الفقهاء الذين يخطئون ويصيبون؟! وهل صارت ارادته تعالى مناصفة بين المؤيدين للخامنئي وبين الرافضين له، فتصير ارادته تعالى محلاً للتناقض والتعارض وقد قام الدليل العقلي على استحالته؟! كما انه أمر مرفوض – عندنا نحن الإمامية – جملة وتفصيلاً لمخالفته لجلال الله تعالى المعصوم عن الزلل والخطأ والمحاباة؟؟! وهل ان الله تعالى اراد للخامنئي ان يدوس برجله كرامات النساء بضربهن في الطرقات امام الملأ وقتل بعضهن وهتك سترهن وخدرهن بل واغتصاب ثلة منهن ودفنهن سراً في مقبرة بهشت زهراء؟ فقد ذكرتنا هذه المشاهد المرعبة بما فعله المغتصبون للحكم بعد شهادة رسول الله، فقد اقدم قادة وجلاوزة النظام على أذية الصديقة الكبرى الزهراء البتول، عليها السلام، عندما حاولت منعهم من قهر الإمام علي، عليه السلام، على البيعة لأبي بكر فتناوبوا على ضربها ورفسها بأرجلهن وتكسير اضلاعها، فما الفرق بين خالد بن الوليد وبين بعض حرس الثورة الذين تناوبوا على اغتصاب فتاة في سجن إفين؟؟!! فما فعله النظام الايراني الحالي نظير ما فعله المتقدمون لا يختلفان بشيء ابداً، فإمتهان كرامة المرأة والشباب العزل لمجرد مطالبتهم باعادة الانتخابات لاعتقادهم بحصول تزوير فيها صار من الواجبات الدينية عند الحاكم الولايتي تماماً كما كان في عهد المغتصبين السابقين؟؟!! لا لشيء سوى ان الله تعالى اراد للجمهورية الايرانية العزة والبقاء ولو كان ذلك على حساب الدماء البريئة والنساء المستضعفات اللاتي أمر النبي الأكرم بمداراتهن والاحسان اليهن بقوله عليه السلام: ((اتقوا الله تعالى في النساء)).. لكن ولاية الفقيه الالهية لها احكامها الخاصة بها حيث يكون لها حيثية الحاكمية على كل الاحكام الضرورية في الاسلام وعند عامة العقلاء فهي خارجة تخصصاً وتخصيصاً عن المحاسبة والمعاتبة والاتهام فلها الحق بالمحاسبة والمعاقبة من دون جدال لأن الخامنئي الحاكم ينطق عن الله تعالى، وما ذلك الا توافقاً مع نظرية الكسب الاشعرية القائلة بأن ارادة الله تعالى في عباده وهم كسب لها بمعنى انهم آلة لتحقيق تلك الارادة..!

 

ان طبيعة التركيبة الفقهية لولاية الفقيه تركز على فهم خاص للنصوص الدائرة حول صلاحية الفقيهن فنحن وفقاً للأدلة القطعية وللشهرة العظيمة والمطبقة بين فقهاء الإمامية قديماً وحديثاً – والخارج عنها شاذ متروك – لا نرى للفقيه صلاحية الا في حدود خاصة وضيقة اصطلح عليها بالأمور الحسبية المتعلقة بإدارة شؤون الايتام والارامل وغير ذلك من الامور الخدماتية الخاصة، ويرى فريق آخر وهو ضئيل جداً على الساحة العلمية الشيعية ان للفقيه من صلاحيات يعتقد اصحابها انها الصلاحيات نفسها للإمام المهدي وآبائه الطاهرين (عليهم السلام) فله سلطة عامة على كل التشريعات والقوانين والحريات والأديان والمذاهب، بل له سلطة حتى على بقية الفقهاء والعلماء والمؤمنين الذين لا يتوافقون معه، فولايته على كل شيء من دون تخصيص بجماعة او دين او زمان دون آخر، كما لا يجوز للآخرين الاعتراض او المناقشة لآراء الولي الفقيه والا يتعرض للعقوبة والمحاسبة في الدنيا والعقاب الأليم في الآخرة، وقد تصل الى الإعدام والسجن المؤبد وقد شاهد العالم اليوم خلال الانتخابات الايرانية لعام 2009 م كيف وصل الامر بالمرشد الاعلى الى تسليط اجهزته الامنية لقمع المنددين بنتائج الفرز بسبب حصول تـزوير في الاصوات لصالح نجاد، وقد ذهب ضحية القمع – الذي لم نر له مثيلاً الا في الانظمة الديكتاتورية الشيوعية والاشتراكية والقومية والشعوبية – العشرات من المظلومين المستضعفين ليس ذلك الا لأنهم طالبوا بحقوقهم الوطنية المنصوص عليها بدستور نظامهم، ولكن كلمة المرشد القائد يجب ان تكون هي الاعلى بحسب مبدأ ولاية الفقيه المطلقة التي ابتدعها السيد الخميني، وهي – كما اشرنا آنفاً – نظرية مخالفة لصميم القرآن وسنة النبي وآله الطاهرين (صلوات ربي عليهم اجمعين)، كما وانها مسألة فقهية وليست عقائدية كما يتصور كثير من الساسة اللبنانيين الذين ناقشوا على القنوات الفضائية نظرية الولاية، وربما اخذوه عمن كتب عن الولاية المطلقة للفقيه (وأولهم من كان استاذاً لنا في تفسير القرآن والاخلاق عنيت به الشيخ جوادي آملي) حيث نظّر للأساس الديني لولاية الفقيه فجعلها من العقائد باعتبارها امتداداً لولاية الإمام بقية الله الحجة بن الحسن (ارواحنا لتراب مقدمه الفداء) وهو تصور خاطىء جداً ومخالف للضرورة وذلك لأن الولاية سواء أكانت خاصة ام عامة انما تعكس عن التشريع الفقهي لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وطبيعة التشريع تختلف عن الطبيعة العقائدية، فولاية ائمتنا الطاهرين (صلوات ربي عليهم)، والتي من ضمنها الولاية التشريعية هي من اصول الدين، فولايتهم أعم من كونها تشريعية، وبالتالي فلا يمكن قياس ولاية الفقيه على ولايتهم الاصلية بشقيها التكويني والتشريعي المستمدة منه تعالى بالنص القرآني والنبوي، وأين هذا من ولاية الفقيه المعرّض للذنوب والخطايا والآثام، وحتى لو كان الفقيه من أعدل المؤمنين وأتقاهم فلا تصل ولايته الى ولاية من افترض الله تعالى طاعته على عامة المخلوقين لعصمته وطهارته المطلقة، ودعوى ان انكار ولاية الفقيه العامة يقتضي انكار الولاية التشريعية للمعصوم عليه السلام دونها خرط القتاد وذلك لأن الفرق بين المسألة الفرعية والمسألة الاصولية العقدية هو ان الفرع مشتق من الاصل الذي دلت الأدلة على ان منكره وجاحده يعتبر في مصاف الكافرين بخلاف الفرع الا اذا ادى انكاره للفرع الى الجحود فيترتب عليه الكفر وهو أمر لا يقتصر على انكار الولاية العامة للفقيه بل يشمل كل الفروع الشرعية حتى ابسطها كالتطهير من النجاسة مرتين بالماء القليل فأي ميزة لولاية الفقيه العامة حيئنذ عن غيرها من مسائل الفقه حتى تتفرد بأصوليتها وعقائديتها دون غيرها من المسائل الفرعية؟؟!!

 

وبالجملة: لا يجوز شرعاً وعقلاً ان يتبنى اي فقيه لتلك الولاية الموهوبة من الله تعالى بالنص القرآني والنبوي لأولئك المطهرين عليهم السلام، فسحبها للفقيه يكون بدعة في التشريع، نعم قام الدليل الفقهي على وجود سلطة ضيقة للفقيه وهي ما يطلق عليها بالولاية الجزئية للفقيه، وهي رعاية الاحكام الدينية وحفظها من التلاعب وتبليغها والدفاع عنها، فليس من حقه التشريع بما تحلو له ذاته وشهوته وبحسب ذوقه القياسي والاستحساني كما هو ديدن ما يسمى بالولي الفقيه، وهي تسمية مبتدعة كما اشرنا للإيهام على السذج حتى ولو كانوا بثوب العلماء، فقد ألصقوا فقيههم بالمعصوم عليه السلام حتى لا يتجرأ احد على تخطئته والا عُدّ من الكافرين والمارقين فيستباح دمه..!!

 

سلطات الفقيه بحسب التقسيم الخميني:

ويمكن ان نلخص سلطات الفقيه بحسب ما جاء في كلمات السيد الخميني بالامور التالية:

 

1- ان افعال الفقيه واقواله حجة على الناس سواء أكانوا مسلمين ومؤمنين ام نصارى ويهوداً وزردشت وغيرهم من دون ان تقيد طاعته بأتباعه وأنصاره والمعتقدين به فحسب، بل تعم سائر الافراد والطبقات والمجتمعات سواء أكانت شيعية موالية ام معادية ام كانت على دين آخر، لأن التقييد خلاف الولاية، باعتبار ان معنى الولاية هي الحكم والحاكمية على الأنفس والاعراض والاموال ولا معنى لتأطير حكمه بأناس دون آخرين فلا يجوز معارضته ومناقشته على الاطلاق بحسب ما دلت عليه الأدلة على الولاية على حد زعم مؤسس الولاية، وكل من يدعي غير ما اشرنا اليه فهو إما جاهل بولاية الفقيه واما كاذب يوارب على الناس الحقائق، فما افاده ميشال عون احد الساسة اللبنانيين من انصار الحزب في لبنان من ان ولاية الفقيه لا يمكنها ان تفرض رأي الفقيه او تفرض حكم الدولة الاسلامية – من دون شعار الجمهورية الاسلامية – على الشعب اللبناني ينم عن جهل مطبق بما تؤول اليه ولاية الفقيه، ولا نلومه على جهله بها وهو مسيحي المعتقد ولكننا نلومه لكونه اخذ معارفه الولايتية – طمعاً بما عندهم من الجاه والشهرة والسلطة والمال – من اناس يكذبون من باب المصلحة الاسلامية، والكذب عندهم من الواجبات الدينية تحت عنوان ((الغاية تبرر الوسيلة)) او المصلحة العليا للمقاومة تقتضي الكذب تستراً على المشروع وحفاظاً عليه، فالحرام ينقلب الى حلال او واجب شرعاً بحسب قواعد ومباني الولاية وبما جاء عن السيد الخميني نفسه في كتاب صحيفة النور بأن له ولاية على الواجبات والمعاملات فيمكنه تغيير العناوين الاولية الى اخرى ثانوية، لكون ذلك من طبيعة ولاية الفقيه المطلقة ومن صلب وظائفها، فالكذب شيء طبيعي في فكر الولاة الجدد في عصر الحداثة والاصولية الشمولية الظالمة والحاقدة، فميشال عون يتعاون مع افراد لا يلتزمون بالحدود الشرعية الا بمقدار ما يصب في مصلحتهم، واكبر شاهد على ما نقول هو ما جرى علينا في حرب تموز/يوليو 2005، فقد سلط السيد حسن نصرالله على لبنان عدواً لا يرحم احداً، لا لشيء سوى عيون سمير قنطار وحماس في فلسطين – كما صرح بذلك السيد نصرالله علناً في خطابه الشهير احتفالاً بتحرير سمير قنطار حينما قال له باللغة العامية: لأجلك عملنا الحرب – ولأن محمود نجاد يريد لبنان دولة ايران الممانعة في الشرق الاوسط حتى يسمح لها بتصنيع قنبلة ذرية وإلا احرقت الاخضر واليابس في العراق ولبنان والعالم، وشاهد آخر على المصلحة الولايتية ما يجري علينا من الويلات والثبور وعظائم الامور في كل اطلالة للسيد حسن نصرالله او نبيه بري على قناة فضائية حيث يمطر اتباعهم الظالمون الغوغائيون الضاحية الجنوبية بالرصاص والمفرقعات (التي هي اعظم من الهاونات وقذائف المئة وخمس وخمسين عندما كانت تقذف على اللبنانيين ابان الحرب الماضية بين اللبنانيين والمنظمات اليسارية في السبعينيات)، ولو أدى ذلك إلى سقوط قتلى وجرحى في كل إطلالة – وقد حصل ذلك فقد سقط عدة قتلى خلال إطلالة الزعيمين – مع أن ذلك من أعظم المحرمات في شريعتنا!! ألم يسمعا حديث رسول الله ((لا ضرر ولا ضرار في الإسلام))؟؟ نعم سمعاه عن رسول الله ولكن الزعامة تُعمي القلوب وتصمّ الآذان!! فلا عجب أن يسرا سروراً عظيماً عندما يبتهج بهما خدام نعالهما بسبب عطائهما اللامحدود من المال والسلاح والشهرة والبلطجية وإرعاب مخالفيهم من الشيعة والسنّة والنصارى والدروز، ويستثنى من القاعدة كل من غالى بهما أو مسح نفاقاً على أكتافهما فلا غرو ان يتعاون الطامح والطامع بالسلطة – كميشال عون – مع نظيره نصرالله، كيف لا والطيور على أشكالها تقع، وكلّ الساسة في لبنان ساسة كذابون يتلاعبون بكرامات الناس وعقولهم ودمائهم وعواطفهم لأجل مصالحهم وسلطانهم..!!

 

2- على الناس السمع والطاعة – للفقيه المرشد ومعاونيه في أقطار العالم – شاؤوا أو أبوا، رغبة أو رهبة، فلا يجوز نقده أو الاعتراض عليه لأن معارضته تعني الاعتراض على الله تعالى وعلى الإمام المهدي (عليه السلام)، فالفقيه يمثل مكانة مقدسة لا يجوز المساس بها، تماماً كشخصية النبيّ محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام).

 

3- صلاحيات الفقيه لا تقلّ عن صلاحيات الرسول الأكرم وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) بل تفوق صلاحيات المعصومين عليهم السلام، فالمرشد فوق أي قانون بل هو القانون أو الحاكم على أي قانون.

 

4- الفقيه الوليّ المزعوم هو المتحكم بجميع شؤون الناس وقضاياهم.

 

5- كل من يخالف الفقيه يستحق العقاب الإلهي.

كل هذه الصلاحيات عبّر عنها السيد الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية وكتاب البيع وصحيفة النور. قال في كتابه الحكومة الإسلامية في فصل ((من المرجع في حوادث الحياة)) ص 80 (فالفقهاء اليوم هم الحجّة على الناس كما كان الرسول حجّة عليهم، وكل ما كان يُناط بالنبيّ فقد أناطه الأئمة بالفقهاء بعدهم، فهم المرجع في جميع الأمور والمشكلات والمعضلات وإليهم قد فوّضت الحكومة وولاية الناس وسياستهم والجباية والإنفاق وكل من يتخلّف عن طاعتهم فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك)، والملاحظ في المادة 110 من دستور الجمهورية الإيرانية يرى مدى هيمنة ما يسمّى بالمرشد على تفاصيل كيان الدولة، فليراجع.

 

فالمرشد المهلك – ووصفناه بالمُهلك لأنه لا يريد مصلحة الشعب بمقدار ما يهمه فرض وجوده وسطوته وهيبته ولو أدى إلى إزهاق النفوس وهتك الناموس – بيده الحل والعقد في كل شيء في الحرب والسلم والقيام والقعود والحركة والسكون، لذا فإن الحزب التابع له في لبنان يأخذ أوامره مباشرة من الحرس الثوري الإيراني التابع للمرشد في طهران فلا يُتعب الساسة اللبنانيون أنفسهم بالتفاوض معه بقدر ما عليهم أن يوجهوا أنظارهم شطر إيران التي إن شاءت شاء حزبها في لبنان، وإن رفضت رفض تبعاً لها وإن كان الحزب يتنصل من هذه التبعية حرصاً منه على ألا يُتهم بعدم استقلاليته باتخاذ القرارات في لبنان، ونحن نسألهم من اين لكم السلاح والمال إذا كنتم مستقلين فيما تدّعون؟ وهل تعطى لكم هذه العطايا من دون مقابل؟! ومن أين هذه الملايين التي خسرتموها مع تاجركم الحاج صلاح عزالدين؟! فهل عندكم مصانع كبرى وآبار نفط عظمى درّت عليكم هذه الملايين قبل أن تستثمروها مع عزالدين؟! أم أنكم حصلتم عليها من أبيكم الحنون والعطوف سماحة المرشد الأعلى!؟ فما هذا السخاء الهاشمي وبلا حدود؟ ولماذا لا تُعطى لغيركم ممن يخالفكم ما دام العطاء قُربة إلى الله تعالى؟ فلا تكذبوا على الناس، فكل ما عندكم هو من إيران، فأنتم عملاء لها تنفّذون سياستها، وهذه العمالة لا شك أنها تبعية مطلقة وبلا حدود طبقاً للإطلاق في ولاية الفقيه كما يزعم صاحبها، أوليست هذه التبعية في القرارات استبداداً دينياً وسياسياً يصعب تغييره لتجذّره في الأوساط الدينية والسياسية بثوب الدين؟ فالإنفلات من الاستبداد السياسي أسهل من الانفلات من الاستبداد الديني، والسرّ يكمن في تعاطف الناس مع الدين، لذا لا يتصورون أن عالماً دينياً قد يستبدّ بهم، وإذا ما رأوا ذلك بأعينهم فلا يكادون يصدقون ذلك، ولا ننسى عنصر المال الطاغي على النفوس حيث إنه يقلب الموازين ويغير المفاهيم ويمسح الأفكار، فأكثر الذين يتعاطفون مع المستبدّ الديني أناس انتهازيون يستفيدون من حالة الرخاء التي عليها المستبدّ كما هو ملاحظ على الساحة الإيرانية في هذه الأيام فإن جمهور الرئيس الإيراني أغلبهم من موظفي الدولة وأقاربهم ومن يلوذ بهم من الأنصار المستفيدين من الخط المحافظ وأكثرية الشعب بطبقاته المتعلمة يرزحون تحت وطأة البطالة، ولو أن الدولة ساهمت في إيجاد فرص عمل لهؤلاء لما كنا رأينا الارتداد على الرئيس الحالي محمود نجاد والخامنئي خلفه. وليس صحيحاً ما يُشيعه الإعلام التابع للنظام بأن ثمة جهات خارجية وراء هذا التحرّك والذي يقوده السيد الخاتمي والشيخ الكروبي المعتدلان والشيخ رفسنجاني الزعيم المحنك والمتفضل على الخامنئي بصعود نجمه ووصوله إلى سدّة الحاكمية المطلقة..!!

 

دائماً يتباهى ويتفاخر محبو الثورة الخمينية بأن الخميني وتاليه الخامنئي وفلولهم في إيران ولبنان والعراق والكويت والبحرين يحركون الساحة الشيعية ويقلبون الأنظمة والموازين والأنظمة المستبدة بكلمة واحدة هي التكليف الشرعي فتُلبّي لهم الملايين، ويتجاهل هؤلاء ان ثقافة التكليف المستندة إلى الرأي الفردي المتسلّط المستبد استطاعت أن تشرعن وصفاً سياسياً غير طبيعي في إيران ولبنان والعراق أقل ما يوصف بأنه فوضوي وديكتاتوري يريد فرض شروطه على كل القوى، كما يتناسون بأن ثقافة التكليف المنطلقة من السمع والطاعة العمياء واللانقد لا تستطيع التعايش مع الواقع الراهن ولا مع الديموقراطية التي هي نتاج الثقافة الحقوقية التي أصبحت تتحكم بمفاصل حياتنا، فهم يريدون لثقافة التكليف أن تؤثر إيجاباً في الواقع الراهن سواء في إيران أو في العراق ولبنان ويتجاهلون ذكر مساوئها وسلبياتها خاصة في الظرف الإيراني الراهن والتطورات التي استجدّت على الساحة الإيرانية.

إن أية دعوة للدفع بثقافة التكليف الولايتي إنما هي دعوة تنطلق من الفردية الفقهية الاستبدادية باعتبار تنصيب الحاكم الولايتي نفسه قيّماً على العباد، وهو منصب خاص بالمعصومين من أهل بيت الرسول الكريم محمد (عليهم السلام) لكونهم منـزّهين عن ارتكاب الخطأ والزلل، فتبني الفقيه لمنصب ليس له، هو الاستبداد بعينه، لأن نفس إلصاق ولاية الأمر إليه ليتقبل الناس آراءه هي في الواقع استبداد بالطائفة جمعاء فقهاءها وعوامها، مما يستلزم إلغاء الطرف الآخر المناهض له أو المعارض لأفكاره، وهذا بدوره يعطل حركة الاجتهاد عند باقي الفقهاء ويعطل أيضاً حركة تقليد الفقهاء الآخرين المناوئين للوليّ الفقيه الذي يفرض رأيه على الفقهاء والعوام معاً.

 

أليس من الاستبداد أن يتجاهل حكام النظام في إيران صرخات الشعب المطالبة بتأمين فرص العيش الكريم بدلاً من هدر أموالهم لصالح حزب السلاح في لبنان وأعوانه من الأحزاب اليسارية والإلحادية؟!!

 

أوليس من الاستبداد أن تنفق بليارات الدولارات على حركتي حماس والجهاد وحزب السلاح وتياراته وأجنحته في لبنان لأجل بسط نفوذ المصالح القومية الإيرانية في حين يُحرم منها الفقراء والمساكين في إيران وتحرم منها آلاف النساء اللاتي يتعاطين الدعارة في بلاد الجوار كتركيا والخليج لأجل لقمة العيش؟!

 

أليس من الاستبداد الديني أن يُسجن المعارضون لولاية الفقيه ولسياسة النظام في حين يمتدح ابن لادن لحربه على الولايات المتحدة الأميركية ويمدّ بالمال والأعوان بل وتؤمن لإبن أسامة بن لادن الحماية على الأرض الإيرانية؟ أليس من الاستبداد الديني أن يظلم رجل الدين الحاكم رجل الدين المحكوم لمجرد أنه لا يتوافق معه في ولاية الفقيه المطلقة؟! أليس من الاستبداد أن يصعد زعيم الحزب في لبنان مهدداً بقطع لسان كل من ينتقد تصرفات قادة المقاومة أو يمسّ بأحد قياداتها؟ وكأن قادة المقاومة أفراد مقدسون معصومون ومنـزهون عن الخطأ والجهل والظلم وهو أمر كان يعتقده بنو أمية وبنو العباس في أمرائهم وقادتهم؟! أليست التجربة واحدة؟ يظنون أنفسهم دائماً مع الحق وكأنه يدور معهم حيثما داروا تماماً كما يظن الخامنئي نفسه بأن الله تعالى فوّضه على عامة خلقه فله الحق بالتصرف بأنفسهم وأموالهم ودمائهم وأعراضهم، فهو عملياً يثبت العصمة لنفسه باعتباره الحاكم المطلق الذي يحرم على اي جهة محاسبته ومحاكمته لأن ولايته مستمدة من ولاية الأئمة الطاهرين عليهم السلام، فولايته على غرار ولايتهم، فأهل البيت (صلوات ربي عليهم) معصومون عن الذنب والخطأ والسهو والنسيان والجهل بنص الكتاب الكريم والسنّة الشريفة وسيرتهم العملية، ولكن الوليّ الفقيه يخطىء ويجهل وينسى وتطغى عليه المحسوبات والمصالح فكيف يكون كأولئك الأطهار عليهم السلام؟! إنه تحدّ صريح لقوله تعالى: ((تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظالمون)) وقوله تعالى: ((ولا تقف ما ليس لك به علم..)) ((قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل أالله أذن لكم أم على الله تفترون))، ولست أدري كيف وصل الأمر بأصحاب هذه النظرية إلى التلاعب بعقول الشيعة التابعين لهم؟!! ولا عجب في ذلك بعد ان رأوا الدينار والدرهم يرفرف على رؤوسهم ويمسح على عقولهم ونفوسهم!! إنها الانتهازية التي تستغل الدين لمصالحها الخاصة فتحارب وتفتي بنفاق كل من لم يؤمن بها تحت شعار الحاكمية الإلهية للولي الفقيه الذي من خالفه خرج من الدين، فما يشخصه ويقرره المرشد هو الإسلام وإلا فدونه خرط القتاد..!! ان سياسة السيد خامنئي ومن يلوذ به في لبنان هي كسياسة بني امية القائمة على مبدأ ((اخذ السلطة بالشوكة)) وعلى قاعدة عبدالملك بن مروان القائل ((من قال لي اتق الله ضربت عنقه)) فالخامنئي ونصر الله لا يرتضيان ان ينصحهما الآخرون بالتقوى لأنهما يظنان انهما فوق ذلك، اذ كيف يوعظ بالتقوى من كان بمثابة رسول الله وآله الطاهرين عليهم السلام؟ فحتى العنصر العادي في حزب السلاح له ولاية من الفقيه فقادة الحزب وعناصره تابعون للمرشد الالهي لا تجوز تخطئتهم لأنهم وكلاؤه ونوابه فلهم الولاية والتسديد الالهي؟؟!! فهم يعبرون عن الذات الالهية فمن رضوا عنه فهو من اهل الجنة ولو كان كيزيد بن معاوية بل حتى ولو كان كالزرقاوي وابن لادن والطالبان..!! فها هو نصر الله يطري على فتحي يكن احد قادة الفكر الوهابي في لبنان، هذا الفكر الذي يصفنا بالكفار، بل واكثر.. لأننا شيعة لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ولم تتحرك حمية حسن نصرالله على الفكر الوهابي كما تحركت على المقاومة؟؟!! ذبح الشيعة والنصارى في العراق على ايدي المجرمين من تنظيم القاعدة التي تمولها ايران ولم تتحرك حمية الشهم حسن نصرالله؟! هدمت قبة الامامين العسكريين عليهما السلام في سامراء العراق ولم تتحرك حمية البطل نصر الله؟! فلا تتحرك حميته الا على حماس وحركات التحرر العربي وقطر السلفية التي على ارضها قنصلية للصهاينة كما لا تتحرك شهامته الا على من لاذ به ورفع صورته على رأسه او صدره حتى ولو كان الرافع امرأة داعرة مشهورة؟؟!! وتتحرك عاطفته وحميته على فتحي يكن عندما ترحم عليه في يوم تأبينه الاربعيني ولا يترحم على قتلى حركة امل الذين سفكت دماؤهم على يد حزب السلاح في حرب اقليم التفاح وما بعدها؟! فقتلى امل يعتبرهم نصرالله كفاراً لكن فتحي يكن مؤمن يستحق الترحم عليه!!! نعم فكل من يطري على نصر الله الذي جعلوه من ابرز مصاديق سورة الفتح فهو مؤمن ولو كان أعتى من نمرود وأشقى من عادٍ وثمود؟؟!! انه الاستبداد المترشح من الترف الفكري ووفور القوة وخفق النعال!! ومن هذا المنطلق كان لا بد ان ينفرد حزب السلاح بقرارات الشيعة واللبنانيين لا لشيء الا لأن المرشد الأعلى في ايران يريد من لبنان ان يكون بوابة النصر الالهي على اليهود ويستثني النظام السوري؟! أليس من الظلم ان يصعد نصر الله وقاسم بكل عصبيتهما وحدتهما على عدسات القنوات ليتحديا ارادة اكثر اللبنانيين لا لشيء سوى فرض ارادة الحزب الالهي المليء بقطاع الطرق ووطاويط الليل الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة على من ناوأهم؟! اليس من الاستبداد ان يلوح دائماً قادة الحزب بالسلاح والحرب ساعة يشاؤون وفي اي زمن يريدون دون حسيب او رقيب؟! واصفهم بحزب السلاح، لأنهم لا يجيدون إلا لغة الحرب والدم – فلا شيء يعلو على صوت البندقية – ولأنهم جعلوا السلاح من صلب شعارهم كما نرى في راياتهم، ولأنهم هم منا اتخذوا شعار السلاح والمقاومة اساساً في تحركاتهم ونشاطاتهم حتى ولو تحررت مزارع شبعا التي لا يريد السوريون الاعلان عن هويتها لتبقى ذرائع الحرب مستمرة في الجنوب، وقد اعلنها زعيمهم السيد نصرالله انهم لن يلقوا سلاحهم حتى تحرير القدس، أبَعدَ هذا يقال بأنه حزب همه المواطن اللبناني والفلاح الجنوبي؟! ولو كان كذلك، فلمَ لا يخربط اللعبة السياسية المتبعة لدى هذه الحكومات التي تحرم الضاحية الجنوبية من ابسط حقوقها وهي تأمين الكهرباء بشكل دائم؟؟!! ولم لا يمنع الامين العام عتاته وشذاذ الطرق من ارعاب النساء والاطفال والعجائز والمرضى بأزيز الرصاص والمفرقعات التي هي اشد من قذائف الهاون؟؟! فأين الغيرة على الشيعة يا زعيم حزب السلاح؟! تغارون على الثلث المعطل لأجل الوصول الى السلطة ولا تغارون على حرمان الشيعة في الضاحية من كهربائها التي تتوقف عليها جميع الانشطة الاقتصادية والاجتماعية والفردية؟؟!! تغارون على سلاحكم ولا تغارون على سلامة المواطن من ازيز رصاص شواذكم في كل مناسبة حتى حال ولادة نسائهم وفوز اطفالهم في امتحاناتهم؟! انه الاستبداد السياسي والديني – يا جناب الامين العام – باسم الدين والعمائم السود التي طالما احترم الشيعة اهل الورع من اصحابها، ولم يحترموا المستبدين والمتسلطين والغوغائيين والدمويين السوداويين!! نعم في زماننا هذا انقلبت القاعدة فصار الاحترام للمتسلط والقوي والمتحزب!!! والسر في انقلاب القاعدة هو شراء الذمم بالمال والسلطة..!! انها مصيبة على الدين لا يمكن الخلاص منها الا بالتوبة والتفكر بعقاب الله تعالى لمن باع دينه لأجل دنياه بدراهم بخس، يجب ان يتحرك اصحاب الضمائر الحية في هذا الحزب الذي لو سار على الطريقة الوسطى لكنا من اوائل المناصرين له، ولكنهم ارادوا الاستبداد بكل شيء في الوطن، لذا فإننا نحرك الشوق فيهم نحو الاعتدال والوسطية في الافعال والاقوال كما ندعوهم الى نبذ العصبية السياسية ولغة الدم وسياسة انا ولا احد غيري..!!

نتمنى على الموالين لأهل البيت عليهم السلام والمعتدلين بسياستهم في الحزب – ان كان ثمة قادة موالون – ان يكونوا يد الرحمة والحنان تمسح على رؤوس المستضعفين وتبيض صفحة التشيع الذي سودته وجوه مظلمة وأياد اثيمة تمظهرت بثوب التشيع وهو منها براء، فحرام عليكم يا قادة الحزب ان تهدروا دماء شبابكم من اجل استلام السلطة بذريعة الحفاظ على المقاومة، وهل ان المقاومة غاية بذاتها او انها وسيلة للتحرير؟! فأنتم تقولون انها وسيلة لتحرير الارض من العدو الصهيوني، فإذا كان كذلك فلم تقحمونها في النـزاعات الداخلية والبازارات السياسية؟! كلا ان الامر اعظم من ذلك فان الغاية الرئيسية لايجاد المقاومة هي أمران:

 

(الاول): تحقيق الحلم الايراني وهو انشاء دويلات صغيرة في المنطقة العربية تابعة لايران لتحقيق مصالحها.

 

(الثاني): لتكون ايران القوة الكبرى في المنطقة، ولو ان قادة النظام الايراني عملوا على الامر الثاني بقوة الاقتصاد كما فعلت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، لكان خيراً لها ولمواطنيها ولما اهتـز نظامها في هذه الايام نتيجة ظلم النظام لعامة الشعب بل ولبعض الأطر الكبرى التي لها فضل على قادة النظام كرفسنجاني وخاتمي وكروبي وموسوي، فكل نظام لا يعطي الحقوق لمواطنيه سيهتـز وسيزول، وكل مسؤول حتى ولو كان من أكابر الفقهاء والمجتهدين لا يرحم مواطنيه ولا يقدم لهم يد العون والرأفة فمصيره الهروب او الانقلاب عليه ومحاكمته على ايدي من ظلمهم، فالحاكم الديني لا يجوز له ان ينسلخ عن المفاهيم الدينية الدالة على الرأفة والرحمة والشعور مع الآخرين، فعلى الحاكم تأمين فرص العمل للعاطلين عنه وإسباغ السلام عليهم لا ان تكون لغته الدائمة الحرب والقتل والحبس والجلد والتخوين، فإنها امور يتنـزه عنها الساسة العقلاء فكيف بمن جعل نفسه امام الامة حتى صارت طاعته نفس طاعة الله بل صارت طاعة محمود نجاد هي طاعة الله تعالى على حد تعبير الشيخ يزدي أحد آيات الخامنئي انها المهزلة العظمى التي لم يشهدها التشيع منذ اوجده رسول الله محمد صلى الله عليه وآله الى ان جاءت الثورة الايرانية!!! لقد انسلخ النظام الايراني عن هموم شعبه كما انسلخ حزبه في لبنان وحركة امل التابعة له عن هموم الناس والوطن فصارا يعملان لحصصهما السياسية باسم الطائفة والشعب وعباءة السيد موسى الصدر؟؟!! اكثرية الشيعة في لبنان هم مع من يؤمن لهم فرص العمل كبقية الناس، ولو ان الدولة رعت شؤون الشيعة لما كان ثمة وجود للحزب ولأمل ولا لأي تنظيم لعلّه سيخرج علينا من جديد، لكنه الاهمال والانسلاخ عن المواطن اديا الى ما آلت إليه مشاكلنا اليوم!!

 

فليعلم الشيعة المتحزبون: ان من ينسلخ عن اخوانه في المواطنية والانسانية لأجل المصالح الحزبية الضيقة التي لا تعرف سوى صوت البندقية، ولا شيء يعلو على صوتها، فهو خاسر الايمان وذلك لأن سيدنا رسول الله وآله الطاهرين عليهم السلام امرونا بحب الاوطان في كلمتهم المشهورة ((حب الوطن من الايمان)) ومعنى حب الوطن هو ان يسعى المحب الى تنقيته من الظلم والانحرافات وحل مشاكله وهداية مجتمعه الى طريق الحق والامان والسلام لأن الايمان هو الذي يدفعه الى ذلك فعلى الشرفاء في الطائفة الشيعية سواء أكانوا كتّاباً وإعلاميين وصحافيين وسياسيين وأطباء وعلماء وغيرهم من الناشطين القيام الفكري بوجه الاراجيف والاباطيل التي ينثرها الثنائي المتحكم بالطائفة الشيعية وبقية الطوائف في لبنان ويكون قيامكم الفكري هو من صلب الايمان لأن الخضوع للضلال والانحراف خارج عن الايمان وحب الاوطان، كما يجب على الجيش اللبناني ان يبرهن عن رجوليته بفرض ذاته ووجوده على المسلحين الذين ينتشرون امامه في الضاحية والعاصمة بيروت بدلاً من ان يظهر عجزاً واستكانة امام وحش كاسر، ومهما كانت مبررات سكوته فلا تعطيه الحق بالتكاسل عن نصرة المواطن المستضعف والا فليسلم الراية لهذه الميليشيات التي تعيث في الارض فساداً، وأقولها بصراحة ان هذا الجيش الكريم عندما لا يفرض هيبته في الاماكن المحتاجة للأمن والامان كالضاحية وبيروت العاصمة وليس في جرود الهرمل او نهر البارد يبرهن عملياً لكل اللبنانيين بأنه جيش عاجز غير قادر على حماية المواطنين في الجنوب اللبناني لذا فمن حق حزب السلاح ان يبقى محافظاً على سلاحه حتى قيام الساعة، فالجيش اللبناني يعطي الحزب وثيقة وشهادة نظرية وعملية بأنه ضعيف امام ثلة من المسلحين يطلقون الرصاص على الآمنين بل ويقتلونهم كما حصل في السابع من ايار/مايو وغيرها من الحوادث في بيروت والضاحية لا سيما خلال الاحتفال بتنصيب نبيه بري- الخادم المطيع للحزب – لدورة نيابية جديدة وكما حصل للمرأة البريئة التي قتلت برصاص الغدر في بيروت، فإذا بقي الجيش على هذا الحال فلن يكون مخولاً بحمايتنا وثقتنا به؟!! لذا نحن اللبنانيين لا نريد جيشاً خاضعاً للميليشيات ويريد رضاها والتواضع لزعمائها، فإما ان يكون كبقية الجيوش تفرض الامن بالقوة على كافة الاراضي دون استثناء يضرب بيد من حديد في الضاحية وبيروت اولاً ثم في بقية المناطق ثانياً، وإما ان يكون كالنعامة تضع رأسها في التراب خجلاً او خوفاً، وساعتئذ يقع في محظور التخاذل وليس العار فحسب، لقد انشئت الجيوش لحماية المواطنين وليس لحماية السياسيين، الجيش ليس كقوات ((اليونيفيل)) تفصل بين المقاتلين فكل جيش يخل بحماية مواطنيه هو جيش خائن لشعاره وهو حماية امن العباد والبلاد، فالجيش انما يحترم فيما اذا اخذ بيد المظلوم وقطع يد الظالم، وما نشاهده اليوم هو صورة مقلوبة عن جيوش العالم التي تحترمها شعوبها الا جيشنا الذي صرنا نخجل بذكر خضوعه للمنظمات المسلحة، فحتى يعيد لنفسه واقعه الذي يجب ان يتصف به – وهو ما نطمح اليه – عليه ان يثبت وجوده في الضاحية، فيقتص من الظالمين المجرمين والمفسدين فيها ممن يظلمون الناس ويطلقون الرصاص والمفرقعات حتى نطمئن له ونلتجىء اليه عند الحاجة وفي الخطوب والملمات..!! علماً ان جيشنا الوطني لا تنقصه العزيمة ولا السلاح العادي المتوافر حتى مع المشاكسين والمفسدين.. فليعذرني قائد الجيش الجديد الذي احترمه لأنه اثبت كفاءة نسبية افضل من سابقيه، فما ذكرته ما هو الا نفثة مصدور يتلوى مع المستضعفين من سياط جلاديهم ولا يجدون معيناً الا من بيده العون والنجدة ومنه نستمد العطاء والوجود والنصرة، كما اني ارتأيت من واجبي الديني التطرق الى بعض المفردات السياسية لخطورتها على الوطن والمواطنين ولم اجد من يتصدى لها، لذا يتأكد علي الوجوب لإلقاء الحجة ولإنكار المنكر الصادر باسم الطائفة الشيعية من منظمتين تحسبان عليها.