خطاب الرئيس السوري بشار الاسد في إفتتاح أعمال المؤتمر العام للاحزاب العربية

تعاون اخبارى بين وكالتى سانا وريانوفوستى 

  السبت, 04 آذار , 2006 - 02:30

 دمشق/سانا

برعاية وحضور السيد الرئيس بشار الاسد افتتحت صباح اليوم اعمال الدورة الرابعة للمؤتمر العام للاحزاب العربية "دورة نصرة سورية ولبنان " على مدرج كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق بمشاركة 400 شخصية يمثلون 110 احزاب من 15 دولة عربية.

وقد أدلى السيد الرئيس بحديث سياسى خلال جلسة الافتتاح .. 

وحضر الافتتاح..

السادة عبد الله الاحمر الامين العام المساعد لحزب البعث العربى الاشتراكى  و فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية و محمد سعيد بخيتان الامين القطرى  المساعد للحزب والدكتور سليمان قداح نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية والدكتور محمود الابرش رئيس مجلس الشعب والمهندس محمد ناجى عطرى رئيس مجلس  الوزراء والامناء العامون لاحزاب الجبهة الوطنية التقدمية واعضاء القيادتين القومية  والقطرية للحزب واعضاء القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية و الدكتور  اسحق الفرحان رئيس المؤتمر العام للاحزاب العربية و عبد العزيز السيد الامين العام للمؤتمر والوزراء وعدد من امناء فروع الحزب والمحافظين ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والفعاليات الثقافية والفكرية والاجتماعية .

ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة ايام ثلاث اوراق عمل حول مستقبل الصراع العربى الصهيونى ونصرة سورية ولبنان والاصلاح والديمقراطية فى البلدان العربية وتقارير لجانه الخمس السياسية والاصلاح والديمقراطية والمرأة والشباب والاعلام ونصرة سورية ولبنان اضافة الى مناقشة التقرير العام الادارى والمالى للموءتمر وتقرير لجنة التطوير فيه.

 

وفيما يلى نص الحديث السياسى الشامل الذى ادلى به السيد الرئيس بشار الاسد خلال جلسة الافتتاح 

السيد الامين العام ...

السيد رئيس المؤتمر ...

السادة الامناء العامون ..

السادة أعضاء هذا المؤتمر .. أيها الاخوة ..

أرحب بكم فى سورية .. سورية التى يطلق عليها الكثير من العرب اسم قلب العروبة النابض .. و اذا كان للقلب أن ينبض .. فلابد له من دماء .. و أنتم الدماء التى أتت من مختلف أنحاء الجسد العربى حاملة معها كل العناصر العربية الغنية .. و الغنية جدا .. المتواجدة فى أنحاء هذا الجسد والتى تعطيه القوة والمناعة بارتكازها على شيئين أساسيين الاول وهو الاسلام بارتباطه الوثيق والمتين بالعروبة و بارتباط العروبة الذى لا ينفصل عن الاسلام00 الثانى وهو المسيحية التى انطلقت من بيننا وانتشرت عبر العالم بلهجة عربية هى الارامية.

وأود أن أشكركم على قراركم بعقد هذا المؤتمر الهام جدا فى دمشق دعما لسورية وللبنان .. وهذا يدل على أن القيادات والتيارات والقوى السياسية فى الساحة العربية واعية تماما ومتيقظة لما يحاك ضد الامة العربية من مؤامرات .. و اختيار عنوان للمؤتمر .. دعم سورية ولبنان .. يكرس حقيقة راسخة نؤمن بها فى سورية كما تؤمنون بها .. وهى أن سورية ولبنان بلدان شقيقان لا يمكن الفصل بينهما .. و بالتالى التضامن مع أحدهما لا يتم بمعزل عن التضامن مع البلد الاخر .. و هذا يؤدى بالنتيجة لحقيقة راسخة أخرى يدل عليها هذا المؤتمر وهذه المشاركة الكبيرة .. ان ما يحصل ضد وطن من الاوطان العربية أيضا .. لا يمكن فصله عن بقية الاوطان .. و بالتالى ما نراه الان هو وعى بأن ما يحصل هو مرحلة من المراحل.

الان سورية ولبنان .. و سابقا العراق وقبلها فلسطين ولبنان فى مرحلة ما .. و ستكون هناك أدوار أخرى كنت قد التقيت مع الامانة العامة .. كما قال الامين العام لثلاث مرات .. و كنا نتناقش بشكل حر وصريح وبالعمق ولساعات طويلة.

وكان دائما هذا النقاش والحوار مفيدا لكلا الجانبين .. و لكننى اليوم سعيد جدا وسعادتى غامرة بأن أرى هذا الحشد الكبير من القيادات الجماهيرية والسياسية والفكرية فى العالم العربى والتى عرفت بدفاعها المستمر والشديد عن كرامة الامة وعن وجودها وعن حقوقها وبعملها الدؤوب من أجل انهاض هذه الامة واستنهاض طاقاتها الكامنة والكبيرة.

سأتحدث الان عن القضايا المطروحة أمامنا .. و بالنهاية سأترك للامانة العامة ولرئاسة المؤتمر أن تحدد كيفية تلقى الاسئلة لكى نجيب على القدر الممكن منها00 ودائما أقول ان زمن اللقاء يتحدد بحجم الافكار وليس بوقت الفراغ المتبقى لاى انسان .. فنحاول أن نملا هذا اللقاء بأكبر قدر ممكن من الافكار المفيدة.

عندما نريد أن نقيم أى حالة عادة نبدأ بالحديث عن العقبات والمصاعب التى تواجه أى حالة .. سواء تحدثنا فى السياسة أم فى الاقتصاد أم فى التكنولوجيا أم فى الصناعة .. و أنا أحب دائما أن أبدأ من التحديات .. لان التحديات هى التى تحدد ماهى الحلول .. فعلينا أن نبدأ منها دائما .. و لو أردنا أن نضع منهجية للحديث .. فسنقول علينا أن نتحدث عن الوضع العام العربى .. و من ثم الوضع العام بالنسبة لسورية .. و من ثم ننتقل بالنسبة للقضايا الاخرى.

لكن حقيقة .. من الصعب أن نفصل تماما بين الوضع العام بالنسبة لسورية وأى بلد عربى.

الامور متطابقة تقريبا مع بعض الفوارق البسيطة.

المصاعب والتحديات كثيرة جدا أمامنا وكلنا نعرف هذا الشىء .. لا أريد أن أتحدث بالبديهيات .. و لكن هذه المصاعب والتحديات عندما تصبح كثيرة ومزمنة عبر زمن طويل .. فهى تتحول الى الام ولا تعود مجرد مصاعب .. و الفرق بين المصاعب والمعاناة والحالة المزمنة نأخذها من الطب.

عندما يأتى مرض سريع ويذهب بسرعة .. ربما لا يترك اثارا .. أما المرض المزمن فيأتى بشكل تدريجى وبطىء وربما لا يذهب ان ذهب .. و تكون اثاره التخريبية أشد بكثير.

ما نعيشه الان نحن كأمة عربية .. هو حالة مزمنة وليست حالة حادة تراكمت عبر عقود من الزمن وتحولت الى الام.

هذه الالام نشعر بها فى كل جلسة على المستوى الرسمى وعلى المستوى الشعبى وعلى أى مستوى وضمن أى شريحة.

ولو قلنا ماهى أهم هذه المصاعب والمعاناة التى نشعر بها كمواطنين .

وأنا الان لا أتحدث كرسمى .. سيكون هناك مزيج بين الرسمية والمواطنة فى حديثى.

أولا الماسى التى لا تنتهى التى تمر على الامة العربية والتى .. على ما يبدو .. الكثير من العرب ليس لديهم رؤية كيف تنتهى .. وهذه من النقاط التى يجب أن نضع لها تصورا كأحزاب رؤية سياسية.

النقطة الاخرى هى القاعدة الشعبية التى تشعر بالخزى والعار نتيجة الكثير من المواقف السياسية وردود أفعالنا تجاه طروحات معينة .. تجاه أحداث معينة .. و تجاه قضايا معينة لا ترقى الى مستوى طموحات الشارع العربى .

والحقيقة ان كلمة لا ترقى هى كلمة ملطفة .. هى بعيدة جدا عن طموحات الشارع العربى وربما معاكسة له بشكل كامل.

الخوف من المستقبل وما يحمله من احباط وما يعنى كلا الامرين من شلل .. شلل فى وضع الرؤية فى التفكير .. وشلل بالتالى فى التحرك.

الضعف العربى العام ينتج عن مؤامرات خارجية وينتج عن قصور ذاتى .. هذا القصور الذاتى له عوامل وأسباب كثيرة.

ولكن أسوأ الاشياء التى يمكن أن يبتلى بها شخص أو مجموعة أو جماعة هى القصور فى الرؤية .. و أخطر هذه المعاناة هى تكرار التاريخ بكل تفاصيله على الساحة العربية.

نلاحظ أن التاريخ يتكرر منذ عقود على الاقل منذ قرن .. لكى لا نعود الى أبعد من ذلك .. بكل تفاصيله وما يتبدل فقط هو الاسماء .. و هذا دليل خطير على أن المجتمعات لا تتطور.

التاريخ يتكرر صحيح .. و لكن بتغيرات معينة.

من غير المعقول ان نسقط بنفس الفخ وندفع نفس الثمن فى كل مرة .. و فى كل مرة يكون الفخ أعمق والثمن أكبر.

ما يتعلق بسورية ربما يختلف قليلا من خلال معاناة سورية كأى بلد يكون كرأس حربة من خلال موقعه الجغرافى ومن خلال دوره التاريخى .. و لكن أريد أن أمر على نقطة تخص سورية تحديدا .. و أنا أقول ان هذه النقطة ليست معاناة .. بل هى الم .. و نتحدث دائما فى سورية عنها بالم وبمرارة وهى سوء فهم الموقف السورى من قبل الكثير من دول العالم .. ولكن ما يعنينا تحديدا هو الدول العربية والشعوب العربية أحيانا .. والقوى السياسية العربية بشكل خاص .. و أنا الان أريد أن أدخل مباشرة على الامثلة كى نتحدث عن الواقع ولا نضيع الوقت فى الحديث العام.

فكما قلت .. الالم الذى نعانى منه فى سورية هو دائما فهم الموقف السورى .. و لو أنه يفهم لاحقا ولكن متأخرا أى بعد فوات الاوان .. وبعد أن ندفع الثمن .. وسنعطى أمثلة .. موقف سورية من الحرب العراقية الايرانية .. عشر سنوات ونحن ندفع الثمن من حصار وانتقاد وهجوم عربى شرس .. ثمانى سنوات حرب وسنتين حتى حصول الغزو العراقى للكويت .. بعد هذا الغزو .. وأنا سمعته شخصيا .. و لو لاحقا .. من المسؤولين العرب .. أن سورية كانت على حق .. و كنا نرى بشكل خاطىء .. سورية .. و الرئيس حافظ الاسد كان يقول لنا دائما بأنه سيحصل شىء مشابه و لم نكن نصدق .. لقد كنا على خطأ .. طبعا نحن نقدر هذه الصراحة وهى غير موجودة دائما لدينا فى العالم العربى .. نقدر هذه الصراحة وربما نشعر بالرضى أن يقال اننا كنا على حق .. لكن أن نشعر بالرضى شىء وأن نشعر بالسعادة شىء اخر .. لا نشعر بالسعادة لان الاوان قد فات .. و الثمن دفع فى المكان الخاطىء وبالمقدار الخاطىء وربما لا نستطيع فى أغلب الحالات وفى معظمها .. أن نعوض هذا الثمن.

والمثال الاخر .. هو فوز حماس.

كلكم يعرف كم من الضغوط تعرضنا لها خلال السنوات الماضية وكنا نعتقد بأننا نقف مع الشعب الفلسطينى .. لدينا قناعة بهذا الموضوع .. و المؤسف أن الضغط أتى من الدول العربية حول هذا الموضوع .. لا يعنينا الغرب كثيرا من هذه الناحية .. ما يهمنا هو العالم العربى بشعوبه و مؤسساته وحكوماته .. كان الضغط يأتى من الدول العربية حول هذه النقطة.

غزو العراق .. سنتان قبل الحرب ونحن نكافح لنشرح مخاطر هذه الحرب وسنتان بعد الحرب .. الان بعض الدول العربية التى كانت تتحدث بلغة مختلفة .. تتحدث بنفس اللغة التى تتحدث بها سورية.

كنا نتهم بأننا غير واقعيين .. متشددين .. لا نقرأ الخريطة السياسية .. لا نعرف أن العالم تبدل .. لا نعرف أن هناك قطبا واحدا .. أخشى أن تسالونى سؤالا وتقولوا لى .. على ماذا تعتمد سورية ... نقول لكم .. تعتمد على الاتحاد السوفييتى لانه يقف معنا.

لا أعرف بأن سورية بهذه السذاجة.

على كل الاحوال فى ظل هذه الظروف الصعبة كان علينا أن نخوض المعارك السياسية الكثيرة خلال السنوات الماضية .. و كنا خلال هذه المعارك علينا أن نواجه تيارين التيار الاول وهو تيار متواجد فى الغرب وعندما أقول متواجد فى الغرب ربما يكون فى الحكومات .. ربما يكون فى الشرائح المثقفة و غيرها .. ربما يكون البعض منهم فى دول صديقة .. ربما فى دول غير صديقة .. لذلك كلمة البعض هنا كلمة عامة نوعا ما .. ان هذا البعض فى الغرب يحتقر الاخر ويزدريه .. و طبعا فى مقدمتهم العرب .. و يعتقد بأنه قوة مطلقة لا يمكن أن تواجه أو تجابه .. و بالتالى علينا أن نخضع تماما له ونوافق على كل ما يقوله وأن نأتمر بأمره حتى ولو كان ضد مصالحنا .. طبعا بالنسبة لهذا البعض المصالح الاخرى غير موجودة .. ليس فقط مصالح العرب و لا المسلمين ولا الغرب .. البعض منهم مصالحه غير موجودة.

الطرف الاخر لو سميناه طرفى أو فكى الكماشة .. الطرف الاخر هو البعض فى منطقتنا خاصة فى المنطقة العربية الذى لا يحترم هويته وثقافته والذى ينبهر بالغرب انبهارا لا حدود له وغير موضوعى.

لاشك أننى من المعجبين بتقدم الغرب وبتطوره وبكثير من الاشياء التى تحققت0 ولكن اذا أردنا أن ننبهر .. فليكن ضمن حدود المعقول .. و هذا الانبهار بالنسبة لهؤلاء أصابهم بالعمى وبنفس الوقت يشكل لهم عبارة عن تعويض لعقد النقص الموجودة لديهم ويجدون فى أنفسهم حالة .. لا أقول قوة .. لانها حالة مسحوقة لا حول ولا قوة لها.

ما هى القاعدة التى كنا نسير عليها خلال هذه المرحلة .. ربما لا يجوز أن نستعمل كلمة قاعدة لانهم سيقولون ان الرئيس السورى أعلن فى خطابه أنه كان يتعاون مع القاعدة.

فسنستبدل هذه الكلمة بكلمة أرضية .. و اذا كان هناك مشكلة فى كلمة أرضية .. أرجو أن تنصحونى قبل أن أتابع.

اذا ما هى الارضية التى كنا نسير عليها خلال هذه الفترة ... أولا وضع عربى متاكل وأحيانا نقول لا يوجد وضع عربى متاكل لانه لا يوجد وضع عربى بالاساس على الاقل على المستوى الرسمى ... و أنا هنا أفرق بين الرسمى والشعبى.

هوية متأرجحة ضائعة بين الغرب وبين الشرق .. بين الماضى وبين الحاضر .. و بين حوارات سفسطائية لا تؤدى الى نتيجة ومعرضة للذوبان بشكل تدريجى وضمن خطة ممنهجة.

أيضا على أرضية من نظرة قصيرة الامد .. و هى احدى النقاط الصعبة التى كنا نعانى منها دائما فى سورية وما زلنا ولو بشكل أقل الان. يعنى هناك مبدأ لدى البعض فى منطقتنا .. و دائما نعنى أولا البعض من العرب .. ليس بالضرورة أن يكونوا مسؤولين فى تيارات مختلفة .. بأنهم يفكرون بأحسن الاحوال أن يربحوا اليوم ويخسروا غدا .. بمعنى دعونا نحمى رأسنا الان وما يأتى الله يفرجها .. بهذه الطريقة .. أو ليس علينا الا أن ننتظر .. و الحقيقة القدر الان بالنسبة لهم هو الحالة الدولية والغرب بشكل أساسى.

و فى أسوأ الاحوال يخسرون اليوم ويخسرون فى المستقبل.

بالنسبة لنا الشىء المنطقى والشىء البديهى أن نفكر أن نربح اليوم وأن نربح غدا .. لكن فى أسوأ الاحوال لنخسر اليوم ولكن لنربح غدا .. بمعنى على المدى البعيد لا يجوز أن نخسر على الاطلاق.

و هنا كنا نصطدم مع الكثير من المواقف السياسية الموجودة فى المنطقة العربية.

هذه الارضية وهذه التيارات المختلفة تضافرت كلها لتشكل حالة من الحصار على سورية بهدف ترويض سورية وجعلها جزءا من الحالة السائدة فى منطقتنا .. فأولا لن نشكل عقبة فى أى مخطط يأتى من الخارج .. ثانيا لن نشكل احراجا لاى قوة من القوى الموجودة فى المنطقة والتى تريد أن تسير بانبهارها مع الغرب أو لاسباب أخرى لا نعرفها أو ربما نعرفها ولا نريد أن نتكلم بها .. لن نشكل لهم احراجا عندما نكون جزءا من الحالة السائدة .. و هذا طبعا ما رفضناه بشكل مستمر وبشكل مطلق.

البعض أطلق على سورية تسمية دولة ممانعة .. طبعا ربما يريد أن يمدح أو يقولها بشكل ايجابى.

أنا أقول دولة ممانعة تعبر عن حالة دفاعية ثابتة فى المكان .. و هذا الكلام لا يعبر حقيقة عن موقف سورية.

سورية كانت دائما تتحرك مع الاحداث .. وبتحركها مع الاحداث كانت تفهم بشكل خاطى .. السبب أن هؤلاء لم يكونوا قادرين على فهم هذه الاحداث .. ولكن لاحظوا بالمحصلة أننا كنا نلتقى مع هذه الاحداث فى نقطة ما .. و عندما نلتقى معها ولو بعد فوات الاوان .. عندها يقولون كنتم ترون الامور بشكل صحيح.

فعندما لا نرى الاحداث بشكل صحيح لن نفهم الموقف السورى بشكل صحيح .. لذلك يئسنا فى معظم الحالات من شرح الموقف السورى وتحولنا لشرح الاحداث وكنا نوفق فى بعض الاحيان ولا نوفق فى أحيان أخرى.

فاذا التضييق على سورية بالمحصلة .. بمحصلة هذا الشرح للوضع العربى والسورى .. يستهدف التضييق على سورية التى تهدف لمنع الهيمنة الصهيونية ومن معها من قوى دولية أخرى تستهدف المنطقة العربية.

وكما قلت سورية ولبنان مجرد حلقة والحلقات لها مخطط وكل من يقرأ يعرف أن ما يحصل الان وضع أو كتب فى كتب لمنظرين فى الغرب .. و البعض منهم كتب بأن العرب يجب أن يتحولوا الى قبائل متشتتة لا يجمع بينها جامع .. هناك طروحات خطيرة من هذا النوع منتشرة فى الغرب. حديثنا عن نظرية المؤامرة ليس اختراعا من قبلنا بل هو مكتوب بشكل واضح فى أدبياتهم.

أن نفهم هذه الصورة العامة نستطيع أن نفهم تفاصيل الموقف السورى من القضايا الاخرى المطروحة.

بالنسبة للعراق .. منذ البداية أخذنا موقفا قبل الحرب ومن دون مساومة بأن نكون ضد الحرب .

انطلقنا من مبادىء.. وطبعا مبادىء فيها عواطف طبيعية .. و انطلقنا من مصالح .. وما زلنا اليوم عند هذا الموقف برفضنا للحرب على العراق .. حذرنا من العواقب قبل الحرب .. حذرنا أولا الامريكيين .. كنا نقول لهم سوف تغرقون فى المستنقع .. ستنتصرون فى الحرب .. لا أحد يناقش انتصار أمريكا فى حرب عسكرية .. ولكن بعدها سيكون أمامكم مستنقع خطير .. لن تقووا أنتم ولا كل العالم على التغلب فيه على أى طرف موجود فى هذا المستنقع.

حذرنا الدول الاوروبية التى سارت فى هذا الركب .. طبعا بريطانيا أولا .. حذرنا الدول الاوروبية الاخرى التى وقفت معهم أو الدول التى كانت تقف موقفا ملتبسا .. حذرنا العرب الذين لم يأخذوا موقفا حاسما تجاه تلك الحرب .. و البعض منهم كان يعتقد بأن هذه الحرب محصورة فى قضية اسقاط نظام .. و اذا حمينا أنفسنا الان فليسقط نظام مقابل حماية رأس الامة العربية.

الامة العربية كلها تسقط .. القضية ليست أنظمة .. القضية قضية دول .. لم ندخل فى تحليل هذه الحرب بشكل صحيح .. و اليوم ندفع الثمن.

ما قلناه قبل الحرب يحصل فى التفاصيل .. و لكن الحقيقة حاولنا أن نبالغ فى توقعاتنا بعد الحرب فى سورية .. فاكتشفنا بأن النتائج كانت أكبر بكثير حتى من مبالغاتنا بحجم رد الفعل العراقى وبالزمن القصير الذى استغرقه رد الفعل هذا .. أيضا الاسباب .. لن أدخل فى التنظير .. الاسباب معروفة وأصبحت بديهية لكل العرب .. اعادة رسم خريطة المنطقة .. و هو هدف معلن.

النفط وهو سبب قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا .. البعض ينفى لكن أعتقد هو مغريات لحرب من هذا النوع.

اسرائيل تبقى عنصرا أساسيا لكل ما يحصل فى منطقة الشرق الاوسط .. الهدف تقوية اسرائيل من خلال ضرب بلد قوى كالعراق .. بلد امكانياته كبيرة جدا.

من جانب اخر .. لا شك أن حرب العراق لفتت الانتباه عما يحصل فى الاراضى الفلسطينية من قتل مستمر ويومى أو شبه يومى للاخوة فى فلسطين .. وربما يكون هناك هدف اخر هو لفت الانتباه فى المستقبل .. و هو ما يحصل الان فى الحاضر .. كهدم الاقصى .. بهدف اختراع هيكل على الطريقة التى اخترعت بها اسرائيل فى عام /1948/.

كل هذا يجب أن نأخذه بعين الاعتبار.

ضرب العراق فيه ضرب للامة العربية .. لان العراق بلد غنى جدا بامكاناته الاقتصادية العلمية والبشرية وكخزان قومى واسلامى كبير للامة العربية. كل هذه الاسباب دفعت للحرب.

لكن ما هى الاساليب .. و هذا مهم جدا.

الاساليب بدأت منذ الحصار بعد غزو الكويت فى بداية التسعينيات وتستمر الان.

المعروف أن الحصار لم يؤثر على المسؤولين الرسميين .. البعض منهم أصبح أغنى بالحصار .. أثر على عامة الشعب وكانوا يغلقون ويصمون اذانهم ويغلقون عينا أو عينين تجاه ما يحصل لمئات الالاف من الاطفال العراقيين الذين كانوا يموتون يوميا فى العراق.

الجوع وعدم الاستقرار هو الاساس الذى اعتمد عليه قبل الحرب .. يعنى خلال عقد الى عقد ونصف الى عقدين.

الجوع وعدم الاستقرار سيجعل الانسان .. طبعا عندما أقول جوع ليس الجوع بالمقاييس الدولية خط الفقر وما شابه .. ما وصل اليه العراق من جوع وفقر لا يقارن بأى مقياس يمكن أن نقيسه على وجه هذه الارض حتى فى دول أفريقيا التى تعانى من المجاعة.

هذا يؤدى الى أن يتفرغ الانسان .. كيف يمضى يومه دون أن يموت.

وكيف يؤمن تحت الحد الادنى لاولاده أيضا لكى لا يموت هو وعائلته .. يعنى لن يفكر بشىء اخر .. يعنى بعد عقدين من الزمن سيكون هناك جيل متخلف بدلا من الجيل المتطور الموجود فى العراق بعلمه وثقافته. هذه الية من الاليات.

النقطة الثانية والتى بدأت بشكل مباشر ومنهجى ومنظم بعد الحرب مباشرة هى قتل العلماء العراقيين.

من المعروف أن العراق فيه أكبر عدد من العلماء وربما من أفضلهم على الساحة العربية .. فبدأ القتل والاغتيال بشكل منهجى .. ممنوع أن يكون لدينا عقول .. ممنوع أن نتطور.

الجانب الاخر هو خلق فتنة بين العراقيين أو ضرب الهوية .. لنضع الاطار الاهم هو ضرب هوية العراق.

كما قلت .. العراق خزان عربى واسلامى كبير .. فضرب الهوية هو الاساس اعتمد على أشياء كبيرة وصغيرة.

لنبدأ بالزمن.. بالمتحف .. أيضا سرقة المتحف ونهب المتحف كان ضمن خطة منهجية وليست قضية خارجين عن القانون أو فوضى عامة نسفت المتحف .. كان عملا منظما وتم قص الالواح بأدوات من المختصين .. و البعض يقول ان هناك عناصر اسرائيلية دخلت مع القوات الامريكية.. و لا أحد يستبعد هذا الشىء .. ولو لم يكن هناك أية معطيات بهذا الاطار.

حدثت بعدها أشياء كثيرة .. طبعا كلنا يعرف المتحف وماذا يعنى تاريخ العراق كواحد من أغنى دول العالم وأقدمها بالنسبة للتاريخ .. و خاصة حضارة ما بين النهرين .. و لاحقا الحضارة الاسلامية وما بينهما.

حصلت لاحقا أشياء أخرى ترتبط بهوية العراق وخاصة الهوية القومية من خلال ضرب البنية الوطنية .. و بالتالى تنزيل .. اذا صح هذا التعبير..  انتماءات الانسان من المستوى الوطنى والقومى الى المستويات الضيقة الدينية الطائفية العشائرية وما شابه.

لكن أخطر هذه الاشياء التى حصلت .. هى ما حصل مؤخرا من ضرب الاضرحة فى سامراء .. و هذه الفتنة وما سبقها من تحضيرات بضرب أشياء تنمى الشعور الدينى والطائفى .. كان الهدف منها هو أن هناك هوية واحدة هى هوية وطنية وقومية تجمع العراقيين بمختلف شرائحهم .. طالما بقيت هذه الهوية سيبقى العراق موحدا .. عندما نضرب هذه الهوية سيحل محلها هويات أخرى .. و ربما هذه الهويات التفصيلية لن تجمع بين العراقيين .. و بالتالى تكون مقدمة لتفتيت العراق.

عندما يكون هناك أكثريات وأقليات فى أى مجتمع يعنى مجتمعا منقسما .. الاكثرية الوحيدة التى يجب أن تسود هى الاكثرية الوطنية وفى مجتمعات مثل مجتمعاتنا .. الاكثريات القومية بكل عناصر هذه القومية .. كما قلت فى بداية الحديث.

لماذا لم يضرب هذا الضريح الموجود منذ حوالى اثنى عشر قرنا فى منطقة لا تنتمى للطائفة التى يرمز لها هذا الضريح أو هذه الاضرحة .. و كانت تحميها لمدة اثنى عشر قرنا .. يعنى فجأة تحول الناس الى طائفيين .. هذا كلام غير دقيق .. و نحن أصحاب ذاكرة .. علينا أن نعرف أو أن نتذكر أن هناك أعمالا حصلت فى العراق من قبل قوات الاحتلال وهم متنكرون بزى عربى .. وتحديدا زى عراقى .. و هذا الكلام منذ أشهر قليلة .. هم يريدوننا دون ذاكرة بالمعنى العام .. و لكن على الاقل اذا استخدمنا الذاكرة القريبة سنتذكر هذا الشىء.

فاذا لماذا الان تضرب .. المسؤولون الاميركيون يقولون انه لا علاقة لهم.

المعروف أن قوات الاحتلال بشكل قانونى .. مسؤولة عن كل شىء .. مسؤولة عن الامن .. عن الاقتصاد .. ومسؤولة عن الخدمات أيضا .. و بالتالى بشكل طبيعى ومنطقى تتحمل كل هذه المسؤولية.

ولكن بالعودة لهذه الاحداث .. علينا أن نشكك أكثر فى من يقف وما هو الهدف من هذه الفتنة.

أعود وأقول .. ان هدف هذا الضرب أولا خلق فتنة طائفية .. ثانيا هم يعتمدون مع العرب طريقة تدريجية فى الامور.

أول مرة قتل محمد الدرة فى فلسطين .. قامت الدنيا ولم تقعد .. اليوم عندما نسمع كل بضعة أيام ان اسرائيل قتلت فلسطينيين نقول مسكينة اسرائيل لم تقتل سوى اثنين .. يعنى نشفق على اسرائيل لان الموضوع أصبح بالنسبة لنا كالعادة .. و هم يعتمدون على ضرب هذه الرموز بشكل منهجى وتدريجى لكى .. بالمستقبل .. أعود لفكرة المسجد الاقصى .. عندما يضرب موقع أو يهدم موقع بحجم المسجد الاقصى بحجمه التاريخى والروحى.. سنكون على الاقل قد تجاوزنا مراحل بالتهيئة يعنى هى قضية جرعات تدريجية لكى لا نصاب بحالة صدمة منذ البداية.

فكل هذه الامور تصل فى المحصلة الى جانب واحد.

الشىء المضحك فى الموضوع أن الاميركيين أقنعوا كل العالم بأنهم لن ينسحبوا من العراق لان الانسحاب الاميركى من العراق سيؤدى الى حصول فوضى .. يعنى الان فى العراق ازدهار واستقرار وأمن مستتب والامور ممتازة بكل صراحة .. لن يكون هناك فوضى أسوأ من هذه الفوضى .. و بكل وضوح نحن نعتقد أن قوات الاحتلال الان هى أحد أسباب الفوضى عن قصد .. عن غير قصد .. نظرية مؤامرة أو غير نظرية مؤامرة لا يهم .. هى أحد أسباب الفوضى .. و أنا أعتقد أن الانسحاب العاجل لقوات الاحتلال أصبح ضرورة ملحة.

وأنا أدعو العراقيين لان يتوحدوا حول هذه النقطة.

البعض منا .. حتى كعرب .. كان يشكك هل يستطيع العراقى الان أن يقوم بادارة العراق فى ظل غياب الدولة أو فوضى غياب الدولة.

نعم بكل تأكيد. أى وضع بعد الانسحاب سيكون أفضل وأقل ضررا وأقل خطرا على مستقبل العراق من الوضع الذى نراه الان.

وندعو العراقيين بنفس الوقت .. و أعتقد بيننا أخوة عراقيون فى هذه القاعة .. ندعو الاخوة العراقيين أن يتحلوا بالوعى والحكمة التى تحلوا بها منذ بداية الغزو.

منذ اليوم الاول لسقوط بغداد ظهر وعى وحكمة عاليان لدى الشعب العراقى .. هى موجودة ونريد منكم أن تتمسكوا بها بشكل أكبر بكثير لكى نتجاوز هذه المرحلة لاننا نعتقد أن هناك أشياء أخرى مشابهة ستحصل ان لم تنجح.

ما حصل الان لم ينجح لكن لا شك يخلق حواجز بين العراقيين والوعى والحكمة والحوار المباشر هما الحل لتجاوز هذه الحالة والاهداف المرادة  منها.

ما هى الاسس التى استندت عليها سورية فى تعاملها مع الموضوع العراقى مباشرة بعد الاحتلال.

لم نكن نرغب فى الدخول فى القضايا الداخلية التفصيلية العراقية .. و هى كثيرة.

وضعنا أسسا عامة .. أولا وحدة العراق.

ثانيا عروبة العراق.

ثالثا أو لا يهم أولا وثانيا وثالثا بالاولويات .. ثالثا استقلال العراق أى خروج القوات الاجنبية المحتلة منه.

أيهما أولا هذا موضوع نتحاور به كثيرا لا يهم .

لكن المحاور الثلاثة مرتبطة ببعضها .. و لكن أنا أقول وحدة العراق هى الاساس .. من دون وحدة العراق لن تتحقق الاهداف الاخرى.

بنفس الوقت لو بحثنا فى وحدة العراق فسنقول ما الذى يوحد العراق .. أولا الهوية وهى تستند الى عروبة العراق و العروبة ليست بمعناها العرقى كما يتحجج البعض .. هى هوية حضارية تستوعب كل العناصر وكل الثقافات .. و كما نعرف وأنتم مثقفون تعرفون أن الهوية القومية ترتكز على عناصر كثيرة .. اللغة والتاريخ والارض والمصلحة المشتركة والرغبة المشتركة بالعيش .. أى عنصر أو عنصرين يلتقيان فى هذه الحالة يشكلان قومية وأهمها ربما يكون الرغبة والتاريخ المشترك.

 

فاذا عروبة العراق هى الجامع لكل الشعب العراقى مع الحفاظ على الثقافات الموجودة بلغتها وبكل تفاصيلها .. يعنى من يقول اننا نحن لسنا عربا..

هذا الكلام غير مقبول .. نحن لا نقول له انك من أب وجد عربى .. بالعكس العرب متنوعون جدا عبر التاريخ من خلال الحضارات الكثيرة التى مرت وهذا التنوع غنى وليس فقرا النقطة الثانية هى الدستور .. الدستور هو الذى سيهيىء لفتنة من نوع اخر .. اذا كان محل اجماع العراقيين سيستقر العراقيون .. أما اذا كان محل خلاف فسيكون بذرة لفتنة ولحرب أهلية فى المستقبل .. نتمنى الا تحصل.

فهذا الدستور هو الذى سيحدد .. دستور العراق عربى و ما شابه .. هو الذى سينتج مؤسسات تعبر عن وحدة العراقيين .. تعبر عن العراق ولا تعبر عن طوائف وشرائح ضيقة مهما كبرت ومهما صغرت .. هو الذى سينتج حكومة أو مؤسسات تقوم بالمطالبة باستقلال العراق ولاحقا اخراج قوات الاحتلال.

ثالثا .. الامن والاستقرار عندما يتحولان بعدم وجودهما الى حالة مزمنة .. يصبح من الصعب توحيد الشرائح المختلفة فى هذا المجتمع.

فاذا أمن واستقرار العراق ولو أنهما سيأتيان نتيجة عملية سياسية وليس عملية أمنية لكنهما بالمحصلة سيؤديان فى غيابهما الى نتائج سياسية سيئة وكارثية على العراق.

ما هى الاجراءات التى حاولنا القيام بها مع العراق خلال السنوات الماضية .. أولا دعمنا العملية السياسية فى العراق بمعزل عن وجهات النظر من هذه العملية .. و لكن استندنا فى سورية بأن دعمنا يستند الى انسحاب قوات الاحتلال .. و فى هذا الاطار ساعدنا أو دعمنا عملية الانتخابات .. و الجزء الذى تم فى سورية قدمنا له التسهيلات الممكنة.

من جانب اخر حاولنا كثيرا أن نعزز العلاقات مع الحكومة العراقية .. و لكننا لم ننجح الا بمقدار بسيط جدا بسبب ضغط الاميركيين .. و واحدة من النقاط كانت محاولة فتح السفارة السورية فى بغداد فى الصيف الماضى .. و للمصادفة ان الادارة الاميركية أرسلت رسائل لمختلف دول العالم تحثها فيها على فتح سفارات فى العراق لاهدافها الخاصة .. طبعا بالنسبة لنا هذا الموضوع لاهدافنا الخاصة أيضا .. يخدمنا لاننا نريد تعزيز العلاقة مع العراق لكى نتمكن من مساعدة العراق بشكل أكبر .. فقمنا بهذا العمل فمنعت الادارة الاميركية فى العراق .. منعت المسؤولين العراقيين من استقبال الوفد السورى الذى بقى فى بغداد لمدة سبعة أيام .. من اللقاء بأى مسؤول .. مع أن هذا الوفد مفوض بشكل معلن بالحديث فى موضوع فتح السفارة .. العلاقات الاقتصادية .. و العلاقات الامنية التى نتهم بها دائما زورا وبهتانا لاسباب أصبحت معروفة وغير خافية على أحد.

مع ذلك أعلنا خلال زيارة السيد مقتدى الصدر الى سورية منذ أسابيع قليلة وبعد حوار معه بأننا سنقوم مباشرة باعادة فتح هذه السفارة بعد أن يتم تشكيل الحكومة العراقية قريبا.

فاذا الحل العراقى .. طبعا قبل أن أصل الى الحل .. هناك مؤخرا بدأ يطرح على شكل اشاعة .. ربما لجس النبض .. و هو موضوع ارسال قوات عربية الى العراق.

هذا الموضوع طرح منذ حوالى سنتين تقريبا .. و لم يلق اذانا صاغية.

لانعرف الان ان كان سيلقى.

البعض يقول انه سيطرح على القمة العربية المقبلة فى السودان.

أول سؤال بديهى نساله هذه القوات تذهب من أجل ماذا ... هل من أجل تحرير العراق من قوات الاحتلال .. بكل تأكيد ليست هذه المهمة التى ستكلف بها أو التى سيسمح لها القيام بها.

فاذا ستذهب من أجل خدمة مشروع الاحتلال أو اخراج هذا الاحتلال من المستنقع الورطة التى يعيش بها الان.

أنا سالت هذا السؤال لاحد الوفود العراقية التى زارت سورية منذ سنتين فكان الجواب واضحا بأن أية قوات عربية أو أية قوات تدخل الى العراق تحت العلم الاميركى ولو كانت شقيقة .. سنتعامل معها وكأنها قوات احتلال .. قوات أميركية.

المهم عندما تتالت الطروحات الامنية .. جيش وعسكر وجيش وعسكر وأمن .. هذا يعنى ضمن الصورة العامة التى وضعتها اسرائيل فى التسعينيات عندما أرادت أن تهرب من استحقاق السلام وطرحت بديلا عن الارض مقابل السلام .. الامن مقابل السلام .. تذكرون هذا الشىء طرحه نتنياهو على ما أعتقد عام /1996/.. الامن مقابل السلام.

طبعا هذه النظرية فشلت أو الامن فى لبنان عندما كانت اسرائيل تحتل لبنان من عام /1982/ حتى عام /2000/ فشلت أن تحقق الامن لنفسها لقواتها ولعملائها وحلفائها فى لبنان .. كذلك فشلت القوات المتعددة الجنسيات عندما أتت .. فشلت اسرائيل فشلا ذريعا فى فلسطين .. و انسحاب غزة أحد الادلة على فشل هذه النظرية وفوز حماس دليل اخر.

فشلت الولايات المتحدة فى تطبيق هذه النظرية فى أفغانستان .. و الان نرى فشلا ذريعا فى العراق.

بعض الدول الاوروبية التى تبنت هذه النظرية أيضا نرى الان أنها تفشل فشلا ذريعا ... و الامن لا يعم معظم دول العالم .. ان ابتعدنا عن كلمة الارهاب بدل أن يعم العالم لان الارهاب له تعاريف مختلفة .. فعلى الاقل الامن أو الشعور بالامن لا يعم مختلف مناطق العالم.

فاذا نظرية الامن تحقق السياسة التى ابتدعتها اسرائيل فشلت ونسفت .. و علينا كعرب الا نقبل بالسير بهذه النظرية .. لا يجوز أن نتحدث عن الامن بمعزل عن السياسة أولا نحدد ما هى الافكار السياسية .. كيف نطبقها .. و عندها سنصل الى الامن .. وأى أمن يجب أن نقوم به كعمل أمنى على الارض يجب أن يترافق مع فكرة سياسية .. الدليل الطائف فى لبنان.

تواجدنا فى لبنان قبل الطائف حوالى أربعة عشر عاما ربما مئات من اتفاقات وقف اطلاق النار ولم يتحقق الامن الحقيقى الا بعد وجود الطائف الذى هيأ أرضية سياسية لوقف اطلاق النار النهائى فى لبنان .. و من ثم تطور الاحداث باتجاه سياسى والتفاصيل اللاحقة تعرفونها.

فى الموضوع اللبنانى .. دخلنا الى لبنان .. اذا سأمر بشكل عاجل وأحاول أن الامس فقط النقاط غير المعروفة لديكم لكى أترك المجال للاسئلة.

دخلنا لبنان عام /1976/ .. فى عام /1989/ كان اتفاق الطائف .. بدأنا باعادة نشر القوات فى /1998/ بعد استلام الرئيس لحود .. و أقول نشر القوات داخل الاراضى اللبنانية فى ذلك الوقت .. بدأنا بنقل القوات من الداخل الى الحدود السورية اللبنانية .. و البعض منكم يذكر أن اسرائيل أثارت ضجة حول هذا الموضوع عندما اعتبرت أن سورية تهيىء لحرب من قبل تحليل وهمى من أحد العناصر الاسرائيلية فى المخابرات الاسرائيلية .. و فى عام /2000/ وبعد الانسحاب الاسرائيلى .. تسرع الانسحاب السورى وصولا الى عام /2004/ عندما صدر القرار /1559/ كانت سورية قد سحبت /63/ بالمئة من قواتها حتى ذلك الوقت.

عد صدور القرار /1559/ بدأت عملية الابتزاز بالنسبة لسورية وبدأ المسؤولون الاوروبيون والاجانب بشكل عام يأتون لسورية ويساومونها.. يقولون نحن لا نريد من سورية أن تنسحب بشكل عاجل ولكن على سورية أن تقوم ببضع خطوات.

طبعا قلنا لهم لا تريدون أن ننسحب بشكل عاجل .. نحن على كل الاحوال نقوم بعملية الانسحاب ضمن خطة معينة .. ما هو المطلوب .. المطلوب طبعا نزع سلاح المقاومة فى لبنان .. و المطلوب ايجاد حل لموضوع المخيمات الفلسطينية وطبعا فى مقدمته موضوع نزع سلاح هذه المخيمات. قلنا لهم هذا الموضوع لا يعنينا.

عليكم أن تقوموا به أنتم .. بالنسبة لنا نحن ننسحب من لبنان ضمن قناعات وضمن مصالح واضحة وسنتابع هذا الانسحاب.

وطبعا القرار /1559/ لم يحدد لا الالية ولا زمنا للانسحاب ... ان كان لديكم زمن معين عليكم أن تعودوا لمجلس الامن وحددوا زمنا .. نحن بالنسبة لنا مستمرون ولا نهتم بكل هذه الطروحات .. هذه المساومة استمرت حتى قبل أيام قليلة جدا من اغتيال الرئيس الحريرى.

اغتيال الرئيس الحريرى خلق صدمة ... قلب جزءا من الشارع اللبنانى ضد سورية .. خاصة مع التحريض العاطفى والطائفى الذى قام به بعض السياسيين فى لبنان .. طبعا هذا الموضوع كان بالنسبة لنا فى سورية أمرا لا يناقش .. فاتخذنا مباشرة قرار الانسحاب من لبنان .. أعلناه خلال حوالى ثلاثة أسابيع وأتممنا الانسحاب بعد أن أعلناه بأقل من شهرين.

 

عندما ينقلب جزء من الشعب اللبنانى ضد سورية لا يمكن أن تبقى سورية يوما واحدا فى لبنان.

 

لكن بالنسبة للبعض فى المنطقة أو فى الخارج كان لديهم مفهوم خاطىء بأن سورية متمسكة فى لبنان لاسباب اقتصادية ولاسباب سياسية .. كانوا يقولون ويكتبون النظام فى سورية يسقط اذا خرج من لبنان .. و القرار /1559/ ان لم يخرج سورية فمقابله ابتزاز باضعاف سورية من خلال اضعاف المقاومة واضعاف الوضع الفلسطينى من خلال المخيمات.

والخروج السريع لسورية بكل تأكيد سيكون له تداعيات داخلية.

هذا يعبر دائما عن قراءة خاطئة من الغرب ومن بعض العرب لحقيقة الامور على الساحة.

وفى ذلك الوقت عندما كانت القوات السورية تنسحب كان هناك حوالى 400 صحفى من الدول المختلفة خاصة الغربية يصور لانه يريد أن يصور سقوط النظام فى سورية بعد الخروج من لبنان .. كان مشهدا مضحكا .. مع ذلك تعاملنا بنوع من الهدوء أو بكثير من الهدوء .. و كان البعض يعتقد أن سورية مرتبكة بهذا الهدوء أو تائهة .. الحقيقة .. الامور كانت بالنسبة لنا واضحة لان ما يحصل الان لم يبدأ منذ عام أو عامين بدأ بشكل واضح بعد حرب العراق ولكن بذور هذا الموضوع بدأت منذ عام /1998/ ... عندما بدأ التامر على المقاومة فى لبنان ومحاولات اضعاف سورية ولكن الظروف لم تكن مهيأة فى ذلك الوقت والان تهيأت الظروف بعد حرب العراق فبدأت الهجمة بهذا الاتجاه.

لم تحقق هذه الامور شيئا فانتقلوا الى لجنة التحقيق .. لجنة التحقيق الاولى لن أتوسع فيها ... فضحت على المستوى العربى والعالمى بتسييسها وبعدم مهنيتها وصدرت قرارات مجلس الامن وكانت هناك سابقة فى القرار /1636/ الذى يبنى على تقرير لم يكتمل .. التقرير يقول انه تقرير مبدئى لم ينته ولم يضع فى نصه لا أدلة ولا اتهامات واضحة .. و انما يحمل مسؤوليات على طريقة لا يمكن أن تحصل عملية فى لبنان دون معرفة سورية .

أى عملية تحصل فى أية دولة فالدولة مشاركة فيها .. /11/ أيلول ومقتل الرئيس عرفات فى فرنسا وأى عملية تحصل فى أى دولة عربية ولو جريمة .. فاذا الدولة تتحمل مسؤوليتها ... بمعنى المشاركة الرسمية .. هذا الكلام غير منطقى وهذا يشكل سابقة خطيرة على العالم ككل وليس على سورية.

الهجوم .. سأتحدث أيضا باختصار أعبر عنه بثلاث مراحل من خلال لجنة التحقيق السابقة.

المرحلة الاولى بدأت مع محاولة اتهام المقاومة فى لبنان .. كانت فرصة بالنسبة لهم أن يقولوا ان المقاومة متورطة بعملية الاغتيال .. و هذا الشىء يضرب صورة المقاومة فى لبنان أمام الشعب اللبنانى .. و بالتالى تبدأ عملية سقوط طبيعية لفكرة المقاومة على مستوى لبنان.

طبعا لم يتمكنوا وبنفس الوقت لم يجرؤوا ولا الشعب اللبنانى سار فى هذه الفكرة .. لم يتمكنوا من تسويقها .. ولم يجرؤوا على تسويقها ..  فانتقلوا مباشرة لانهم بدؤوا يشعرون بالضعف .. انتقلوا مباشرة الى الهجوم من خلال لجنة التحقيق باتجاه سورية .. قاموا مباشرة بسجن الضباط اللبنانيين بناء على شاهد مزور فضح لاحقا .. هو زهير الصديق وانتقلوا مباشرة الى الهجوم باتجاه سورية.

هنا كانت الخطة أيضا .. طبعا كانت الفكرة عندما نهاجم القوى الوطنية بالمرحلة الاولى .. نضعف المقاومة وحزب الله والقوى الاخرى .. فحتما سورية ستضعف .. التيار الذى نمثله الان فى هذه الاحزاب القومية سيضعف وسيسقط بشكل الى .. و هناك العراق شكل صدمة للتيار القومى فتنتهى الامور بشكل سريع.

الان فشلنا فى لبنان .. فسننتقل للهجوم فى سورية ولندخل مباشرة الى جوهر الموضوع ولنسقط النظام فى داخله .. و هذا الضغط كان هدفه خلق انقسام على مستوى الدولة .. على مستوى الشارع وخلق انقسام بين الدولة والشارع.

من دون الدخول فى التفاصيل .. تعرفون بأنهم فشلوا فى المحصلة ونتيجة الفضائح الكثيرة التى سقطت فيها عملية التحقيق ومن يقف وراءها من لبنانيين أو أجانب أو بعض العرب ضربت المصداقية.

وفى سورية كان هنالك نوع من التوحد غير المسبوق والوعى غير المسبوق بالنسبة لكافة الشرائح حتى غير المهتمة بالسياسة.

بمعنى اخر .. كل ما تحقق لديهم كان العكس وحدة وطنية.. وعى .

فضحت المخططات .. لم نعد قلقين من شىء.

فشلوا فى سورية واستخدموا الكثير من المكملات والمتممات لاتمام هذا الشىء ولم يتمكنوا من الوصول لهذا الهدف فعادوا للهجوم من لبنان من خلال /14/ شباط و الهستيريا التى رأيناها فى /14/ شباط هى تعبير عن الفشل الذريع لهذه القوى.

الان سيعودون للهجوم ولكن بعنوان اخر .. عنوان الحقيقة الذى استخدم .. كشف وفضح .. بأنه كذبة كبيرة وقناع .. نحن نعرف ولكن فضح على المستوى العربى وعلى المستوى الغربى .. و الكل ينظر اليهم بازدراء .. أنا سمعت هذا الكلام من مسؤولين ليسوا مع سورية ولكنهم تحدثوا عنهم بازدراء.

الحقيقة .. هل نقيمهم بالذكاء أم بالغباء .. لا يمكن.

لان من يقيم بالذكاء أم بالغباء هو العقل المفكر .. هم مجرد أدوات .. الادوات تقيم بأنها فاعلة أو غير فاعلة.

الحقيقة كانوا أدوات غير فاعلة .. أما من خلفهم فلم يكن ذكيا .. الحقيقة كان غبيا فى كل ما تصرف به .. و هم ينتقلون من فشل الى فشل.

الان العنوان البديل هو الرئيس لحود .. لن أدخل فى دفاع عن الرئيس لحود.

لماذا الرئيس لحود .. بكل بساطة لانه أكثر رئيس دعم المقاومة ولان اللعبة التى بدأت عام /1998/ .. كما قلت قبل قليل .. بدأت مع محاولات ابعاد الرئيس لحود لابعاد لبنان عن سورية .. و بالتالى عن الاتجاه العربى ورفضت هذه المحاولات ولن أتحدث عنها بالتفصيل .. ربما تكون هناك فرصة لكى يشرح الرئيس لحود .. و هو صاحب الحق فى الحديث .. عن هذه النقاط .. لكى يشرح هذه التفاصيل كيف بدأت كى تعرفوا الامور .. أحيانا نقع فى الخطأ ونعتقد بأن القضية ابتدأت مع القرار /1559/ أو ابتدأت مع التمديد .. أو ابتدأت بعد حرب العراق .. لا كلها مراحل طويلة ولكن فى كل مرحلة هناك نقلة .. هناك ظرف جديد يهيىء لجسر لينتقلوا منه للمرحلة اللاحقة.

فاذا المشكلة ليست بين سورية ولبنان .. المشكلة هى لدى تيار فى لبنان لديه مشكلة مع سورية لانه قرر أن يضع نفسه بامرة الاخرين لكى يتامر على سورية.

الحقيقة حتى الان لم نتحرك بمعنى فاعل .. لاننا .. كما قلنا .. لا نعتبر أن معركتنا مع هذا التيار لانه أداة والدول لا تقاتل أدوات .. معركتنا هى مع أسباب هذه الحالة .. هى انعكاس للفشل فى العراق .. انعكاس للفشل فى فلسطين .. انعكاس لوضع دولى معين.

هى ليست قضية سورية .. هى قضية عربية نحاربها بالعمل العربى وبمواجهة الاخرين فى الساحات الحقيقية وليس مع تيار .. هذا التيار لا يشكل بالنسبة لنا شيئا .. و من يقول انه أكثرية .. الحقيقة الاكثرية الكبيرة فى احصاءات عديدة تتم فى لبنان .. هى مع العلاقة الجيدة مع سورية وهى غير مقتنعة بكل ما يحصل.

الاكثرية ليست أكثرية الاموال ولا أكثرية المقاعد النيابية التى تأتى فى ظل ظرف عاطفى معين .. و فى تسويق وهمى معين .. و فى خداع للشارع بطريقة معينة بدأ ينكشف الان.

الاكثرية الان هى .. كما قلت .. الاكثرية الوطنية هى الاكثرية القومية .. الاكثرية التى تدعم المقاومة والتى تدعم العلاقة مع سورية من دون أى تردد.

فاذا نحن نستطيع أن نقول ان ما يحصل الان هو عابر كما قلت سابقا ومؤقت .. وأمام هذا التيار بمختلف عناصره وأشخاصه احتمالان ..  اما الفشل الذريع وهو ما نراه الان .. واما عودة الوعى والعقل .. وفى هذا الاطار نستطيع أن نقول ان الحوار الذى يتم الان فى لبنان هو خطوة ايجابية لعودة العقل ان كان هناك رغبة.

الحوار لا يعيد العقل .. يجب على المتحاورين أن يمتلكوا الارادة فى العودة لهذا العقل.

موضوع السلام. بالمختصر .. لا سلام فى المدى المنظور. لكن لماذا ... أولا لان اسرائيل يوما بعد يوم هى أبعد عن السلام بكل شرائحها حكومات وأحزابا وعموما.

النقطة الثانية وهى نقطة جديدة وغير مسبوقة لان الولايات المتحدة أبعد من اسرائيل عن عملية السلام.

فى السابق كانت الولايات المتحدة هى التى تدفع أو تضغط على اسرائيل لكى تتحرك باتجاه السلام.

اليوم اذا فكر اسرائيلى لسبب ما ولو تكتيكى ولو كبالون اختبار بأن يتحرك أو يتحدث بما يوحى بأن هناك حركة باتجاه السلام فتضغط عليه الادارة ببعض قواها كى تمنعه من التحرك باتجاه السلام بحجة أن هذا الشىء يقوى بعض الدول العربية .. و العرب يطرحون مبادرات السلام انطلاقا من موقع ضعف وللخروج من مازقهم الداخلية أو الاقليمية أو الدولية.

سبب هذه النقطة الاولى والثانية هى الادارة الفاشلة التى قمنا بها نحن كدول عربية لعملية السلام .

كنا نعتمد على مبدأ أننا علينا أن نقدم كل شىء مقابل لا شىء .. و لكن بيوم من الايام سيقدر لنا أصحاب الامر هذا الموضوع وسنكون نحن الرابحون فى المستقبل.

الحقيقة قدمنا كل شىء ومازلنا نقدم كل شىء وما زلنا لم نحصل حتى على الرضى حتى على كلمة جميلة .. كلمة بسيطة يقولون //قمتم بواجبكم يعطيكم العافية//.

حتى هذه الكلمة لم نسمعها من الغرب .. فهذا هو السبب الاساسى وهو الذى أدى فى المحصلة لان تعامل المبادرات العربية على اختلافها واختلاف مضمونها وشكلها باحتقار وبازدراء وباستخفاف.

وكما قلت .. تعبر هذه المبادرات عن ضعف وتعبر عن حاجة للخروج من المأزق .. حتى فى سورية لم نعد فى خطابنا البروتوكولى الدائم نتحدث كثيرا عن السلام لانه أصبح يفهم هذا الحديث المتكرر على أنه منطلق من ضعف.

ماذا كانت النتيجة .. المزيد من الخسائر السياسية العربية على الساحة الاقليمية والدولية.

تراجعت مكانتنا فى كل العالم بشكل غير مسبوق .. و طبعا فى مقدمتها على المستوى الشعبى الداخلى لدى شعوبنا العربية.

تناقضت المسارات العربية ... بدلا من أن تكون المسارات العربية متوافقة مع بعضها البعض تحولت الى مسارات متناقضة .. بمعنى ان تحركت اسرائيل على المسار الفلسطينى فسيخسر المسار السورى اللبنانى أو العكس.

استمر قتل الفلسطينيين وزاد.

كان الرد على كل مبادرة من المبادرات هو ازدياد قتل الفلسطينيين.

بالمحصلة العامة لكل ما حققناه من تحرك على اتجاه السلام منذ بدايته حتى الان هو .. لا أستطيع أن أقول صفرا .. بل هو نتيجة سلبية كانت ضد مصلحة العرب وليس لاننا تحركنا باتجاه السلام .. نحن مع السلام ولكن الالية التى اعتمدها العرب والقاعدة الفكرية والرؤية السياسية كانت خاطئة بما لا يقبل الشك والنتائج اليوم تؤكد هذا الشىء.

بالمقابل أتى الرد شعبيا.

الانتفاضة الفلسطينية أولا لم تحصل كرد فعل على دخول شارون الى المسجد الاقصى لو كانت رد فعل لانتهت فى وقتها خلال أيام أو أسابيع لكنها مازالت مستمرة .. هى كانت رد فعل على أوسلو .. كان الشعب الفلسطينى يعتقد بأن هذه الاتفاقية ستحقق له الدولة الفلسطينية و لاحقا الحقوق الفلسطينية الاخرى خلال زمن معين .. اكتشف خلال ست أو سبع سنوات بأنها كانت عبارة عن خدعة دولية كبيرة سار بها العرب بشكل خاطىء وانعكست سلبا على حقوقهم فانتفض عليها.

الرد الثانى أتى مؤخرا من خلال فوز حماس .. حتى أشهر قليلة كنا نسمع من بعض العرب ان الشعب الفلسطينى مل وتعب من نهج المقاومة.

الحقيقة فوز حماس ليس فوزا لفصيل .. هو انتخاب لنهج المقاومة .. هكذا علينا أن نفهم هذا الفوز.

فوز حماس هو موضوع داخلى ... بالنسبة لنا لن ننظر الى هذا الموضوع فصيل أو أية فصائل أو سلطة أو غيرها .. نحن نريد علاقة جيدة ونسعى لعلاقة جيدة مع كل التيارات الفلسطينية .. الفصائل فى الداخل .. فى الخارج .. علاقتنا جيدة مع الرئيس محمود عباس ونتحدث معه بصراحة .. و قلنا له ان ما يهمنا هو وحدة الفلسطينيين عدا عن ذلك هو تفاصيل .. لكن ما يعنينا من هذا الفوز تحديدا .. أولا هو ما يتعلق بالضغوط الكبيرة التى من الصعب أن نشرحها .. حتى لو أردنا أن نشرحها داخليا فى سورية .. نحن لم نكن نتحدث عن حجم هذه الضغوط .. لكن من الصعب تماما أن نعبر عن حجم الضغوط التى تعرضنا لها خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تواجد الفصائل الفلسطينية فى سورية .. و انتخاب حماس أولا يأتى لكى يثبت صحة الموقف السورى .. هذا يعنى أننا كنا فعلا نرى الامور قبل سنوات .. كنا نعرف وكنا مقتنعين ولم تتغير قناعات سورية بأن نهج المقاومة يعبر عن نهج الشارع الفلسطينى .. نحن ليس لنا الحق أن نحل محله فى تقييم الامور ... فكنا نعتقد فى تلك المرحلة وكل الوقت حقيقة .. أن هذا ما يريده الشعب الفلسطينى .. لم نكن نعرف اذا كانت حماس ستدخل الانتخابات أم لا .. ولم نكن نعرف لاحقا ان كانت ستربح أم لا .. لكن كنا نعرف أين هذا التوجه .. و الشعب الفلسطينى عبر عن هذا التوجه وعبر عن صحة موقفنا بهذه الانتخابات.

كثير من الدول العربية كانت تنتقدنا حول هذه النقطة تحديدا ... حقيقة أول من طرح هذا الموضوع بشكل حاسم هو كولن باول .. عندما أتى الى سورية بعد حرب العراق بثلاثة أسابيع .. لم يكن هناك لا ورطة أمريكية ولا مقاومة ولاشىء .. كانت أمريكا مزهوة بهذا الانتصار .. و قالوا نريد ان تطردوا حماس والجهاد .. قبل زيارته كنا تحدثنا مع الاخوة فى حماس والجهاد ... و قلنا لهم الان نتوقع أن يطلبوا منا اغلاق المكاتب .. الحقيقة بادروا من تلقاء نفسهم .. و قالوا نحن نريد أن نخفف الضغوط على سورية فى هذا الظرف ونحن سنقوم باغلاق المكاتب .. و فعلا بلغنا الوزير باول بأن هذا الشىء تم الاتفاق عليه مع الفصائل الفلسطينية .. فوجئنا بأن الطلب ليس اغلاق المكاتب .. لكى تروا كيف يتعاملون معنا دائما يبدؤون بتنازل وراء تنازل .. طلبوا طرد المنظمات ولاحقا بدأت بعض الدول العربية تضغط بهذا الاتجاه .. يجب ان يطردوا .. قلت لهم بشكل بسيط عندما تطرد شخصا من بلدك اذا كان هناك سبب .. الى أين تطرده .. الى أرضه .. لا تلقى به فى البحر .. لا تطرده الى بلد اخر .. و هم أخرجوا من الاراضى الفلسطينية وممنوعون من العودة اليها .. و لاحقا لم يقبل بهم فى الاردن .. فطرحنا مع بعض المسؤولين العرب .. اذا قبلوا ان يخرجوا من سورية .. وهذا كلام يعرفه الاخ خالد مشعل بالتفاصيل والاخوان الاخرون .. هل تقبلون بهم .. الكل يقول لا .. نقول لهم ماذا نفعل بهم .. نذبحهم .. فكان الجواب أجمل أوجدوا لهم حلا .. ولا نعرف ما هو الحل ... الان هم أوجدوا الحل بالانتخابات.

النقطة الثانية التى تهمنا هى ان هذه الانتخابات هى المحك الحقيقى للعظات الاوروبية او القريبة بشكل عام حول الديمقراطية ... يحب المسؤولون الاجانب بشكل غريب أن يأتوا بدور الاستاذ الينا ويعطونا عظات فى كل شىء .. فى الديمقراطية .. فى محبتى لشعبى فى محبة السورى للسورى.. و العربى للعربى .. كيف نتحرك باتجاه السلام ... و هم يفهمون أكثر منا بالسلام ولو أنه سلامنا .. يفهمون أكثر منا بالعراق .. بكل شىء . فأنا دائما أقول هم يأتون الينا ويعطوننا عظات .. الان سنرى .. و كلنا رأينا التناقض الكبير الذى وقعوا به .. كيف تدفعهم دعواتهم الى التعامل مع منظمة ارهابية .. فكانوا مرتبكين .. نقطع المساعدات .. نهدد بقطع المساعدات .. نوافق على المساعدات .. نطلب من حماس ان تعترف باسرائيل وان تنزع السلاح .. و الى اخره من التخبط.

اعتقد أنها محك حقيقى لهؤلاء سنراه خلال المرحلة المقبلة بتفاصيل واضحة أكثر.

النقطة الثالثة وهو ما نطرحه دائما مع الرئيس محمود عباس وطرحناه مع الاخوة فى المنظمات الفلسطينية بمعزل عن فوز حماس ولكن الان نعتقد أنه فرصة كبيرة .. هو توحيد الفلسطينيين ... لا أقول الفصائل ... الكل .. كل الفلسطينيين وعلى كل الاحوال أنا الان لا أرى خلافات أو فجوات حقيقية كبيرة بين التيارات المختلفة .. و لكن دائما هناك من يحاول أن يلعب على الوضع الفلسطينى الداخلى .. و نعتقد أن الانسحاب من غزة كان فى أحد أوجهه هو خلق فتنة بين الفلسطينيين .. وأنا قلت فى لقائى مع الاخوة فى حماس منذ أسابيع بعد الفوز ان أول هدف يجب أن يكون هو الوحدة مع الجميع بمختلف تياراتهم .. و عندها نستطيع ان نحقق الاهداف الاخرى .. طبعا عندما تقول الوحدة .. فى الداخل والخارج.

الجانب الاخر الذى يهمنا هو موضوع اللاجئين .. يهمنا أولا لانه أحد أهم أوجه القضية الفلسطينية .. لا يمكن ان تتحدث دائما بالسلام عن ارض وتراب وحدود وتنسى ان الهدف هو البشر بالمحصلة.

ثانيا لانه لدينا فى سورية كما لدى عدد من الدول العربية الاخرى عدد من الفلسطينيين يقدر بحوالى نصف مليون ونحن نعيش معهم المعاناة اليومية التى يعانونها و نحن نعتبر أنفسنا مسؤولين عنهم وعن حقوقهم حتى تعود هذه الحقوق ويقرروا هم ان كانوا سيستمرون فى الدفاع عنها كما نرى الان.

طبعا لان البعض يقول هذا الطرح لم يعد منطقيا .. نقول ليس نحن من نحدد .. صاحب الحق هو من يحدد ان كان منطقيا أم لا .. فهذا الموضوع مهم جدا التركيز على حق عودة اللاجئين.

الجانب الاخر الذى يهمنا هو انتهاء لعبة المسارات .. على الاقل اذا قررت حماس او السلطة .. لنقول الان السلطة .. اذا قررت السلطة الفلسطينية ان تسير باتجاه السلام فلن يجدوا من يقبل ان يلعب معهم لعبة المسارات .. فكلنا نتحدث الان بمنطق واحد .. عودة الحقوق العربية كاملة من دون أى تنازل.

الان يطرح على حماس كما تسمعون نزع السلاح والاعتراف باسرائيل .. ايضا نسال اسئلة بديهية جدا .. لماذا لم يطرحوا نفس الكلام على اسرائيل .. لاحظوا لعبة المعايير المزدوجة التى نراها فى كل مرحلة .. على حماس ان تنزع السلاح وعلى اسرائيل ان تستمر بحمل كل اسلحة العالم لقتل

الفلسطينيين .. على حماس ان تعترف باسرائيل وعلى اسرائيل ان تعترف بحماس كمنظمة ارهابية استلمت الحكم لسبب ما .. هذا بالنسبة لهم مقبول .. هذه هى الصورة الحالية .. لكن مقابل ماذا .. لنفترض أنها ستعترف .. و لكن مقابل ماذا .. مقابل الاشياء التى ستقدمها اسرائيل تجاه السلام .. تجاه حقوق الشعب الفلسطينى.

ايضا لا يوجد أى طرح فى هذا الاتجاه .. و السلطة الجديدة طرحت هذا السؤال .. و اعتقد أنه الان يطرح خلال الزيارة الى موسكو قرأته فى بعض الصحف .. لماذا يطلبون من حماس الاعتراف باسرائيل .. البعض سيقول ان حماس ملزمة باتفاقيات تم توقيعها والسلطة منذ البداية بعد أوسلو اعترفت باسرائيل .. فحماس الان ملزمة .. و هذا عذر اقبح من ذنب .. فاذا لماذا يطالبونها بالاعتراف باسرائيل اذا كانت السلطة قد اعترفت وهناك اتفاقيات ملزمة .. فاذن هناك أهداف اخرى .. يعنى الطرحان غير مقبولين .. على كل الاحوال لنفترض بمعزل عن الاتفاقيات والاعتراف السابق .. أى اعتراف يطلب من أى طرف بطرف اخر فى مثل ظروفنا فلا بد ان يكون مرتبطا بعملية سلام .. و الدليل هو سورية .. نحن دخلنا فى عملية السلام .. ودخلنا فى المفاوضات .. لكن لم نعترف باسرائيل حتى هذه اللحظة.

ونقول الاعتراف مرتبط بعودة الحقوق كاملة .. لا يجوز ان يكون الاعتراف مجانا هبة لاسرائيل لكى يرضى علينا الغرب.

وهناك فى الغرب خلط .. جانب منه مقصود وجانب منه غير مقصود .. مابين الاعتراف ومابين الدخول فى السلام .. البعض يقول على حماس ان تعترف باسرائيل ويعتقد أن اعترافها باسرائيل يعنى دخولها فى عملية السلام .. و هذا خلط يجب ان ننبه له طبعا بالنسبة لنا كعرف لا أعتقد أن هناك خلطا بين الاولى والثانية .. لكن فى لقاءاتنا مع الوفود الاجنبية يجب ان نشرح أن الاعتراف يأتى كمحصلة وكنتيجة للسلام.

فاذا فوز حماس هو نقطة قوة يجب ان تستثمرها لتقوية الموقف العربى باتجاه عملية السلام .. و يجب ان يكون الحد الادنى بالنسبة لنا هو اعتراف اسرائيل واحترامها لكل المبادرات العربية .. و فى مقدمتها المبادرة العربية فى قمة بيروت عام/2002/ .. هذا هو الحد الادنى .. ماذا بعد هذا الحد الادنى .. هذا بحاجة لحوار اكثر .. فالحد الادنى يجب ان يكون الاعتراف بهذه المبادرات العربية واعلان اسرائيل الواضح للسير باتجاه السلام العادل والشامل الذى يعيد كافة الحقوق لكل العرب سورية ولبنان وفلسطين .. من دون التنازل عن أى حق.

الوضع الدولى..عادة نبدأ الوضع الدولى بالحديث عن الولايات المتحدة..والغريب فى هذه الادارة أنها حققت انجازا كبيرا جدا وهو توحيد العالم بالموالى لها والمخالف لها..وحدته حول نقطتين..النقطة الاولى وحدته حول انتقاده لهذه الادارة..يعنى الموالون لها ينتقدونها اكثر من المعارضين لها او خصومها او أعدائها.فوحدوا العالم حول هذه النقطة أولا..وحدوا العالم حول نقطة ثانية بأدائهم الرائع بعد 11 ايلول..ساعدوا كثيرا على انتشار الارهاب تحت عنوان المكافحة..ووحدوا العالم حول الخوف من الارهاب...لم يعد أحد يشعر بالامن00 لا يوجد سوى هذين الانجازين لهذه الادارة..لذلك لن أطيل الحديث عن الوضع..الباقى تعرفونه.يعنى كلنا موحدون مع العالم..وهذا شىء جيد. أوروبا تهمنا كثيرا لانها القارة الاقرب..والقارة التى بمعنى تقترب أكثر مع تطور وسائل الاتصال والمواصلات..ولكنها تبتعد عنا ثقافيا خاصة بعد 11 ايلول..وخاصة بعد الكثير من الاخطاء العربية السياسية التى تمت خلال العقد أو العقد والنصف تحديدا فى بداية التسعينيات وحتى اليوم..وأنا أرى المدخل لهذا الموضوع هو قضية الرسوم المسيئة للنبى /ص/ التى حصلت فى الدنمارك.

أنا دائما أفضل أن نبدأ بأنفسنا...عندما ننتقد شيئا نحن طرف فيه فلنبدأ بأنفسنا دائما ومن ثم ننتقل للاخرين..الغضب الذى حصل فى العالم العربى والاسلامى هو مبرر ولا نقاش فيه على الاطلاق..طبعا يقال أرادوا الاساءة للنبى محمد..حاول المشركون الاساءة له كثيرا خلال مرحلة نزول الرسالة...من البداية حتى ختم الرسالة...ولم يتمكنوا لان الانبياء مكرمون معززون من قبل الله سبحانه وتعالى..ولا يمكن لانسان أن يمس الانبياء بسوء..ولن يتمكنوا..ولكن الهدف هو نحن كمجتمعات نؤمن بهذه الرسالة..ونحن المستهدفون.اذا غضبنا من أجل الاسلام فدعونا نطبق الاسلام..بمعنى البناء والبشر الموجودون فى أراضينا هم أمانة فى أعناقنا والاسلام حض بشكل كبير وقوى على الحفاظ على الامانة.

النقطة الثانية لا تحمل نفس وزر أخرى..فاذا كان هناك شخص دنماركى أو فرنسى أو غيره دولته أخطأت..أو مسؤول لديه أخطأ وصحفى أخطأ..فربما لا يكون هو موافق عليه..وأنا قرأت عددا من المقالات الاجنبية فى صحافة اجنبية تتحدث بنفس المنطق الذى نتحدث به..أيضا علينا ان نحافظ على القانون لان الاسلام حضنا على النظام وعلى الالتزام بأوطاننا...وطبعا هناك من قاطع والمقاطعة كان لها تأثيرات كبيرة جدا أكثر من كل ما قمنا به..تأثير اقتصادى..فاذا هنا دور الاحزاب...هنا احدى النقاط التى علينا كأحزاب أن نقوم بها..كيف نؤطر هذه الطاقة وهذا الغضب باتجاه يحقق نتائج..هذا سؤال مهم على الاحزاب أن تفكر به..هذه الطاقة سنستخدمها فى المرات القادمة ليردعوا عن القيام بمثل هذا العمل.

الان أنتقل الى الطرف الثانى وهو الطرف الاوروبى كانت القضية دنماركية ثم حولوها الى قضية أوروبية ثم حولوها الى قضية صراع بين الغرب والاسلام..تمترسوا خلف مفهوم كاذب مخادع اسمه حرية التعبير..وطبعا حرية التعبير موجودة..هم يؤمنون بهذا المبدأ..وفى هذه الحالة كان مفهوما كاذبا..لانهم خلطوا فيه بين حرية الرأى وحرية الاهانة..بين قبول الرأى الاخر وقبول اهانة الاخر..اذا كنت أنا ديمقراطيا وأقبل بالرأى الاخر..مطلوب منى أن أقبل بالرأى الاخر ولكن ليس المطلوب أن أقبل باهانة الاخر..وهنا كان خلطا مقصودا فى بعض الاحيان وغير مقصود فى أحيان أخرى وخلطوا فى الموضوع الاول مع الثانى.غير صحيح ما يقال عن حرية التعبير بهذا الشكل المطلق هذا الكلام يؤكد أنها كذبة كبيرة..لكن هذا الكلام لا يهمنا كثيرا هناك أشياء أهم بكثير لماذا حصل هذا الشىء..هل فجأة شعروا فى أوروبا بأنهم يكرهون الاسلام وهل فجأة أرادوا أن يسخروا من النبى...هل هى حالة مجردة...لا هى ليست حالة مجردة..هل هى حالة مفاجئة...لا هى تراكم.بمعنى اخر من غير المعقول ان أكون كشخص أمتلك كرامة من جانب ولا امتلك كرامة من جانب اخر...اما أن يقال ان هذا الشخص كرامته عزيزة عليه..واما انه لا يهتم بكرامته على الاطلاق...وما حصل هو نتيجة لمقبلات أخرى لتهيؤات أخرى أيضا ضمن فكرة زيادة الجرعة...التى بدأت سابقا عندما يعرفون أننا من الممكن أن نسكت سياسيا مقابل بعض المساعدات المادية فيعرفون أننا نقبل باهانة الكرامة...

عندما يعرفون أننا نسكت ونصمت عما يحصل فى العراق لكى نحمى رؤوسنا فيقولون هؤلاء بلا كرامة...الذى يحصل فى فلسطين والذى يحصل فى مواقع أخرى...عندما يعرفون أننا نقبل بالتدخل فى شؤوننا الداخلية ونحن مبتسمون بحجة الديمقراطية والمصطلحات التى تستخدم فقط لكى نرضيهم..سيصلون لهذه المرحلة...فهم لاحظوا أننا خلال خمسة عشر عاما بشكل أساسى قبلنا بكل هذه الاهانات الصغيرة...وكانت الان هذه محصلة الاهانة الاكبر لاهانات سبقتها فاذا أردنا...لاننى أعتقد أن هذا الكلام ربما يحصل فى يوم من الايام وسيتكرر بحسب ما أعتقد وبحسب ما أرى...لن يمنعه سوى عندما يشعرون أننا لا نقبل بهذه الاهانة ولا بغيرها..

اذا علينا أن نضع الامور فى اطار واحد...لا يمكن أن نأخذ هذه الحالة نتحدث عن الكرامة..ونقول فى الاطار الاخر لا توجد كرامة..اذا فهمنا الامور بهذا الاطار علينا أن نربط السياسى بالثقافى...البعض يقول انها مشكلة ثقافية هى مشكلة ثقافية ولكن أتت من خلال تراكمات سياسية أتت عبر زمن ليس بقصير.

على كل الاحوال هذا لا يدعوننا أبدا لندخل فى صراع ثقافى لن تكون مستفيدة منه سوى اسرائيل... فاسرائيل بنيت على فكرة الصراع طبعا ليس الصراع الثقافى..بنيت على الجزء الاول من المصطلح لان اسرائيل هى عبارة عن اختراع حديث ليس له لا تاريخ ولا ثقافة لا يمكن أن يكون فيها مصطلح ثقافى..ولكن فكرة الصراع هى الفكرة التى بنيت عليها اسرائيل ...المهم الا ندخل فى حالة صراع مع أوروبا فى هذا المجال وننتبه وعلينا ان نقدر ونعرف أن أوروبا الان تمر بحالة ضبابية نحن ساهمنا بها ببعض النفاق للغرب... ولم نكن نقول لهم بماذا نفكر به بشكل صحيح... صدمة العراق والطريقة التى تعاملت بها الولايات المتحدة مع موضوع العراق...رفض الحوار مع حلفائها واعادة تكريس مبدأ الدولة الاقوى تقوم بما تريد ضرب الامم المتحدة هذا خلق حالة من عدم التوازن بالاضافة طبعا للانقسام الذى حصل فى اوروبا بعد الحرب...الان نرى تغيرا اوروبيا بالتعامل معنا اوروبا الان تتعامل بشكل يشابه التعامل الامريكى رسائل فيها نوع من التهديد... فيها نوع من الاملاء... القليل من الحوار...تدخل أكثر فى الشوءون الداخلية تحت عناوين مختلفة فاذا هناك تغير اوروبى بعد حرب العراق اقرب الى الاتجاه الامريكى يجب ان نكون منتبهين الى هذه النقطة...بنفس الوقت علينا ان نعقلن هذا الدور فى اطار الحديث ايضا عن كيف تتعامل مع موضوع الرسوم وكيف نتعامل مع القضايا الاخرى يجب أن نتحدث مع الاوروبيين ومع الغرب بشكل عام بصراحة أن نحدد ما هو المقبول وما هو المسموح وما هو المرفوض بشكل  حاسم... وواضح علينا الا نقبل أن يملوا علينا دروسا فى التطوير الداخلى وكلنا نعرف كم نحن بحاجة للاصلاح والتطوير على المستوى الداخلى لكن فى اطارنا الوطنى والقومى وليس فى اطار الدروس التى تأتينا على شكل املاءات من الغرب .... أما بالنسبة للحديث عن دور اوروبى فاعل فأنا أرى الان أن الدور الاوروبى غير موجود لكى نقول يجب أن يكون فاعلا والحقيقة أن اوروبا كانت فى العام الماضى منشغلة بالدستور الاوروبى وفشل التصويت على الدستور ولها مشاكلها وغير موجودة فى المنطقة وأعتقد كما قلت للبعض منهم أنتم بحاجة لحوار غرب غرب على طرفى الاطلسى لكى تقنعوا الطرف الغربى أى الولايات المتحدة بأنكم يجب أن تأخذوا دورا ويجب أن تقنعوا أنفسكم بأن لكم دورا مكملا للولايات المتحدة ولكن ينطلق من ثقافتكم وعلاقتكم التاريخية بمنطقتنا وليس بدور ساعى البريد او المسوق للسياسة الامريكية ماهى الافاق المطروحة أمامنا كعرب هذا يعتمد أولا على جواب هل نريد ان يكون لنا كيان حقيقى وليس وهميا كما هو موجود فى كثير من الحالات على الساحة العربية بمعنى أن يكون قرارنا بيدنا هل قررنا أن نبقى عبارة عن عملة محلية مرتبطة بعملة صعبة كما نربط الليرة السورية بالدولار أو باليورو نصعد معهم ونهبط معهم هل سنبقى ننتظر ذهاب رئيس أمريكى ومجىء اخر لكى نعرف مستقبلنا هل سننتظر انتصار تيار الحمائم أو الصقور لكى نعرف مصيرنا اذا كان الجواب لا لا نريد  فالافاق غير موجودة .

عدا عن ذلك الافاق واسعة جدا.. ولكن يجب أن تبنى على أسس واضحة ومحددة.. لا يمكن أن نتابع أو أن نستمر فى وضع عربى اذا أردنا أن نطوره.. وان ننتقل الى الامام بالرغم من الخسائر الكبيرة استنادا على تكتيكات سياسية ربما تكون ذكية ولكنها خالية من الاستراتيجية. وما جربناه بالماضى من هذا النوع من السياسة لم يؤد الا الى الكوارث العسكرية والسياسية.. والتى كانت اشد سؤا علينا كعرب.. من حروب اسرائيل العسكرية ومن سياساتها المعادية للعرب.. كانت فعلا اشد وبكثير.. وربما لا توجد مقارنة فى بعض الاحيان.

فاذا علينا ان نعتمد ليس على التكتيك بمعنى الذكاء الفردى.. علينا ان نعتمد على الذكاء الجماعى.. وهذا الذكاء الجماعى يتكون فى المجتمعات عبر التاريخ وعبر التجارب والخبرات الكثيرة. وعبر أجيال.. ويكون ثوابت ومبادىء معينة نستند اليها فى سياساتنا. فاذا نحن نريد تكتيكات ذكية مستندة على استراتيجيات وثوابت وطنية وقومية.. وهذه الثوابت التى نراها مترسخة فى المجتمع العربى.. هى أولا الهوية العربية بتنوعها وبعلاقتها مع الاسلام كما قلت فى البداية.. بتنوعها وغناها.. العروبة التسامح المقاومة من اجل السلام لان هناك أحيانا فصلا بين المقاومة والسلام وكأن المقاومة هى ضد السلام.. نحن نريد المقاومة من اجل الوصول الى السلام.. بما فيها الوحدة الوطنية وغيرها من مكونات هويتنا.

الحقوق الكاملة من دون تنازل.. كما قلت كل تنازل سيليه تنازل اخر.. ويشجع الاخرين على طلب المزيد من التنازلات من دون تقديم أى شىء على الاطلاق.

ثالثا الالتزام بالشعوب.. بتجربتنا فى سورية تجربة عملية عبر عقود لم نتمكن من المرور فى هذه الازمات الكثيرة والخطيرة عبر العقود الماضية لولا الالتزام بشعبنا. والحقيقة أن الشعب.. حتى لو أخطأ المسؤول وحتى لو خرج فى كثير من الحالات وسار فى عكس رغبة الشعب.. لكن عندما يعرف الشعب بأنه ملتزم به ويتحرك انطلاقا من قناعاته والتزامه بهذا الشعب فهو سيقف معه.. فاذا هذه أحد الثوابت الاساسية. علينا أن نبتعد عن فكرة أن الغرب هو الذى يأتى بنظام ويذهب بنظام هو الذى يحافظ على استقرارنا هو الذى يسوقنا.. هو الذى يعطينا الشرعية.. هذه الفكرة مرفوضة.. اذ لم نكن مسوقين من قبل شعوبنا على كل أخطائنا وعلاتنا.. فلن يكون هناك من هو قادر على تسويقنا.. هذه نقطة بالنسبة لنا فى سورية هى الثابت الاول..وطبعا نتمنى أن يسير عليها الاخرون.. على ماذا نبنى اذا أردنا أن نتحرك... الصورة التى أعطيتها منذ بداية حديثى.. هى نوعا ما صورة سوداوية.. الحقيقة هى ليست كذلك.. هناك كثير من السواد ولكن هناك بياض يتسع.. أولى هذه الصور هى انتصار المقاومات من خلال صمودها.. تجربة حزب الله وحماس والجهاد والعراق.. ولكن هناك تجربة قد تكون بنفس الاهمية وربما أهم.. وأحيانا لا نتحدث عنها وهى الصمود الاجتماعى من خلال رفض التطبيع.. التطبيع بالمعنى الاسرائيلى.. هناك رفض كبير.. والحقيقة نراه بشكل أساسى فى مصر بالدرجة الاولى.. كونها أول بلد وقعت على معاهدة السلام مع الاسرائيليين.. وهناك رفض حقيقى لانهم كشفوا اللعبة قبل الاخرين.. ربما نحن فى سورية لم نحتك مع الاسرائيليين.. لا نعرف ما يعرفه المصرى عن الاسرائيليين فهم كشفوا اللعبة باكرا.. وهناك رفض كامل للتطبيع بالطريقة التى طرح بها.

كل هذه الاشياء تدل على ان حيوية الامة العربية لم تنقطع.. ولكن علينا أن نعرف كيف نفعل هذه الحيوية.. ونضعها فى أطر معينة.. تسير بالاتجاه الذى نتحدث عنه.

النقطة الثانية هى فشل معظم المخططات فى المنطقة.. وعندما أقول فشل لا يعنى أننا انتصرنا.. لكى لا أفهم خطأ.. ويقال ان هذا الكلام غير واقعى.. وعندما أقول فشل لا يعنى أننا أفشلناها.. ربما تكون هناك عوامل اجتماعية أفشلت.. ولكنها فشلت لانها تخرج عن منطق الامور على مستوى العالم.. ليس فقط فى منطقتنا.. وخاصة مشاريع المحافظين الجدد فشلت بزمن قياسى.. وهناك قناعة عامة فى العالم بأن هذه المشاريع فاشلة.. وعندما نقول محافظين جددا علينا الا نقع بالخطأ ونعتقد أنهم فقط موجودون فى الادارة الامريكية.. تعلمون أنهم موجودون بشكل أقل فى الدول الاوروبية ولكن الشىء الذى ربما لا تعرفونه.. نعرفه كمسؤولين.. أن هناك لدينا مسؤولين محافظين جددا عربا.. ولكن هم وهميون بمعنى يعملون على طريقة اقتباس البرامج الغربية لتحويلها الى برامج عربية فى التلفزيون كما تشاهدون.. هم يتقمصون شخصية المحافظين الجدد.. ولكن هم كالعملة المحلية أيضا.. مرتبطون بهم.. يفشلون معهم وينجحون معهم.. فهذه الحالة موجودة لدينا فى العالم العربى.. علينا أن نرصدها بدقة.. ولكنها ليست حالة عقائدية وانما حالة وهمية مؤقتة.

طبعا هناك ايضا من العوامل الايجابية التحولات التى تحصل فى أمريكا اللاتينية.. هذه الدول مرت بظروف مشابهة للدول العربية من الناحية الاجتماعية والتاريخية ولكنها فى النهاية تطورت لم تكرر التاريخ كما كررناه أخذت اتجاها واضحا وانتقلت هذه العدوى مباشرة الى هذه الدول بشكل كبير.. أيضا هناك تحولات مشابهة نوعا ما فى اسيا بمعنى ان الضغط علينا كعرب من خلال مفهوم العزل يعنى كأنهم يريدون أن يقولوا لنا ان قدركم هو الغرب.. لا.. الغرب ليس قدرنا نستطيع التوجه شرقا.. جنوبا.. سياسيا واقتصاديا وعلميا وبكل هذه المجالات. نستطيع أن نحقق هذه الاشياء.. عندها الغرب سيأتى لنا يقول نحن بحاجتكم وليس العكس.. علينا أن نؤكد دور الاحزاب فى هذه النقاط التى أطرحها لعدة أسباب.. أولا فى ظل فشل الحكومات أنتم لديكم الدور الاساسى فى ظل قربكم أكثر منا كرسميين و كحكومات فى الشارع العربى ومعرفتكم بنبضه وفى ظل حريتكم.. هنا حالة موضوعية.. أنتم أكثر حرية من أية حكومة.. مهما تكن هذه الحكومة واضحة.. لان الحكومات والرسميات تفرض قيودا وحسابات تختلف عن حساباتكم أنتم غير الرسميين.. ففى ظل كل هذه العوامل دوركم قد يكون أهم من الحكومات والمسؤولين.. أولا فكرة التضامن العربى.. صحيح لا يوجد وضع عربى كما قلت.. ولكن اقصد على المستوى الرسمى واضح تماما.. خاصة بعد بدء الانتفاضة فى فلسطين.. بأن الشارع موحد.. الحقيقة عندما غزت اسرائيل لبنان فى عام /1982/.. كان اهتمامنا اكثر فى كأس العالم فى ذاك الوقت.. هذه حقيقة اليوم تغير الوضع.. الكل يتابع ما يحصل فى فلسطين.. كان البعض ينزل مسيرات ابتهاجا فى انتصار فريق على اخر.. اليوم المسيرات هى لاسباب وطنية وقومية فى كل الساحة العربية.. لا أرى فرقا بين سورية والمغرب.. سورية والخليج فى ابعد نقاطه.. سورية وابعد نقطة فى افريقيا فى السودان على سبيل المثال فى جنوبه.. فاذا هناك تضامن عربى شعبى.. وهناك تضامن عربى حزبى.. نراه الان فى هذا التجمع الذى يتسع بشكل كبير خلال عشر سنوات.. الان عمر هذا المؤتمر هو عقد من الزمن.. عدد كبير من الاحزاب انضم اليه وهذا يعنى أن هناك توحدا.. كلما زدنا هذه الحالة من التضامن على مستويات مختلفة افقيا.. ازدادت عموديا.. الى ان يأتى يوم تفرض علينا كحكومات ان نتضامن ولو فى البداية شكليا.. ومن ثم تتحول الى حالة عملية.. هذا الموضوع بحاجة لبعض الوقت.. وربما لكثير من الوقت.. ولكن لا بد ان نبدأ بهذه الطريقة.

النقطة الثانية هى دعم مفهوم المقاومة.. وأنتم كأحزاب مواقفكم مشهودة فى هذا الاطار.. ولكن علينا أن نرى الطريقة العملية لتسويق هذا المفهوم بشكل أكثر فاعلية.. هذا له تفاصيل تستطيعون ان تدرسوها.. الثقافة.. الاعلام.. العمل السياسى.. تفاصيل أتركها لكم.

أيضا محاربة الاحباط والمحبطين.. كلنا نعلم أن الاحباط يفرض حالة من عدم الروءية.. وبالتالى عدم القدرة على التحدث.. فعلينا أن نتحرك بشكل فاعل فى هذا الاتجاه.. وأنا دائما فى كل خطاب أحاول أن أركز على المصطلحات الموجودة.. الان سنتحدث عن مصطلح واحد.. هو مصطلح العاصفة.. أنا تحدثت عن موضوع العاصفة فى عام/2..2/ فى قمة بيروت.. وقلت اذا كنا نواجه العاصفة بالانحناء فلا يعنى أن نقتلع جذورنا هم لا يطلبون منا أن ننحنى فقط.. بل أن نقتلع الجذور.. ولكن اليوم نسال هذا السوءال بعد أربع سنوات من ذلك الخطاب.. وبعد سنوات من طرح مفهوم العاصفة.. لانهم دائما يقولون لنا عاصفة.. لكن العاصفة تمر.. لا يوجد عاصفة لا تنتهى.. ما هذه العاصفة المستمرة من دون حدود.. المطلوب ان نبقى فى حالة انحناء.. هم لم يقولوا زلزالا.. لم يقولوا بركانا.. انفجار حريق.. دائما يقولون عاصفة.. نحن امتصينا هذا المصطلح فى عقولنا ولم نعرف كيف نخرج منه.. ولم نفكر ما هو المصطلح البديل. اليوم نفكر بعد أربع سنوات.. اذا كانت عاصفة فعلينا أن ننتظر الخطر من فوق.. ولكن هذا الخطر لم نره بهذه الطريقة.. رأينا أن الخطر يأتينا من تحت الارض وليس من فوق الارض هو يأتى على شكل جرافة تريد ان تجرف التربة وتضرب الجذور من الاسفل.. القضية ليست عاصفة أنا أقول جرافة.. فاذا كنا نواجه العاصفة بالانحناء فكيف نواجه جرف الارض والتراب نواجهه بتقوية الجذور وبتمتينها وعندما ستصل هذه الجرافة الى هذه الجذور سوف تتكسر رغما عنها.. وعندها نعرف كيف نواجه هذه الجرافة.

اذا علينا أن ننتبه الى قضية الاحباط.. الاحباط يخلق لدينا من خلال مصطلحات.. المصطلحات تخلق حالة معنوية هذه الحالة المعنوية تؤدى الى نتائج مادية.. فعلينا أن ننتبه كثيرا للمصطلحات فى الاعلام والكتب الثقافية.. لكى نتمكن من السير فى الخطوات الاخرى التى تحدثت عنها.. علينا ان نتصدى بشكل حاسم لحالة الانحدار ولحالة الانهزام الفكرى والنفسى والسياسى والثقافى.. الذى نراه الان يسود عددا لا بأس به من وسائل الاعلام العربية ومن بعض الشرائح المثقفة والسياسية.

التصدى لهذه التيارات هو شىء اساسى.. لانه من دون التصدى لها سوف نصل للهزيمة المعنوية التى توءدى لهزيمة سياسية عسكرية.. وهذا كان أحد أهداف الحرب على العراق.. وعشنا كلنا جزءا من هذه الحالة النفسية بعد الحرب مباشرة.. كنا نعيش فى الاحباط.. كلنا نعرف كيف اثر فينا هذا الاحباط بشكل سلبى ونتائجه الملموسة الاخرى.

علينا ان نركز على نقاط الاتفاق الكثيرة والكثيرة جدا فى عالمنا العربى والتى تشكل نسبة لا تقارن بنقاط الاختلاف التى أغلبها شكلى وغير جوهرى وأنا أطرح عليكم ميثاق الاحزاب العربية الذى تم اقراره فى عام /1999/.. هو منطلق هام جدا كلنا نتفق عليه وأعتقد أن اغلب الشرائح تتفق حول هذا الميثاق سواء كانت تنتمى لاحزابكم او لاحزاب أخرى او غير منتمية لاحزاب تنتمى لحكومات او لا تنتمى للحكومات.. أعتقد أنه منطلق جيد جدا كى ننطلق من خلاله.

هذه الصورة التى حاولت أن الامس فيها بعض القضايا ولا أدخل فى التفاصيل وأمر فيها على بعض العناوين وأضع فيها بعض المقترحات العامة ان سرنا فيها نستطيع من خلالها أن ننهض بمشروعنا القومى العربى.. وكما قلت فى البداية وأؤكد هذا المشروع القومى لا يمكن ان ينهض ان لم يكن هناك ترابط بين العروبة والاسلام وكلنا نعرف كيف مررنا بمراحل من الصدام بين التيار القومى والاسلامى تحت عناوين سخيفة لا قيمة لها.. أيهما الوعاء الاكبر والاصغر وهذه الاشياء.. بنينا صراعا على هذه المصطلحات هناك ارتباط وثيق بين النقطتين والان تجاوزنا كما أرى هذه النقطة وهذا المؤتمر يعبر عن هذه الحالة.. بهذه الطريقة فقط نستطيع ان نحقق المشروع القومى وهذا المشروع القومى لا أرى.. كما كثيرون لا يرون بديلا له لجمع عناصر الامة العربية الكثيرة والغنية التى تعبرون عنها أنتم.

فى النهاية اريد أن أطمئنكم أن سورية قوية سورية متماسكة سورية واثقة من نفسها.. سورية تعرف البوصلة.. البوصلة الشعبية السورية والبوصلة الشعبية العربية وتعرف بوصلة الاعداء وتعرف المخططات وما هو المسار الذى سيسير به. سورية قوية بامكاناتها وبمكانتها.. بشعبها.. وقوية بالشعب العربى.. قوية بمحبتكم ودعمكم وصمودكم.. وشكرا لكم.