مقابلة أجرتها مجلة المسيرة مع رئيس التيّار الشيعي الحرّ الشيخ محمد الحاج حسن  في آخر عدد صادر لها

 

الشيعي الحر: ثكنة رياض الصلح تنقضّ على السرايا!

 

فَكرَ قبل أسبوع، بسبب لا جرأة 14 آذار واستمرار حزب الله في سياسة الترغيب والترهيب، أن يعتزل. ثم قرر، بفتوى شرعية، ألا يعتزل. المنسق العام للتيار الشيعي الحرّ الشيخ محمد الحاج حسن غاضب "على السياسة والسياسيين"، معترض على "حزب الله الأكذوبة الكبيرة"، الذي أحكم إمساك مفاصل الحياة الشيعية بالترغيب المالي والإرهاب الأمني" وعلى "قوى 14 آذار التي لا تتجرأ على فتح الملفات".

 

في جعبة "الشيخ" الكثير ليقوله، وفي المعلومات التي يحوزها الكثير من "السوداوية" والتوجسات من "انفجار بركان دم بين الشيعة والسنة" وفتح "جبهتي الناعمة وقوسايا" واعتداء اسرائيلي جديد سيؤدي الى "بق بحصة السلام من فم بشار الأسد":

 

نوال نصر /المسيرة

 

الأكثرية الشيعية الملتزمة تحت راية الحزب لا ترحب بسماعه . يوصف في قلب طائفته بالخائن وبصناعة مؤسسة الحريري . ويصف من يمسك بزمام طائفته " بالمغامر " داعيا" في تموز الجديد ، بعد عام بالتمام والكمال على حرب تموز المسعورة إلى لجنة تحقيق كما لجنة فينوغراد تُحقق مع كلّ الذين غامروا بلبنان وأوصلوا اللبنانيين إلى الحرب الكبيرة ، واللبنانيين الأحرار والمحامين إلى مراجعة الشيعة الأحرار الّذين يشجعون رفع دعوى على حزب الله . ويقول تكرارا" لا يحقّ لهذا الحزب أن يقرر وحده متى يصنع السلام ومتى يشنّ الحرب .

 

يوم 12 تموز سيكون ، والكلام للشيخ الحاج حسن " حدادا" وطنيا" " ، داعيا" إلى تلاوة الأيات القرآنية في الجوامع وقرع أجراس الكنائس حدادا" على الشهداء الّذين ذهبوا ضحية مغامرة حزب الله .

لن يعتزل إذا" " الشيعي الحرّ " السياسة ، لكن لماذا فكّر أساسا" بالإعتزال ؟ أيجوز أن يستسلم المرء بسرعة ؟ يجيب الشيخ الحاج حسن : " لم تأت فكرة الإعتزال نتيجة ضعف في المواجهة .

بالعكس تماما" ، خضت المعركة السياسية وأنا في أول شبابي ودفعت ثمنها دما" . وتيقنت تدريجيا" من أنّ الساحة الشيعية معقدة نتيجة عاملي المال والإقتصاد . حزب الله يستأثر بالقرار المالي ويمسك بمفاصل الحياة الشيعية ، والمواطن الشيعي بات يرى خلاصه وأمنه الإجتماعي والإقتصادي من بوابة حزب الله . نجح الحزب في السيطرة على المجتمع الشيعي بالكامل .

وسعيت كثيرا" إلى فتح منفذ على الحزب ومناقشته في أخطائه ومساعدته بإيجابية ، لكنه يثق بمقولة : إذا لم تكن معنا فأنت حتما" ضدنا ، يعتمد حزب الله عامل التخوين ، ويعطي غالبا" إشارات بذلك عبر إعلامه ، وكأنه في ذلك يقول للملتزمين بولاية الفقيه أن فلانا" مهدور دمه !

نحن أول من تجرّأ وقال إنّ حزب الله يتحمل جزءا" من مسؤولية اغتيال جبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو ، لأنه كان يستهدفهم بحملات تحريضية ، مما أعطى شرعية للمتربصين بأمن البلاد لارتكاب جرائمهم .

 

حزب الله بحسب الشيخ ، أهدر منذ التاسع والعشرين من كانون الأول عام 2006 دمه " حين اتهمني بالعمالة الإسرائيلية " .

نحن اليوم أمام مشروعين تحدث عنهما " الشيعي الحرّ " : المشروع الإنقلابي والمشروع السيادي . وإذا كان موقف الشيخ الحاج حسن واضحا" من أصحاب المشروع الإنقلابي ، فإنّ مآخذه على أقطاب المشروع السيادي كثيرة ، منها سلاح حزب الله ، التحالف الرباعي ، السلاح الفلسطيني ، عدم المضي في ترسيم الحدود اللبنانية – السورية

 " .

أيعتبر الشيخ الحاج حسن أن هذه النقاط " هفوات " في سجل قوى الرابع عشر من آذار ؟ يجيب بحزم : " هذه ليست هفوات ، أقطاب الرابع عشر من آذار لا يتجرأون على اتخاذ قرارات فيها نتيجة الترهيب الّذي يمارسه عليهم حزب الله " .

 

أخطاء 14 آذار دفعت هي أيضا" الشيعي الحرّ إلى التفكير باعتزال السياسة وعنها يقول الشيخ الحاج حسن : قلت لهم ( لقوى الأكثرية ) افتحوا لنا الأبواب حتى نتمكن من إيصال صوتنا إلى المجتمع الشيعي في لبنان ، لم نجد منهم اهتماما" ، قلنا لهم لسنا في حاجة إلى مالكم ، لكن الحركة السياسية تحتاج إلى الدعم السياسي . لم يبالوا . وحتى صوتنا الحرّ لا يتجرأون على إيصاله نتيجة مراعاة حزب الله . سألناهم : على أي أساس نحن شركاء أم أنهم يريدون اتخاذنا فسيفساء يلونون بها طاولة 14 آذار ؟ لم يأخذوا بجدية الضغوط الأمنية التي تعرضت لها مع عائلتي . استهتروا بنا . فكرت بأن أبتعد عن المشروعين وتأسيس حوزة علمية والعودة إلى التعليم الديني ومتابعة السياسة عن بعد . لكن علماء مسلمين أصدروا ما يشبه الفتوى بتحريم اعتزالي العمل السياسي  لهذا قررت مجددا" العودة إلى القرآن الكريم والتي تعبر الأيات عنها بأنّ حملة الرسالات والقضية لا يستقيلون .

 

لن يستقيل الشيعي الحرّ ، لكنه سيضع من الآن وصاعدا" ، " كفنه إلى جانبه " . لماذا ؟ ماذا سيتغيّر ؟ يجيب : لأنني قررت الإنتقال من المعركة السياسية العادية إلى المعركة النضالية .

ستكون معركتي الجديدة نضالية بامتياز ، وخطواتي الأولى ستكون تأسيس خلايا في المناطق ، سنصرف لها ابتداءا" من هذا الأسبوع أول موازنة لافتتاح فروع للتيار في البقاع ، في شمسطار وبعلبك تحديدا" ، وفي بلدات متنية . خطابنا ، والكلام طبعا" للشيخ الحاج حسن ، سيكون ابتداءا" من اليوم متقدما" ، وسيكون لنا تعاط جديد في الشارع ، ومواقف ستفاجئ اللبنانيين على مستويات عدة ، وسأبدأ خلال شهر جولة في الولايات المتحدة الأميريكية ، أطرح فيها قضية الشيعة في لبنان ، وسيكون لي خلال أسبوع تحرك جدي جدا" في قضية الإمام موسى الصدر . سأفتح ملفات من " قُتلوا ومن ظُلموا من رموز الشيعة " ، ويستطرد : إستيقظت إيران بعد ثلاثين عاما" لتكمل صفقة مشروع نزع الإتهام في القضية عن حافظ الأسد وإعطاء بشار صك براءة ، وهو إن " فلت " من قضية الإمام الصدر يُشكّل انتهاكا" للقضية الشيعية والعربية ، ويشكل صدمة عند أبناء موسى الصدر وانتكاسة لفكره ، نحن سنحمل القضية مجددا" ونقول للعالم ، كل العالم ، من أخفى إمامنا ! .

 

بين التحليل والمعلومات يحدد الشيخ الحاج حسن ثلاث سيناريوهات مطروحة للأشهر المقبلة :

" تنطلق بوادر السيناريو الأول من تحرك حزب الله الّذي بدأ يهيء نفسه للإنقضاض على مؤسسات الدولة ، وفور إعلان الحكومة الثانية ينقضّ على السرايا الحكومي ، ويتحدث استنادا" إلى معلومات دقيقة وأكيدة ، عن تحول مخيم رياض الصلح ثكنة عسكرية ، والعناصر التي تبيت فيه تعمل كلها في جهاز أمن حزب الله وتمسك بزمام الأمور هناك في ثكنة رياض الصلح " القوة الضاربة " في الحزب .

لا تنتهي معلومات الشيخ حسن وفيها أيضا" وأيضا" أن حزب الله عيّن في منطقة المتن مسؤولا" عسكريا" وآخر في صيدا ، ويسأل : هل من مربعات أمنية في المتن وصيدا ؟ ويقول : نحن مقبلون على انقسام حاد ، وأخشى وأخاف أن ينفجر الدم السني والشيعي بركانا" .

 

ليس " الشيعي الحرّ " منجما" ولا ميشال حايك لكن المعلومات التي تصل إليه تجعله يرى غيمة سوداء آتية ويسأل مجددا" : لماذا يتم تسليح الشباب في البقاع ؟ لماذا لا تتحرك قوى 14 آذار بسرعة من أجل الحدّ من التسلح ؟ يضيف : فصيل فتح الإسلام سيكون إذا استمر الوضع كما هو أهون الشرور المقبلة .

 

مشكلة لبنان ، بحسب الشيخ الحاج حسن ، تحوله فقاسة إرهاب ، ويقول : نوعان من المدارس يحكمان الساحة الإسلامية في لبنان : مدرسة التخوين بقيادة حزب الله ومدرسة التكفير والجهاد بقيادة الأصولية السنية ، تعطي المدرسة الأولى الإشارة والمدرسة الثانية تنفذ . باتت مدرسة التخوين مجلسا" تشريعيا" ، وتحولت مدرسة التكفير والجهاد مجلسا" تنفيذيا" ، ويعلق : فتح الإسلام ليست عصابة صغيرة ، بل منظمة دولية مرتبطة بالأصولية العالمية ، كارتباط حزب الله بالمافيا العالمية

 .

وينتقل " الشيعي الحرّ " إلى السيناريو الثاني الممكن : جبهتا الناعمة وقوسايا ستفتحان قريبا" ، وثمة معلومات مؤكدة أن في الناعمة صواريخ تم توجيهها نحو بيروت . أما السيناريو الثالث ففيه اعتداء اسرائيلي محتمل جدا" جدا" على لبنان ويرجح أن تستفيد سوريا من الأحداث الأمنية التي ستستجد " لبق بحصة السلام " المعلقة في فمها . أما ورقة حزب الله فمطروحة في المحادثات السعودية – الإيرانية – الأميريكية ، مع ترجيح ضربة على إيران بين تموز وآب ، وبالتالي سيكون حزب الله في أي حرب مقبلة كحال صراع الديوك ، فإذا ربح سيذبح ويؤكل وإذا خسر سيعفن ويموت .

 

الصراع الزاحف إلى المنطقة قد يكون المسيحيون ضحيته وفي هذا الإطار يتوجه " الشيعي الحرّ " الّذي يسكن في منطقة محسوبة جغرافيا" على المسيحيين ، إلى البطريرك صفير قائلا" :

قل للمسيحيين أن يعودوا إلى ديارهم إنقاذا" لرسالة لبنان في هذا الشرق . ثمة مستفرسون يسعون إلى إثارة الرعب في نفوس الأقليات التي تحلم بلبنان وطنا" مستقلا" سيدا" حرا" . وقيام حكومتين في لبنان بداية الأنقضاض على كيان لبنان ووجهه وحريته وعلى الأقليات فيه .

 

في تموز الجديد تصدح أصوات شيعية داعية ليكون الثاني عشر من تموز يوم حداد وطني ! لكن السؤال يظل مطروحا" : كم تمثل هذه الأصوات ؟ ولعلّ كلام المنسق العام للتيار الشيعي الحرّ قد يفي جوابا" : صبّ الناس غضبهم في حرب تموز على المقاومة ، لكن عندما أطلّ السيد حسن نصر الله ووعد بالمال النظيف هيصوا له مجددا" ! فحزب الله يُمسك بالمال والسلاح فأيّ أصوات تقدر على إحداث فرق

7/7/2007