مقابلة مع المنسّق العام للتيّار الشيعي الحرّ الشيخ محمّد الحاج حسن مُنعت من النشر

16 كانون الثاني 2007

حديث صريح مع المنسّق العام للتيّار الشيعي الحرّ " الشيخ محمّد الحاج حسن " توقف نشر المقابلة بعد تدخل من قبل حزب الله لدى مراسلة المجلة الخليجية التي أجرت الحوار ومن ثم أعيد تسليم النص إلى مكتب التيار الشيعي الحر في بيروت .

شاب ثائر مناضل ، البعض قال متهوّر والواقع يبرهن جرأته وعناده ، يعيش في منزل متواضع بل أكثر تواضعا" ، لدى وصولنا إلى الحي الّذي يقطنه حبسنا الأنفاس ، سألنا عنه فمن لا يعرفه ، الكبير والصغير يجيبنا : منزله في الطابق الخامس لكن وضعه يخوّف !!! لماذا؟ ، نسمع أنه معرّض للإغتيال .. وازددنا شغفا" للقاء .. وصلنا إلى الطابق الخامس في مبنى آثار الحرب الأهلية عليه ، طرقنا الباب ففتح لنا شاب عشريني ، سألناه عن سماحة الشيخ فقال تفضلوا ، دخلنا إلى غرفة صغيرة الحجم مليئة بالنحاسيات والآثار القديمة التي تدلّ على تمسكه بشرقيته وعروبته وصور زعامات دينية وسياسية عربية وإسلامية وكتب فقهية وفكرية هامة ، وما هي إلاّ لحظات حتى دخل شاب طويل أسمر اللون ، على رأسه عمامة بيضاء وجلباب زيتي اللون ، إنّه طبعا" من نقصد ! المنسّق العام للتيار الشيعي الحرّ الشيخ محمد الحاج حسن ، عفّته وعشقه للحياة وطموحه النضر ، أخفيا حالة الفقر والظلم والإضطهاد التي يعيشها ، فهو يعيش بمصروف لا يتجاوز المئة دولار شهريا" ويقول " أدّ بساطك مد رجليك " ، إحتسينا القهوة سويا" وخرجنا بهذا الحوار الغني :

 

1 – كيف تنظرون إلى حركة الإعتصامات الحاصلة في وسط بيروت وهل تعتبرون أن الطرف الأساسي فيها هو حزب الله في حين الأطراف الأخرى تعمل تحت عباءته ؟

طبيعي هذه الإعتصامات تدلُّ على طليعتهم اللاديمقراطية الهادفة إلى تعطيل الحياة اللبنانية والإنقلاب على الوضع الدستوري في البلد لأنّ أي تحرّك لإسقاط الحكومة يجب أن يكون داخل المجلس النيابي .

دولة حزب الله تمارس عدوانية واضحة على الدولة اللبنانية ونحن إيزاء ما يجري أمام صراع واضح بين هاتين الدولتين . ونحن مع أي مبادرة تهدف إلى معالجة مشكلة السلاح الغير شرعي والدولة ضمن الدولة ولكن إنطلاقا" من القواعد الدستورية اللبنانية وليس من خارجها ، نحن مع ميادرة السيّد عمرو موسى بل نحن نطلبها ولكن في إطار دعم بقاء لبنان دعم بقاء المؤسسات اللبنانية وحفظ السيادة اللبنانية ، ولكن ، يظهر أن مبادرة موسى تأتي وكأنها مبادرة بين دولتين ( حزب الله والدولة اللبنانية ) وهذا ما لا يجب أن ينحدر إليه السيد عمرو موسى أو أي مبادرة عربية , وأي مبادرة يجب أن تأتي لدعم لبنان وليس لتكريس أمر واقع مفروض من إيران وسوريا .

 

2 – هل أنّ الصراع الحاصل اليوم هو صراع مذهبي أو سياسي ؟

 الصراع سياسي ولكن هناك عقيدة إيرانية ، الإيرانيون يمارسون سياسة مذهبية ولكن تجري عملية مذهبة الصراع الذي هو سياسي ، ويقوم بهذه العملية طابع سياسة النفوذ الإيراني في المنطقة وحزب الله في لبنان ( يعني صراع سياسي يجري مذهبته ) وأنا ضد مذهبة هذا الصراع .

حزب الله يريد مصادرة الطائفة الشيعية في لبنان ويستتبعها كجرم في المحور الإيراني وكترجمة لسياسة النفوذ الإيرانية ، إنما نحن نرفض مذهبة ما يجري فالصراع من جهتنا هو سياسي ، وعنوانه السيادة اللبنانية .

 

3 – ما هو دور الأطراف الخارجية ولا سيما الدورين الإيراني والسوري في تصعيد حركة المعارضة ؟

 دور مباشر يعني عندما يكون الولي الفقيه هو الّذي يحدّد طبيعة حزب الله بما يجري ، والولي الفقيه يشكّل شرعية السلطة في إيران ، كما أنّ السوري لم يتقبّل بعد إستقلال لبنان ومن العسير أن يتقبّله كما أنّ سياساته السابقة في لبنان تُثقل أو ترتب عليهم (السوريين ) مفاعيل عديدة مرتبطة بالمحاكمة الجارية في استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم الأخرى ( الوزير حمادة ، باسل فليحان ، سمير قصير ، جورج حاوي ، الياس المرّ ، مي شدياق، جبران تويني ، بيار الجميل ) كما يشكّل لبنان بيضة القبّان في ترتيب علاقات القوى في المحور الإيراني السوري وذلك لازدهار منطق الإرتزاق في سياسة الصراع وإنتاجه .

 

4 – ما هو موقفكم من أداء حزب الله ومن حملات شخصيات شيعية ضدكم ؟  

للأسف حزب الله من قبل المغامرة التي أورثتنا حرب تموز التدميرية يتصرّف بشكل غير واقعي ومن منطلق أنّه هو يحدّد إطار موازين القوى وكأنّ لا قضية إلاّ القضية التي يتبناها هو أو يعتنقها ، ولا ساحة إلاّ الساحة التي يشكّل أغلبية تفاصيلها ويحدّد مآلات الديناميات داخلها وهذا يتركه في مكان خارج الواقع ويحوّله أكثر فأكثر لأداة تثقل على الواقع اللبناني ويجعله لا يندرج في إطار آمال وأهداف وقضايا اللبنانيين .

وهناك ممن يعترض على حركيتنا وفي طليعتهم حزب الله ومن يحرضهم ، ولكن المسألة ليست شخصية ، المسألة هي قضية وفكرة وأدعوهم لأن تكون مواقفهم نابعة من ذاتهم وأفكارهم حرّة لأنّ الأفكار المستنسخة لسنا بحاجة لسماعها إلاّ إذا كانت نابعة من منطق إلغائي فنحن نقول أنّها غير مقبولة . أما المواقف التي تنبع عن إرادة حرّة فنحن نصلّي لحريّة إرادة مطلقيها ونحفّذهم بأسلوبنا في الموقف على مراجعة المسالك التي انجرفوا بها .

 

5 – هل تعتقدون أن حزب الله وحركة أمل يختصران الطائفة الشيعية أم أن هناك فئة ثالثة كبيرة ومغلوب على أمرها وهي بانتظار تحرك ما لبلورة موقفها والإنضمام تحت لوائه ؟

بالنسبة لحركة أمل ، بعد تغييب مؤسسها الإمام موسى الصدر وهنا يقتضي التذكير فهو لم يؤسس حركة أمل فقط إنما الديناميكية التي أطلقها على مستوى الطائفة الشيعية والمستوى الوطني تتجاوز وبالكثير حركة أمل ، بعد تغييب مؤسسها يجري تغييب روحية المؤسس حتى أضحت حركة أمل إحدى الميليشيات التي تحصّلت كأداة في الحروب الملبننة وانتقلت هذه الميليشيا في عهد الهيمنة السورية مع بقية الميليشيات إلى مصادرة الحضور الشيعي في الدولة .

اليوم وبعد رحيل راعي هذه الميليشيات من لبنان واستعادت لبنان دينامية وطنية مختلفة لبنانية ، تبقى حركة أمل في إطار آفاق الميليشيا ولغة الحرب وامتهان القانون وليس أبلغ ما يعبّر عن أزمتنا الوطنية عن دروس رئيس المجلس النيابي في الدستور والقانون وحقوق الأفراد والجماعات من أي خلفية وإرث يفسّر ويجيد في الكلام حول حقوق الأفراد والجماعات والحقوق الدستورية والقانونية حتى في موقع رئاسة المجلس يتسلّط كسلطان لا كرئيس للمجلس التشريعي .

أما حزب الله فقد نشأ على استيراد للهوية الشيعية من ثورة إيران الإسلامية وكان لا بأس في ذلك لو بقي قادرا" على الإنخراط في النسيج الإجتماعي اللبناني، ولكنّه عقّب على استيراد النشأة بمصادرة مفهوم المقاومة وحركية المقاومة فاحتكر مهنة السلاح مؤجّرا" هذا السلاح لمشاريع النفوذ الإقليمية من سورية وإيران ، لنصبح اليوم أمام واقع يحصر توجهاته العملية بين كنتنة الشيعة أو الخروج على الدولة بمنطق الدولة ضمن الدولة ، وهكذا يقودنا من مغامرة أتت لنا بالقصف الإستراتيجي الإسرائيلي إلى مغامرة الإنقضاض على الدولة اللبنانية .

ما هو الخط الّذي يمثله التيار الشيعي الحر وما مدى تأثيره على الساحة الشيعية ؟ وهل تنسقون مع أي طرف خارجي ؟ وهل يمكن اعتباركم ضمن قوى 14 آذار ؟

يمكن أن أبدأ ذلك في عدة نقاط توضح تفاصيل ما تتفضلين به :

الموقف من علاقة السلطة بالدين : وعلى الموقف التقليدي والأساسي لدى الشيعة بين الفصل بين الأمور الشرعية والعرفية وطبعا" هذا يفتح الباب أمام الأليات الدستورية والديمقراطية ويخرج الشأن العام من دائرة الفقه وينزّه الفقه عن إقحامه في مجالات لا تمتّ إلى الدين بصلة .

-          

التيّار الشيعي الحرّ والموقف الوطني ..

نحن لسنا غرباء عن اللبنانية ، نحن لبنانيون ونحن عرب ، ولبنان وطننا النهائي وهويتنا وانتمائنا العربيان لا جدال حولهما . إنّ التنوّع اللبناني والمرتكز على حوار ثقافتين وحضارتين في العيش والتطلع لا مكان فيه للتمذهب ، نحن نرفض المذهبية ، فشيعيّتي ليست متراسا" ، بل هي الموجّه للإنفتاح على الإنسان كلّ الإنسان وعلى وطنيتي كلّ وطنيتي .

 

يريد التيّار الشيعي الحرّ أن يوضح أنّ ما يُسمى بقضية المحرومين هو أكبر من عنوان تحزُّب ، إنّه مساهمة في ابتكار أو في إعادة الدفع للتعايش اللبناني ولنسيج هذا التعايش خاصة في القضية الإجتماعية الإقتصادية .

 

6 - ما هي الخطورة التي يمثلها دور أحمدي نجاد على الوضع اللبناني ؟

إنّ المتنورين في القرن الواحد والعشرين يمثلون خطرا" لم يدرس جيدا" بعد ، ودراسته ضرورية في فهم طبيعة الإرهاب التي يهدد مجتمعاتنا والحضارة العالمية التي هي واحدة ، لأنّ الإنسان واحد ، إنّ الله خلق الإنسان ولم يخلق إنسانات ، وخلق البشر شعويا" وقبائل ولم يخلق أنواعا" من الإنسان .

هذه النزعة البدع الحديثة أو طوائف .. ليس بمعنى الطوائف اللبنانية إنما بالمعنى الآنف الذكر التي تفصل أعضاء هذه البدعة عن جسم المجتمع وتؤدي إلى حالات مستغربة وكارثية تمسّ أعضاءها بالدرجة الأولى .

 

إنّ أحمدي نجاد لا يختلف عن متنوري هذه البدع التي نراها تنتشر كافطر لدى بائسين حرموا أيضا" من حيوية مرجعياتهم التقليدية مثلا" ( إنّ الإيمان بالإمام المهدي (عج) على الطريقة التي يُغرق نجاد فيها وعيه وممارسته كما معلّمه المصباح اليزدي ، وترقُّب الأمور الرؤيوية والأخروية في أحاديثه وخطبه وتوجيهاته تجعلنا نضعه ضمن هذه الفئة ، شخص في حالة نجاد وظاهرة كظاهرة نجاد واليزدي ، يقتضي معالجتها بسياسة خاصة في أيّ مجتمع ..

كيف الحال ووضعت هذه الحالة في موقع من يرسم السياسات .. كان الله في عوننا .. إذ لم يوضع في موضع من يرسم السياسات فقط إنّما ورّث مشروعا" نوويا" .. نجانا الله وإياكم .

 

7- ما هي نظرتكم لما يثار عن ولاية الفقيه ؟

إنّ مفهوم ولاية الفقيه هو مفهوم فقهي ومقصود به ولاية الفقيه في أمور الحسبة ، أي الولاية على المجنون والمعتوه في مفردات الفقه الشيعي وما يسمى الحسبة .

إنّ توسيع هذا المفهوم وفي المرحلة الأخيرة من جَهد الإمام الخميني الفقهي قد أوصلنا إلى ولاية الفقيه المطلقة وهي نظرية من نظريات عديدة في الفقه السياسي الشيعي الغير متفق عليه كباب من أبواب الفقه ، فالكلام عن فقه سياسي شيعي هو باب خلاف ، وفيه أرآء متعددة من بين هذه الآراء رأي ولاية الفقيه المطلقة ، وبالطبع أنا لا أوافق على هذه الرؤية .

ولاية الفقيه المطلقة تجعل الفقيه المتصدي أي ( الخميني ) أو ( الخامنئي ) في منزلة الإمام المعصوم لناحية العصمة وهذه مسألة مبتدعة وحديثة ، ففي ظلّ غيبة الإمام المعصوم (عج) ولدت نظريات متعددة فمن المتفق عليه أنّ صاحب الزمان (عج) هو ولي أمر المسلمين في حضوره وبعد فرجه ، ولكن في ظلّ غيبته فأمور السياسة متروكة لتصرّف أصحاب المشاع كما يقال في الفقه ، أي بيد المؤمن كمؤمن ( الإمام شمس الدين ، محمد جواد مغنية ، محمد باقر الصدر) .

 

8 - كيف تنظرون إلى تراجع شعبية الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وخسارته في الإنتخابات البلدية ؟

أنا لا أراهن على تغيير في النظام من داخل النظام في إيران ، فقد أعطى الإصلاحيون أكثر ما في قدرتهم مع الرئيس محمد خاتمي ، وثبُت أن لا إصلاح من داخل النظام في ظلّ ولاية الفقيه ، وإخراج إيران من حالة الصدام مع المجتمع الدولي وإخراج الشعب الإيراني من حالة الأسر التي يرزح تحتها ، يتطلب بزوغ قوى من خارج النظام وقادرة على مشاركته وتوسيع إطاره ولا يمكن ذلك إلاّ من خلال الخروج من ولاية الفقيه إلى منطق الدولة الحديثة وإعادة العلماء إلى دورهم الديني والإنساني .

 

إنّ ما يحدث في إيران لا شكّ مهم ، ولكن يهمنا مما يحدث في إيران هو انعكاس تحويل المأزق الداخلي في إيران إلى سياسة زرع الإضطراب في المنطقة وتصدير الأزمات إلى المنطقة وخاصة تحويل الهوية الشيعية إلى ترس لإنعكاس النفوذ الإيراني على الساحة العربية وبالتالي لا يمكن معالجة هذا الوضع إلاّ بعودة سياسة عربية فاعلة على المستوى الإقليمي أولا" وعودة الإيرانيين إلى التعقّل ثانيا" .

 

إنّ وجه مثل أحمدي نجاد بحضوره وغيابه يبقى تأثيره محدودا" ، فالمشكلة ليس أحمدي نجاد الّذي أوجد فيه من ناحية بعض الأمور الجيدة ( أخلاقه الحميدة ، زهده ، خروجه من أوساط الشعب ، تواضعه .. إلخ ) ولكن المشكلة هو في إلباس النزعة الإيرانية عباءة الشيعية السياسية لزرع البلبلة والإضطراب في قلب المنطقة العربية ، فليستفد الإيرانيون من صفاته الحميدة في إيران ، ولشيعة لبنان رجالُ قدوة كالإمام الصدر والإمام شمس الدين والمرجع فضل الله وغيهم كثير .. وكلّهم منائر في العلم وفي قيم التعايش والعيش الحرّ والكريم .

 

  9 - كيف تعلّقون على ما طرحه مرشد الثورة في إيران السيد الخامنئي من أن هزيمة أميركا ستكون في لبنان .... ؟

إذا أراد السيّد الخامنئي هزيمة أمريكا فليتمناها أن تكون في إيران ولصالح الشعب الإيراني ، أمّا في لبنان فهذا شأن اللبنانيين والصراع في لبنان هو بين استعادة لبنان لنَفَسِهِ وسياسة إيران وسوريا في خنقه ، فما نحسّه من مسار التعبير عن الأزمات الإيرانية والسورية هي أزمة هذين النظامين مع المجتمع الدولي ومع حقّ اللبنانيين في تقرير مصيرهم لا في الصراع مع أميركا ، ففي الملمات نجد أنّ أميركا خير معين ٍ لهم ، (فإيران غيت – فضيحة بيع الأسلحة الإسرائيلية لإيران بوساطة أميريكية إبان الحرب العراقية ) وتفويض الأميركيين للنظام السوري في استرهان لبنان واستلاب خيراته وقمع وتشريد أبناءه سنة 1990 والّذي عانينا ويلاته خمسة عشر سنة تُظهر أنّ أميركا ترعى هذين النظامين وفي المنعطفات الكبيرة نجد هذين النظامين يستجديان نظرة رضا من الأميريكي ويُشرّعا للبيع والمساومة كلّ ما يصفونه بالمقدّس ويشدُّ عليه بالنواجز ، مثالا" على ذلك إستجداء سوريا المتواصل لمفاوضة الأميركيين والّذي نراه كلّ يوم كما المطالبة الإيرانية التي أضحت واضحة في مفاوضة الأميركيين والحصول على ضماناتهم ليبقوا رابضين على صدر الشعب الإيراني وعلى الإعتراف بنفوذهم في المنطقة ، وخاصة ما أبدته ردود الفعل لهاذين النظامين على تقرير بيكر-هاملتون .

10- هل تعتبر أنّ المعارضة ستصل إلى أهدافها ؟ خصوصا" بعد ما يجري الحديث عنه عن تقرير بيكر-هاملتون عن تغيير في ميزان القوى لمصلحة إيران - سوريا ...؟

 

أظنّ أنّ الشعب اللبناني لن يقبل بانقلاب إيران وسوريا على إرادته في لبنان كما لن يقبل ولو أتى العالم قاطبة لن يقبل بوضع الأصفاد في يديه ورجليه ، بالطبع من الممكن أن تتفق أميركا مع إيران وسوريا وهذا يتأمل به أزلام النظامين عند تفسيرهم لبعض مندرجات تقرير بيكر – هاملتون ، ولكن الإتفاق الأميركي السوري عرفنا نتائجه من قبل ، ووعى اللبنانيون مخاطر هكذا اتفاق ونالوا من المهانة والإضطهاد ما يكفي لدفع الغالي والرخيص في عدم الرضوخ له ، لذا لن يقبل الشعب اللبناني بالإنقلاب على تقريره لمستقبله ، وما يسمى بالمعارضة لا يعدو كونه ترجمة لمصالح إيران وسوريا ، والعدوان الإيراني السوري على لبنان لن يمر ، ويفضل الشعب اللبناني حتى لو تآمر مع الإيرانيين والسوريين الأميركي وغيره ، فلا عودة إلى الوراء

11 – هل أنتم متفائلون من مستقبل الوضع اللبناني ، أم تتوقعون اهتزازات أمنية قد تؤدي بلبنان إلى الهاوية ؟

 

رغم توقعي لاهتزازات أمنية فالنظام السوري لا يتورع عن شيء ، وهو لم يتوقف أصلا" عن زعزعة الوضع الأمني في لبنان ، أبقى متفائلا" بأنّ مستقبل الوضع في لبنان لا يمكن إلاّ أن يكون صنيعة هذا الشعب الطيب وإرادته العصية على الإنكسار .

 

12 – ما مصير المقاومة ضد إسرائيل وهل تعتبر ما يتردد عن أن حزب الله أدار ظهره إلى إسرائيل متوجها" إلى الداخل اللبناني ؟ .

إنّ خروج حزب الله من خطوط التماس الإيرانية الإسرائيلية يفتح المجال أمام الدولة اللبنانية ووراءها اللبنانيون قاطبة لمقاومة أطماع إسرائيل ولإرغامها بتصميم اللبنانيين وإرادتهم الجامعة على تطبيق مندرجات القرارات الدولية وبمعيّة العرب جميعا" من مساندة الإخوة الفلسطينيين في الحصول على دولتهم وحقوقهم المشروعة ، إنّ ما سألتني عنه يعزز المقاومة وينهي ارتهانها ومصادرتها ويعطيها عمقها اللبناني وهنا يجب أن أوضح أن ما أقوله لا يعني بأي حال المقاومين الأبطال من أهلي اللبنانيين والّذين ينتمون لحزب الله وبذلوا الغالي الغالي في سبيل كرامتهم وكرامة وطنهم .

 

13 – ألا تعتقد أن المقاومة خسرت الكثير من حضورها العالمي والعربي والإسلامي من خلال انغماسها في السياسة الداخلية اللبنانية ؟ .

إنّ حضور المقاومة عربيا" ودوليا" وإسلاميا" هو حضور لبناني يزداد الدعم له ولا يمكن أن يخسر ، إنما من خسر هو المصادرة الإيرانية والسورية لجهود المقاومة ولأرواح ودماء اللبنانيين ، أصلا" إنّ هذين النظامين وتدخلهما خارج حدودهما كما تسلطهما داخل هذه الحدود معزولين دوليا" ، كما أنهما مدانان دوليا" فأصلا" لم يربحا شيء ليخسراه الآن ، إنّ القرار 1701 هو انتصار لمقاومة لبنان كما القرارات الدولية الباقية والإلتزام الدولي في قوات اليونيفل خير دليل على قوة المقاومة اللبنانية وقوة حضورها .

 

14 – كيف تقرأ السيناريو المتبع نفسه في فلسطين ولبنان وهل تعتقد ببراءة هذا التزامن في الأداءين العسكري والسياسي ؟

إنّ مشكلة إخواننا الفلسطينيين هي شبيهة بمشكلتنا وعمق هذه المشكلة يتمثّل بالتدخل الإيراني السوري إيّاه وهناك يمكننا أن نرى هذا التدخل عاديا" إذ إنّ هذا التدخل لا يتمكن من مصادرة يافطات عريضة كما يفعل في لبنان ، فحتى حماس لم يستطع التدخل الإيراني – السوري من مصادرة يافطتها ، بينما في لبنان كان أسهل عليهم ، وذلك لمّا عملت السياسة الإيرانية على مصادرة العنوان الشيعي في لبنان ساعدها على ذلك عملها كرديف للإحتلال السوري وكتطابق للمصالح بين هاتين الدولتين المارقتين .

 

15 – هل تخططون كقوى شيعية مستقلة إلى تشكيل نواة جبهة مستقلة داخل الطائفة تضع في سلم أولوياتها لبنان الوطن والشعب قبل أي ارتباطات دولية أخرى ؟

بالأساس أنا انطلقت من حركية " التكتّل الطلابي الإسلامي – المسيحي " وذلك انطلاقا" من إيماني بلبنان السيد الحر المستقل لجميع أبناءه ، فالإنتماء إلى طائفة في لبنان يعني أول ما يعنيه العبور إلى اللقاء مع بقية الطوائف التي تشكّل نسيج المجتمع اللبناني والتعايش الّذي يمتاز به بلدي على قاعدة المواطنية ، فالتيار الشيعي الحرّ هو تعبير طبيعي عن رغبة اللقاء في فضاء المواطنية وفي قياس قاعدة التعايش .

إنّ التيار الشيعي الحرّ يقول في وجوده أن لا حياة لطائفة دون أخرى في لبنان ، فلبنان وطننا النهائي ، ولن يقدر أحد على طرد الشيعة من الهوية اللبنانية والإنتماء اللبناني وإنّ المرض الّذي نعاني منه اليوم هو عدوى أتتنا من خارج الجسم الشيعي اللبناني ، فكما لم يحمل جبل عامل المحقق الكركي في القرن السادس عشر وتمسّك به أبناءه حتى الإستشهاد بقي جبل عامل على وداعته ، ورَفَدَ نهر الشهادة الشيعي التاريخي بدماء الشهيد الأول والشهيد الثاني ، فهذه الدماء الممتزجة بدم الحسين (ع) سقطت فداءا" للبنان كما في مسار مظلومية الشيعة ، وأسست لقيام لبنان الوطن والدولة وهذه الدماء استبقت قيام لبنان الدولة والكيان بمئات السنين .

16 – كيف تقيمون ثوابت بكركي وهل تعتبرونها فرصة لإعادة الإستقرار إلى البلد ؟

إنّ بكركي أثبتت أنها وفي أحلك الأوقات مرجعية وطنية تتخطى زواريب السياسة وكانت على الدوام مقيل الوطن في عثراته ، فمنذ بيان المطارنة الموارنة في أيلول سنة 2000 شهدت بكركي للبنان في جوهر وجوده يوم تنكّر له الجميع ، وهي اليوم وبعد سنتين من تنكّر الجميع لها تعود لتشكّل طود إنقاذ للبنان واللبنانيين من بحر الظلمات التي تعاطفت سياسات سوريا وإيران على رميه في كبتها ، فالتيار الشيعي الحر يُعوّل على استفاقت الضمير لدى مختلف القيادات اللبنانية في استماع صوت سيّد بكركي وفي تلبية مبادرة مجلس الأساقفة الموارنة ، فالثوابت التي طرحوها هي ثوابت كلّ لبناني والمبادرة التي أطلقوها يمكن أن تكون حلا" ناجحا" في استعادة اللبنانيين لاستقلالية إرادتهم .

17 – سماحة الشيخ برز مؤخرا" حملة شرسة وفيها الكثير من الإستهداف الشخصي لكم ما ردّكم على ذلك ؟

ليس لدي ما أردُّ به في هذه اللغة إذ إني لا أفهم مفرداتها ولا قواعدها ، أنا لم أخاصم أحد شخصيا" ، أنا أتطلع للتعبير عمّا أراه مناسبا" وأعمل وفق قناعاتي ، مُرشدي في ذلك ضميري وحقي كمواطن لبناني لا غير ، ومهما فعلوا وعظمت الأمور في تجنياتهم وقباحاتهم الأخلاقية فلن أزداد إلاّ إصرار" على المضي قدما" لتحقيق الهدف السامي والمنشود وهو الخلاص من العقلية الديكتاتورية والعيش في واحة الحرية والديمقراطية والأمان والسلام ، والفرق بين فكري وفكرهم أنّ فكري نابع من ملكية ثقافة الحياة وهم يعيشون عمى ثقافة الموت والقتل والدم .

18 – مولانا سؤال يترددّ في المجتمع اللبناني ، ماذا تمثّل ؟

أنا لو كنت أتحدث مع مجلة إجتماعيات كان من الممكن أن يوجه لي هكذا سؤال ، ولكن أنا أمثل القناعات التي أعبّر عنها ، وأنتم مجبرون على التعاطي معي على هذا الأساس .

 

19 – صاحب السماحة ، أي حركة سياسية أو إجتماعية تحتاج إلى تمويل مادي ودعم سياسي ، فهل لديكم موارد مادية من جهات معينة وكيف تنشّطون حركيتكم ؟

إنّ العامل المادي هو جزء أساسي لأي تحرّك ، وأنا لا أتنكّر أو أنكر أنّ حزب الله مارس ويمارس ضغطا" كبيرا" لمحاصرتي إقتصاديا" ونجح في مجالات كثيرة ، ولا موارد مالية عندنا سوى ما يدخل إلينا من تعبٍ نجنيه بعرقنا وهذا عائق حقيقي يؤخر تظهي حركيتنا السياسية ويؤخر إنهاء عملية التأطير الكادري لأنّ معظم من يتحرك معنا ويلتقي معنا ماليتهم محدودة ، واتكالنا على الله وعلى الأوفياء والصادقين ، ونحن نضع مجددا" رقم حسابنا لمن يرغب من أحبتنا مساعدتنا .

رقم الحساب : 96203046100202501

الفرع : بنك عودة – سن الفيل

Swift code : Audblbbx