معارضة أم معارضة في وجه الاقتصاد اللبناني

بقلم أنطوان سعادة (*)

 

غريب أن يكون ما يفرح قلبي هو نفسه ما يخيفني، هذا ما ينطبق عليّ حين أتجول في الأسواق هذه الأيام، أو لأكون أكثر دقة منذ اتفاق الدوحة والأسواق في لبنان لا تهدأ أو لا تستكين، وعندما تسأل الفنادق أو المحال يقولون لك انّّ هذه الأسواق لم تمرّ في مرحلة "الموسم الميت".

 

هذا ما يفرحني، بينما ما يخيفني هو ما أسمعه من المعارضين أو المعورضين حين يتكلمون عن الحالة الاقتصاديّة أو عن الأسواق بتشاؤم يشوبه الحسد. الحسد لأنّ مرحلة معارضتهم واعتصامهم وخيمهم الشهيرة أدّت الى كوارث اقتصاديّة لم يشهد لها السوق مثيل بينما اثبتت لهم الايام وسوف تثبت لهم الأرقام ماذا فعلت أياديهم السوداء في قلب اقتصاد هذا البلد الذي يغارون عليه.

 

للمعورضين أقول لهم انّه فيما تشهد الأسواق الاقليميّة والعالميّة تراجعاً على كل الجبهات، هناك بالمقابل مؤشرات ايجابيّة  على جبهة الاقتصاد اللبنانيّ، لا سيما انّ مخاطر السوق الحاليّة الاقليميّة والعالميّة تستمر في لعب دور ملائم لسوق لبنان الحاليّ، حيث ما زال لبنان يشكل ملاذاً وملجأً سواء للمودعين اللبنانيين المقيمين في الخارج أم العرب والاجانب، وهذا حسب مصادر مصرفيّة مطلعة، الأمر الذي يفسّر ارتفاع احتياطات مصرف لبنان الى 21.78 مليار دولار لغاية آخر آذار 2009 بمعدل 10% منذ بداية العام. من جهة ثانية، ورغم تداعيات الأزمة العالميّة الحاليّة، فإنّ المؤشرات الاقتصاديّة الأخيرة في لبنان تُظهر حتى الآن انّ اقتصاده وقطاعه المصرفيّ ما زال بعيداً عن سلبيات الأزمة، فالاحصاءات الأخيرة عن عدد السيّاح تشير الى ارتفاع بمعدّل 51% خلال الشهرين الأولين من هذا العام بالمقارنة مع الشهرين الأولين من العام 2008. وكذلك شهد ميزان المدفوعات رغم أزمة السيولة العالميّة فائضاً بـ 300 مليون دولار خلال شهر شباط الماضي في حين كان قد سجل عجزاً في شباط 2008 بـ 38.1 مليون دولار. يُضاف انّ موجودات المصارف ارتفعت بالمقارنة بين المدّة الماضية من 2009 الى 95 مليار دولار بعد أن بلغت 89.3 دولار في العام 2008.

 

وكما انّ "للمشككين دائماً" ايجابيات هذا العام انتقلت أيضاً إلى الصادرات اللبنانيّة التي ارتفعت خلال شباط 2009 إلى 281 مليون دولار مقارنةً بـ 262 مليون دولار شباط 2008. وهناك أيضاً مؤشر مهم وهو شيكات المقاصة المتداولة بالليرة اللبنانيّة خلال شهر كانون الثاني من هذا العام الذي ارتفع الى 927 مليون دولار مقارنة بـ 768 مليون دولار في كانون الثاني 2008، وهذا يدّل على نمّو القدرة الشرائيّة لدى المواطن اللبنانيّ، لهذا السبب أصبحنا نرى الناس فرحة أكثر، تضحك أكثر، تسهر أكثر وهذا ما لا يراه المعورضين على وجوه الناس.

 

وزيادةً في لفت النظر أيضاً الاتجاه العكسي لعجز الميزان التجاريّ وبشكل إيجابيّ، ففي الشهرين الماضيين من هذا العام انخفض هذا العجز بمعدّل 21.4% ليصل الى مليار وثلاثماية واثنان وسبعون مليون دولار أميركي (000 000 372 1 $) في كانون الثاني وشباط 2009 استناداً لتقرير صدر عن "بلوم انفست" سببه ليس فقط انخفاض فاتورة الاستيراد وانمّا أيضاً ارتفاع الصادرات لا سيمّا صادرات المجوهرات والمعادن الثمينة بمعدّل كبير 190%. ومن المؤشرات المهمّة أيضاً الارتفاع الذي شهده إجماليّ أقساط شركات التأمين في لبنان Life Premium  بمعدّل 4.4% ليصل الى 290.5 مليون دولار.

 

وهناك توقعات بأنّ هذا الرقم قد يرتفع هذا العام  برغم الأزمة العالميّة حيث انّ سوق التأمين الى حدّ ما مرتبط بحجم تطور الودائع في القطاع المصرفيّ الذي يشهد نمواً متواصلاً.

 

أخيراً أقول للمعورضين في هذا البلد مثلاً قديماً قد ينفع "تفاءلوا بالخير تجدوه".

 

(*) أمين عام حركة التغيير

14/04/2009