هوذا أنت مون جنرال

فرنسوا جان مخلوف

 

فلتسمح لنا الانسة نايلة وليسمح لنا الشيخ نديم أن نردّ على كهلٍ احترمنا شيبته رغم الصباغ، يتمرجل على شباب لبنان الصاعد والواعد بعد أن ركب رأسه الغرور.

 

وأول نصيحة نقدّمها للجنرال، هو أن يعود الى رشده، والى الكلمات وردات الفعل والانفعال خلال مؤتمره الصحفي بعد "لقاء الأحِّبا" بعد ظهر الاثنين. وإذا أعاد الشريط المصّور، من الاكيد انه سيسأل:" أهذا أنا ؟"

 

نعم مون جنرال، هذا انت، جنرال الرابية لا جنرال باريس، بشحمك ولحمك، بغضبك وحقدك، بعنجهيتك وتكبّرك، بتفلسفك على الآخرين، بزلاّت لسانك المبتذلة والمألوفة، بضحكتك الصَفراوية المعتادة، بتهّكمك الدائم على مَن لا يشاطرك الرأي أو يبصم على كلامك المقدّس والالهي المُنزَل.

 

نعم هذا انت مون جنرال، بوجهك الذي يقطر سُمّا ًعندما تتحدث عن الشهداء، بكلماتك التي تنطلق كالرصاص، بعينيك التي تشرقط غضباً، بعصبيتك وانفعالك الدائمين.

 

هذا انت مون جنرال، وحولك وما أظرفهم وأحلاهم، جلابيط ٌ عُـّقـل شاطرون برفع الاصابع ونيل الرضى لأن ديمقراطيتك لا تسمح لهم بالمناقشة ولا بالاعتراض.

 

فأنت الجنرال، وهم العسكر. وحتى الجنرالات الذين حولك يعتبرون أنك ما زلت حتى الآن قائداً مغواراً يدير البلاد والعباد من "قصر الشعب". حلمٌ و قد أصبح وهماً، والحمد لله.

 

تطالب بالاحترام، وانت لا تحترم أحداً.

 

بدأت من تحت الزنار، وصرت تارة تريد دوس الناس كالنمل وطوراً تهدّدهم بقطع الألسن والرقاب !!! لم يخافوا منك، بل خافوا عليك من أن يرتفع، مع حديّة الكلام، ضغط الدم، فـُتصاب لا سمح الله "َبجَلبَطة" (من جلبوط وجلابيط)

 

وبعد، لم تع ِ أن بعد عودتك من باريس مظفراً، لم تترك لسانا ً إلا وظفرّته ولا شخصية لبنانية إلا و كِلت لها الشتام، واعتبرت اللبنانيين كلهم برغشاً، حتى أولئك الجلابيط الذين يطيرون ويتحلقون من حولك.

 

اليوم، وبعد أربع سنوات، تعرّف "شعب لبنان العظيم" على عظمة طروادة وقائدها المغوار وحصانها الفارغ، خاصة عندما يسهّل لأصحاب الدويلات ومروّجي الافكار المستوردة الدخول والتغلغل في قلب الاشرفية والمتن وكسروان وجبيل، ويرافق الشركاء والحلفاء الجدد ويدلهم ويعرّفهم على جمال طبيعة وُنبل شعب من أجل أن يوسّعوا خريطة امتدادهم وهيمنتهم بعيداً عن المربعات الامنية. لقد رأى اللبنانيون في البزّة التي لبستها يوماً خلاصاً، وما لبثوا أن تعرّفوا اليك بدونها وكأنك انسان آخر، نسي المبادىء والقيم والثوابت الوطنية وحوّلها الى شعارات فارغة تتردّد صداها بين وادييّ نهر الكلب ونهر ابراهيم.

 

فيما كنت خارج البلاد، دافعت عن قيم وطنية، لكن ما لبثت عند عودتك أن انقلبت رأساً على عقب لتصبح رمزاً للخنوع واللاوعي: طالبت أولاً بان يعتذر اللبنانيون من السوريين، ومنذ أيام أكدت انك فخور بأن تكون رمزاً من رموز سوريا !! هل قلتها عن وعي وادراك أمام كاميرات الشاشة الصغيرة، أم قلتها بنشوة الفخر والتجبّر بعد أن سكِرت من مياه نهر بَرَدَه وانتشيت من الاستقبال الفخ الذي نصبه لك السوريون لأنهم يعلمون تمام العلم ماذا يُسكرك ويغويك.

 

اللبنانيون يا حضرة الجنرال، أغبياء لا يفهمون ويلزمهم مرشد لثورة "الاصلاح والتغيير"، لذا نصّبت نفسك مُرشداً وإماماً وبطريركاً وزعيماً وجنرالاً تاريخياً وجمعت بين الدين والدنيا، حتى قامت الدنيا عليك وهي لن تقعد قبل أن يطمئنّوا الى سلامتك.

 

وكنت كلما سقط شهيد من ثورة الارز، تغمز من قناة أهله وأقاربه وحلفائه وتتهمهم بالتآمر عليه وتستغل شهادته للتنكيل والهزء بالشهداء. لقد أفقدك الحقد الاعمى صوابية تفكيرك حتى أنك سألت وبكل وقاحة، ماذا كان يفعل النقيب الطيار الشهيد سامر حنا في سماء سجُد! وكأنك نسيت النجوم المكللة والمُسَيّفة التي كانت تتدلى على كتفيك وقد استغليتها لتخرب البلد مرة في التسعينات، وها انت تعيد الكرة مرة اخرى اليوم.

وبعد،

تريد أن تحررّ الاشرفية ؟ ممن؟ من شهادة بشير وشهادة جبران ومن مئات الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عنها لتحريرها؟ تريد أن تحرّر الاشرفية من ابنائها كما قدت حرب التحرير السابقة وهدمت لبنان على رؤوس أبنائه؟

 

تتبجّح انت ومَن حولك أنك طالبت بتعديل سن الاقتراع حتى 18 سنة وتريد أن تقفل أبواب الترشّح لمن هم فوق الخامسة والعشرين؟ بأي منطق؟ أيجب أن يكون عمرهم فوق السبعين يمشون على عكازات وينامون مع الدجاج؟ أتريد من هؤلاء أن يبنوا وطن الغد؟ مستقبلهم اصبح وراءهم أما شبابنا فهم الغد المشرق. وبشير وجبران عندما خاضا غمار المقاومة العسكرية والسياسية كانا بعمر نديم ونايلة ولم يكونوا يناهزون الخامسة والسبعين.

 

أذكّرك خاصة أنه عندما كنت مستشاراً لدى بشير الجميّل في مطلع الحرب اللبنانية، كان هو قائد المقاومة اللبنانية في التاسعة والعشرين من عمره. فلماذا قبلت المهمة؟

 

لن ُتجيب طبعاً،  لأننا نواجهك بوقائع وأنت اصبحت بعيداً عن الواقع.

 

والى اللقاء في الاسبوع المقبل. سنشتاق الى زلاّتك ونتعاتِك المعهودة.

 

لقد اصبحت مثل بطاقة الهاتف الخليوي الذي يشرف على بيعها صهرك "الباسل" :" كلما تتكلم، تصرف من رصيدها".

 

وأنت أيضا ً مون جنرال. والسلام

 

فرنسوا جان مخلوف

الاشرفية  

31 آذار 2009