مرتزقة، وأمّة ... وقحباء

بقلم/محمد سلام

 

هم نفسهم، كانوا مرتزقة ... وبقوا مرتزقة. الحزب التقدمي الاشتراكي (بعد استشهاد المعلّم)، الحزب الشيوعي اللبناني، الحزب السوري القومي الاجتماعي (الحرداني)، حزب البعث العربي الاشتراكي (فرع لبنان)، الاتحاد الاشتراكي العربي (الجناح المرادي)، التنظيم الشعبي الناصري.

 

جميعهم كانوا في ثمانينات القرن الماضي مرتزقة العقيد إياه معمّر القذاقي. جميعهم ارتحلوا في العام 1986 إلى ليبيا كي يحاربوا تشاد ... ويقبضوا بدل خدماتهم الارتزاقيه بعدما خمدت العمليات القتالية في لبنان إثر عودة قوات الأسد إلى بيروت وتصفية "المرابطون"

 

جميعهم الآن مرتزقة عند المرشد المحلّي، وكيل فقيه فارس، في لبنان. ما تغيّروا. ما زالوا يمارسون نفس الدور. هم أوفياء جدا لمرشدهم، وكيل فقيههم الفارسي، إلى درجة أنهم جميعا يشتمون سيد ارتزاقهم السابق ... القذافي، الذي يبدو أنه تحوّل مقذوفا بعدما أمضى أكثر من 40 عاما قاذفا للدماء في كل الاتجاهات.

 

مرتزقة هم. كانوا مرتزقة، وما زالوا مرتزقة. ولا نستبعد تنكرهم لمرشدهم، ولي فقيههم، عندما يُرشد (بضم الياء وفتح الشين) إلى الخارج ولا يُرشد (بضم الياء وكسر السين) إلى الداخل بعدما يستقر مصير التحكم بنفط ليبيا الموجود خارج أسر مضيق هرمز، ما يفتح الباب العالمي عريضا أمام اتخاذ قرار إسقاط نظام الفقيه الفارسي.

 

مرتزقة هم، جميعهم ولا أستثني منهم أحدا. أمضوا عاما في منطقة سبها الليبية التي وفدوا إليها لإنقاذ جماهيرية القذافي من الاجتياح التشادي المدعوم فرنسيا والذي سقط فيه في معركة واحدة قرابة ثلاثة آلاف قتيل من جيش العقيد الأخضر.

 

المرتزقة لم يقاتلوا. توقفت الحرب بمجرد وصولهم إلى الميدان. كان لتموضعهم وقع السحر. خافت تشاد وفرنسا من هيبتهم. لذلك أبقاهم القذافي عاما كاملا من دون قتال. فقط للهيبة. هم بقوا ... للجباية "الثورية"،  "ناضلوا" تحت شمس الصحراء الليبية "فاستشهد" بعضهم نتيجة ضربات الشمس، والبعض الآخر نتيجة لسعات العقارب الصحراوية وما تسنى لهم إنفاق بدل أتعابهم في قحط الصحراء، فتمتع به أسيادهم في ... ربوع لبنان الخضراء الخاضعة لسيطرة جيش الأسد.

 

مرتزقة هم. جميعهم ولا أستثني منهم أحدا. كانوا مرتزقة "الأمة" ... وما زالوا مرتزقة "أمّة".

 

كانوا مرتزقة أمة عربية بائسة قادها القذافي الذي يشتمونه اليوم. كانوا مرتزقة أمة سوفياتية بائسة سقطت كأوراق اللعب، وهم الآن مرتزقة أمّة ملتبسة حدثنا عنها دولة الرئيس نجيب ميقاتي، المكلّف تأليف حكومة المرشد المحلّي وكيل فقيه فارس، أبان عودته الميمونة من بيروت التي يحتلها جيش فقيه فارس من العام 2008 إلى طرابلس، عاصمة اللبنانيين السنة.

 

لم يحدد الميقاتي أمّته. أهي العربية إياها، وبقيادة من؟ أم هي الإسلامية الموعودة، وبقيادة من؟.

 

أهي الأمة العربية، بقيادة دمشق الممانعة وأمبراطورية قطر مضيفة أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج الأراضي الأميركية، وصاحبة العلاقات التجارية المميزة بدولة إسرائيل، والعلاقات الأميز بدولة فقيه فارس؟

 

أم ترى هي "الأمة الإسلامية" بقيادة " ولي الأمر" فقيه فارس مباشرة؟

 

لا ندري. ولكن ما يبدو جليا في تصريح الميقاتي الملتبس شكلا ومضمونا هو أنها حتما ليست أمة لبنانية بأي شكل من الإشكال.

 

ولكن يبدو جليا أيضا أن الارتزاق العسكري تلقّح بارتزاق أعمالي عبر شبكة لصوص الأعمال التي يديرها فقيه فارس بالتعاون مع أمبراطورية قطر ولصوص الأعمال في غير عاصمة عربية لتوحيد صفوف الأعداء مالا وسلاحا.

 

هذا يموّل ذاك، وذاك يحمي هذا، وما زالت قوى 14 آذار تهذي بالحديث عن "سلاح  ومقاومة واستقرار" وكلها مفردات وهمية لا تمت إلى الحقيقة بصلة.

 

العدو هو المُسلّح، لا السلاح. السلاح آلة، والآلة لا تقتل بمفردها. يقتل من يستخدمها. العدو هو المُسلّح، والمُسماة مقاومة هي جيش احتلال يقوده فارسي، لا لبناني ولا عربي ... ولا حتى مسلم. أما الاستقرار الذي نستميت في المحافظة عليه فما هو سوى هدوء وهمي يهندسه لصوص الأعمال لإدامة سرقاتهم حتى ... آخر نقطة دم في جسد الوطن.

 

ثورات الغضب التي تضرب في الدول العربية آتية إلى لبنان، حتما. ولن تكون قوى 14 آذار بمنأى عنها ما لم تستبق وصولها بتظهير حقائق الحرب التي تخاض على الشعب اللبناني من قبل مرتزقة المرشد، وكيل فقيه فارس، وأتباعه في الدوحات القطرية وغير القطرية.

 

الخيار الوحيد المتاح هو التعريف الصادق بالحالة: إما أن نعلن أنهم أعداء ومرتزقة الأعداء، وإما ... نكون نحن مرتزقة ... عند مرتزقة الأعداء ولصوص الأعمال.

 

لا توجد منطقة وسطى ما بين النارين: نار المرتزقة ... ونار شرف مواجهة العدو ومرتزقته.

 

كلنا سنحترق إذا كنا خدم مرتزقة العدو. بعضنا سيحترق في معركة شرف التصدي للعدو ومرتزقته. الفارق كبير جدا بين الحريق ... والحريق. بين الحريق في صفوف مرتزقة العدو والحريق دفاعا عن الوطن، عن الأرض، عن العرض، ... عن الشرف، عن الكرامة.

هم مرتزقة، كانوا مرتزقة، وما زالوا مرتزقة. عندما يعودون إليكم يوما ... لا ترحّبوا بهم. فهم مجرد ... مرتزقة. وليس بأفضل منهم بعض من في صفوف 14 آذار من المرتزقة المتسترة بأقنعة "الوسطية" و "العلمانية" التي تسعى لإيجاد مساحة لفصاحة "القحباء" في التبشير بعفاف العاهرات.

 

هم مرتزقة. كانوا مرتزقة، ما زالوا مرتزقة ... وسيبقون مرتزقة.

 

هم أخطر الأعداء ... لأنهم مرتزقة الأعداء.

 

01 آذار/2011