المعلومات الكاملة عن هاشم صفى الدين زعيم
حزب الله الجديد
روز اليوسف
كتبت : د. فاطمة سيد احمد
لكل حرب أهداف، ومجزرة غزة تحصيل حاصل لأهداف كل من حماس وإسرائيل، ولكن الهدف
الأهم الذى تم من أجله اجتياح غزة بإيعاز من إيران، هو «حزب الله الجديد» وإعلان
دولة الفقيه فى لبنان.. ولقد بدأ العد التنازلى لإعلان إيران الشكل الجديد لـ «حزب
الله» بعد أن انتهى دور حسن نصر الله على الساحة العربية، وبدا واضحا للعيان المشهد
الإيرانى فى المنطقة بذراعيه «سوريا - قطر»، وأيضا ذيوله الممثلة فى الأحزاب
والجماعات الدينية المتطرفة والعنصرية، ولا يهم نوعها سنيا، مسيحيا، أو أى ملة أخرى!
إيران تستخدم المنطقة العربية لنقل مسرح معاركها مع خصومها الذين يهددون بضربها،
بسبب برنامجها النووى غير معلوم النوايا. ومخطط إيران لـ «حزب الله الجديد» بدأ منذ
ثلاثة شهور وتحديدا أكتوبر الماضى، وتريد من خلاله تحويل أنظار العالم إلى مشهد
يشغله لإطالة مدة التعجيل بضربها، واختارت بوابة «حماس» ودفعها لـ «جر» غزة لمجزرة
شعبية على يد إسرائيل لتعلن تصورا جديدا لحزب الله، وحتى يصير هناك تفاوض آخر بشأن
سلاح حزب الله ودولته المزمعة الإنشاء فى ظل أن لبنان بحاجة إلى قوة هذا الحزب لضعف
جيشها أولا، وللتهديدات التى سيعكسها الوضع الإسرائيلى الذى لا يهدأ فى إثارة مشاعر
العرب بحصاد أرواح المدنيين الفلسطينيين، وأيا كان الأمر فإن إيران أحكمت حلقات
تغيير فى صفوف حزب الله ليساير الخطة الشيعية الجديدة.
اغتيال «حسن نصر الله»
انتهى عصر «حسن نصر الله» المعروف بالمحاور الجيد لدى إيران، لتعلن الأخيرة أن دوره
انتهى، والأكثر من ذلك أنها طالبت إسرائيل باغتياله! هذا ليس افتراء من جانبنا،
ولكنها الحقيقة التى طالعتنا بها صحيفة إيرانية جديدة أنشأتها طهران خصيصا من أجل
القضاء على هذا المغرور، وهى جريدة «خورشيد»«ومعناها الشمس» الإيرانية التى تم
إصدارها فى أول أكتوبر الماضى، وهى تتبع وزارة العمل والشئون الاجتماعية الإيرانية،
أى أنها جريدة رسمية، حيث تصدرها عنوان كبير، بعد أسبوع واحد من إصدارها يقول «مصادر
إيرانية تتحدث عن اختيار هاشم صفى الدين لخلافة نصر الله إذا اغتالته إسرائيل»،
ونشرت صورة لـ «صفى الدين» الذى يشبه كثيرا ملامح حسن نصر الله لما بينهما من قرابة،
فهما «ابنا خالة»، ولم يقف الأمر عند الصحيفة فقط، بل تناقل الموضوع عدد من المواقع
الإيرانية، فى حين قالت «الصحفية» إنها استقت تقريرها من مصادر إيرانية مطلعة،
وكتبت الصحيفة «إن اغتيال قائد مادام هناك شبيه له، أى خليفة، لا يخلق مشكلة، أو
إيذاء للمقاومة المسلحة»، والحقيقة تقول إن هذه المطالبة الإيرانية لإسرائيل
باغتيال رجلها «نصر الله» ليس جديدا عليها، فقد سبق أن حرضت أيضا على رجلها السابق
فى حزب الله «عباس الموسوى»، الذى اغتالته إسرائيل عام 1992 بعد أن جهزت إيران
خليفة له كان هو «حسن نصر الله»، الذى انتهى دوره هو الآخر عند إيران بعد 16 عاما
قام خلالها بخدمات جليلة لطهران على أرض لبنان، وقام بتأجيج المنطقة العربية
بحسابات خاطئة فى معارك صغيرة مع إسرائيل، ودغدغ مشاعر الشارع العربى تحت مظلة «القومية
العربية تتصدى للعدو الصهيونى من جديد»، و«نصر الله» الذى اشتهر بتكبره بين صفوف
حزبه بات ورقة مكررة لا فائدة من ورائها، وفقد الكثير من شعبيته بين أرباب حزبه،
والأكثر من ذلك أنه خلال الأسبوعين الماضيين حرقته إيران تماما عندما أوعزت له بفتح
بوقه لتقديم آخر ورقة له من وجهة نظرها، لتقوم بإعدامه معنويا فى الشارع العربى حتى
يقبل اختفاؤه من مشهد حزب الله، وذلك عندما قام بالتطاول على مصر، وقام بتحريض
جيشها الذى يمثل الركيزة الأهم عند العرب كونه أقدم وأكبر جيش فى المنطقة، وفقد «نصر
الله» بذلك أغلب مؤيديه فى الشارع العربى الذين صفقوا له كثيرا وهو يعتلى جثث
القتلى الأبرياء بعد أن أوحى لهم من أساطير حزبه بأن الذى يستشهد فإن «أبا الحسنين»
على بن أبى طالب سيكون حاضرا معه فى القبر لحظة الحساب، وسيشفع ويساعده فى الإجابة
عن أسئلة «ملاك القبر»، وبالتالى سيؤمن لهم دخولهم الجنة بكل تأكيد! وفى حرب يوليو
2006 قال نصر الله إن هناك ملائكة كانت تحارب مع المقاومين، ولم يقنع بذلك العامة
فقط، بل جعل المتعلمين فى الحزب يتحدثون عن خوف الإسرائيليين من مقاتلين بلا رءوس
كانوا يهاجمونهم بالسيوف، وجعل المثقفين المدروشين لحزب الله يكتبون ذلك فى مقالات
لهم، وعلق لافتات عن ذلك فى الضاحية الجنوبية، حيث معقل الحزب، وقام بترويج حكايات
عن الإمام المهدى المنتظر الذى ساعد المقاومة وحماهم خلال اقتحام بيروت، وأيضا أنقذ
أحد المقاتلين من براثن الاشتراكيين عندما حمله من بين أيديهم! ولعل ما روجه نصر
الله من خرافات وأساطير فى الأوساط الشيعية والسنية على السواء جعل الشيخ «محمد على
الحاج» وهو أحد شيوخ الشيعة، لكنه ينتمى إلى مدرسة النجف فى العراق، وليس قم فى
إيران مدرسة نصر الله، المهم أن الشيخ الحاج قال إن الشيعة بها تسامح، لكن استخدام
نصر الله للعنف اللفظى لا علاقة له بروحية الفقه الشيعى وأصوله، وهناك إحصاءات
لمراكز دراسات لبنانية تقول إن شعبية حزب الله منها حوالى 20% يشكل أفرادها تشبثا
صلبا بكل ما يصدر عن الحزب، وهؤلاء الذين تمكن الحزب من غسل أدمغتهم عقائديا،
وانتمائهم الطائفى إلى الحزب كونه قويا وإلهيا وقادرا على مواجهة إسرائيل وأمريكا
والداخل اللبنانى، وأن هناك حوالى 30% من الشيعة يحملون الهواجس العقائدية، لكن لا
يؤيدون الحزب فى أفعاله. هذه النسبة لم تعد تملأ عين طهران، ومن هنا كانت تقارير
الاستخبارات الإيرانية تؤكد أن شعبية «نصر الله» فى تراجع ليس فى الشارع اللبنانى
وحسب، لكن فى المنطقة العربية بأسرها، وذلك عندما وجه سلاحه إلى الداخل وفتك ببعض
المواطنين وهدد الحكومة والشرعية فى البلاد، وهو أيضا لم يعد مقنعا لفئة كبيرة من
الشيعة أنفسهم، وأصبح مؤيدوه هم من يعتلون مراكز فى الحزب أو فقراء يستفيدون من
مشاريعه الاجتماعية، ومن هنا كانت الفتوى والقرار الإيرانى بالخلاص من «نصر الله»
والإيعاز لإسرائيل باغتياله فى أقرب فرصة حتى لو مهدت لها الطريق كما فعلت ومهدت
لآخرين فى اغتيال «عماد مغنية» رجلها العسكرى الأقوى على مدار عقود عديدة، لكنها
وجدت الخلاص منه هو أولى حلقات مخططها!
«صفى الدين» الرجل الجديد
من هو «هاشم صفى الدين» الخليفة المنتظر لـ «حسن نصر الله» وكيف قامت إيران بإعداده
لهذه المرحلة؟! هو رئيس المجلس التنفيذى لحزب الله، وهو أيضا الرجل الثانى فى الحزب
وبمثابة رئيس حكومة دولة حزب الله، حيث يمسك بكل الملفات الحساسة من إدارة مؤسسات
الحزب إلى إدارة أمواله واستثماراته فى الداخل والخارج، تاركا الملفات الاستراتيجية
لـ «نصر الله»، أما عند تخلص إيران من «حسن» فإن صفى الدين هو المرشح لتولى حزب
الله، حيث تربطه علاقات وثيقة مع الجناح العسكرى للحزب وأيضا إيران، حيث قضى سنوات
فى حوزة «قم» العلمية، حتى استدعاه «نصر الله» لبيروت لتحمل مسئوليات الحزب. ويرجع
اختيار «صفى الدين» لخلافة نصر الله إلى 14 سنة مضت، وذلك عندما استدعى عام 1994 من
إيران لتسلم مركزه الذى مكنه من السيطرة على كل التفاصيل المالية والإدارية
والتنظيمية فى الحزب، ويذكر بعض المراقبين السياسيين اللبنانيين أن السبب الأساسى
فى إطلاق المعلومات المتعلقة بتولى «صفى الدين» الحزب، هو تأكيد إيران على أن الحزب
باق ومستمر لأنه مؤسسى ويشبه الدولة فى الحجم. ومع أن «صفى الدين» مجهول لدى
الأوساط السياسية اللبنانية ولا يقوم بزيارات كثيرة ولا يستقبل أحدا من غير
المسئولين الحزبيين، لكن المعلومات المتوافرة عن صفى أنه من مواليد عام ,1964 أى
أنه يصغر «نصر الله» بأربعة أعوام، وهو من بلدة دير قانون فى منطقة صور جنوب لبنان،
وينحدر من عائلة لها حضور قوى بالمعيار الاجتماعى، فمنها أشهر نواب المنطقة فى
الستينيات والسبعينيات «محمد صفى الدين»، بالإضافة إلى العديد من رجال الدين
البارزين، وقد سعى «صفى الدين» وهو لايزال صغيرا نسبيا إلى الزواج قبل السفر
للدراسة الدينية بإيران، فتزوج من ابنة «محمد على الأمين» عضو الهيئة الشرعية فى
المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى، وعم زوجته «مهدى الأمين» مفتى بعبدا حتى أواخر عام
,1983 ويذكر أنه عديل وزير التنمية الإدارية الحالى إبراهيم شمس الدين، نجل محمد
مهدى شمس الدين، غير أن العلاقات مقطوعة بين العديلين بسبب اقتراب شمس الدين من
فريق 14 آذار. وكان صفى الدين موضع عناية ضمن ثلاثة كان يهتم بهم عماد مغنية،
المسئول الأمنى البارز لحزب الله الذى اغتيل فى دمشق العام الماضى فى ظروف مازالت
غامضة، ومغنية هو من أرسل هذا الثلاثى المكون من نصر الله، صفى الدين، نبيل قاووق،
إلى قم، ورتب لهم أمورهم هناك، وكتب للثلاثة أن يكونوا من أبرز قادة حزب الله بعد
الانتفاضة التى سميت بـ«البيضاء» فى أوائل التسعينيات، فأصبح نصر الله أمينا عاما،
وصفى الدين مديرا تنفيذيا بالمقياس المؤسساتى للحزب، أما فاروق فأصبح قائدا لمنطقة
الجنوب التى يتمركز فيها الحزب، وموقع قوته العسكرية. وكانت الانتفاضة البيضاء فى
التسعينيات هى الافتراق الكبير بين حزب الله الموالى لإيران، وحزب الدعوة ذى الأصول
العراقية والتى تم فيها دفن مرحلة الثمانينيات التى ارتبط فيها الحزب بالكثير من
العمليات غير المقبولة حيث كانت تبيح قتل المسلمين السنة ومسيحيين ومسلمين شيعة من
خط مغاير لهم، كذلك فتاوى سرقة البنوك وغسيل الأموال، علاوة على أنها مرحلة كانت
حافلة بالأحداث العنيفة كتفجير مقرى قوات المارينز والمظليين الفرنسيين فى بيروت،
وعمليات خطف الأجانب والطائرات، وأطيح بالأمين العام للحزب صبحى الطفيلى، وتم تحجيم
قيادات بارزة فى الحزب لم يقبلوا أن تكون إيران قبلتهم الروحية، وتغير شكل الحزب
وأصبح أكثر انفتاحا على الأطراف السياسية فى لبنان، بل إنه تم اتخاذ قرار بالمشاركة
فى الانتخابات البرلمانية عام 1992 بعد أن كان يكفر النظام اللبنانى ويجده غير شرعى،
وفقا لمقولة «آية الله الخومينى» وهى عبارة كتبت على شوارع الضاحية طوال فترة
الثمانينيات حيث انتخبت «عباس الموسوى» أمينا عام للحزب واستدعى تلميذه حسن نصر
الله فورا لتسليم منصب منطقة بيروت ثم استحدث بعد ذلك منصب المسئول التنفيذى العام
المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى فشغله وظل فيه حتى اغتيال الموسوى فتم انتخابه
أمينا عاما للحزب، كما تم بعد سنتين استدعاء صفى الدين من قم ليشغل منصب مسئول قطاع
العاصمة فى الحزب ثم تكليفه بمنصب رئيس المجلس التنفيذى فى سيناريو يشبه سيناريو
وصول نصر الله. ويرى أرباب الحزب أن صفى الدين يتميز بتلقائيته رغم أنه من أعضاء
مجلس الشورى، وهى قيادة منتخبة ولايتها 3 سنوات قابلة للتجديد، ومكونة حاليا من سبع
شخصيات على رأسهم نصر الله، ويتولى كل من الـ6 الآخرين ملفا خاصا، ويدير قطاعا
بالحزب. ويتخذ أعضاء الشورى القرارات الكبرى فى الحزب بدءا من انتخاب الأمين العام،
علما بأن القرارات داخل المجلس تتخذ بالأكثرية ويتم انتخاب أعضاء المجلس من هيئة
ناخبة، وأعضاؤها بالمئات وتسمى المؤتمر العام، وهؤلاء منتخبون بدورهم من المؤتمرات
التمهيدية التى تعقد فى كل هيئات ومؤسسات الحزب. ويدير المجلس التنفيذى الذى يرأسه
صفى الدين مجموعة استثمارات هائلة الحجم تهدف إلى تأمين الاستقلالية المالية للحزب
وتأمين تمويله التنظيمى الذى لا يخضع لتمويل الأموال الشرعية المرصودة أساسا لعمل
المقاومة وتقدر بمليارات الدولارات، علاوة على 500 مليون دولار شهريا من إيران،
المهم أن هذه الاستثمارات التى يديرها صفى الدين تنتشر فى لبنان والعالم العربى
وأفريقيا وأوروبا وأمريكا ولكن وسط تكتم شديد عليها فى ضوء مراقبة الإدارة
الأمريكية على كل ما يرتبط بعلاقات مالية مع حزب الله، إلا أن إيران وجدت للحزب
مخرجا لاستثمار أمواله بشكل آمن عبر الحليف قطر، الذى لا مانع عنده من أن يكون
ستارا لاستثمارات إسرائيلية أو إيرانية أو إخوانية أو حزب الله، المهم أن يأتى
المال ويجد لنفسه دورا يزيح عنه صفة الدولة «القزم» بالمنطقة. ويضطلع صفى الدين ضمن
مجلسه التنفيذى بإدارة العمل العسكرى قبل أن يتم إنشاء «المجلس الجهادى» المختص
بالشئون العسكرية، وفصلت صلاحياته عن المجلس التنفيذى. ويعتبر صفى الدين من
الداعمين الأساسيين لفكرة ولاية «الفقيه» بالرغم من أن الكثير من شيعة لبنان لا
يؤمنون بها فهو دائما ما يتطرق لتجربة العلماء الشيعة فى «قم» وأهميتها مقارنة
بتجربة النجف وتأثيرها على الفكر السياسى لدى الشيعة بلبنان، ويرى أن نظرية ولاية
الفقيه من أهم النظريات التى أخرجها الإمام الخومينى من الأدلة الشرعية والعقلية
لتكون مشروعا كاملا يعالج أهم المشاكل التى واجهت الحركات الإسلامية والتى أدت إلى
التشرذم، معتبرا أن النظرية تتضمن أمرين أساسيين، أولهما الولاية وثانيهما الفقيه
الجامع للشرائط، وهذا ما يقدمه حزب الله على المستوى الثقافى والتأكيد عليه كونه
تتولد منه الشرعية الدينية لكثير من الأعمال والأنشطة التى يقوم بها ويحتاج إلى
غطاء شرعى، والولاية فى فهم حزب الله ليست جناحا للاحتماء والتستر فقط، بل هى
المنشأ الأساسى للخيارات فى إطاراتها الكلية. ويرى صفى الدين أن ولاية الفقيه التى
يؤمن بها يجب ألا تفرق بين الحزب وآخرين، ولكنه ينادى بجمع وصهر كل الأفكار فى خدمة
مشروع الدولة الدينية، ومنها يتم إقناع الآخرين بولاية الفقيه، فهل سيتمكن صفى
الدين من هذا كما تتصور إيران؟
النساء «نيو لوك» حزب الله
يجهز الحزب لشكله الجديد ما بعد نصر الله صورة جديدة للنساء اللاتى ظللن لفترات
طويلة بعيدات عن المشهد العلنى للحزب، اللهم إلا النموذج الذى كان يطلق عليه «أم
الشهيد» حيث كانت تمثل العنصر النسائى الأبرز للحزب، وكان دورها هو النداء بالحرب،
لأنه حسب البث الدماغى لأم الشهيد عند الحزب أن تظل تردد: «إن تبجيل سيرة ابنها بأن
تظل الحرب متواصلة؛ إذ يبدو السلام، وكأنه خيانة للشهيد»، إلا أن الأمر تعدى ذلك فى
المؤتمر الأخير للحزب فى أواخر عام ,2004 عندما أقر المؤتمرون توصية تقضى بتعزيز
مشاركة النساء فى العمل السياسى المباشر عبر تمثيلهن بالمؤسسات السياسية، وتم تعيين
ريما فخرى أول عضو فى المجلس السياسى للحزب، وهى مهندسة زراعية من خريجى الجامعة
الأمريكية ببيروت، وتبلغ من العمر الآن 43 عاما، وكانت تشغل قبل ذلك مسئول الهيئات
النسائية فى بيروت، ولها قرابة الـ25 عاما تعمل فى نشاط حزب الله، ويذكر الحزب فى
لائحته الجديدة التى خرج بها هذا المؤتمر أنه لا مشكلة تنظيمية تمنع المرأة من
التصدى لمسئوليات قيادية، ولكن كانت هناك اعتبارات أمنية لها علاقة بالمرحلة، أما
الآن فالأولويات باتت للاهتمام بالمرأة، وعلى هذا الأساس ذهب الحزب إلى ترشيح نساء
فى الانتخابات البلدية، كما قامت النساء بدور جديد أيضا، فقد قامت بجذب النساء فى
المناطق ذات الوزن الشعبى للاقتراع، والبعض الآخر منهن كان يتولى توجيه الناخبين
وحشدهم، إلا أن فتح الباب أمام مشاركة النساء فى العمل السياسى الذى انعكس حضورا
أشد بروزا للنساء لم يبلغ بعد حد ترشيحهن للانتخابات البرلمانية، ولكن يتم الإعداد
لذلك حيث يذكر الحزب أن الدور الذى تقوم به النساء هو سياسى بامتياز، خصوصا كونه
عملا تطوعيا، أى أن المتطوعات يعملن على نقل أفكار الحزب، كما أن قيادة الحزب تعترف
بأهمية هذا الدور، وتشبه نساء الحزب بأنهن يماثلن صورة السيدة فاطمة الزهراء
والسيدة زينب لما لهما من دور أساسى فى سيرة عاشوراء، وعلى هذا الأساس بات حضور
نساء حزب الله أكثر وضوحا فى العامين الأخيرين فأصبحن يقمن بدور جديد، وهو زيارة
مؤسسات مسيحية لمناسبة الأعياد، وهن يرتدين اللباس الشرعى للحزب، وهو أمر لم يكن
معهودا فى السابق، ولكنه ترتيب أوضاع حسب أفكار «صفى الدين» القائد المنتظر لحزب
الله، الذى يهتم أيضا بالنساء منذ التنشئة الأولى، وذلك عندما وضعهن على خريطة فريق
الكشافة للحزب المعروف بـ «المهدى»، وجعل لذلك مسئولة تدعى «منيرة حلاوى» فقد أعد
الحزب عن طريق تخطيط «صفى الدين» إعداد كوادر نسائية بالغة الأهمية منذ الطفولة، فى
خلق ما يسمى بـ «الجو الجهادى» بين الأطفال، حيث تردد «حلاوى» دائما للبنات
الصغيرات وهن يلبسن الكشافة وأعمارهن لا تتعدى الـ 8 سنوات «إنكن بزى ملائكى»
و«حلاوى» التى تبلغ من العمر23 عاما، وهى عضو فاعل بحزب الله ومن الذين أعطاهم «صفى
الدين» الثقة، فجعلها مدرسة الطقوس الشرعية المعروفة باسم تكليف شرعى، وفيها ترتدى
حوالى 300 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين 8 و9 سنوات الحجاب، وبالنسبة للفتيات يعتبر
هذا الطقس الدينى لحظة ذات أهمية رمزية كبرى، إذ يعتبر بداية التزام دينى أكثر عمقا،
وأصبحت تلك الطقوس الدينية أمرا شائعا خلال السنوات الأخيرة رغم ندرتها فى السابق،
وتعتبر «حلاوى» نموذجا لجيل حزب الله الجديد من الشابات، فقد نشأت بعد أن بدأ حزب
الله وحلفاؤه فى تأسيس «الهالة الإسلامية» بين شيعة لبنان، وسرعان ما أصبحت تلك
الفتاة أكثر تشددا من والديها، اللذين عاصرا القومية العربية والأيديولوجيات
العلمانية حسب المراقبين لأحوال حزب الله.. ويذكر أن «منيرة حلاوى» تزوجت مبكرا
للغاية وأنجبت طفلها الأول قبل أن تبلغ السابعة عشرة. وبعد أن تتم «حلاوى» اعتماد
البنات الصغيرات لإعدادهن فى صفوف الكشافة، تقوم بعمل حفل كبير فى مدينة «جيشيت»
بالجنوب اللبنانى حيث تمشى الفتيات على مسرح أعد لهن خصيصا، وهن مرتديات عباءات
بيضاء حريرية، وأغطية رأس من الفرو، وعند ذلك يتصاعد دخان أبيض من أجهزة الدخان
حولهن، فى الوقت نفسه يكون فى الخلفية نشيد حزب الله على إيقاع موسيقى عسكرية، عند
ذلك يفرح أهالى الفتيات الذين يحضرون هذا التقليد، فيصفق الآباء وتزغرد الأمهات،
لتعلن «حلاوى» عبر مكبر الصوت إنه «جهاد المرأة» منذ الصغر، ولا يفوت «حلاوى» أن
تجعل كل فتاة ممسكة بصورتين لكل من «نصر الله، وآية الله الخومينى» أثناء هذا العرض..
دعم الإخوان لدولة الفقيه فى لبنان
طلبت إيران من الإخوان المسلمين فى مصر أن تجد لها شريكا من السنة السلفيين فى
لبنان ليتقدم بتوقيع ما يسمى بـ «وثيقة تفاهم» مع حزب الله حتى تدعمه عندما يعلن «دولة
الفقيه»، حيث إن إخوان لبنان بقيادة فتحى يكن كانوا قد انشقوا عن الإخوان المسلمين،
وكونوا ما يسمى بـ «الجماعة الإسلامية» ويترأسها الآن «فيصل المولوى»، وعند ذلك لم
يعد لإخوان عاكف فرع فى لبنان وكان لزاما عليه طاعة حليفته إيران. ولقد اتفق
الإخوان المسلمون فى مصر مع جمعية «دعوة العدل والإحسان» السلفية بأن تقوم بهذا
الدور ممثلة عن سبعة تيارات سلفية، ولكن ظلت هذه الجمعية تؤجل التوقيع على هذه
الوثيقة حتى يتم لها شرح حيثيات هذه الخطوة للقاعدة السنية فى طرابلس التى تعتبر
معقلا للإسلاميين السنيين، ولكن الإخوان أكدوا للسلفيين بأنهم سوف يكون لهم دور فى
دولة الفقيه المزمعة وعليه قام بالتوقيع على الوثيقة من حزب الله «إبراهيم أمين
السيد» وعن الجماعات السلفية «حسن الشهال» رئيس جمعية العدل والإحسان، وصرح بلال
شعبان رئيس حركة التوحيد الإسلامى والمحسوبة على8 آذار، أن اللقاءات والنقاشات بين
الحركات الإسلامية السنية وحزب الله لم تتوقف، إنما هى تدور بعيدا عن الإعلام،
وهناك ما يسمى باللجنة السباعية التى تعقد اجتماعات شهرية، وتضم الجماعة الإسلامية
المنشقة عن الإخوان، وحزب التحرير، وجبهة العمل الإسلامى، وكذلك حركة التوحيد
وآخرين، وأن هذه الاجتماعات يحضرها ممثلون عن حزب الله والجماعة الإسلامية القريبة
من قوى 14 آذار، وأن هناك لجنة تنسيق مستمرة بين الأطراف السلفية وحزب الله، وأضاف
أن السلفيين خارج هذه اللجنة السباعية والتفاهم الذى تم توقيعه سيعمل على إدخال
هؤلاء فى مجال الحوار، أما المعترضون بحسب رأيه فهم ليسوا بعيدين تماما كما يتصور
البعض. على الجانب الآخر نفى مهدى عاكف للصحافة اللبنانية أنه وراء هذا التقارب،
وقال إنه «شرف لا يدعيه» فى حين نفى محمد حبيب ذلك جملة وتفصيلا.. وفى كل الأحوال
إيران تؤكد مساعدة الإخوان لها فى هذا الشأن فى شكل تقارير سرية، وفيما يقدم
الإخوان هذا العون للحليف الفارسى، تتركه يقضى على جماعة «جند الله» السنية
الإيرانية وتفتك به، حيث صرحت وكالة الأنباء الإيرانية «ارنا» عن مسئول عسكرى
إيرانى بأن 48 متمردا سنيا قتلوا وجرح آخرون على أيدى قوات الأمن الإيرانية. ومع أن
بنود «وثيقة التفاهم» التى تم توقيعها بين السلفيين اللبنانيين وحزب الله منذ أربعة
أشهر فى إطار تحفيز إيران لشكل حزب الله الجديد لم تنص صراحة على «إقامة دولة
الفقيه» أو الدعم لها، لكن فى الوقت نفسه تدعم شكلا من الاتفاق الضمنى بألا يتعرض
أى من الطرفين للإساءة للآخر عند قيام أى منهم بعمل ما، وتنص البنود على الآتى :
1- انطلاقا من حرمة دم المسلم فإننا نحرم وندين أى اعتداء من أى مجموعة مسلمة على
أى مجموعة مسلمة أخرى، وفى حال تعرض أى مجموعة إلى اعتداء فمن حقها اللجوء إلى
الوسائل المشروعة للدفاع عن نفسها.
2- الامتناع عن التحريض وتهييج العامة لأن ذلك يساهم فى إذكاء نار الفتنة ويخرج
القرار من أيدى العقلاء فيتحكم بالساحة السفهاء وأعداء الأمة الإسلامية.
3- الوقوف فى وجه المشروع الأمريكى الصهيونى الذى من أبرز أدواته إثارة الفتنة
وتجزئة المجزأ وتقسيم المقسم.
4- السعى بجد وجهد للقضاء على الفكر التكفيرى الموجود عند السنة والشيعة الذى يحرمه
كل من السلفيين وحزب الله.
5- فى حال تعرض حزب الله أو السلفيين لأى ظلم ظاهر وجلى من أطراف داخلية أو خارجية
على الطرف الآخر الوقوف معه بقوة وحزم ضمن المستطاع.
6- تشكيل لجنة من كبار المشايخ عند الطرفين للبحث فى النقاط الخلافية عند الشيعة
والسنة، مما يساهم فى حصر الخلافات ضمن هذه اللجنة، ويمنع انتقالها إلى الشارع.
7- كل جهة حرة فيما تعتقد ولا يحق لأى جهة أن تفرض أفكارها واجتهاداتها على الجهة
الأخرى.
================================================================================================
شيوخ التهلكة
بقلم : كرم جبر
روز اليوسف 2009 ,Jan 11
انتصاراتهم مصبوغة بالدماء، وأمجادهم فوق جثث الشهداء، لايهمهم أن تتحول البيوت إلى مقابر والمدن إلى أشلاء.. وبمجرد أن أعلن الرئيس مبارك المبادرة المصرية لإنقاذ الأطفال والنساء والعجائز من الموت والرعب على يد آلة الحرب الإسرائيلية، انطلقوا كالذئاب المسعورة يهاجمون المبادرة ومصر والرئيس، ورفعوا رايات الصمود حتى آخر طفل فلسطينى..
رئيس مجلس الشورى الإيرانى على لاريجانى ذهب مذعورا إلى دمشق بعد لحظات من إطلاق المبادرة المصرية، واجتمع بقادة الفصائل الفلسطينية فى مقر السفارة الإيرانية بدمشق، ووجه لهم إنذارا شديد اللهجة «إذا وافقتم على المبادرة المصرية سيكون مصيركم القتل والتشريد».. فخرجوا فى الفضائيات ينقذون رءوسهم ويعلنون أن المبادرة المصرية «ليست أساساً صالحاً للحل». ظهر أحد قادة الجبهة الشعبية فى قناة الجزيرة يتهم المبادرة بأنها خيانة وتستهدف التضييق على المقاومة الفلسطينية وتطلق يد الاحتلال، وتنقذ إسرائيل من الهزيمة الساحقة التى لحقت بها فى غزة، وتخرجها من الورطة والعار! شر البلية لايضحك لأن صور الأطفال الشهداء تمزق القلوب وتدمى العقول، فعن أى نصر يتحدث شيوخ التهلكة الذين احترفوا قتل شعوبهم والزج بهم فى مرمى النيران.. ماذا يريد حسن «هزيمة» وأيمن المختبئ فى كهوف أفغانستان.. من ينقذ الشعب الفلسطينى الصابر من تآمر دمشق وطهران، ولماذا يرقص معهم مرشد المحظورة ويدق طبول الحرب؟
الموت فقط لفلسطين وشعبها
فى نفس التوقيت كان على خامئنى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يخطب فى جموع الشباب الإيرانى المحتشدين فى أحد الميادين العامة ويحذرهم بصوت جهورى صاخب قائلا «إننى أمنعكم من الالتحاق بالمقاتلين الفلسطينيين فى غزة، وينبغى عليكم أن تنتبهوا بأننا لانستطيع أن نفعل شيئا»! اعتراف خامئنى جاء صريحاً إلى درجة الوقاحة، فإذا كنت تُنقذ شبابك، لماذا ترمى بشعب فلسطين إلى التهلكة.. لماذا ترسل لاريجانى إلى دمشق وقبله بيومين مدير المخابرات الإيرانية سعيد جليلى الذى هدد - أيضا - القيادات الفلسطينية وتوعدها بسوء المصير؟ صراحة المسئولين الإيرانيين تتعدى حد الوقاحة، فقائد حرس الثورة الإيرانية الجنرال محمد جعفرى قال بالحرف «مساعدة حماس عسكرياً أمر غير ضرورى.. يبدو أن لديهم الأسلحة الضرورية للدفاع عن مدينة غزة والقطاع».. وزادت السخرية عندما قال خامئنى فى بيان «كل الأبرار فى العالم الإسلامى ملزمون بالدفاع عن النساء والأطفال فى غزة، وكل من يلاقى ربه فى هذا الدفاع المشروع فهو شهيد». إيران التى لم تطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل فى أى حرب من الحروب، ظهرت الآن فى المشهد المأساوى لغزة، تدفع فلسطين وشعبها إلى التهلكة، والشىء الذى يفضح التواطؤ الشديد هو تصريح آخر لخامئنى يقول فيه إن أمن غزة يرتبط بأمن فلسطين.. بما يؤكد أن أطماع إيران لم تعد مقصورة على منطقة الخليج، بل تمتد إلى مصر وحدودها.
حماس وحزب الله وجهان لعملة واحدة
كما زرعت إيران حزب الله شوكة فى ظهر لبنان، أرادت أن تجعل حماس شوكة فى ظهر مصر أكثر من تهديدها لإسرائيل، والملاحظ أن أوجه التشابه بين حزب الله وحماس كثيرة ومتعددة.
أولا: يشكل الاثنان دولة داخل الدولة وازدواجية للسلطة ولكل جناح جيش عسكرى مسلح وميليشيات، ولاتستطيع الحكومة الشرعية أن تفرض سيطرتها عليها.
ثانيا: جلب حزب الله الخراب على لبنان فى حرب يوليو 2006، وجلبت حماس الخراب على غزة فى حرب يناير 2009، حروب انتحارية مجنونة لا طائل من ورائها غير تدمير المنازل والبنية الأساسية، وقتل المواطنين الأبرياء بالآلاف.
ثالثا: استخدام الخطاب الدينى فى الحرب لجذب تعاطف العرب والمسلمين والحصول على تأييد شعبى، والهجوم على الموقف العربى الرسمى ووصفه بالتخاذل والتردى والانهيار.
رابعا: هيمنة وسيطرة إيران على الحركتين، على حزب الله بشكل مباشر باعتباره حزباً شيعياً، وعلى حماس عن طريق دمشق، حيث يقيم معظم قادتها فى وضع يشبه الاعتقال.
خامسا: تصوير الهزيمة على أنها انتصار، والمباهاة بطوابير الشهداء وحجم الدمار، وكأن معيار النصر الوحيد عند الجماعتين هو سقوط أكبر عدد من القتلى فى صفوفهما.
سادسا: اختباء القيادات والزعماء تحت الأرض واستخدام المواطنين كدروع بشرية، وبينما تكون الخسائر بين المدنيين كبيرة وفادحة، تكاد الخسائر لاتذكر فى صفوف الجماعتين.
يأتون دائما بالخراب والهزيمة
من بعيد جاء صوت أيمن الظواهرى من مخبئه فى الجبال، وهللت قناة الجزيرة وكبرت للمنتصر العظيم الذى يحرض الشعب المصرى والجيش وأيضا قبائل سيناء لاقتحام الحدود بصدورهم.. نفس النداء الخايب الذى وجهه الشيخ حسن «هزيمة» من لبنان، وقابله المصريون بكل السخرية والاستهزاء.. الظواهرى الذى جاء بالخراب والدمار والقتل على أفغانستان وشعبها، يظهر من أحشاء المأساة ليوجه نداءً عبيطاً مثله. لماذا لا يتشطر الظواهرى على من حكموا على تنظيم القاعدة بالفناء، لماذا لايظهر وجهاً لوجه أمام قوات المارينز التى جعلته يختبئ مثل الفأر المذعور فى كهوف أفغانستان، أين شجاعته، وبطولته وهو يعيش كالحى الميت تحت الأرض، ولماذا يختبئ ويدعو غيره للتهلكة، مثله مثل خامئنى الذى يدفع الشعب الفلسطينى للانتحار ويحذر الشباب الإيرانى من التفكير فى الذهاب إلى غزة؟ رابعهم مرشد الجماعة المحظورة فى مصر الذى كشف عن الوجه القبيح لجماعته فى تلك الأزمة، وجلس على الحطام شامتاً شاتماً متحفزاً ببلده، منتظرا أى بيان تحريضى يصدر هنا أو هناك ليؤيده، وكأن هذا «المرشد الخفيف» يشرب سُماً من ماء النيل، ويتنفس غازات سامة فى هواء بلده، فامتلأ بالحقد والغضب والكراهية، وراح يقتنص أية فرصة ليعبر عما بداخله. تصريحــات المرشـــد التــى يؤكد فيها استعداده لإرسال 10 آلاف من شباب الجماعة للقتال فى غزة يجب ألا تمر مرور الكرام، لأنه نفس منهــج ازدواجيــة الحكـــم الذى تنتـهجه حماس وحـزب اللــه والجماعــات المخـربـة الأخرى، التى تريد أن تكــون دولــة داخــل الدولــة لهــا مقاتلــون وميليشـيــات وتنازع على السلطة والحكم مهما كان الثمن. تصريحات المرشد صورة طبق الأصل من تخاريف خامئنى وهذيان حسن «هزيمة» وخيبة أيمن الظواهرى، جمع مساوئهم كلها فى شخص واحد وفم واحد ولسان واحد، ولم يوضح حتى الآن كيف سيرسل مقاتليه إلى غزة، وهل ينوى أن يعلن الحرب على إسرائيل من طرف واحد مثلما فعلت حماس وحزب الله؟ وهل كان ينوى تحقيق النصر على جثث الشهداء عندما يعود له العشرة آلاف مقاتل فى توابيت، فيستدر العطف والشفقة بالجثث والقتلى؟
متى يتحرر قادة حماس من أسر دمشق؟
الدرس كان مؤلما وموجعا ولن ينسى التاريخ لحماس أنها ألحقت بالشعب الفلسطينى الدمار والخراب والقتل، بلا أى ثمن، بينما وقف غربان الفصائل الفلسطينية فوق جثث قتلاهم من النساء والأطفال يعلنون النصر والاستمرار فى الصمود. حماس بين فكى الرحى «سوريا وإيران» ولن يكون أمامها إلا الاستجابة لصوت العقل وقبول قرار مجلس الأمن الصادر فجر الجمعة، والموافقة على المبادرة المصرية التى هى بمثابة آلية تنفيذ القرار، والضمانة الوحيدة هى أن تفر حماس من قبضة دمشق وأن تعود إلى مصر، لتنقذ نفسها والشعب الفلسطينى. حماس لن تنسى الدرس، وسوف تخرج من الحرب التى زجتها فيها دمشق وطهران بجراح مثخنة، فلن يسمح المجتمع الدولى لحماس بالنضال بالصواريخ وليس أمامها إلا أن تعود للحظيرة الفلسطينية، وأن تصلح ما أفسدته بعد انقلابها على السلطة الشرعية عام 2007، فحماس التى ألحقت القتل بالشعب الفلسطينى يجب أن تترك الساحة وتختفى من الوجود. حماس سوف تخرج من الأزمة الراهنة بدرس كبير هو أن الرهان على دمشق وطهران خطأ كبير، لأن مواجهة آلة القتل الإسرائيلية كمخلب قط بدلاً من سوريا وإيران دفع ثمنها الشعب الفلسطينى، دون أن تمد الدولتان أيديهما بأية مساعدة، غير الخطاب السياسى التحريضى، الذى ليس له أى أفق سياسى، فلماذا تستمر حماس فى الحرب بينما هناك قرار من مجلس الأمن بالوقف الفورى للقتال، ومشروع سلام جدى تتبناه مصر؟!
سقوط القناع عن الانتهازية السياسية
بينما تتفاوض طهران مع واشنطون بشأن الملف النووى وترسل تلميحات بغزل غير عفيف بين الدولتين، قررت إيران أن تحرم حماس والفصائل الفلسطينية من التفاوض مع واشنطون وإسرائيل بشأن بحث ترتيبات وقف إطلاق النار، وإحياء السلام الميت، لأن طهران تريد أن تستخدم حماس كأحد الكروت التى تلعب بها فى ملفها النووى، وتثبت لواشنطون أن لديها القدرة على تفجير الموقف فى المنطقة. نفس الانتهازية السياسية تتسلح بها دمشق فى علاقتها مع قادة حماس، فبينما تلهث سوريا وراء مفاوضات سرية وعلنية مع تل أبيب برعاية تركية، فلماذا تُحرم الفلسطينيين من حقهم فى التفاوض حول مستقبل دولتهم المستقلة التى لم تر النور حتى الآن، بسبب الوصاية المجرمة التى تمارسها دمشق على قادة حماس؟ لماذا تعمل حماس حربا داخلية مع السلطة الفلسطينية وحربا مع إسرائيل وحربا على الجبهة العربية وحربا على الساحة الدولية، وهل يصل التواطؤ إلى درجة ذبح القضية الفلسطينية وقتل الشعب الفلسطينى لمصلحة دمشق وطهران.. وعندما وقعت المذبحة غسلت طهران يديها، ومارست دمشق سياسة البلطجة والابتزاز ضد زعماء حماس الذين هم بالفعل رهائن فى قبضتها، وينتظرون تحريرهم من سجون دمشق المفتوحة، والتى هى أكثر قسوة وتعذيباً من المعتقلات الإسرائيلية.
لهم العار ولمصر الاحترام
لعل حماس تكون قد استفادت من الدرس وأن تنقذ نفسها ورأسها فى اللحظات الأخيرة، وتدرك أنها دفعت ثمنا فادحاً دون أن تحصل على شىء، لأنها لم تكن تحارب حربها، ولاتضحى من أجل شعبها، ولكن من أجل مشروع تخريبى لصالح دمشق وطهران، ولم يقدموا لهم السلاح ولا الغذاء، واكتفوا بفتاوى دخول الجنة، وبإذن الله مصيرهم جهنم وبئس المصير. لعل أقزام العرب يدركون أن قامتهم لن تعلو بقذف مصر بالطوب والحجارة، وأن فضائياتهم سوف تأكلهم مثل النار التى تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، ولم تزداد مصر إلا وطنية واحتراماً، وحاز زعيمها على ثقة واحترام العالم، ولقن الصغار درسا بأن دور مصر يأتى عبر تاريخها وثقافتها وحضارتها وشعبها، وليس مجرد بئر بترول يلتف حولها أمراء القواعد الأمريكية. لعل شيوخ التهلكة يغربون بوجوههم الكريهة وأفكارهم الدموية عن شعوب تلك المنطقة، ويدركون أنهم قتلوا من شعوبهم أضعاف من قتلتهم إسرائيل.. فليذهبوا هم وإسرائيل إلى جهنم جزاء ما فعلوا.
ولهم جميعا أقول: لكم العار ولمصر الاحترام.