كلمة السيد نصرالل بمناسبة ذكرى المولد النبوي

السيد نصر الله يرفض شروط اميركا للحوار ولا اعتراف بإسرائيل حتى قيام الساعة 

موقع قناة المنار - محمد عبد الله / 

 13/03/2009

 

أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ان حزب الله لم يعترف ولن يعترف باسرائيل من اليوم حتى قيام يوم الساعة. مجددا التأكيد على قدرة المقاومة في هزم العدو الاسرائيلي لا بل ازالته من الوجود بالتكاتف والتوحد، مشيرا الى انه اذا كانت اميركا خلف اسرائيل فان الله معنا وهو كان معنا في حرب تموز 2006، معتبراً انه لا يمكن الاعتراف بإسرائيل، فلا يعترف بها إلا الجبنان.

 

وفي معرض الرد على الموقف الاميركي الجديد الذي يتحدث عن امكانية الحوار مع حزب الله وحماس شرط اعترافهما باسرائيل ووقف اعمال العنف، اكد السيد نصر الله أن اميركا عندما تقبل بالحوار مع اي طرف بشروط او بدون شروط فإنما تفعل ذلك ليس لدواعي اخلاقية وانما بسبب فشل مشاريعها في المنطقة، لافتا الى ان كل محاولات عزل سوريا وحصارها وتغيير سلوكها والمقاطعة لم تجدي نفعاً فكان اللجوء الى الحوار لأن سوريا صمدت. مشيرا الى ان الحزب لو اعترف بإسرائيل ورضخ للشروط، لما عاد الأميركيون ليغادروا الضاحية، متسائلا هل حزب الله حاضر للحوار مع الأميركيين؟ وهل لديه شروط او بدون شروط؟ لافتا الى ان الشروط الاميركي مردودة.

 

وفي كلمة لها خلال الاحتفال الذي اقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت لمناسبة مولد النبي محمد (ص) وأسبوع الوحدة الاسلامية، تطرق السيد نصر الله الى المصالحة العربية مبديا الترحيب والتأييد لأي تلاقٍ عربي و إسلامي، مشيراً الى ان اي لقاء عربي واي مصالحة هي مصالحة مطلوبة ويجب ان تدعم وتؤيد وتساند وأن أي تلاقي عربي هو قوة لنا جميعاً، وليس فيه ما يدعو الى القلق. منتقدا بعض تصريحات جهابذة 14 اذار في لبنان من انه بعض مصالحة الرياض على حزب الله أن يفتش على رأسه، متسائلا "أين يعيش هذا القائل بأي دنيا، ويبدو انه لا يعلم ان يضع رأسه هو". داعيا الدول العربية لأن تمد اليد الى الدول التي تساند قضايا الامة، مثل ايران وتركيا، معتبراً ان كل مضطهد يبحث عن من يدعمه.

 

وحول قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، اكد السيد نصرالله ان المحكمة الجنائية لم تثبت انها عادلة، وانها لم تدع احدا يحترم قراراتها حتى يحترم قرارها بما خص الرئيس السوداني، وقال انهم يتهمون البشير بمجازر، وهذه ادعاءاتهم ولكن يغيب عنهم المجازر العلنية التي كانت ترتكبها اسرائيل في غزة على مرأى ومسمع العالم كله على شاشات التلفزة. السيد نصر الله اعتبر أن السودان في دائرة الإستهداف منذ سنوات طويلة، في خيراته ومائه ونفطه ووحدته، واصفا ما يجري بأنه حلقة جديدة من التآمر.

 

وعن الحوار الوطني الفلسطيني الدائر حاليا في القاهرة رحب السيد نصر الله بما يجري  وضم صوت حزب الله كل الأصوات التي تدعو وتناشد الاخوة الفلسطينيين الى ان لا يألوا أي جهد للوصول الى تلاقيهم وتوحدهم والخروج من الانقسام المؤسف الذي كان بينهم. ونفى سماحته تدخل الحزب في غزة، واكد بشكل قاطع ان ليس للحزب أي تشكيل او فصيل في غزة، مشيراً الى وجود علاقة مودة وثقة مع جميع الفصائل دون ان التدخل في أي كبيرة او صغيرة، معتبرا أن أي دخول من احد على الخط هو تخريب للمصلحة الفلسطينية.

 

الأمين العام لحزب الله تطرق الى الشأن الداخلي اللبناني، حيث اكد على التهدئة مشيراً الى ان الاجواء معقولة رغم ما يشوبها احيانا من توترات، لكنه نبه من خطورة تضخيم بعض الحوادث الأمنية التي تحصل، مشيراً الى ان توجيه اتهام متسرع من اي من الأطراف، ليس له فائدة الا توتير البلد، وغالباً ما تكون هذه الاحداث فردية ولا تخضع لقرار سياسية، داعيا القوى الأمنية للعمل على ضبط هذه الأحداث والقيام بدورها.

 

وبمناسبة ولادة الرسول الاكرمحمد (ص) اعتبر السيد نصر الله أن اعداء الامة لا يريدون التقارب لا بين المسلمين ولا بين المسلمين والمسيحيين، واعداء هذه الأمة يريدون السيطرة عليها ولا يريدون لنا يداً واحدة. وتمنى سماحته ان تنتهي الحساسيات بين الشيعة والسنة والكف على القول بأن الشيعة يريدون تشييع أهل السنة. ونفى السيد نصرالله وبشكل جازم ان يكن لحزب الله و أي حركة شيعية أو ايران مشروع تشييع أهل السنة، مؤكداً ان كل هذه كلها امور متوهمة ولا اساس لها من الصحة ومبالغ فيها بالحد الادنى وغير دقيقة، ويؤسس عليها معركة ليس لها أول ولا آخر.

 

 

وهنا النص الكامل لكلمة السيد حسن نصر الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وآله طيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع أنبياء الله المرسلين.

 

 إخواني وأخواتي السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته، أبارك لكم في البداية الذكرى العطرة لولادة رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الرسول خاتم النبيين وسيد المرسلين وأحب الخلق كلهم إلى الله سبحانه وتعالى. نحتفل في مثل هذه الأيام بذكرى الولادة المباركة والعزيزة علينا جميعا لنتعلم في محضر رسول الله المعلم، ولنستهدي في محضر رسول الله الهادي البشري النذير، لنتعلم ونستهدي إلى الإيمان إلى التوحيد، إلى حسن الخلق إلى مكارم الأخلاق إلى الدفاع عن كرامة الإنسان وحريته، إلى كل ما هو خير للإنسان في دنياه وكل ما هو خير وصلاح وفلاح للإنسان في آخرته.

 

 

 أيها الإخوة والأخوات كالعادة أنا أود أن أتكلم في بعض جوانب المناسبة وفي بعض الأوضاع العامة المستجدة من خلال هذه الإطلالة. كما هو معروف ومشهور بين المسلمين ولعله متسالم عليه ومتفق عليه، أن محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد في عام الفيل. وغالبا عندما تقرأ السيرة النبوية أو يتحدث عن السيرة النبوية يتم العبور عن زمان الولادة إلى أحداث السيرة، ولكنني في جانب من جوانب المناسبة، أود أن أتوقف قليلا في زمن الولادة،  عام الفيل هو عام معروف بين العرب قبل الإسلام وبعد الإسلام وإلى اليوم وتحدثت عنه كتب التاريخ والحديث والسّير والترجمات وكل الكتب التي تناولت أحداث التاريخ بشكل شامل وهذه الحادثة أيضا التي حصلت في ذلك العام وبسببها سمي بعام الفيل هي أيضا حادثة متسالم عليها في التاريخ لا يتجاهلها أحد ولا ينكرها أحد لا في أصل الحادثة ولا في أغلب تفاصيل هذه الحادثة.

 

عام الفيل أو العام الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أردنا أخذه على الأزمنة الإسلامية يعني قبل بعثة النبي بأربعين عام القصة معروفة ولكن أذكرها باختصار شديد للوقوف عند الدلالات وأنا لا أريد أن أتحدث عن التاريخ لمجرد الحديث عن التاريخ وإنما لما له من معاني وإرشادات في مرحلتنا هذه أيضا. في ذلك العام صمم الملك ابرها الحبشي وكان يملك ملكا عظيما ويسيطر حتى على أجزاء من شبه الجزيرة العربية، اليمن كانت تابعة لملكه أيضا، صمم أن يهاجم مكة وأن يدخلها وأن يهدم الكعبة لأنه وجد أن الكعبة هي محط قلوب وأفئدة الناس وأراد أن يقيم بديلا للكعبة في مكان آخر تتوجه إليه الأفئدة والقلوب والقوافل يعني كان لديه حسابات عقائدية وحسابات طقوسية وحسابات سياسية، حسابات اقتصادية وتجارية لأن مكة والكعبة في مكة كان ينظر إليها من زوايا عديدة وكل محاولات توجيه قلوب الناس وأفئدة الناس وقوافل الناس إلى ذلك المكان الآخر فشلت، وسبب هذا الأمر أن لبيت الله الحرام في مكة المكرمة وللكعبة المشرفة مكانة وقداسة خاصة عند العرب وعند الأنبياء السابقين صلوات الله وسلامه عليهم وهي دعوة نبينا إبراهيم.

 

عندما تهوي القلوب والأفئدة إلى هناك إلى تلك الأمكنة ففي النهاية لجأ كما يفعل طواغيط العالم عادة، شكل جيش ضخم وبكل ما أوتي من قوة وأسلحة متوفرة في ذلك الزمن، واستعان بعدد من الفيلة وأعلن التوجه إلى مكة. أثناء الطريق كل القبائل العربية والعشائر العربية، غدا يقولون يتحدث عن العرب ونحن عرب وهؤلاء آباءنا وأجدادنا القبائل العربية والعشائر العربية، كانت تنهزم أمام هذا الجيش الحبشي وتهرب  ملئت قلوبهم بالرعب والخوف والهلع وبالتالي كان يتقدم بشكل سهل ويسير  إلى أن وصل إلى أبواب الكعبة، عند أبواب مكة كان متوقع أن قريش سيدة مكة وحامية مكة وساكنة مكة والمستفيد الأول من مكة دينيا وسياسيا وتجاريا ومعنويا وماديا قريش بقبائلها المتنوعة وعشائرها المتنوعة، أن تدافع عن بيت الله الحرام وعن كعبته المشرفة، ولكن كما هو معروف في التاريخ فإن قريش أخذت خيار الانسحاب من مكة وإخلاء مكة  والذهاب إلى الشعاب وأصبحت مكة خالية. هم أخلوا مكة وتركوها مفتوحة الأبواب أمام جيش أبرها وعندما حسم أبرها أمر اقتحام مكة ودخل إليها وأراد أن يتحرك بالجيش ولا مدافع عن مكة، المعادلة كانت للبيت رب يحميه عندما تخلى الناس جميعاً عن هذا البيت حماه ربه، فكما هو مجمع عليه في التاريخ أيضا وورد في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى أرسل طيرا أبابيل تحمل في مناقيدها حجارا من سجيل حجار صغيرة بدأت ترمي بها الجنود والخيول والفيلة وتدب الرعب في هذا الجيش وبدأت الهزيمة (لعل كان هذا أول قصف جوي مركز ودقيق في تاريخ البشرية) هزم جيش أبرها مذلولا مدحورا ذليلا وعادت قريش إلى مكة وحما البيت ربه.

 

هذه الحادثة في هذا العام الذي حصلت فيه الحادثة وسأعود إليها بعد قليل، ولد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته وأصحابه أجمعين، ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعني في العام الذي حصلت فيه هذه الحادثة الإلهية العظيمة ولد رسول الله الأعظم، وكتأكيد على أن هذه الحادثة بمجرياتها كانت موضع إجماع أنه عندما نزل القرآن الكريم تحدث عن حادثة الفيل في سورة الفيل لم ينكر أحد لا من قريش ولا من العرب ولا من الحبشة ولا من كل العالم الحادثة وتفاصيل الحادثة مع العلم أنهم كانوا يتابعون رسول الله في كل تفصيل في كل كلمة ليبحثوا عن خلل عن هفوة عن كذبة والعياذ بالله عن مخالفة للواقع أو للحقيقة ولكن في مواجهة سورة الفيل التي نقلت هذه الحادثة بهذا التفصيل الكل كان مذعنا في هذا العام إذا حصل حدثان إلهيان عظيمان غيرا وجه التاريخ، الأول مرتبط بالثاني وليس منفك عنه ولا التزامن حصل بالصدفة، الأول هو حماية الله عز وجل لبيته بالمعجزة الواضحة الهائلة، والحدث الثاني الذي يتصل به الحدث الأول وكان له الحدث الأول ولادة نبي الله الذي سيبعث للناس كافة للأبيض والأسود والأصفر والأحمر وليس لقريش أو للعرب لوحدهم للناس كافة وسيبعث رحمة للعالمين وستختم بنبوته النبوات وبرسالته الرسالات، ليقدم للبشرية رسالة خالدة إلهية خاتمة باقية إلى يوم القيامة.

 

نعود إلى الحدث الأول نرى فيه دلالتين وهنا ندخل إلى العبرة، الدلالة الأولى عجز العرب بكل كياناتهم في ذلك الزمن كياناتهم سواء كانوا أمراء أو شيوخ عشائر أو زعماء قبائل أو قبائل وعشائر أو تحالفات قبائلية وعشائرية بل نهاية عجز العرب عن القيام بأي شيء وعن الاقدام على أي فعل ليس للدفاع عن أرض أو ماء أو نفط أو كرامة شخصية أو عرض بل عن أقدس مقدساتهم وهو بيت الله الحرام والكعبة الثانية المشرفة، عجز كامل هذا أولا بحيث لم نر أي بطولات طوال رحلة الجيش الذي كان أعلن هدفه منذ انطلاقة حركته وهو هدم الكعبة بكل ما كانت  تعنيه الكعبة لسكان شبه الجزيرة العربية لم يحرك أحد ساكنا هذه مسألة مهمة جدا حتى قريش التي كانت تدعي ما تدعي هربت إلى شعاب مكة. والدلالة الثانية هي التدخل الإلهي لمن يستنكر عندما نتحدث عن تدخل إلهي أو عون إلهي أو نصر إلهي، فالتدخل الإلهي الواضح والجلي والذي لا يحتاج إلى أي تفسير وليس له أي تفسير آخر يعني ما حصل في حادثة الفيل وهذا التدخل الإلهي لحماية بيته وكعبته. وحتى في تفصيل الحادث نجد أن الله سبحانه وتعالى إذلالا لهؤلاء العتاة الجبارين المعتدين، إذلالاً لهم لم يرسل عليهم أعظم مخلوقاته وأقوى مخلوقاته وأشد مخلوقاته بل أرسل عليهم طيور ترميهم بحجارة من سجيل لتلحق بهم الهزيمة وهم لا يستأهلون أكثر من ذلك، ولا تستأهل الحكاية أكثر من ذلك. هذه الدلالة الثانية يجب أن تبقى حاضرة دائما في أذهاننا وهي أن الله سبحانه وتعالى يتدخل عندما يشاء أن يتدخل، يحمي عندما يشاء أن يحمي. نعم في بعض الأحداث التاريخية المشيئة الإلهية كانت تقتضي أن يستشهد هذا النبي، أن يستشهد هذا الإمام، أن تحصل هذه الحادثة أو تلك الحادثة بهذا الشكل أو بذاك الشكل، ولكن في المشيئة الإلهية هناك خطوط حمراء وعندما يقرر الله تعالى أن يتدخل فهو يتدخل وعلى طريقته وبأسلوبه،  وهذا ما حصل في عام الفيل.

 

إذاً في العام الذي يعبّر عن نهاية العجز والضعف والوهن والتشرذم العربي، وفي عام المعجزة الإلهية الواضحة، ولد محمد (ص).  ومعجزة الفيل ليست منفكة عن زمن الولادة، وعن الدور المعد والوظيفة التاريخية الإلهية المعدة للمولود في ذلك العام. ومنذ البداية كان محمد (ص) مشمولاً بعناية الله ورحمة الله وتربية الله وحفظ الله، وكان مصداقاً "ولتصنع على عيني"، ونهض بالأمر وصبر وصابر ودعا وهدى وأرشد وجاهد ودافع وتحمل، وكانت المعجزات الكبرى التي وفق الله سبحانه وتعالى على يدي رسوله الأعظم(ص). فإذا بالرجل الذي ولد يتيماً فقيراً في قوم ممزقين أميين جهلة ضعفاء في تلك الصحراء القاحلة والجبال القاسية يتحول خلال 23 عاماً وفي تلك الأرض وأولئك الناس، يتحول وينتهي إلى أمة عظيمة. ويتحول وينتهي إلى حضارة عظيمة، وهذا جانب من عظمة هذه المناسبة، ومن عظمة رسول الله (ص)، لأن من جملة الطرق التي تعرف بها عظمة إنسان هي آثاره انجازاته أفعاله ما تركه للبشرية وللتاريخ، وجانب آخر من هذه المعجزات العظيمة هو هذا القرآن الكريم المجيد، الذي أنزله الله على قلب محمد (ص). في ذلك المجتمع في تلك البيئة مع كل ما تقدم من ذكر مستواها العلمي أو المعرفي أو الحضاري أو السياسي أو الاجتماعي. هذا القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى بواسطة أعظم ملائكته على أعظم قلب لأعظم رجل، "نزل به الروح الأمين على قلبه"، وهذا القرآن الذي ما زل موجوداً بين أيدينا إلى اليوم، أي بعد أكثر من 1430 عاماً من بدء نزوله على قلب محمد (ص)، هو معجزة إلهية، وهو تكرار يومي وسنوي وفي كل جيل لحادثة الفيل، ولكن بشكل آخر.

 

في حادثة الفيل دافع الله تعالى عن بيته، وفي معجز القرآن يدافع الله تعالى ويحمي الله تعالى كتابه في كل يوم وعام وجيل وإلى قيام الساعة، "إنّ نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، هذا القرآن الذي بين أيدينا هو عينه القرآن الذي نزل على قلب رسول الله، هو نفسه وذاته القرآن الذي كان في زمن رسول الله (ص) وفي زمن الخلفاء بعد رسول الله (ص) دون زيادة حرف أو كلمة ودون نقيصة حرف أو كلمة، وهذا ما يدين به المسلمون جميعاً لله سبحانه وتعالى على مستوى الإيمان والعقيدة. إن بقاء هذا القرآن بعيداً عن النقيصة والزيادة، بعيداً عن التحريف والتزوير، بعيداً عن الإخفاء والاختفاء، هو معجزة إلهية ماثلة أمام أعيننا. لأنه طوال التاريخ بعد البعثة النبوية، كانت الدواعي والدوافع البشرية لأسباب كثيرة تجتمع على إخفاء هذا القرآن أو بعض هذه القرآن أو تغيير هذا القرآن أو تحوير هذا القرآن أو المجيء بمثل هذا القرآن أو بعشر سور من مثله أو بسورة واحدة من مثله، ولكنهم جميعاً كل من كان لديه الدافع والداعي وحاول أن يفعل، عجز، لأن التحدي هنا كان مع الله سبحانه وتعالى الذي وعد في قرآنه بأن يحفظ هذا القرآن، وحفظه، ويحفظه إلى يوم القيامة، ولذلك نجد اليوم، نحن كمسلمين على سبيل المثال على اختلاف مذاهبنا واتجاهاتنا في ما يتعلق بالأحاديث الشريفة نحن متفقين أنه في زمن النبي (ص) وبعد زمن النبي (ص) طوال التاريخ جاء أشخاص كذابين وضعوا أحاديث ونسبوها إلى رسول الله (ص)، ولذلك نجد عند السنة، عند الشيعة، عند بقية المذاهب الإسلامية يوجد شيء اسمه "علم الرجال" وعلم الحديث"، يعني أي حديث يقال هذا حديث عن النبي(ص) يجب أن نرى رجال الحديث، هل هم صادقون؟ هل هم تقاة ؟ هل هم كذابون؟ ليس أي حديث ينقل ويصل إلينا يقبل وإنما يجب أن يدقق في أسانيد الأحاديث المروية لنعرف أن الرجال الذين نقلوا إلينا هذه الأحاديث هم ثقاة هم صادقون أو ليسوا كذلك، بينما نحن المسلمين جميعاً عندما نتعاطى مع القرآن من دفته إلى دفته نتعاطى أن هذا القرآن هو قطعي الصدور ، صادر عن الله ، موحى به إلى رسول الله (ص)، وهذا هو كتاب الله بلا زيادة وبلا نقيصة. 

 

اليوم، نحن بين أيدينا هذه الذخيرة الإلهية النبوية الخالدة، هذا القرآن المصدق ما بين يديه من كل كتب الله وكتب الأنبياء السابقين(ص) هو ذخيرة إلهية، ونحن كمسلمين بيننا  لا أقول أعظم قاسم مشترك مهما كانت اختلافاتنا الفكرية والفقهية، فيما بيننا قاصم مشترك عظيم جداً هو كتاب الله وقرآنه المجيد.

في كل مرحلة وكل جيل يحاول البعض أن يوجه إلى البعض الآخر اتهامات  من هنا أو هناك لأن هؤلاء يؤمنون بتحريف قرآن، أو أولئك يؤمنون بتحريف قرآن أو بإخفاء شيء من القرآن هذا ليس له أي أساس من الصحة، هذا هو القرآن الذي تمتلئ به بيوت المسلمين جميعاً من السنة والشيعة وبقية المذاهب. هذا هو القرآن الذي نتلوه ليل نهار في مناسباتنا وأفراحنا وأحزاننا واحتفالاتنا وحروبنا وسلمنا، ونربي عليه أطفالنا وأجيالنا جميعاً، وهذا القاسم المشترك العظيم جدير بأن ننطلق منه لنبني أسس الوحدة الإسلامية كما دائماً كان يطرحها علماء المسلمين قبل الثورة الإسلامية في إيران وبعد الثورة الإسلامية في إيران، ولكن يسجل للإمام الخميني (قده) الشريف من موقعه كقائد وإمام ومرجع ومفكر وزعيم كبير تبني هذا الطرح وإعطائه قوة دفع كبيرة في العالمين العربي والإسلامي، وهذا نحن ما نحتاج إليه. ودائماً الإمام الخميني  وقبل الإمام وبعد الإمام لم يطرح أحد من قادة المسلمين وعلمائهم فكرة الوحدة الإسلامية على طريقة الوحدة الاندماجية أو الوحدة التنظيمية، لأن هذه وحدة إلغائية للخصوصيات، خصوصيات الطوائف، خصوصيات المذاهب، خصوصيات المدارس. هذا التنوع الفكري والفقهي في الإسلام هو من أهم عناصر القوة في الإسلام التي تعطيه هذا الامتداد في الزمان والمكان والأجيال والتاريخ، وبالتالي ليس هناك أحد بصدد إلغاء هذا التنوع الذي هو قوة، الذي هو من عوامل الخلود، الذي هو عامل من عوامل القدرة على مجاراة كل الأحداث وكل الوقائع على طول الأزمنة. وإنما الحديث هنا عن الوحدة، هو حديث عن التآلف والتقارب والتعاون والمصالح المشتركة كأمة، وبذل الجهود المشتركة لتحقيق كل هذه الأهداف وكل هذه المصالح. والإسلام ورسول الله الأعظم (ص)  كان داعية حوار وداعية تآلف وداعية تعارف، ليس فقط بين المسلمين، بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، وهو شخصياً كان قائداً ومتقدماً في حوارات واسعة كانت تجري مع علماء الديانة اليهودية وعلماء الديانة المسيحية ومع أتابع وعلماء أي ديانة أخرى واتجاه عقائدي أو ديني آخر.

 

اليوم، وفي مواجهة كل التحديات والأخطار القائمة والمعاصرة، نعم، نحن بحاجة إلى هذا المعنى. ونحن نعرف أن أعداءنا لا يريدون لنا أن نتقارب، أعداء هذه الأمة، لا يريدون لنا أن نتقارب لا كمسلمين في ما بيننا على مستوى الأمة الإسلامية، ولا كلبنانيين، عل سبيل المثال، كمسلمين ومسيحيين. وكذلك عندما نذهب إلى أي بلد عربي أو إسلامي فيما يعني التقارب والوحدة الوطنية بين فئات الشعب المختلفة في انتماءاتها الدينية أو العرقية أو القومية، وهذا أمر لا يحتاج إلى استدلال.  هل نحن بعد كل مجريات القرون الماضية والعقود الماضية، أنا وأنتم بحاجة أن نقف ونستدل ونقول إن أعداء هذه الأمة الذين يريدون السيطرة على مقدساتها وخيراتها ونفطها ومياهها وأسواقها وقرارها السياسي وهم لا يريدون لنا أن نكون يداً واحدة ، هذه من أبده البديهيات وأوضح الواضحات، لكن في المقابل ماذا نفعل نحن لمواجهتها , دائما هناك رهان على تمزق وعلى تشتت , وهناك في الامة من يعمل للتقارب والتالف والتعاون....وهذا الامر ..ما زال قائما في بعده الايجابي وفي بعده السلبي , انا اتمنى في ذكرى رسول الله الاعظم (ص) ان ننتهي من بعض الادعاءات التي تثير الحساسيات القوية بين الشيعة والسنة , واليوم نحن نلاحظ من فترة من الزمن , يعني اليوم اللعب على القضايا الكبيرة في الامة غير متيسر لاحد لان علماء المسلمين لان الاتجاهات المختلفة من مذاهب المسلمين في القضايا الرئيسية هي تقف وتتحد وتواجه , وهناك حكماء في كل المناطق وفي كل البلدان يعملون على مستوى الاقطار وعلى المستوى الامة في هذا الاتجاه الايجابي , واخر نغمة ومن كم سنة ينشغل عليها حكاية ان الشيعة مشروعهم تشييع السنة , طيب هناك من يفبرك هذه القصص والحكايات ويقدم تقارير كاذبة على هذا الصعيد مع العلم ان كبار القوم وخصوصا العلماء الكبار عندما يؤتى اليهم باخبار من هذا النوع يجب ان لا يقبلوها كما هي ويجب ان يدققوا فيها , لطالما قيل في السنوات الماضية ان في لبنان هناك مشروع شيعي لتشييع السنة , طيب هذا نحن وهذا لبنان وكله 10452 كلم وكلنا نعرف ما يصير بكل الضيع والقرى في الاحياء والبلدات, اين هو هذا المشروع ؟ دلونا عليه يا اخوة , وفي مناسبة سابقة وجهت قناة الجزيرة لسماحة مفتي طرابلس والشمال سؤالا في هذا الامر وكان واضحا وجريئا وقال هذا ليس له وجود عندنا في لبنان , ( كثر خيرو سماحة الشيخ مالك ) , قيل الكثير عن مصر فقد وجه ايضا نفس السؤال لسماحة مفتي مصر وقال لا يوجد شيء مثل هذا القبيل في مصر , طيب اين هي هذه السالفة؟ كتبوا على بعض المواقع ان هناك مئات الالاف من السنة تشيعوا في سوريا وارادوا ان يستغلوا هذا الامر في مواجهة القيادة السورية , اين هم هؤلاء ؟ فرجونا عليهم , لوائحهم ,اسمائهم, هذا امر يعمل على اشاعته في الكثير من المناطق وللاسف يتباناه بعض العلماء وبعض العقلاء ويبنون عليه ويؤسسون عليه قضية ومعركة ومواجهة ليس لها أي اساس من الصحة , نعم اليوم في العالم العربي والاسلامي وليس هنا في كل العالم في انترنت وتلفزيونات وكتب الناس فيها معروضة في المكتبات وفي المعارض وفي الانترنت وكل يعرض ما عنده وافكاره وقناعاته واستدلالاته ووو... وتحصل احداث كبيرة في العالم قد يتاثر بعض شباب الشيعة فيصبحون سنة , ويتاثر بعض شباب السنة فيصبحون شيعة, ولكن لم نجد باي بلد من البلدان وانا اريد ان اقول كلاما جازما قاطعا ومنه انتقل إلى الاوضاع العامة , اقول لكم لا حزب الله ولا أي حركة اسلامية شيعية , واستطيع ان اقول بشكل جازم ولا نظام الجمهورية الاسلامية في ايران وعلى راسه سماحة الامام السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) , ولا أي من المرجعيات الشيعية الكبرى في العالم الاسلامي اليوم لديهم مشروع من هذا النوع او في صدد القيام بعمل من هذا النوع , هذه كلها امور متوهمة ولا اساس لها من الصحة , ومبالغ فيها في الحد الادنى وغير دقيقة ويؤسس عليها معركة لها اول وليس لها اخر , وترتفع فيها الاصوات التي يصمت بعضها عندما يقتل مثلا خلال 22 يوما في قطاع غزة ما يزيد على 1300 فلسطيني من اهل السنة والجماعة لا نجد عند بعض هذه اصوات غيرة على اهل السنة والجماعة , ولكن عندما يقال لهم او تقدم لهم معلومات مثلا في شاب في اقاصي الارض سني تشيع , طيب ان اقدم لكم ايضا في اقاصي الارض شباب شيعة تسننوا واخذوا اتجاهات متشددة ايضا وموجود بعضهم واذا تريدون اسماء ايضا في لبنان , فيبنى على هذا معركة ومشروع ومواجهة , هذا الامر يجب ان نكف عنه جميعا وان نتعاطى معه بالواقعية المطلوبة.

 

وعلى هذا الاساس ادخل في الوضع السياسي لاقول نعم نحن مع كل تلاقي عربي ومع كل تلاقي اسلامي , أي مصالحة عربية بين دولتين او ثلاث دول او اربع دول او خمس دول أي مصالحة عربية هي مصالحة مطلوبة ويجب ان تدعم وتؤيد وتساند , وانا اقول لكم ليس في هذه المصالحات ما يدعو إلى القلق الذي يدعو اليه البعض , يعني انا قرات مثلا لبعض "جهابزة " فريق 14 اذار يقول انه بعد المصالحة الرباعية في الرياض يجب على حزب الله ان يفتش عن راسه , ما هذا الكلام , وهذا باي عالم عايش واي دنيا, طبعا يبدو هو عما يفتش على راسه اين موضوع فيفترض على الاخرين ان يفعلوا ذلك , أي تلاقي عربي هو قوة لنا جميعا , أي مصالحة عربية هي قوة لنا جميعا , ونحن ندعمها ونؤيدها ونساندها ولا نرى فيها مايدعو إلى القلق على الاطلاق , وكذلك نحن ندعو العرب ونحن على ابواب القمة المقبلة في الدوحة ان يمدوا ايديهم لبقية الدول والاقطار التي تساند الحقوق العربية , كايران وتركيا , العجيب فينا ان بعض العرب ان أي شعب له حقوق او يضطهد هو يبحث في كل العالم عمن يدعمه ولكن نحن عندما ياتي من يدعمنا نختلق معه مشروع عداوة ومشروع خصام ومشروع ابتعاد , اليس قوى العرب ان تاتي فنزويلا مثلا لتدعم الحق العربي , يعني يجوز ان نخاصم فنزويلا من اجل بوش (الان ذهب بوش..) , اذا جاءت أي دولة في العالم ايا يكن فكرها الديني فكرها الثقافي فكرها السياسي انتماؤها حضارتها ايا كانت وقالت انا بدعم الحق العربي اريد ان ادعم الشعب الفلسطيني واريد ان انصر القضايا العربية كيف نرد ايدي هؤلاء إلى افواههم في الوقت الذي واجبنا ان نبحث نحن في العالم عمن ينصر الحقوق العربية والقضايا العربية اليوم ايران في هذا الموقع تركيا الجديدة هي في هذا الموقع , هناك دول في العالم هي في هذا الموقع وانا اقول لكم بان هذا الدول سوف تزداد لم تتناقص انشاء الله , ولكن نحن علينا كشعوب عربية وحكومات عربية ان نمد يد التعاون والصداقة والمساندة إلى هؤلاء , لا ان نبادلهم الدعم بالخصومة وبالاتهام.

 

وفي هذا السياق ايضا ما يجري اليوم في القاهرة من حوارات بين الاخوةى الفلسطيننيين من مختلف الفصائل هي تحظى بدعم الجميع , نعم هناك تعقيدات فلسطينية على الاخوة الفلسطينيين انفسهم ان يعالجوها بالحكمة اللازمة بالشجاعة اللازمة وبالمرونة اللازمة ولكن ان ياتي البعض ان يوجه اتهامات من خلف البحار لهذه الدولة او تلك الدولة او لهذا الحليف او تلك الحليف ويتهمهم بالتعطيل هذا ظلم كبير , نحن نعرف من واقع حالنا في حزب الله على سبيل المثال وانا اقول لكم وهذا الامر ممتد ايضا بكل المعارضة الوطنية اللبنانية وهذا الامر ينسحب على الفصائل الفلسطينية التي نتهم نحن او تتهم هي في التحالف فيما بيننا وبينها او مع ايران او مع سوريا , لا احد يتدخل معهم لا احد يفرض عليهم خيارات لا احد يقول ماذا عليكم ان تفعلوا , هم الذين يقرون وهم الذين يفعلون وهم الذين يوافقون وهم الذين يرفضون , وهذه شهادة لله عز وجل في هذه المناسبة العظيمة , وانا اقول وهذا هو الواقع , ولذلك نحن في حزب الله نضم صوتنا إلى كل الاصوات التي تدعو وتناشد ان يتمكنوا وان يبذلوا كل جههد وان يالوا باي جهد للوصول إلى وحدتهم وتعاونهم وتقاربهم وتلاقيهم والخروج من الانقسام المؤسف الذي كان سائدا بينهم , في هذا السياق ايضا نقطة تفصيلية اود ان الفت النظر اليها نحن لسنا فقط في الاطار السياسي والخط العريض ندعو من هذا الاتجاه بل احب ان اؤكد لكم بانه رايت بعض وسائل الاعلام العربية للاسف الشديد وحتى بعض وسائل الاعلام اللبنانية تحاول ان تتحدث او تتهم حزب الله لبنان بالتدخل ببعض التفاصيل التي تجري في غزة واطلاق بعض الصواريخ التي تطلق في غزة وما شاكل , انا اقول لكم وللعالم بشكل قاطع ليس لدى حزب الله أي تشكيلات في غزة وليس له أي فصيل في غزة , نحن لنا علاقة مع جميع الفصائل علاقة محبة وتعاون واحترام وثقة متبادلة ونثق بهم جميعا ولا نتدخل في شؤونهم , هم الذين يقررون وهم الذين يفعلون وكما لا نحب ان يملي علينا احد في جبهتنا مثلا ما نفعل بالتاكيد نحن لا نتدخل ولا نملي لا في تفصيل ولا في اجراء ولا في كبيرة ولا صغيرة نحن نعتبر انفسنا في موقع الاخ الذي من واجبه ان يساعد فيما يطلب اخوه منه ان يساعده فيما يستطيعه , وليس اكثر من ذلك , المصلحة هي ما تقرره قيادة المقاومة الفلسطينة , هي التي تقرر التهدئة هي التي تقرر اطلاق الصواريخ هي التي تقرر العمليات واي دخول من أي احد على الخط هو تخريب للمصلحة الفلسطينية ونحن لسنا فقط ملتزمين بهذا الامر بل نرى فيه خيانة ونرى فيه تخلفا عن الامانة ونرى فيه حراما شرعيا جهاديا.

 

ايضا في نفس السياق العربي يجب ان نتوقف امام قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية القاضي باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير , طبعا نحن في حزب الله ادنا هذا القرار وفي هذه المناسبة اجدد ادانة هذا القرار , واقول لكم ايضا بصراحة هذه المحكمة الجنائية الدولية لم تثبت في يوم من الايام انها محكمة عادلة وانها محكمة تعمل خارج المعايير السياسية حتى يحترم أي احد منا قرارها , في موضوع الرئيس البشير هم يقولون انهم هم ذهبوا وحققوا وفتشوا في دارفور وان هناك نساء واطفال ما شاكل قتل من قبل الجيش السوداني او الميليشيات السودانية بامر من الرئيس البشير هذه ادعاءاتهم , ولكن هذه المحكمة الجنائية الدولية التي لا تحتاج إلى تحقيق لان هناك مجموعة واضحة من الجرائم ارتكبت وما زالت ترتكب كل يوم على شاشات التلفزة , في حرب تموز 33 يوما شاشات تلفزة تنقل الجرائم الاسرائيلية وقتل النساء والاطفال والعجز وهدم وتدمير قرى بكاملها وليس احياء بكاملها , وبامر وتبني واضح من اولمرت وليفني وحالوتس واخرين ولكن لم تحرك ساكنا ولا تحتاج إلى تحقيق وفي مسؤولية مباشرة ليس غير مباشرة , وما جرى في غزة امام مشهد ومراى العالم كله اكثر ما يقارب 1300 شهيد اكثريتهم الساحقة اواكثر من نصفهم من النساء والاطفال وبتبني إسرائيلي، ولم نرَ لا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ولا قاضي واحد من قضاة المحكمة الجنائية الدولية " كان يسترجي يفتح تمو بكلمة"، مجزرة قانا الأولى هل تحتاج إلى تحقيق ، مجزرة قانا الثانية هل تحتاج إلى تحقيق؟ وكذلك عندما نتحدث عن الرئيس بوش والقادة العسكريين الأمريكيين، كل يوم بعد يوم، 30 قتيل و 40 قتيل و50 ضحية و 100ضحية مدينيين في أفغانستان وباكستان وأحيانا في العراق وبعدها "بيطلع ما تؤاخذونا يا جماعة قتلو بالغلط" ، والمعلومات كانت خاطئة، فشل مخابراتي!؟ 

 

الفشل المخابراتي يسمح خلال خمس سنوات بقتل مئات الآلاف من المدنيين العراقيين والأفغان والباكستانيين، ولا تتحرك هذه المحكمة الجنائية الدولية، لذلك النقاش ليس نقاشا تفصيليا ولا يخص الرئيس البشير فقط وإنما نقاش بالمبدأ، هل هذه جهة أساسا هي جهة صالحة، هل هي جهة قضائية مستقلة حقيقية؟ أم هي واحدة من المؤسسات الدولية ذات الطابع الدولي التي يتم استخدامها لتصفية حسابات سياسية ولخدمة مشاريع سياسية كبرى في العالم، السودان في دائرة الإستهداف منذ سنوات طويلة، السودان مستهدف في وحدته السودان مستهدف في خيراته بالماء وبالنفط، السودان مستهدف على أكثر من صعيد وصمد السودان خلال كل هذه السنين الماضية، والآن جاءت حلقة جديدة من التآمر.هذا الأمر يجب أن يكون واضحا، المسألة ليست مسألة أن نندد هنا بقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بل أن نقف ونقول هذه فضيحة كبرى للمحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام، فضحية كبرى لأؤلئك الذين يغضون النظر عن المجازر التي يذهب ضحيتها مئات الآلاف في أكثر من بلد عربي ومسلم ويلاحقون رئيسا بتهم لم تثبت وبتحقيقات لم يعلم ما مدى صحتها وما شاكل، هذه هي الفضيحة...هذا الأمر قد يتكرر، ومن حق كل مستهدف من الإدارات الأمريكية ومن المشروع الصهيوني أنّ ينظر بالحذر والريبة وبالشك إلى هذا النوع من المؤسسات الدولية التي لا تتصرف على أساس قضائي بحت أو قانوني بحت وإنما على أساس سياسي بحت، تبحث له عن فتوى قانونية أو عن فتوى قضائية أو عن حجة هنا وهناك.

 

نحن دخلنا فعلا مرحلة الإنتخابات وأود أن أؤكد على التهدئة في الداخل، الأجواء أجواء معقولة بالرغم مما يشوبها أحيانا من توترات وتشجنات، أود في هذا السياق أن أنبه من خطورة تضخيم بعض الأحداث الأمنية التي تحصل هنا وهناك من قبل بعض وسائل الإعلام، هذه الأحداث كانت تحصل قبل الإنتخابات وقبل الـ 2005 وحتى عندما كان هناك استقرار سياسي في لبنان كان هذا النوع من الأحدثا الأمنية يحصل، تضخيم هذه الأحداث وتحمليها ما لا تحتمل وتوجيه اتهامات افتراضية متعجلة ومتسرعة فيها من أي من الأطراف، أنا لا أريد أن أتهم طرفا معينا، ليس له فائدة سوى توتير وتشنيج البلد، في الوقت الذي تكون فيه غالبا هذه الأحداث أحداث فردية ولا تخضع لأي قرار سياسي، أو أحيانا يتبين أنّ المعطيات التي بني عليها حملة إعلامية شعواء هي معطيات خاطئة بل معطيات معكوسة.

 

الأجهزة الأمنية معنية بالتحقيق والقضاء اللبناني معني بالتحقيق، وهناك شيء ملفت، في الجنوب مثلا كل مدة هناك سيارة لـ "فلان" أو لجهة معينة تنفجر أو تحترق، يطلعون فورا ويتهمون جهة سياسية محددة، "طيب شو عرفكم، مين قلكم شو دليلكم"، من الذي لا يقول أنه أنتم تحرقون السيارات حتى تحدثون حدثا إعلاميا أو حضورا إعلاميا، أنا لا أدري، لا أقدر على اتهامك ولماذا أنت تتسرع وتتهم شمالا ويمينا ...

هناك أحداث أحيانا تحصل يجب أن تنكشف لكن في نهاية المطاف هي أحداث محدودة وفردية ومتفرقة ولا يجوز أن يعمل على تضخيمها من أجل توتير البلد، البعض يدّعي ويقول أنّ هذا الحادث هنا أو هناك هدفه تهشيل المغتربين لكي لا يأتوا للإنتخاب في لبنان، عندما تأخذون خبرا صغيرا محدودا و " بطنطن فيه" وتبني عليه نظريات سياسية واتهامات طويلة عريضة، تكون أنت الذي تهشل المغتربين كي لا يأتون للإنتخاب. لذلك في هذه النقطة لنعطي الأمور أحجامها الطبيعية، نتبانى على محاصرة أي مشكل يحدث بأي منطقة من المناطق ونقوم بالمعالجة بمسؤولية وتعاون بين القوى السياسية وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية والقضائية لنحافظ على سلامة بلدنا وأمنه واستقراره ونذهب إلى الإنتخابات بشكل طبيعي وسليم.

 

وبهذا السياق أيضا هناك من يسارع باتهام المعارضة في هذه الأحداث ليقول أنّ المعارضة تريد تعطيل الإنتخابات، هذا أيضا مضحك، فهل المعارضة إذا جرت الإنتخابات ولم تحصل على أكثرية فماذا تخسر؟ هي الآن ليست أكثرية برلمانية ، وتعرفون حتى لو فزنا بالإنتخابات المقبلة هناك أصل في لبنان أن الأكثرية البرلمانية لا تعني بالضرورة أكثرية شعبية نتيجة النظام الطائفي وطريقة توزيع المقاعد والدوائر، ماذا تخسر المعارضة إذا لم تأخذ أغلبية في الإنتخابات المقبلة، لن تخسر شيئا...

 

الذي يساق له الإتهام هو من يمكن أن يخسر شيئا لو خسر، وليست المعارضة، أنتم اليوم الأكثرية البرلمانية وأنتم السلطة، وموضوع الثلث فيه نقاش يطول، ولكن بالنهاية إذا حصلت انتخابات وخسرت الأكثرية فأنتم ستخسرون، وإذا حصلت انتخابات ونحن لم نصبح أكثرية فنحن سنبقى محلنا ولن نخسر شيئا، بالعكس الإنتخابات هي فرصة المعارضة للحصول على الأكثرية وليس أمامها فرصة أخرى، ولذلك، من المنطقي والطبيعي أن تكون المعارضة أشد حرصا على المناخ الأمني وعلى الإستقرار في البلد وعلى التهدئة لتحصل الإنتخابات ولنرى نتائجها.

 

ما نشر في الآونة الأخيرة عن موقف أمريكي جديد يتحدث عن إمكانية الحوار مع حزب الله وحماس ولكن بشرطين، الشرط الأول الإعتراف بإسرائيل والشرط الثاني نبذ العنف... أمريكا عندما تقبل أن تجري حوارا مع أي طرف بشروط أو من دونها خصوصا عندما تبدأ هذه الشروط بالتراجع والتنازل، إنما تفعل ذلك ليس لدواعي أخلاقية وإنما بسبب فشل الولايات المتحدة في مشاريعها في المنطقة، ثبت أن كل المحاولات لعزل وإقصاء سوريا وتغيير النظام والسلوك ومقاطعة سوريا، لم تجدِ نفعا إذا لنجري حوارا، الموضوع ليس موضوعا أخلاقيا،  لأنّ سوريا صمدت ولأنها أمر واقعي وحقيقي ومؤثر في معادلات المنطقة فلنجري حوارا معها.

 

إيران عمرها 30 سنة، ثمان سنوات 8 حرب و22  سنة حصار ولكنها تزداد قوة ومنعة وحضور وتصعد إلى الفضاء وتصنع احتياجاتها المدنية والعسكرية ويخشى من إمكانياتها النووية، عزل إيران ومحاربتها والضغط عليها لم يجِد نفعا. تريدون الحديث في المنطقة عليكم الحديث مع كل هذه الدول الموجودة والمؤثرة والتي من جملتها إيران وسوريا. والمكابرة من الواضح أنها تأخذكم إلى الفشل. هكذا في موضوع الدول وهكذا أيضا في موضوع القوى السياسية والحركات السياسية وبالخصوص حركات المقاومة. 

 

حركة المقاومة لو كانت مهزوزة ضعيفة مهزومة لماذا يجرون حوارا معها؟ فلا حوار مع الضعيف والمهزوم والمنبطح. هذا من جهة ومن جهة أخرى عندما نأتي إلى الشروط، حزب الله موضوع على لائحة الإرهاب كإسم والعديد من مؤسسات حزب الله على لائحة الإرهاب حتى التلفزيون ومؤسسة وعد على لائحة الإرهاب، وأيضا هناك، غير الحزب، فلان وفلان وفلان ومنهم كان الحاج عماد مغنية رحمة الله عليه، مجموعة أسماء من إخواننا، أنا وكم أخ موضوعون على لائحة الإرهاب، أنظروا ماذا يعني الأمريكيين في المنطقة وهذا الذي أريد أن أصل له، أي أنتم المنتمون بالأعمال الإرهابية الطويلة العريضة نسامحكم وعفا الله عمّا مضى، إذا تهمتمونا بدماء الأمريكيين فسوف يسامحوننا بدماء الأمريكيين وإذا تهمتمونا بالإرهاب فسوف يسامحوننا بالإرهاب، يا شباب عفا الله عمّا مضى ولكن تفضلوا اعترفوا بإسرائيل، هذه كل القصة، هل هناك سياسة أمريكية في المنطقة ! هناك إسرائيل في المنطقة! اعترفوا بإسرائيل وانبذوا العنف، ماذا يعني نبذ العنف، يعني نبذ المقاومة، أي اعترفوا بإسرائيل وتخلوا عن المقاومة وعفا الله عمّا مضى.

 

الذين  "ينبسطون كثيرا " بالوفود الأمريكية التي تأتي إلى لبنان، "وحياة عيونهن" لو نحن نفتح حوارا مع الأمريكيين ونعترف بإسرائيل وننبذ العنف (ويصير) "متل ما بدون، بعدش يتعزلو من الضاحية الجنوبية" ، الأمريكي يلحق مصالحه وليس لديه صداقات دائمة ولا عداوا ت دائمة ولا قيم أخلاقين حاكمة، لكن طبعا، بكل وضوح وصراحة، السؤال أولا وقبل أن تضع أمريكا شروطا على حزب الله لكي تجري حوارا معه، علينا السؤال هل حزب الله حاضر لإجراء حوارا مع الأمريكيين ؟ وإذا حاضر لذلك، ذلك بدون شروط أم هناك شروط أيضا؟ ! أمّا الشروط الأمريكية فهي مردودة.

 

اليوم نحن في ذكرى مولد النبي صلّى الله وآله وسلم في عام 2009 و 1430 هجري، اليوم وغدأ وبعد سنة وبعد مئة وبعد ألف سنة، إلى قيام الساعة ، نحن وأولادنا وأحفادنا وأجيالنا ، طالما نحن حزب الله لا يمكن أن نعترف بإسرائيل. ماذا يعني إسرائيل، إسرائيل كيان غاصب ودولة غير قانونية وغير شرعية، دولة عنصرية ودولة معتدية ودولة إرهابية، بأي معيار يمكن لإنسان مسلم أو عربي أنّ يعترف بكيان من هذا النوع وأن يأتي ببساطة ويقول نعم هذه هي إسرائيل وثلاثة أرباعها أو أكثر أعطوه لشذاذ آفاق جيء بهم من كل أنحاء الدنيا، أمّا أصحاب الحق الشرعيون وأهل الأرض وأهل الديار وأهل المقدسات من الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين هؤلاء يجب أن يتركوا وأن يخرجوا وأن يستسلموا وأن يخضعوا! دلوني ما المعيار، في الدين ما المعيار، في الأخلاق ما المعيار، في الإنسانية ما المعيار، في الوطنية ما المعيار، في القومية ما المعيار، على أي معيار، نعم هناك معيار واحد هو معيار القبائل والعشائر العربية التي انهزمت أمام جيش أبرهة، أي ماذا نقدر أن نعمل فهذه إسرائيل وفي ظهرها أمريكا، كما قال أولئك هذا جيش الحبشة ولا نستطيع مواجهة الفيل، فلنهرب ونحيد ونترك أقدس مقدساتنا لأبرهة، يوجد فقط هذا المنطق منطق عام الفيل الذي يقول نحن لا نقدر على إسرائيل وإسرائيل بظهرها أمريكا وليس لدينا خيار فالواقعية والواقع والمنطق والتعايش والكذا والكذا ويفتشون عن تعابير ما أنزل الله بها من سلطان ليفرضوا  علينا القبول بهذا الأمر...

 

المعيار الوحيد الذي يدفع للإعتراف بإسرائيل هو الشعور بالهزيمة والحقارة لدى أي إنسان يعترف أو يعتبر نفسه عاجزا، فقط. أمّا إذا كنّا نؤمن أننا لسنا بهذا الضعف ولا "هلقد بيطلع من أمرنا شي ولا هلقد ممسوحين" نحن قادرون وأقوياء إذا وقفنا على أقدامنا وشحذنا هممنا ووضعنا كفا بكف وكتف بكتف نحن قادرون أن نهزم هذا الكيان بل قادرون على أن نزيله من الوجود. يقولون الأمريكيون في ظهرهم، خير الله في ظهرنا، الله كان في ظهرنا في حرب تموز والله كان في ظهرنا في غزة، الأمريكيون في ظهرهم فليقم الأمريكيون من وقعتهم، نحن أصلا لا نعرف الولايات المتحدة الأمريكية إلى أين ذاهبة، في وضعها المالي وفي وضعها الإقتصادي وفي نفوذها في العالم، حتى "حكاية" الإيجابية والحوار ، خلوا احتمال أنّ الجماعة ليسوا قادرون على فعل شيء هاتين السنتين أو الثلاث ويريدون تقطيع الوقت، لكي يرووا كي يعالجون المصيبة المالية الإقتصادية عندهم، هذه فرضية موجودة.

 

لذلك، لمن يضع علينا شروطا، نحن لكل الأسباب التي ذكرت لن نعترف بوجود ولة اسمها إسرائيل، هناك أمرين : مرة تقول لي عدم الإعتراف يعني الذهاب إلى حرب، ما حدا طالب من الناس كلها أن تذهب إلى حرب، لا تقدر على الحرب لا تعترف، لا تقدر على القتال لا تعترف ولا تثبّت هذه الحقيقة ولا تعطيها الشرعية، إذا جيلنا لا يقدر على القتال الجيل المقبل يقاتل أو الجيل الذي بعده، لماذا يجب أن نقر بالهزيمة، إذا كنّا غير قادرين على المواجهة فلا ندخل في المواجهة ولكن لماذا علينا أنّ نعطي شرعية للإحتلال وللإغتصاب وللإرهاب، هذا هو المنطق الذي نتحدث به، أمّا ما دام هناك كيان إرهابي طماع معتدٍ فالمقاومة ليس فقط ليست في معرض النبذ بل هي كرامتنا وشرفنا وحياتنا وبقاؤنا وعز مقدساتنا.

 

على كلٍّ لاحقا عندما تسقط هذه الشروط وقتها نجرب إذا نحن جاهزين لعمل حوار وما هي شروطنا للحوار، من قال أننا نقبل بحوار دون شروط ولكن لن أقول الآن ما هي الشروط لأنّه الآن "ما في شي منو هذا" ، الموضوع غير جدي، لكن نحن في هذا الموقع وننظر إلى أنفسنا من هذا الموقع.

 

في ذكرى مولد رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلم، في هذه الأيام المباركة، دعوة للتحابب والتآلف والتعاون والتكاتف والتنافس الإيجابي للتوحد والعمل من أجل هذه الأمة وعزتها وكرامتها والدفاع عن مقدساتها ، أسأل الله أن يوفقنا جميعا لتحمل المسؤولية وأن نكون بمستوى المسؤولية ، مجددا أبارك لكم الذكرى المباركة العطرة العزيزة وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .