هؤلاء هم الشهداء

بقلم يوسف أمين

 

لقد مر اكثر من اسبوعين على رزنامة طويلة الامد على جرح قلب ام فجعت بولدها، قلب اب نحر بولده، قلب شقيق وشقيقة كسر جناحهم، قلب عروس المستقبل الذي دفن داخل صندوق خشبي ووضع داخل حيطان مدفن بني ليستقبل شيبنا قبل شبابنا.

 

مرت هذه الايام الثقيلة والام الالى والاب الاول لم يعذى، الوطن هو الام المفجوعة بابنها البار الذي طار طيران نسر في السماء ليهوي على يد حقير مدسوس مدفوع من قبل اعلى منه رتبة بالحقارة، من قبل احقر من الذي هو اعلى من الامر. الام ثكلاء ولا تقبل من يعذيها، الام مفجوعة ولا ترى ابدا ولدها البار الذي اقسم لها انه سيحفظ كرامتها ويصون عرضها، ابنها البار سرق من بين احضانها، ابنها البار خطف باكرا بسبب حقير سفيه يمشي بركب واوامر مشعوذ شهواني وقاتل.

 

الاب الاول "الجيش اللبناني" وقف يبكي ولده غير مقتنع انه لن يراه، لم يصدق انه يدفن ابنه الذي كان يبني عليه الامال الكبيرة والكثيرة عليه وعلى اخوانه بأن يحملوا مشعل متابعة المسيرة، مسيرة العائلة اللبنانية الكبيرة، عائلة الجيش اللبناني.

 

تعود بي الذكرى الى سنين قليلة مضت وصور عالقة في ذاكرتي حتى اصبحت هي ذاكرتي. صور الامهات والاباء والارامل والايتام الذين وقفوا يبكوا موتاهم، اذكر جيدا انه في اوقات الفاجعة كانت حتى الاعداء تدمع لام تبكي ولدها. الا في لبنان.

 

عذرا منك ايها الشهيد، عذرا منك يا ايها النسر الذي لم يستطع احد عليك سوى بالغدر، عذرا منك ايها الطاهر العفيف النظيف، يا ايها القديس، يا من اهتزت لك اركان السموات والارض في اللحظة التي غدر بك. عذرا منك يا من ابيت الا ان تموت وراسك مرفوع، لابسا بذلة العزة والكرامة، بذلة الطهارة، بذلة العنفوان، ابيت ان تموت على فراشك، كان لديك ما تريد، اقسمت ان تصون كرامة ارضك وبلدك لبنان وتحميه من الاعداء والمغتصبين. عذرا منك يا ايها البطل، لم يعلمك احد ان الاعداء ليسوا كما كانة في السابق محتلين للبنان، الاعداء عادوا الى بلدهم وسلموا المهمة الى فرقة تعمل تحت امرتهم ليكملوا الاحتلال.

 

استوقفتني صفحة الانترنت الخاصة بالجيش اللبناني عندما كنت اتصفح واقراء عن اسماء الشهداء والطريقة التي تم تفصيلها، المفاجأة الكبرى كانت انه لم يذكر اي فقرة تدل على شهداء الغدر والخيانة، لماذا لم يذكر شهداء الجيش الذين استشهدوا في معركة التآخي سنة 1990، عندما تم تسليمهم لآلة الحرب الشقيقة دون ان يعلموا ان قائدهم الهدار لاذ بالفرار الى السفارة الفرنسية ليكمل المخطط الذي رسمه له اسياده، والثمن كان رمي جثث الاطهار والقديسين المسلمين والمسيحيين في حفرة.

اود ان اقولها بالفم الملآن ليس هناك على وجه البسيطة من هو اطهر او اشرف او اقدس من شهداء الجيش اللبناني، اتمنى لو ان السياسيون اللبانيين يستطيعون قراءة القلوب لكي اصطحبهم الى امهات واباء وارامل واشقاء وشقيقات شهداء الجيش البناني او شهداء قوى الامن الشرعية اللبنانية لقراءة ما في قلوبهم. رهاني معكم انكم لن تحتملوا دقيقة واحدة من الاحاسيس التي لديهم.

 

هل سمع احدكم صوت السيدة الفاضلة بهية الحريري عندما وصلها الخبر المفجع باستشهاد اخيها، او صوت بهاء او صوت هند او سعد الحريري.

هل سمع احد منكم صوت الشيخ امين او الشيخة جويس او سامي عندما وصلهم الخبر المفجع باستشهاد بيار  هل سمع احد صوت كبيرنا غسان التويني او نايلة او ميشال او حتى صوت الياس المر عندما وصلهم الخبر المفجع باستشهاد جبران.

 

سمعتم جميعا صوتهم وتصاريحهم، سمعتم صوت بكائهم ونحيبهم، سمعتم كل هذه الامور يوم الدفن والعزاء. سمعتم والدة الشهيد سامر حنا يوم الدفن ورايتم حالها وبكيتم لحالها. لكنكم جميعا عدتم الى منازلكم الى عائلاتكم (اصلي الى الله ان يبقيها ويحميها لكم).

 

هل سئل احدكم عن ثقل اليالي عليهم وكيف يمضون لياليهم وايامهم، ما هو الاحساس الذي بداخلهم، بماذا يفكرون. هل رأيتم والدة الشهيد سامر حنا، هل رأيتم خطيبته...

 

اليك انت يا شهيد الغدر والخيانة، اليك انت يا سامر واليك انت يا فرنسوا واليكم انتم يا شهداء الشرف والتضحية والوفاء، لن تقوى عليكم جيوش الغدر والكفر والخيانة مهما طال الزمن، سيحاسبون على اثمهم، ستطالهم يد الخالق عز وجل، "بشِر القاتل بالقتل ولو بعد حين" القاتل ليس من اطلق الرصاص، مطلق الرصاص هو ادآة بيد القاتل الذي جهز الاداة معنويا، ماديا وفكريا، القاتل هو الرأس المريض الذي ينفخ في صدور الادوات ليملئها حقد وجهل وتخلف. اقولها عن وعي تام وقناعة كاملة بأنه ينفخ في صدروهم وليس في عقولهم حيث ان لا عقول لديهم.

 

انت يا سامر، انت يا من حملت الشهادة ودرب الجلجلة مع اخوانك الذيم سبقوك، اتوجه اليك واسألك ان لا تخاف على الرسالة والقسم، قسمك قسم الجيش اللباني هو انجيل وقرآن وكتاب حكمة وضع لنا، لا تيآس.  فلتعلم يا سامر انك ابن اعظم اب وام، انت ابن لبنان وابن الجيش اللبناني .

 

يا سامر انت لم تمت، القيامة، قيامة العقل في لبنان كان بحاجة اليك، انت كنت المحرك لتوعية المسيحيين الضالين والمضللين الذين ما زالوا يعتقدون ان هناك من يدافع عن حقوقهم، انت كنت من تسبب بتأكيد سقوط ورقة التين عن من يدعي الاخوة والدفاع عن لبنان، انها المرة الاولى يا سامر التي يتخذ الخونة تدابيرهم جهارة وليس من خلال الاقبية والكهوف حسبما عهدناهم، انت من نزع ورقة التين عن عريهم، انت من كشف كذبهم ونفاقهم وعهرهم.

 

جبين عائلتك وجبيننا مرفوع عاليا عاليا لان ابننا سامر كان من اجبر الخونة ان يخرجوا من جحورهم وان يظهرو على حقيقتهم.

انت نور الحقيقة التي كشفت عقم واستغلال من يختبئ خلف المسيحية وهي براء منه الى يوم القيامة نم قرير العين، كنت انت الشمس التي سطعت وكشفت وجه الحقيقة. انت ورفاقك الشهداء فخرنا وعزتنا