سوريا والمحاولات الأخيرة

بقلم/يوسف أمين*

 

يحاول النظام السوري جاهدا كسب الوقت للالتفاف حول الحركة الشعبية المطالبة بالتغيير وهو يجرب المجرّب كما يقول المثل العامي معتقدا بأنها كل مرة ستسلم الجرة ولكن هذه المرة هناك آمال تفوق تصوره وحراك مناطقي يبدو فوق طاقة توقعاته واحتمالاته ولكنه لم يتعلم من ما يراه يحدث في ليبيا أو اليمن ويعتقد بأنه مع حلفائه الإيرانيين يسهمون في دفع بعض عمليات التغيير في المنطقة ولذا فهو بعيد عن هذا التهديدات وهو قادر على ضبطها بالقوة والوسائل القمعية ذاتها التي اعتمدها الأسد الأب.

 

في قراءة لما يجري على الأرض يبدو بأن درعا ليست المكان الوحيد الذي يتحرك فيه الشارع السوري ولكن في درعا تنقل مباشرة على الهواء الأحداث ولم يتمكن الحكم وأجهزته بعد من ضبط عملية النقل هذه ويقول بعض التقارير أنه ربما يستعمل السوريون في حوران بعضا من شبكات الاتصال الأردنية لنقل هذه الصور ما لا سلطة للأسد بأن يغلقها كما يفعل مع بقية الأماكن داخل سوريا حيث يمكنه التحكم بقطع الإرسال على الشبكات أو وقفها وهذا قد يفسر التحركات الأخيرة في الأردن حيث حاول بعض المتظاهرين خلق وضع دراماتيكي خلال المظاهرات الأخيرة وقيل أن شخصا قتل في المواجهات مع رجال الأمن في الأردن مع أن المظاهرات التي رعتها الدولة منذ بدء انطلاقتها لم يحدث فيها حتى الآن ما يخل بالأمن فهل يكون جماعة المخابرات السورية هم من يحاول تطوير الأمور في الأردن للضغط على الملك لتوقيف الإرسال في منطقة الشمال ومنع السوريين من استعمال الشبكة الأردنية؟ 

 

من جهة أخرى فأن الشبكة اللبنانية قادرة على تغطية أكثر مناطق سوريا من العاصمة إلى اللاذقية ربما ولكن يظهر بأن سيطرة حلفاء دمشق على وزارة الاتصالات اللبنانية هو ما يمنع السوريين من استعمال هذه الإمكانية. وقد بدأ الحكم السوري على ما يبدو بالتحرك لخلق ظروف توتر في لبنان للمساعدة على صرف الأنظار عما يدور عندهم وما خطف الأستونيين السبعة من دراجاتهم فور دخولهم لبنان في منطقة البقاع إلا من هذا القبيل كما أن حادثة التفجير اليوم في الكنيسة الأرثوذكسية قرب زحلة تصب في نفس الاتجاه أيضا.

 

أما المضحك المبكي فهو اعتماد الكذب ثم الكذب من قبل النظام وأزلامه وها هي السيدة شعبان تقول من على محطة الجزيرة بأن القتلى في درعا كانوا يهاجمون بالأسلحة قوات الأمن فقتلهم الحراس وها هو الإعلام الرسمي السوري يقول بكل وقاحة بأن القتل الذي يجري في اللاذقية هو من قبل عناصر المعارضة أما القتلى فهم كلهم من قوات الأمن. ويزيد الحكم على كل ذلك بدفع مظاهرات التأييد إلى واجهات الإعلام فيصور كما فعل القذافي مجموعات من مناصريه يحملون صور الأسد ويفدونه بالروح والدم والشعارات الفارغة.

 

إن الأحداث تبدو هذه المرة حقيقية والشعب الذي جرح لا يبدو بأنه سيستكين بسهولة فهل يفهم الأسد الصغير الرسالة أم أن العنجهية ستغلق عينيه مجددا لينطلق إلى الانتحار بمواجهة الشعب المجروح والغاضب؟

 

*المركز الماروني للدراسات الستراتيجية - تورونتو

28 آذار/2011