متى تنفيذ الانقلاب؟ 

بقلم/الياس الزغبي

 

ماذا ينتظر "حزب الله" كي ينفّذ المرحلة الثالثة (الثابتة؟) من انقلابه المتدرّج والمستمرّ منذ 4 سنوات؟

 

وماذا تبقّى من الاستعدادات القائمة والظروف الملائمة لتحويل أقواله الى أفعال؟

 

لقد أنجز، خلال الأسابيع الأخيرة، كلّ التحضيرات الميدانيّة واللوجستيّة والسياسيّة والاعلاميّة، بعدما اهتدى الى العنوان الجديد لانقلابه المزمن: تفجير المحكمة الدوليّة بعبوة "شهود الزور"، والوضع اللبناني بعبوة جميل السيّد، الذي استقبلوه "بالغار"، وأعلن باسمهم الهدف: اسقاط "انقلاب" 2005. 

 

في الواقع، استنبط "حزب الله" عنوانا لكلّ مرحلة من مرحلتي الانقلاب السابقتين: للأولى، في مطلع العام 2007، شهر شعار "الشراكة والتوافق" واسقاط الحكومة "غير الشرعيّة"، وللثانية في 7 أيّار 2008، رفع شعار "السلاح لحماية السلاح"، تحت ذريعة حماية "المقاومة" من "مؤامرة 5 أيّار".

 

وإذا كان نجاحه في المرحلتين السابقتين جزئيّا، ولم يكتمل انقلابه بل أنتج فقط ثمارا سياسيّة محدودة، فانّه يُمنّي نفسه بالانتصار الكامل (الالهي!) في محاولته الثالثة، الدائرة الآن بالأسلحة السياسيّة والاعلاميّة والطائفيّة، وبلاغات التهديد التمهيديّة المتصاعدة، تحضيرا للبلاغ الرقم 1 وأسلحته.

 

متى يصدر هذا البلاغ؟

 

في تقدير عام، يظهر أنّ "حزب الله" في عجلة من أمره. هو في حالة سباق سريع مع القرار الاتّهامي. يريد استغلال هذا القرار قبل صدوره، فبعد الصدور يصبح الانقلاب صعبا أو مستحيلا، لأنّه ينتزع ورقة التوظيف من يده. الانقلاب هو الغاية والمحكمة نتيجة. و"حزب الله" الآن أشدّ لهفة وأكثر عجلة بعد اكتساب المحكمة مزيدا من الثقة والصدقيّة، بفعل القرار المستقلّ والمتوازن والقانوني للقاضي فرانسن.

 

واضح جدّا أنّ "حزب الله" منزعج من حياديّة القرار ونزاهته. وهو بدأ سباقا جديدا مع صدقيّة المحكمة، وكأنّ قرار فرانسن حدّد، من حيث لا يدري، مهلة قصيرة لقيام "حزب الله" بتنفيذ انقلابه، تنتهي في آخر الشهر الجاري.

 

نعم، في حسابات "حزب الله" الطارئة عشرة أيّام لقلب الطاولة في لبنان، لعلّ قلبها هنا يقلب طاولات المحكمة في لاهاي، ويؤدّي الى انهيار قوس العدالة الدوليّة، عبر سقوط الدولة اللبنانيّة بين يديه. 

 

في حسابات الأيّام العشرة، استكمال المستلزمات الميدانيّة واللوجستيّة للانقلاب، وهي متوافرة بكثرة مع الاعتداد بالقوّة والسلاح والعناصر المدرّبة على "المقاومة" في الأزقّة واحتلال المؤسّسات واعتقال العشرات من المسؤولين الأمنيّين والقضائيّين والسياسيّين والاعلاميّين، أو ربما أكثر من الاعتقال.

 

في الحسابات أيضا، توزيع الأدوار على "الحلفاء" والملحقين، كلّ في منطقته وطائفته، وفقا لما يدغدغ رغبات هؤلاء وطموحاتهم بعد نجاح الانقلاب.

 

فيها أيضا، خطّة لتحييد بعض القوى والمناطق تحت شعار "المصالحة" وتأييد "المقاومة". وفي عداد الذين يتمّ تحييدهم مؤسّسات ومواقع رئاسيّة وعسكريّة، يُصار الى بتّ مصيرها لاحقا.

 

وفيها كذلك حملة اعلاميّة ترويجيّة مركّزة، بدأت طلائعها قبل أيّام في مقالات ومقدّمات اخباريّة وتقارير مخابراتيّة، وتصريحات سياسيّة ذات عيار تهديدي عال، وهادفة الى تحضير الأذهان والنفوس للعمل الدراماتيكي. وتمّ توزيع الاستصراحات على أساس "وطني" لاخفاء الطابع المذهبي للانقلاب.

 

وفيها أخيرا، رصد للسياسة الخارجيّة، واستخدام قمّة الأسد – نجاد كغطاء للتحرّك الانقلابي، واستغلال الانهماك الدولي والاقليمي في مسار مفاوضات السلام وتوابعها، ودقّة الوضع العراقي وصراعات المنطقة.

 

في حساب الانقلابيّين، اذا، أنّ كلّ الظروف الداخليّة والخارجيّة باتت مؤمّنة، والشاطر من يضرب في الوقت المناسب.

 

ولكن، هل فعلا حساباتهم دقيقة وصحيحة، والوقت مناسب، وطريقهم مفتوحة لتحقيق مشروعهم؟

 

هل يدركون حجم الممانعة الداخليّة، ومدى يقظة العين الخارجيّة؟

 

هل يظنّون أنّ الغطاء الخارجي، وتحديدا السوري، مضمون، كما كان في محاولتي الانقلاب السابقتين، وهل تبلّغوا من نجاد نجاحه في تأمين غطاء الأسد، أو أوهمهم به، أم العكس؟

 

هل أنّ العالم العربي والمجتمع الدولي غافلان عن الخطّة؟

 

أبعد من كلّ هذا، واذا سلّمنا بأنّ حسابات "حزب الله" صحيحة ومضمونة، فانّها تكفل نجاح الانقلاب ولا تضمن مصيره. من يضمن مرحلة ما بعد الانقلاب، في رمال لبنان المتحرّكة؟

 

قد يكون تحقيق انتصار عسكري سهلا، ولكن، ما هي حسابات ما بعد.. بعد الانتصار؟

 

في التاريخ، عبَر كثيرة عن الانتصارات التي انقلبت هزائم.

 

كثيرون ربحوا معركة وخسروا الحرب، فأيّ حرب يتوهّم "حزب الله" كسبها؟

 

الاحد 19 أيلول 2010