من يقرّر الحرب؟

بقلم/الياس الزغبي

 

مع اعلان رئيس الجمهورية ميشال سليمان تشكيل "الهيئة الوطنية للحوار" للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، يعود السؤال المحوري الى نصابه:

من يملك قرار الحرب  أو السلم ؟

 

لقد دأب "حزب الله" والدائرون في فلكه، منذ وقت طويل، على القول ان الطرف الوحيد الذي يملك هذا القرار هو اسرائيل، ولا يجوز الصاق تهمة الحرب بأيّ قوة من قوى "الممانعة" من ايران الى لبنان مرورا بغزّة وسوريا، وكل من يطلق هذه التهمة يبرّر الحرب الاسرائيلية مسبقا، بل "يستدعيها" وفق تعبير السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير.

في الواقع، وبحسب الشرائع والقوانين الدولية، انّ قرار الحرب أو السلم ليس تهمة بل حق سيادي لكل الشعوب والدول، مهما كانت صغيرة أو ضعيفة، وهو حق أوّلي مبدئي طبيعي يلازم مفهوم الدولة ومبدأ السيادة.

 

على هذا الأساس، يملك لبنان، مثل أي دولة أخرى، حق اعلان الحرب أو الدخول في السلم، لكنّ هذا الحق لا ينسحب على أيّ طرف أو حزب من أطرافه وأحزابه، هو حق لا يمكن تجييره بعدما أوكله الشعب الى قواته المسلّحة الشرعية، حق شعبي عام وليس حقا خاصا لفصيل من الشعب. وهنا يكمن أصل المشكلة وفصلها: حزب استولى على حق غير قابل للتنازل والتحويل.

 

وفي انتظار أن تقرّر طاولة الحوار مرجعية القرارين سلما أو حربا (وهي مسألة افتراضية لا تبشّر الجولات السابقة بحسمها)، لا يستطيع "حزب الله" الاستمرار في التنصّل من قرار الحرب الذي صادره من الدولة، وفي رفع المسؤولية عن كاهله تحت شعار: اسرائيل وحدها تقرّر الحرب.

 

في مبدأ كل حرب شريكان وطرفان، تزيد مسؤولية أحدهما أو تنقص، وتنشأ علاقة موضوعية بينهما، ولو كانت أحيانا علاقة قاتل وقتيل. أليس في القانون مسؤولية على حارس الجوامد عن الأضرار التي تسبّبها ولو بدون قصد؟ أليس في فلسفة الجريمة اشارة الى "تواطؤ" ما، بين الضحية والجلاّد؟

قرار الحرب ليس ملك الأقوياء والمعتدين فقط ، هو ملك الضعفاء وأهل الحق أيضا.

 

ليس ملك الشجعان فقط، بل الخائفين كذلك.

ليس ملك الواثقين من تفوّقهم فقط، بل أهل الاعتداد والظن والاشتباه أحيانا.

هل التسلّح منفصل عن قرار الحرب، أليست التعبئة جزءا منه؟

 

أليس التهديد والحرب النفسية مرحلة تمهيدية للحرب واجراء من اجراءاتها؟

هل الوعيد بتغيير وجه المنطقة بطاقة دعوة الى السلام؟

هل اللقاءات الثلاثية والرباعية العاجلة والعالية السقف مجرّد لقاء اجتماعي وسهرة عائلية؟

 

لا يخفي أطراف الحرب " اشتياقهم " اليها، لا في اسرائيل ولا في بعض لبنان.

وايران تستعجلها كي ينقص عدد الكيانات واحدا.

وسوريا تتأهّب لملاقاتها، ربما لرفع عروض الأسعار.

 

والدولة اللبنانية حائرة بين مصير لا تقرّره وقرار لا تملكه. هي لا تملك حق السؤال عمّا تقرّر عنها ولها في غيابها ، فمن يمنّ عليها بفتات المعلومات !

أمس أعلنت "تشكيلتها" الحوارية، وربّ قائل انها ردّ على تغييبها عن "قمّة" دمشق .

 

متى تنعقد، كم جلسة ستعقد، والى مَ ستفضي؟

فهل يسبقها، كما دائما، القطار ؟

 

01 آذار/2010