الياس الزغبي: كيف يمكن ان يمنح نواب نالوا ثقة الشعب ثقتهم بوزير لم ينل ثقة هذا الشعب نفسه؟

١٤ اب ٢٠٠٩

عقد عون" هي في الاساس واجهة لحقيقة موقف حزب الله لبنانياً، وسوريا اقليمياً.

جبران باسيل فقد ثقة الناس والشعب في الانتخابات فلاا يجوز توزير او تعويم اوتكريمه

حزب الله "يروّض" الشارع السياسي، ويشعر انه بات الاقوى

لقاء الحريري وجنبلاط حسم الجدل واللغط حول موقف جنبلاط

الحريري يقوم بدوره بشكل جيد، وعليه متابعة التأليف ولكن على اساس المبادىء التي تعارف عليها الجميع، حتى بين الاقلية والاكثرية

 

حاوره سلمان العنداري

 

يصعّد رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" كلامه السياسي (كعادته)، مطلقاً النار على الجهود والمساعي المبذولة للإسراع في إعلان تشكيل الحكومة وتأليفها بالتزامن مع إعلان "حزب الله" تضامنه مع "المطالب العونية"، التي تصرّ على توزير صهر الجنرال الخاسر في الانتخابات النيابية جبران باسيل، يضاف اليها الحصول على حقيبة سيادية تنتزع من رئيس الجمهورية، وهي الداخلية.

 

وتعليقاً على "المطالب والعقد العونية"، كان لموقع "14 آذار" حديث خاص مع المحلل السياسي الياس الزغبي الذي اعتبر ان "عقد عون" هي في الاساس واجهة لحقيقة موقف حزب الله لبنانياً، وسوريا اقليمياً. الزغبي الذي رفض مسألة توزير جبران باسيل باعتبار انه " لا يجوز توزير او تعويم اوتكريم من فقد ثقة الناس والشعب في الانتخابات"، متسائلاً: " كيف يمكن ان يمنح نواب نالوا ثقة الشعب، ثقتهم بوزير لم ينل ثقة هذا الشعب نفسه؟، وفكيف يمكن من الناحية الدستورية والقانونية اولاً، ومن الناحية الاخلاقية ثانياً ان يضمن هذا المرشح الخاسر مقعد وزاري، وهو من كان في عداد الراسبين في الانتخابات الاخيرة، وبالتالي لم يحز على ثقة الشعب؟". وتوقّع الزغبي ان يلتزم الرئيس المكلّف سعد الحريري بالمبادىء التي تعارف عليها الجميع ومنها الاقرار بمبدأ عدم توزير الراسبين، و مبدأ تمثيل المناطق، والتوازنات السياسية بين الاكثرية والاقلية، وعلى هذا الاساس هو مستمر، ولا اتصور انه سيسقط اي مبدأ من هذه المبادىء الاساسية لتشكيل الحكومة، وبهذا الاطار يكون يواجه حملات الاستنزاف والابتزاز السياسي الذي يتعرض له". وفي ما يلي الحديث مع الاستاذ الزغبي:

 

العماد عون واجهة لحزب الله وسوريا

 

كيف تقرأ المراوحة الحكومية والعرقلة العونية؟

 

هذه المراوحة بدأت عملياً منذ اللقاء التصارحي بين الرئيس المكلّف سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، فقبل هذا التاريخ، كانت العقدة في مرحلتها الاولى في صيغة الحكومة، وقد حسمت هذه الصيغة على 15 – 10 – 5، والمرحلة الثانية تمثلت بحسم الجدل واللغط حول موقف النائب وليد جنبلاط من خلال اللقاء الذي تم بين الحريري وجنبلاط، الآن نحن امام المرحلة الثالة، وعراقيلها وعقباتها واضحة جداً، ولا يمكن لأي مراقب سياسي او اي مراقب عادي ان يتجاهل ان العقدة في اساسها الآن عند العماد عون. فالعماد عون الآن ذو عقدتين، الاولى توزير صهره جبران باسيل ، والثانية متمثلة بمحاولة سحب وزارة سيادية من رئيس الجمهورية، هاتان العقدتان هما بالحقيقة وجرد واجهة لحقيقة موقف حزب الله لبنانياً وسوريا اقليمياً.

 

حزب الله "يروّض" الشارع السياسي، ويشعر انه بات الاقوى

 

هل هذا يعني ان تضامن حزب الله والمعارضة يعني ان هناك عرقلة سورية لتأليف الحكومة؟

 

بالتأكيد، فعقدتا عون هما واجهة لموقف حزب الله لبنانياً، وسوريا اقليمياً، اي ان حزب الله يريد في هذه المرحلة ان "يروّض" كل المواقف السياسية، لإستشعاره انه اليوم في ذكرى انتهاء حرب تموز انه يزداد قوةً وانه بات اللاعب الاقوى برغم خسارته المعركة الانتخابية، لذلك هو يريد ان يضاعف شروطه وتأثيره السياسي الداخلي من خلال عقدتي العماد عون، تماماً كما كان العماد عون يشكّل مجرد واجهة او متراس سياسي، واحياناً شعبي وامني في المعارك الداخلية التي خاضها حزب الله منذ الاعتصام التي خاضته المعارضة في قلب العاصمة، وحتى 7 ايار 2008 واتقاف الدوحة، هذه الواجهة للأسف ما زالت مستمرة ويستخدمها حزب الله ومن ورائه سوريا كي يزيد من منسوب تأثيره وقدرته على ادارة الواقع الداخلي اللبناني، بحجة ان هناك ما هو اهم من هذا الوضع الداخلي وهو الوضع في المنطقة وخطورة نشوب حرب وعدوان اسرائيلي على لبنان.

 

ما تعليقك على هجوم اعلام التيار الوطني الحر على رئيس الجمهورية من خلال القول ان مجموعة من مستشاريه في بعبدا يقودون حملة ضده؟

 

مرة اخرى يثبت اعلام العماد عون انه اعلام تعقيدي وتحريضي، وهذا الهجوم على الدائرة الاستشارية حول رئيس الجمهورية، ليس سوى ورقة التين التي تغطّي العورة السياسية في موقف العماد عون تجاه رئيس الجمهورية، فليس ما اوردته وسائل اعلام عون سوى تعبير اعلامي واضح عن محاولة عون لنسف صلاحيات رئيس الجمهورية من خلال اضعاف حصته لوزارية، وبالتابي هذا الموقف للعماد عون هو شخصي بالاساس ومزاجي، ولكنه يستغل بشكل كلمل ومدروس من قبل القوى الاخرى، وتحديداً حزب الله ودمشق.

كيف يمكن ان يمنح نواب نالوا ثقة الشعب، ثقتهم بوزير لم ينل ثقة هذا الشعب نفسه؟

 

أليس هذا الاصرار على معادلة "اما باسيل او لا حكومة" يمكن ان يفتح الباب امام بازار كيدي لا ينتهي؟

 

لا اعتقد هذا الامر، فهذه المسألة يجب ان تستند فقط على المبدأ الاساسي القائل بأنه لا يجوز توزير او تعويم من فقد ثقة الناس والشعب في الانتخابات، فالمفارقة هي: كيف يمكن ان يمنح نواب نالوا ثقة الشعب، ثقتهم بوزير لم ينل ثقة هذا الشعب نفسه؟، فكيف يمكن ان يعطوا النواب الثقة بوزير اسقطه الناس ؟، فجبران باسيل اسقطه الناس في البترون، فهل المطلوب من بطرس حرب وانطوان زهرا ان يعطوه هذه الثقة؟، فالنائب يمثّل الأمة والشعب اللبناني، لأن هذا الشعب من الجنوب الى الشمال لم يعطي ثقته بالراسبين، فكيف يمكن من الناحية الدستورية والقانونية اولاً، ومن الناحية الاخلاقية ثانياً ان يحصل هذا المرشح اخاسر على ثقة النواب الذين يمثلون ثقة الشعب؟. فاشعب هو من وكّل هؤلاء النواب ليكونوا صادقين بتمثيلهم، فكيف يسمح بعض النواب لأنفسهم ان يعطوا الثقة لمن لم يحز عليها اصلاً في استحقاق حزيران الأخير؟، وبالتالي لا يحق لعون فرض باسيل بالقوة على الحكومة المرتقبة.

 

الحريري ما يزال ملتزماً بالمبادىء

 

لو كنت مكان الرئيس المكلّف، ماذا كنت لتفعل في ظل كل هذه العراقيل والمراوحة الحكومية؟

 

المزيد من الاصرار على التوليف والتقريب بين القوى السياسية، لأن هذه الحكومة التي يؤلفها سعد الحريري، هي حكومة ائتلاف سياسي ووطني، وبالنالي فهو يقوم بدوره بشكل جيد، وعليه متابعة التأليف ، ولكن على اساس المبادىء التي تعارف عليها الجميع، حتى بين الاقلية والاكثرية، اذ يقر الجميع بمبدأ عدم توزير الراسبين، ويقرون بمبدأ تمثيل المناطق، والتوازنات السياسية بين الاكثرية والاقلية، وعلى هذا الاساس هو مستمر، ولا اتصور انه سيسقط اي مبدأ من هذه المبادىء الاساسية لتشكيل الحكومة، وبهذا الاطار يكون يواجه حملات الاستنزاف والابتزاز السياسي الذي يتعرض له، فعلى الرغم من مرور اسابيع على تشكيل الحكومة ولكنه ما زال ملتزماً بالمبادىء الوطنية والسياسية والاخلاقية وكل المعايير الذي يستند اليها رجل الدولة في التعامل مع الواقع السياسي اللبناني والى النظر الى مستقبل لبنان اكثر من النظر الى ماضيه.

 

المصدر : خاص موقع 14 آذار