مقابلة مع المعلق والكاتب والسياسي اللبناني، عضو تجمع 14 آذار، المحامي الياس الزغبي

أجرى المقابلة الناشط والمعلق السياسي الاغترابي الياس بجاني

المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

15 أيار/09

 

الياس الزغبي:

*عودة عون من المنفى جاءت ضمن صفقة عقدها مع سوريا ولحود وحزب الله مقابل إقفال ملفاته المالية والقضائية

*ورقة التفاهم مع حزب الله ألزمت عون بالسياسة السورية وبعدم التحالف مع أي فريق من 14 آذار

*ورقة التفاهم غطت حرب تموز وغزوة بيروت والاعتصامات وكل التعديات على الجيش

*ورقة التفاهم لم تحمي المسيحيين، بل جلبت على لبنان الكوارث والحروب والانشقاقات

*عون يبتز الطامحين للنيابة ويشتري ضمائرهم

*حملات تيار عون الانتخابية هي الأكثر تكلفة مالياً فمن أين هي مصادر تمويلها؟

*خطة حزب الله الانقلابية لن تتوقف بعد فشل حملته على القضاء

*عون كان الشريك الخامس غير المعلن في الحلف الرباعي سنة 2005

*من بقي مؤيداً للعماد عون، لكل منهم أسبابه المختلفة والمتنوعة ولكن ليس من ضمنها بالتأكيد الشأن الوطني والخيارات السياسية والثوابت الوطنية والإصلاح والتغيير.

*14 آذار ستربح الأكثرية في الانتخابات

*حزب الله سيلجأ للسلاح بعد فشلة في الحصول على الأكثرية النيابية وهو بالتأكيد سيخسر، إلا أن الإرادة اللبناني ستفشل مخططه

*غزوة 7 أيار 2008 أفشلتها المانعة السلمية في بيوت والممانعة المسلحة في الجبل

*الصوت المسيحي يتحمل مسؤولية تاريخية لأنه سيقرر مصير لبنان

 

في اتصال هاتفي أجراه الأستاذ الياس بجاني، الناشط والمعلق السياسي الاغترابي مع المعلق والكاتب والسياسي اللبناني، المحامي الياس الزغبي، عضو تجمع 14 آذار، وتناول الذكرى الأولى لغزوة حزب الله لبيروت والجبل في 7 أيار 2008، والذكرى الرابعة لعودة عون من المنفى في 7 أيار 2005، والشأن الانتخابي، ومحاذير وكارثية حصول 8 آذار على الأكثرية النيابية في الانتخابات المقبلة، دار بين الاثنين الحوار التالي:

 

الياس بجاني: أستاذ زغبي، استمعنا بشغف واهتمام إلى المقابلة التي أجريتها يوم الأربعاء الفائت بتاريخ 6 أيار 2008 مع الصحافي علي حمادة عبر برنامج الاستحقاق من تلفزيون المستقبل، وقد لفتنا عمقها السياسي والفكري وكل ما أوردته عن أمور كثيرة تتعلق بذكرى المناسبتين المؤلمتين: 7 أيار اجتياح بيروت، و7 أيار عودة العماد عون من المنفي، ونود في هذا الحديث المباشر معكم نسلط الأضواء أكثر على ما ورد في المقابلة، والسؤال الأول هو: لماذا تقول إن الحدثين هما وجهان لعملة واحدة؟ وما علاقة الواحدة بالأخرى وبيتهما فترة ثلاثة سنوات؟

جواب: أولاً، 7 أيار تاريخ له رمزيته ويحكى عن حدثين وقعا في 7 أيار، الأول في  أيار 2005 تاريخ عودة العماد ميشال عون من المنفى، والثاني 7 في  أيار 2008 حيث قام حزب الله باجتياح بيروت الغربية عسكرياً بالاشتراك مع ميليشيات جماعة "شكراً سوريا". نعم، بكل تأكيد الحدثان هما حدث واحد رغم تباعدهما الزمني وهما وجهان لعملة واحدة.

ففي 7 أيار 2005 عاد العماد عون على خلفية تحالفه مع حزب الله، وخلافاً لكل الظنون والشكوك والتفسيرات التي تقول إن التحالف تم يوم وقعت ورقة التفاهم، فإن الحقيقة هي أن التحالف كان قائماً وموضوعاً مسبقاً قبل العودة. إلا أن العماد عون احتاج لفترة تسعة أشهر لإخراج هذا التفاهم-التحالف إلى العلن، أي في 6 شباط 2006 تاريخ توقيعه ورقة التفاهم مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل..

 

سؤال: هل هذا يعني أن عودة العماد عون كانت ضمن صفقة سياسية معينة؟

جواب: نعم عودة العماد عون كانت نتيجة صفقة مع الحكم السوري وحزب الله والرئيس اميل لحود وقد باتت معروفة للجميع أسماء الأشخاص الذين فاوضوه في باريس وعقدوا معه الصفقة. كل هذه الحقائق مؤكدة وموثقة وقد سميتها "بخطة العودة"، وكتبت عنها وشرحت حيثياتها بالتفاصيل والوقائع في العديد من المقالات والتحاليل السياسية والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية. نعم، عملياً كانت هناك مقايضة مع عون على مسألتين هما إهمال أو حل أو تسوية ملفاته القضائية والمالية مقابل شرطين هما:

أولاً: عدم تحالفه مع 14 آذار بكل مكوناتها، لا بل التحالف عملياً مع 8 آذار، وهذا ما حدث انتخابياًً سنة 2005 في كل المناطق اللبنانية، فيما عدا بعبدا-عاليه حيث كان التكليف الشرعي من قبل حزب الله لتغطية خديعة الحلف الرباعي. التحالف بين عون وحزب الله كان عميقاً وشاملا في كل المناطق التي توجد فيها أصواتاً شيعية من زحلة والمتن والشمال، إلى جبيل وكسروان وباقي المناطق. غالبية الأصوات الشيعية هذه ذهبت لمرشحي العماد عون.

 

سؤال: هل هذا يعني أن عون كان في بعبدا-عالية غطاء للمؤامرة الانتخابية؟

جواب: أكيد، في بعبدا-عاليه عون كان غطاء، وخطة عون وحزب الله كان هدفها إظهار التحالف الإسلامي الصافي بين الشيعة والسنيين والدروز ضد المسيحيين، وذلك لاستنهاض العصبية المسيحية لصالح مرشحي عون في باقي المناطق، وهذا ما جرى. خطة عودة عون كانت تقضي بهذه الثنائية حيث مُنع عليه التحالف مع 14 آذار، وطُلب منه التحالف مع 8 آذار.

 

سؤال: وما هو الشرط الثاني الذي فرضته خطة العودة على عون؟

جواب: الشرط الثاني وهو الأخطر كان إلتزام العماد ميشال عون بالسياسة السورية كاملة ابتداء من أول يوم عاد فيه، وهذا ما أصبح اليوم واضحاً وضوح الشمس.

 

سؤال: ولكن خسارة عون مقاعد بعبدا-عاليه  حرمته من أن يرفع عدد نواب كتلته إلى 30 وهو تقدم بطعون للمجلس الدستوري كان في أولويتها التكاليف الشرعية التي أصدرها حزب الله وحرّمت الانتخاب لغير مرشحي التحالف الرباعي في بعبدا عاليه؟

جواب: كل هذه الأمور كان متفقاً عليها مع حزب الله وإميل لحود والسوريين مسبقاً، وهي كانت للتمويه والخديعة ليس إلا. فالنواب العشرة الذين خسرهم عون في بعبدا-عاليه ربح بدلاً منهم 15 نائباً بين المتن وكسروان وجبيل. حسابات عون أساساً كانت مبنية على إمكانية حصوله على 3 نواب فقط بين المتن وكسروان وجبيل. ولكن ردود الفعل المسيحية على ما سمي بالحلف الرباعي، الذي كان بالواقع خماسياً (عون كان الشريك الخامس) أعطت عون 22 نائباً في زحلة والمتن وكسروان وجبيل.

 

سؤال: ولكن كما نذكر فإن تجمع 14 آذار كان عرض على عون في انتخابات 2005 تلك ثمانية مقاعد في زحلة وبعبدا-عاليه والشمال، فلماذا لم يقبل؟

جواب: هذا صحيح، فتحالف 14 آذار كان عرض على العماد عون 8 نواب في زحلة وبعبدا-عاليه والشمال، دون التطرق إلى لوائح كسروان والمتن وجبيل، فلو كان حصل على 15 نائباً في كسروان والمتن وجبيل، ومع ال 8 المعروضين عليه في بعبدا-عاليه وزحلة والشمال، لكان عدد نواب كتلته وصل إلى 23 أو 24 نائباً. صحيح هو خسر 10 نواب في بعبدا-عاليه، ولكنه ربح عوضاً عنهم 15 نائباً في المتن وكسروان وجبيل.

 

سؤال: أين فشلت خطة عون، حزب الله، لحود وسوريا في انتخابات 2005 في الحصول على الأكثرية النيابية كما كان معولاً عليها؟

جواب: الرهان الأساسي كان على الشمال حيث توقع الأربعة أصحاب الخطة هذه أن يحصلوا فيه أقله على 14 من أصل 28 نائباً. إلا أن خطتهم فشلت في تحقيق أهدافها. أسباب سقوطها ليس مرده فقط للاستنفار السني، بل أبضاً بسبب تراجع حجم التأييد المسيحي للعماد عون هناك، حيث لم تتخطى نسبة المسيحيين الذين صوتوا لمرشحيه في محافظة الشمال 52 إلى 52.5% فيما كانت النسبة 70% في المتن وجبيل وكسروان وزحلة.

 

سؤال: يدعي العماد عون أنه مستقل، وليس في 8 آذار، فهل هذا صحيحا؟

جواب: بالطبع لا، ومضحك هذا الإدعاء المجافي لكل الحقائق والوقائع. إن 8 آذار ليست لحظة، ولا هي يوم التظاهر تحت عنوان: شكراً سوريا. 8 آذار سياسة وممارسات وثقافة ومواقف وعقيدة. من هنا هل بإمكان عون وجماعته إعلامنا بماذا هم مختلفون عن حزب الله؟

 

سؤال: كيف تقرأون اجتياح بيروت والجبل في 7 أيار 2008 سياسياً وعسكريا وتحالفات وأهداف؟

جواب: هذا الاجتياح ما كان ليحصل لولا الغطاء المسيحي الذي أمنه عون لحزب الله من خلال ورقة تفاهمهما وتحالفهما. من هنا فإن 7 أيار عودة عون، و7 أيار اجتياح بيروت هما وجهان لعملة واحدة، وذلك لأن تحالف-عون حزب الله الذي ظهر إلى العلن في 6 شباط 2006 أنتج عدة أحداث كارثية نفذها حزب الله وكان فيها عون وتياره ياستمرا محفزاً وغطاء مسيحياً وهي:

أولاً حرب تموز 2006،

ثانياً: الاعتصام "الدهري" في الأسواق ومحاصرة السراي الحكومي لمدة وسنة ونصف،

ثالثا:ً اجتياح 7 أيار 2008، لبيروت والجبل،

رابعاً: شل عمل الحكومة وإقفال مجلس النواب،

خامساً: عدم تنفيذ ما اتفق عليه على طاولة الحوار،

سادساً: تعطيل وتأخير انتخاب رئيس للجمهورية،

سابعا: عملية إعادة بناء الدولة،

ثامناً: والأخطر أنه غطى وأيد وسوّق وبرر وسخف كل الصدامات العسكرية مع الجيش اللبناني من استشهاد النقيب الطيار حنا سامر حرب في الجنوب، إلى الأربعة العسكريين الشهداء الذي سقطوا للجيش في الهرمل.

والغريب في الأمر هنا هو أن العماد عون الذي كان قائداً للجيش يعتبر أن الجيش وقع ضحية ثأر في الهرمل، مجرد ثأر عشائري، وأن ما حدث في الجنوب وأدى إلى مقتل الضابط سامر حنا حرب هو خطأ يستوجب التحقيق مع المسؤولين عن الضابط ومع قيادة الجيش لمعرفة الأسباب التي استوجبت إرساله إلى سجد في إقليم التفاح.

وعون قائد الجيش السابق متبني لمواقف تولي وتضع أولوية سلاح حزب الله فوق سلاح الجيش اللبناني. هذه أمور أساسية يجب أن يحاسب عليها من قبل الرأي العام لأنه كان قائداً للجيش وهو بنى أصلاً كل سياسته وكل شعبيته على مطالبته بأن يكون الجيش قوياً. السؤال هو كيف يمكن أن يكون الجيش قوياً بوجود دويلة وسلاح حزب الله.

 

سؤال: يؤخذ عليك أنك تركت العماد عون لأنه لم يتبنى ترشيحك في المتن سنة 2005، فما هو ردكم؟

جواب: لو كان الموقع النيابي من أولوياتي لكنت ترشحت في هذه الانتخابات. الخلاف بيني وبين عون وتياره هو خلاف على الخيارات والتحالفات والثوابت التي نقضها كلها بعد عودته من المنفي وهو منذ ذلك التاريخ يعادي مجتمعه وكنيسته ويحاول جر لبنان إلى التحالف السوري-الإيراني ومعاداة الغرب والدول العربية وإبقاء لبنان ساحة لحروب الآخرين ومنع قيام الدولة وتشريع سلاح حزب الله ودويلته.

 

سؤال: بالعودة إلى الانتخابات والمرشحين، لماذا لم يتمكن عدد لا يستهان به من رموز 14 آذار المشاركة في الانتخابات؟ وهل استبعادهم يساعد في المناطق التي تتنافس فيها 14 آذار مع مرشحي العماد عون؟

جواب: كان للمطحنة الانتخابية والسياسية بالتأكيد ضحايا وهم من الأسماء الكبيرة والمهمة وقد وصل عددهم إلى الخمسة. من المؤسف أنه لم يكن لهؤلاء مكان على لوائح 14 آذار لأسباب عديدة كلها تتمحور حول اختيار من يوفر أكبر نسبة من النجاح لتأمين الأكثرية. عملية استبعاد هذه الأسماء المهمة هي ضريبة يدفعونها في عملهم الوطني خدمة لأهداف وطنية كبيرة. هذه التجاذبات العميقة التي أدت إلى استبعادهم للأسف حدثت، إلا أن 14 آذار خرجت منها وأصبحنا في المرحلة الأخيرة والنهائية التي تسبق عملية الاقتراع في كل المناطق.

أشير هنا إلى أن مجموعة 8 آذار تواجه نفس الإشكاليات وبنسبة أكبر بكثير، إلا أن التعامل معها لا يتم بالعلن وهي تتفاعل في الداخل.

 

سؤال: ما هو تعليقكم على ما نشرته جريدة الديار حول استبعاد فارس بويز من لائحة العماد عون في كسروان لأنه لم يدفع لعون المبلغ الذي طلبه منه، في حين دفعه النائب نعمة الله أبي نصر وقدره مليوني دولار، وأيضا على ما ذكرته نفس الصحيفة عن تقديم النائبة جيلبرت زوين قطعة أرض في كسروان لصهر العماد عون الوزير جبران باسيل مقابل إبقائها على اللائحة في كسروان؟

جواب: هذا الكلام طبعاً برسم الصحيفة التي قالت إن لديها معطيات، والرد والتوضيح من النائب نعمة الله أبي نصر، ومن الوزير باسيل على ما نشر لا يبرر ولا يثبت العكس. على كل حال، أخبار المال السياسي الانتخابي ليست جديدة، وعند العماد عون بالذات، وفي انتخابات 2005 قيل الكثير عن ممارسات متعددة مشابهة له في كسروان وجبيل والمتن وزحلة، وفي المناطق الأخرى.

 

سؤال: هل المال السياسي المحكي عنه واحد وما هي مصادره وأخطاره؟

جواب: هناك نوعان من المال السياسي الذي يُستعمل ويُبتز في الانتخابات اللبنانية، وهما وجهان لعملة واحدة، إلا أن واحداً منهما هو أخطر من الآخر بكثير، وهو الوجه الذي يستعمله العماد عون. ففي حين أن المال السياسي التقليدي يدفعه المتمول السياسي للناس الذين هم بحاجة إليه من الفقراء والعائلات المستورة مقابل أصواتهم، وهذا بالطبع شراء ضمائر، ولكن فيه منفعة مادية معينة على فترة معينة. أما الوجه الآخر والخطير جداً الذي لا يتنبه له كثيرون هو المال السياسي الانتخابي الذي يُستعمل لشراء ضمير النائب وليس الناخب، وهذا ما يمارسه العماد عون.

 

سؤال: هل بالإمكان تفسير هذا الأمر أكثر؟

جواب: عادة يعلن الزعيم السياسي لمن يهمهم الأمر أنه يملك أصوات الناس الذين يؤيدونه وبإمكانه تجيرهم لمن يريد مقابل مبالغ من المال. وعلى هذا الأساس يطلب الزعيم هذا مبلغاً مالياً معيناً من كل من يريد أن يترشح على لائحته ليحصل على أصوات مؤيده ويصبح نائباً. عون وغيره كثر يستعملون هذا الأسلوب والمبالغ التي تدفع من قبل المرشحين الطامحين للنيابة إلى زعماء اللوائح هي بالملايين.

 

سؤال: أليس هذا الأمر معمولاً به في الانتخابات النيابية اللبنانية منذ عقود والمبالغ التي تدفع هي مصاريف انتخابية للائحة؟

جواب: صحيح، هذه الممارسات كانت تحدث منذ 50 و60 سنة، ولكن في سنة 2009 يستعملها من يرفع شعار الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد والمال السياسي، وهنا المفارقة والسخرية في آن. نسال أين الإصلاح والتغيير في هكذا هرطقات؟؟

 

سؤال: هل هناك ما يثبت أن العماد عون يلجأ لهذه لهده الأساليب الابتزازية؟

جواب: هناك معطيات عند أصحابها ربما يقدمون أو لا يقدمون فيها إثباتات. دعنا نقول إن في التداول شبهات وهذه الشبهات تظهر عملياً من ناحية المصروف. فهناك صرف مالي هائل على الإعلانات على سبيل المثال لا الحصر. ويلاحظ الجميع أن الإعلانات الانتخابات الأكثر انتشاراً على كل الأراضي اللبنانية، والأكثر كلفة، هي بمعظمها للتيار العوني.

كما أن هناك حالات إعلانية خطيرة جداً كلفتها ملايين الدولارات، وليس مئات ألوف الدولارات. نسأل من أين يأتي هذا المال؟ وهل هو مال طاهر ونظيف، أو من الناس "المعترين"!!

 

سؤال: ما هي مصادر هذا المال؟

جواب: المصادر متعددة، من بينها ابتزاز للناس، وابتزاز للمرشحين، وابتزاز مصادر التمويل الداخلية والخارجية. كما أنها تأتي من متمولين مغتربين، ومن دول خليجية، ومن دول غير عربية، وهذا الكلام على كل شفة ولسان. 

 

سؤال: إذا كان هذا حال العماد عون منذ عودته من المنفي في 7 أيار 2005، فلماذا يستمر عدد كبير جداً من المسيحيين بتأييده؟

جواب: من بقي من المسيحيين مؤيداً للعماد عون، لكل منه أسبابه المختلفة والمتنوعة، ولكن ليس من ضمنها بالتأكيد الشأن الوطني والخيارات السياسية والثوابت الوطنية والإصلاح والتغيير. هذا الأسباب كلها تتمحور في مفاهيم وخلفيات ردات الفعل، و"النكايات السياسية"، والعمى السياسي، والخديعة، والشعور التقليدي بالضدية، "ضد القوات أو الكتائب أو الأحرار".، والمنافع والمراكز والأطماع والحقد والكره والتعصب.

 

سؤال: هل يعني ذلك أن هؤلاء المسيحيين هم مع العماد عون ضد مسيحيي قريطم، كما يسمون مسيحيي 14 آذار؟

جواب: ترى هل بالإمكان تسمية عون بمسيحي حارة حريك؟ هذا كلام هرطقي فيه تسخيف وتجهيل وتسطيح للأمور.

 

سؤال: هل صحيح أن العماد عون أنقذ المسيحيين بتوقيعه ورقة التفاهم مع حزب الله في 6 شباط 2005؟

جواب: حرام القول إن ورقة تفاهم بن فريقين من طائفتين حمت المسيحيين، فلا حزب الله يمثل كل الشيعة، ولا تيار العماد يمثل كل المسيحيين. علما أن الورقة بالأساس هي موجهة ضد الشيعة الآخرين، وضد المسيحيين الآخرين، وضد الطائفتين السنية والدرزية. الورقة بعمقها خلقت انشقاقات وانهدامات داخل النسيج اللبناني العام، وخصوصاً بين المسيحيين وبين الشيعة، وبين السنة والشيعة.

كما أنه لا يمكننا تصنيف حزب الله بالغول الذي يفترس البشر، وهو يوم انسحبت إسرائيل من الجنوب سنة 2005 لم تكن ورقة تفاهم تيار عون- حزب الله وجدت بعد، وحزب الله في حينه لم ينكل بمسيحيي الجنوب. ألا يبين هذا الأمر أن ورقة التفاهم لم تحمي المناطق المسيحية من حزب الله؟ إن ما حمى المناطق المسيحية هي العوامل والمرتكزات التالية:

أولاً: فشل حزب الله العسكري على الجبهتين، في بيروت والجبل في غزوة 7 أيار 2008. فشِل من خلال الممانعة السلمية في بيروت، وفشِل من خلال الممانعة المسلحة في الجبل.

ثانياً: المناطق المسيحية ليست لقمة سائغة يمكن ببساطة اجتياحها. وهنا أذكِر بما قاله الدكتور سمير جعجع في اجتماع ل 14 آذار عقد في معراب بتاريخ 7 أيار 2008 يوم اجتياح حزب الله لبيروت. قيل يومها لجعجع إن حزب الله يهدد باحتلال قيادة القوات اللبنانية في معراب، فرد جعجع قائلاً: " قبل وصول حزب الله إلى معراب عليه أن يصل أولاً إلى حريصا".

هذا كلام معبر جداً وهو برسم جهلة تاريخ اللبنانيين عموما، والمسيحيين تحديداً.

إن المسألة ليست بهذه السهولة والمناطق المسيحية مرة أخرى هي ليست لقمة سائغة، والقول إن حزب الله يستطيع اجتياح لبنان فيه الكثير من الجهل للتاريخ والمعطيات والحقائق وموازين القوى والديموغرافية، ولعنفوان المسيحي ورفضه للعبودية والتبعية والمحتلين. حتى ولو نجح حزب الله عسكريا في الاجتياح فهو بالتأكيد لن يستطيع هضم الحالة السياسية والشعبية والمعنوية والطائفية والكيانية الموجودة. من هنا ادعاء عون وجماعته بأن ورقة التفاهم هي التي حمت المناطق المسيحية من اجتياح حزب الله لها، هو ادعاء كاذب وصبياني وتافه وسخيف.

 

سؤال: ما هي مفاعيل احتمال فوز حزب الله والدائرين في فلكه من مسيحيين وغير مسيحيين بأكثرية نيابية؟

جواب: باختصار كلي يعني نهاية لبنان الدولة والكيان والرسالة والحضارة والهوية والحريات والديموقراطية، وحلول دولة يحكمها حزب الله طبقاً لمفهومه لولاية الفقيه، وتكون ملحقة بالكامل بجمهورية ملالي إيران. هذا ليس كلاماً تهويلاً، بل حقائق معاشة وملموسة، ومن يراقب التطورات على الساحة اللبنانية يدرك أن هناك نية عند حزب الله للسيطرة على الحكم وهي تُترجم إلى واقع. فعلى امتداد السنوات الأربعة الماضية كان حزب الله جاهداً في عملية قضم لمواقع المؤسسات في الدولة اللبنانية، وهو يعتقد أنه روض الأمن بوجهيه الأمني والعسكري، وذلك بعد حادثة الشياح – مار مخايل الشهيرة، وحادثة سجد، وبعد حادثة البقاع الأخيرة، وروض السلطة السياسة من خلال الثلث المعطل فأصبحت الحكومة غير منتجة وغير فاعلة وشبه مشلولة، وروض مجلس التواب كسلطة تشريعية أساسية من خلال السيف المسلط على تعطيله بأية لحظة، ولم يبقى أمامه سوى سلطة أساسية مستقلة واحدة هي القضاء.

من هنا فإن حملة حزب الله الشعواء على الجسم القضائي تحت شعار إطلاق سراح الضباط الأربعة تهدف إلى وضع يده بالكامل على كل مفاصل ومؤسسات الدولة، أو تعطيل وشل المؤسسات التي لا يستطيع الإمساك كلياً بقرارها وحركتها.

في حال فوز حزب الله بأكثرية نيابية، وإن لم يتمكن من إقامة دولة ولاية الفقيه في الوقت الراهن، فهو بكل تأكيد سيعمل على إلغاء الدستور اللبناني لجهة المناصفة واستبدالها بالمثالثة والإبقاء على دولته وسلاحه وعزل لبنان عن العالم الحر وضمه إلى المحور السوري الإيراني.

 

سؤال: هل نجحت حملة حزب الله على الجسم القضائي؟

جواب: لا لم تنجح، وقد انحسرت وانكفأت حملته بعد الموقف الممسوك والصارم والحازم جداً لمجلس القضاء الأعلى، ولكن هذا لا يعني أن مخطط الحزب أو خطته الإنقلابية على الدولة المتعددة الأوجه، الأمنية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية والحياتية وغيرها قد توقفت. مما لا شك فيه أن هذه الخطة الانقلابية تدور في أذهان قيادات حزب الله ولن يتركوا سانحة تمكنهم من تنفيذها.

 

سؤال: هل هذا يعني أن حزب الله في حال لم يربح أكثرية نيابية في الانتخابات المقيلة سيستعمل سلاحه مجدداً لفرض مخططه الانقلابي بالقوة؟

جواب: من الآن وحتى موعد الانتخابات في 7 حزيران سوف يحاول حزب الله ربحها تحت التهويل والتهديد والتخوين والتشكيل وما إلى ذلك من أساليب إرهابية وغير حضارية، وفي حال لم يربح، وهذا هو المنتظر، فسيقفز فوراً إلى الخطة الأمنية العسكرية البديلة لتنفيذ الانقلاب الذي عُلق تنفيذه بعد غزوة بيروت في 7 أيار 2008.

 

سؤال: أليس من الأفضل إذا والحال هي على هذا الكم من السوادية أن يتم تسليم السلطة لحزب الله منذ الآن سلمياً؟

جواب: أبداً، أبداً، لا يمكن لأي كان أن يتسلم السلطة في لبنان إلا ديموقراطياً. لقد جرب حزب الله استعمال القوة السكرية في 7 أيار 2008 ولم يتمكن من إكمال خطته. أما في حال قرر إعادة تجربته في 8 حزيران في حال لم يربح الأكثرية النيابية، فهو سيواجه بمطبات وعوائق وموانع كثيرة ستقف في وجهه وتفشل مخططه، أولاها وأكثرها فاعلية هي الإرادة اللبنانية الحرة الممانعة للهيمنة والتفرد والتبعة والعبودية والتسلط والغرائزية.

 

سؤال: ما هي توقعاتكم لنتائج الانتخابات؟

جواب: سوف تعود 14 آذار بأكثرية مريحة.

 

السؤال الأخير: في نهاية هذه المقابلة ما هي نصيحتكم للناخب عموماً، وللمسيحي تحديداً كون صوته هو الذي سيحسم نتائج الإنتخابات؟

جواب: نصيحتي لهم هي الاقتراع ودون تردد لمشروع الدولة وللقضية اللبنانية وللثوابت وللحريات ولثقافة السلام والانفتاح، نصيحتي هي الاقتراع لمرشحي 14 آذار وحلفائهم الذين يجسدون هذه التطلعات.

 

الياس بجاني: شكراً لك أستاذ الزغبي.

انتهت المقابلة