مقابلة من موقع 14 آذار مع الكاتب والسياسي السيادي المحامي الياس الزغبي

 

عوامل جديدة يعتمد عليها جنبلاط في قراءته اليوم... وخطأ جسيم يرتكبه مسيحييو سوريا في لبنان!!!  

١٥ ايار ٢٠١١

باتريسيا متى/ موقع 14 آذار

 

في ظل المراوحة التي يمنى بها مسار التشكيلة الحكومية على الرغم من اطلاق الراعي الاقليمي الضوء الأخضر معلنا البدء بتشكيل الحكومة، رأى عضو قوى الرابع عشر من آذار والكاتب السياسي الياس الزغبي "أن المسألة الحكومية مرتبطة بقرار خارجي وتحديدا سوري وايراني - موضحا أن المرجعية الأقرب لا تزال دمشق-، اذ ان أطراف 8 آذار المتخاصمون والمتهافون حول الحقائب والحصص ينتظرون اشارة حاسمة منها".

 

الزغبي أشار في حديث خاص لموقع" 14 آذار "الالكتروني "أن تلك الاشارة جاءت قبل بضعة أيام وبادروا فورا الى ترتيب صيغ للحكومة الموعودة، الا أن اشارة مناقضة أخرى من دمشق نفسها سرعان ما لجمت هذه الصيغ لأن حسابات النظام لم تطابق الواقع، اذ اعتقد أنه حقق نقلة نوعية ضد الثورة في المدن السورية فتبين له أن الانتفاضة تتسع نوعيا وتنتشر أفقيا وتدخل فيها عناصر شعبية داخلية جديدة ما جعل النظام أكثر ارتيابا من وضعه واعتقاده أنه حقق خطوة ناجحة ضد الانتفاضة، فـأطلق اشارة حمراء جديدة الى أتباعه في بيروت ما جعل الحكومة الموعودة تتأخر وتتعرقل مرة أخرى لافتا الى أنه يجب ترقب التطور السوري لمعرفة مصير الحكومة".

 

ميقاتي بين مشكلتين كبيرتين... وحساباته غير مطابقة لنهج حزب الله

 

هذا وأشار الزغبي" أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يجد نفسه بين مشكلتين كبيرتين، أي بين ضغط الفريق الذي كلفه باتجاه حكومة أحادية تتناسب ونهج حزب الله تحت عنوان الممناعة وانتسابها الى الخط السوري-الايراني بينما ميقاتي يجري حسابات أوسع تتعلق بوضع لبنان وعلاقاته الدولية والعربية ويقيّم مع رئيس الجمهورية المرحلة ويجد أنها تحتاج حكومة غير ذات لون وصباغ فاقع، لذلك يتردد بين التأخير واللجوء الى مخرج يفكر فيه منذ أسابيع وهو ما يسمى بحكومة تكنوقراط وأمر واقع لا يحسب وزراءها على الأطراف السياسية بشكل مباشر وواضح".

 

واذ اعتبر الزغبي "أن ميقاتي أمام خيارين بفعل ضغط حلفاؤه ، اعتبر أنه اما أن يقدم على خطوة دراماتيكية في تشكيل حكومة أمر واقع لا يستطيع أحد تكهن مستقبلها وربما تحولت الى حكومة تصريف أعمال بديلة مشيرا الى التهديد المباشر الذي تعرض له الرئيس المكلف من أطراف الثامن من آذار وتحديدا من حزب الله وعون أنهم لن يكتفوا بحجب الثقة عنها بل سيلجؤون الى الشارع ما يعني في لغتهم نوع من 7 أيار جديد أو قمصان سود جدد وتوتير الوضع الداخلي ما يضغط على الرئيس ميقاتي سلفا ويجعله يتحسب خطواته كي لا يظهر بمظهر المسبب في احتقان داخلي".

 

معركة بعبدا الرابية ستنتهي لمصلحة المؤسسة الشرعية وليس الحالة السياسية المتبدلة

 

وحول موقف فخامة رئيس الجمهورية، قال الزغبي:"رئيسا الحكومة المكلف والجمهورية يتسلحان بالصلاحيات الواضحة الممنوحة لهما بالدستور، لذلك لا يستطيعان التسليم بشروط متوالدة يضعها هذا الطرف أو ذاك بحجة الأكثرية التي أوصلته، لأن هذا يؤدي الى دفن الدستور ويهدد بجعل لبنان ساحة مفتوحة ضد كل ما هو شرعي وقانوني ودستوري ويحوله مع الوقت الى دولة مارقة تجاه المجتمع الدولي والعربي".

 

هذا ورأى أن "عقدة رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون من موقع الرئاسة الأولى مزمنة ولا يستطيع التخلص منها ربما رافقته الى اليوم الأخير، لذلك لا يمكن تصور أن يستطيع عون أو غيره الاستيلاء ومصادرة موقع الرئاسة الأولى وصلاحياتها وتجويف الدستور الذي ينص على أن الرئيس رمز وحدة البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة ويسهر على احترام الدستور وتطبيقه".

 

وأضاف:"لا يمكن أن ينال أي طرف منها مهما تسلح بكتلته النيابية وبتمثيله، أو أن يفرض على الرئيس الحصة أو الأسماء التي يريدها لأن الأمر سينتهي لمصلحة المؤسسة الشرعية أي الرئاسة الأولى لأن الحالة الأخرى هي حالة سياسية متبدلة عابرة قد تتمتع بعدد من نواب اليوم وتفقدهم غدا مؤكدا أنها لن تؤثر على الحالة الثابتة والمستمرة التي تمثلها المؤسسات وعلى رأسها رئيس الجمهورية".

 

لا حوار منتج طالما هناك من يغامر ويقامر في مصير لبنان ويحاول اعادة البلد الى العصر الظلامي

 

أما حول الحوار الحل الجدي والشامل الذي تحدث عنه فخامة رئيس الجمهورية، رأى الزغبي "أنه لا يمكن تصور الحوار في ظل نهج استئثاري وميليشوي يتحكم بالمسار السياسي ومعروف المصدر والمرجع، اذ ان حزب الله وفريقه يريدون فرض نمط خارج عن القانون والدستور والسياق السياسي الطبيعي الأمرالذي يوصل الحوار الى طريق مسدود، ولكن لا يمكن للرئيس والمسؤولون المدركون لواجباتهم التخلي عن مبدأ الحوار لأنه الذي يضمن مسار الدولة ومستقبلها ويؤمن المخارج اللازمة من المأزق السياسي".

 

وتابع:"لا حوار منتج طالما هناك من يغامر ويقامر في مصير لبنان في المرحلة التي تشهد فيها المنطقة تغييرات شاملة وجذرية ويريد من لبنان السير عكس الثورات العربية التي تطمح الى ازالة وضرب حكم الحزب الواحد أي العودة بلبنان الى العصر الظلامي بحيث يتحكم حزب واحد وطائفة واحدة بالمجرى السياسي العام القائم على الديمقرطية والتوافق الذي يعني انخراط الجميع في تحمل المسؤولية".

 

رهان جنبلاط قبل 3 سنوات كان خاطئ... وعوامل جديدة يعتمد عليها في قراءته اليوم تموضعه بين 8 و14

 

الى ذلك، اعتبر الزغبي" أن رهان النائب وليد جنبلاط قبل ثلاث سنوات كان متسرعا وغير مبني على ثوابت مستقرة لأن جنبلاط ظن لوهلة أن قوة سلاح حزب الله والنظام السوري والحضور الايراني المتميز في الشرق الأوسط هي عوامل كافية لتخرجه من 14 آذار وتضعه في مواجهة مع ما اعتقد أنه تحايل أميريكي وغربي وضعف عربي، لافتا الى أن جنبلاط اليوم هو أمام اعادة نظر بشكل غير حاسم ومحاولة تموضع بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار وفي صدد البحث عن الصيغة التي تجعله ما بين الضفتين لأن ما استند عليه من قراءة وتقدير قبل ثلاث سنوات لم يعد صالحا للرهان عليه".

 

ولفت الى "أنه ليس بالضررورة ان يعود الى 14 آذار ، بل انه سيتعامل مع عوامل عدة جديدة ابرزها اهتزاز النظام السوري وضعفه ما يجعل تأثيره على الساحة اللبنانية أكثر ضعفا والاضطراب الكبير التي تمر فيه المرجعية الايرانية وانحسار التأثير الايراني في الساحة العربية كما حصل في غزة والبحرين والخليج، اضافة الى اندفاعة مصر لاستلام الورقة العربية عبر المصالحة الفلسطينية، كلها عوامل تجعل جنبلاط يعيد قراءة موازين القوى التي بنى عليها قبل ثلاث سنوات قراءته الذي ظهر أنها لم تكن ناجحة وصحيحة ودقيقة".

 

استعمال حزب الله القوة بات أكثر صعوبة... وخروجه من عزلته هو بمد اليد الى 14 آذار

 

وحول امكانية التخلي قوى الثامن من آذار عن ميقاتي لاستبدل بآخر، وجد الزغبي" أنه لم يعد بين أيدي 8 آذار وسوريا خيارات كثيرة على اعتبار أنهم ضحوا بعمر كرامي وجاؤوا بنجيب ميقاتي وهم الآن غير واثقين من قدرتهم على المجيء باسم بديل الذي لا يمكن أن يكون الا الرئيس الحريري خاصة وأن أي اسم من سنة المعارضة لا يستطيع تأمين أكثريةال 68 نائبا التي استجمعوها ذات فجر أسود مشيرا الى التحدث عن بدائل في هذا الموضوع هو فقط للتهويل والضغط وليس الواقع".

 

الزغبي الذي رأى" أن فريق الثامن من آذار في حالة حرج وعزلة بخياراته ورهانته السياسية على ايران وسوريا، لفت الى أن استخدام هذا الفريق وتحديدا حزب الله للقوة بات أكثر صعوبة من قبل نظرا لتزايد ارتباكه معتبرا أن الخروج من هذا الارتباك بأقل خسائر ممكنة يبقى بمد اليد لفريق 14 آذار أي لمنطق الدولة والمؤسسات للالتزام بصراع سياسي تحت هذه العناوين من رئيس الجمهورية الى رئيس الوزراء ومجلس النواب والتخلي عن منطق التفرد بسلاحه فوق الدولة والجيش ".

 

وأضاف:"حين يقتنع أنه بات في مرحلة ترويض وارتباك سياسي يستطيع المبادرة في حوار جدي لاعادة انتاج السلطة في لبنان بشكل متواز على خلفية واضحة، أي أن نعود الى الأكثرية الديمقراطية الصحيحة التي أنتجتها الانتخابات المتمثلة بقوى الرابع عشر من آذار ".

 

المؤسسة الدينية الأم لدى الشيعة باتت رهينة حزب الله... والتمرد على حالة الوفاق أمر في غاية الخطورة

 

أما فيما خص اعتراض المجلس الاسلامي الأعلى على البندين الخامس والسادس من بيان القمة الروحية التي عقدت في بكركي، شدد الزغبي" أن حزب الله أخذ الطائفة الشيعية الى وضع مأزوم، اذ أنه وبعد مرور 4 ساعات على صدور البيان، صدر آخر عن المجلس الشيعي الأعلى يتحفظ على بعض البنود نتيجة ضغط وتكليف وتأثير مباشر من حزب الله وحركة أمل، وكأن المؤسسة الدينية الأم لدى الشيعة باتت رهينة حزب سياسي الأمر الذي يشكل سابقة في التاريخ اللبناني على اعتبار أن بيان القمة الروحية شامل ومتوازن لا يدخل في الصراع السياسي بل يؤمن نوع من المناخ المعنوي الايجابي بين الطوائف والمكونات السياسية ".

 

وتابع في السياق نفسه متأسفا على مستوى" التأزم الذي أخذ حزب الله الطائفة الشيعية اليه، خاصة وأن الأخيرة مكون أساسي من مكونات الكيان اللبناني لافتا الى خطورة اعلان الحزب أنه خارج هذا التوافق اللبناني الروحي والديني والطائفي والسياسي والانزلاق من الاجماع اللبناني والتمرد على حالة الوفاق أقله الدينية والروحية".

 

الخناق يشتد أكثر فأكثر على النظام

 

وفيما خص الأحداث في سوريا، أشار الزغبي" أن ما يحصل في سوريا غير قابل للارتداد الى الوراء، فلا أحد يستطيع رد الارادة الشعبية وقمعها في ظل الاعلام العالمي المفتوح والعلاقات الدولية التي تمنع ارتكاب مجزرة حماه جديدة والاقفال على نوافذ نتائجها خاصة وأن الجغرافيا البشرية السورية تنادي بالحق وبالحياة الديمقراطية ما يؤكد أن الأمور تطورت من المطالبة باصلاحات الى اسقاط النظام".

 

هذا ورأى أن الخناق يشتد أكثر فأكثر على النظام خلافا لكل من يحاول تصوير انتصاره وحسم المسألة عبر وسائل اعلامه والمسألة ستستمر ولا يمكن أن تتوقف الا مع تغيير ديمقراطي وتأهيل للحريات".

 

مقولة أمن لبنان من أمن سوريا صحيحة فيها الكثير من الأخطاء... وخطأ جسيم يرتكبه مسيحييو سوريا في لبنان

 

وعن ارتدادات ذلك على الداخل اللبناني، اعتبر الزغبي أنها مسألة ترتبط بالمحسوبين على النظام السوري في لبنان ، ان كانوا يريدون أن يقوموا بمعركة النظام في الداخل اللبناني موضحا أننا نفهم تعاطفهم والنظام الذي تخطى التعاطف الاعلامي والسياسي خاصة وأن هناك من يتحدث عن فرق متخصصة دخلت من لبنان للمساعدة في قمع المتظاهرين، الا انه في حال حاول أنصار سوريا في الداخل اللبناني وعلى رأسهم حزب الله تحريك الوضع تحت راية الفتنة تخفيفا للضغط على سوريا، فسيكونون في صدد ارتكاب جريمة فظيعة بحق النسيج اللبناني لن يسلم أحد منها لا القائمون عليها ولا الضحايا".

 

وأضاف:" المسألة بحاجة الى تبصر لئلا يرتد ما يحصل في سوريا على الداخل اللبناني لافتا الى أن عبارة أمن لبنان هو من أمن سوريا هي عبارة صحيحة فيها الكثير من الخطأ لأن أمن من لبنان هو من أمن سوريا كدوليتن وكشعبين وليس أمن لبنان من أمن النظام السوري موضحا أن النظام السوري متحرك بينما الأمن ثابت ما يؤكد عدم القدرة على ربطهما".

 

وختم معتبرا "أن هذا الأمر ينطبق على المسيحيين، فحيين يربط مصيرهم بمصير نظام متحرك زائل نكون في صدد ضرب مصالحهم وتعريضهم ليقال فيما بعد أن الطائفة المسيحية ستدفع ثمن سقوط النظام السوري لافتا الى الخطأ الجسيم الذي يرتكبه مسيحييو سوريا في لبنان حين يتباكون على النظام اذا سقط ويقولون أن المسيحيين سيدفعون الثمن".