مقابلة مع رئيس اللجنة المشرقية والعضو في المجلس العالمي لثورة الارز، الحقوقي والحلل السياسي/سامي فارس
أجرى المقابلة/الياس بجاني الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
 
المقابلة تناولت الأستاذ فارس كل الأوضاع اللبنانية الراهنة، وذلك بعد مشاركته الأسبوع الماضي ضمن وفد من المجلس بزيارة وزارة الدفاع والبيت الابيض الأميركيين وإجراء محاثات مركزة مع عدد من كبار المسؤولين فيهما تناولت الوضع اللبناني بكافة تشعباته والدور الأميركي الإيجابي والفاعل لجهة دعم سيادة واستقلال لبنانوالسلام فيه
15 
شباط 2007

اضغط هنا للإستماع للمقايلة/20 دقيقة      إضغط هنا لقراءة المقابلة

 في أسفل النص الكامل للمقابلة

 بتعريفه للجنة المشرقية أوضح الحقوقي فارس:
إن اللجنة المشرقيّة تأسست في العام 1980 من أجل الدّفاع عن حقوق المجموعات المشرقية ومن أجل إبراز حقّها في الوجود وفي التّمتّع بثقافاتها التاريخيّة وبنظرتها إلى الأمور وفق ذاكرتها التاريخيّة الخاصّة. وقد سعت اللجنة المشرقية لإيصال الهم المشرقي إلى المجتمع المسيحي في لبنان والتّواصُل مع المجتمعات المشرقية في الدّاخل وفي الاغتراب. وقد ضمت اللجنة المشرقية عدداً من الهيئات والقوى المشرقية، منها: الاّتحاد الديموقراطي المسيحي، والرابطة القبطية، وحزب بيت نهرين، والحزب الديموقراطي الأشوري (شورايا)، والإتحاد السرياني. آما الآن، فاللجنة المشرقية تنطلق برؤية جديدة متوافقة مع أهدافها الأساسية ولكن ضمن تغيير نوعي، إذ أنها تهتم بالحريات وبالديموقراطية، وبالوضع التعددي في الشرق الأوسط، وبالتواصل الواضح بين هموم الداخل وهموم الخارج.

 وعن أنشطة اللجنة المشرقية في الوقت الراهن قال:
أسست اللجنة المشرقية نشاطها بالأساس على أمر الاهتمام بالشعوب المشرقية في منطقة الشرق الأوسط من ناحية حقوقها التاريخية وضرورة المحافظة على اثنياتها وحضاراتها وهوياتها المميزة وغنى ثقافاتها المتنوعة. أما في الوقت الحاضر وبما أن اللجنة المشرقية هي جزء من هذا الشعب المتنوع الإثنيات والحضارات والثقافة الذي اتخذ من لبنان وطناً له فهي حالياً تهتم بالواقع السياسي الذي يعاني منه الناس ساعية بكل إمكانياتها إلى تحسين الأوضاع المعيشية والأمنية والحريات بكافة أوجهها، خصوصاً وأن المشكلة الأساسية تكمن في لبنان، فهذا البلد الرسالة كان واحة استقرار وآمن وسلام في الماضي وهو يجب أن يعود إلى ما كان عليه. من هنا نناشد المشرقيين من كل الفئات أن ينضموا إلى اللبنانيين في سعيهم إلى حلّ يعيد لبنان إلى وضعه الطبيعي.

 وعن موقف اللجنة من الصراع القائم حالياً في لبنان حول إسقاط حكومة الرئيس السنيورة والوسائل المستعملة لهذه الغاية من قبل المجموعات الانقلابية، قال فارس:
تحاول القوى التي تسمي نفسها معارضة في لبنان، فيما هي عملياً وغايات انقلابية، إسقاط حكومة الرئيس السنيورة بطرق تدعي أنها ديموقراطية وسلمية فيما هي تتخطاها في معظم الأحيان وتلجأ لأساليب عنفية وقهرية وفرضية. أما الطّرق الديموقراطية المفترض أن تمارسها إن رغبت في إبدال الحكومة فيجب أن تكون أولاً من ضمن المؤسسات الدستورية أي المجلس النيابي والحكومة ومن ثم التظاهر والاعتصام السلميين وذلك تعبيراً عن رُؤاها الخاصة. أما الطرق غير الديموقراطية التي تمارسها المجموعات الانقلابية هذه منذ الشهرين فهي منع الناس من الوصول إلى أشغالها، والمرابطة في ساحات عامة وخاصة ومنع الوصول إلى الشركات والمحال التجارية في وسط بيروت إضافة إلى الحرب الإعلامية التي عمادها الشحن المذهبي والطائفي وتهديد الناس وتعطيل مؤسسات الدولة وشل الوضع الاقتصادي. ومن ناحية ثانية تقوم القوى هذه بخلق أجواء تخويف تؤثر على الناس وتجعلها تترقب سؤاً بهدف تيئسها من الغد فتفقد أعصابها، وتفكر بالرحيل عن البلاد، علماً أن القوى الانقلابية لم تقدم أية مشاريع عمرانية واستثمارية وإنمائية، بل هي تسّويق باستمرار لثقافة الموت والحرب ورفض الآخر..

 ورداً على سؤال فيما إذا كانت حكومة الرئيس السنيورة شرعية أشار فارس:
إنها شرعية كونها تتمتع بالمواصفات القانونية والدستورية المطلوبة لتستحق شرعيتها. فهي حصلت على ثقة أكثرية نيابية، وهي تحكم بفضل هذه الثقة. إما لإسقاطها حُكْماً فيجب على المعارضة أن تسعى للحصول على أكثرية نيابية تسقطها، وذلك بإقناع عدد من نواب الأكثرية بأن الحكومة الحالية قد قصرَّت في مواضيع أساسية.
فلا يكفي أن تدّعي قيادات المعارضة بعدم شرعية هذه الحكومة لكي تفقد قانوناً شرعيتها، بل عليها أن تحصل فعلاً على الوضعية القانونية، أي الأكثرية النيابية كي تفقد الحكومة الحالية شرعيتها.

 وعن المطلوب من الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي ومنع التوتر الأمني في الداخل وعلى الحدود، رد:
الحكومة الحالية تسعى إلى إيقاف التوتر على الحدود الجنوبية مما يريح الوضع الاقتصادي ويحفز الناس على المزيد من النشاطات الاقتصادية بهدف رفع الإنتاج الوطني وتعزيز الميزانية العامة ليصبح عندئذ بالامكان تخفيف الاستدانة والخروج من دوامة الدين العام المتراكم. إن توتير الساحة السياسية عبر التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يؤدي إلى وضع اقتصادي متذبذب مما يعني ايقاف كل إمكانية لزيادة الدخل القومي وبالتالي تعريض البلاد للمزيد من الإفقار والتجويع والهجرة.

 وعن قراءة اللجنة لتحالف عون نصرا لله وانعكاسات هذه التحالف، قال:
إن تحالف حزب الله عون وان حمل على الهدر الماضي أو الدائم في المصاريف العامة، إلا أنه في سياسته الخارجية يؤدي بالبلاد إلى تقهقر اقتصادي مما يسحب منه مهمة الخلاص الاقتصادي والتحسن الإنمائي.

 وعن طروحات اللجنة لجهة تهدئة الوضع الجنوبي ومنع العودة إلى حال ما قبل حرب تموز الأخيرة، أوضح:
إن العودة في الوقت الراهن إلى اتفاقية الهدنة وتطبيقها بحذافيرها يهدئ الأجواء المحتقنة ويساعد الجميع على الالتفات إلى المحور الاقتصادي من دون خوف من أحوال حربية طارئة تُبَدل في المسار الاقتصادي وتعيد البلاد سنين إلى الوراء.

 وبما يتعلق بمؤتمر باريس 3 وموقف اللجنة منه وعن أسباب وقوف ما يسمى معارضه ضده، رد قائلاً:
إن مؤتمر باريس 3 هو انجاز ومجهود إيجابي جداً لأنه يعبّر عن اهتمام الدول الكبرى والمجتمع الدولي بالوضع الاقتصادي المتردّي في لبنان، وعن إرادة الدول المساعدة بأقصى ما يمكن كي تعود عجلة الاقتصاد وكي يخف الدين العام. أما المشكلة فهي في المعارضة التي برغم كل المساعدة من الدول الكبرى والإقليمية المهتمة بمصير لبنان، تريد خلق المشاكل اليومية على أساس إنها تريد حكومة جديدة، وهي لا تلجأ للطرق الديموقراطية المشروعة التي تُستعمل كي تصل إلى مطلبها. فهي تريد الوصول بطرق غير شرعية إلى ذلك، وخلق مشاكل في البلاد تُهَرِّب المستثمرين، وتعيدنا إلى الوراء.

 وعن موقف اللجنة من الصراع القائم حول المحكمة الدولية، قال:
لقد طرحت الحكومة نقطة استفهام عندما يتكلم البعض عن المحكمة الدولية. فقد أعلنت المعارضة أن لا ثقة لها بالمحكمة الدولية، واعتبرت أن المحكمة الدولية التي ستضم قضاة مشهوداً لهم بعالميتهم ستصل إلى أهداف خاصة. وعدم الثقة بالمحكمة الدولية هو البرهان على النوايا المبيتة. لقد ركز بعض من المعارضة على هذا الموضوع على أساس أن المحكمة الدولية غير نموذجية، وذلك حتى قبل أن تنشأ المحكمة بالرغم أنها ستتضمن قضاة لبنانيين ودوليين مشهوداً لهم بثقافتهم القانونية.

 وتعليقاً على مطالبة حزب الله وجماعة عون بانتخابات مبكرة أو دخول الحكومة بالقوة أشار:
نسأل، لماذا إرادة الوصول إلى حكومة جديدة بالقوة وبالمشاكل اليومية وبضرب الاقتصاد؟ فلو لها ثقة بالمجرى العادي للأمور، فلتنتظر المعارضة الانتخابات القادمة، فإن حصلت على الأكثرية وصلت إلى السلطة، وإن لم تحصل على الأكثرية، تنتظر حتى تحصل على الأكثرية، فتتمكن من الحكم. وعدم الالتزام بالعامل الطبيعي للوقت يعني أن المعارضة تريد تسريع الأمور بسبب عوامل إقليمية تضغط عليها، ويعني ذلك أن ضغطاً يأتيها من المحور الإيراني السوري الذي له مشاكل خاصة به. وهم يدخلون لبنان في المشاكل العالمية. وبذلك لم نعد في قضية داخلية، بل أصبحنا في قضية شرق أوسطية، والخطورة في ذلك أن لبنان يُستعمل كرة في هذه القضايا الشرق أوسطية.

 وعن الدور المطلوب من حكومة السنيورة لعبه والمواقف التي يجب أن تلتزم بها، أشار:
على الحكومة التي تمثل الأكثرية الشعبية أن تبقى صامدة في هذه الأمور. أما إذا استعملت المعارضة القوة والشغب كما بدأت تفعل، وخاصة إنها أعلنت أنها تملك السلاح الكثير من صواريخ وغيرها، عندئذ على الحكومة أن تراجع حساباتها وتعود تطلب أن يكون الحل في الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها، أي قوات دولية تأتي إلى لبنان لتحل المشكلة نهائياً. فلا يمكن أن نبقى هكذا وإلا نحن أمام محاولة انقلابية. إن الحكومة عندما رفضت في الصيف الماضي أن يصدر القرار الدولي رقم 1701 تحت الفصل السابع فذلك جاء بناء على طلب حزب الله وملحقاته لئلا يقال أن هناك انقساماً في البلاد. فيما الواقع أن حزب الله كان يناور ويشتري الوقت وهو لم يقبل بالقرار الدولي وما أن توقفت الحرب حتى عاد إلى ممارساته الميليشياوية وتهديداته رافضاً التقيد بأي بند من بنود القرار أو الخضوع للدولة وتسليم سلاحه. نرى أن تطالب الحكومة بوضع القرار 1701 تحت الفصل السابع وهذا حق لها وواجب عليها.

 وبسؤاله عن آلية رؤيته لتنفيذ الفصل السابع وانعكاسات هذا الأمر على الوضع الميداني رد:
إن تطبيق الفصل السابع ووضع القرارات الدولية الخاصة بلبنان وتحديداً 1559 و1701 تحت مظلته يبدأ بانتشار القوات الدولية على الحدود السورية اللبنانية لمنع أي محاولة إدخال سلاح غير شرعي إلى لبنان، والانتشار بفاعلية على الحدود الجنوبية لمنع أي مناوشات، والانتشار في الداخل لمنع المشاغبات الحاصلة مع الآلاف من الناس، وكل هذا يمكن الجيش اللبناني من الإمساك بالأمن بفاعلية وبطريقة متواصلة. وهكذا نتمكن من إنهاء هذه المشكلة المثلثة الأطراف والمتمادية منذ أواخر الستينات من القرن الماضي. بالإضافة أن الساحة الأمنية اللبنانية ومنذ 14 شباط 2005 أصبحت غير آمنة حيث يتعرض الناس والفاعليات إلى اغتيالات وانفجارات دائمة، والأملاك العامة والخاصة إلى التخريب. هذا وبالإضافة إلى الناتج عن هذه الأمور من ضرب مواسم الإصطياف والأعياد وتهريب المستثمرين وإلحاق الغبن الشديد بالإقتصاد. إن حسم هذه الإشكالات المزمنة لا يمكن أن يحصل إلا عبر استخدام قوات دولية تحصِّن الوضع وتعيد الطمأنينة إلى النفوس.

 وفي ختام المقابلة تناول الحقوقي سامي فارس دور الاغتراب المفصلي قائلاً:
أتمنى للاغتراب مزيداً من التواصل مع الداخل، وخاصة أن لديه أفكاراً بناءة، ويهمه أن يتخطى لبنان محنته المستديمة. ويهمنا أن يعود معظم أفراد الاغتراب الذين تركوا الوطن لأسباب عديدة في مقدمها السياسية والقهر والظروف المعيشية والاقتصادية إلى ديارهم، فلبنان الداخل يصعب عليه دون مساندة ودعم الاغتراب وعودة من يريد من أفراده دون قيود أن ينهض من كبوته ويعود إلى وضعه الاعتيادي من حريات وديموقراطية وأمن وسلام وازدهار.