المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
13
نيسان/2011

تقريرفي ذكرى 13 نيسان وبوسطة عين الرمانة

ذكرى 13 نيسان وبوسطة عين الرمانة
بالصوت/ذكرى 13 نيسان وجماعات الوجاهة الفارغة/الياس بجاني/13 نيسان/11/اضغط هنا

http://www.eliasbejjani.com/elias%20audio11/elias.ain%20remani13.4.11.wma
بقلم/الياس بجاني/منذ 36 سنة بدأت أولى حلقات المؤامرة على لبنان وشعبه وهي لا تزال مستمرة دون هوادة أو تراجع ولو بوجوه وجماعات وشعارات وأطر مختلفة.
الهدف كان ولا يزال اقتلاع اللبناني من أرضه وتفكيك مجتمعاته وتهميش هويته وتزوير تاريخه وإرهابه وسرقة ممتلكاته ودفعه للهجرة القسرية أو رضوخه وقبوله بالذل والهوان كأهل ذمة دون قرار وحرية وكرامة. بدأت المؤامرة مع بوسطة عين الرمانة وهي تتواصل فصولاً دون توقف أو رحمة. كان يومها السلاح الفلسطيني هو الحربة والأداة، واليوم استُبدل بجيش حزب الله الإرهابي وسلاحه ودويلته. قاوم اللبناني والمسيحي تحديداً بالإيمان والرجاء والمحبة وهو لا يزال في نفس موقع المواجهة رغم اختراق هرمية مجتمعه وثوابته بواسطة طرواديين واسخريوتيين من أمثال ميشال عون وربعه. إلا أن المواجهة مستمرة وبإذن الله سينتصر لبنان وأهله وسيفشل الأبالسة في هرطقاتهم.  لن ندع الشر يغلبنا، بل سنغلبه بالخير، وسوف نبقى فرحين بالرجاء، صابرين في الضيق، ومواظبين على الصلاة، ومتكلين على الخالق الذي يقول لنا: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل اعطوا مكاناً للغضب". "لي الانتقام، يقول الرب، وأنا الذي يجازي". لنصلي من أجل راحة أنفس الشهداء الأبرار الذين سقوا تراب وطننا المقدس بدمائهم وصانوه بأرواحهم.
هذا ما جرى في عين الرمانة الأحد 13 نيسان 1975/نبيل يوسف/13 نيسان/11

http://www.10452lccc.com/special%20studies/ain%20remani%20n.youssef.htm
.

 

مقدمة ال "ام تي في "

13 نيسان 2011 , لبنان بكلِ جوارحِه وبمعظمِ شرائحِه يقاوم البوسطةَ المشؤومة ويسعى إلى صيانةِ فراملِها بالحدِ الأدنى أو نزعِ إطاراتِها، ما دام إقناعُ من إستولى على مِقوَدِها بالتعقلِ ليس أمرا سهلا حتى الساعة. من هنا الدعواتُ الحارةُ يطلقُها رئيسُ الجمهورية ورئيسُ حكومةِ تصريف الاعمال وكلُ القوى الحية في المجتمع من اجل تسليم امورِ اللبنانيين وشجونِهم الى الدُستور والى مؤسساتِ الدولة والى القوى الامنيةِ الشرعية وحدَها، في ما يشبه الى حدٍ بعيد تلكَ الصرخاتِ التي اُطلقت من حناجرَ كثيرة مُخلصة عشيةَ 13 نيسان 1975 واطفأتها رصاصاتُ القرارِ المجرم باسقاطِ لبنان- الدولة

في الحاضر الشأنُ الحكومي بعد الضربةِ التي سدّدها اليه النائب ميشال عون يراوح مكانَه، والعلاجاتُ المنتظرة قد تأتي من لقاءٍ قيل إنه سيجمع العماد عون بالسيد نصرالله الليلة، ويُتوقع ان يضع الامينُ العام لحزب الله ثقلَه ومخزونَ العلاقةِ الجيدة التي تربطُه بالعماد عون ليُقنعه بالتخلي عن بعض شروطِه لجهة عددِ الحقائبِ وتوزعِها تسهيلاً لإخراج عمليةِ التأليف من عنق الزجاجة. وكان سبق هذه المعلومات لقاءٌ في فردان بين مستشارَي الرئيس بري والسيد حسن نصرالله، والرئيس ميقاتي سعياً الى التوصل معه الى صيغة او صيغتين متكاملتين يمكن تسويقُهُما لدى العماد عون قبل اللجوء الى آخِر الدواء أي حكومةِ التكنوقراط التي لا تزال تراودُ الرئيس ميقاتي

 

أوليس في المربعات الامنية والمخيمات الفلسطينية "بوسطةاوليس السلاح غير الشرعي "بوسطة"؟ ونعر الدستور بخناجر التفلسف والاحتيال، اليس "بوسطة

لم تكن البوسطة السبب...بل إستشهاد الشهيد الكتائبي الأول جوزف أبو عاصي

13 موقع الكتائب/نيسان 1975 انتهى؟ هل انتهت الحرب – المؤامرة؟ 13 نيسان 2011 ان تكلم يقول: " البوسطة" لا تزال موجودة، وب"أحسن" حالاتها! ويتابع: "أوليس في المربعات الامنية والمخيمات الفلسطينية العصية عن الدولة اللبنانية "بوسطةاوليس السلاح غير الشرعي "بوسطة"؟ ونعر الدستور بخناجر التفلسف والاحتيال، اليس "بوسطةاليست التسويات بوسطة ال 75، وسياسة المحاور ايضا؟ اليس في المنطق الذي يبرئ القاتل ويتهم الضحية تلك الحافلة؟ وفي منطق الارتهان للخارج والصوم عن الحوار الداخلي ، المؤامرة نفسها منذ 36 سنة؟ والفساد، ذاك الذي يغذيه منطق الاستقواء غير الشرعي، ومحاولات قضم هوية ال 10452، وال"ادمان" على التبعية ، اليس بوسطة "حيّة"؟

لكن، كما في 13 نيسان 1975 بدأت المقاومة اللبنانية وكانت الكتائب بالمرصاد للدفاع عن لبنان ، في 13 العام 2011 لا يزال التصدي، والكتائب لن تتعب من طرح الحلول البديلة...كي لا تنفجر فينا جميعا ، تلك البوسطة اللعينة! الكتائب لن تيأس، ومن لديه حلولا اخرى فليتفضل بطرحها...فالمهم ان نتحاور! ان الكتائب تدعو الى مؤتمر وطني شامل للمصارحة والمصالحة، وتدعو الى اصلاح النظام المتعفن، فتستبدل " الغاء الطائفية السياسية" بالنظام اللامركزي الموسع، لا بل انها تسبق المطالبين بالغاء الطائفية السياسية باشواط لانها تريد الغاء الطائفية، لتكون الدولة العلمانية ويكون قانون احوال شخصية يسري على الجميع...على الجميع! والكتائب تطرح الحياد الايجابي، وهي ضدّ التوطين وضدّ زجّ لبنان في صراع المحاور...والكتائب لا تدعو الى وحدة الصف المسيحي وحسب بل الى ان تجعل من لبنان ساحة حوار...ان تجعله لبنان الرسالة....ووطن الشركة والمحبة!

 

الجميل: 13 نيسان بدأت باغتيال مرافق بيار الجميل

المخطط كان مدبرا لتحقيق التوطين ولجعل لبنان وطنا بديلا

وطنية - 13/4/2011 قال رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل في حديث الى اذاعة "صوت لبنان" عن ذكرى 13 نيسان 1975: "ننسى دائما ان 13 نيسان بدأت باغتيال جوزف ابو عاصي مرافق الشيخ بيار الجميل الذي كان يدشن يومها كنيسة في عين الرمانة". وأوضح ان "الشهيد الاول لم يكن في البوسطة بل من حراس الشيخ بيار، وأدى الحادث الى ردة الفعل"، وقال: "لا نعرف بأي سحر مرروا البوسطة في هذا المكان بالذات". واعتبر ان "المخطط كان مدبرا من الألف الى الياء، حيث بدأ التفجير في باب ادريس مستهدفا اماكن اناس قريبين من حزب الكتائب كآل ابي راشد وغيرهم، بينما العدة كانت جاهزة لدى ما يسمى بالحركة الوطنية في ذلك الوقت بقيادة ياسر عرفات عسكريا، وبغطاء كمال جنبلاط في الحركة السياسية". وتابع الجميل: "كانت العدة جاهزة فورا بعد قضية عين الرمانة، وفجأة حصل احتلال لأجزاء من بيروت وتعد على الناس، وفي اليوم الاول قتل عدد من الأشخاص".ولفت الى انه "كان هناك توجه عند السوريين لخلق الفوضى في لبنان"، مشيرا الى انه "بسبب وجود سوريا على حدودنا وامكانياتها بدعم هذا الانقلاب او الثورة مباشرة، خلقت ما يسمى بالصاعقة مع رئيسها زهير محسن للاطاحة بياسر عرفات، لانها كانت تريد ان يرأس زهير محسن منظمة التحرير الفلسطينية بدلا من ياسر عرفات".

اضاف: "دفعت سوريا بكل قواها لإشعال الثورة في لبنان من جهة اولى، ومن جهة ثانية لإعطاء الدعم لزهير محسين كي تستلم دمشق قيادة العمليات كلها".

وقال: نعرف تماما ان لسوريا هدفين على الصعيد العربي، من جهة الامساك بالورقة اللبنانية ومن جهة ثانية الامساك بالورقة الفلسطينية، وكان الهدف اشعال ثورة في لبنان".

ورأى أن "الذي خرب الحسابات السورية هو ان الجو العربي لم يكن متعاطفا مع دمشق من جهة اولى، ومن جهة ثانية كانت الصاعقة منها فئة لسوريا وللعراق وليبيا وغيرها، ومن ناحية اخرى كان ياسر عرفات ممسكا بمفاصل منظمة التحرير بشكل ان سوريا لم تستطع ان تفرض قيادة جديدة على تلك المنظمة".

وذكر الجميل بأنه "في تلك الفترة كان هناك قوتان على الساحة اللبنانية تستطيعان الوقوف بوجه الثورة، أولا الجيش اللبناني وثانيا الكتائب. فمنذ 1969 كانت موجودة في مناطق التماس في تل الزعتر". وقال: "حينها بدأت معاناتنا ومعاناتي أنا شخصيا، منذ سنة 1969 استخدمنا البنادق لنمنع هجمات الفلسطينيين في مخيم تل الزعتر كي لا يتقدموا باتجاه القرى المجاورة كجسر الباشا او سن الفيل او الدكوانة او المنصورية. واعتقد ان المخطط كان يهدف الى كسر الجيش الذي وقف على رجليه، فالشعب الى جانبه وتمكن من المقاومة. اما العنصر الثاني فكان حزب الكتائب. وعندما وقعت حادثة 13 نيسان كان التوجه لتحميل الحزب مسؤولية الحادثة، ومحاولة عزل الكتائب من جهة وكسر شوكة المقاومة لدى اللبنانيين والتي كان يجسدها حزب الكتائب والرئيس المؤسس بيار الجميل". اضاف: "بهذه الطريقة اعتقدوا انهم يستطيعون كسر الجيش والكتائب ولكن الكتائب صمدت والتف الشعب اللبناني حولها وخصوصا الرئيس كميل شمعون، وتكونت جبهة لبنانية". وأكد ان "قوى مسيحية ومسلمة وقفت الى جانب الشيخ بيار، حتى ان هناك قوى اسلامية كانت تعترض على منطق العزل، وأولها الامام موسى الصدر الذي نبه من خطورة عزل الكتائب لأنه يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين".

واردف: "الخطوة التي أقدم عليها كمال جنبلاط الذي كان وراء العزل، ومشت خلفه الحركة الوطنية، وكذلك حاول ان يقود الحكومة خلفه برئاسة رشيد الصلح يومها، كانت ملفتة، الا ان العزل فشل، فعلى العكس قوى الكتائب أكثر فأكثر، واكد انها الممثل الشرعي والشعبي والمعترف به من قبل السواد الاعظم من اللبنانيين".

واعتبر الجميل ان "تاريخ 13 نيسان مخطط واضح وصريح، فهناك من دبر كل الأحداث لإشعال الفتنة في لبنان"، لافتا الى انها "كانت الخطوة العملانية لتحقيق التوطين ولجعل لبنان الوطن البديل". وذكر ب"الحركات الوطنية "الظاهرية" بحسب قوله لكل من كمال جنبلاط ومحسن ابراهيم وغيرهما من القيادات في الشارع الإسلامي واليساري"، مشيرا الى ان "القوى المنفذة على الأرض كانت واضحة بتبعيتها لحركة ياسر عرفات"، موضحا ان "لا الدروز ولا الحزب الشيوعي نزلوا الى الساحة بل قوى عرفات في البداية ومن ثم التحقت بها فيما بعد مجموعات من القوى الفلسطينية لا سيما الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية والصاعقة".

 

الامانة العامة ل14 آذار اجتمعت في طرابلس بذكرى 13 نيسان:

خطر الحرب الاهلية لا يزال قائما ما دام السلاح غير الشرعي موجودا

وطنية - 13/4/2011 عقدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار اجتماعها الدوري في مقر منسقية تيار "المستقبل" في طرابلس، لمناسبة 13 نيسان ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية، في حضور النواب: سمير الجسر، أحمد فتفت، عمار حوري، نضال طعمة، خضر حبيب، بدر ونوس، معين المرعبي وخالد الضاهر، منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" مصطفى علوش، القيادي في حزب "القوات اللبنانية" إدي أبي اللمع، الأمين العام لحزب الوطنيين الأحرار الياس ابو عاصي وشخصيات من قوى 14 آذار.

وعقب الاجتماع، أدلى علوش باسم المجتمعين ببيان قال فيه: "تجتمع الأمانة العامة لقوى 14 آذار اليوم في طرابلس مدينة العيش المشترك التي حاول أفرقاء محليون وإقليميون بشتى الطرق فصلها عن الوطن ولكنها أكدت في 14 آذار 2005 أنها الرائدة في انتمائها الوطني، ونجتمع في 13 نيسان في ذكرى الحرب الأهلية لنؤكد على أن إرادة المصالحة أصبحت في ضمير اللبنانيين بعد العهد الذي التزموا به في 14 آذار بأن يبقوا معا موحدين، مسلمين ومسيحيين".

أضاف: "13 نيسان ليس مجرد ذكرى مؤلمة في عقول اللبنانيين، بل هي عبرة نحتتها الآلام والمآسي عندما أمعن السلاح غير الشرعي قتلا وتدميرا في جسد وطننا بشرا وحجرا. لا تزال ذاكرة من عايش تلك السنوات المشؤومة تضج بصور وأصوات طوابير المتجمعين حول الأفران والأوصال المقطعة وعويل النساء ويتم الأطفال وقصص المخطوفين والطرق التي يحكمها القناصون، ونيران القصف العشوائي، والحواجز الطيارة والقتل على الهوية وأكياس الرمل والمتاريس. بالمحصلة فقد خسرنا خمس سكان لبنان بين شهيد وجريح ومعوق وخسرنا قرابة عقدين من عمر وطننا ووقعنا تحت الإحتلال والوصاية". وتابع: "قد تكون لهذه الحرب أسباب متعددة، داخلية وخارجية أو إجتماعية وإقتصادية، ولكن الحقيقة الصارخة هي أنه لم تكن لهذه الحرب أن تقع لولا انتشار السلاح غير الشرعي بين الأزقة والبيوت، ولولا وجود الميليشيات المتعددة التي لبست لبوس المقاومة في مراحل شتى". وأردف: "في 14 آذار 2005 تلا اللبنانيون جميعهم فعل الندامة عندما اعتذروا من وطنهم عن الأذى الذي لحق به، إذ اكتشفوا أن الوحدة المسيحية - الإسلامية هي السبيل الوحيد لتحقيق الإستقلال وبناء وطن آمن ومستقر يتساوى مواطنوه في الحقوق والواجبات في ظلال الدولة الواحدة التي لا يستقوى عليها السلاح غير الشرعي. واليوم، وبعد ست وثلاثين سنة من ذكرى إندلاع الحرب الأهلية المشؤومة نرى أن خطر هذه الحرب لا يزال قائما ما دام السلاح غير الشرعي موجودا، ومن خلال استقواء فئة من اللبنانيين بهذا السلاح وفرض وقائع سياسية بالإكراه تشكل تهديدا كبيرا للحرية وللسلم الأهلي كما أنها تدخل لبنان في محور إقليمي ينسف إنتماءه العربي". وختم: "إن إصراركم أيها اللبنانيون على المواجهة السلمية والديموقراطية لهذا المشروع هو حق لكم وواجب عليكم لأنه ضمانة لكي يعيش أبناؤكم في وطن آمن ومستقر ومزدهر، فلا ترهبكم أبدا حملات التخوين والتهويل والحق معكم والمستقبل لكم."

 

الحريري في ذكرى الحرب الأهلية: للكفّ عن جعل السلاح وسيلة للتخاطب.. والعبرة من الذكرى أن تبقى من الماضي 

وكالاتـ في ذكرى الـ36 لإندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، أدلى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بالبيان التالي:

يعود هذا اليوم على اللبنانيين بذكريات موجعة، تردهم الى واحدة من أصعب التجارب ومراحل الانقسام في حياتهم الوطنية. مرحلة ساد فيها الاقتتال والتهجير والخطف على الهوية، وأقحمت لبنان في صراعات طائفية ومذهبية وإقليمية، أسست لضرب مقومات الدولة وإضعاف مؤسساتها، ونشرت الفوضى في كل أرجاء الوطن. هذه الذكرى تكشف عن حقائق الظلم الذي وقع على اللبنانيين، طوال اكثر من ثلاثين عاماً، وأدى في ما أدى إليه، الى قيام الدويلات الطائفية والحزبية المسلحة، وتقطيع الدولة الى إمارات تتوزعها الميليشيات ومواقع النفوذ الداخلي والإقليمي. إن العبرة الحقيقية من هذه الذكرى، تتلخص في أن تبقى من الماضي، وأن لا تتحول الى قاعدة تتكرر في مسار العلاقات التاريخية بين فئات المجتمع اللبناني، وذلك لن يكون بغير الالتزام بالدولة، كإطار جامع لكل اللبنانيين، مسؤول عن إدارة الشأن العام وحماية السيادة الوطنية وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. إن أي شراكة للدولة، من أي جهة أو حزب أو طائفة، في مسؤولياتها الدستورية والقانونية والإدارية والأمنية والوطنية، يشكل اقتطاعاً فئوياً من دورها، يضع الجهة او الحزب او الطائفة في موقع الوصاية السياسية على كل اللبنانيين، وهذا في حد ذاته، يجعل من ذكرى الثالث عشر من نيسان، نافذة تطل بالخطر على لبنان في كل زمان ومكان.

إننا ننبه في هذا اليوم، الى أن الانتقال من ذهنية 13 نيسان الى ذهنية السلام الوطني الحقيقي، باتت تتطلب رؤية حقيقية تحدد مكانة الدولة في حياة اللبنانيين، ووقف مسلسل الطغيان الطائفي والمذهبي على مقتضيات العيش الوطني المشترك، والكف عن جعل السلاح، وسيلة للتخاطب وتنظيم قواعد الحوار بين اللبنانيين. إننا نقف في هذا اليوم، خاشعين أمام ذكرى اللبنانيين الذين سقطوا في ساحات الحروب الداخلية، ونبتهل الى الله عز وجل أن يحمي لبنان، ويرد عن شعبه الظلم، ويفتح أمامه سبل الاستقرار والتقدم

هذا ما جرى في عين الرمانة الأحد 13 نيسان 1975
نبيل يوسف
 إعتباراً من ظهر الأحد 13 نيسان 1975 راح الناس يتناقلون معلومات مصدرها عين الرمانة في ضاحية بيروت الشرقية. بعضها يقول أن رئيس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ بيار الجميل تعرض لمحاولة إغتيال هناك وإستشهد مرافقه، وأخرى تقول أن مقاتلين فلسطينيين خرجوا من مخيم تل الزعتر وحاولوا إقتحام عين الرمانة. وفي بيروت الغربية سرت إشاعات أن مقاتلي حزبي الكتائب والأحرار إرتكبوا مجزرة بحق العشرات من المدنيين الفلسطينيين. سرعان ما رافق هذه الاشاعات إطلاق زخات كثيفة من الرصاص وتفجير أصابع الديناميت في العديد من شوارع بيروت وضواحيها.
فقد الناس عقولهم، فعندما تبدأ أصوات الرصاص والديناميت والقنابل والصواريخ تملأ الأسماع، وتستفز الناس لحمل السلاح، لا يستطيع أحد أن يسمع صوت العقل.
ولكن ماذا حدث تحديداً في عين الرمانة قبل ظهر ذلك الأحد؟

1- كان مقرراً أن يبدأ عند الساعة الحادية عشر من قبل الظهر إحتفال تدشين كنيسة سيدة الخلاص للروم الكاثوليك في شارع مار مارون المتفرع من شارع بيار الجميل، بحضور رئيس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ بيار الجميل.

2- طلبت قوة للمحافظة على السير، فحضر عناصر من مفرزة السيّار المحلية.

3- في الوقت ذاته كانت منظمة التحرير الفلسطينية تحتفل بمهرجان تأبيني لشهداء الثورة الفلسطينية أقيم في مخيم صبرا ، اشتركت فيه جميع الفصائل الفلسطينية.

4- نحو الساعة العاشرة تقريباً، وصلت إلى عين الرمانة سيارة فولكسفاغن يقودها لبناني إسمه منتصر احمد ناصر، كانت لوحتها مكشوفة ومعروفة بأنها تابعة للكفاح المسلّح الفلسطيني.

5- حاول رجال السير منعه من التقدم إلى حيث يقام الاحتفال فتجاوزهم، ليصطدم بشباب الكتائب الذين حاولوا أيضاً منعه من المرور، لكنه لم يذعن وأكمل طريقه بسرعة، فأطلقت عليه النار، فتوقف ونزل من سيارته بسرعة، وإذ به يسقط على الأرض ويجرح في كفه.

6- نقل الجريح إلى مستشفى القدس الذي تشرف عليه المقاومة الفلسطينية. وبحسب تقرير قوى الأمن الداخلي إختفى من المستشفى صباح اليوم التالي.

7- بعد ثلثي الساعة تقريباً أي قبل بدء الاحتفال بنحو ربع ساعة، وصلت إلى مكان الاحتفال سيارة فيات حمراء غطيت لوحتها الأمامية بأوراق تحمل شعارات فلسطينية، فيما نزعت اللوحة الخلفية. وداخلها أربعة مسلحين، فتجاوزت حاجز الدرك الذي أقيم إثر عملية إطلاق النار السابقة، وأخذ من فيها يطلق النار عشوائياً على الناس المتجمعين عند مدخل الكنيسة فسقط شهيداً كل من: جوزف كميل أبو عاصي مرافق الشيخ بيار الجميل وكتائبي آخر هو أنطوان ميشال الحسيني وديب يوسف عساف وإبراهيم حنا أبو خاطر. وأصيب سبعة أشخاص. تجدر الإشارة إلى أن الطفل بشير جوزف أبي عاصي كان سيتقبل بعد الظهر سر العماد المقدس

8- ردّ أبناء المحلة ومن بينهم عناصر من حزبي الكتائب والأحرار بالرصاص على السيارة عندما حاولت الهرب، فقتل فدائي وأصيب اثنان نقلتهما قوى الدرك إلى مستشفى القدس، بينما نقل الجرحى من أبناء عين الرمانة إلى مستشفى الحياة.

9- فور وقوع الحادث شاع الخبر بأن مسلّحين فلسطينيين إستهدفوا الشيخ بيار الجميل في محاولة لإغتياله ومن ثم إنتشر المسلحون، الذين كانوا موجودين بكثافة في المنطقة، في الشوارع المحيطة.

10- في هذا الجو المشحون والمتوتر جداً وبعد أقل من ساعة على مقتل الواقفين أمام الكنيسة، وفيما الأهالي ما زالوا مذهولين مما جرى ويحاولون لملمة آثار ما حدث، والرجال يقفون على أعصابهم المشدودة، إقتحمت فجأة الشارع الخالي حافلةٌ مزدحمة بالمسلّحين الفلسطينيين كانوا متوجهين إلى مخيم تل الزعتر، وبنادقهم وثيابهم المرقطة وأعلامهم ظاهرة من نوافذ الأوتوبيس، وهم ينشدون الأناشيد الحماسية. فاعتقد الأهالي أن هجوماً مفاجئاً تتعرض له عين الرمانة.

11- لحظات وإنهال الرصاص على الحافلة، الأمر الذي أدّى إلى مقتل 27 راكباً ونجا السائق واثنان من رجال المقاومة بأعجوبة بعد أن غطتهم الجثث.

12- على أثر حادث الأوتوبيس أقيمت حواجز في عين الرمانة وفرن الشباك، وأشعلت دواليب كاوتشوك لقطع الطرق، وانتشر المسلحون في الشوارع.

13- خلال ساعات معدودة، امتلأت المناطق المسيحية بالإشاعات، تدب الصوت قائلة: أن الشيخ بيار الجميل تعرض للإغتيال على أيدي الفلسطينيين، واثنين من مرافقيه قتلا. بينما راحت الاشاعات تنتشر في المناطق الإسلامية تقول أن الكتائب هاجمت مخيم تل الزعتر.

14- من عين الرمانة توجه الشيخ بيار الجميل إلى البيت المركزي في الصيفي، حيث تلقى إتصالاً من رئيس الحكومة رشيد الصلح الموجود في مبنى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يتمنى عليه الحضور إلى المقر مع وزيري الكتائب لويس أبو شرف وجورج سعاده للتداول فيما حصل.

16- بعد وصوله إلى البيت المركزي أدلى الشيخ بيار الجميل بأول تصريح أعلن فيه أننا نلاحظ منذ شهرين أن هناك أيادي مجرمة قد لا تكون فلسطينية تعمل على إشعال الفتنة في لبنان. معدداً الحوادث التي حصلت قبل أيام قليلة من محاولة خطف الشيخ أمين الجميل إلى نسف خمسة مراكز للحزب في مناطق مختلفة إلى إطلاق النار على شبان من سيارة مرسيدس مسرعة وإصابة أحدهم بجروح في عنقه. وختم تصريحه مؤكداً أن العقلاء الفلسطينيين لا يريدون ذلك ولا يقدمون على مثل هذه الأعمال. ولم يستبعد أن تكون اسرائيل هي التي تحاول إشعال الفتنة لضرب لبنان.

17- بهدف السعي لتطويق ما يجري غادر الشيخ بيار الجميل البيت المركزي يرافقه وزيرا حزب الكتائب ورئيس إقليم عاليه الكتائبي طانيوس سابا.

18- في مقر قيادة قوى الأمن الداخلي كان رئيس الحكومة والوزراء: ميشال ساسين، فيليب تقلا، نديم نعيم، محمود عمار، عباس خلف، زكي مزبودي، سورين خان أميريان، إضافة إلى مدعي عام التمييز والمدعي العام العسكري ومدير عام الأمن العام والمدير العام لقوى الأمن الداخلي وعدد من ضباط الجيش وقوى الأمن والمحققين.

19- خلال الإجتماع وصلت أخبار عن تدهور الوضع في منطقة فرن الشباك فغادر الشيخ بيار الجميل إلى هناك يرافقه ممثل حزب الأحرار الوزير ميشال ساسين والسيد طانيوس سابا وكانت الساعة تشير إلى نحو الخامسة والنصف من بعد الظهر. فيما استمر باقي الوزراء في اجتماعهم.

20- خلال المداولات راح عدد من المسؤولين الأمنيين يضعون المجتمعين في الأجواء الحقيقية للحادثة، كلٌّ بحسب المعلومات التي وصلته والتي كانت متناقضة في غالبيتها، وكان يستدل من البحث الجاري أن الهم الأوحد خاصة لدى رئيس الحكومة البحث عن مخرج للأزمة وافتداء ما حصل بضحية دون البحث عن الأسباب الحقيقية للحادثة في حد ذاتها.

21- حاول وزيرا الكتائب الدخول إلى عمق ما جرى، فسألا المسؤولين الأمنيين صراحة لماذا اتخذت عين الرمانة طريقاً للاوتوبيس وبالشكل الاستفزازي المعروف؟ مع أن مديرية الأمن الداخلي كانت تلقت برقيات من المسؤولين عن الأمن وقبل حصول الحادثة تحذر من كارثة قد تحصل بعد ما رافق مرور سيارة الفيات. لكن أسئلة الوزيرين بقيت من دون أجوبة.

22- خلال الاجتماع قال المحقق العسكري: "مع علمي بأن الكتائب ليست هي البادئة بالعملية فأنا أطلب إلى ممثلي الكتائب التعاون لتظهير صورة ما جرى". فيما طلب الرئيس الصلح من وزيري الكتائب تسليمه "كم شخص" متعهداً بتسلم العناصر التي أطلقت الرصاص من سيارة الفيات. فأكد الوزيران سعاده وأبو شرف أن لا معلومات لدى الحزب عن الذين شاركوا في أحداث عين الرمانة معلنين التزام الحزب تسليم أي كتائبي تثبت علاقته بالموضوع. فطلب رئيس الحكومة من المدير العام لقوى الامن الداخلي تحضير لائحة ببعض الأسماء "كيفما كان" استعمالاً للاخراج التمويهي الذي خطط له منذ البدء وقال بوضوح أن المقصود تقديم بعض الأشخاص للتهدئة.

23- غاب المدير العام لقوى الأمن وعاد قرابة منتصف الليل ومعه لائحة بسبعة أسماء، فطلب الرئيس الصلح قطع مذكرات توقيف بحقهم، فاعترض وزيرا الكتائب وسأل الدكتور جورج سعاده عن الأدلة بحق هؤلاء الأشخاص، وإن كانوا فعلاً على علاقة بما جرى في عين الرمانة، فصمت المدير العام لقوى الأمن الداخلي قليلاً ثم قال: "لا لكن هذه الأسماء موجودة في الأرشيف لأشخاص من عين الرمانة، ولا دليل عليهم والأسماء أخذت من الملفات وهي لبعض القبضايات".

24-  في هذا الوقت عاد الوزير ميشال ساسين ليبلغ الحاضرين أنه تمت تهدئة الحالة في منطقة فرن الشباك وتم وضع الرئيس شمعون الموجود في السعديات بالأجواء. وكان رئيس الأحرار يشارك يومها في جناز أقيم في دير القمر للدركي ناصيف بويز الذي كان قتل أواخر شهر آذار في الشياح، وفور تبلغه ما جرى في عين الرمانة انتقل إلى السعديات وأجرى سلسلة اتصالات لاحتواء الأزمة. وبحسب عماد يونس في كتابه "سلسلة الوثايق الأساسية للأزمة اللبنانية" الجزء الثالث صفحة 82 فقد اتصل الرئيس شمعون بآمر فصيلة درك عاليه الذي يتسلم قيادة سرية بعبدا بالوكالة بسبب غياب قائد السرية العقيد سليم درويش في مصر في مهمة، وطلب منه العمل على تعزيز قوى الأمن في عين الرمانة لمحاولة احتواء الوضع. وعصراً دخلت إلى عين الرمانة قوة من الدرك تمركزت في شارع بيار الجميل، لكن مساءً اتصل الرئيس الصلح بقيادة الدرك وطلب سحب القوة وأعفى آمر فصيلة عاليه من قيادة سرية بعبدا وعيّن الضابط ميشال خوري قائداً للسرية بالوكالة.

25- رفض الأطباء اطلاع الرئيس سليمان فرنجية الذي كان أدخل نهار السبت 12 نيسان إلى الجامعة الأميركية لإجراء عملية إستئصال المرارة، على ما حصل خوفاً من تدهور صحته.

26- رغم تحفظهم على طريقة معالجة الوضع، غادر وزيرا الكتائب، يرافقهما وزراء حزب الأحرار: ميشال ساسين ونديم نعيم ومحمود عمار إلى البيت المركزي حاملين الأسماء المطلوبة، وهناك كانت القيادة الكتائبية مستنفرة، وكانت تباشير الفجر بدأت تلوح. فيما بقي الرئيس الصلح في مبنى السيّار مع عدد من الوزراء والقادة الأمنيين الذين بقوا على اتصال دائم مع البيت المركزي.

27- قدم الوزير سعاده للمسؤولين في الحزب لائحة بأسماء المطلوبين فتبين أن أحدهم موجود خارج لبنان منذ أكثر من شهر ونصف، وآخر يعالج منذ أسبوع في إحدى المستشفيات، والمضحك أن أحد الأسماء قد تكون لشخص متوفٍ. ومن بين الأسماء السبعة يوجد فقط كتائبيان لم يكونا في عين الرمانة ساعة وقوع الحادث. من هنا وضحت الطريقة التي تعالج بواسطتها الأحداث الضخمة.

28- بعد حصوله على هذه المعلومات إتصل الوزير سعاده فجراً برئيس الحكومة وأطلعه على معلومات الكتائب فرجاه الرئيس الصلح تسليم الكتائبيين مع الوعد الجازم بتسليم المسؤولين من الفريق الآخر متعهداً بإطلاقهما خلال أيام معدودة في محاولة لإطفاء المشكل.

29- راحت الأخبار تصل تلك الليلة إلى البيت المركزي عن أصوات طلقات تسمع في محيط سيّار الدرك وعدة أحياء في بيروت. كما مرت سيارة أطلق من فيها الرصاص على الواقفين أمام سينما سلوى على كورنيش المزرعة، وتعرضت محلات نعوم أبي راشد في محلة باب ادريس للتفجير. وتعرض بيت الكتائب في حارة حريك لانفجار عبوة بالقرب منه. وراحت أصوات الانفجارات تزداد مع تقدم الوقت، والإشاعات تنتشر بين الناس بسرعة البرق ومعظمها لا أساس له من الصحة.     

30- في مقابل ذلك، دعا قادة الأحزاب اليسارية إلى إجتماع عقد السادسة من مساء ذلك الأحد في منزل الزعيم كمال جنبلاط، لكن بسبب إنقطاع الكهرباء إنتقلوا إلى منزل محسن دلول. شارك فيه: كمال جنبلاط وتوفيق سلطان وداود حامد وعبد الله شيا (الحزب التقدمي الأشتراكينقولا الفرزلي ورغيد الصلح (البعث العراقي)، اسامة فاخوري وعزت حرب وعصام نعمان (الهيئات الاسلاميةانعام رعد (رئيس الحزب القومي)، جورج حاوي (أمين عام الحزب الشيوعي)، محمد قانصوه (البعث السوري)، محسن إبراهيم وحكمت السيد (منظمة العمل الشيوعي)، وجان عبيد.

31- أصدرت القوى اليسارية المجتمعة بياناً هاجمت فيه حزب الكتائب، وإتهمته بتدبير ما أسمته مجزرة عين الرمانة، وتوصلوا في النتيجة إلى قرار عزل الكتائب، وطالبوا بحلّه.

32- لم تكد تشرق شمس الاثنين 14 نيسان 1975 حتى كانت جميع طرق ضاحية بيروت الجنوبية قطعت، بسبب الإنتشار الكثيف للمسلحين وأحراق الدواليب. وبدأ توسع القتال. وهكذا اندلعت الحرب اللبنانية.

هذه كانت تفاصيل ما جرى ذلك الأحد بحسب ما روته الصحف الصادرة يومها والكتب التي أرّخت للحرب اللبنانية، ولكن يبقى ذكر خلفيات وأسرار ما جرى يومها التي انكشف بعضها فيما البعض الاخر ما يزال يلفه الغموض.

فما هي أسرار ما جرى يومها؟.

1- في تحليل هادئ للأحداث التي جرت في عين الرمانة ذلك الأحد، تبين لاحقاً أن السلطات الأمنية اللبنانية، تحسباً منها لما قد يحدث ذلك النهار (الإحتفال الفلسطيني وإحتفال عين الرمانة)، كانت وقّعت نهار 2 نيسان اتفاقاً مع ممثلي المنظمات الفلسطينية (تمثلت فتح بأبو حسن سلامة)، منع بموجبه مرور المواكب الفلسطينية في عين الرمانة ذلك النهار.

2- لمن يعرف المنطقة فالمتوجه من مخيم صبرا حيث كان الاحتفال الفلسطيني إلى مخيم تل الزعتر حيث كانت متوجهة الحافلة، لم يكن ليمر في عين الرمانة، وتحديداً في هذا الشارع.

3- من هنا يصبح السؤال ملحاً، لماذا سلك سائق الحافلة وهو لبناني يعرف طرقات المنطقة جيداً هذه الطريق التي تمر في عين الرمانة؟

4- السؤال الأهم لماذا لم تخطره القيادة الفلسطينية بتجنب المرور في أحياء عين الرمانة وهو ما تمّ الاتفاق عليه قبل أيام؟.

5- من بين الأجوبة كان جواب سائق الحافلة، الذي أوضح في التحقيق معه أنه سلك هذا الطريق بتوجيه من أحد رجال الشرطة البلدية وذلك حين وصلت الحافلة إلى مفترق شارع غنوم – مارون مارون وشارع سعيد الأسعد.

6- من هو هذا الشرطي البلدي وما قصة وجوده في ذلك الموقع؟

7- يقول الدكتور فريد الخازن في كتابه تفكك أوصال الدولة اللبنانية في الصفحة 381 أن ذلك الشرطي البلدي لم تعرف هويته إطلاقاً ولا أحد عرف كيف وجد في تلك النقطة وكيف أختفى منها فجأة، كما لو كان شبحاً. وبقي سرّه لغزاً من ألغاز الحرب اللبنانية لا تفسير له.

8- حاولت السلطات اللبنانية أن تذهب في التحقيق إلى عمق الأحداث، لا الوقوف عند مظاهرها. فتبين لها أن منتصر أحمد ناصر راكب سيارة الفولكسن فاغن، الذي افتعل المشكل هو من الجنوب من مقاتلي جبهة التحرير العربية المدعومة من العراق، كذلك هم معظم ركاب الأوتوبيس.

9- يقول الصحافي نقولا ناصيف في كتابه "المكتب الثاني حاكم في الظل" في الصفحة 497 أنه على أثر شريط الأحداث الذي حصل نهار الأحد 13 نيسان 1975 أظهرت المعلومات المتوفرة للشعبة الثانية في الجيش اللبناني وجود عناصر عملت على تأزيم الوضع كلما مال إلى الهدوء، مدفوعة من جهات غريبة. ففي أثناء الأحداث إعتقل ضابط في الجيش العراقي منتدب للعمل في جبهة التحرير العربية مع ثلاثة أغراب هم أردنيان وفرنسي ينتمون إلى الجبهة المذكورة. ولبنانيان ينتميان إلى الجناح العراقي في حزب البعث كانا يحاولان سرقة سيارات لإستعمالها في التخريب

10- فيما خص سيارة الفيات التي كانت تقل المسلحين الأربعة، التي أطلقت النار على جوزف أبو عاصي ومن معه، فبقيت مجهولة الهوية، لأن الجريح الذي نقل منها إلى مستشفى القدس، اختفت آثاره، ولم يعرف من هو، وبالتالي إلى أي فصيل فلسطيني ينتمي، بل هل ينتمي أصلاً إلى المقاومة؟، وإصطدم التحقيق بجدار تهريب الدليل، الذي قد يكون مفتاحاً لمعرفة منشأ الحادثة.

11- من أطلق الرصاص على ركاب الحافلة؟.

يقول جوزف أبو خليل في كتابه "قصة الموارنة في الحرب" في الصفحة 20: "لم يكن بين مطلقي النار في عين الرمانة أي كتائبي ملتزم، بل كانوا مجموعة من الأهالي الذين ما أن رأوا الموكب الفلسطيني المسلح حتى هبّ كل ّ إلى سلاحه، وقد ظنوا أنهم يتعرضون لهجومٍ، وراحوا يطلقون النار بشكل لا يعبر عن شجاعة بقدر ما يعبر عن ذعر. ولقد كانوا كلهم تقريباً لا يتبرأون من الكتائب ولا الكتائب تستطيع التبرؤ منهم. وعلى هذا النحو أصبح حزب الكتائب مسؤولاً عن حادث لم يشارك فيه ولا كانت له يد في أي واقعة من وقائعه".

12- يبقى السؤال الأهم: ما كان الهدف مما جرى في عين الرمانة يومها؟. هل كان الهدف إغتيال الشيخ بيار الجميل؟، أم إيجاد الشرارة المطلوبة لاندلاع الحرب بعد أن فشلت الشرارة الأولى في صيدا (إغتيال معروف سعد)، وبقيت مؤسسات الدولة لا سيما الجيش اللبناني متماسكة؟.        

بالفعل. نجحت حادثة عين الرمانة بأن تشكل الشرارة المطلوبة، "فها هي قوى الإنعزال والفاشية في لبنان العاملة في خدمة الإمبريالية الأميركية والصهيونية تسعى لمحاولة تصفية الثورة الفلسطينية". هكذا قرأت القيادات الفلسطينية واليسار اللبناني الأحداث.

في الختام

ما حدث يومها في عين الرمانة لم يشكل مفاجأة لكل الذين كانوا يتابعون عمليات التعبئة الطائفية، وشحن النفوس بالحقد والإثارة خلال الأسابيع السابقة. لقد كانوا يتوقعون الانفجار، بغض النظر عن حجمه وشكله وأسبابه. فعندما يكون المكان مليئاً بالمواد المشتعلة، يكفي أن تنطلق شرارة ولو من عقب سيجارة لتشتعل النار، وتمتد إلى مختلف الأرجاء.

وبدأت التفجيرات تشعل نار الفتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين، وبين اللبنانيين وأخوتهم اللبنانيين أيضاً، وبدأ لبنان يحترق والضحايا تتساقط بعشرات الآلاف، في حوادث لم يشهدها تاريخه الحديث في التفنن في الإجرام كالخطف على الهوية والقتل بعد تعذيب الضحية، فضلاً عن السلب والنهب والتدمير والتشريد، فيما خيراته ترحّل إلى البلاد المجاورة، وخيرة شبابه تحزم حقائبها وتتيه في جهات الأرض الأربع تبحث عن وطنٍ يأويها.

وكانت الحصيلة مفجعة: مئآت آلافٍ ضحايا، مئات آلاف أخرى هاجروا من دون عودة. آلاف المفقودين والمعتقلين في السجون الغريبة، ومثلهم من الشهداء الأحياء الذين لم يعد لهم غدٍ يحلمون به. إقتصاد مدمّر، خسائر بمليارات الدولارات. قرى وبلدات مدمرة بالكامل. عائلات مفككة، شباب تائه في وطنه يبحث عن منزل وفرص عمل.

بحسب تقرير أوردته صحيفة الحياة في عددها الصادر في 10 آذار 1992 فقد سقط خلال سنوات الحرب اللبنانية 144240 قتيلاً، و197506 جريحاً، و17415 مفقوداً. أما بطرس لبكي وخليل أبو رجيلي فأوردا في كتابهما "جردة حساب الحروب من أجل الآخرين على أرض لبنان" الصادر عام 2005 في الصفحة 151 أن الحرب منذ عام 1975 ولغاية آخر عام 1990 أوقعت 71521 قتيلاً و97627 جريحاً و9627 معاقاً و19860 مفقوداً، وهاجر من لبنان بين العامين المذكورين 894711 شخصاً معظمهم من فئة الشباب  

يبقى تحقيق صحفي عما جرى ذلك الأحد من المهم ذكره:

نشرت مجلة مجلة النهار العربي والدولي في عددها رقم 363 الصادر في 16 نيسان 1984 تحقيقاً عن حادثة عين الرمانة جاء فيه أن ليل 13 نيسان 1975 باشرت مجموعات فلسطينية من مخيم تل الزعتر بمحاولة اقتحام عين الرمانة، فتصدى لها الأهالي. وبعد ساعات من التراشق بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة تراجعت تلك المجموعات إلى داخل مخيمها تاركة في أرض المعركة عدة جثث لمقاتليها. ويضيف التحقيق أنه وجدت في ثياب أحد القتلى خريطة لعين الرمانة مع أمر عمليات باقتحامها من ثلاثة محاور: الأول من كنيسة مار مخايل - قصر الطيار، الثاني من شارع أسعد الأسعد باتجاه مارون مارون، الثالث من مشاتل شمص نحو الطيونة. وفي التحقيق أنه بعد سنوات على حادثة البوسطة حصلت مراجع لبنانية عليا على تقرير سري رفعه مساء 13 نيسان 1975 رئيس محطة الاستخبارات الاميركية في بيروت إلى قيادته يشير فيه إلى أن سقوط الحكم في لبنان سيتم في اليوم الثامن بعد 13 نيسان 1975 على أبعد تقدير، واعتبر المسؤول الأميركي أن الحصار المضروب على عين الرمانة وفرن الشباك وسن الفيل سيؤدي إلى سقوطها في أيدي المنظمات الفلسطينية وبالتالي سقوط العاصمة بيروت في يد المقاومة الفلسطينية وسقوط الحكم اللبناني. ويختم التحقيق: "بعد مدة قصيرة تم نقل المسؤول الأميركي من بيروت".

وبعد ثلاثة عقود على إنطلاق الحرب اللبنانية، التي كانت عين الرمانة شرارتها الرسمية، وصل هذا الوطن المصلوب إلى الإنتفاضة، وكان 14 آذار 2005 ذروة إنتفاضة جماهير ثورة الارز، الذين وقفوا بالملايين يهتفون لحرية وسيادة وإستقلال وطنهم، فأدهشوا العالم، وبدأت رحلة الإستقلال الثاني المجبولة بالدم وبنضال سنوات الاحتلال والقهر والعذاب.

 

36 سنة على 13 نيسان: السلام بيننا أو على لبنان السلام  

اللواء/في 13 نيسان 2011، اللبنانيون يهتفون للسلام كما في كل سنة: لا للعنف، لا للفتنة، لا للحرب، لا للانقسام، لا للتباعد، وسواها من العبارات المماثلة· 13 نيسان، الكلام فيه لا يكفي! والحديث عن تداعياته ترداد واسترجاع لواقع مرير نخشى إن أغفلنا ذكراه أن يتكرر العنف الذي وصمه مرّة أخرى· 13 نيسان، يوقظ ذاكرة الندم ليقضي على ذاكرة الحقد، ويفتح أبواب الغفران وقد أقفلها تعب السنوات·13 نيسان، أكثر من ذلك، هو وقفة نقد ذاتي ومحاسبة شخصية لكل مواطن في الموقع الذي هو فيه، أكان مسؤولاً سياسياً، أو دينياً، أم كان اعلامياً أو عاملاً أو فناناً· كل مواطن يقف بصدق وشفافية أمام وطنه وانسانيته ليضع في الميزان افعال التقارب والتباعد، سلوكيات الفتنة وسلوكيات السلام، مواقف المواجهة العنيفة وهدم الاخر مقابل مواقف مد الجسور وبناء المشترك والتفاهم· 13 نيسان، يسقط حاجز الخوف من الآخر المختلف بالمعتقد الديني أو السياسي، لأنه يجدد الالتزام بالمواطنية ويؤكد على ضرورة بنيانها·13 نيسان، هو يوم للرجاء لغد يعتز بأننا شعب علّمه ماضيه أن يرذل بشاعة دمرته ليجهد في سبيل لبنان الواحد، المتنوع في الوحدة، الحر والعادل·13 نيسان، يوم للذاكرة، وذاكرة ليجدد المواطن كل يوم مسؤوليته والتزامه بالسلم وبالوحدة وبالإنسان· ملحم خلف <فرح العطاء

 

13 نيسان... هل تذكرون؟

لوسيان عون/النهار

بعد انقضاء ستة وثلاثين عاماً على اندلاع الحرب الاهلية في لبنان ثمة اقتناع لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين أن مجموعة من المغالطات والاضاليل والتركيبات مورست ولا تزال تمارس على الشعب اللبناني تهدف الى امرار أفكار وعناوين براقة ومشاريع مختلفة، في ما بين 13 نيسان 1975 و 13 نيسان 2011 تشابه في الشكل والمضمون.

فبين التاريخين، تاريخ حافل يعج بالاحداث الاليمة ومسلسل دموي يضج بالتهجير والقتل والتدمير وتقطيع أوصال الوطن، ومع ذلك فان المواطنين يشعرون بالتشاؤم حيال مستقبل لبنان. ففي محصلة لما جرى على الساحة اللبنانية، انطلقت شرارة الحرب الاهلية في لبنان من منطقة عين الرمانة على اثر تبادل اطلاق النار بين مجموعة مسلحة فلسطينية تستقل حافلة للركاب، ومجموعة من عناصر تابعة لحزب الكتائب. لكن الصراع لم يقتصر على الفريقين، بل عم كل لبنان من اقصاه الى أقصاه وأخذ بعداً طائفياً ومذهبياً، وسياسياً وفكرياً وعقائدياً، ويكاد لم يبق جهاز أمني أو استخباراتي، شرقي أو غربي لم يتدخل في الحرب الدائرة بين اليمين واليسار والغرب والشرق حتى تحول لبنان ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية.

لكن المفارقة أن ثمة شبهاً بين سيناريوهات عام 1975 وتلك التي تعدّ اليوم، بحيث كثر الخداع من جانب العديد من زعماء لبنان، وجعل العديد من هؤلاء من الشعب مجموعات يسخرونها من أجل مصالحهم الخاصة الى درجة تحولت مشاريع هؤلاء خططاً تأخذ الطابع التجاري هدفها الرئيسي جني الاموال الطائلة واستعطاف المقتدرين لاستجرار المساعدات تحت شعارات زائفة وخادعة، اذ سائر هؤلاء يريدون السيادة والاصلاح والتغيير والتطوير وتعديل النظام نحو الافضل، ومحاربة الفساد، لكن ما يفاجأ به المواطن يوماً بعد يوم أن „المافيات“ تغلغلت أكثر فأكثر داخل الدوائر والوزارات، الى أن باتت أقوى من ذي قبل الى درجة قضمت والتهمت نيرانها دعاة الاصلاح، وفي بعض الاحيان استوعبت الاصلاحيين حتى بات عدد من هؤلاء جنود في جيش الفساد والفاسدين يعملون في خدمته.

ما أشبه الامس باليوم، فبالامس، دويلات داخل الدولة، وبالامس فساد وهدر وسمسرات، وبالامس حض على الاقتتال الطائفي وتحريض مذهبي، بالامس شتائم متبادلة بين المسؤولين، وادعاء بالغبن والحرمان.

بالامس خطف وقتل على الهوية، بالامس يأس واحباط، وشباب تحلم بالهجرة في سبيل عيش كريم وتحسين للوضع المعيشي، بالامس مناطق خارجة عن نفوذ الاجهزة الامنية وسلطة الدولة، بالامس فلتان امني.

ستة وثلاثون عامأً لم تكف للاعتبار والاتعاظ بما جرى. وثمة من يتمنى أن يحكم لبنان الاجنبي، ثمة من يحلم بــ“فيزا“ الى دولة أجنبية حيث فرص العمل أكثر، وثمة من يحلم بـ“جنسية“ أم بـ“جواز سفر“ يحترم أكثر من الجواز اللبناني...

ثمة من يطلب الدواء ولا يجده، ثمة من يحلم بالطبابة المجانية والتعليم المجاني لابنائه، وثمة من يحلم بالنظام والعدالة والمساواة واحترام الفرد وضمان الشيخوخة.

مئتا ألف قتيل لم يكف استشهادهم لتأسيس دولة على غرار الدول المتطورة، هل هو قدر اللبنانيين أم أنه نتاج ايديهم، أم قصاص؟

لا بد من وقفة تأمّل في ما جرى، والتوقف عند الاسباب التي أوصلتنا الى ما نحن عليه.

وحدها الجرأة في قول الحقيقة، والحكمة في تحليل أحداث السنوات الغابرة يقود الى رسم معالم لبنان الجديد المعافى بعيداً عن كل مؤثرات أحداث ما بين النيسانين... وعدم نسيان ما حصل، لان ما جرى يحتّم اصلاح الخلل، وتحاشي الوقوع في أخطاء ارتكبها اللبنانيون، كي لا ندفع مستقبلاً أثماناً باهظة، وباهظة جداً.

 

13 نيسان 1975: شعلة أحرقت نارها لبنان... 13 نيسان 2011: شعلة تنذر بإحراق لبنان 

باتريسيا متى/يوم 13 نيسان من العام 1975... لبنان بلد الانفتاح والتمدن يتحول الى بلد الدمار والدماء والإستشهاد...

يوم 13 نيسان... انه اليوم الذي لا يمكن محوه من ذاكرة كل لبناني... ففي هذا اليوم يقول اللبناني "الحرب الأهلية..."تنذكر وما تنعاد". جراء هذا النهار تلوعت قلوب أمهات وتيتم أطفال وترملت نساء... كيف لا وهي الحرب التي ودعها اللبنانيون بكلمة "الله لا يوفقهن قتلوا ابني" أو بجملة "بكرهن حرموني من زوجي" او عبارة "ما تعرفت على بيي من وراهن" اضافة الى عبارات اخرى تعبت الأعين من التلويح بها وتعبت الضمائر من التفكير بها لن نوفق بتعدادها لأن الألم يعصر القلوب والحسرة تفوق الكلمات... فمن "يأكل العصي ليس كمن يعدها في النهاية"... العبارة التي تجمع كل اللبنانيين اليوم ودائما هي العبارة شبه الوحيدة التي تجمع الشفاه على البوح بها والتي تجمع فريقي الثامن من آذار والرابع عشر من آذار والمسلم والمسيحي والصغار يبادرون الى الادلاء بها لدى سماعهم رشقات نارية أو دوي انفجار فيقول الجميع "تنذكر وما تنعاد" لشدة ما سمعوا عن هول الحرب اللبنانية ومآسيها ورغبتهم بعيش طفولتهم البريئة كغيرهم من أطفال العالم غير عابئين بهموم المستقبل وغير مخططين للبلد الذي سيستقبلهم لدى بلوغهم سن الرشد وبدء حياتهم العملية بعد الانتهاء من الدراسة...

لنعد بالذاكرة الى تلك الحرب التي دفع اللبنانيون فيها ثمن عشرين عاما من الاقتتال والقنص والميليشيات نحو 200 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعوق اضافة الى مليون مهجر و100 مليار دولار خسائر مادية... كيف يمكن نسيان هذه الحرب وهي التي لا يزال عدد هائل من ضحاياها مفقودين في سجون دولة اعتبرنا أن صفحة الماضي قد أقفلت ومرحلة جديدة بدأت في التعاطي معها... هي التي لا تزال أمهات هؤلاء الأشخاص يفترشن خيمة على أرض بيروت التي تعتبر ام الدنيا للمطالبة بأبنائهن ممن إختفوا قسرا في همجية تلك الحرب وبربريتها... ففي هذه الذكرى السؤال الأساسي الذي يتبادر على الذهون هو "وينن"؟؟" ما مصيرهم"؟ وللأسف الشديد يبدو أنه لا اجابة تشفي غليل الأمهات وتقنع من يسأل عن مصيرهم ومن ترغب بضم ابنها وتقبيل بدل تقبيل وجنتا الصورة التي تغرف بين ذراعيها وتبيل ألوانها جراء الدموع... ولا اجابة لأم وزوجة تحاكي خيال وطيف ابنها المفقود في كل عيد وكل مناسبة... وتحلم في الليلة ألف حلم وحلم ترى فيه ابنها يناديها لتخلصه من براثن المجهول ويقول لها: "اشتقتلك" وهو يغني أحن الى خبز أمي...

ان أسهبنا في سرد مآسي ونتائج تلك الحرب...فلن نتوصل الى اجابات تريح من عانى والى حوادث وأقاويل تدمي الجروح وتبدد الأحزان...لأننا لن نجد سوى الضياع والأسف في دهاليز الماضي ومآرب عشرين عاما من الدم والخوف والرصاصات الطائشة... لنعود ونقول من جديد وبصوت صارخ ومع دموع الأمهات "تنذكر وما تنعاد"...

ولكن وقفة صريحة من لبناني لا بد له من التمعن بحقيقة الواقع والأحداث... ما هي التي تنذكر وما تنعاد؟ هل هي الحرب اللبنانية؟ هل هو الخلاف الداخلي بين اللبنانيين أم بوسطة عين الرمانة التي شكلت المدماك الأول لسهام الغدر والحرب التي أدمت قلب الوطن؟؟ هل قد نشهد حياة مماثلة لحياة أهالينا بين عامي 1975و1990...

والاجابة تأتي صريحة وواضحة من خلال الفترة الأخيرة التي يعيش فيها لبنان ظروفا أقسى بكثير من دماء الحرب واستشهاد اللبنانيين برصاص الأحزاب اللبنانية وأقوى ايلاما من الرصاصة الطائشة التي تخترق قلب لبناني فيسقط شهيد لبنان... ففي هذه الفترة ومنذ ما يقارب الأسبوع الاتهامات تتبادل والخطابات النارية تبلغ أوجها والجميع في ترقب للأحداث المقبلة ولتشكيل الحكومة... علّ في هذا التشكيل تسييرا لأمور اللبناني المثقل بالهموم وأعباء المعيشة...وللأسف فمنذ العام 2005 وحتى هذا اليوم الذكرى والمشاهد والاتهامات والانقضاض على كرامة اللبنانيين تتواصل... بدءأً التفجير الذي أودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفكرة الحرب تلوح في أفق كل لبناني على الرغم من انجاز الاستقلال الثاني واخراج جيش الوصاية من لبنان... ولكن ما النفع ان أخرجت أداة الجريمة القاتل لا يزال يتنزه في أحياء لبنان بدون أي خجل ومتخفيا بأقنعة صنعت في لبنان!!ومع توالي التفجيرات وتصاعد وتيرة الخطابات والمآسي تزداد والخوف ينهش قلوب اللبنانيين وعقولهم من اعادة الكرة وارتكاب جريمة الماضي واعادة لبنان الى مرحلة خطت مصير اللبنانيين بكلمات الغدر والخوف والخيانة...والسؤال الذي يشرق تلقائيا من هذه الذكرى هو: الى متى؟ وهل من يصعد في الكلام ويحدد مصير اللبنانيين ولبنان بنفسه يدرك الى أين يقود البلاد؟ هل سيستطيع أقطاب لبنان تلقف كرة النار والشعلة التي أحرقت قلوب اللبنانيين وتحويلها الى شعلة أمل تقتصر أضرارها ونارها على الانذار بمستقبل بلد عشقه المغترب قبل ابنه ليعاد لحياة اللبناني نبضها الحقيقي؟؟كلها أسئلة وتساؤلات وحدها الأيام والمواقف وتعقل اللبنانيين كفيلة بالاجابة عنها...وفي انتظار الاجابة وما قد يفضي اليه الواقع...لا يتسنى لنا القول سوى: تنذكر وما تنعاد... المصدر : خاص موقع 14 آذار

 

في ذكرى الحرب

زياد ماجد/لبنان الآن

يحلّ علينا تاريخ 13 نيسان هذا العام، وبلدنا يتخبّط في أزمات تتداخل فيها، على ما صارت العادة منذ زمن، العوامل الإقليمية والداخلية، وتجد لها في الاصطفافات الطائفية والسياسية من جهة، وفي الخلل المؤسساتي من جهة ثانية، مواضع تُقيم فيها، وتُديم بواسطتها حالات التوتر في البلاد. ولعلّه يمكننا اليوم بعد 21 عاماً على انتهاء الحرب، وبغير عناء، أن نعدّد أزمات وعلامات احتقان ليست جميعها مقطوعة عن إرث الحرب ونتائجها.

- فالسلاح ما زال موجوداً، ولو أنه يتركّز لدى طرف وحيد. والطرف هذا طرف أهلي-طائفي، يستقوي بنيرانه الافتراضية كل ما أراد تعديل توازن قوى أو التأثير في خيارات سياسية أو مجرّد التخويف من تبعات نقده أو هجائه، فيعزّز بالتالي المنطق الذي يعتبر العنف أو التلويح به أمراً مشروعاً في بلاد لا قدرة للدولة على احتكار استخدام القوة فيها.

- والاحتقان الطائفي يحوّل على الدوام النزاع السياسي الى حال من التعبئة تضيق معها التمايزات ومحاولات الوصول الى أرضيات مشتركة تسهّل من إدارة النزاع داخل المؤسسات وتمنع تصديره للشارع.

- وخطاب التخوين مُستسهل يُرجم به المختلف بالسياسة أو المعارض لموقف ولنهج.

- والصراعات الخارجية ما زالت تبعث الانقسام بين اللبنانيين فيتمترسون تجاهها ويختلفون حولها بحدّة ونزق.

وإذا أضفنا الى ذلك أن واحداً من أكثر ملفّات الحرب مأساوية، وهو ملف المفقودين والمخطوفين، لا يزال مفتوحاً من دون أن يقدّم أحد الى ذويهم اعتذاراً أو توضيحاً أو أن يُجري محاكمة أخلاقية ومراجعة صريحة لممارسات الصراع المسلّح وإجرامه، وإذا أضفنا أيضاً أن الانجذاب الى منطق التمرّد على الدولة بحجة "ظلمها" وهشاشتها ما زال حيًّا في نفوس أطراف عديدين، وصلنا الى استنتاج مفاده أن ما أحدثته الحرب من أضرار بنيوية في المجتمع السياسي اللبناني لم يتعاف منه اللبنانيون بعد، ولم يتمكّنوا من الشفاء من آثاره.

وهكذا استنتاج هو بالطبع مقلق. ولولا بعض المساحات الثقافية والمواطنية التي ما زالت تبعث الأمل وتعين على تخطّي التردّي المسيطر، لكان يمكن للعديد من أحداث السنوات الماضية أن تحوّل القلق المذكور الى كوابيس تشبه ذكريات 13 نيسان 1975، وتبقينا باستمرار في دوّامة الخوف منها.

 

سليمان في ذكرى الحرب اللبانية: المطلوب تصحيح الإشكالات الدستورية في الطائف

نهارنت/رأى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن من المنطقي أن تشكل ذكرى 13 نيسان عبرة لدى المسؤولين والمواطنين على السواء، لعدم تكرارها، آسفاً لأن القلق والخوف ما زالا يسودان الواقع اللبناني لأننا منذ ذلك الحين لم نستطع أن نقيم دولة بالمفهوم العصري تحمي نفسها، وتسهر على مصالح أبنائها. ولفت سليمان في حديث لصحيفة "النهار" الى أن "الخطوات التي تحققت في هذا مجال إقامة الدولة ضئيلة جداً، وعلى رغم أن هذه الذكرى التي كانت الشرارة التي أطلقت الحرب الأهلية في لبنان فهي انتهت إلى إقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف. فلم نتمكن حتى الآن من استكمال تطبيق هذه الوثيقة والدستور المنبثق منها، بل على العكس، تعمدنا تشويه المفاهيم الدستورية وحولناها وسيلة للمحاصصة، وأكبر دليل على التراجع والعودة إلى الوراء هو قانون انتخاب 1960 أي النظام السياسي الذي أسس لاندلاع هذه الشرارة البغيضة". وأضاف: "المطلوب من القوى السياسية استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل بنوده واعتماد الحوار السبيل الوحيد لمناقشة المواضيع الخلافية، والعمل على تصحيح الإشكالات الدستورية التي ظهرت وستظهر في التطبيق، وخصوصاً بعدما أصبحنا منذ ثلاث سنوات مسؤولين عن إدارة أمننا وسياستنا واقتصادنا بمفردنا من دون مساعدة أو تدخل أي جهة خارجية". وذكر سليمان "الجميع بمسؤوليتهم في تطبيق ميثاق العيش المشترك المنصوص عليه في البند "ي" من مقدمة الدستور"، مشيراً الى أن هذا الميثاق لا يهدف الى توزيع الحصص بين الطوائف بل يلقي مسؤوليات جساماً على عاتق هؤلاء المسؤولين والمرجعيات، أقلّها المشاركة في واجب احترام الدستور وتطبيق القوانين وتطويرها وعصرنتها لينتقل وطننا من واقعه الراهن إلى دولة المواطنة". ورأى سليمان أنه "علينا المبادرة فوراً الى تأليف الحكومة والخروج من منطق المحاصصة الى التقيد بالدستور الذي لا ينص على توزيع الحصص بل يضع آليات منصوصاً عليها فيه، كذلك علينا التزام نصه وروحه من حيث توكيل المسؤوليات الى السلطات الدستورية".

 

بعد 36 عاماً على اندلاعها: ملامح بوسطة وخطوط تماس جديدة... فهل انتهت الحرب؟ 

سلمان العنداري

قبل 36 عاماً من اليوم، افتتحت بوسطة عين الرمانة مأساة لبنانية طويلة استمرت لاكثر من 15 عشر عاماً متتالية، انتشر فيها الرعب والخوف والقتل والدماء في وطن قيل انه "سويسرا الشرق" ولؤلؤة العالم العربي... حينها افترشت المتاريس الرملية والحديدية كل الشوارع والازقة والساحات. فارتسمت خطوط التماس بين "شرقية" و"غربية"، وضاعت التسميات والهويات والانتماءات، فاصبحت قاتلة، مدمرة، متلهّفة لإلغاء اعمى، مصحوب بالتراكمات وبكمّ هائل من التحريض والحقد. اكثر من ثلاثة عقود مضت، وكأنها البارحة، وقصص خطوط التماس ما تزال تختلج افكار الشباب والكهول، واجيال المحاربين والميليشيات التي لا تتوقف عن الحديث عن بطولاتها الوهمية بين جبهات بلد ممزق، وعلى ارض قيل انها ساحة لصراعات الآخرين لا اكثر ولا اقل. وبين الاشرفية والسوديكو ورأس النبع والبسطة، والمتحف والعدلية، وبين محمصة صنين والطيونة، وعين الرمانة والشياح... خطوط تماس قديمة تقف شاهدة امام ذاكرة مكان لذاكرة حرب قتلت الحياة وعززت ثقافة الموت والترقب والحذر. وفي هذه الذكرى يتكلم مجموعة من الشباب اللبناني من مختلف الانتماءات والاتجهات. يتناقشون عن خطوط التماس القديمة – الجديدة ومعانيها في ذاكرتهم الحيّة. فيتبادلون التجارب والافكار. ويسألون: "هل انتهت الحرب، وهل تجاوزنا الماضي، واي دور تلعبه الطائفية والمذهبية والسلاح غير الشرعي في اعادة اجواء الاقتتال والتفرقة والدمار، وما السبيل الى البدء من جديد واخذ العبر قبل فوات الاوان؟".

خطوط التماس ... صور نمطية وصراعات جديدة

ميرنا نصر الدين، صحافية تعمل لدى موقع "نهارنت" الاخباري، تعتبر ان "خطوط التماس القديمة ترمز الى حدة التفرقة وهاجس الخوف من الآخر وعدم تقبله، وشعور الكراهية والحقد بكل ما في هذه العبارات من أبعاد مخيفة ومدمرة للإنسانية والمجتمعات". ولا تستطيع ميرنا الا ان تتوقف عند هذه العبارة "مذعورة وخائفة" ومتسائلة عن مصير وطن ممزق يتقاتل فيه الشركاء كل يوم تحت عدة عناوين وشعارات. من جهته، اراد الطالب فراس دبّاغ ان يمحي الصورة النمطية "للبنان الحرب" من ذاكرته. فنشط في الجمعيات الاهلية، واختلط بكل شرائح المجتمع حرصاً منه على ان يكون "لبنان لكل اللبنانيين" وان لا تفرقة بين مسيحي ومسلم، او بين سني وشيعي ودرزي وماروني. الا ان الحديث عن خطوط التماس يعيده الى "بيروت الشرقية والغربية والى صورة تحمل ألماً كبيراً لا يُنسى"، والى زمن مضى "عندما كانت فيه المعارك تدور في الازقة والاحياء مستهدفةً الابرياء".

ادهم الحسنية، شاب يدرس الهندسة في جامعة الحريري الكندية، ملّ الصراع الطائفي والمذهبي في البلاد، ليخوض مع رفاق له معركة قاسية لالغاء النظام الطائفي ولاسقاط رموزه السياسية في بلد تم استغلاله بخيراته ومقدراته وطاقات شبابه لمصلحة هذا الزعيم او ذاك، اذ يعتبر ادهم ان "عبارة خطوط التماس تذكرني بزمرة اشرار جروا "ناس" ابرياء الى حرب ليست حربهم، و الى قضية ليست قضيتهم"، لدرجة انه كلما يمر في الشوارع والمناطق "المختلطة" التي شهدت ما شهدته من دمار وخراب على مدى 15 عاماً من الحرب الاهلية يسأل نفسه "هل يُعقل ان امراء الحروب والمجازر تحولوا اليوم الى زعماء وقادة يهتف لهم الشعب ويصفّق؟".

يسكن علي منصور في منطقة الضاحية الجنوبية، ويعيش كغيره من الشباب اللبناني يوميات الصراع الداخلي المتفجّر في البلاد، اضافةً الى الكباشات السياسية التي لا تنتهي بين هذا الحزب او ذاك، وبين هذه الجماعة او تلك. فالحرب بالنسبة لعلي لا تعني له شيئاً "إلا كونها ذكرى مأساوية ومعيبة اقترفها اللبنانيون". ويعتبر علي ان خطوط التماس كثيرة وعديدة في لبنان، ومن بينها خط الشياح - عين الرمانة الذي يُعتبر الخط الاخطر على هذا الصعيد". ويأسف علي لمقولة شرقية وغربية، مشيراً الى ان "الاصطفافات المذهبية الجديدة كرّست خطوط تماس جديدة، اذ تسمع بين الحين والاخر من يتكلم عن الضاحية الجنوبية بمواجهة طريق الجديدة، وهذا لأمر مريب".

ميليسا لوقية، شابة عابقة بالحياة والنشاط والامل، تحاول بناء مستقبلها على اسس صحيحة متحررة من تبعات زمن غابر، ومن تصرفات خاطئة كادت ان تودي بلبنانها الى الهاوية، تعتبر ان خطوط التماس كانت الخط الفاصل بين طائفتين من اللبنانين: المسيحية والإسلام. اما اليوم وبعد 21 عاماً من انتهاء الحرب وسكوت اصوات المدافع والرشاشات، فقد ارتسمت خطوط تماس جديدة تفصل بين فريقين متخاصمين، اي 14 آذار، و8 آذار".

الطائفية ... بوسطة عين الرمانة الجديدة

يتّفق الشباب على دور الطائفية والمذهبية السلبي في استمرار مفاعيل الحرب النفسية والمعنوية الى هذه اللحظة، اذ يصفها علي بانها "ورم سرطاني خبيث اوصلنا الى الخراب والدمار والجهل واعصب أعيننا مما ادى الى تدمير البلد على كافة المستويات ولهذا فلا بد من استئصاله باسرع وقت ممكن". اما ادهم فيعتبر ان "الطائفية عار وجهل و اسوأ من القبلية والعشائرية وهي عصبية بائدة يجب القضاء عليها، خاصةً وان اكثر من 4 مليون خط تماس بات يحيط كلّ واحد منا في هذا البلد".

والوضع مشابه بالنسبة لميرنا التي تتأكد يوماً بعد يوم ان "لا شيء يدمرنا ويدمر بلدنا اكثر من الطائفية بكل أبعادها، على اعتبارها تخلق خطوط التماس التي نخشاها، وتحصن وتحمي كل قاتل وسارق وناهب ومهدد، ومجرم، كما انها تجعل من القاتل قتيل ومن الصياد فريسة".

توافق ميليسا على التوصيف، فترى انه "على الرغم من أن تعدد الطوائف في لبنان يعتبر من إحدى سماته الايجابية، غير أنها تساهم اليوم في تدمير البلاد، خاصة وان هذه الطوائف (بزعمائها) تسعى إلى تأمين مصالحها بدلاً من السعي وراء مصلحة الوطن واهله". اما فراس فيختار تعبيراً "اكثر قساوة" من رفاقه، واصفاً الطائفية "بالدعارة"، على اعتبار "أنها تشتّت الجميع وتقسّم وتنهش ما تبقّى من أجسادنا وعقولنا، خاصةً وان النّظام اللّبناني قائم على تعدّديّة في الشّكل وتعصُّب طائفي في المضمون، وهو ما يسمح باستمرار هذه العقلية رغم انتهاء الحرب وعودة السلم الى البلاد". وترى ميرنا "ان الطائفية هي التي تشرع لغة التخوين ورفع الأيادي بوجه الآخر، كل هذا بسبب احتمائنا بالطوائف التي نفشل في استخدامها فتصبح طائفية مدمرة... وباختصار، فالطائفية هي كارثة حقيقية على الوطن والإنسان".

السلاح غير الشرعي ... استمرار للخوف والرعب والقتل

مما لا شك فيه ان السلاح غير الشرعي يلعب دوراً اساسياً في استمرار لغة الحرب ومفاهيمها على الساحة اللبنانية. ففي العام 1990 وبعد توقيع اتفاق الطائف، تمّ تسليم كل سلاح ميليشياوي للجيش اللبناني، وبدأت الدولة "الناشئة" باعادة بناء ما تهدم بعد سنوات من التقاتل الرخيص. الا ان اسلحة اخرى لم يتم نزعها، فبقت عائمة في دويلات مستكبرة، ومتعالية على منطق الشرعية. وفي هذا الاطار تشير ميرنا الى ان "انتشار السلاح يساهم بخلق خطوط تماس بين أبناء البلد الواحد. وإن كان هناك شيء مثير للخوف ومشرع للفلتان هو السلاح الخارج عن سلطة الدولة والجيش". السلاح يعني أنا أملك الحق ان اقول ما اريد، وان اتصرف كما اشاء، وان اقتل من يقول لي كلا... وللسلاح هذا سجل طويل في التاريخ اللبناني. اذ ان تسلّح القوى اللبنانية في اواخر الستينات، وفي اواسط السبعينات سرّع من عجلة الدمار وخلّف ما خلّفه من قتلى وجرحى ومفقودين ومخطوفين ومآسي.

السلاح الذي بحوزة "فئة لبنانية" يزيد الامور تعقيداً، ويعيق بناء الدولة الحقيقية الجامعة، ويطيح بالمساواة بين كل المواطنين دون اي تفرقة. لانه يكرس امراً واقعاً وخوفاً مستمراً، وقلقاً متزايداً من الاخر. وهذا من شأنه ان يعيدنا الى الحرب التي نرفضها اليوم، والتي نحتفل بذكراها ال36 المشؤومة.

يشير علي الى "السلاح الفردي المنتشر في البيوت"، مشدداً في الوقت نفسه "على ان عدم ضبط السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وسلاح حزب الله من شأنه ان يؤدي الى خراب الدولة وجعلها دولة منتهكة بلا قانون". اما فراس فيقول: "لن تقوم دولة إذا بقي الجميع يهلّل لسلاحه ويعتبرهُ مُنزَلاً ومقدّساً"، بينما تطالب ميليسا ان "يكون السلاح بيد الدولة والجيش اللبناني، المسؤول الوحيد عن حماية الأرض والوطن وتأمين الأمن والسلام لكل المواطنين". الحرب الاهلية ليست قدراً ...بعد 36 عاماً من اندلاعها، يمكن القول ان الشباب اللبناني بمختلف انتماءاته بات واعياً لما يمكن ان تتسبب به الحرب – اي حرب - من مآس دموية قذرة قد تعيدنا مجدداً الى الوراء، وتُدمي ذاكرتنا الحبلى بالاحداث. الا ان جيل اليوم (على ما يبدو) حريص على عدم العودة الى الماضي الاسود، والى رأب كل التصدعات، من اجل بناء وطن قادر على العيش بدل الاحتضار، وعلى التطور بدل الانكسار، وعلى التعلّم من العبر والتجارب بدل الاستمرار في الغرق بوحول طغيان المذهبية والطائفية والحقد والكره والافكار المسبقة. الخلاصة تقول بأن الحرب الاهلية ليست قدراً، انها حدث نصنعه بأيادينا ونستدرجه نتيجة جهلنا وضياعنا وتعاستنا، وعدم تقديرنا لمستقبلنا ولحاضرنا. ولهذا فقد حان الوقت لنتعلم من تجاربنا كي لا نقع مرة اخرى في فخ الحرب ودهاليزها المدمرة... تنذكر وما تنعا

المصدر : خاص موقع 14 آذار

 

حرب الـ 1975» تطلّ ذكرى على لبنان الغارق في «حرب باردة»

بيروت - «الراي»/اليوم تحلّ على لبنان الذكرى 36 لاندلاع حرب الـ 15 عاماً التي ركبت «بوسطة عين الرمانة» في 13 ابريل 1975 وفجّرت «قلوباً مليانة» سرعان ما ارتدَت «المرقّط» وارتدّت على «سلامٍ ملغوم» شكّل العامل الفلسطيني «صاعق تفجيره».اليوم ذكرى 13 ابريل، التاريخ المشؤوم الذي دخل التاريخ والذي يعود كل سنة «كي تنذكر (الحرب) وما تنعاد». يخرج من روزنامة الماضي و«دفاتره السود» ويطلّ على لبنانَ يحمل بعض ملامح «طبعة الـ 1975» مع 3 فروقات اساسية، هي: أفول العامل الفلسطيني، وغياب الانشطار الطائفي المسيحي ـ الاسلامي، و«العسْكرة» الجزئية للوضع اللبناني من خلال وجود السلاح في يد فئة دون الآخرين. اما المكوّنات المشتركة لـ «وصْفة الانفجار» فلا تزال، وإن من منطلقات مختلفة، تتمحور حول عناوين النظام السياسي وحصة الطوائف و«المذاهب» فيه، والسلاح خارج الشرعية وتموْضع لبنان في الصراع العربي ـ الاسرائيلي كما في لعبة المحاور التي تستعر من حوله.

اليوم تطفئ الحرب «شمعتها» الـ 36 رغم ان «وفاتها» أُعلنت فعلياً في اكتوبر 1990 حين بات الطريق معبّداً امام انطلاق «جمهورية الطائف» التي كان تم «اغتيالها»، بما هي مرآة لتوازن دقيق، محلي - عربي ـ اقليمي ـ دولي، يوم تفجير «رئيس الطائف» رينيه معوّض في 22 نوفمبر 1989، اي بعد شهر على إبرام وثيقة الوفاق الوطني في الطائف السعودية والتي اقرت اصلاحات دستورية وأرست «خريطة طريق» تتعلق بالوجود العسكري السوري في لبنان وآلية إنهائه.

ثلاثة عقود ونيّف، و«البلد الصغير»، يلاطم «الأعاصير» التي اتخذت بين 1975 و1990 شكل الحرب الأهلية التي تَشابك فيها ملف احتلال الجنوب واجتياحيْ 1978 و1982 الاسرائيلييْن وما أفرزاه من ظهور مقاومة ومن شرخ داخلي «تعمّد بالدم» في محطات عدة.

أما اليوم، وتحت عنوان «السلاح غير الشرعي» (لـ «حزب الله» كما يوصَف) والمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي غمرة انكشاف «الكباش» السني ـ الشيعي، يبدو لبنان في قبضة «حرب باردة» بين معسكريْ 8 و14 آذار ومن خلفهما المحاور المتصارعة على طول خط الأزمات المتفجرة في المنطقة وعرضها، وكأنه يسير فوق «حبل مشدود»، اذا انقطع سقط البلد، القابع في «فم التنين»، في «نار» تغلي تحت... الرماد. ولعلّ هذا الواقع هو الذي جعل ذكرى 13 ابريل تطلّ برأسها هذه السنة، كما في العام الماضي، تحت عنوان «السلام بيننا أو على لبنان السلام»، مع برنامج «احتفالي» تتخلله محطات عدة لـ «العبرة» اليوم، أبرزها:

* توجيه جمعية «فرح العطاء» بالاشتراك مع تجمع «وحدتنا خلاصنا» رسالة «من جيل الحرب الأهلية الى شباب اليوم، الهدف منها إطلاق دعوة اللبنانيين كافة الى التفاعل مع مضمونها والمساهمة في نشرها، ومشاركة التجمع في الآراء والمقترحات انطلاقا من ان تحصين السلم الأهلي مسؤوليتنا جميعا».

علماً انه سيتم توزيع الرسالة، التي تعرض التجربة الأليمة والمآسي التي عاشها اللبنانيون خلال الحرب وتدعو إلى تضافر الجهود للحؤول دون تكرارها، على مواقع التواصل الاجتماعي كما ستوزع نسخ مطبوعة مباشرة باليد مع ورود في 30 نقطة اشتهرت في حرب الـ 15 عاماً من دون إغفال عملية التوزيع «من الجو» وتحديدا فوق الجامعات في بيروت الكبرى.

* صدور الصحف اليوم، بمانشيت موحّد على الصفحة الأولى بالعنوان التالي: «36 سنة على 13 نيسان: السلام بيننا أو على لبنان السلام»، على ان يتبع ذلك بعد الظهر حلقة تلفزيونية من على درج المتحف الوطني في بيروت تبدأ عند الرابعة والنصف من بعد الظهر وتستمر حتى السادسة وتتضمن عدة محاور حوارية تبث على جميع القنوات لتتكلل بدعاء مشترك مع 16 رجل دين من الطوائف اللبنانية كافة.  * تلاوة الرسالة من جيل الحرب الأهلية الى شباب اليوم يلي ذلك «نص المصالحة والمصارحة» الذي يبدأ بـ «أنا اللبناني، أعتذر منك أنت أخي اللبناني مهما كان انتماؤك الديني أو الحزبي أو السياسي أو الفكري أو الاجتماعي وذلك لعدم قبولي باختلافك عني (...)». وعشية هذه الذكرى، اعلن الرئيس ميشال سليمان ان «من المنطقي أن يشكل تاريخ 13 ابريل عبرة لدى المسؤولين والمواطنين على السواء، لعدم تكرارها»، متداركاً لصحيفة «النهار» التي صدرت امس، بحلّة جديدة في الشكل والمضمون، «لكن للأسف ما زال القلق والخوف يسودان الواقع اللبناني لأننا منذ ذلك الحين لم نستطع أن نقيم دولة بالمفهوم العصري تحمي نفسها، وتسهر على مصالح أبنائها. فالخطوات التي تحققت في هذا المجال ضئيلة جداً، ورغم أن هذه الذكرى التي كانت الشرارة التي أطلقت الحرب الأهلية، فهي انتهت إلى إقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، من دون ان نتمكن حتى الآن من استكمال تطبيق هذه الوثيقة والدستور المنبثق منها، بل على العكس، تعمدنا تشويه المفاهيم الدستورية وحولناها وسيلة للمحاصصة».

 

في ذكرى الحرب اللبنانية ...تذكير بمن قاوموها: شريف الأخوي رمزا

 زينة شريف الأخوي/يقال نت

في الذكرى السنوية للحرب التي اجتاحت لبنان، بدءا بـ13 نيسان 1975، لا قيمة لأن نتذكر ما حصل وكيف حصل، لأن كل تفصيل محفور إما بالذاكرة وإما بالجسد.

ولأنه لا بد من ذكرى، لماذا لا نتذكر، بالمناسبة، واحدا ممن قاوموا الحرب حتى صرعتهم؟ لماذا لا نتذكر وجوه الرموز المقاومة للموت حتى نحيي فينا روح مقاومة القتل لا روح استعادة الجريمة الكبرى. شريف الأخوي... هو النموذج. ولد شريف الأخوي في 8 نوفمبر 1928 ورحل في 9 نيسان1987

تخرّج من الجامعة اليسوعية حائزا" على ليسانس في الادب العربي

 التحق بوزارة التربية كاستاذ في الادب العربي وترجم عدد كبير من الكتب الاجنبية وحولها الى سيناريوهات اذاعية قام بتقديمها لاذاعة الشرق الادنى تاركا" مهنة التعليم وهكذا بدأ مشواره الاذاعي

عند توقف اذاعة الشرق الادنى انضم الى اسرة الاذاعة اللبنانية مع زوجته يمن وكانا من الفريق الذي شارك بنهضتها . كانت كل برامجه تحاكي الشعب من كل النواحي ( السياسية, الانسانية , الثقافية, الفنية والسياحية) وكانت جميعها افكار جديدة من نوعها ولاول مرة تستحدث في الوطن العربي مثل : "الكلمات المتقاطعة" عبر الاذاعة ," شكاوى الناس" مع مهاجمة المسؤولين والمعنيين بالاسماء والتفاصيل ," نتائج الامتحانات الرسمية" لأول مرة على الهواء واشهر تلك البرامج برنامج "نزهة" بالتعاون مع رفيقة دربه الاعلامية يمن الاخوي ومحمد وثريا نور الدين ." نزهة" كان برنامج اسبوعي يعرّف من خلاله المواطن والسائح على كل المناطق اللبنانية , من عاداتها , تقاليدها وصولا" الى مهرجاناتها وكان البرنامج الوحيد لتعريف اللبنانيين على كافة المناطق والقرى اللبنانية

 في اواخر عام 1973، قام بانشاء غرفة اتصالات في مديرية قوى الأمن الداخلي في بيروت، تشمل كافة المناطق اللبنانية، هدفه منها خدمة المواطن. الفكرة كانت الاولى في العالم العربي، ساهم تنفيذها بتوجيه المواطنين الى اسرع الوسائل وافعلها لحل مشكلاتهم، سواء في الدوائر الرسمية المبتلية بالروتين الاداري والفساد، او على الطرق، حيث الازدحام وليد سوء التصرف وانعدام الاخلاقيات وكثافة الحركة اليومية. كان يقول الاشياء كما هي على الهواء. يحشر كبار الموظفين وصغارهم، بالاسم ليرغمهم على القيام بواجباتهم

 مع اندلاع الحرب عام 1975 تغيرت الوظيفة اللوجستية للفكرة، وان بقيت مكرسة لخدمة المواطن. فقد بادر شريف الاخوي الى تحويل غرفة الاتصالات الكاملة التجهيز في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الى غرفة عمليات تنقل على مدى 24 ساعة يومياً وقائع الاحوال الأمنية المتفجرة مباشرة على الهواء حيث اصبح شريف الاخوي قابضاً على الخريطة الأمنية في لبنان عبر برنامج «سالكة وآمنة» وهي اشهر عباراته لمن يريد ان يتجنب الموت على دروب الوطن، و«مجدداً نحن معكم» كانت عبارته الافتتاحية للبرنامج الذى حمل مع الاسف صورة تشاؤمية في اغلب الاحيان، لان دوره كان ينبثق من قلب الحرب ويذكر المستمعين بها. كان الاخوي عيون الناس ورادارهم والى جانب عبارة «سالكة وآمنة»، التي اصبحت مرادفاً لاسمه، ابتكرعبارات اخرى يصعب حصرها، منها : "تنذكر ما تنعاد", "الغربية والشرقية" للدلالة على انقسام بيروت على نفسها بين فريق مسيحي وآخر مسلم، و"الحواجز الطيارة " و" الهدوء الحذر" و"الخطف على الهوية" و"القصف العشوائي" و"القناص" .. طوال سنتين ونصف السنة حمل شريف الاخوي مسؤولية أمن المواطن «مباشرة على الهواء»، كانت نبرة صوته ميزان السلامة او الخراب ومقياس التفاؤل والتشاؤم . ترك بيته وأقام في غرفة العمليات لقوى الامن الداخلي, يتلقى التقارير ويعرف من خلال اجهزة التنصت مخابرات الوطن بأكمله يشارك في حل الألغاز و«الشيفرات» المستخدمة. يسجل التحركات المشبوهة للمقاتلين ويحذر الناس من عبور المناطق المشتعلة. يتنقل في عربة مصفحة ليرى عائلته عندما تسمح ازمنة «الهدوء النسبي» بذلك. يشهّر بالسياسيين وقادة الميليشيات على الهواء و يفضح مشاريعهم التخريبية . يعلن ان منطقة ما هي آمنة ليفاجأ بعد دقائق انها تحولت الى جبهة قتال لان المسلحين يريدون حصد المزيد من الابرياء الواثقين بارشادات شريف الاخوي , الامر الذي فرض عليه معظم الاحيان الخروج في المصفحّة (الملالة) مع الميكروفون وفريق من قوى الامن الداخلي ليتفقد كل طريق قبل الاعلان عن امانه بنفسه

 كل فريق اتهمه بأنه يعمل لحساب الفريق الآخر. خوّنوه وحاولوا افشال مهمته, ووصل الامر الى محاولة اغتياله عام 1976 على يد مسلح تنكر في زي كاهن ودخل مبنى مديرية قوى الأمن الداخلي يسأل عنه, لكن القوى الأمنية لاحظت ارتباك الكاهن المزيف وفتشته لتعثر على مسدس مخبأ, وتخضعه الى تحقيق اعترف خلاله بأنه مكلف بقتل شريف الاخوي والمرة الثانية اختطف من قبل مسلحين ولكنه رمى بنفسه من السيارة حيث تعرّض لرضوض كبيرة .. لم تنهه هذه المحاولات والعديد من التهديدات له ولعائلته عن هدفه، ولم تغير من قناعاته مع ان رئيس الجمهورية آنذاك سليمان فرنجية، استدعاه الى القصر وقدم له كل الدعم بعد اطلاقه مبادرته .. لم يوفر الأخوي احداً ممن اعتبر انهم يغتالون البلد. كان يخاطبهم بصوت متهدج قائلاً «يا معدومي الضمير والقلب والعقل ارحموا الشباب والاطفال والنساء والشيوخ».

 حاول كسر الحرب طالبا" دق اجراس الكنائس واذان الجوامع في وقت واحد داعيا" الناس في غرب بيروت وشرقها, الى الخروج والتلاقي عند احد محاور الحرب الاكثر توتراً في منطقة مار مخايل التي تحولت الى خط يقسم العاصمة. لبى البعض نداءه ووصلت جماهير ترفض الحرب في تظاهرة عفوية الى مكان اللقاء، لكن الرصاص كان بانتظار المتظاهرين، فسقط بعض القتلى وهرب الباقون، فاعتكف شريف الاخوي رافضاً مواصلة مهمته، ما اسفر في حينه عن خوف جماعي الزم الناس بيوتهم بعد فقدانهم بوصلة امانهم الوحيدة الشريف والاخوي ، ليسارع رئيس الجمهورية فرنجية ويرسل اليه موفداً يطلب منه العودة عن قراره. وهكذا كان , عاد شريف الاخوي الى غرفة العمليات والى مناكفة كل من يعتبره مسؤولاً عن تقصير

 عُرضت عليه مبالغ كبيرة ليغض النظر عن بعض عمليات السرقة والنهب وصفقات المسؤولين التي كان يعرف بها عبر تقارير جهاز التنصت ويكشفها على الهواء عبر تسجيلات، ورشاوى مقابل خدمات يريدها اصحاب مصالح لانقاذ ممتلكاتهم من حريق او تخريب، بمساعدة قوى الأمن الداخلي. لكنه لم يكن يقبل اي هدية مهما كانت بسيطة. كان يرشد الناس الى وسائل الحصول على الخبز والماء والوقود خلال الازمات الحادة مع الاشارة الى ان عمله في غرفة العمليات كان من دون مقابل مادي ولاحقا" حجز على راتبه الاذاعي وحاول بعضهم تحويله الى المجلس التأديبي لفضح فسادهم على الهواء لكن صرخة الشعب وتمسّكهم ببوصلة أمانهم عبر مظاهرات كانت أقوى .

شكل الاخوي حالة وظاهرة لم ولن تتكرر جذبت حينها العديد من المراسلين من اليابان والصين وبريطانيا وفرنسا واميركا ةغيرها واحتل اغلفة المجلات العالمية منها التايمز والنيوزويك وصولا" الى الجيروزاليم بوست التي رشحته لجائزة نوبل للسلام ولكنه رفض بالطبع لانه كان لبناني الهوية, والانتماء , والمذهب .. العديد من المحطات الاجنبية كفرنسا, بريطانيا , اميركا وغيرها قامت بانتاج افلام وثائقية وبلغات عديدة وصولا" الى كتب بالروسية عن تلك الظاهرة التي اطلق عليها اسم : شريف واخوي

 عند اجتياح الاذاعة اللبنانية في ال 1978 من قبل الميليشيات ترك الاذاعة لان هويتها لم تعد لبنانية بل حزبية ميليشياوية .. حينها تلقى عروض عديدة منها : اتصال الراحل الشيخ بيار جميل طالبا" منه الانضمام الى اسرة صوت لبنان وعروض من اميركا, لندن , هولندا وفرنسا مع اغراءات مادية على بياض لكنه رفضها متمسكا" بلبنان. فقام وزوجته يمن بتأسيس شركة انتاج للبرامج الوثائقية, الثقافية والفنية , التلفزيونية والاذاعية للدول العربية كافة وما زالت زوجته يمن الاخوي تديرها لغاية اليوم منتجة برامج عديدة للدول العربية

 في السبعينات كان ايضا" المستشار الاعلامي بلبنان لجامعة الدول العربية وقدّم مع زوجته برامج عديدة لاذاعة هولندا باللغة العربية  و BBC

 نال وزوجته العديد من الجوائز والدروع من وزارات اعلام عربية واجنبية من خلال اعداد وتقديم العديد من البرامج لاذاعاتهم

 ما زالت زوجته يمن منذ رحيله تكمل المسيرة بمفردها عبر برامج اذاعية خاصة لشركتها الانتاجية تباع لعدد من الدول العربية وهي أيضا" في لجنة تحكيم مهرجان الاذاعة والتلفزيون في مصر منذ 15 سنة حيث كرّمت مؤخرا" بفضل عطاءاتها و انجازاتها في مهرجان القاهرة للاعلام العربي الخامس عشر ويذكر بانه عادة" تقوم كل دولة بترشيح روادها لكن يمن الاخوي لم ترشح من دولتها بل من اتحاد الاذاعة والتلفزيون العربي ككل ..  عند وفاته في ال 1987 وبرعاية رئيس الجمهورية , اقيم له حفل تأبيني

في الجامعة الاميريكية بحضور الشخصيات السياسية , الاعلامية , الفنية والاحباء والاصدقاء حيث منح وسام الارز وكان يوم حداد في كافة المناطق اللبنانية ولكن التكريم الأهم بالنسبة لنا كعائلته , هو محبة الناس له ولغاية اليوم من جميع الفئات والأجناس والانتماءات

 اشتقنالك .. وكم نحن بحاجة اليوم الى شريف وأخوي

 

كل يوم "بوسطته" معه !

الياس الديري/النهار

نعم، الخوف موجود في كل مكان. وفي كل المنازل. وفي كل النفوس. وعلى كل المستويات. والقلق على الاستقرار والأمن والمصير ولقمة العيش موجود أيضا. وبكثافة. لكن الدولة لم تنوجد بعد. لا الدولة القديمة التي ورثناها عن الانتداب الفرنسي في هيكليتها الاولية، ولا الدولة التي حاول الرئيس فؤاد شهاب بناءها على أسس عصرية.

لقد دمّرت الحروب القذرة كل ما كان. ولا نزال نحاول، ومع كل عهد وكل فرصة، الانتقال من الموقت الى الدائم، ومن الهدنة الى الاستقرار والطمأنينة، ومن اندفاعات الطوائف والمتزعمين والطواويس والزعانف في اتجاه الهيمنة. ووضع اليد. والاستئثار. إنما دون جدوى. فمن المنطقي، والطبيعي، وتحصيل الحاصل، ان تشكل ذكرى بوسطة عين الرمانة عبرة لمن اعتبر. وعبرة للمسؤولين والسياسيين واصحاب الرؤوس الحامية والمهووسين بالمناصب والقصور والرئاسات والكراسي... وتحديدا اولئك الذين لا يرون من لبنان الا صورتهم. والكل يعرفونهم. واحداً واحداً. وبالاسماء والألقاب والاصوات والمفردات والسمات.

منذ ستة وثلاثين عاماً أُطلقت زخات ورشقات من الرصاص الغادر على بوسطة تنقل أناساً بسطاء طيبين ينشدون السترة ولا يطلبون من ربهم سوى ان يعطيهم كفاف يومهم.

تفجّرت أجساد هؤلاء البسطاء، وتحوّلت دماؤهم مكمناً انتحارياً لذلك البلد الذي شُبّه بـ»الولد الأزعر» الذي ضاق بازدهاره وانتشاره وعمرانه واقبال الدنيا عليه، وضاقت أعين حاسديه، فكان المكمن – الفخ، وكانت تلك الشرارة التي اغتالت لبنان.

وكأنما هناك دائما 13 نيسان. وبوسطة تمر في عين الرمانة او في اي حي وضاحية. ومكمن. ومسلحون يمطرون الناس البسطاء بوابل من رصاص الغدر والقتل والموت.

وكلما توهّمنا او شبّه لنا أننا نجونا من الفتن والمؤامرات والفخاخ، نكتشف كم نحن واهمون، وكم لا نزال ندور في حلقة البوسطة ذاتها. وفي المناخ ذاته. وفي فلك الأهداف ذاتها.

وكلما حاولنا ان ننتقل من مرحلة الهدنة القصيرة او الاستراحة الموقتة، ومن أزمة تأليف حكومة الى مرحلة الانطلاق في ورشة التطور والإنماء والتجدّد واستعادة ما كان من دور واقتصاد وازدهار، نفاجأ بـ»بوسطة» ما.

فنعود حالاً وسريعاً الى خانة الصفر. والى حيث الجمود الشامل والشلل الكامل والكساد والفراغ والفشل والوجوه المقفلة في انتظارنا.

فإلامَ وعلامَ هذه الدوامة المرعبة، والى متى يظل لبنان رهين البوسطات والشروط العرقوبية والشهوات؟

لا دولة، لا حكومة، لا مجلس نواب، لا مؤسسات. بل اننا «تعمّدنا تشويه حتى المفاهيم الدستورية الواردة في وثيقة الوفاق الوطني»، يقول الرئيس ميشال سليمان. ألا تسمعون طبول الغضب وأصوات الثائرين وهي تقرع فضاء لبنانكم؟